مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة أحكام المحكمة الإدارية العليا
السنة الرابعة والثلاثون - الجزء الأول (من أول أكتوبر سنة 1988 إلى آخر فبراير سنة 1989) - صـ 364

(55)
جلسة 27 من ديسمبر سنة 1988

برئاسة السيد الأستاذ المستشار عبد الفتاح محمد إبراهيم صقر نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة رأفت محمد السيد يوسف وفاروق علي عبد القادر والدكتور محمد عبد السلام مخلص وكمال ذكي عبد الرحمن اللمعي المستشارين.

الطعن رقم 3455 لسنة 32 القضائية

( أ ) - اختصاص - ما يدخل في اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري - (دستور) (مجلس قيادة الثورة) لا مجال لأعمال أحكام المادة (191) من دستور 1956 التي نصت على أن جميع القرارات التي صدرت من مجلس قيادة الثورة لا يجوز الطعن فيها أو المطالبة بإلغائها أو التعويض عنها بأي وجه من الوجوه أمام أية هيئة كانت - متى ثبت أن القرار المطعون عليه ليس من القرارات التي عناها الدستور وأن جميع الأدلة تؤكد عدم وجوده - صدور قرار وزير الداخلية برفع اسم المدعي من عداد موظفي الوزارة استناداً لقرار معدوم يكون ركن الخطأ في مسئولية الإدارة عن الأضرار التي لحقت المدعي منه - تطبيق.
(ب) هيئة الشرطة - ضابط شرطة - معاش - فصل بغير الطريق التأديبي - (تعويض) لا وجه للقول بأن تسوية معاشات المفصولين بغير الطريق التأديبي في الفترة السابقة على القانون رقم 31 لسنة 1963 يعتبر تعويضاً عن قرارات فصلهم غير المشروعة يتيح المطالبة بتعويض آخر قياساً على حكم القانون رقم 38 لسنة 1974 بشأن إعادة ضباط الشرطة المفصولين بغير الطريق التأديبي - أساس ذلك: عدم وجود نص مماثل في قانون التأمين الاجتماعي يجيز مثل هذا القياس - تطبيق.


إجراءات الطعن

بتاريخ 24/ 8/ 1986 أودع الأستاذ.... نائباً عن الأستاذ.... قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا ووكيلاً عن السيد/ ..... تقرير طعن قيد برقم 3455 لسنة 32 ق ضد/ وزير الداخلية، رئيس الجمهورية بصفتهما في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بجلسة 26/ 6/ 1986. في الدعوى رقم 1269 لسنة 38 ق المقامة من الطاعن والذي قضي أولاً - برفض الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها، وبقبولها شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه برفع اسم المدعي من عداد العاملين بوزارة الداخلية وما يترتب من آثار ورفض ما عدا ذلك من طلبات. وطلب الطاعن في ختام تقرير الطعن وللأسباب الواردة به الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وإلزام المطعون ضدهما بأن يؤديا إليه متضامنين مبلغ مائة ألف جنيه تعويضاً عما لحقه من الأضرار المادية والأدبية مع إلزامهما المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين وأعلن الطعن إلى المطعون ضدهما.
وبتاريخ 24/ 8/ 1986 أودعت هيئة قضايا الدولة نائبة عن وزير الداخلية ورئيس الجمهورية بصفتهما قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها برقم 4467 لسنة 32 ق ضد.... عن الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بجلسة 26/ 6/ 1986 في الدعوى رقم 1269 لسنة 38 ق المقامة من المطعون ضده والذي قضى أولاً برفض الدفع بعدم اختصاص محاكم مجلس الدولة ولائياً بنظر الدعوى وباختصاصها، ثانيا رفض الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها وبقبولها شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه برفع اسم المدعي من عداد العاملين بوزارة الداخلية وما يترتب على ذلك من أثار، وبرفض ما عدا ذلك من طلبات وألزمت الطرفين المصروفات مناصفة.
وطلب الطاعنين في ختام تقرير الطعن وللأسباب الواردة به الحكم أولاً: بوقف نفاذ الحكم المطعون فيه. ثانياً بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء برفض الدعوى مع إلزام المطعون ضده المصروفات والأتعاب عن الدرجتين.
