أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 46 - صـ 270

جلسة 29 من يناير سنة 1995

برئاسة السيد المستشار/ محمد فتحي الجمهودي - نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ إبراهيم الطويلة، أحمد علي خيري، محمد عبد المنعم إبراهيم - نواب رئيس المحكمة، وسعيد فودة.

(53)
الطعن رقم 5083 لسنة 63 القضائية

(1) نقض "الخصوم في الطعن".
الاختصام في الطعن بالنقض. شرطه.
(2) بيع "التزامات البائع: الالتزام بالضمان". ملكية.
التزام البائع بالضمان لا يجيز له طلب تثبيت ملكيته للعقار المبيع في مواجهة المشتري لمجرد أنه لم يسجل عقد شرائه.
(3 - 5) كفالة "الكفيل المتضامن". تضامن. بيع "التزامات البائع: الالتزام بالضمان". التزام. حيازة.
(3) الكفيل المتضامن يعتبر في حكم المدين المتضامن. للدائن مطالبته وحده بكل الدين دون التزام بالرجوع أولاً على المدين الأصلي أو حتى مجرد اختصامه في دعواه بمطالبة ذلك الكفيل بكل الدين.
(4) البيع الذي يكون محله عيناً معينة. يحق للدائن أن يضع يده عليها ما دامت مملوكة للمدين البائع وقت البيع أو آلت ملكيتها إليه أو إلى ضامنه.
(5) ضمان الكفيل للمشتري نقل ملكية العين المشتراة. أثره. للمشتري أن يطالب الضامن بهذه العين بعد أن آلت ملكيتها إليه. ليس للكفيل إنكار حق المشتري في اقتضاء الوفاء منه سواء كان هذا الإنكار صراحة أو دلالة. علة ذلك.
1- المناط في توجيه الطعن إلى خصم معين - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن تكون للطاعن مصلحة في اختصامه بأن يكون لأي منهما طلبات قبل الآخر أمام محكمة الموضوع ونازع أي منهما الآخر في طلباته وإذ كان المطعون عليه الثاني قد اختصم في الدعوى دون أن توجه إليه أو منه طلبات ولم يحكم له أو عليه بشيء فإن اختصامه في الطعن يكون غير مقبول.
2- المقرر في قضاء هذه المحكمة أن أهم التزامات البائع ضمان انتقال ملكية المبيع إلى المشتري فلا يجوز - كأصل عام - طلب تثبيت ملكيته إلى العقار المبيع قبل مشتريه لمجرد أن هذا الأخير لم يسجل عقد شرائه.
3- الكفيل المتضامن يعتبر في حكم المدين المتضامن من حيث مطالبة الدائن له منفرداً دون التزام بالرجوع أولاً على المدين أو حتى مجرد اختصامه في دعواه بمطالبة الكفيل.
4- إذا كان محل البيع عيناً معينة حُقَ للدائن أن يضع يده عليها ما دامت مملوكة للمدين البائع وقت البيع أو آلت ملكيتها إليه أو إلى ضامنه بعده طالما أنه لم يكن لأحد غيرهما أي حق عيني عليها.
5- إذا ضمن الكفيل للمشتري نقل ملكية العين التي اشترها ثم تملك الضامن هذه العين بعقد صادراً له من بائعها فإنه يكون للمشتري بمقتضى هذا الضمان أن يطالب الضامن بهذه العين بعد أن آلت إليه ملكيتها لأنه متى صحت الكفالة لا تبرأ ذمة الكفيل المتضامن من التزامه نحو الدائن إلا بانقضاء هذا الالتزام بإحدى وسائل الانقضاء التي حددها القانون ومن ثم لا يقبل من الكفيل أن يواجه الدائن بما ينطوي على إنكار حقه في اقتضاء الوفاء منه بحجة أنه أصبح شخصياً المالك للشيء محل الالتزام دون المدين الأصلي سواء كان هذا الإنكار صريحاً في صورة دفع لدعوى الدائن التي يطالبه فيها بالوفاء أو ضمناً في صورة دعوى يرفعها هذا الكفيل ضد الدائن بثبوت ملكيته لهذا الشيء بما يعني معارضة حق الدائن، إذ من التزم بالضمان امتنع عليه التعرض ومن يضمن نقل الملكية لغيره لا يجوز له أن يدعيها لنفسه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون عليها الأولى أقامت الدعوى رقم 432 لسنة 1981 مدني كفر الشيخ الابتدائية - مأمورية بيلا - ضد الطاعن بطلب الحكم بتثبيت ملكيتها للأطيان محل التداعي والتسليم، وقالت بياناً لذلك إنها تمتلك هذه الأطيان بالعقد المسجل رقم 2774 لسنة 1987 شهر عقاري الحامول إلا أن الطاعن ينازعها فيها دون حق فأقامت الدعوى، ندبت المحكمة خبيراً وبعد أن قدم تقريره حكمت في 28/ 11/ 1991 بثبوت ملكيتها لأطيان التداعي والتسليم. استأنف الطاعن هذا الحكم لدى محكمة استئناف طنطا بالاستئناف رقم 541 لسنة 24 ق "مأمورية كفر الشيخ"، أحالت المحكمة الدعوى إلى التحقيق وبعد أن استمعت إلى شهود الطرفين حكمت في 4/ 5/ 1993 بتأييد الحكم المستأنف، طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بعدم قبول الطعن بالنسبة للمطعون عليه الثاني وبنقض الحكم المطعون فيه. عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فرأت أنه جديراً بالنظر، وحددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مبنى الدفع المبدي من النيابة بعدم قبول الطعن بالنسبة للمطعون عليه الثاني هو عدم جواز اختصامه في الطعن لأنه لم توجه منه أو إليه أية طلبات أمام محكمة الموضوع ولم يحكم عليه بشيء.
