مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة أحكام المحكمة الإدارية العليا
السنة الرابعة والثلاثون - الجزء الأول (من أول أكتوبر سنة 1988 إلى آخر فبراير سنة 1989) - صـ 465

(70)
جلسة 24 من يناير سنة 1989

برئاسة السيد الأستاذ المستشار عبد الفتاح محمد إبراهيم صقر نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة حنا ناشد مينا حنا ورأفت محمد السيد يوسف والدكتور محمد عبد السلام مخلص وكمال زكي عبد الرحمن اللمعي المستشارين.

الطعن رقم 2476 لسنة 30 القضائية

إصلاح زراعي - مدي حجية تسجيل التصرفات المخالفة (شهر عقاري).
تعتبر الأحكام الواردة في قانون الإصلاح الزراعي والتفسيرات التشريعية الصادرة له أحكاماً آمرة متعلقة بالنظام العام ولا يجوز الاتفاق على مخالفتها أو إضفاء المشروعية على التصرفات المخالفة - مؤدي ذك: - عدم جواز الاحتجاج بتسجيل التصرفات المخالفة فالتسجيل لا يصحح عقداً باطلاً ولا يترتب عليه نقل الملكية في مثل هذه المخالفات - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الخميس الموافق 28/ 6/ 1984 أودع الأستاذ... المحامي بالهيئة الطاعنة - سكرتارية المحكمة الإدارية العليا بتقرير طعن قيد بجدول المحكمة برقم 2476 لسنة 30 ق عليا ضد/ ... في القرار الصادر من اللجان القضائية للإصلاح الزراعي بجلسة 30/ 5/ 1984 في الاعتراض رقم 107 لسنة 1982 المقام من المطعون ضده والذي قضى بقبول الاعتراض شكلا وفي الموضوع بإلغاء الاستيلاء الموقع على مساحة ثلاثة أفدنة بناحية منشأة بنها مركز بنها محافظة القليوبية والموضحة الحدود والمعالم تفصيلاً بعقد البيع المسجل برقم 2826 بتاريخ 3/ 8/ 1953 شهر عقاري بنها.
وقد طلبت الهيئة الطاعنة في ختام تقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه. وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه والحكم باستمرار الاستيلاء على الأرض محل الاعتراض طبقاً للقانون رقم 178 لسنة 1952، وإلزام المطعون ضده المصروفات.
وأعلن تقرير الطعن إلى المطعون ضده بتاريخ 17/ 7/ 1983.
ثم أحيل الطعن إلى هيئة مفوضي الدولة حيث قامت بتحضيره وأودعت تقريراً برأيها القانوني ارتأت الحكم بقبول الطعن شكلاً، ورفضه موضوعاً مع إلزام الهيئة الطاعنة المصروفات.
وقد نظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون التي قررت إحالته إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثالثة) حيث نظرت بجلسة 10/ 11/ 1988 وما تلاها على النحو المبين بمحاضر الجلسات. ثم قررت المحكمة حجز الطعن للحكم فيه بجلسة 27/ 12/ 1988 ثم تقرر مد أجل النطق بالحكم إلى جلسة اليوم وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن قد أقيم في الميعاد القانوني مستوفياً سائر الأوضاع الشكلية الأخرى فمن ثم يتعين الحكم بقبوله شكلاً.
