أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الأول - السنة 43 - صـ 718

جلسة 24 من مايو سنة 1992

برئاسة السيد المستشار/ جرجس اسحق نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد فتحي الجمهودي، عبد الحميد الشافعي، إبراهيم الطويلة نواب رئيس المحكمة ومحمد عبد المنعم إبراهيم.

(149)
الطعن رقم 1012 لسنة 54 القضائية

(1) عقد "تكييف العقد". محكمة الموضوع. نقض.
التعرف على قصد المتعاقدين. متروك لمحكمة الموضوع. تكييف هذا العقد. مسألة قانونية تخضع لرقابة محكمة النقض.
(2) تقادم "التقادم المسقط". وكالة "مسئولية الموكل عن المبالغ التي حصلها".
عدم سريان تقادم المادة 375 مدني على المبالغ التي يؤديها الوكيل لحساب موكله وامتناع الأخير عن أدائها له. تقادمها بخمس عشرة سنة. لا يسري هذا التقادم ما دامت الوكالة قائمة.
1- المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه ولئن كان التعرف على ما عناه المتعاقدان من المحرر موضوع الدعوى هو مما يدخل في سلطة محكمة الموضوع إلا أنه متى استخلصت المحكمة ذلك فإن التكييف القانوني لما قصداه وإنزال حكم القانون على العقد هو مسألة قانونية تخضع لرقابة محكمة النقض.
2- مفاد نص المادة 375 من القانون المدني أن التقادم الخمسي لا يسري إلا بالنسبة للحقوق الدورية المتجددة، ومن ثم فلا يسري على المبالغ التي يؤديها الوكيل لحساب الموكل - تنفيذاً لعقد الوكالة - ويمتنع الأخير عن أدائها له، وإنما يتقادم حق الوكيل في مطالبة الموكل بهذه المبالغ بخمس عشرة سنة، ولا يسري التقادم بالنسبة لهذا الحق ما دامت الوكالة قائمة.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الشركة الطاعنة تقدمت إلى السيد رئيس محكمة جنوب القاهرة بطلب إصدار أمر بإلزام المطعون عليها بأن تؤدي لها مبلغ 800 جنيه و884 مليم، وقالت بياناً لذلك إنها باعت لها إحدى وحدات العقار المملوكة لها بعقد مؤرخ 1/ 1/ 1969 واتفقا بموجبه على التزام المشترية بسداد حصتها في المصروفات الإدارية إلى البائعة على أقساط شهرية على أن يسوى الحساب بينهم في نهاية كل عام من واقع المصروفات الفعلية، إلا أنها تقاعست على الوفاء بهذا الالتزام فقدمت طلبها. امتنع السيد رئيس المحكمة عن إصدار الأمر وحدد جلسة لنظر الدعوى حيث قيدت برقم 1851 سنة 1981 جنوب القاهرة الابتدائية، وبتاريخ 21/ 6/ 1981 حكمت المحكمة بقبول الدفع بالتقادم الخمسي للمبالغ المستحق سدادها قبل 5/ 2/ 1976 وبندب خبير في الدعوى، وبعد أن قدم تقريره حكمت بتاريخ 21/ 11/ 1982 بإلزام المطعون عليها بدفع مبلغ 292 جنيه و845 مليم للطاعنة عن المدة من 5/ 2/ 1976 حتى 30/ 6/ 1981. استأنفت الطاعنة هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 7092 سنة 96 ق، وبتاريخ 15/ 2/ 1984 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن. عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما تنعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون إذ قضى بتأييد الحكم الابتدائي فيما تضمنه من قبول الدفع بسقوط حقها في المطالبة عن المدة السابقة على 5/ 2/ 1976 على سند من أن الدين المطالب به حق دوري متجدد يسقط بالتقادم الخماسي المنصوص عليه في المادة 375 من القانون المدني في حين أنها أوفت به إلى مستحقيه نيابة عن المطعون عليها طبقاً لاتفاقهما بعقد البيع المؤرخ 1/ 1/ 1969 مما يخضع سقوط حقها في المطالبة بأدائه للتقادم العادي، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن النعي سديد، ذلك أن المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه ولئن كان التعرف على ما عناه المتعاقدان من المحرر موضوع الدعوى هو مما يدخل في سلطة محكمة الموضوع إلا أنه متى استخلصت المحكمة ذلك فإن التكييف القانوني لما قصداه وإنزال حكم القانون على العقد هو مسألة قانونية تخضع لرقابة محكمة النقض، وكان مفاد نص المادة 375 من القانون المدني أن التقادم الخمسي لا يسري إلا بالنسبة للحقوق الدورية المتجددة، ومن ثم فلا يسري على المبالغ التي يؤديها الوكيل لحساب الموكل - تنفيذاً لعقد الوكالة - ويمتنع الأخير عن أدائها له، وإنما يتقادم حق الوكيل في مطالبة الموكل بهذه المبالغ بخمس عشرة سنة، ولا يسري التقادم بالنسبة لهذا الحق ما دامت الوكالة قائمة، لما كان ذلك وكان الواقع في الدعوى أن الطاعنة باعت إحدى وحدات العقار المملوك لها إلى المطعون عليها واتفقا في العقد على التزام الأخيرة بسداد نصيبها في مصروفاته إلى البائعة موزعاً على أقساط شهرية على أن يتم تسوية الحساب بينهما في نهاية العام من واقع المصروفات الفعلية، مما مؤداه - وعلى ما أفصحت عنه إرادة المتعاقدين ومقصودهما - إنابة المشترية للطاعنة في الوفاء بنصيبها في المصروفات التي تستلزمها إدارة العقار باعتبارهما مالكين على الشيوع كل بقدر نصيبها فيها على أن توفيه لها موزعاً على أقساط شهرية حتى يتم تسوية الحساب بينهما من واقع المصروفات الفعلية التي أدتها الطاعنة، وكان الحكم المطعون فيه لم يلتزم هذا التكييف الصحيح للعلاقة بين المتخاصمين، ولم يعتد بإنابة المطعون عليها للطاعنة في الوفاء بنصيبها في هذه المصروفات للطاعنة بمثابة حق دوري متجدد يسري عليه التقادم الخمسي المنصوص عليه في المادة 375 من القانون المدني فإنه يكون معيباً بالخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه في هذا الخصوص.