مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة أحكام المحكمة الإدارية العليا
السنة الرابعة والثلاثون - الجزء الأول (من أول أكتوبر سنة 1988 إلى آخر فبراير سنة 1989) - صـ 189

(27)
جلسة 26 من نوفمبر سنة 1988

برئاسة السيد الأستاذ المستشار محمد أنور محفوظ رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة: عبد الفتاح السيد بسيوني ومحمد أمين المهدي وصلاح عبد الفتاح سلامة وسعد الله محمد حنتيره المستشارين.

الطعن رقم 3413 لسنة 33 القضائية

قرار إداري - القرار الصادر بإعلان نتيجة الامتحان. (طالب) (عمل مادي).
القرار الإداري هو إفصاح الإدارة المختصة في الشكل الذي يتطلبه القانون عن إرادتها الملزمة بما لها من سلطة عامة بمقتضى القوانين واللوائح بقصد إحداث أثر قانوني معين يكون ممكنا وجائزاً قانوناً ابتغاء مصلحة عامة - القرار الصادر بإعلان نتيجة الامتحان هو القرار الذي يستمد منه صاحب الشأن مركزه القانوني في النجاح - أي مستخرج من هذا القرار هو مجرد عمل مادي لا يعتد به في حد ذاته في إنشاء المركز القانوني أو تعديله - الخطأ في هذا المستخرج يجوز تصحيحه في أي وقت دون أن يحتج صاحب الشأن بأي حق في هذا الخصوص - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الأربعاء 29/ 7/ 1987 أودع الأستاذ/ ......... المحامي قلم كتاب هذه المحكمة تقرير الطعن رقم 3413 لسنة 33 ق. ع ضد وزير التعليم ومحافظ الغربية بصفتيهما في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (دائرة منازعات الأفراد والهيئات) بجلسة 9/ 6/ 1987 في الدعوى رقم 512 لسنة 40 ق والقاضي برفض الدعوى وإلزام المدعى بالمصروفات، وطلب الطاعن للأسباب المبينة في تقرير الطعن الأمر بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ هذا الحكم وفي الموضوع الحكم بقبول الطعن شكلاً وبإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء بإلغاء القرار السلبي بالامتناع عن إعلان نتيجة الطاعن في امتحان الثانوية العامة (قسم أدبي) لعام 84/ 1985 وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الإدارية المصروفات، وأعلن الطعن قانوناً، وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً مسبباً رأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء بإلغاء القرار المطعون فيه والصادر من الجهة الإدارية بالامتناع عن إعلان نتيجة امتحان الثانوية العامة عام 84/ 1985 وإلزام الجهة الإدارية بالمصروفات، وتحدد لنظر الطعن بدائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 4/ 7/ 1988 وتداولته بالجلسات حتى قررت بجلسة 19/ 9/ 1988 إحالته إلى المحكمة الإدارية العليا (دائرة منازعات الأفراد والهيئات والتعويضات) لنظره بجلسة 15/ 10/ 1988 فنظرته المحكمة في هذه الجلسة على النحو المبين بمحضرها وقررت إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الإطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن أقيم خلال الستين يوماً التالية ليوم صدور الحكم المطعون فيه واستوفى أوضاعه القانونية الأخرى فيكون مقبولاً شكلاً.
