مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة أحكام المحكمة الإدارية العليا
السنة الرابعة والثلاثون - الجزء الأول (من أول أكتوبر سنة 1988 إلى آخر فبراير سنة 1989) - صـ 193

(28)
جلسة 26 من نوفمبر سنة 1988

برئاسة السيد الأستاذ المستشار محمد أنور محفوظ رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة: عبد الفتاح السيد بسيوني ومحمد المهدي مليحي ومحمد أمين المهدي وصلاح عبد الفتاح سلامة المستشارين.

الطعن رقم 14 لسنة 34 القضائية

أموال الدولة العامة والخاصة - المال العام - حمايته - إثبات صفة المال العام (ترخيص) [طرق] مادة 78 من القانون المدني.
الحماية التي أسبغها المشرع على المال العام سواء كان مخصصاً للمنفعة العامة بالفعل أو بمقتضى قانون أو مرسوم أو قرار من الوزير المختص [وهو ما يصدق على الطريق العام ولو كان مستطرقاً بالفعل] هي حماية تفرض على الجهة الإدارية المختصة عدم الترخيص للإفراد في البناء عليه وتحتم عليها سحب الترخيص الذي أصدرته فيما تضمنه من مساس به - يتطلب ذلك أن تقوم لديها دلائل جدية على أنه مال عام سواء كانت هذه الدلائل مستندات تؤيد في ظاهرها توافر صفة المال العام له أو كانت حالة ظاهرة تدل بواقعها على ذلك مثل الاستطراق العام للكافة - لا يكفى في هذا الصدد مجرد ظن لديها نابع من زعم غيرها لهدف ترتجيه أو لصالح تبتغيه حتى لا يتمخض الأمر عن انتزاع لما يدعى أو تسليم بما يزعم من حق ينعقد الفصل فيه للسلطة القضائية المختصة - لا تثريب على جهة الإدارة أن عدلت عما قررته من وقف الترخيص في البناء بعدما تبين لها أنه لا يمس مالاً عاماً حسب الدلائل الجدية القائمة لديها - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الأربعاء الموافق 7 من أكتوبر سنة 1987، أودع الأستاذ يوسف إبراهيم الشناوي المحامى بصفته وكيلا عن السيد/ ..... قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا، تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 14 لسنة 34 القضائية، ضد كل من 1 - السيد محافظ بورسعيد بصفته 2 - السيد رئيس مجلس إدارة شركة النيل العامة لأتوبيس شرق الدلتا بصفته، في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بالمنصورة بجلسة 20 من أغسطس سنة 1987 في الدعوى رقم 1602 لسنة 9 القضائية المقامة من المطعون ضده الثاني على الطاعن والمطعون ضده الأول، والقاضي بقبول الدعوى شكلاً وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وبإلزام المدعى عليهما بمصروفات الطلب العاجل. وطلب الطاعن للأسباب المبينة في تقرير الطعن الحكم أولاً بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه، وثانياً بصفة أصلية بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبعدم قبول الدعوى بشقيها العاجل والموضوعي وبصفة احتياطية بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه، مع إلزام المطعون ضده الثاني بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وأعلن تقرير الطعن إلى المطعون ضدهما على النحو الثابت بالأوراق. وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً مسبباً بالرأي القانوني في الطعن ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه وبإلزام الشركة المطعون ضدها بالمصروفات. وعين لنظر الطعن جلسة 21 من ديسمبر سنة 1987 أما دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة وجرى تداوله بالجلسات على الوجه المبين بالمحاضر حتى قررت الدائرة بجلسة 18 من أبريل سنة 1988 إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (دائرة منازعات الأفراد والهيئات والعقود الإدارية والتعويضات) وحددت لنظره جلسة 14 من مايو سنة 1988، وتم تداوله بالجلسات على النحو الثابت بالمحاضر حتى قررت المحكمة بجلسة أول أكتوبر سنة 1988 إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث أن الطعن رفع في الميعاد القانوني مستوفياً أوضاعه فمن ثم يكون مقبولاً شكلاً.