وأعلن الطعنان، كل إلى المطعون ضده برأيها. وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً برأيها في الأول. وانتهت فيه إلى إلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضي من رفض طلب التعويض والحكم للطاعن بالتعويض الذي تقدره المحكمة.
كما قدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني انتهت فيه إلى قبول الدعوى شكلاً وبرفضها موضوعاً وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وعرض الطعنان على دائرة فحص الطعون، فقررت إحالتهما إلى المحكمة الإدارية العليا الدائرة الثالثة. لنظره وهذه المحكمة نظرته على النحو الثابت بمحاضر جلساتها حيث سمعت المحكمة ما رأت لزوماً لسماعه من إيضاحات ذوي الشأن وقررت بجلسة 18/ 10/ 1988 ضمهما للارتباط ليصدر فيها حكم واحد وأرجأت إصدار الحكم إلى جلسة اليوم وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن كلا الطعنين قد استوفي أوضاعهما الشكلية فمن ثم يتعين قبولهما.
ومن حيث إن وقائع المنازعة تخلص على ما يبين من الأوراق في أنه بتاريخ 2/ 7/ 1979 أقام السيد/ ... الدعوى رقم 151 لسنة 26 ق أمام المحكمة الإدارية للرئاسة الجمهورية والداخلية طالباً الحكم بقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع بانعدام قرار وزير الداخلية رقم 9 لسنة 1954 الصادر برفع اسمه من عداد العاملين بوزارة الداخلية وهو القرار المستند إلى القرار المزعوم صدوره من مجلس قيادة الثورة بتاريخ 12/ 1/ 1954 وجميع الآثار المترتبة عليه وإعادته إلى عمله متدرجاً في رتبته مع زملائه القائمين بالخدمة وصرف راتبه كاملاً عن مدة الفصل الباطل والحكم له بمبلغ مائة ألف جنيه تعويضاً عن كل ما لحقه من الأضرار المادية والأدبية مع إلزام المدعي عليهما المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وقال شرحاً لدعواه أنه كان برتبة نقيب بوزارة الداخلية حين صدر قرار وزير الداخلية رقم 9 لسنة 1954 برفع اسمه مع ستة عشر آخرين من عداد العاملين بالوزارة مستنداً إلى قرار مجلس قيادة الثورة الصادر في 12/ 1/ 1954 وقد نفذ فور صدوره حتى تاريخ إقامته تلك الدعوى، ولم يتضمن القرار سبباً لصدوره إلا أنه كان معلوما أن صدور ذلك القرار كان بسبب الانتماء لجماعة الأخوان المسلمين وأضاف أنه صدر بجلسة 6/ 6/ 1979 قضت محكمة القضاء الإداري الدائرة الاستئنافية في الطعن رقم 42 لسنة 9 ق س بإلغاء قرار وزير الداخلية رقم 9 لسنة 1954 لصالح... وهو أحد زملائه الذين شملهم نفس القرار. وبجلسة 13/ 12/ 1983 قضت تلك المحكمة بعدم اختصاصها بنظر الدعوى. وإحالتها بحالتها إلى محكمة القضاء الإداري للاختصاص وأبقت الفصل في المصروفات حيث قيدت بجدولها برقم 1269 لسنة 38 ق. وبجلسة 26/ 6/ 1986 قضت المحكمة فيه، أولاً: رفض الدفع بعدم اختصاص محاكم مجلس الدولة ولائياً بنظر الدعوى وباختصاصها. ثانياً: برفض الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها وبقبولها شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه برفع اسم المدعي من عداد العاملين بوزارة الداخلية وما يترتب على ذلك من آثار ورفض ما عدا ذلك من طلبات.