ومن حيث إن وقائع المنازعة تتحصل - حسبما ورد بالأوراق - في أنه بتاريخ 29/ 10/ 1985 أقام المدعى..... دعواه رقم 512 لسنة 40 ق أمام محكمة القضاء الإداري بطلب الحكم أولاً: بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار السلبي بالامتناع عن إعلان نتيجة المدعى في امتحان الثانوية العامة أدبي لعام 84/ 1985 وثانياً: وفي الموضوع بإلغاء القرار المذكور مع إلزام المدعى عليهما بالمصروفات، وقال شرحاً لدعواه أنه حصل على مؤهل الإعدادية العامة سنة 1978 والتحق بالصف الأول الثانوي بمدرسة التوفيقية الخاصة الثانوية للبنين بطنطا عام 78/ 1979 ورسب ثم أدى الامتحان سنة 1980 ونجح فيه وانتقل إلى السنة الثانية (قسم أدبي) ونجح فيها أيضاً وأنتقل إلى السنة الثالثة وتقدم للامتحان في الثانوية العامة في سنة 1982 وسنة 1983 وسنة 1984 ورسب فيهما جميعا ولما تقدم لكتابة استمارة الثانوية العامة سنة 1985 فوجئ بقرار الإدارة التعليمية بطنطا بمنعه من دخول الامتحان بدعوى وجود خطأ مادي في نتيجة نجاحه من الصف الأول الثانوي سنة 1980 وأنه راسب في تلك السنة وتم التحقيق في الموضوع بمعرفة النيابة بشبهة التزوير، كما تقدم المدعى بطلب لقاضى الأمور الوقتية الذي إصدار قراره رقم 12 لسنة 1985 بتمكين الطالب من تحرير استمارة الثانوية العامة منازل كما أدى الامتحان برقم جلوس 83033 غير أن وزارة التربية والتعليم امتنعت عن إعلان نتيجته دون حق وبما يخل بمركزه القانوني المستمد من قرار إعلان نتيجة امتحانه بالصف الأول سنة 1980 ونجاحه وتحصن هذا القرار بفوات المواعيد المقررة لسحب القرارات الإدارية وأن جهة الإدارة لم تحرك ساكنا رغم نجاحه وانتقاله للسنوات التالية ولم يثبت التزوير في النتيجة كما أنه لا يد له في الخطأ المادي الذي تدعيه الإدارة التعليمية هذا إلى أن القرار المطعون فيه يترتب عليه نتائج يتعذر تداركها بفوات مواعيد الدراسة مع زملائه، وبجلسة 25/ 3/ 1986 حكمت المحكمة بقبول الدعوى شكلاً وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه وألزمت المدعى بمصروفات هذا الطلب وأمرت بإحالة الدعوى إلى هيئة مفوضي الدولة لإعداد تقرير بالرأي القانوني في طلب الإلغاء وبعد تحضير الدعوى قدم التقرير المطلوب.
وبجلسة 9/ 6/ 1987 حكمت محكمة القضاء الإداري برفض الدعوى وألزمت المدعى بالمصروفات، وأقامت قضاءها على أنه يبين من الأوراق أن المدعى لم ينجح في امتحان الصف الأول الثانوي الدور الثاني سنة 1980 وقد أعلنت نتيجته طبقاً لم هو ثابت في السجلات الرسمية للإدارة التعليمية بما يفيد رسوبه وأنه باق للإعادة، وأنه ثبت من تحقيقات النيابة العامة بطنطا أن البيان الذي حصل عليه المدعى من الإدارة التعليمية بما يفيد نجاحه سنة 1980 جاء على خلاف الحقيقة الثابتة بالسجلات الرسمية وأنه تم مجازاة الموظفة التي حررت هذا البيان بخصم ثلاثة أيام من راتبها كما أن هذا البيان لا يمكن اعتباره قراراً إدارياً بإعلان النتيجة بل أن القرار الإداري هو ما جاء بالسجلات الرسمية وبها يتحدد مركزه القانوني بعدم نجاحه وبذلك يتخلف بشأنه أحد الشروط اللازمة للسماح له بدخول امتحان الثانوية العامة سنة 1985 ويكون قرار الجهة الإدارية بعدم إعلان نتيجة امتحانه قد صدر متفقاً وأحكام القانون.
