مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة أحكام المحكمة الإدارية العليا
السنة الرابعة والثلاثون - الجزء الأول (من أول أكتوبر سنة 1988 إلى آخر فبراير سنة 1989) - صـ 443

(67)
جلسة 14 من يناير سنة 1989

برئاسة السيد الأستاذ المستشار محمد أنور محفوظ رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة محمد المهدي مليحي ومحمد أمين المهدي وصلاح عبد الفتاح سلامة وفاروق عبد الرحيم غنيم المستشارين.

الطعن رقم 3176 لسنة 31 القضائية

( أ ) مباني - مخالفات المباني - الطبيعة القانونية للغرامة.
القانون رقم 30 لسنة 1983 بتعديل بعض أحكام القانون رقم 106 لسنة 1976 في شأن توجيه وتنظيم أعمال البناء - القانون رقم 54 لسنة 1984.
يترتب على الطلب المقدم من مرتكب مخالفة المباني إلى الوحدة المحلية خلال المهلة المحددة قانوناً وقف الإجراءات الإدارية والجنائية حتى تتم معاينة الأعمال موضوع المخالفة بمعرفة اللجنة المنصوص عليها في المادة (16) من القانون رقم 106 لسنة 1976 - لا يترتب على هذا الطلب العفو عن المخالفة أو انقضاء الدعوى الجنائية بشأنها أو تحويل الجزاء فيها إلى مجرد مبلغ نقدي لجهة الإدارة على غرار التصالح في قانون الضرائب حيث لا يقصد المشرع ترتيب هذا الأثر - الغرامة التي حددها المشرع هي عقوبة في جميع الأحوال سواء تمخض الوضع عن إزالة الأعمال المخالفة أو تصحيحها أو أبقائها - فرض الغرامة كعقوبة لا يدرأ عنها طبيعتها الجنائية ولا يجعلها مجرد تعويض مالي لا يغير من وصف الغرامة النص على أيلولة حصيلتها إلى حساب تمويل مشروعات الإسكان الاقتصادي بالمحافظة فهذا مجرد رصد لها في مصرف معين لا يغير من الطبيعة الجنائية للغرامة بوصفها إلزام المحكوم عليه بأن يدفع إلى خزينة الحكومة المبلغ المقدر... - تطبيق.
(ب) مباني - تقدير قيمة الأعمال المخالفة - طبيعة التقدير الصادر من جهة الإدارة لقيمة الأعمال المخالفة التقدير الصادر من جهة الإدارة سواء من تلقاء نفسها أو بناء على رأي اللجنة المنصوص عليها بالمادة (16) المشار إليها لا يعتبر قراراً إدارياً بالمعني الصحيح - أساساً ذلك: أن هذا التقدير لا ينتج في حد ذاته أثراً قانونياً سواء في المجال الإداري أو على الصعيد الجنائي - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الاثنين الموافق 22 من يوليه سنة 1985، أودع الأستاذ..... المحامي بصفته وكيلاً عن السيد/ ....، قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا، تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 3176 لسنة 31 القضائية، ضد السيد الأستاذ/ محافظ الجيزة بصفته في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (دائرة منازعات الأفراد والهيئات) بجلسة 23 من مايو سنة 1985 في الدعوى رقم 7413 لسنة 38 القضائية المقامة من الطاعن على المطعون ضده، والقاضي برفض طلب وقف تنفيذ القرار رقم 305 لسنة 1985 الصادر من المطعون ضده بتقرير قيمة الأعمال المخالفة بمبلغ 148169 جنيهاً و400 مليم مع إلزام الطاعن بالمصروفات. وطلب الطاعن للأسباب المبينة في تقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه مع إلزام المطعون ضده المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة..
وأعلن تقرير الطعن على النحو المبين بالأوراق. وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً مسبباً بالرأي القانوني في الطعن ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً وبإلزام الطاعن بالمصروفات.