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تتحصل حسبما يبين من الأوراق في أنه بتاريخ 13 من يونيه سنة 1987 رفع المطعون ضده الثاني بصفته الدعوى رقم 1602 لسنة 9 القضائية أمام محكمة القضاء الإداري بالمنصورة على كل من المطعون ضده الأول بصفته والطاعن. وطلب الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار الصادر من المطعون ضده الأول بصفته في 9 من ابريل سنة 1987 فيما تضمنه من اعتبار الحارة رقم 3 المتفرعة من شارع إبراهيم ببورسعيد ملكاً خاصاً للطاعن ومن استمرار العمل بالترخيص الصادر للطاعن إن شاءت استمرار الانتفاع بها واتفقت معه على ذلك. كما طلب الحكم بإلغاء هذا القرار وما يترتب على ذلك من آثار. ويبين في عريضة الدعوى أن شركة النيل العامة لأتوبيس شرق الدلتا التي يمثلها هي من شركات القطاع العام التي تسهم في مرفق النقل العام بشرق الدلتا وتعمل سياراتها خالية من الركاب طبقاً للنظام الجمركي إلى محطتها بمدينة بورسعيد عبر الحارة رقم 3 المتفرعة من شارع إبراهيم، وهذه الحارة من الأموال العامة حسب الثابت في الخرائط المساحية المعمول بها منذ حوالي 46 سنة وتستخدمها الشركة في مرور سياراتها من عشرات السنين دون منازعة من أحد ويستخدمها الأفراد أيضاً في العبور، وفوجئت الشركة في 20 من نوفمبر سنة 1986 بالطاعن وعماله ومعداته يحفرون في واجهة الحارة وفي الأرض الفضاء المجاورة لها لإنشاء عمارة سكنية فأوقف عمال الشركة بفرع بورسعيد هذا التعدي وحرر المحضر رقم 2567 لسنة 1986 إداري، وقرر محافظ بورسعيد في 22 من نوفمبر 1986 وقف العمل بالترخيص الصادر للطاعن في بناء العمارة على الأرض والحارة وأصدر القرار رقم 420 في 8 من ديسمبر سنة 1986 بتشكيل لجنة لمعاينة الأرض وبيان ما إذا كانت مخصصة للمنفعة العامة من عدمه، ورغم أن العضو القانوني باللجنة قرر أن الأرض مخصصة للمنفعة العامة استناداً إلى الخريطة المساحية الصادرة سنة 1934 إلا أن اللجنة انتهت إلى أن الأرض مملوكه ملكية خاصة وغير مخصصة للمنفعة العامة وللشركة الاتفاق مع المالك على الانتفاع بالحارة مقابل تعويض عادل، ووافق المحافظ على رأيها في 9 من أبريل سنة 1987، وقراره هذا مخالفاً للقانون ومشوب بالانحراف لما يأتي: 1 - الثابت بالخريطة المساحية الصادرة سنة 1934 أن الأرض حارة، وخطاب إدارة تخطيط الأراضي بالمحافظة إلى المساحة سنة 1983 بعدم وجود حارة هو خطاب صادر من جهة غير مخصصة، وقد اعترف وكيل المالك ضمناً بوجود الحارة لدى طلب هدم المدرسة المجاورة سنة 1968. 2 - الثابت استخدام الشركة الحارة في مرور سياراتها منذ عشرات السنين، وقد سلمت اللجنة بحدوث هذا الاستخدام منذ سنة 1979 أي قبل عقود ملكية الطاعن، ولا اختصاص للجنة ببحث ملكية الطاعن مما يدخل في اختصاص القضاء وحده. 3 - كان من الواجب استمرار العمل بقرار وقف ترخيص البناء على أرض الحارة التي تمر بها سيارات الشركة رعاية لمرفق النقل وتأميناً للعمل الجمركي بما يحقق المصلحة العامة ومدعى الملكية وشأنه في الالتجاء إلى القضاء، إلا أن القرار انحاز إلى الطاعن وأهدر حقوق الشركة مستهدفاً تعويض الطاعن من قبلها إن شاءت استمرار الانتفاع بالحارة. كما يترتب على تنفيذ ذلك القرار شل حركة النقل في المحافظة والإضرار بمصالح الجماهير. وقضت محكمة القضاء الإداري بالمنصورة بجلسة 20 من أغسطس سنة 1987 بقبول الدعوى شكلا وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وبإلزام الطاعن والمطعون ضده الأول بمصروفات الطلب العاجل وأقامت قضاءها بقبول الدعوى