مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة أحكام المحكمة الإدارية العليا
السنة الرابعة والثلاثون - الجزء الأول (من أول أكتوبر سنة 1988 إلى آخر فبراير سنة 1989) - صـ 309

(46)
جلسة 17 من ديسمبر سنة 1988

برئاسة السيد الأستاذ المستشار محمد أنور محفوظ رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة عبد الفتاح السيد بسيوني ومحمد المهدي مليحي ومحمد أمين المهدي وصلاح عبد الفتاح سلامه المستشارين.

الطعن رقم 1281 لسنة 33 القضائية

إدارة محلية - اختصاص المحافظ بإزالة التعدي على أملاك الدولة - مدي جواز التفويض في هذا الاختصاص - قيود التفويض (قرار إداري).
مادة 26 من القانون رقم 43 لسنة 1979 بإصدار قانون الحكم المحلي.
ناط المشرع بالمحافظين الاختصاص بإزالة التعدي على أملاك الدولة - يجوز التفويض في هذا الاختصاص - إذا وضع صاحب الاختصاص قيداً على اختصاصه في هذا الشأن بتشكيل لجنة على نحو معين لتقديم تقرير بالموضوع قبل إصدار القرار فإن هذا القيد يسرى على من فوض في مباشرة هذا الاختصاص - صدور قرار إزالة التعدي دون مراعاة هذا القيد يصم القرار بعيب الشكل وهو جوهري لازم للتحقق من التعدي في حد ذاته - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الاثنين الموافق 9 من مارس سنة 1987، أودعت هيئة قضايا الدولة نيابة عن كل من السادة (1) رئيس الوحدة المحلية لمركز ومدينة كفر الشيخ (2) مأمور شرطة المرافق (3) مهندس تنظيم بالوحدة المحلية لمركز ومدينة كفر الشيخ (4) فني التنظيم القائم بأعمال مدينة سخا (5) مدير عام مديرية الإسكان والتعمير بكفر الشيخ (6) مفتش مصلحة الأملاك بمديرية المساحة بكفر الشيخ (7) وزير الدولة للإسكان والتعمير بصافتهم، قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا، تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 1281 لسنة 33 القضائية ضد السيدة/ ... في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (دائرة منازعات الأفراد والهيئات) بجلسة 8 من يناير سنة 1987 في الدعوى رقم 3132 لسنة 37 القضائية المقامة من المطعون ضدها على الطاعنين بصافتهم والقاضي بإلغاء القرار المطعون فيه وبإلزام الجهة الإدارية بالمصروفات. وطلب الطاعنون للأسباب المبينة في تقرير الطعن الحكم أولاً بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وثانياً بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء هذا الحكم برفض الدعوى مع إلزام المطعون ضدها بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن درجتي التقاضي.
وأعلن تقرير الطعن على النحو الثابت بالأوراق. وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقرير مسبباً بالرأي القانوني في الطعن ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وبإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى مع إلزام المطعون ضدها المصروفات.
وعينت جلسة 15 من فبراير سنة 1988 لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة، وجرى تداوله بالجلسات على النحو المبين بالمحاضر حتى قررت الدائرة بجلسة 7 من نوفمبر سنة 1988 إحالته إلى المحكمة الإدارية العليا وحددت لنظرة جلسة 19 من نوفمبر سنة 1988، وفيها نظرته المحكمة واستمعت إلى ما رأت لزومه من إيضاحات وقررت إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن استوفي أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تتحصل حسبما يبين من الأوراق في أنه بتاريخ 21 من نوفمبر سنة 1982 رفعت المطعون ضدها الدعوى رقم 206 لسنة 1982 أمام محكمة بندر كفر الشيخ الجزئية على الطاعنين بصافتهم طالبة الحكم بقبول الإشكال شكلاً وبوقف تنفيذ القرار رقم 206 لسنة 1982 الصادر من الطاعن الأول بإزالة منزل المطعون ضدها وفي الموضوع بإلغاء هذا القرار مع إلزام الطاعنين بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة، استناداً إلى أنه قرار مخالف للقانون لأن المطعون ضدها حازت الأرض حيازة قانونية وشيدت عليها منزلاً قديماً بالطوب اللبن تصدع وهدمته الأمطار مما دعاها إلى إعادة بنائه بالطريقة الحديثة وهو ما كلفها أكثر من عشرة آلاف جنيه كما سددت الإيجار عنها منذ ربطه عليها بقصد البناء سنة 1964 وقد عرض موضوع البناء على لجنة التعديات ولم يبت فيه وقدمت طلباً للحصول على ترخيص وصدور قرار رئيس الوزراء ببيع مثل هذه الأرض لحائزيها. ودفعت إدارة قضايا الحكومة (هيئة قضايا الدولة) أصلياً بعدم الاختصاص الولائي بنظر الدعوى لتعلقها بقرار إداري مما يدخل في اختصاص محكمة القضاء الإداري، وطلبت احتياطياً رفض الدعوى لأن المطعون ضدها تعدت على جزء من القطعة رقم 234 بحوض البحاري رقم 31 قسم أول المملوكة للدولة بناحية سخا بندر كفر الشيخ والمسلمة من الإصلاح الزراعي إلى مديرية الإسكان في 10 من أغسطس سنة 1977 طبقاً للقرار الجمهوري رقم 1758 لسنة 1965 بضم قرية سخا لمدينة كفر الشيخ وطبقاً للقرار الجمهوري رقم 101 لسنة 1958 بإشراف وزارة الإسكان والتعمير على أملاك الحكومة الداخلة في كردونات المدن والقرى.