وعينت جلسة 7 من ديسمبر سنة 1987 لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة، وجري تداوله بالجلسات على النحو الثابت بالمحاضر حتى قررت الدائرة بجلسة 7 من نوفمبر سنة 1988 أحالته إلى المحكمة الإدارية العليا (دائرة منازعات الأفراد والهيئات والتعويضات) وحددت لنظره جلسة 19من نوفمبر سنة 1988، وفيه قررت المحكمة التأجيل لجلسة 3 من ديسمبر سنة 1988 حيث استمعت إلى ما رأت لزومه من إيضاحات وقررت إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع المرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن استوفي أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تتحصل حسبما يبين من الأوراق في أنه بتاريخ 17 من سبتمبر سنة 1984 رفع الطاعن الدعوى رقم 7413 لسنة 38 القضائية أمام محكمة القضاء الإداري على المطعون ضده بصفته. وطلب الحكم أولاً: بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار رقم 305 لسنة 1984 الصادر من المطعون ضده بصفته في 17 من يوليه سنة 1984 فيما تضمنه من نسبة أعمال مخالفة في البناء المشيد بالعقار رقم 319 شارع الأهرام بالجيزة ومن تحديد قيمة هذه الأعمال بمبلغ 148169 جنيهاً و400 مليم، ثانياً: وفي الموضوع بإلغاء هذا القرار فيما تضمنه من تحديد قيمة الأعمال المخالفة بهذا المبلغ. ثالثاً: بإلزام الجهة الإدارية المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. واستند إلى أن المخالفات المزعومة سبق أن حررت بشأنها الجنحة رقم 1838 لسنة 1984 بولاق الدكرور وانتهت النيابة العامة إلى حفظ التحقيق برقم 4232 لسنة 1984 شكوى إدارية لعدم وجود مخالفات في البناء وهو ما ثبت من قبل في المحضر الإداري رقم 2145 لسنة 1983 بولاق الدكرور، كما أن الجهة الإدارية عدلت عن نسبة المخالفات إلى الطاعن بإلغائها القرار رقم 92 لسنة 1984 بمقتضي المادة الأولى من القرار رقم 305 لسنة 1984 مما لا يجوز معه أن تعود في ذات القرار إلى نسبة المخالفات إليه مقدره قيمتها بذلك المبلغ. وطلبت إدارة قضايا الحكومية نيابة عن المطعون ضد الحكم برفض الدعوى بشقيها العاجل والموضوعي مع إلزام الطاعن بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة، نظراً لأن الطاعن حصل على ترخيص للبناء حتى الدور السادس إلا أنه بني الدورين السابع والثامن بزيادة 6 أمتار و90 سنتيمتراً على قيود الارتفاع في شارع الأهرام الواقع به العقار كما أنه خالف الاشتراطات الخاصة بالمنطقة السياحية في المسافات الجانبية وعلي الشارع الرئيسي، وصدر القرار رقم 92 لسنة 1984 بإزالة المخالفات وقدرت اللجنة الفنية لمخالفات التنظيم قيمة الأعمال المخالفة بمبلغ 109866 جنيهاً و475 مليماً، وعندما قدم الطاعن طلباً لوقف الإجراءات طبقاً للمادة 3 من القانون رقم 30 لسنة 1983 عاودت اللجنة معاينة العقار وصدر القرار رقم 305 لسنة 1984 بإلغاء القرار رقم 92 لسنة 1984 وبتحديد قيمة الأعمال المخالفة بمبلغ 148169 جنيهاً و400 مليم بناء على التقدير الذي أجرته اللجنة الفنية لمخالفات التنظيم بتشكيلها المحايد وبما يطابق الواقع لأن الطاعن قام بعد تقديرها السابق بالبناء الذي يعلو برج المصاعد، وبذا يكون القرار المطعون فيه قائماً على سبب صحيح. وقضت محكمة القضاء الإداري (دائرة منازعات الأفراد والهيئات) في جلسة 23 من مايو سنة 1985 برفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه وبإلزام الطاعن بالمصروفات. وبنت قضاءها على أن الدعوى مقبولة شكلاً وأن هذا القرار حسب الظاهر سليم فيما تضمنه من تقدير الأعمال المخالفة بالزيادة على التقدير السابق في القرار رقم 92 لسنة 1984 بالنظر إلى إضافة أعمال جديدة بعده، وإذ يتعين على جهة الإدارة في جميع الأحوال أن تقدير قيمة المباني وأن تحيل الأوراق إلى المحكمة المختصة لتوقيع عقوبة الغرامة طبقاً للمادة 3 من القانون رقم 30 لسنة 1983 المعدلة بالقانون رقم 54 لسنة 1984، فليس من مقتضي عدم خطورة العقار على الأرواح أو الممتلكات وعدم خروجه عن خط التنظيم أو قيود الارتفاع المقررة في قانون الطيران المدني الإعفاء من مخالفة إقامته بدون ترخيص أن تستحق عقوبة الغرامة في جميع الأحوال على النحو المنصوص عليه في المادة المذكورة.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن الحكم المطعون فيه أخطأ إذ بني على واقعة لا سند لها وهي وجود إضافات للبناء فيما يبين صدور القرار رقم 92 لسنة 1984 وصدور القرار 305 لسنة 1984 وهو ما لم يحدث.
