مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة أحكام المحكمة الإدارية العليا
السنة الرابعة والثلاثون - الجزء الأول (من أول أكتوبر سنة 1988 إلى آخر فبراير سنة 1989) - صـ 274

(40)
جلسة 10 من ديسمبر سنة 1988

برئاسة السيد الأستاذ المستشار محمد حامد الجمل نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة عبد اللطيف أحمد أبو الخير ويحيى السيد الغطريف وإسماعيل صديق راشد وأحمد شمس الدين خفاجى المستشارين.

الطعن رقم 1158 لسنة 32 القضائية

صيادلة - تكليف الصيدلي (عاملون مدنيون بالدولة).
القانون رقم 29 لسنة 1974 في شأن تكليف الأطباء والصيادلة...
حظر المشرع على الصيادلة المكلفين الامتناع عن تأدية أعمال الوظيفة خلال مدة التكليف وهى سنتان من تاريخ تسلم العمل - انقطاع الصيدلي عن العمل قبل اكتمال مدة التكليف لا يعفيه من الالتزام المفروض عليه بأداء العمل خلال مدة التكليف - القول بغير ذلك يهدر غاية المشرع من التكليف - محاكمة الصيدلي تأديبياً - توقيع أحدى العقوبات المقررة لمن لا يزالون في الخدمة - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الأحد الموافق 2 من مارس سنة 1986 أودعت هيئة قضايا الدولة بوصفها نائبة عن مدير النيابة الإدارية قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها برقم 1158 لسنة 32 القضائية في الحكم الصادر من المحكمة التأديبية لوزارة الصحة بجلسة الخامس من يناير سنة 1986 في الدعوى رقم 199 لسنة 27 القضائية المقامة من النيابة الإدارية ضد...... والقاضي بمجازاته بغرامة مقدارها خمسة وعشرون جنيهاً.
وطلب الطاعن للأسباب الموضحة بتقرير الطعن قبوله شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وتوقيع الجزاء المناسب طبقاً لنص المادة 80 من القانون رقم 47 لسنة 1978.
وأعلن تقرير الطعن إلى المطعون ضده على الوجه المبين من الأوراق.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني مسبباً، ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه مع إعادة الدعوى إلى المحكمة التأديبية لوزارة الصحة للفصل في الدعوى مجدداً من هيئة أخرى، تتصدى المحكمة الإدارية العليا للدعوى التأديبية.
وعين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 25 من مايو سنة 1988 وبجلسة 22 من يونيو سنة 1988 قررت تلك الدائرة إحالة الطعن إلى هذه المحكمة فنظرته بجلسة 29 من أكتوبر سنة 1988 وبجلسة 12 من نوفمبر سنة 1988 قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم 10/ 12/ 1988 وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع المرافعات، والمداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية، فهو مقبول شكلاً.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يبين من الأوراق في أنه بتاريخ 18 من ديسمبر سنة 1985 أقامت النيابة الإدارية الدعوى رقم 199 لسنة 27 القضائية بإيداع أوراقها قلم كتاب المحكمة التأديبية لوزارة الصحة منطوية على تقرير باتهام...... صيدلي بالمخزن الإقليمي بمنطقة مصر القديمة الطبية لأنه في المدة من 1/ 11/ 1983 حتى 28/ 7/ 1985 بوزارة الصحة خرج على مقتضى الواجب الوظيفي وخالف أحكام القانون وذلك بأن انقطع عن العمل دون أذن ومن غير الأحوال المصرح بها قانوناً خلال المدة المشار إليها قبل انقضاء مدة التكليف المقررة على النحو الوارد تفصيلاً بالأوراق.
ورأت النيابة الإدارية أن المذكور يكون بذلك قد ارتكب المخالفة الإدارية المنصوص عليها في المواد 62، 76/ 8، 78 من القانون رقم 47 لسنة 1978 بنظام العاملين المدنيين بالدولة المعدل بالقانون رقم 115 لسنة 1983 والمادة 4 من القانون رقم 29 لسنة 1974 بشأن تكليف الأطباء والصيادلة وهيئات التمريض. وطلبت لذلك محاكمته تأديبياً بالمواد السابقة وبالمادتين 80، 82 من القانون رقم 47 لسنة 1978 المشار إليه والمادة 6 من القانون رقم 29 لسنة 1974 سالف الذكر والمادة (14) من القانون رقم 117 لسنة 1958 بشأن إعادة تنظيم النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية المعدل بالقانون رقم 171 لسنة 1981 والمادتين (15) (19) من القانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة.
وبجلسة الخامس من يناير سنة 1986 أصدرت المحكمة بحكمها بمجازاة المتهم..... بغرامة مقدارها خمسة وعشرون جنيهاً. وأقامت المحكمة قضاءها على أن الثابت أن المتهم قد حضر أمام المحكمة واعتراف بانقطاعه عن العمل رغم تكليفه وأنه لا يرغب في العودة إلى علمه وعلى أن الثابت من الأوراق أن المتهم كلف بالقرار رقم 704 لسنة 1982 لمدة عامين وتسلم عمله اعتباراً من 18/ 11/ 1982 ومن ثم ينتهي تكلفة في 17/ 11/ 1984، وتنتهي خدمته حتماً وبقوة القانون بانتهاء تكليفه وامتناعه عن أداء عمله دون حاجة إلى صدور قرار من الجهة الرئاسية المختصة بإنهاء خدمته لأن مثل هذا القرار في حالة صدوره يعتبر كاشفاً عن مركز قانوني تحقق بالفعل وهو انتهاء الخدمة.
