مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة أحكام المحكمة الإدارية العليا
السنة الرابعة والثلاثون - الجزء الأول (من أول أكتوبر سنة 1988 إلى آخر فبراير سنة 1989) - صـ 343

(51)
جلسة 25 من ديسمبر سنة 1988

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ نبيل أحمد سعيد نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة/ محمد محمود الدكروري ومحمد يسرى زين العابدين وعادل لطفي عثمان والسيد محمد السيد الطحان المستشارين.

الطعن رقم 1320 لسنة 30 القضائية

سلك دبلوماسي وقنصلي - تمثيل تجاري - مادة (13) من القانون رقم 166 لسنة 1954 بشأن السلكيين الدبلوماسي والقنصلي والمطبق على أعضاء التمثيل التجاري بمقتضي القانون رقم 50 لسنة 1970 - لم يخص المشرع رؤساء بعثات التمثيل الدبلوماسي وحدهم بوضع التقارير الدورية بل ناط ذلك أيضاً بمديري الإدارات مع مراعاة طبيعة العمل بوزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية كما عهد بها كذلك لرؤساء المكاتب التجارية - يختص مجلس شئون أعضاء السلك التجاري باعتماد تقرير درجة الكفاية أو وضع تقرير درجة الصلاحية التي يستحقها العضو – لا وجه للقول بعدم عرض التقرير على السفير المختص طالما تم استيفاء الإجراءات التي حددها المشرع - تطبيق.


إجراءات الطعن

بتاريخ 25/ 3/ 1984 أودع الأستاذ... المحامي بصفته وكيلاً عن السيد/ ... قلم كتاب المحكمة الإدارية تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 1320 لسنة 30 القضائية في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بجلسة 5/ 5/ 1983 في الدعوى رقم 34 القضائية المقامة من السيد/ ... ضد رئيس مجلس الوزراء ووزير الاقتصاد والتجارة الخارجية، والذي قضي بقبول الدعوى شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء تقرير كفاية المدعي عن عام 1978 فيما تضمنه من تخفيض مرتبه جيد جداً مع ما يترتب على ذلك من آثار ورفض ما عدا ذلك من الطلبات، وإلزام كل من طرفي الخصومة مصروفات الطلب الذي خسره. وطلب الطاعن للأسباب الواردة بتقرير قبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بتعديل الحكم المطعون فيه والقضاء بإلغاء تقرير الكفاية المقدم عنه عن سنة 1977 وبإرجاع أقدميته في وظيفة مستشار تجاري إلى 18/ 9/ 1979 تاريخ نفاذ القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار ومع إلزام جهة الإدارة بالمصروفات.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً مسبباً ارتأت فيه قبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام الطاعن المصروفات.
ونظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة فقررت بجلسة 11/ 1/ 1988 إحالته إلى المحكمة الإدارية العليا "الدائرة الثانية" حيث حدد لنظره أمامها جلسة 7/ 2/ 1988 وبعد تداول الطعن بالجلسات وسماع ما رأت المحكمة لزوم سماعه من إيضاحات قررت إصدار الحكم فلهذه بجلسة اليوم وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن استوفي أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تلخص في أنه بتاريخ 11/ 12/ 1979 أقام السيد يحى حسين حافظ الدعوى رقم 449 لسنة 34 القضائية أمام محكمة القضاء الإداري ضد السيدين/ رئيس مجلس الوزراء رقم 849 الصادر في 18/ 9/ 