شكلاً على أن القرار المطعون فيه صدر في 9 من أبريل سنة 1987 ورفعت الدعوى طعناً عليه في 12 من مايو سنة 1987 خلال الميعاد القانوني. وبنت قضاءها بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه على أن البادي من ظاهر الأوراق دون تغلغل في أصل الحق أو وزن لمستندات الملكية أن الحارة موجودة على الطبيعة وثابتة بالخرائط المساحية منذ سنة 1934 ومطروقة منذ مدة طويلة ومستخدمة في مرور سيارات الشركة إلى أن شرع الطاعن في البناء عليها، وبذا تعد من الأموال العامة المخصصة للمنفعة العامة مما كان يوجب على الجهة الإدارية المسارعة بالطريق الإداري إلى إزالة تعدى الطاعن عليها وذلك طبقاً للمادة 970 من القانون المدني وللمادة 26 من القانون رقم 43 لسنة 1979 بشأن الحكم المحلى، الأمر الذي يجعل القرار المطعون فيه حسب الظاهر غير قائم على سند صحيح، وهو قرار يترتب عليه حرمان الكافة من استعمال الحارة وحرمان الشركة من استخدامها في مرور سياراتها ضماناً لحسن سير العمل في الدائرة الجمركية ومحطة الركاب ومصلحة أمن الموانئ وجميعها مرافق عامة حيوية، ولا يقدح في هذا ما زعمه الطاعن من الارتفاع بالبناء حتى الدور الثاني ومن انتظام عملية خروج ودخول سيارات الشركة من جراجها في شارع عرابي.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن الحكم المطعون فيه مشوب بالمخالفات القانونية الآتية: -
1 - لم يقض بعدم قبول الدعوى بشقيها المستعجل والموضوعي لعدم وجود قرار يطعن عليه، إذ صور الدعوى بأنها طلب إلغاء القرار السلبي الصادر من المحافظ بالامتناع عن اعتبار الأرض من الأملاك العامة وبالتالي إلغاء الترخيص الصادر بالبناء وإزالة التعدي على الأرض، ويشترط لوجود القرار الإداري السلبي طبقاً للفقرة الأخيرة من المادة العاشرة من قانون مجلس الدولة أن يكون هناك التزام قانوني على الجهة الإدارية بإزالة التعدي وهو ما يناط بكون المال من أملاك الدولة العامة أو الخاصة الأمر الذي يتخلف في هذه الحالة، إذ اتضح للمحافظة بعد الفحص أن الأرض وأن وضعت في الخرائط المساحية الصادرة سنة 1934 بأنها حارة إلا أن هذا الوصف خاطئ لأنها مملوكة ملكية خاصة بموجب عقد مسجل سنة 1916 وكان مقاماً عليها مدرسة الأندلس الخاصة التي أزيلت بمقتضى قرار هدم صادر سنة 1970 ولم تقيد ضمن أملاك الدولة بمصلحة الضرائب العقارية وحصلت عنها من الورثة ضريبة التركات ورسم الأيلولة عند وفاه المالك الأصلي وحصلت عنها ضريبة الأرض الفضاء منذ سنة 1980 ولم تستعمل في مرور الكافة. 2 - التفت الحكم عما ورد في تقرير اللجنة الفنية من أدلة قاطعة بأن الأرض مملوكة للطاعن ملكية خاصة وغير مطروحة للكافة وليست هناك حقوق للغير عليها خلاف مرور سيارات الشركة خالية بعد إنشاء الصالة الجمركية سنة 1979 وقد صححت لتسميتها بالحارة في الخرائط المساحية سنة 1983، واعتد الحكم فحسب بأقوال مندوب الإدارة القانونية باللجنة وهى أقوال تناقضها المستندات الرسمية التي أشارت إليها اللجنة،كما اعتد بما قرره الشهود في محضر الشرطة من أن سيارات الشركة تمر منذ مدة طويلة وهى أقوال تخالف الحقيقة الثابتة بتقرير اللجنة من أن الشركة لم تستعمل الأرض إلا بعد إنشاء جمرك اللوكس سنة 1979 وهى مدة لا تكفى لإنشاء حق مرور دائم. 3 - ذهب الحكم إلى أن الأرض آلت إلى الدولة باستطراق الكافة لها مدة تزيد على خمسين سنة بالمخالفة لما أثبتته اللجنة من أن الأرض مملوكة ملكية خاصة وليست مطروحة للكافة ولاحق للغير عليها. 4 - لم يأخذ الحكم بالشهادتين الدالتين على انتظام سيارات الشركة رغم البناء على أرض النزاع بما ينفى ركن الاستعجال في حين أنهما صادرتان من الجمرك الذي دعت إجراءاته إلى استعمال الأرض من جانب الشركة في المرور بعد إنشاء الصالة الجمركية سنة 1979.
