مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة أحكام المحكمة الإدارية العليا
السنة الرابعة والثلاثون - الجزء الأول (من أول أكتوبر سنة 1988 إلى آخر فبراير سنة 1989) - صـ 374

(57)
جلسة 27 من ديسمبر سنة 1988

برئاسة السيد الأستاذ المستشار عبد الفتاح محمد إبراهيم صقر نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة حنا ناشد مينا حنا وفاروق علي عبد القادر والدكتور محمد عبد السلام مخلص وكمال زكي عبد الرحمن اللمعي المستشارين.

الطعن رقم 3976 لسنة 33 القضائية

هيئات عامة - الهيئة العامة للبترول - العاملون بها - تأديب.
إذا كان المشرع قد رخص لمجلس إدارة الهيئة العامة للبترول بوضع اللوائح والأنظمة المتعلقة بنظم العاملين بالهيئة وأجورهم والمكافآت والمزايا دون التقيد بالنظم والقواعد المنصوص عليها في قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة أو القطاع العام فليس معنى ذلك استثناء شركات القطاع العام التابعة لها من أحكام قانون العاملين بالقطاع العام فيما يتعلق بنظم التحقيق والتأديب بوجه خاص - مؤدي ذلك: بطلان اللوائح التي تصدر بالمخالفة لذلك - تطبيق.


إجراءات الطعن

بتاريخ 24/ 8/ 1987 - أودع الأستاذ.... بصفته وكيلاً عن رئيس مجلس إدارة شركة مصر للبترول بصفته قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد برقم 3976 لسنة 33 ق. عليا في الحكم الصادر من المحكمة التأديبية بالإسكندرية في الدعوى التأديبية رقم 112 لسنة 29 ق بجلسة 27/ 6/ 1987 والذي قضى ضد المطعون ضدهما الأول والثاني بمجازاتهما بالخفض إلى وظيفة من الدرجة الأدنى مباشرة.
وطلب الطاعن وللأسباب الواردة به الحكم بقبول الطعن شكلاً وبصفة مستعجلة وقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وإلغائه والقضاء مجدداً بجزاء الفصل الذي انتهت إليه الشركة الطاعنة في تحقيقاتها، مع إلزام المطعون ضدهما المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وعقبت هيئة مفوضي الدولة على الطعن بتقرير برأيها القانوني مسبباً ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً، وبرفض طلب وقف تنفيذ الحكم المطعون فيه، وفي الموضوع بتعديل الحكم المطعون فيه بحيث يتضمن مجازاة المطعون ضدهما الأول والثاني بأحد الجزاءات التأديبية الواردة بلائحة العاملين بالهيئة المصرية العامة للبترول.
وبعد اتخاذ الإجراءات القانونية، عرض الطعن على دائرة فحص الطعون التي قررت الدائرة إحالته إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثالثة) وهذه المحكمة نظرت الطعن على ما هو مبين بمحاضر جلساتها حيث سمعت ما رأت لزوماً له من إيضاحات وقررت بجلسة/ / 1988 إصدار الحكم بجلسة/ / 1988 وفيها قد تأجل النطق به إلى جلسة اليوم وبها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن استوفي أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل، على ما يبين من الأوراق، في أنه بتاريخ 24/ 12/ 1986 أودعت النيابة الإدارية قلم كتاب المحكمة التأديبية بالإسكندرية تقرير اتهام ضد (1)... السائق بشركة مصر للبترول درجة ثالثة (2)... التباع بالشركة المذكورة درجة ثالثة لأنهما في 3/ 10/ 1985 بشركة مصر للبترول بمحافظة الإسكندرية لم يؤديا العمل المنوط بهما بأمانه ولم يحافظا على أموال الجهة التي يعملان بها بأن اختلسا عدد خمسة براميل زيت من حمولة السيارة رقم 46055 التابعة للشركة التي يعملان بها والمسلمة إليهما بسبب وظيفتهما لتسليمهما إلى مستودع الفروزة على النحو الموضح بالأوراق.