ومن حيث إن واقعات الطعن حسبما يبين من الأوراق. تخلص في أن المطعون ضده كان قد أقام الاعتراض رقم 107 لسنة 1982 أمام اللجان القضائية للإصلاح الزراعي بتاريخ 28/ 2/ 1982 ضد الهيئة العامة للإصلاح الزراعي طلب فيه الحكم بالاعتداد بعقد البيع الصادر له من السيد/ ... ورفع الاستيلاء عن مساحة ثلاثة أفدنة الموضحة الحدود والمعالم تفصيلاً بعقد البيع المشار إليه، وقال شرحاً لاعتراضه أنه بموجب عقد بيع مسجل برقم 2826 في 3/ 8/ 1953 اشترى مساحة قدرها ثلاثة أفدنة بناحية منشأة بنها مركز بنها محافظة القليوبية، وأن الإصلاح الزراعي قد استولى على هذه المساحة وقد سبق له أن أقام الاعتراض رقم 841 لسنة 1973 واستبعد من الأول، وخلص المعترض إلى طلباته المذكورة أنفاً وبجلسة 3/ 5/ 1984 حكمت اللجنة القضائية في هذا الاعتراض بقبوله شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الاستيلاء الواقع على المساحة محل النزاع تأسيساً على أن المعترض قد وضع اليد على هذه المساحة مدة تزيد على خمس سنوات مع توافر حسن النية والسند الصحيح ومن ثم فقد توافرت في شأنه الشرائط الواردة بالمادة 969 من القانون المدني التي تؤدي إلى كسب الملكية بالتقادم القصير حيث أن حيازته لها منذ 3/ 8/ 1953 حتى الاستيلاء الابتدائي عليها في سنة 1972.
ومن حيث إن الهيئة الطاعنة تنعي على هذا الحكم أنه جاء بالمخالفة لحكم القانون وقد أخطأ في تأويله وتفسيره للأسباب الآتية. ذلك.
أن المطعون ضده قد أشتري مساحتيه من الأرض الزراعية طبقاً لحكم المادة الرابعة من المرسوم بالقانون رقم 178 لسنة 1952 بالإصلاح الزراعي الأولى مساحتها ثلاثة أفدنة بناحية الفاروقية مركز بنها من السيد/ ..... والثانية مساحتها خمسة أفدنه من السيد/ ... بذات الناحية وبذلك يكون المطعون ضده قد أشترى مساحتين مقدارهما ثمانية أفدنة على مرتين من مالكين خاضعين لأحكام المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 المشار إليه بالمخالفة للبند 4 من الفقرة ب من المادة الرابعة من هذا القانون وكذا بالمخالفة للتفسير التشريعي رقم 1 لسنة 1954 والذي ينص على أنه "لا يجوز للشخص الواحد أن يملك طبقاً للمادة الرابعة فقرة (ب) أكثر من خمسة أفدنة سواء تلقاها دفعة واحدة أو أكثر من مالك واحد أو أكثر وبذلك يكون القرار المطعون فيه قائماً على غير سند من القانون أو الواقع متعيناً إلغاؤه.
ومن حيث إن المادة الرابعة من المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 في شأن الإصلاح الزراعي تنص في فقرتها (ب) على أنه يجوز مع ذلك للمالك خلال خمس سنوات من تاريخ العمل بهذا القانون أن يتصرف بنقل ملكية ما لم يستول عليه من أطيانه الزراعية الزائدة على مائتي فدان على الوجه الآتي أ - .... (ب) إلى صغار الزراع بالشروط الآتية: -
1 - أن تكون حرفتهم الزراعة 2 - أن يكونوا مستأجرين أو مزارعين في الأرض المتصرف فيها أو من أهل القرية الواقع في دائرتها العقار. 3 - ألا يزيد مجموع ما يملكه كل منهم من الأراضي الزراعية على عشرة أفدنة. 4 - ألا تزيد الأرض المتصرف فيها إلى كل منهم على خمسة أفدنة 5 - ألا تقل الأرض المتصرف فيها لكل منهم عن فدانيين إلا إذا كانت جملة والقطعة المتصرف فيها تقل عن ذلك إذ كان التصرف في الأراضي المجاورة للبلدة أو القرية لبناء مساكن عليها على أن يتعهد المتصرف إليه بإقامة المسكن عليها خلال سنة من التعدي ولا يعمل بهذا البند إلا لغاية أكتوبر سنة 1952 ولا يعتد بالتصرفات التي تحصل بالتطبيق له إلا إذا تم التصديق عليها من المحكمة الجزئية الواقع في دائرتها العقار...
