أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 46 - صـ 255

جلسة 26 من يناير سنة 1995

برئاسة السيد المستشار/ محمد رأفت خفاجي - نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ محمد محمد طيطة، فتيحة قرة، محمد الجابري - نواب رئيس المحكمة، وماجد قطب.

(51)
الطعن رقم 6182 لسنة 62 القضائية

(1 - 3) إيجار "إيجار الأماكن" "حظر إبرام أكثر من عقد للوحدة السكنية الواحدة". عقد "إثبات عقد الإيجار" "بطلان العقد".
(1) حظر إبرام أكثر من عقد إيجار واحد للمبنى أو الوحدة منه. مخالفة ذلك. أثره. بطلان العقود اللاحقة للعقد الأول بطلاناً مطلقاً سواء علم المستأجر اللاحق بصدور العقد الأول أو لم يعلم به. م 24/ 4 ق 49 لسنة 1977.
(2) التعرف على العقد الأسبق في التاريخ. كيفيته. كفاية ثبوت تاريخه في الشهر العقاري أو في ورقة رسمية. أثره. تمسك الغير بعدم الاحتجاج عليه بالمحرر اللاحق في إثبات تاريخه. شرطه. عدم علمه بسبق حصول التصرف الوارد بهذا المحرر وألا يعترف بتاريخه صراحة أو ضمناً أو بتنازله عن التمسك بعدم مطابقته للواقع.
(3) اعتداد الحكم المطعون فيه بعقد إيجار المطعون ضده الأول دون عقد الطاعنة لمجرد سبق إثبات تاريخه ودون أن يتحقق من أنه الأسبق من حيث الواقع. عيب مستوجب نقضه.
1- النص في الفقرة الرابعة من المادة 24 من القانون رقم 49 لسنة 1977 في شان تأجير وبيع الأماكن على أنه" ....... ويحظر على المؤجر إبرام أكثر من عقد إيجار واحد للمبنى أو الوحدة منه وفي حالة المخالفة يقع باطلاً العقد أو العقود اللاحقة للعقد الأول "يدل - وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض - على أن المشرع رتب بطلان عقد الإيجار اللاحق للعقد الأول بطلاناً مطلقاً لتعارض محل التزام في ذلك العقد مع نص قانوني آمر متعلق بالنظام العام وذلك سواء كان المستأجر اللاحق عالماً بصدور العقد الأول أم غير عالم به.
2- لئن كان إثبات المحرر في ورقة رسمية يجعله ثابت التاريخ يوم إثباته بها من الموظف المختص ويكون هذا التاريخ حجة على الغير شأنه شأن إثباته بالسجل المعد لذلك بالشهر العقاري، على ما تقضي به المادة 15 من قانون الإثبات، إلا أن شرط من يتمسك بعدم الاحتجاج عليه بالمحرر غير الثابت التاريخ أو اللاحق إثبات تاريخه أن يكون حسن النية أي غير عالم بسبق حصول التصرف الوارد بهذا المحرر وألا يكون قد اعترف بتاريخه صراحة أو ضمناً أو تنازل عن التمسك بعدم مطابقته للواقع ذلك أن الواقع حقيقة هو المستهدف لتبنى عليه الأحكام وما النصوص القانونية المتعلقة بالإثبات إلا وسيلة للوصول إلى هذا الهدف, ومن ثم فإن هذه القاعدة بشروطها هذه هي التي يتعين إعمالها للتعرف على عقد الإيجار السابق عند إبرام أكثر من عقد عن ذات العين ليعتد به وحده دون العقد أو العقود اللاحقة التي نص القانون صراحة على بطلانها ووضع جزاءً جنائياً على إبرامها في المادة 76 من القانون رقم 49 لسنة 1977 ولا يغير من انطباق هذه القاعدة في هذه الحالة - وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض - ما اشترطه المشرع بالفقرة الأولى من المادة 24 المذكورة من وجوب إبرام عقود الإيجار كتابة وإثبات تاريخها بمأمورية الشهر العقاري الكائن بدائرتها العين المؤجرة لخلو النص من اشتراط أن يكون العقد الأول ثابت التاريخ لإعمال حكم الفقرة الرابعة من هذه المادة في ترتيب بطلان العقود اللاحقة جزاء مخالفة الخطر الوارد فيها.
3- إذ كان الحكم المطعون فيه قد عوّل في قضائه على تفضيل عقد الإيجار الأسبق في إثبات التاريخ ورتب على ذلك الاعتداد بعقد إيجار المطعون ضده الأول دون أن يتحقق من أنه الأسبق من حيث الواقع سيما وأن عقدي الإيجار محل المفاضلة يختلفان في تاريخ تحريرهما مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضده الأول أقام على الطاعنة والمطعون ضده الثاني الدعوى رقم 2420 لسنة 1984 أمام محكمة الإسكندرية الابتدائية بطلب الحكم بطرد الطاعنة من الشقة المبينة بالصحيفة وإلزام المطعون ضده الثاني بتمكينه منها وتسليمها له خالية وصالحة للسكنى طبقاً للعقد المؤرخ 18/ 5/ 1982 المبرم بينهما وقال في بيان ذلك إنه بموجب العقد المذكور والثابت التاريخ برقم 1411 في 19/ 5/ 1982 استأجر من المطعون ضده الثاني العين محل النزاع على أن يتسلمها