أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الأول - السنة 43 - صـ 789

جلسة 4 من يونيه سنة 1992

برئاسة السيد المستشار/ محمد محمد طيطه نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد بدر الدين توفيق، شكري جمعه حسين، فتيحه قرة ومحمد الجابري.

(164)
الطعن رقم 1577 لسنة 57 القضائية

(1 - 7) أشخاص اعتبارية. إيجار "إيجار الأماكن" "إانهاء العقد" "ترك العين المؤجرة". محكمة الموضوع "مسائل الواقع".
(1) الشخص الاعتباري. خصائصه. المادتان 52، 53 من القانون المدني.
(2) مؤسسة صندوق الجلاء للقوات المسلحة. لها من الخصائص الأساسية ما تكتسب به الشخصية الاعتبارية. ق 50 لسنة 1974 بإنشاء المؤسسة المذكورة ولائحته التنفيذية. أثره. لا يغير من ذلك تبعيتها للقوات المسلحة أو تشكيل مجلس إداراتها بقرار من وزير الحربية. علة ذلك.
(3) حظر تخلي المستأجر عن الانتفاع بالعين المؤجرة بتمكين الغير منها بأي وجه من الوجوه إلا بإذن كتابي صريح من المالك أو في الحالات الجائزة قانوناً. مخالفة الحظر. أثره. حق المؤجرة في طلب الإخلاء.
(4) حلول مؤسسة صندوق الجلاء للقوات المسلحة في عين النزاع محل جهاز الخدمات الطبية بوزارة الدفاع رغم عدم اعتبارها من أجهزة الوزارة المذكورة. أثره. حق المؤجر في طلب إخلائها. علة ذلك.
(5) ترك العين المؤجرة. عنصراه. وجوب هجر المستأجر الإقامة فيها على وجه نهائي بنية تخليه عن العلاقة الإيجارية.
(6) تعبير المستأجر عن إرادته في التخلي عن العين المؤجرة. جواز أن يكون صريحاً أو ضمنياً باتخاذ موقف لا تدع ظروف الحال شكاً في دلالته على انصراف قصده إليه.
(7) استخلاص التخلي عن العين المؤجرة أو نفيه. واقع. استقلال محكمة الموضوع بتقديره متى أقامت قضاؤها على أسباب سائغة.
1- مفاد النص في المادتين 52، 53 من القانون المدني - يدل - وعلى ما أوضحته مذكرة المشروع التمهيدي للقانون المدني - على أن المشرع حرص على بيان الأشخاص المعنوية التي يعترف لها القانون بهذه الصفة بوضع ضابط عام يحول دون التوسع في الاعتراف بالشخصية لجماعات لا تدخل في فريق أو آخر من الفروق التي يتناولها النص بذاتها لا بد فيه من نص خاص، كما أن الخصائص الذاتية للشخص المعنوي والتي وردت في المادة 53 هي خصائص يتسعان فيها للتفريق بين مجموعات الأشخاص أو الأموال التي توجد في حكم الواقع ونظيرها من المجموعات التي يعترف القانون بكيانها ويثبت لها صلاحية الوجوب في الحدود اللازمة لمباشرة نشاطها، فيكون شأنها في هذه الحدود شأن الأشخاص الطبيعيين.
2- النص في المادة الأولى من القانون 50 لسنة 1974 بإنشاء مؤسسة صندوق الجلاء للقوات المسلحة على أن "ينشأ في وزارة الحربية مؤسسة باسم مؤسسة صندوق الجلاء للقوات المسلحة تكون لها الشخصية الاعتبارية ويكون مركزها الرئيسي مدينة القاهرة" وبين في المواد الثانية والثالثة والرابعة من ذات القانون أغراض المؤسسة وعضويتها ومواردها المالية ونصت المادة الخامسة منه على أن "يدير المؤسسة مجلس إدارة يشكل بقرار من وزير الحربية......." وجاء بالمادة الأولى من اللائحة التنفيذية للقانون 50 لسنة 1974 الصادرة في 25/ 10/ 1977 على أن "مؤسسة صندوق الجلاء للقوات المسلحة تتمتع بالشخصية الاعتبارية" وفي المادة 11 منها على أن "رئيس مجلس الإدارة هو الممثل القانوني للمؤسسة في علاقتها مع الغير وأمام القضاء........" مما يدل على أن مؤسسة صندوق الجلاء للقوات المسلحة تعتبر من الأشخاص الاعتبارية ويمثلها مجلس الإدارة ولها ذمة مالية مستقلة ولا يغير من ذلك أن مجلس إدارتها يشكل بقرار من وزير الحربية أو أن الصندوق تابع للقوات المسلحة فهي قاصرة على مجرد الإشراف الذي لا يفقدها شخصيتها الاعتبارية ولا ذمتها المالية المستقلة عن وزارة الدفاع إنما هو إشراف لحسن تسييرها وضمان انتظامها وهي بهذه الصفة لها صلاحية مباشرة التصرفات القانونية ولها أن تكتسب بعض الحقوق وتتحمل الالتزامات فلها أن تبرم عقود إيجار باسمها.
