أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 46 - صـ 206

جلسة 19 من يناير سنة 1995

برئاسة السيد المستشار/ أحمد مدحت المراغي - رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ محمد حسن العفيفي، محمد محمد محمود، أحمد أبو الضراير - نواب رئيس المحكمة، وعبد الرحمن العشماوي.

(41)
الطعن رقم 4922 لسنة 63 القضائية

(1، 2) حكم "حجية الحكم". قوة الأمر المقضي. إثبات.
(1) حجية الأمر المقضي. ورودها على المنطوق وما اتصل به من الأسباب اتصالاً حتمياً لا تقوم له قائمة إلا بها.
(2) الحكم برفض الدعوى لخلو الأوراق من سندها. هو في حقيقته قضاء في الدعوى بحالتها. حجيته موقوتة. جواز معاودة طرح النزاع متى تغيرت الحالة التي انتهت بالحكم السابق.
(3, 4) دعوى "تكييف الدعوى" "الطلبات في الدعوى". ريع.
(3) تكييف الدعوى وإعطائها وصفها الحق. العبرة فيه بحقيقة المقصود من الطلبات المقدمة فيها وليس بالألفاظ التي تصاغ فيها هذه الطلبات.
(4) طلب المطعون ضده إلزام الطاعن بتقديم كشف حساب مع تقدير قيمة الريع. تضمنه طلب الحكم للمطعون ضده بالريع.
(5, 6) نقض "أسباب الطعن" "أسباب قانونية يخالطها واقع" "الأسباب الواردة على غير محل".
(5) الدفاع المتعلق بسبب قانوني قائم على اعتبارات يختلط فيها الواقع بالقانون. عدم جواز التحدي به لأول مرة أمام محكمة النقض. (مثال بشأن تطبيق م 32 ق 124 لسنة 1983).
(6) ورود النعي على غير محل من قضاء الحكم المطعون فيه. نعي غير مقبول. (مثال بشأن إلزام بالريع).
1- المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أنه وإن كان المعول عليه في الحكم أن الذي يحوز منه حجية الأمر المقضي هو قضاؤه الذي يرد في المنطوق دون الأسباب إلا أن تكون هذه الأسباب قد تضمنت الفصل في أوجه النزاع التي أقيم عليها المنطوق كلها أو بعضها ومتصلة به اتصالاً حتمياً بحيث لا تقوم له قائمة إلا بها إذ في هذه الحالة تكون الأسباب هي المرجع في تفسير المنطوق وتحديد مداه وفي الوقوف على حقيقة ما فصلت فيه المحكمة.
2- من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن الحكم برفض الدعوى استناداً إلى خلو الأوراق من سندها هو في حقيقته قضاء في الدعوى بالحالة التي هي عليها وقت صدوره له حجية موقوتة تقتصر على الحالة التي كانت عليها الدعوى حين رفضها لا تحول دون معاودة طرح النزاع من جديد متى كانت الحالة التي انتهت بالحكم السابق قد تغيرت.
3- العبرة في تكييف الدعوى وإعطائها وصفها الحق - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هي بحقيقة المقصود من الطلبات المقدمة فيها وليس بالألفاظ التي تصاغ بها هذه الطلبات.
4- لما كانت طلبات المطعون ضدهم بإلزام الطاعنين تقديم كشف حساب عن إدارة واستغلال ترخيص الصيد مع تقدير قيمة الريع المستحق لهم عن حصتهم فيه من 1/ 1/ 1986 حتى تاريخ رفع الدعوى فإنهم بذلك يكونون قد طلبوا ضمناً الحكم لهم بهذا الريع ويكون الحكم المطعون فيه إذ أيد الحكم الابتدائي في قضائه بإلزام الطاعن الأول بالريع لا يكون قد قضى بما لم يطلبه الخصوم.
5 - لما كان البين من الأوراق أن الطاعنين لم يثيرا أمام محكمة الموضوع دفاعهما الوارد بسبب النعي, وأنه وإن تعلق هذا الدفاع بسبب قانوني يستند إلى أحكام المادة 32 من قانون صيد الأسماك والأحياء المائية وتنظيم المزارع السمكية الصادر برقم 124 لسنة 1983 إلا أن تحقيقه يقوم على اعتبارات يختلط فيها الواقع بالقانون إذ يستلزم تحقيق شروط انطباق المادة المشار إليها على المطعون ضدهم وهو ما لا يجوز التحدي به لأول مرة أمام محكمة النقض.