وطلبت النيابة الإدارية محاكمتهما تأديبياً طبقاً لمواد الاتهام الواردة بتقرير الاتهام.
وبجلسة 27/ 6/ 1987 حكمت المحكمة التأديبية بمجازاة كل من المحالين بالخفض إلى وظيفة من الدرجة الأدنى مباشرة، وأقامت قضاءها على أن الثابت من الأوراق ومن الاطلاع على إذن التسليم رقم 44533 الصادر من المستودع وبإقرار الحمالين أنه سلمت للحمال الأول عدد 20 برميلاً ملئيه بالزيت لتوصيلها بالسيارة رقم 46055 قيادته إلى مستودع الفروزة ووقع على الأذن المذكور بما يفيد ذلك وكان الحمال الثاني يعمل تباعاً على السيارة ومرافقاً للحمال الأول في توصيله حمولة السيارة، وقد ثبت وجود خمسة براميل فارغة عند تسليمها لمستودع الفروزة ولم يبرر المحالان حدوث ذلك ومن ثم فإنهما يكونان قد أهملا في واجبات وظيفتهما وذلك بعدم المحافظة على الأصناف التي سلمت إليهما بسبب تلك الوظيفة الأمر الذي يشكل في حقهما ذنباً تأديبياً يستوجب مجازاتهما عنه دون أن ينال من ذلك إنكارهما اختلاس محتويات البراميل محل التحقيق حيث لم يستطيعا تبرير وجود هذه البراميل فارغة بالرغم من تسليمهما لهم مملوءة بالزيت كما لا ينال من ذلك أيضاً قيام الشركة بخصم قيمة الزيت المفقود من أجر المحال الأول إذ أن ذلك لا يعفيه والمحال الثاني من المسئولية ولا يدرأ عنهما العقاب الواجب إنزاله عليهما وباعتبار أن ما أتياه ينطوي على عدم الأمانة مما كان يستوجب فصلهما لفقدهما صلاحية تقلد الوظيفة، إلا أنه وصلا لعيشهما ومراعاة لأسرتيهما تكتفي المحكمة بخفض وظيفتهما إلى وظيفة من الدرجة الأدنى مباشرة.
ومن حيث إن حاصل أسباب الطعن أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ في تطبيقه من وجهتين الأول: أن الجريمة التي انتهي الحكم إلى ثبوتها في حق المطعون ضدهما، جزاؤها الفصل من الخدمة طبقاً للائحة الجزاءات المعمول بها في شركة مصر للبترول، فكان على المحكمة أن تجازيهما بها، وحتى تتناسب مع ما ارتكباه، ولكنها نزلت بها إلى عقوبة أدني، هي تلك التي وردت في المادة 182 من قانون نظام العاملين بالقطاع العام، وهي الخفض إلى الوظيفة في الدرجة الأدنى، وهي غير منصوص عليها في لائحة جزاءات الشركة إلى العقوبة الأدنى، هي خفض الدرجة في حدود آخر علاوة سنوية استحقت، ودونها تأجيل الترقية عند استحقاقها مدة ستين، وهي ما يصح أن يجازى به عن المخالفة المسندة إليهما، وكان على المحكمة إذا قررت النزول إلى عقوبة دون الفصل، أن يترك الأمر للسلطة الرياسية، بل إنه ليس لها أصل أن تتصدى لأمر مدي ملائمة جزاء الفصل للمخالفة، واللائحة التي تضمنته وصدر بها قرار مجلس إدارة الشركة رقم 30 سنة 1977 جاءت مطابقة للائحة العاملين لقطاع البترول والتي أصدرتها الهيئة العامة للبترول اعتباراً من 1/ 5/ 1977 وهي على هذا تعتبر صادرة أيضاً بناء على قانون هو قانون رقم 20 سنة 1976 بشأن الهيئة العامة للبترول الذي رخصت به المادة 9 منه للهيئة بوضع لوائحهما، وصدر بتطبيقها على الشركة قرار من مجلس إدارتهما. الثاني: أن العقوبة