وأقامت المحكمة حكمها على ما ثبت من الأوراق من أن قرار مجلس قيادة الثورة الذي استند إليه قرار وزير الداخلية في رفع اسم المدعي من الخدمة، لا وجود له في الحقيقة والواقع، وذلك لأن الصورة الفوتوغرافية لهذا القرار والمقدمة في الدعوى تحمل أسماء أعضاء مجلس قيادة الثورة دون توقيعاتهم، وغير ممهورة بخاتم مجلس قيادة الثورة وقد أقرت وزارة الداخلية صراحة بأنها طلبت أصل قرار مجلس قيادة الثورة المشار إليه من كل من رئاسة الجمهورية ومجلس الوزراء، وقيادة الثورة وقد ورد الرد من هذه الجهات الثلاث بعدم الاستدلال على أصل القرار المذكور ولم تستدل وزارة الداخلية على الكتاب الذي أرسلت بمقتضاه هذه الصورة إليها. ومن ثم فإن هذا القرار لا يتقيد الطعن عليه بمواعيد وإجراءات الطعن بالإلغاء لأنه صدر منعدماً. وبالنسبة لطلب التعويض فقد قررت المحكمة أن المستفاد من أحكام القانون رقم 38 لسنة 1974 والقانون رقم 79 لسنة 1975 وما تضمنه من تسوية حالة العاملين المفصولين بغير الطريق التأديبي يعتبر تعويضاً قانونياً مانعاً من المطالبة بأي تعويض آخر خاصة وأن تسوية المعاشات المذكورين وإفادتهم بأحكام القانون المشار إليه يتم بناء على طلب منهم.
ومن حيث إن مبني الطعن رقم 3455 لسنة 32 ق المقدم من السيد/ .... يقوم على أن الحكم المطعون فيه خالف القانون، إذ أن القانون الذي أشارت إليه المحكمة يتعلق بتسوية المعاشات وهو أمر يختلف عن التعويض، إلا أن المحكمة لم تشر إلى الأحكام التي صدرت لصالح زملائه والتي قضت بتعويضهم عن القرار محل الطعن وهو حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 1210 لسنة 27 ق جلسة 20/ 10/ 1987، حكم المحكمة الإدارية للرئاسة والداخلية رقم 153 لسنة 30 ق. جلسة 12/ 2/ 1984 ومن ثم يكون ما قضت به من رفض ذلك التعويض على غير أساس كما أن مبني الطعنين رقم 3467 لسنة 32 ق المقام من هيئة قضايا الدولة يقوم على أن الحكم المطعون فيه قد أخطأ في تطبيق القانون وتأويله فيما قضي به من رفض موضوعها ودفاعهما وبإلغاء القرار المطعون فيه وذلك أن عدم الاستدلال على أصل قرار مجلس قيادة الثورة بعد مضي قرابة 22 عاماً من تاريخ صدوره لا يحول دون الأخذ بصورة طبق الأصل المودعة ملفات وزارة الداخلية لأن هذه الصورة تقوم مقام الأصل عند فقده أو هلاكه أو عند ثبوت المانع من تقديمها طالما أن المدعي لم يقدم مقام دليلاً يدحضها. ومن ثم فإن الأضرار على هذا النحو تعني بالقطع أن هناك قرار من مجلس قيادة الثورة في هذا الشأن وأن قرار إنهاء خدمة الطاعن قام بناء على قرار حقيقي صادر من مجلس قيادة الثورة استند عليه على وجه اليقين القرار التنفيذي المطعون عليه مما يجعله في مرتبة القرارات السلبية. هذا إلى أن هذه القرارات قد تحصنت دستورياً إعمالاً لنص المادة (191) من دستور 1956 وهو ما لم يتناوله الحكم في أسبابه ملتفتاً عن الخوض في غمار مناقشته وذلك في محل عدم اختصاص مجلس الدولة ولائياً بنظر الدعوى.