وقضت محكمة بندر كفر الشيخ الجزئية في جلسة 28 من فبراير سنة 1983 بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الدعوى وبإحالتها إلى جهة القضاء الإداري. وقيدت الدعوى برقم 3132 لسنة 37 القضائية أمام محكمة القضاء الإداري (دائرة منازعات الأفراد والهيئات) فقضت في جلسة 22 من مارس سنة 1984 بقبول الدعوى شكلاً وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه وبإلزام المطعون ضدها بالمصروفات. وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً مسبباً بالرأي القانوني في الشق الموضوعي من الدعوى ارتأت فيه الحكم برفض الدعوى موضوعاً مع إلزام المطعون ضدها بالمصروفات. وقضت محكمة القضاء الإداري (دائرة منازعات الأفراد والهيئات) في جلسة 8 من يناير سنة 1987 بإلغاء القرار المطعون فيه وبإلزام الجهة الإدارية بالمصروفات. وبنت قضاءها الأخير على أن القرار المطعون فيه صدر من رئيس الوحدة المحلية لمركز ومدينة كفر الشيخ غير مستند إلى تفويض من المحافظ في ممارسة سلطة إزالة التعدي على أملاك الدولة طبقاً للمادة 26 من قانون الحكم المحلي رقم 43 لسنة 1979 المعدل بالقانون رقم 50 لسنة 1981 مما يجعله قرار معيباً بعدم الاختصاص.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ في تطبيقه لأن القرار المطعون فيه صدر من رئيس الوحدة المحلية لمركز ومدينة كفر الشيخ بالقرار رقم 208 لسنة 1980 كما أن الثابت بالأوراق أن المطعون ضدها تعدت على أرض مملوكة للدولة بمحاولة إقامة مبان جديدة عليها مما يخول الجهة الإدارية إزالة هذا التعدي إدارياً.
ومن حيث أن قرار محافظ كفر الشيخ رقم 208 لسنة 1980 صدر في 29 من أكتوبر سنة 1980، ونص في المادة الأولى على أن يفوض رؤساء المصالح ورؤساء الوحدات المحلية للمدن والمراكز بدائرة المحافظة في السلطات المخولة له في الفقرة الأخيرة من المادة 26 من القانون رقم 43 لسنة 1979 بشأن نظام الحكم المحلي لحماية أموال الدولة العامة والخاصة وإزالة ما يقع عليها من تعديات بالطريق الإداري، ثم قضي في المادة الثانية بأنه على رؤساء المصالح والوحدات المحلية للمدن والمراكز بالمحافظة كل في دائرة اختصاصه تشكيل لجنة فنية لبحث ودراسة موضوع التعدي على أملاك الدولة العامة والخاصة برئاسة مدير الإدارة الهندسية أو من ينوب عنه وعضوية مهندس مساحة يرشحه مدير المساحة بكفر الشيخ ومهندس مساحة يرشحه مدير عام الإصلاح الزراعي بكفر الشيخ وتكون مهمتها الاطلاع على أوراق النزاع والانتقال إلى الأملاك موضوع التعدي ومعاينتها على الطبيعة وبيان مساحتها وتاريخ بدء التعدي ومظاهره وما إذا كانت مملوكة للدولة ملكية عامة أو خاصة من عدمه ولها سماع أقوال الطرفين وشهودهما وغيرها وتحرر محضراً بأعمالها وتقدم تقريراً بنتيجة عملها يعرض على رئيس المصلحة أو الوحدة المحلية للاستعانة به قبل اتخاذ الإجراء الكفيل بحماية أملاك الدولة. ويؤخذ من هذا القرار أنه في المادة الأولى تفويض رؤساء المصالح ورؤساء الوحدات المحلية للمدن والمراكز بدائرة محافظة كفر الشيخ في مباشرة الاختصاص المخول للمحافظ بإزالة التعدي على أملاك الدولة طبقاً للمادة 26 من القانون رقم 43 لسنة 1979 بشأن نظام الحكم المحلي، إلا أنه في المادة الثانية أوجب على هؤلاء المفوضين كل في دائرته تشكيل لجنة معينة لبحث ودراسة موضوع التعدي وتحرير محضر