مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة أحكام المحكمة الإدارية العليا
السنة الرابعة والثلاثون - الجزء الأول (من أول أكتوبر سنة 1988 إلى آخر فبراير سنة 1989) - صـ 483

(73)
جلسة 28 من يناير سنة 1989

برئاسة السيد الأستاذ المستشار محمد أنور محفوظ رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة: عبد الفتاح السيد بسيوني ومحمد المهدي مليحي وصلاح عبد الفتاح سلامه وسعد الله محمد حنتيره المستشارين.

الطعنان رقما 1885، 1902 لسنة 31 القضائية

دعوى - الحكم في الدعوى - حجية الأحكام.
نطاق حجية الأحكام الصادرة من الدائرة الخاصة المشكلة طبقاً للمادة 54 مكرراً من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972 معدلاً بالقانون رقم 136 لسنة 1984 (إصلاح زراعي) (المحكمة الإدارية العليا).
الأحكام التي تصدر من الدائرة الخاصة المشار إليها لا تسري بأثر رجعي - مؤدي ذلك: أن ما قضت به هذه الدائرة من أن الحظر المقرر في القانون رقم 15 لسنة 1963 يسري على الأراضي الخاضعة فعلاً لضريبة الأطيان حتى ولو لم تكن مستغلة فعلاً في الزراعة - هذا القضاء وأن وضع حدا لاختلاف الرأي السابق على صدوره في 15/ 12/ 1985 إلا أنه لا يسري بأثر رجعي حتى لا يمس الأحكام القضائية النهائية التي استقرت بها المراكز القانونية للأطراف المعنية خاصة في مجال حقوق الملكية العقارية - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الاثنين الموافق 22/ 4/ 1985 أودعت الأستاذة/ ...... المحامية نيابة عن السيد/ رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعي قلم كتاب هذه المحكمة تقرير الطعن رقم 1885 لسنة 31 ق ضد السيدة/ ....... في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (دائرة العقود الإدارية والتعويضات) بجلسة 24/ 2/ 1985 في الدعوى رقم 3307 لسنة 36 ق والقاضي أولاً: بعدم قبول الدعوى بالنسبة للمدعى عليه الثاني وثانياً: وفي الموضوع بإلزام المدعي عليه الأول بأن يؤدي للمدعي تعويضاً مقداره خمسة الألف جنيه والمصروفات، وطلب الطاعن للأسباب المبينة في تقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه مع إلزام المطعون ضدها بالمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين، وبتاريخ 23/ 4/ 1985 أودع الأستاذ/ ...... المحامي وكيلاً عن السيدة/ ...... تقرير الطعن رقم 1902 لسنة 31 ق عن ذات الحكم السابق ذكره وطلب استناداً إلى ما أوضحه في تقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وتعديل الحكم المطعون فيه بإلزام المطعون ضده بأن يدفع للطاعنة مبلغ أربعين ألف جنيه والمصروفات والأتعاب عن درجتي التقاضي، وأعلن الطاعنان قانوناً وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً مسبباً رأت الحكم بقبول الطعنين شكلاً وبرفضهما موضوعاً وإلزام كل طاعن بمصروفات طعنه، وعرض الطعنان على دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة بجلسة 21/ 12/ 1987 وتم ضمهما للارتباط وليصدر فيهما حكم واحد وبعد تداولهما في الجلسات قررت الدائرة بجلسة 21/ 11/ 1988 إحالة الطعنين إلى المحكمة الإدارية العليا (دائرة منازعات الأفراد والهيئات والتعويضات) وحددت لنظرهما جلسة 24/ 12/ 1988 فنظرتهما المحكمة بهذه الجلسة على النحو الثابت بمحضرها وبعد أن سمعت ما رأت لزومه من إيضاحات قررت إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
حيث إن الطعنين أقيما خلال الستين يوماً التالية ليوم صدور الحكم المطعون فيه واستوفيا أوضاعهما القانونية الأخرى فيكونان مقبولين شكلاً.