كما أنه يتعين وقف تنفيذ الحكم لأنه محقق الإلغاء.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أنه في 17 يناير سنة 1954 أصدر وزير الداخلية القرار رقم 9 لسنة 1954 برفع اسم السيد/ .... من عداد موظفي الوزارة اعتبارا من 12 من يناير سنة 1954. وأشار في ديباجة هذا القرار إلى صدوره بعد الاطلاع على القرار الصادر من مجلس قيادة الثورة بتاريخ 12 من يناير سنة 1954. ويبين من الاطلاع على الصورة الفوتوغرافية لقرار مجلس قيادة الثورة المقول بصدوره بتاريخ 12 من يناير سنة 1954 أنه قد ذيل بأسماء بعض أعضاء مجلس قيادة الثورة دون أن يحمل توقيعاتهم كما أن هذا القرار لا يحمل رقما لصدوره، وأن الخاتم الوارد على صدر هذا القرار هو خاتم وزارة الداخلية لا مجلي قيادة الثورة يضاف إلى ذلك كما قررت تلك الوزارة أن مدير الإدارة العامة لشئون سبق أنها طلب أصل قرار مجلس قيادة الثورة المذكورة من رئاستي الجمهورية ومجلس الوزراء ومجلس قيادة الثورة، إلا أن هذه الجهات قد أخطرته بما يفيد عدم الاستدلال على أصل هذا القرار كما أنه يبين من الاطلاع على صورة القرار المذكور أن ذكر به أنه صدر من قائد ثورة الجيش بدون أن يحمل تاريخ إصداره وأنه صدر بعد الاطلاع على المادة الثامنة من الإعلان الدستوري الصادر في 10 من فبراير سنة 1953 من القائد العام للقوات المسلحة وقائد ثورة الجيش وعلي موافقة مجلس قيادة الثورة بجلسته المنعقدة في 12 من يناير سنة 1954 ومؤدي ما تقدم أنه لم يقم أي دليل يؤيد صدور قرار مجلس قيادة الثورة المذكورة، بل أن جميع الأدلة تؤكد عدم وجوده في الحقيقة والواقع، وعلي ذلك فلا مجال لأعمال أحكام المادة (191) من دستور (1956) التي تنص على أن جميع القرارات التي صدرت من مجلس قيادة الثورة لا يجوز الطعن فيها أو المطالبة بإلغائها أو التعويض عنها بأي وجه من الوجوه أو أمام أية هيئة كانت. وذلك لأنه لم يثبت أن مجلس قيادة الثورة قد أصدر القرار المنوه بصدوره في 12 من يناير سنة 1954 في شأن السيد/ ... ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه قد أصاب الحق فيما قضي به من الدفع بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى لأن القرار المطعون فيه لا يعدو قراراً إدارياً من وزير الداخلية بفصل موظف، وهو مما يختص القضاء الإداري بالنظر في طلب إلغائه وبالتعويض عنه.
ومن حيث إن قرار وزير الداخلية رقم 9 سنة 1954 برفع اسم المدعي من عداد موظفي الداخلية، وقد استند إلى قرار مجلس قيادة الثورة الذي ثبت عدم وجوده في الحقيقة والواقع، لذلك يكون قرار وزير الداخلية المذكور معدوم الأثر قانوناً نظراً لأن المادة 41من القانون رقم 14 سنة 1944 بنظام هيئة البوليس واختصاصها والذي كان سارياً وقت صدور قرار وزير الداخلية المشار إليه تقضي بأنه فيما عدا الأحكام المنصوص عليها في هذا القانون تسري على هيئة البوليس القواعد المقررة للموظفين والمستخدمين المدنيين. وقد كانت الفترة السادسة من المادة 107 من القانون رقم 210 سنة 1951 بنظام موظفي الدولة الذي كان سارياً وقتئذ تنص على أن يكون الفصل بغير الطريق التأديبي أمر يخرج عن اختصاص وزير الداخلية. ومن ثم يكون القرار الصادر منه في هذا الصدد قد أغتصب سلطة ليست له، وعلي ذلك يكون منعدماً ولا يترتب عليه أثر ولا تلحقه أية حصانة ولا يزيل عيبه فوات ميعاد الطعن فيه بالإلغاء ولذلك يكون ما قضي به الحكم المطعون فيه حل إلغائه وما يترتب على ذلك من آثار، في محله ولا وجه للطعن عليه في شيء.