1979 فيما تضمنه من تخطيه في الترقية إلى وظيفة مستشار تجاري مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الإدارية المصروفات، ثم عدل طلباته بإضافة طلب جديد مقتضاه الحكم له بإلغاء التقريرين السنويين لعامي 1977 و1978 فيما تضمنه الأول من تقرير كفايته بمرتبة "جيد" وما تضمنه الثاني من تقرير كفايته مرتبة "جيد جداً" وقال شارحاً لدعواه أنه عمل منذ تخرجه في كلية التجارة سنة 1957 في مناصب مرموقة ووضعت عنه تقارير ممتازة، إلا أن المستشار التجاري بسفارة مصر واشنطن أعد تقريرا سنة 1976 يخيب فيه قدره وأرسله إلى الوزارة مباشرة دون أن يمر على السفير باعتباره رئيس البعثة، كما وأن تقريره سنة 1978 كان بمرتبة ممتاز إلا أن الوزارة لم تأخذه في الاعتبار بحجة أنه لم يكن لديها وقت لاعتماده، وعدلت في حركة الترقيات المطعون فيها على ضوابط أضافتها لا تتفق وأحكام القانون، حيث قررت أن تأخذ في الاعتبار جميع التقارير السنوية التي أعدت عن المرشح منذ تاريخ اشتغاله بالسلك التجاري حتى تاريخ الترقية، وهو ضابط ينبغي عدم الاعتداد به لمخالفته مبدأ سنوية التقرير وأنه مع افتراض سلامة الضابط الذي اعتمدت عليه الإدارة، فإن تطبيقه تطبيقاً سليماً لا يمكن أن يؤدي إلى تخطيه في الترقية، أما بالنسبة إلى التقريرين اللذين أعد عنه عامي 1977 و1978 بتقدير جيد جداً على التوالي، فإن التقدير الأولى أعد خطأ من رئيس المكتب التجاري دون أن يعرض على رئيس البعثة الدبلوماسية، الأمر الذي أدي إلى استياء سفير مصر في واشنطن وإشادته بكفاءته ونشاطه، أما بالنسبة إلى التقرير الذي أعد في عام 1978 فقد كان بمرتبة ممتاز، واعتمد من المدير المحلي إلا أنه خفض دون إبداء أسباب مما يهدر هذا التخفيض ومن ثم لا يجوز الاعتداد به وإنما يلزم اعتبار كفاية المدعي عن العام المذكور بمرتبة "ممتاز". ودفعت الجهة الإدارية الدعوى، بأن الترقيات المطعون فيها عرضت على مجلس شئون السلك بجلسته المعتمدة من الوزير في 11/ 8/ 1979 موضحاً بها الأسس والمعايير المتخذة كضوابط للترقية بالاختيار لشغل وظيفة مستشار تجاري وهي 1 - أن يتم الاختيار من بين جميع شاغلي وظيفة سكرتير أول لمدة أربع سنوات على الأقل، وذلك بحسب ترتيب الأقدمية في الدرجة.
2 - عدم وجود مخالفات تنال من صلاحيته وكفاية المرشح ومن ذلك تقارير جهات الرقابة.
3 - مستوي التقارير السنوية السرية عن المرشح خلال مدة خدمته بالسلك التجاري. وتحقيقاً لذلك تم حصر جميع التقارير السنوية الواردة بملف خدمة كل مرشح منذ تعيينه بالسلك حتى 11/ 7/ 1979 تاريخ النظر في الترقية على أساس إعطاء كل مرتبة من التقارير عدداً من النقاط على الوجه التالي:
1 - (مرتبة ممتاز) 4 نقاط 2 - (جيد جداً) 3 نقاط 3 - (جيد) نقطتان 4 - (متوسط) نقطة واحدة.
ويحدد مستوي الصلاحية بشأن التقارير، على أساس متوسط التقارير للمرشح. واستناداً إلى ما تقدم رؤى ترقية كل من حصل على ثلاث نقاط فأكثر إلى وظيفة مستشار تجاري، وبذلك تمت ترقية الأول والثاني والثالث والرابع، وهم أقدم من المدعي، ثم تخطي المدعي (الخامس) وذلك لحصوله على أقل من ثلاث نقاط في متوسط التقارير السنوية خلال 12 سنة هي خدمته بالسلك، هذا فضلاً عن أنه قد ورد بشأنه من الرقابة الإدارية ما ينال من تصرفاته ويمس سمعته المالية والفنية والاجتماعية.