ومن حيث إن القرار رقم 30 لسنة 1983 بتعديل بعض أحكام القانون رقم 106 لسنة 1976 في شأن توجيه وتنظيم أعمال البناء، قضي ضمن المادة الأولى منه بأن يستبدل بالمادة 16 من القانون رقم 106 لسنة 1976 النص الأتي: (يصدر المحافظ المختص أو من ينيبه بعد أخذ رأي لجنة تشكل بقرار منه من ثلاثة من المهندسين المعماريين والمدنيين من غير العاملين بالجهة الإدارية المختصة بشئون التنظيم ممن لهم خبرة لا تقل عن عشرة سنوات قراراً مسبباً بإزالة أو تصحيح الأعمال التي تم وقفها...)، كما نص في المادة الثالثة منه على أنه (يجوز لكل من ارتكب مخالفة لأحكام القانون رقم 106 لسنة 1976 أو لائحته التنفيذية أو القرارات المنفذة له قبل العمل بهذا القانون أن يقدم طلباً إلى الوحدة المحلية المختصة خلال ستة أشهر من تاريخ العمل بهذا القانون لوقف الإجراءات التي اتخذت أو تتخذ ضده. وفي هذه الحالة تقف هذه الإجراءات إلى أن تتم معاينة الأعمال موضوع المخالفة بمعرفة اللجنة المنصوص عليها في المادة 16 من القانون رقم 106 لسنة 1976 في مدة لا تجاوز شهراً. فإذا تبين أنها تشكل خطراً على الأرواح أو الممتلكات أو تتضمن خروجاً على خط التنظيم أو مجاوزة الحد الأقصى للارتفاع المحدد قانوناً وجب عرض الأمر على المحافظ المختص لإصدار قرار بالإزالة أو التصحيح وفقاً لحكم المادة 16 من ذلك القانون. وتكون العقوبة في جميع الأحوال غرامة تحدد على الوجه التالي: 10% من قيمة الأعمال المخالفة إذا كانت المخالفة لا تجاوز 20 ألف جنيه. 35% من قيمة الأعمال المخالفة إذا كانت المخالفة لا تجاوز 50 ألف جنية 50% من قيمة الأعمال المخالفة إذا كانت المخالفة لا تجاوز 200 ألف جنيه. 75% من قيمة الأعمال المخالفة لما زاد على ذلك. وتسري الأحكام السابقة على الدعاوى المنظورة أمام المحاكم ما لم يكن قد صدر فيها حكم نهائي. ويوقف نظر الدعاوى المذكورة بحكم القانون للمدة المشار إليها في الفقرتين الأولى والثانية. وتؤول حصيلة الغرامة المنصوص عليها في هذه المادة إلى حساب تمويل مشروعات الإسكان الاقتصادي بالمحافظة وتخصص للصرف منها على أغراضه كما يخصص جانب منها لمكافأة اللجان طبقاً لما تحدده اللائحة التنفيذية...) ثم صدر القانون رقم 54 لسنة 1984 وقضى في المادة الأولى منه بأن يستبدل بالمادة الثالثة من القانون رقم 30 لسنة 1983 النص الأتي: (يجوز لكل من ارتكب مخالفة..... أن يقدم طلباً إلى الوحدة المحلية خلال مهلة تنتهي في 7 يونيه سنة 1985 لوقف الإجراءات التي اتخذت أو تتخذ ضده. وفي هذه الحالة تقف هذه الإجراءات إلى أن تتم معاينة الأعمال موضوع المخالفة بمعرفة اللجنة المنصوص عليها في المادة 16 من القانون رقم 106 لسنة 1976 في مدة لا تجاوز شهراً. فإذا تبين أنها تشكل خطراً على الأرواح والممتلكات أو تتضمن خروجاً على خط التنظيم أو لقيود الارتفاع المقررة في قانون الطيران المدني الصادر بالقانون رقم 28 لسنة 1981 وجب عرض الأمر على المحافظ المختص لإصدار الأمر بالإزالة أو التصحيح وفقاً لأحكام المادة 16 من ذلك القانون. وتكون العقوبة في جميع الأحوال غرامة تحدد على الوجه الأتي:.... وتعفى جميع الأعمال المخالفة التي لا تزيد قيمتها على عشرة الألف جنيه من الغرامة المقررة في هذه المادة...).