في أول فبراير سنة 1983 صالحة للسكنى إلا أنه قام وبطريق التواطؤ مع الطاعنة بتحرير عقد إيجار لها عن ذات العين مؤرخ 2/ 5/ 1982 وأثبت تاريخه في 15/ 8/ 1982 كما قامت الطاعنة بالاستيلاء على الشقة دون سند لبطلان عقدها فكانت هذه الدعوى. أحالت المحكمة الدعوى إلى التحقيق وبعد سماع شاهدي المطعون ضده الأول حكمت المحكمة برفض الدعوى، استأنف المطعون ضده الأول هذا الحكم بالاستئناف رقم 116 لسنة 46 ق الإسكندرية، وبتاريخ 28/ 8/ 1992 قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف والقضاء له بالطلبات، طعنت الطاعنة على هذا الحكم بطريق النقض وقد أمرت هذه المحكمة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه مؤقتاً حتى يفصل في موضوع الطعن وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه وبجلسة المرافعة التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في التطبيق وفي بيان ذلك تقول إن الحكم الاستئنافي أورد في أسبابه أن العبرة بحقيقة عقد الإيجار وقت تحريره وليست العبرة بالأسبقية في إثبات تاريخه إذ لا يعتد بأسبقية ثبوت التاريخ إذ ما خالف الواقع في الدعوى ولذلك قضى هذا الحكم بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت المطعون ضده الأول أن عقده المؤرخ 18/ 5/ 1982 هوا الأسبق في تحريره عن عقد الطاعنة المؤرخ 2/ 5/ 1982 وتم تنفيذ هذا الحكم إلا أن الحكم المطعون فيه خالف ذلك واستند في قضائه على أساس مغاير هو ما ستخلصه من واقعة الأسبقية في إثبات التاريخ واعتد بعقد إيجار المطعون ضده الأول على أساس أنه السابق في إثبات تاريخه مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك أنه لما كان النص في الفقرة الرابعة من المادة 24 من القانون رقم 49 لسنة 1977 في شان تأجير وبيع الأماكن على أنه "........ ويحظر على المؤجر إبرام أكثر من عقد إيجار واحد للمبنى أو الوحدة منه وفي حالة المخالفة يقع باطلاً العقد أو العقود اللاحقة للعقد الأول" يدل - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - على أن المشرع رتب بطلان عقد الإيجار اللاحق للعقد الأول بطلاناً مطلقاً لتعارض محل التزام في ذلك العقد مع نص قانوني آمر متعلق بالنظام العام وذلك سواء كان المستأجر اللاحق عالماً بصدور العقد الأول أم غير عالم به. وأنه ولئن كان إثبات المحرر في ورقة رسمية يجعله ثابت التاريخ يوم إثباته بها من الموظف المختص ويكون هذا التاريخ حجة على الغير شأنه شأن إثباته بالسجل المعد لذلك بالشهر العقاري، على ما تقضي به المادة 15 من قانون الإثبات، إلا أن شرط من يتمسك بعدم الاحتجاج عليه بالمحرر غير الثابت التاريخ أو اللاحق إثبات تاريخه أن يكون حسن النية أي غير عالم بسبق حصول التصرف الوارد بهذا المحرر وألا يكون قد اعترف بتاريخه صراحة أو ضمناً أو تنازل عن التمسك بعدم مطابقته للواقع ذلك أن الواقع حقيقة هو المستهدف لتبنى عليه الأحكام وما النصوص القانونية المتعلقة بالإثبات إلا وسيلة للوصول إلى هذا الهدف, ومن ثم فإن هذه القاعدة بشروطها هذه هي التي يتعين إعمالها للتعرف على عقد الإيجار السابق عند إبرام أكثر من عقد عن ذات العين ليعتد به وحده دون العقد أو العقود اللاحقة التي نص القانون صراحة على بطلانها ووضع جزاءً جنائياً على إبرامها في المادة 76 من القانون رقم 49 لسنة 1977 ولا يغير من انطباق هذه القاعدة في هذه الحالة - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - ما اشترطه المشرع بالفقرة الأولى من المادة 24 المذكورة من وجوب إبرام عقود الإيجار كتابة وإثبات تاريخها بمأمورية الشهر العقاري الكائن بدائرتها العين المؤجرة لخلو النص من اشتراط أن يكون العقد الأول ثابت التاريخ لإعمال حكم الفقرة الرابعة من هذه المادة في ترتيب بطلان العقود اللاحقة جزاء مخالفة الخطر الوارد فيها، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد عوّل في قضائه على تفصيل عقد الإيجار الأسبق في إثبات التاريخ ورتب على ذلك الاعتداد بعقد إيجار المطعون ضده الأول دون أن يتحقق من أنه الأسبق من حيث الواقع سيما وأن عقدي الإيجار محل المفاضلة يختلفان في تاريخ تحريرهما مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه. دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن