مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة أحكام المحكمة الإدارية العليا
السنة الرابعة والثلاثون - الجزء الأول (من أول أكتوبر سنة 1988 إلى آخر فبراير سنة 1989) - صـ 469

(71)
جلسة 28 من يناير سنة 1989

برئاسة السيد الأستاذ المستشار محمد حامد الجمل نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة: عبد اللطيف أحمد أبو الخير ويحيي السيد الغطريفي ود. إبراهيم علي حسن وإسماعيل صديق راشد المستشارين.

الطعن رقم 3130 لسنة 29 القضائية

دعوى - الحكم في الدعوى - الطعن في الأحكام.
المحكمة الإدارية العليا - مدي تقيدها بأسباب الطعن.
الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا لا يغل يدها في أعمال رقابتها في وزن الحكم بميزان القانون ودون التقيد بالأسباب المبداة بتقرير الطعن دون غيرها - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الخميس 4 من أغسطس 1983 أودع الأستاذ/ ...... المستشار بإدارة قضايا الحكومة بصفته نائباً عن السيد مدير النيابة الإدارية والسيد وزير التربية والتعليم بصفتهما - قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن في الحكم الصادر من المحكمة التأديبية لوزارة التربية والتعليم بجلسة 6 يونيه 1983 في الدعوى رقم 254 لسنة 22 القضائية المقامة من النيابة الإدارية ضد السيد/ ..... والذي قضى في منطوقة بعدم جواز إقامة الدعوى التأديبية على المتهم.
وطلب الطاعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والحكم بتوقيع الجزاء المناسب طبقاً للمواد الموضحة بتقرير الاتهام مع إلزام المطعون ضده بالمصروفات والأتعاب عن الدرجتين.
وقد أعلن الطعن ضده في مواجهة جهة الإدارة بالنظر لغلق سكنه.
وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً برأيها القانوني ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والحكم مجدداً في الاتهام المنسوب إلى المتهم بتوقيع عقوبة تأديبية من عقوبات الداخلين في الخدمة.
وقد نظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بجلسة 24/ 2/ 1988 وتداول نظره وفقاً للثابت بمحاضر الجلسات للتحري عن محل أقامة المطعون ضده وبجلسة 26/ 10/ 1988 قررت الدائرة المذكورة إحالة الطعن إلى هذه المحكمة وحددت لنظره أمامها جلسة 12/ 11/ 1988 مع إخطار المطعون ضده بهذه الجلسة. وبالجلسة المذكورة نظرت الطعن على النحو الثابت بمحاضر الجلسات، حيث قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم 28/ 1/ 1989 مع التصريح للمطعون ضده بمذكرة خلال عشرة أيام، فلم تقدم ثمة مذكرات، وبجلسة اليوم وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع الأوراق وسماع المرافعة والمداولة.
من حيث إن الطعن قدم في الميعاد القانوني مستوفياً لأوضاعه الشكلية ومن ثم فهو مقبول شكلاً.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تتحصل حسبما يبين من الأوراق في أنه بتاريخ 29/ 3/ 1988 أودعت النيابة الإدارية سكرتارية المحكمة التأديبية بوزارة التربية والتعليم تقرير اتهام/ ...... المهندس المكلف كمدرس بمدرسة سنورس الصناعية الثانوية من الدرجة الثالثة لأنه خلال المدة من 2/ 1/ 1977 وحتى 4/ 2/ 1980 بدائرة مديرية التربية والتعليم بالفيوم بوصفه مهندس مكلف خرج على مقتضى الواجب في أعمال وظيفته وانقطع عن عمله في غير حدود الأجازات المقررة المدة المنوه عنها في أوراق التحقيق.
ورأت النيابة الإدارية أن المتهم المذكور قد ارتكب المخالفات الإدارية المنصوص عليها في المادتين 42، 45/ 1 من نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 58 لسنة 1971 والمادتين 62، 78/ 1 من نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 والمادة 3 من القانون رقم 54 لسنة 1976 بشأن تكليف المهندسين خريجي الجامعات والمعاهد المصرية.
وطلبت النيابة الإدارية محاكمة المتهم المذكور بموجب المواد سالفة الذكر والمادتين 80، 82/ 4 من نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 والمادة 14 من القانون رقم 117 لسنة 1958 والمادتين 15/ 1، 19/ 1 من القانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة.