ومن حيث أنه يؤخذ من هذه النصوص أنه لئن كان الطلب المقدم من مرتكب المخالفة إلى الوحدة المحلية خلال المهلة المحددة قانوناً، يترتب عليه وقف الإجراءات الإدارية والجنائية ضده حتى تتم معاينة الأعمال موضوع المخالفة بمعرفة اللجنة المنصوص عليها في المادة 16 من القانون رقم 106 لسنة 1976، إلا أنه لا يترتب عليه العفو عن المخالفة أو انقضاء الدعوى الجنائية بشأنها أو تحويل الجزاء فيها إلى مجرد دفع مبلغ نقدي معين إلى الجهة الإدارية على غرار التصالح طبقاً لمادة 191 من قانون الضرائب على الدخل الصادر بالقانون رقم 157 لسنة 1981 أو غير ذلك من حالات التصالح المقررة قانوناً، إذ أن المادة الثالثة من القانون رقم 30 لسنة 1983 لم تقض بأي من هذه الأمور حيث لا يقصد المشرع ترتيب هذا الأثر بل نصت صراحة على مجرد وقف الإجراءات حتى تتم معاينة الأعمال المخالفة مما يعني استئناف السير في هذه الإجراءات بتمام المعاينة كما نصت صراحة أيضاً على أن تكون العقوبة في جميع الأحوال غرامة تعفي منها الأعمال المخالفة التي لا تزيد قيمتها على عشرة آلاف جنيه وتفرض فيما زاد على ذلك بنسب معينة متدرجة حسب قيمة الأعمال المخالفة مما يضفي الطبيعة الجنائية على هذه الغرامة النسبية، لأنها سنت بدلاً من العقوبة الجنائية المقررة أصلاً للمخالفة وفرضت حسب صراحة النص كعقوبة في جميع الأحوال أي سواء تمخض الوضع عن إزالة الأعمال المخالفة أو تصحيحها أو إبقائها ونسبت إلى قيمة الأعمال المخالفة في مجال الإعفاء منها أو تحديد مقدارها حسب الأحوال بذات الوصف العقابي فيها بما لا يدرأ عنها طبيعتها الجنائية ولا يجعلها مجرد تعويض مالي. وإذا كانت المادة الثالثة من القانون رقم 30 لسنة 1983 تضمنت النص على أيلولة حصيلة غرامة النسبية إلى حساب تمويل مشروعات الإسكان الاقتصادي بالمحافظة، فإن هذا مجرد رصد لها في مصرف معين على نحو لا يقدح في طبيعتها الجنائية وفقاً للمادة 22 من قانون العقوبات التي نصت على أن العقوبة بالغرامة هي إلزام المحكوم عليه بأن يدفع إلى خزينة الحكومة المبلغ المقدر في الحكم، وهو مناط يتوافر في شأنها بصرف النظر عن رصدها بعدئذ لغرض معين. وصدوراً عن هذه الطبيعة الجنائية يبقى للمحكمة الجنائية الاختصاص بتوقيع الغرامة النسبية مقدره على أساس قيمة الأعمال المخالفة وفقاً لما تراه هذه المحكمة باعتبارها صاحبة القول الفصل في أعمال الخبرة ومن بينها التقويم الذي قد تجريه اللجنة المنصوص عليها في المادة 16 من القانون رقم 106 لسنة 1976 حسبما اطرد عليه العمل، لأن الواضح من المادة الثالثة من القانون رقم 30 لسنة 1983 أنها لم تعقد للجهة الإدارية عامة أو للجنة المذكورة خاصة أي اختصاص في تحديد قيمة الأعمال المخالفة أو في حساب مقدار الغرامة الواجبة أو في تحصيل هذه الغرامة، وإنما درج العمل على الإدلاء بهذا التقدير ضمن ما يعرض على المحكمة الجنائية بشأن المخالفة تيسيراً عليها عند الفصل في الدعوى الجنائية، فيجوز لصاحب الشأن أن يجادل فيه أمامها عملاً بالقاعدة العامة في حرية النفي في المواد الجنائية، كما تملك المحكمة الجنائية بسط رقابتها عليه بما لها من حرية مطلقة في تكوين عقيدتها. وعلي هذا فإن التقويم الذي تراه الجهة الإدارية سواء من تلقاء ذاتها أو بناء على رأي اللجنة المنصوص عليها في المادة 16 من القانون رقم 106 لسنة 1976، لا ينتج في حد ذاته أثراً قانونياً سواء في المجال الإداري أو على الصعيد الجنائي، وبالتالي لا يعد قراراً إدارياً بالمعني الصحيح حتى يكون قابلاً للطعن فيه قضائياً على اعتبار أن القرار الإداري هو إفصاح الإدارة عن إرادتها الملزمة بم لها من سلطة بمقتضي القوانين واللوائح بقصد إحداث أثر قانوني ممكن وجائز قانوناً لتحقيق المصلحة العامة التي يبتغيها القانون.