6- لما كان الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بإلزام الطاعن الأول بقيمة الريع على سند من أنه هو المستغل لحصة المطعون ضدهم, المخلفة عن مورثهم, في الترخيص بصيد الأسماك، أخذاً بما انتهى إليه خبير الدعوى ولم يؤسس قضاءه على ملكيته لها (للمركب) حسبما ذهب إليه الطاعنان في بيان سبب النعي, ومن ثم فإن النعي بهذا السبب إذ ورد بذلك على غير محل من قضاء الحكم المطعون فيه يكون على غير أساس.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضدهم أقاموا الدعوى رقم 1290 لسنة 1988 مدني السويس الابتدائية على الطاعنين وشقيق الأول منهما وآخرين بطلب الحكم بندب خبير لإجراء قسمة مهايأة زمنية للترخيص بصيد الأسماك رقم "11" لتمكينهم - وهو يملكون فيه حصة مقدارها الثلث - من الانتفاع به مدة خمس سنوات أو مدة مساوية لنصيبهم فيه ومماثلة للمدة التي أقام فيها الطاعن الأول وشقيقه باستغلال الترخيص وبإلزام الطاعنين وشقيق أولهما بتقديم كشف حساب عن إدارتهم واستغلالهم له اعتباراً من 1/ 1/ 1986 وتقدير قيمة الريع ومراجعة كشف الحساب بمعرفة الخبير, استناداً منهم إلى أن مورثهم "المرحوم........" كان يمتلك حصة مقدارها الثلث في هذا الترخيص ويمتلك الطاعن الأول وشقيقه باقي الحصة فيه, وكان ثلاثتهم يستخدمونه في إدارة مركب الصيد المملوكة لهم، إذ هلكت بسبب العدوان على مدينة السويس وآلت إليهم حصة المورث في هذا الترخيص بعد وفاته فقد فوجئوا بأن الطاعنين وشقيق الأول منهما يقومون باستغلال هذا الترخيص في تشغيل مركب آخر يمتلكه الطاعن الثاني دون محاسبتهم عن حصتهم في الريع الناتج عن هذا الاستغلال. دفع الطاعنان بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها في الدعوى رقم 756 لسنة 1985 مدني السويس الابتدائية رفضت المحكمة هذا الدفع وحكمت بعدم اختصاصها نوعياً بنظر طلب قسمة المهايأة الزمنية مع إحالته إلى محكمة السويس الجزئية وندبت خبيراً في الدعوى لتحقيق باقي طلبات المطعون ضدهم وبعد أن قدم تقريره حكمت المحكمة بإلزام الطاعن الأول بأن يدفع إلى المطعون ضدهم مبلغ 8480 جنيه, استأنف الطاعنان وشقيق أولهما هذا الحكم لدى محكمة استئناف الإسماعيلية "مأمورية السويس" بالاستئناف رقم 233 لسنة 13 ق والتي حكمت بتاريخ 7/ 4/ 1993 بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقضه, وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة رأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره التزمت فيها النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب ينعي الطاعنان بالأول منها بوجوهه الخمسة على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والثابت في الأوراق وذلك حين قضى للمطعون ضدهم بطلباتهم على خلاف حكم سابق حائز لقوة الأمر المقضي صدر في الدعوى رقم 756 لسنة 1985 مدني السويس الابتدائية بين الخصوم أنفسهم وبذات الطلبات الحالية قضى فيها برفضها، وذلك استناداً من الحكم المطعون فيه بأن هذا القضاء السابق هو في حقيقته رفض للدعوى بحالتها لا يحول دون معاودة طرح النزاع من جديد إذا كانت الحالة التي انتهت بالحكم السابق قد تغيرت ثم رفض بذلك الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها في حين أن ذلك القضاء كان استناداً إلى أن المستندات المقدمة من المطعون ضدهم لم تتضمن ما يفيد ملكية مورثهم لثلث الترخيص بما يفيد أنه قضاء قطعي تكون له حجية مانعة من إعادة نظر النزاع مرة أخرى, بما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أن المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أنه وإن كان المعول عليه في الحكم أن الذي يحوز منه حجية الأمر المقضي هو قضاؤه الذي يرد في المنطوق دون الأسباب إلا أن تكون هذه الأسباب قد تضمنت الفصل في أوجه النزاع التي أقيم عليها المنطوق كلها أو بعضها ومتصلة به اتصالاً حتمياً بحيث لا تقوم له قائمة إلا بها إذ في هذه الحالة تكون الأسباب هي المرجع في تفسير المنطوق وتحديد مداه وفي الوقوف على حقيقة ما