وحيث إن وقائع المنازعة تتحصل - حسبما ذكرت في الأوراق - في أنه بتاريخ 2/ 5/ 1982 أقامت السيدة/ ........ الدعوى رقم 3307 لسنة 36 ق ضد كل من رئيس الهيئة العامة للإصلاح الزراعي ووزير الزراعة بصفتيهما طالبة الحكم بإلزامهما بأن يدفعا للطالبة مبلغ أربعين ألفاً من الجنيهات والمصروفات، وأوضحت أنها تملك أرض فضاء معده للبناء داخلة في تقسيم مدينة حدائق الأهرام بالجيزة ومساحتها 7278 متراً مربعا وأن الإصلاح الزراعي استولي على هذه الأرض باعتبارها أرضاً زراعية على خلاف القانون وأنها أقامت الطعن رقم 1145 لسنة 20 ق إدارية عليا بإلغاء قرار اللجنة القضائية للإصلاح الزراعي في الاعتراض رقم 711 لسنة 1971 وقضت المحكمة بإلغاء القرار المطعون فيه وباستبعاد الأرض محل النزاع بحوض الكوم الأخضر، قطعة رقم 240 ص13 لناحية غطاطي مركز إمبابة محافظة الجيزة والمبينة الحدود والمعالم بالعقد المسجل رقم 1360 في 18 مايو سنة 1954 من الاستيلاء بالتطبيق لأحكام القانون رقم 15 لسنة 1963 وما يترتب على ذلك من آثار، وأنه لما كانت الطالبة قد أصابتها أضرار بالغة من قرار الاستيلاء الباطل فيحق لها من أجله التعويض وتقدره بمبلغ أربعين ألفاً من الجنيهات. وردت الهيئة العامة للإصلاح الزراعي بأنها تصرفت في حدود القانون لأن الأرض فضاء ولم تدر إي مقابل أو ريع بل إن ثمنها قد ارتفع وطلبت رفض الدعوى وبجلسة 24/ 2/ 1985 قضت المحكمة الإدارية العليا بجلسة 21 من فبراير سنة 1978 في الطعن رقم 1145 لسنة 20 ق بإلغاء قرار اللجنة القضائية رقم 117 وباستبعاد أرض المدعية من نطاق الاستيلاء طبقاً لأحكام القانون رقم 15 لسنة 1963 توافر ركن الخطأ وثبوته في حق الهيئة العامة للإصلاح الزراعي وأن قرار الاستيلاء المخالف للقانون سبب ضرراً للمدعية تمثل في حرمنها من الانتفاع بالأرض المستولى عليها طوال مدة الاستيلاء وأنه في مجال تقدير الضرر فإن الثابت من الأوراق أن الخبير الذي ندب لمعاينة أرض المدعية قد أثبت في تقريره أن الأرض فضاء وأنها غير مستغلة بالكامل في الزراعة وأنه في جزء منها نباتات بسيطة وعلى جانبها بعض الأشجار ومن ثم فإن أرض المدعية ما كانت تستغل استغلالاً يدر عليها عائدا كبيراً سواء قبل الاستيلاء أو أثناء الاستيلاء فإذا ما أضيف إلى ذلك أن المحكمة لا تطمئن إلى عقد الإيجار العرفي المقدم من المدعية ومن ثم تلتفت عنه وتقدر التعويض عن الضرر الذي أصابها من جراء الاستيلاء على الأرض المذكورة بمبلغ خمسة آلاف جنيه.
ومن حيث إن الطعن رقم 1885 لسنة 31 ق المقام من الهيئة العامة للإصلاح الزراعي يقوم على أن الحكم المطعون فيه شابه خطأ في تطبيق القانون وفساد في الاستدلال وذلك أنه لا يوجد خطأ من جانب الهيئة حيث طبقت أحكام القانون رقم 15 لسنة 1963 بحظر تملك الأجانب للأطيان الزراعية وذلك في حدود اختصاصاتها وسلطتها التقديرية وأن ظاهر الأوراق المقدمة للهيئة لم يستدل منها على أن الأرض محل النزاع هي أرض مبان كما أنها كانت مربوطة بضريبة الأطيان الزراعية وأن اللجنة القضائية أخذت بوجهة نظر الهيئة في تطبيق هذا القانون كما أن الدولة لا تسأل عن تعويض الأضرار التي تترتب على تطبيق القوانين فضلاً عن أنه لا يوجد ضرر أصاب المدعية لأن الأرض كانت فضاء ولا تدر عائداً خلال فترة الاستيلاء ولم يثبت أن الإصلاح الزراعي قام بتأجيرها أو استثمارها كما ارتفع ثمنها ارتفاعاً خيالياً.
ومن حيث إن الطعن رقم 1902 لسنة 31 ق المقام من السيدة/ .... يقوم على أن الحكم المطعون فيه قد جانبه الصواب فيما قضى به من تعويض وجاء مجحفاً بحقوقها، وذلك أن ركن الخطأ يتمثل في القرار الباطل الذي قضي بإلغائه أما الضرر فيتمثل في حرمان الطاعنة من ريع الأرض طوال مدة الاستيلاء التي بلغت ثماني سنوات وأنها قدمت عقد إيجار بتاريخ 30/ 12/ 1979 لإحدى الشركات بمبلغ 1350جنيهاً شهرياً كما أن علاقة السببية بين الخطأ والضرر واضحة وأن الأرض محل النزاع هي أرض فضاء مساحتها 7278.52 متراً مربعاً وتقع في منطقة سكنية داخل كردون المدينة ومربوط عليها عوائد المباني منذ جرد سنة 1960 وأن تقدير المحكمة للتعويض بمبلغ خمسة آلاف جنيه لا تتناسب القيمة مع ما حاق بالطاعنة من أضرار ويتعين زيادة التعويض إلى مبلغ أربعين ألف جنيه وبمراعاة أن الأرض تقع في منطقة سياحية بالهرم ويزيد سعر المتر فيها على 150 جنيهاً وجملة ثمنها أكثر من مليون جنيه ريعها السنوي 10% أي أكثر من ثمانمائة ألف جنيه خلال مدة الاستيلاء وبذلك يكون التعويض المطالب به متواضعاً جداً.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة جرى على أن مسئولية الإدارة عن قرارات الإدارية الصادرة منها تقوم على وجود خطأ من جانبها بأن يكون القرار غير مشروع أي يشوبه عيب أو أكثر من العيوب المنصوص عليها في قانون مجلس الدولة وأن يحيق بصاحب الشأن ضرر من هذا الخطأ وأن تقوم علاقة السببية بين الخطأ والضرر، ومن ثم فإن تخلف ركن أو أكثر من هذه الأركان تخلفت المسئولية الإدارية في جانب الإدارة.