وبجلسة 6/ 6/ 1983 حكمت المحكمة بمجازاة/ ... بغرامة قدرها عشرين جنيهاًً.
وأقامت المحكمة قضاءها على أن الثابت أن المتهم كلف بالعمل بوزارة التربية والتعليم اعتباراً من 1/ 5/ 1974 وظل يعمل بها حتى انقطع عن عمله دون إذن اعتباراً من 2/ 1/ 1977 وحتى تاريخ صدور الحكم، وهو ما رأت معه المحكمة أن خدمته تعتبر منتهية بحكم القانون اعتباراً من 1/ 5/ 1980 أي بانقضاء مدة الست سنوات المنصوص عليها كمدة للتكليف بالقانون 54 لسنة 1976 وهو ما رأت معه المحكمة توقيع العقوبة المقررة لمن ترك الخدمة والمنصوص عليها بالمادة 88 من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978.
ومن حيث إن مبني الطعن مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه حيث أن الحكم المطعون فيه قد اعتبر خدمة العامل منتهية بتاريخ انقطاعه عن العمل وأن الجهة الإدارية لم تتخذ ضده إجراءات تأديبية خلال الشهر التالي لانقطاعه عن العمل وهو ما يخالف ما استقر عليه قضاء المحكمة الإدارية العليا.
ومن حيث إن تقرير الطعن قد جاء مجهلاً بحقيقة ما قضى الحكم به حيث أورد أن المحكمة التأديبية قد قضت بجلسة 6/ 6/ 1983 بعدم جواز إقامة الدعوى التأديبية على المتهم بينما حقيقة منطوق الحكم فيه هو مجازاة/ .... بغرامة قدرها عشرين جنيهاً، كما جاءت في أسباب الطعن وفقاً لما سلف ذكره - غير متفقه مع حقيقة ما انتهي إليه تقرير الطعن بالنسبة لتحديده ما يستهدف الطاعن الحكم به.
ومن حيث إن المستقر عليه أن الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا لا يغل يدها على أن تعمل رقابتها في وزن الحكم بميزان القانون دون التقيد بالأسباب المعداة بتقرير الطعن دون غيرها.
ومن حيث إن الثابت من أوراق الدعوى التأديبية أن المطعون ضده قد كلف للعمل بمدرسة ناصر الثانوية الصناعية بسنورس بناء على القرار الوزاري رقم 26 الصادر من وزارة التربية والتعليم في 21/ 5/ 1974 وذلك بتكليف المهندس/ ...... للعمل مدرس لمادة الكهرباء علمي بمدرسة سنورس الثانوية الصناعية وذلك من 1/ 5/ 1974.إلا أنه انقطع عن العمل المدة من 23/ 10/ 1975 وحتى 2/ 11/ 1975 ثم اعتبارا من 6/ 11/ 1975 وحتى 1/ 1/ 1977.
ومن حيث إن القانون رقم 296 لسنة 1956 والمعدل بالقانون رقم 74 لسنة 1964 بشأن أوامر تكليف المهندسين المصريين خريجي الجامعات المصرية ينص في المادة الثالثة منه على أن يصدر الوزير المختص أو من ينيبه أمر تكليف إلى الخريجين الذين ترشحهم اللجنة المنصوص عليها في هذا القانون للعمل في الوظائف التي يتضمنها. ويكون هذا الأمر نافذاً لمدة سنتين قابلة للامتداد ونصت المادة الخامسة من هذا القانون على أنه يحظر على مهندسي الوزارات والهيئات والمؤسسات العامة من الدرجة الثالثة فيما دونه الامتناع عن تأدية أعمال وظائفهم ما لم تنته خدمتهم بأحد الأسباب المنصوص عليها في المادة 107 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة وذلك فيما عدا الاستقالة سواء كانت صريحة أو ضمنية فإنها تعتبر كأن لم تكن.