ومن حيث إنه يبين من الأوراق أن المطعون ضده الثاني قد تظلم إلى المطعون ضده الأول بأن الترخيص رقم 184 لسنة 1968 الصادر للطاعن في بناء عماره شمال الحارة رقم 3 المتفرعة من شارع إبراهيم والمستخدمة من قبل الشركة التي يمثلها المطعون ضده الثاني في مرور سياراتها خالية من الركاب عبر المنفذ الجمركي إلى محطتها بمدينة بورسعيد. وقرر المطعون ضده الأول في 22 من نوفمبر سنة 1986 وقف هذا الترخيص، كما قرر في 8 من ديسمبر سنة 1986 تشكيل لجنة لمعاينة الأرض وبيان ما إذا كانت مخصصة للمنفعة العامة من عدمه ورأى أعضاء اللجنة فيما عدا العضو القانوني بها أن الأرض موضوع الترخيص ومنها ما يسمى بالحارة رقم 3 داخلة في عقود ملكية خاصة بالطاعن وبسلفه من قبله وكان مقاماً عليها مدرسة الأندلس الابتدائية الخاصة التي هدمت بمقتضى قرار الهدم رقم 19 لسنة 1968 وليست مكاناً مطروقاً للكافة وليست ممراً خاصاً ولا حقوق عينية للغير سوى مرور سيارات الشركة من سنة 1979 دون عقد أو غيره. ورأى المستشار القانوني لمحافظة بورسعيد أن ما يسمى بالحارة رقم 3 ملك خاص للطاعن ولا صفة للمحافظة بشأنه وللشركة أما الاتفاق مع الطاعن على استمرار الانتفاع به مقابل تعويض عادل وأما الالتجاء إلى القضاء مع العدول عن قرار وقف الترخيص. ووافق المطعون ضده الأول على هذا الرأي في 5 من أبريل سنة 1987. وواضح أن هذه الموافقة تمثل قراراً صادراً من المطعون ضده الأول بإلغاء قراره السابق صدوره في 22 من نوفمبر سنة 1986 بوقف ترخيص البناء ومنطوياً على إعادة فاعلية هذا الترخيص بما تضمنه من السماح بالبناء على الأرض بوصفها ملكاً خاصاً للأفراد لا صفة للمطعون ضده الأول في النزاع الناشب حولها بين الطاعن وبين المطعون ضده الثاني الذي رفع دعواه طعناً على هذا القرار طالباً بصفه مستعجلة الحكم بوقف تنفيذه وفي الموضوع بإلغائه، وإذ قضى الحكم المطعون فيه بقبول الدعوى بالنظر إلى صدور القرار المطعون فيه بتاريخ 5 من أبريل سنة 1987 ورفعها طعنا عليه بتاريخ 13 من يونيه سنة 1987 أي خلال الميعاد القانوني، فمن ثم يكون هذا الحكم صحيحاً فيما انطوى عليه من تكييف للدعوى بأنها طعن بالإلغاء في قرار ايجابي ومن قضاء بقبولها شكلاً بهذا الوصف، وذلك على نقيض ما نعاه عليه الطعن من تخلف القرار الإداري ولو كان قراراً سلبياً حتى تقبل الدعوى بشقيها العاجل والموضوعي.