وبجلسة 5/ 5/ 1983 حكمت محكمة القضاء الإداري بقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع بإلغاء تقرير كفاية المدعي عن عام 1978 فيما تضمنه من تخفيض مرتبة جيد جداً مع ما يترتب على ذلك من آثار ورفض ما عدا ذلك من الطلبات وألزمت كلاً من طرفي الخصومة مصروفات الطلب الذي خسره، وأسست المحكمة قضاءها على أن التقرير الذي أعد عن عام 1977 بمرتبة "جيد" صدر سليماً مطابقاً للقانون، ولا وجه لما ينعاه المدعي على التقرير بأنه لم يعرض على السفير رئيس البعثة الدبلوماسية ذلك أن رئيس البعثة لا شأن له بوضع تقارير الكفاية الخاصة بالعاملين بالمكتب التجاري إذ يتولى رئيس المكتب باعتباره الرئيس المباشر وضع التقارير عنهم، أما عن تقرير كفاية المدعي عن عام 1978، فإن رئيسه المباشر قدر كفايته بمرتبة ممتاز 92 وأيده الرئيس المحلي، إلا أن مجلس شئون السلك التجاري هبط بمرتبة الكفاية إلى "جيد جداً" دون إبداء أية أسباب أو بيان العناصر التي أصابها التخفيض، ومن ثم فقد أهدرت قيمته الجوهرية، لذلك حرص الشارع على إحاطة تقارير الكفاية بها لحماية العامل من أي تحكم من شأنه المساس بمستقبله (الوظيفي) إذ يتعين أن توضع أمام القضاء من واقع التقرير المبررات التي دعت إلى الهبوط بتقدير العامل عن المرتبة التي قدرها الرؤساء المباشرين، الأمر الذي يجعل التقرير فيما تضمنه من تخفيض مرتبة كفاية المدعي من ممتاز إلى "جيد جداً" قد صدر على غير أساس سليم من القانون حقيقاً بالإلغاء والاعتداد بمرتبة ممتاز طبقاً لتقرير الرؤساء المباشرين. وفيما يتعلق بالقرار الخاص بتخطي المدعي في الترقية إلى وظيفة مستشار تجاري فإن إصرار الجهة الإدارية على أن تأخذ في الاعتبار جميع التقارير السنوية التي أعدت عن العامل من تاريخ دخول السلك التجاري والتي سبق أن أخذت في الاعتبار عند الترقية، مخالف طبيعة تقارير الكفاية والحكمة من بينها كأساس لقياس أداء العامل في فترة زمنية معينة وتأسيساً على ما تقدم فإنه كان يتعين على جهة الإدارة ألا تأخذ في الاعتبار تقارير سبق أن أخذت في الاعتبار في الترقية إلى وظيفة أدني، ومتى كان المدعي قد رقي إلى وظيفة سكرتير أول تجاري اعتباراً من 7/ 7/ 1974، فإن التقارير التي يتعين أخذها في الاعتبار هي التقارير عن الفترة من 75 حتى 1978 التاريخ السابق على إجراء حركة الترقيات، وبحساب النقاط التي حصل عليها المذكورون في القرار المطعون عليه يبين أن المطعون ضده الأول (...) حصل على نقطتين في عام 1975 (جيد) وثلاث نقاط في عام 1976 (جيد جداً) وأربع نقاط في عام 1977 وفي عام 1978 أصاب أربع نقاط فيكون متوسط كفايته عن الفترة السابقة على الترقية هو جيد جداً 3.25 نقطة، في حين بلغ متوسط كفايته المطعون ضده الثاني 3.5 نقطة، أما متوسط كفاية المدعي عن ذات الفترة فهو 2.5 نقطة، على وجه يغدو معه تخطيه في الترقية قائماً على سند سليم من القانون.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن الحكم أخطأ في تطبيق القانون إذ ذهب إلى أن التقرير السري لا يلزم عرضه على السفير، في حين أنه من المقرر أن رئيس البعثة يعتبر رئيساً لجميع أعضاء المكتب التجاري بالسفارة، وعدم عرض التقرير عليه يجعله مشوباً بعيب جوهري مخالفاً حكم المادة 13 من القانون رقم 166 لسنة 1954 معدلاً بالقانون رقم 548 لسنة 1954 الذي يسري على أعضاء السلك التجاري بموجب القانون رقم 50 لسنة 1970، ومن شأن تخلف أحد أركان التقرير صيرورته معدوماً، وبالنظر إلى أن السيد السفير اعتبر تقريره عن سنة 1977 المشار إليه بمرتبة ممتاز ونظراً إلى أنه يسري على تقرير سنة 1976 ما يسري على تقرير سنة 1977 فإنه يغدو بمرتبة ممتاز أيضاً، وإذ كان تقرير سنة 1975 بمرتبة جيد، فإنه حتى باعتباره تقرير سنة 1976 بمرتبة جيد جداً كما هو، فإن متوسط النقاط يكون 3.25، مما لا يجوز معها تخطية في الترقية.