ومن حيث إن الطعن الماثل يقوم على أن الحكم المطعون فيه قد صدر مشوباً بالخطأ في تطبيق القانون والخطأ في تحصيل الوقائع وفي فهمها وتأويلها، ذلك أن النيابة العامة بطنطا استبعدت شبهة التزوير وأن قرار نجاح الطاعن سنة 1980 لم يصدر نتيجة غش أو تزوير ومن ثم فقد تحصن هذا القرار واستقر به مركز الطاعن، وأنه لا يمكن اعتبار السجلات التي تتضمن البيانات المتعلقة بحالة الطالب والتي توجد في متناول الموظفين وحدهم قرارات إدارية ملزمة للأفراد فهي لا تأخذ شكل الإفصاح عن إرادة الإدارة بإنشاء مركز قانوني للطلبة بل هي بيانات داخلية لا تصل إلى علم الأفراد إلا بقرار يتضمن الإفصاح عن هذه البيانات في شكل شهادة أو بيان مسلم لذوى الشأن بناء على طلبهم، وأن الحقيقة هي أن الطاعن عندما تكرر رسوبه في الثانوية العامة رغب في الالتحاق بمعهد المعلمين فتقدم للإدارة التعليمية يطلب بياناً بحالته وفوجئ بأنه كان راسباً في السنة الأولى على خلاف البيان الأول الذي حصل عليه سنة 1980 كما لم يثبت أنه قد أعلنت نتيجة الطاعن بأنه راسب في الصف الأول الثانوي والى ما تقدم بعد ذلك بطلب بيان بحالته.
ومن حيث أن قضاء هذه المحكمة قد استقر على تعريف للقرار الإداري بأنه إفصاح الإدارة المختصة في الشكل الذي يتطلبه القانون عن إرادتها الملزمة بما لها من سلطة عامة بمقتضى القوانين واللوائح وذلك بقصد إحداث أثر قانوني معين يكون ممكناً وجائزاً قانوناً ابتغاء مصلحة عامة، وأنه من المستقر أن القرار الصادر بإعلان نتيجة الامتحان هو القرار الذي يستمد منه صاحب الشأن مركزه القانوني في النجاح وأن أي مستخرج من هذا القرار هو مجرد عمل مادي لا يعتد به في حد ذاته في إنشاء المركز القانوني أو تعديله ومن ثم فإن أي خطأ في هذا المستخرج يجوز تصحيحه في أي وقت دون أن يحتج صاحب الشأن بأي حق في هذا الخصوص ومتى كان ما تقدم وكان الثابت أن الورقة المحررة من الإدارة التعليمية بطنطا في 7/ 10/ 1980 هي مجرد مستخرج بنجاح المدعى في امتحان النقل من الصف الأول الثانوي إلى الصف الثاني بالدور الثاني منازل بمدرسة النصر الثانوية سنة 1980 وأن إحدى الموظفات قد قامت بتحريره وراجعه موظف آخر وقد صدر البيان بناء على طلب المدعى لتقديمه لمدرسة التوفيقية الخاصة وأنه حرر بعد الكشف في سجلات الناجحين بمدرسة النصر، ومثل هذا البيان لا يعدو أن يكون عملاً مادياً ولا يعبر عن إرادة ملزمة من سلطة عامة بنجاح المدعى وإنما هو صورة خاطئة لما جاء في السجلات الرسمية التي تحتوى على نتائج الامتحانات، وقد شابه الخطأ بعد إذ قامت الموظفة المحررة له بإثبات نتيجة طالب تال في ترتيب الأسماء للمدعى على أنها نتيجة الأخير، وهذا الخطأ وكما سبق البيان لا ينشئ حقاً للمدعى في النجاح من الصف الأول الثانوي ولا يستقر معه مركزه القانوني في السنوات التالية، وإذ كان يشترط للتقدم لامتحان الثانوية العامة سنة 1985 بالنسبة لطلبة المنازل أن يقدم الطالب بما يثبت نجاحه في الصف الأول الثانوي وكذا ما يثبت النجاح في الصف الثاني كل على حدة وأنه عند تحرير المدعى للاستمارات بعد أمر قاضى الأمور الوقتية بطنطا في 3/ 3/ 1985 لم يتوافر للمدعى شرط النجاح في الصف الأول فمن ثم فانه يكون قد تخلف في حقه أحد الشروط الواجب توافرها لدخول امتحان الثانوية العامة سنة 1985، ويضحى بالتالي صحيحاً ما لجأت إليه جهة الإدارة من حجب نتيجة امتحانه ويكون من ثم طلب إلغاء قرارها في هذا الشأن على غير سند صحيح من القانون، وإذ ساير الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد أصاب الحق في قضائه ويعدو لذلك هذا الطعن غير صائب مما يتعين معه الحكم برفضه وإلزام الطاعن بالمصروفات عملاً بحكم المادة 184 مرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً وألزمت الطاعن بالمصروفات.