وحيث إن هذا الدفع في محله - ذلك أن المناط في توجيه الطعن إلى خصم معين - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن تكون للطاعن مصلحة في اختصامه بأن يكون لأي منهما طلبات قبل الآخر أمام محكمة الموضوع ونازع أي منهما الآخر في طلباته وإذ كان المطعون عليه الثاني قد اختصم في الدعوى دون أن توجه إليه أو منه طلبات ولم يحكم له أو عليه بشيء فإن اختصامه في الطعن يكون غير مقبول.
وحيث إن الطعن - بالنسبة للمطعون عليها الأولى - استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك يقول إن المطعون عليها الأولى قد وقعت على عقد البيع المؤرخ 3/ 11/ 1978 الصادر له من زوجها بصفتها ضمانة مع زوجها البائع له في تنفيذ هذا العقد عن ذات الأطيان موضوع التداعي بما يجعلها في مركز البائع وعليها ذات التزاماته والتي منها نقل ملكية المبيع وتسليمه للمشتري فيمتنع عليها التعرض له في هذه الأطيان أو طلب تثبيت ملكيتها لها غير أن الحكم المطعون فيه خالف هذا النظر وقضى بثبوت ملكيتها لأطيان النزاع على قالة إن ذلك لا ينال من صحة ملكيتها لها ما دام لم يثبت أنها كانت مالكة لها وقت البيع ولم توقع على العقد بصفتها بائعة وهو ما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله - ذلك أن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن من أهم التزامات البائع ضمان انتقال ملكية المبيع إلى المشتري فلا يجوز له - كأصل عام - طلب تثبيت ملكيته إلى العقار المبيع قبل مشتريه لمجرد أن هذا الأخير لم يسجل عقد شرائه وأن الكفيل المتضامن يعتبر في حكم المدين المتضامن من حيث جواز مطالبة الدائن له منفرداً دون التزام بالرجوع أولاً على المدين أو حتى مجرد اختصامه في دعواه بمطالبة الكفيل ومن ثم فإنه متى كان محل البيع عيناً حُقَّ للدائن أن يضع يده عليها ما دامت مملوكة للمدين البائع وقت البيع أو آلت ملكيتها إليه أو إلى ضامنه بعده طالما أنه لم يكن لأحد غيرهما أي حق عيني عليها فإذا ضمن الكفيل للمشتري نقل ملكية العين التي اشتراها ثم تملك الضامن هذه العين بعقد صادر له من بائعها فإنه يكون للمشتري بمقتضى هذا الضمان أن يطالب الضامن بهذه العين بعد أن آلت إليه ملكيتها لأنه متى صحت الكفالة لا تبرأ ذمة الكفيل المتضامن من التزامه نحو الدائن إلا بانقضاء هذا الالتزام بإحدى وسائل الانقضاء التي حددها القانون ومن ثم لا يقبل من الكفيل أن يواجه الدائن بما ينطوي على إنكار حقه في اقتضاء الوفاء منه بحجة أنه أصبح شخصياً المالك للشيء محل الالتزام دون المدين الأصلي سواء كان هذا الإنكار صريحاً في صورة دفع لدعوى الدائن التي يطالبه فيها بالوفاء أو ضمناً في صورة دعوى برفعها هذا الكفيل ضد الدائن بثبوت ملكيته لهذا الشيء بما يعني معارضة حق الدائن، إذ أن من التزم بالضمان امتنع عليه التعرض ومن يضمن نقل الملكية لغيره لا يجوز له أن يدعيها لنفسه - لما كان ما تقدم وكان الواقع الثابت في الدعوى أن المطعون عليها الأولى قد كفلت زوجها البائع كفالة تضامنية في تصرفه بالبيع الصادر منه لصالح الطاعن بموجب العقد المؤرخ 3/ 11/ 1978 عن ذات أطيان التداعي والتي تسلمها الطاعن ووضع يده عليها من تاريخ البيع ولما كان من أهم التزامات البائع وكفيله المتضامن معه أن ينقل ملكية المبيع للمشتري - وعلى ما سلف بيانه - عملاً بالمادة 418 من القانون المدني فمن ثم تكون المطعون عليها مسئولة عن الوفاء للطاعن بهذا الالتزام وليس لها أن تعارض حق هذا الأخير بتعرضها له في أطيان التداعي وطلب ثبوت ملكيتها لها بمقولة أنها لم تعد مملوكة لبائعها المدين الأصلي لأنها مثل هذا البائع تلتزم بضمان عدم التعرض المتولد عن عقد البيع وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وأيد الحكم الابتدائي فيما قضى به من ثبوت ملكية المطعون عليها الأولى لأطيان النزاع بالعقد المسجل الصادر لها على ما ذهب إليه من أنها لم توقع على العقد الصادر من زوجها إلى الطاعن بصفتها بائعة فإنه يكون قد أخطأ في القانون بما يوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.