ومن حيث إنه عن النعي على تقرير كفاية المدعي عن عام 1977 من أنه اعتمد من رئيس المكتب التجاري ولم يعرض على السفير الذي يعد رئيساً للبعثة الدبلوماسية بالنسبة إلى جميع أعضاء المكتب التجاري بالسفارة، فإن المادة 13 من القانون 166 لسنة 1954 بشأن نظام السلكيين الدبلوماسي والقنصلي والمطبق على أعضاء التمثيل التجاري بمقتضي القانون رقم 50 لسنة 1970 تقضي بأن يقدم رؤساء بعثات التمثيل الدبلوماسي والقنصلي ومديرو الإدارات بوزارة الخارجية عن أعضاء السلكيين الدبلوماسي والقنصلي الذين يعملون معهم تقارير دورية في شهر فبراير من كل سنة على أساس تقدير كفاية العضو بدرجات نهايتها القصوى مائة درجة. ونصت الفقرة الثانية من المادة 13 على أن تكتب هذه التقارير على النموذج وبحسب الأوضاع التي يقررها وزير الخارجية بقرار يصدر منه، ويفحص مجلس شئون أعضاء السلك هذه التقارير، وله أن يطلب ما يراه لازماً من البيانات في شأنها ويسجل المجلس التقدير إذ لم تؤثر البيانات في الدرجة العامة لتقديم الصلاحية، وإلا فيكون للمجلس تقدير درجة الصلاحية التي يستحقها العضو ويكون تقديره نهائياً.
ومن حيث إن المادة 13 المشار إليها وفقاً لما تقدم لم تخص رؤساء بعثات التمثيل الدبلوماسي وحدهم بوضع التقارير الدورية بل ناطت أيضاً بمديري الإدارات وضع هذه التقارير، وبمراعاة طبيعة العمل بوزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية فقد نيط برؤساء البعثات الدبلوماسية وضع هذه التقارير، كما عهد بها أيضاً لرؤساء المكاتب التجارية.
ومن حيث أنه وفقاً لما تقدم أصدرت وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية قواعد عامه لوضع التقارير الدورية وفيها أن يتولي وضع التقرير الدوري رئيس البعثة الدبلوماسية بالنسبة إلى رئيس المكتب التجاري، وعلي أن مباشرة رئيس المكتب التجاري هذا الاختصاص بالنسبة إلى أعضاء المكتب، وهذه التعليمات والحالة هذه إنما حددت رئيس البعثة في تطبيق المادة 13 المشار إليها، وأبانت أنه رئيس المكتب التجاري فيما يخص أعضاء المكتب، وفضلاً على ما تقدم فإنه نيط بمجلس شئون أعضاء السلك التجاري اعتماد تقدير درجة الكفاية أو وضع تقدير درجة الصلاحية التي يستحقها العضو، وقد عرض على هذا المجلس تقدير درجة كفاية المدعي عن سنة 1977 والذي قدر كفاية المدعي بذات درجة الكفاية التي قدرها رئيس المكتب التجاري.
ومن حيث أنه ترتيباً على ما تقدم فإنه لا وجه لما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه من رفضه طلب إلغاء تقرير كفاية المدعي عن سنة 1977 بذريعة عدم عرضه على السفير رئيس البعثة الدبلوماسي ويكون الحكم في ذلك قد أصاب الحق في قضائه.
ومن حيث أنه تأسيساً على ما تقدم وأخذاً في الاعتبار أن تقدير كفاية المدعي عن سنة 1977 بمرتبة جيد يكون قد تخلف في حقه شرط الحصول على متوسط نقاط قدره ثلاث، إذ أن تقارير كفايته تغدو بمرتبة جيد عن سنة 1975 (2 نقطة) وجيد عن سنة 1976 (2 نقطة) وجيد عن سنة 1977(2 نقطة) وممتاز عن عام 1978 (4 نقاط) وبذلك يغدو متوسط كفايته عن الأعوام الأربعة المشار إليها 2.5 نقطة، بما ينأي به عن مضمار المنافسة على الترقية بموجب القرار الطعن.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه أخذ بهذا النظر، فيكون قد صادف صحيح حكم القانون مما يتعين معه القضاء بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً، وإلزام الطاعن المصروفات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وألزمت الطاعن المصروفات.