وأضافت المحكمة التأديبية أنه بناء على أن المتهم قد أنقطع عن عمله قبل انتهاء خدمته، فإن انتهاء الخدمة، لا يمحو المخالفة، وكل ماله من أثر أن توقع عليه العقوبة المقررة لمن ترك الخدمة.
ومن حيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه قد أخطأ في تطبيق القانون وتأويله ذلك أن المادة السادسة من القانون رقم 29 لسنة 1974 الخاص بتكليف الأطباء وهيئات التمريض والصيادلة تنص على أنه يقوم المكلف بأعمال وظيفته ما بقى التكليف، وفي جميع الأحوال يصدر قرار إلغاء التكليف أو انتهاء الخدمة أثناؤه من وزير الصحة وترتيباً على ذلك فإن انقطاع المطعون ضده بدون إذن وفي غير الأحوال المصرح بها قانوناً عن العمل المكلف به يعتبر مخالفة للحظر الوارد في قانون تكليفه، إذ أن الثابت أنه كلف لمدة عامين اعتباراً من 18/ 11/ 1982 ولم يصدر قرار بإلغاء هذا التكليف.
وعلى ذلك فإن انقطاعه لا يمنحه ميزة بإلغاء تكليفه ذلك أن الهدف من التكليف هو تحقيق الصالح العام لسد حاجة مرافق الدولة الأمر الذي يتعين معه اعتبار سنوات التكليف سنوات عمل فعلية يتعين المكلف عدم الانقطاع عن العمل خلالها وإذ قد ذهب خلاف هذا المذهب فاعتبر مدة التكليف منتهية بانقضاء مدتها رغم الانقطاع عن العمل خلال فترة منها، فإنه يكون قد خالف القانون.
ومن حيث إن القانون رقم 29 لسنة 1974 في شأن تكليف الأطباء والصيادلة وأطباء الأسنان وهيئات التمريض والصحيين والفئات الطبية الفنية المعاونة وبإلغاء القرار بالقانون رقم 183 لسنة 1966 في شأن تكليف الأطباء والصيادلة وأطباء الأسنان يقضى بأن لوزير الصحة تكليف خريجي كليات الطب والصيدلة.. وذلك لمدة سنتين، ويجوز تجديد التكليف لمدة أخرى مماثلة. ويتم التكليف وتجديده بناء على طلب الجهة الإدارية صاحبة الشأن ووفقاً للإجراءات المنصوص عليها في القانون.
وتنص المادة (6) من القانون المذكور على أنه على المكلف أن يقوم بأعمال وظيفته ما بقى التكليف، وفي جميع الأحوال يصدر قرار إلغاء التكليف أو انتهاء الخدمة أثناؤه من وزير الصحة.
ومن حيث إن المستفاد من هذه النصوص أنه يحظر على الصيادلة المكلفين الامتناع عن تأدية أعمال وظائفهم لمدة سنتين كاملتين تبدأ من تاريخ تسلمهم العمل، بمعنى أنه يتحتم على كل منهم القيام بأعمال وظيفته بصفة فعلية من تاريخ تسلمه العمل. ومن ثم فإن انقطاع الصيدلي عن العمل قبل اكتمال هذه المدة لا يعفيه من الالتزام المفروض عليه قانوناً حتى ولو كان قد مضى على تاريخ تسلمه العمل مدة سنتين وإلا كان امتناع الصيدلي عن أداء واجب التكليف تحريراً له من أداء هذا الواجب على عكس ما يقضى به نص القانون وعلى خلاف غايات المشرع.
ومن حيث إن الثابت من سياق وقائع الموضوع أن الصيدلي....... قد كلف للعمل بمنطقة مصر القديمة الطبية بموجب القرار رقم 704 لسنة 1982 وذلك اعتبارا من 11/ 1/ 1982 وقد تسلم العمل اعتباراً من 18/ 11/ 1982 وانقطع عن العمل اعتباراً من 1/ 11/ 1983، ومن ثم فإنه لا يكون قد قام بتأدية عمله الوظيفي المدة المحددة بقرار التكليف وفاء لواجبه في القرار مدة التكليف لصالح الوطن حسبما حددها المشرع بنص القانون.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد ذهب خلاف هذا المذهب حيث قضى بأن مجرد مضى عامين من تاريخ تسليم المتهم عمله تعتبر به خدمته منتهية بحكم القانون، وذلك على الرغم من أنه لم يؤدى عمله سوى لعام واحد، ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه قد خالف القانون إذ قضى بمجازاة المتهم بالعقوبة المقررة لمن ترك الخدمة حيث لم تنته قانوناً خدمة الصيدلي المذكور لعدم إتمامه المدة اللازمة بأداء واجبات وظيفته المكلف بها خلالها وبالتالي فقد كان يتحتم على المحكمة التأديبية مجازاة المطعون ضده بإحدى العقوبات الواردة بالمادة (80) من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة لمن لا يزالون في الخدمة ومن ثم فإنه يتعين إلغاء الحكم المطعون فيه، وإنزال حكم القانون الصحيح على الدعوى التأديبية ومن حيث إن المخالفة المنسوبة للصيدلي.... ثابتة في حقه الأمر الذي يقتضى وفق ما سلف مجازاته بخصم شهرين من مرتبه وحيث إن من يخسر الدعوى يلزم بمصروفاتها طبقاً للمادة (184) مرافعات، إلا أنه حيث إن الطعن الماثل طعن في حكم محكمة تأديبية فإنه يعفى من هذه الرسوم تطبيقاً للمادة (90) من القانون رقم (47) لسنة 1978 بشأن نظام موظفي الدولة.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه. وبمجازاة المطعون ضده بخصم شهرين من راتبه.