ومن حيث إنه وإن كانت الحماية التي أسبغتها المادة 78 من القانون المدني على المال العام سواء كان مخصصاً للمنفعة العامة بالفعل أو بمقتضى القانون أو مرسوم أو قرار من الوزير المختص، وهو ما يصدق على الطريق العام ولو كان مستطرقاً بالفعل، هي حماية تفرض على الجهة الإدارية المختصة عدم الترخيص للأفراد في البناء عليه وتحتم عليها سحب الترخيص الذي أصدرته فيما تضمنه من مساس به، إلا أن هذا منوط بأن تقوم لديها دلائل جدية على أنه مال عام سواء كانت هذه الدلائل مستندات تؤيد في ظاهرها توافر صفة المال العام له أو كانت حالة ظاهرة تدل بواقعها على ذلك مثل الاستطراق العام للكافة، فلا يكفى في هذا الصدد مجرد ظن لديها نابع من زعم غيرها لهدف ترتجيه أو لصالح تبتغيه حتى لا يتمخض الأمر عن انتزاع لما يدعى أو تسليم بما يزعم من حق ينعقد الفصل فيه للسلطة القضائية المختصة بحكم ولايتها الدستورية والقانونية، وبذا فإنه لا تثريب على الجهة الإدارية المختصة إن عدلت عما قررته من وقف لترخيص في البناء بعدما تبين لها أنه لا يمس مالاً عاماً حسب الدلائل الجدية القائمة لديها.
ومن حيث إنه فضلاً عما يظهر في الأوراق من ورود أرض الحارة رقم 3 ضمن الأرض المجاورة في عقود الملاك المتعاقدين بدءاً من الشركة المصرية الجديدة فالخواجة...... حتى الطاعن، وضمن الأرض محل عقد الرهن الصادر من الخواجة المذكور، وضمن أرض مدرسة الأندلس الابتدائية الخاصة التي هدمت بمقتضى الترخيص رقم 19 لسنة 1968، فإن الحماية القانونية للمال العام لا تحق للأرض المذكورة إلا بوجود دلائل جدية على كونها طريقاً عاماً، وللبادي أيضاً من الأوراق أنها لم تخصص للمنفعة العامة كطريق عام بمقتضى قانون أو مرسوم أو قرار وزاري، أما عن تخصيصها على هذا النحو بالفعل فأنها وإن كانت قد وردت في الخرائط المساحية منذ سنة 1934 إلا أنه تم استبعادها من هذه الخرائط بناء على كتاب الإدارة العامة للخرائط التفصيلية رقم 3847 في 2 من نوفمبر سنة 1983 إلى تفتيش المساحة ببورسعيد، كما أنه ولئن كانت الشركة التي يمثلها المطعون ضده الثاني تستخدم الحارة في مرور سياراتها إلا أن هذا الاستخدام لم يعم سواها ولم يشمل سيارات غيرها ولم يمتد على المواطنين كافة حتى تثبت صفة الاستطراق للحارة بما يجعلها مالاً عاماً بحكم تخصيصها بالفعل للمنفعة العامة، ومن ثم فإنه حسب الظاهر من الأوراق وبالقدر اللازم للفصل في الطلب المستعجل يكون القرار الصادر بإلغاء قرار وقف الترخيص مبرئاً من عيب مخالفة القانون لعدم وجود دلائل جدية على توافر صفة المال العام لأرض الحارة محل النزاع، وبالتالي فإن الحكم المطعون فيه يكون قد جانب الصواب إذ قضى بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه مما يوجب القضاء بإلغائه في هذا الشق.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به وقف تنفيذ القرار المطعون فيه، وحكمت برفض الطلب المستعجل وألزمت المطعون ضده الثاني بالمصروفات.