ومن حيث إنه تبين من الأوراق أن القرار رقم 92 لسنة 1984 الصادر من السيد محافظ الجيزة أشار في ديباجته إلى الطلب الذي قدمه الطاعن طبقاً للمادة الثالثة من القانون رقم 30 لسنة 1983 لوقف الإجراءات بالنسبة للعقار رقم 319 شارع الأهرام بحي غرب الجيزة وإلي التقرير المعد من اللجنة الفنية الأولى، وقرر في المادة الأولى إزالة الأعمال المخالفة وتقدير قيمتها بمبلغ 101866 جنيهاً و475 مليماً، كما قرر في المادة الثالثة إيداع صورة منه وتقرير اللجنة الفنية ملف الدعوى الجنائية ضد الطاعن لتكون أمام نظر المحكمة. ثم صدر القرار رقم 305 لسنة 1984 من السيد محافظ الجيزة بالنيابة، وأشار في ديباجته إلى طلب المقدم من الطاعن والي التقرير المعد من اللجنة الفنية الأولى وقرر في المادة الأولى إلغاء القرار رقم 92 لسنة 1984 والتجاوز عن أعمال معينة وإزالة أعمال أخري وتقدير قيمة الأعمال المخالفة بمبلغ مقداره 148169 جنيهاً 440 مليماً، كما قرر في المادة الثالثة إيداع صورة منه وتقرير اللجنة الفنية ملف الدعوى الجنائية ضد الطاعن لتكون أمام نظر المحكمة. ومفاد هذا أن القرار رقم 305 لسنة 1984. وأن تضمن تقدير قيمة الأعمال المخالفة بمبلغ معين، إلا أنه في هذا الشق لا ينتج بذاته أثراً قانونياً سواء في المجال الإداري أو على الصعيد الجنائي وبالتالي لا يعتبر قراراً إدارياً قابلاً للطعن القضائي على التفصيل المتقدم وذلك بصرف النظر عن مدى صحة ما ذهب إليه الطاعن من عدم ثبوت القيام بأعمال مخالفة أو بإضافتها أو ما ذهب إليه الدفاع عن الجهة الإدارية من إضافة أعمال جديدة زادت من التقدير السابق - للأعمال المخالفة، ومن ثم فإن الدعوى التي أقامها الطاعن بطلت وقف تنفيذ ذلك الشق وبطلب إلغائه تكون غير مقبولة أصلاً لانتفاء القرار الإداري محل الطعن بالإلغاء، وبالتالي فإن الحكم المطعون فيه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وتأويله إذ قضى بقبول الدعوى وبرفض طلب وقف تنفيذ ذلك القرار على ظن من كونه قراراً إدارياً قابلاً للطعن القضائي، الأمر الذي يوجب القضاء بإلغاء الحكم المطعون فيه وبعدم قبول الدعوى لانتفاء القرار الإداري مع إلزام الطاعن بمصروفات الدعوى والطعن.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي والموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبعدم قبول الدعوى وألزمت الطاعن مصروفات الدعوى والطعن.