بأعمالها وإعداد تقرير بالنتيجة يعرض على هذا المفوض في الاختصاص قبل مباشرته باتخاذ الإجراء الكفيل بحماية أملاك الدولة، وبذا رهن مباشرة الاختصاص موضوع التفويض في مجال التعدي على أملاك الدولة بسبق عرض هذا التعدي على اللجنة الواجب تشكليها طبقاً للمادة الثانية منه وتقديمها تقريراً بنتيجة أعمالها يتم على هدية مباشرة ذلك الاختصاص، مما يجعل عرض التعدي عليها وتقديمها تقريراً عنه إجراء جوهرياً لازماً تمامه كشرط لصحة القرار الصادر من المفوض بإزالة التعدي، لأنه إذا كان لصاحب الاختصاص الأصيل وهو المحافظ أن يمنع مثل هذا القيد كقاعدة عامة على ممارسته اختصاصه بنفسه فإن له من باب أولي أن يفرضه كقيد عام على من يفوضهم في مباشرة هذا الاختصاص، حيث تجب عندئذ مراعاته في كل حالة أياً كان وجه التعدي بدءاً أو تمادياً كالبناء مهما تباينت كيفيته أو تمايزت مواده، ومن ثم فإنه لا يجوز لمن فوض منهم المبادرة إلى إصدار قرار بإزالة التعدي على مال الدولة في دائرته من غير ابتناء على تقرير بشأن هذا التعدي من اللجنة المشار إليها وإلا كان قراره مشوباً بعيب في الشكل، حتى ولو اقتصر القرار على إزالة الجديد من أوجه التمادي في التعدي.
وومن حيث إن البادي من الأوراق أن المطعون ضدها ربط عليها مقابل انتفاع منذ سنة 1969 عن مساحة 50 متراً أقامت بها مسكناً مثل سواها بالقطعة رقم 234 حوض البحاري رقم 31 قسم أول من أملاك الدولة بناحية سخا بندر كفر الشيخ، وعرض موضوع تعديها ضمن التعديات الأخرى من سواها على اللجنة المشكلة طبقاً للمادة الثانية من قرار محافظ كفر الشيخ رقم 208 لسنة 1980، وبناء على مذكرة من مهندس تنظيم شرق مدينة كفر الشيخ صدر القرار رقم 206 لسنة 1982 من رئيس الوحدة المحلية لمركز ومدينة كفر الشيخ بإزالة التعدي الواقع منها على هذه المساحة بالشروع في إقامة منزل بالبناء المسلح بدلاً من المنزل القديم. ويؤخذ من هذا أنه ولئن كان القرار الأخير وهو القرار المطعون فيه صدر من مختص عملاً بالتفويض المنصوص عليه في المادة الأولى من قرار محافظ كفر الشيخ رقم 208 لسنة 1980 وذلك على نقيض ما بني عليه الحكم المطعون فيه إذ قضي بإلغاء هذا القرار بحجة صدوره من غير مختص ودون استناد إلى تفويض من المحافظ المختص أصلاً بإصداره، كما أنه أياً كان الرأي في صحة السبب الذي قام عليه القرار المطعون فيه وهو التعدي بالبناء على مال للدولة تمادياً في تعد سابق وبشكل أعظم تمكيناً على نحو ما ذهب إليه الطعن في الوجه الأخر لنعيه على الحكم المطعون فيه، إلا أن القرار المطعون فيه لم يسبق بتقرير من اللجنة المشكلة طبقاً للمادة الثانية من قرار محافظ كفر الشيخ رقم 208 لسنة 1980 كإجراء شكلي جوهري لازم للتحقق من التعدي في حد ذاته بصرف النظر عن إرهاصاته ومظاهره وتتابعه بعدئذ، مما يجعله قرار مشوباً بعيب في الشكل وبالتالي خليقاً بالإلغاء لهذا السبب الذي لا يحول دون إصدار القرار ثانية مبرئاً من ذلك العيب ومستوفياً سائر شرائطه القانونية، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه صحيحاً فيما قضي به من إلغاء القرار المطعون فيه ولكن لغير السبب الذي قام عليه وهو عدم اختصاص مصدره بعد ما تبين على النحو المتقدم ثبوت الاختصاص له تفويضاً.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً مع إلزام الجهة الإدارية بالمصروفات.