ومن حيث إنه عن طلب المدعي الحكم له بتعويض عن الأضرار التي أصابته من ذلك القرار فإنه لما كانت مسئولية الإدارة عن القرارات الإدارية منوطه بأن يكون القرار معيباً. وأن يترتب عليه ضرر، وأن تقوم علاقة سببية بين خطأ الإدارة وبين الضرر الذي أصاب الفرد، ولما كان الثابت أن قرار وزير الداخلية رقم 9 سنة 1954 برفع اسم المدعي من عداد موظفي وزارة الداخلية قد صدر منعدماً على التفصيل السابق بيانه، لذلك يكون قد تحقق ركن الخطأ الموجب لمسئولية الإدارة عن قرارها بعد إذ تبين عدم مشروعيته وقد ترتب على هذا القرار أنه أنهي خدمة المدعي وحرم من مرتبه ومميزات وظيفته كضابط شرطة طوال المدة التالية لإنهاء خدمته حتى تاريخ صدور الحكم المطعون فيه، كما أصيب بأضرار أدبية نتيجة لصدور هذا القرار المعدوم وأن علاقة السببية قائمة بين خطأ الإدارة المذكورة والأضرار التي لحقت بالمدعي نتيجة لهذا الخطأ وبالتالي يحق للمدعي طلب التعويض الذي يجبر هذا الضرر وهذا ما سبق أن قضت المحكمة الإدارية العليا بمثله في حكمهما بجلسة 16/ 4/ 1983 في الطعن رقم 210 لسنة 25 ق ورقم 1956 لسنة 27 ق ولا وجه لما قال به الحكم المطعون فيه تسبيباً لرفضه طلب المدعي التعويض من أن تسوية المعاشات المفصولين بغير الطريق التأديبي في الفترة السابقة على تاريخ العمل بالقانون رقم 31 ق لسنة 1963، طبقاً لأحكام المادة 176 من القانون رقم 79 لسنة 1975 بشأن التأمين الاجتماعي المعدلة بالقانون رقم 25 لسنة 1977 يعتبر تعويضاً عن قرارات فصلهم غير المشروعة يمنع من المطالبة بتعويض آخر، قياساً على حكم القانون رقم 38 لسنة 1974 بشأن إعادة ضباط الشرطة الذين فصلوا بغير الطريق التأديبي بعد العمل بالقانون رقم 131 لسنة 1963 حتى 15 مايو 1971، إذ لا وجه للقياس، حيث لم تتضمن المادة 176 من قانون التأمين الاجتماعي نصاً مماثلاً لنص المادة 9 من القانون رقم 38 لسنة 1974 المشار إليه الذي اعتبرته المحكمة أصلاً يقاس عليه، ثم أن المادة 176 من القانون رقم 79 المعدل بالقانون رقم 25 لسنة 1977 يتناول تسوية المعاش فحسب لمن يطلب الإفادة منها ولا يتعرض للتعويض عن قرار الفصل وتسوية المعاش عند طلبه طبقاً لها أمر يختلف عن التعويض ولكل منهما بحسب الأصل القواعد القانونية التي تحكمه ولا نص يمنع من الجمع بينهما عند تحقيق موجبه وتسوية المعاش طبقاً لها وتناول وضع العامل عند بلوغه سن التقاعد أو السن التي تقضي قوانين توظفه بإحالته إلى المعاش عند بلوغها، ولا تتعلق تبعاً بحالة قبلهما وفقاً لحكم يصدر بإلغائه قرار الفصل غير المشروع.
ومن حيث إن المحكمة ترى وهي في سبيل تقدير مبلغ التعويض المناسب لجبر الأضرار التي لحقت بالمدعي تقدر أن خدمته بوزارة الداخلية قد انتهت وهو في مقتبل عمره الذي يؤهله لاكتساب رزقه بسهولة ويسر، وأن في إلغاء قرار إنهاء خدمته جبراً لبعض الأضرار التي أصابته منه ومن طول أمد التقاضي وبمراعاة قيمة النقود وبذلك فإن المحكمة تري أن التعويض الشامل المناسب لجبر الأضرار التي أصابت المدعي نتيجة عدم مشروعية قرار إنهاء خدمته هو مبلغ ستة آلاف جنيه.
ومن حيث إنه لما كان ما تقدم فإنه يتعين تأييد الحكم المطعون فيه فيما قضي به في إلغاء القرار المطعون فيه وإلغاؤه فيما قضي به من رفض طلب المدعي الحكم له بتعويض عن قرار إنهاء خدمته وإلزام وزارة الداخلية بأن تؤدي للمدعي تعويضاً قدره ستة آلاف جنيه مع إلزامهما بمصروفات الطعنين.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة أولاً: بقبول الطعن رقم 3467 لسنة 32 ق شكلاً وبرفضه موضوعاً وإلزام الجهة الإدارية المصروفات. ثانياً: بقبول الطعن رقم 3455 لسنة 32 ق شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضي به من رفض طلب المدعي للتعويض عن قرار إنهاء خدمة بوزارة الداخلية وإلزام وزارة الداخلية بأن تؤدي له تعويضاً قدرة 6000 جنيه (فقط ستة آلاف جنيه) مع إلزام الجهة الإدارية المصروفات.