ومن حيث أنه يستفاد من نصوص هذا القانون الذي صدر أمر تكليف المطعون ضده بناء على أحكامه أنه يحظر على المهندسين المكلفين الامتناع عن تأدية أعمال الوظيفة التي يكلفون بها وذلك لمدة سنتين قابله للامتداد وهو ما يعني أنه يتحتم على كل منهم القيام بأعمال وظيفة المكلف بشغلها بصفة فعلية لمدة سنتين ولمدد التجديد الأخرى المماثلة ومن ثم فإن انقطاع من يخضع لأحكام هذا القانون عن عمله قبل استكمال المدة المحددة للتكليف لا يعفيه من الالتزام المفروض عليه قانوناً - وإلا كان امتناعه عن أداء أعمال التكليف تحرر له بإرادته وحده عن أداء واجب التكليف على عكس ما تقضي به نصوص القانون الصادر بناء عليه قرار التكليف والتناقض مع الطبيعة القانونية للتكليف للوظائف العامة وعلي خلاف غايات المشرع من تقرير التكليف لبعض الطوائف وذلك إسهاماً من هؤلاء الخريجين خلال فترة محددة في أداء الأعمال والوظائف التي يكلف بها بهدف تحقيق خطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية للبلاد.
ومن حيث إنه بناء على ذلك فإن المكلف إذا انقطع من عمله قبل اكتمال مدة التكليف دون مبرر أو مقتضى قانون لا يكون قد أوفى بالالتزام القانوني المقرر بنصوص القانون رقم 296 لسنة 1956 سالف الذكر ومن ثم فإن خدمته لا تعتبر قد انتهت بمضي سنتين على تاريخ تكليفه سواء عند تقديمه للمحاكمة التأديبية أو عند صدور الحكم ضده ومن ثم فإنه يعامل تأديبياً باعتباره عاملاً مكلفاً بالخدمة ومنقطعاً عن أداء وظيفته المكلف بالخدمة فيها وذلك طبقاً للقواعد والنصوص التي تحكم العاملين أثناء خدمتهم.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه وقد انتهى إلى أن مضي مدة التكليف تكون معه خدمة المطعون ضده منتهية بحكم القانون وهو ما انتهى معه إلى الحكم على المطعون ضده بالعقوبة المقررة لمن ترك الخدمة - هذا الذي انتهي إليه الحكم الطعين يكون قد خالف القانون وأخطاء في تطبيقه وتأويله وهو ما يتعين إلغاءه والنظر في مجازاة المطعون ضده بإحدى العقوبات المقررة للعاملين أثناء الخدمة.
ومن حيث إن المخالفة المنسوبة للمطعون ضده ثابتة في حقه إذ أنه كلف بقرار وزير التربية والتعليم رقم 26 للعمل مدرس لمادة الكهرباء بمدرسة سنورس الثانوية الصناعية وذلك اعتبارا من 1/ 5/ 1974 وأنه انقطع عن العمل المدة من 23/ 10/ 1975 حتى 2/ 11/ 1975 ثم اعتباراً من 6/ 11/ 1975 وحتى 1/ 1/ 1976 وقد أفادت الوحدة رقم 5901 ج 25 دفاع جوي أن المطعون ضده كان مجنداً خلال تلك الفترة وأنه تم تسريحه في 1/ 1/ 1977 وأفادت مدرسة ناصر الثانوية الصناعية بسنورس أنه ما زال منقطعاً عن العمل ولم يعد بعد تسريحه في 1/ 1/ 1977 ومن ثم كان المطعون ضده لا يكون قد أوفى بكامل التزامه القانوني الصادر به قرار التكليف ولا يؤثر في ذلك انقطاعه لأداء واجب الخدمة العسكرية إذ أن لكلا الواجبين مجاله ونظامه القانوني فلا تعفي الخدمة العسكرية المكلف من واجب التكليف ومن ثم فإنه يقتضي مجازاة المطعون ضده بأحد الجزاءات المقررة للعاملين بالخدمة وهو ما تقدر له المحكمة الخصم من الأجر لمدة شهرين.
ومن حيث إن خاسر الطعن يلزم بمصروفاته بالتطبيق لنص المادة 184 من قانون المرافعات إلا أنه وفقاً لنص المادة 90 من القانون رقم 47 لسنة 1978 بإصدار قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة فإنه تعفى من الرسوم الطعون التي تقدم في أحكام المحاكم التأديبية.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبمجازاة المطعون ضده بالخصم من الأجر لمدة شهرين.