ومن حيث إن الثابت من الوقائع أن الهيئة العامة للإصلاح الزراعي سبق لها إصدار قرار بالاستيلاء على الأرض محل النزاع على فهم من الواقع والقانون بأنها أرض زراعية في حكم القانون رقم 15 لسنة 1963 إلا أن المالكة طعنت في هذا القرار أمام الجهات القضائية المختصة وانتهى الأمر بحكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 1145 لسنة 20 ق بجلسة 21/ 2/ 1978 بإلغاء القرار المطعون فيه وباستبعاد الأرض محل النزاع من الاستيلاء بالتطبيق لأحكام القانون رقم 15 لسنة 1963 وما يترتب على ذلك من آثار، واحتراماً لحجية هذا الحكم فإن ركن الخطأ قد ثبت في جانب الجهة الإدارية التي أصدرته كتطبيق خاطئ من جانبها لأحكام القانون وليس مرده إلى عمل تشريعي أو قضائي كما ذهب طعني الهيئة، كما أن هذه الحجية لا تتزعزع بما ذهبت إليه الدائرة الخاصة المشكلة بالمحكمة الإدارية العليا المنصوص عليها في المادة 54 مكرراً من القانون رقم 47 لسنة 1972 معدلاً بالقانون رقم 136 لسنة 1984 من أن الحظر المقرر في القانون رقم 15 لسنة 1963 يسري على الأرض الخاضعة فعلاً لضريبة الأطيان حتى ولو لم تكن مستغلة فعلاً في الزراعة، ذلك أن هذا الحكم وإن وضع حداً لاختلاف الرأي السابق عليه (15 من ديسمبر سنة 1985) إلا أنه لا يسري بأثر رجعي يمس الأحكام القضائية النهائية التي استقرت بها المراكز القانونية للإطراف المعنية خاصة في مجال حقوق الملكية العقارية.
ومن حيث إنه فيما يتعلق بركن الضرر المترتب على القرار الإداري غير المشرع فإنه لا يقوم على الاقتراض والتسليم بمجرد إلغاء القرار المشوب بمخالفة موضوعية للقانون، وإنما يتعين على من يدعيه إثباته بكافة طرق الإثبات وباعتبار أن التعويض عن الضرر يشمل ما لحق المدعي من خسارة وما فاته من كسب وأن يكون هذا نتيجة طبيعية للقرار المعيب، وإذا كان الثابت من وقائع النزاع الماثل أن عريضة دعوى المطالبة بتعويض المدعية.... بمبلغ أربعين ألف جنيه قد جاءت خالية من بيان عناصر الضرر المادي الذي يدعيه كما أن عقد الإيجار المقدم من المدعية كان بتاريخ 30 من ديسمبر سنة 1979 أي في تاريخ لاحق على فترة الاستيلاء التي انتهت بتنفيذ الحكم الصادر في 21/ 2/ 1978 ولا دلالة له في إثبات الضرر أو مقداره خلال تلك الفترة كما لم يثبت أن الأرض كانت مستغلة استغلالاً مجزياً كأرض فضاء عند حدوث واقعة الاستيلاء أو أثناء ذلك من جانب الإصلاح الزراعي أو أنه حصل على ريع يجاوز ما تكبده من نفقات ومصروفات كانت لازمة لحفظ الأرض وحراستها وإدارتها قبل إعادتها للمالكة كأرض فضاء غير مستغلة فعلاً في الزراعة رغم ربطها بضريبة الأطيان الزراعية وهو المناط الذي استند إليه الحكم الصادر في 21/ 2/ 1978 بإلغاء قرار الاستيلاء ونفي كل شبهة عنها أو جدل في شأن طبيعتها وأنها أرض فضاء معدة للبناء داخل كردون إمبابة مما يترتب عليه حتماً زيادة كبيرة في سعرها تفوق السعر الذي كانت عليه عند الاستيلاء - كأرض زراعية، وإذ ذهب الحكم المطعون فيه غير هذا المذهب وقضى بتعويض المدعية بمبلغ خمسة آلاف جنيه عن أضرار لم يثبت ولم يقم عليها دليل يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وتأويله مما يتعين معه الحكم بإلغائه وبرفض الدعوى مع إلزام المدعية بالمصروفات عن درجتي التقاضي عملاً بالمادة 184 مرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعنين شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى وبإلزام المدعية بالمصروفات عن درجتي التقاضي.