التي قضي بها الحكم مما يستحيل تنفيذها، إذ أن المطعون ضده الأول يشغل وظيفة سائق بالمستوى الثاني وتوقيعها عليه ينزله إلى المستوى الثالث، مما يستطيع تغيير الوظيفة إلى عامل خدمات وهو ما لا يتمشي مع قانون العمل الذي لا يجيز تغيير الوظيفة تغييراً جوهرياً، كما أن المطعون ضده الثاني في المستوي الثالث "تباع" وهو أدني المستويات من حيث أنه لا خلاف في أن شركة مصر للبترول هي إحدى شركات القطاع العام، فيسري عليها تبعاً لأحكام قانون نظام العاملين بالقطاع العام رقم 48 سنة 1978 المعمول به في تاريخ الواقعة مثار الدعوى عملاً بنص المادة الأولى منه، كما كان يسري عليها أيضاً أحكام القانون رقم 61 سنة 1971 المعمول به قبله، ومنها ما تعلق بتحديد الأجور (الربط الإجمالي) لوظائفها وفق المادة 8 منه والجدول الملحق به رقم 1 ولمعادلة درجات الوظائف القائمة عند العمل به بدرجات وأجور الجدول الواردة فيه وفق الجدول 2 على ما نص عليه في المادة 104، ومنها أيضاً ما تعلق بالتحقيق والتأديب، مما ورد في المواد 80 إلى 95، ولمقتضاه يتحدد الجزاءات التي يجوز توقيعها على العاملين مما قضي عليه في المادة 82 بالنسبة لغير شاغلي الوظائف العليا ويلتزم مجلس إدارة الشركة طبقاً للمادة 83 بمراعاة ذلك في اللائحة التي خولته هذه المادة وضعها لتتضمن جميع أنواع المخالفات والجزاءات المقررة بها. وهو ما يقضي لزوماً اعتبار ما تضمنته اللوائح السابقة المعمول بها في هذا الخصوص ملغاة فيما يتعارض مع أحكام القانون في مضمونها أو مقتضاها.
ومن ثم يكون ما أوردته لائحة الجزاءات المعمول بها في شركة مصر للبترول قبل العمل به، في المادة 104 منها في جزاءات تسع، هي بذاتها ما ورد في المادة 83 في البنود من 1 إلى 7 و10/ و11 وإغفالها ما ورد في المادة 83 من القانون من جزاءات الخفض إلى وظيفة في الدرجة الأدنى مباشرة، والخفض إلى وظيفة في الدرجة الأدنى مع خفض الأجر لما لا يتجاوز القدر الذي كان عليه قبل الترقية - غير صحيح في خصوص خفض هاتين العقوبتين ومراعاة عدم تدرجهما، ويعتبر نص المادة 104 منه بجملته منسوخاً بمقتضى المادة 83 التي يتعين العمل لما أوردته في تحديد العقوبات وبيانها وتدرجها. وبه تلزم الشركة ذاتها ويتعين عليها مراعاة ذلك عند تقرير الجزاءات على جميع أنواع المخالفات في اللائحة الواجب عليها وضعها طبقاً لصريح نص هذه المادة - وليس فيما نص عليه القانون رقم 20 سنة 1976 من الترخيص لمجلس إدارة الهيئة العامة للبترول بوضع اللوائح والأنظمة المتعلقة بنظم العاملين بالهيئة وأجورهم والمكافآت والمزايا دون تقيد بالنظم والقواعد المنصوص عليها في قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة أو في قانون القطاع العام، ما يجيز أن تتضمن اللوائح التي يضعها استثناء شركات القطاع العام التابعة لها من الأحكام المقررة في قانون العاملين بالقطاع العام فيما يتعلق بنظم التحقيق والتأديب بوجه خاص، فنص المادة (9) يتعلق بالعاملين في الهيئة دون من عداهم، ولا يتضمن ما