ومن حيث إن المشرع قد اشترط شروطاً محددة لأعمال الحكم الوارد في المادة 14 فقرة ب من القانون ألا تزيد الأرض المتصرف فيها لكل واحد من صغار الزراع على خمس أفدنة، وقد أوضح التفسير التشريعي أن مجموع ما يجوز للشخص أن يمتلك طبقاً للمادة 4 فقرة ب هو خمسة أفدنة على الأكثر سواء تلقاها واحدة أو أكثر من واحد أو أكثر ومعنى ذلك أن التصرف الصادر بما يزيد على هذه المساحة باطل وحتى ولو تمت هذه التصرفات من مالك واحد أو أكثر ولا يفيد به بيعاً في مواجهة الإصلاح الزراعي.
ومن حيث إن الأحكام الواردة في قانون الإصلاح الزراعي والتفسيرات التشريعية الصادرة له تعتبر كلها آمرة متعلقة بالنظام العام التي لا يجوز الاتفاق على مخالفتها أو إضفاء المشروعية على التصرفات المخالفة وأنه لا يحتج بالتسجيل لنفاذ التصرف المخالف لقانون الإصلاح الزراعي طالما أنه لا يندرج ضمن التصرفات التي يعتد بها وفقاً لأحكام هذا القانون، ولا عبرة بتسجيل العقد الباطل إذ ليس من شأن التسجيل أن يصح عقد باطلاً ولا يترتب على التسجيل نقل ملكية القدر المتصرف فيه بما يجاوز الخمسة الأفدنة ولو كان مسجل مما تقدم فإنه وقد ثبت أن المطعون ضده قد تملك مساحتين من الأرض الزراعية طبقاً لنص المادة الرابعة من قانون الإصلاح الزراعي رقم 1952 أحداها مساحتها ثلاثة أفدنة بناحية منشأة بنها من السيد/ .... بعقد مسجل برقم 2856 في 3/ 8/ 1953 والثانية مساحتها خمسة أفدنة بذات الناحية اشتراها من السيد/ ... بعقد مسجل برقم 1735 في 19/ 4/ 1953 وهو تاريخ سابق لتاريخ التصرف الصادر إليه من السيد/ ..... وبه زاد ما تملكه طبقاً لحكم المادة 4 فقرة ب على خمسة أفدنة وهو ما يخالف حكمها ومن ثم أن العقد الثاني الصادر له فيه من..... يكون مخالف لأحكام المادة الرابعة من قانون الإصلاح الزراعي والتفسير التشريعي رقم 1 لسنة 1959 المشار إليها ومن ثم لا يعتد به مواجهة الإصلاح الزراعي على الرغم من كونه مسجلاً ومن ثم تبقي على مالك البائع له، ويكون للإصلاح الزراعي الاستيلاء عليها قبله باعتبارها زائدة على ما يجوز له أن يمتلكه طبقاً للمادة الأولى من القانون رقم 178 لسنة 1952 إذ لا يقيد بذلك العقد المخالفة لأحكام المادة 4/ 3 ويعتبر باطلاً وهو لذلك لا يصلح سنداً لكسب الملكية بالتقادم القصير المقرر في المادة 969 من القانون المدني لأنه صادر من المالك عليها ومن المستقر عليه فقهاً وقضاء أن المقصود بالسبب الصحيح هو التصرف الصادر من غير مالك وأنه هو كل تصرف ناقل للملكية لو أنه صدر من مالك ولذلك ينهار السند الذي استند إليه القرار المطعون فيه في القضاء بإلغاء الاستيلاء الواقع على مساحة ثلاثة الأفدنة محل الاعتراض ويكون القرار المطعون فيه صدر بالمخالفة لأحكام القانون ومن ثم يكون الطعن عليه قائماً على سند صحيح من القانون مما يتعين معه الحكم بإلغاء القرار المطعون فيه وبرفض الاعتراض المقام من المطعون ضده.
ومن حيث إن من خسر الطعن يلزم بالمصروفات طبقاً لحكم المادة 184 من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء قرار اللجنة القضائية المطعون فيه وبرفض الاعتراض وألزمت المطعون ضده المصروفات.