فصلت فيه المحكمة، لما كان ذلك وكان الثابت من الحكم الصادر في الدعوى رقم 756 لسنة 1985 مدني السويس الابتدائية وإن كان قد صدر في منطوقه برفض دعوى المطعون ضدهم إلا أنه يبين من أسبابه المرتبطة بهذا المنطوق أنها لا تنطوي على قضاء قطعي بأن مستندات المطعون ضدهم لا تثبت مدعاهم إنما يفيد أن المحكمة لم تجد فيها بالحالة التي كانت عليها ما يكفيها لوضع حد في النزاع في جملته بحكم حاسم لا رجوع فيه، ومن ثم فإن هذا القضاء برفض تلك الدعوى هو رفض لها بحالتها، إذ من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن الحكم برفض الدعوى استناداً إلى خلو الأوراق من سندها هو في حقيقته قضاء في الدعوى بالحالة التي هي عليها وقت صدوره له حجية موقوتة تقتصر على الحالة لتي كانت عليها الدعوى حين رفضها لا تحول دون معاودة طرح النزاع من جديد متى كانت الحالة التي انتهت بالحكم السابق قد تغيرت، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر عند قضائه برفض الدفع المبدي من الطاعنين بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها في الدعوى رقم 756 لسنة 1985 مدني السويس الابتدائية فإنه لا يكون قد خالف القانون ويكون النعي عليه في هذا الشأن على غير أساس.
وحيث إن حاصل النعي بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه البطلان لقضائه بما لم يطلبه الخصوم وذلك حين قضى بإلزام الطاعن الأول بالريع مع أن المطعون ضدهم لم يطلبوا ذلك صراحة واقتصروا على طلب تقدير الريع فيكون الحكم قد خالف القانون بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كانت العبرة في تكييف الدعوى وإعطائها وصفها الحق - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هي بحقيقة المقصود من الطلبات المقدمة فيها وليس بالألفاظ التي تصاغ بها هذه الطلبات، وكانت طلبات المطعون ضدهم بإلزام الطاعنين تقديم كشف حساب عن إدارة واستغلال ترخيص الصيد مع تقدير قيمة الريع المستحق لهم عن حصتهم فيه من 1/ 1/ 1986 حتى تاريخ رفع الدعوى فإنهم بذلك يكونون قد طلبوا ضمناً الحكم لهم بهذا الريع ويكون الحكم المطعون فيه إذ أيد الحكم الابتدائي في قضائه بإلزام الطاعن الأول بالريع لا يكون قد قضى بما لم يطلبه الخصوم ويكون النعي عليه بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعيان بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون لقضائه للمطعون ضدهم بطلباتهم رغم سقوط حقهم في الترخيص لعدم قيامهم بتجهيز مركب آخر بعد هلاك المركب الصادر بشأنه الترخيص خلال الأجل المقرر في المادة 32 من قانون صيد الأسماك والأحياء المائية وتنظيم المزارع السمكية الصادر برقم 124 لسنة 1983.
وحيث إن هذا النعي مردود بأنه لما كان البين من الأوراق أن الطاعنين لم يثيرا أمام محكمة الموضوع دفاعهما الوارد بسبب النعي, وأنه وإن تعلق هذا الدفاع بسبب قانوني يستند إلى أحكام المادة 32 من قانون صيد الأسماك والأحياء المائية وتنظيم المزارع السمكية الصادرة برقم 124 لسنة 1983 إلا أن تحقيقه يقوم على اعتبارات يختلط فيها الواقع بالقانون إذ يستلزم تحقيق شروط انطباق المادة المشار إليها على المطعون ضدهم وهو ما لا يجوز التحدي به لأول مرة أمام محكمة النقض ومن ثم يكون ذلك النعي غير مقبول.
وحيث إن حاصل النعي بالسبب الأخير أن الحكم المطعون فيه خالف الثابت في الأوراق حين قضى بإلزام الطاعن الأول بالمبلغ المحكوم به مع أن المركب المطالب بالريع الناتج عن استغلال ترخيصها ليست مملوكة له بل مملوكة للطاعن الثاني.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بإلزام الطاعن الأول بقيمة الريع على سند من أنه هو المستغل لحصة المطعون ضدهم, المخلفة عن مورثهم, في الترخيص بصيد الأسماك، أخذاً بما انتهى إليه خبير الدعوى ولم يؤسس قضاءه على ملكيته لها حسبما ذهب إليه الطاعنان في بيان سبب النعي, ومن ثم فإن النعي بهذا السبب إذ ورد بذلك على غير محل من قضاء الحكم المطعون فيه يكون على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.