يجيز استثناء شركاتها من الأحكام المقررة في التحقيق والتأديب وباطل ما يصدر من لوائح من هذه الشركات بخلاف ذلك. ومن ثم فلا حجة فيما جاء بتقرير الطعن من أن تلك اللائحة التي يعمل بها في الشركة، تصح فيما تضمنته مما يخالف أحكام قانون العاملين بالقطاع العام في شأن التحقيق والتأديب باعتبار ذلك مبيناً على القانون رقم 2 لسنة 1976 المشار إليه فهو كما تقدم لا يتعلق بها، وهي لا تعتبر قائمة استناداً إليه فلائحة العاملين بالهيئة ما لا تمتد إليها، وما كانت تسري في خصوص العاملين بالشركة لولا صدور القرار بها من مجلس إدارتها سنة 1977 بمقتضى ما له من سلطة نص عليها في المادة 5 من قانون العاملين بالقطاع العام الذي يحكمها، وليس ثم من نص يقضي باستثنائها منه، وهي غير الهيئة العام للبترول، فهي شخص اعتباري قائم بذاته له أحكامه ومنها ما تعلق بالتحقيق والتأديب ما ورد في القانون رقم 48 سنة 1978 الذي يسري عليها.
ومن حيث إنه على مقتضي ما تقدم فإن ما آثاره تقرير الطعن من أن الجزاءات التي تسري على العاملين في شركة مصر للبترول هي تلك التي وردت في لائحتها وأنه لا يجوز للمحكمة أن تطبق في شأنهم العقوبات المنصوص عليها في المادة 82 من القانون رقم 48سنة 1978 إلا ما ورد منها في اللائحة غير صحيح وغنى عن البيان أن للمحكمة التأديبية أن تقضي بالجزاء المناسب منها وأن لها تقدير مبررات تخفيض الجزاء.
ومن حيث إنه لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد حصل واقعة المخالفة التي انتهى إلى ثبوتها في حق المطعون ضدهما، وأورد الأسباب التي تؤدي إلى ذلك، ورد على دفاعهما. بما يفقده الحجة ثم رأى للاعتبارات التي أوردها أن ينزل بالعقوبة التي توقع عليهما إلى عقوبة دونها، مراعاة لظروف حالهما وما يؤدي إليه فصلهما من قطع مورد رزق أسرتيهما اللتين يجب مراعاة حالتيهما، ولما بان له من الأوراق من أن الشركة أخذت في استقطاع قيمة ما لم يسلماه من شحنة الزيت التي كلفا بتوصيلها إلى مخازن الشركة من المرتب فإنه لذلك يقضي الأمر إقرار الحكم على ما اتجه إليه لتلك الاعتبارات، على أن يستبدل بالجزاء الذي قضي به الجزاء التالي لعقوبة الفصل في المادة (82) من قانون العاملين بالقطاع العام وهي الخفض إلى وظيفة في الدرجة الأدنى مباشرة مع خفض الأجر مما لا يتجاوز القدر الذي كان عليه قبل الترقية بالنسبة إلى المطعون ضده الأول وهو ما يجب تنفيذه حتى لو اقتضي تغيير وظيفته، ولا محل لقول بعدم جواز ذلك طبقاً لقانون العمل إذ حكمه في خصوص عدم تغيير طبيعة عمل العامل لا يتناول حالة لزوم ذلك طبقاً لحكم تأديبي وبالنسبة إلى الذي يحمل النصيب الأكبر من المخالفة التي أسندت إليهما بعقوبة الخصم من الأجر لمدة شهرين.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بتعديل الحكم المطعون فيه ومجازاة المطعون ضده الأول بخفض وظيفة في الدرجة الأدنى مباشرة مع خفض الأجر بما لا يتجاوز القدر الذي كان عليه قبل الترقية، ومجازاة المطعون ضده الثاني بخصم شهرين من أجره.