3- الأصل في ظل التشريعات الاستثنائية المنظمة لإيجار الأماكن هو انفراد المستأجر والمقيمين معه بالانتفاع بالعين المؤجرة وعدم جواز تخليه عنها للغير كلياً كان ذلك أو جزئياً مستمراً أو مؤقتاً بمقابل أو بدونه إغلا بإذن كتابي صريح من المالك أو في الحالات التي يجيز فيها القانون ذلك ويعتبر هذا التخلي بجميع صوره خروجاً من المستأجر عن حكم القانون بما يجيز للمؤجر طلب إخلاء المكان المؤجر.
4- إذ كان البين من الأوراق أن مؤسسة صندوق الجلاء للقوات المسلحة قد حلت محل جهاز الخدمات الطبية بوزارة الدفاع في عين النزاع رغم أن المؤسسة المذكورة لا تعتبر ضمن أجهزة هذه الوزارة وإنما لها الاستقلال الذاتي عنها ومن ثم تكون قد تغيرت شخصية المستأجر بما يجيز للمؤجر إخلائها من العين المؤجرة.
5- المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن ترك العين المؤجرة المبرر للإخلاء يقوم على عنصرين أولهما عنصر مادي يتمثل في هجر الإقامة في العين المؤجرة على وجه نهائي وثانيهما عنصر معنوي وهو قصد التخلي عن العلاقة الإيجارية.
6- تعتبير المستأجر عن إرادته في التخلي عن إجارة العين، كما يكون صريحاً يصح أن يكون ضمنياً بأن يتخذ موقفاً لا تدع ظروف الحال شكاً في دلالته على انصراف قصده إلى إحداث هذا الأثر القانوني.
7- استخلاص تحقق تخلي المستأجر عن العين المؤجرة أو نفيه من مسائل الواقع التي تستقل محكمة الموضوع بتقديرها متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن مورث المطعون ضدها الأولى أقامت على الطاعن والمطعون ضده الثاني بصفتيهما الدعوى رقم 798 لسنة 1983 أمام محكمة شمال القاهرة الابتدائية بطلب الحكم بإخلاء عقار النزاع المبين بالصحيفة والتسليم، وقال شرحاً لدعواه إنه بموجب عقدي الإيجار مؤرخين 9/ 9/ 1961، 24/ 4/ 1963 استأجر الطاعن بصفته من المالكين السابقين العقار المبين بالصحيفة لاستعماله مسكناً للحكميمات والعاملات بالخدمات الطبية للقوات المسلحة، وإذ آلت إليه ملكية هذا العقار علم أن الطاعن بصفته قد ترك العقار أو تنازل عن عقد الإيجار للمطعون ضده الثاني بصفته ممثلاً لمؤسسة صندوق الجلاء الذي يتمتع بالشخصية الاعتبارية المستقلة عن وزارة الدفاع فأقام الدعوى. حكمت محكمة أول درجة بالإخلاء والتسليم، استأنف الطاعن والمطعون ضده الثاني بصفتيهما هذا الحكم بالاستئناف رقم 884 لسنة 102 ق القاهرة وبتاريخ 9/ 3/ 1987 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف، طعن الطاعن بصفته في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة - في غرفة مشورة - حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين ينعي الطاعن بالوجه الأول من السبب الأول علة الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وفي بيان ذلك يقول إن مؤسسة صندوق الجلاء للقوات المسلحة وإن كان لها الشخصية الاعتبارية إلا أن وزارة الدفاع هي الملزمة بتوفير المساكن لها باعتبارها في قلب القوات المسلحة ولا يعني اكتسابها الشخصية الاعتبارية أن مركزها وفروعها يجب أن تستأجرها إذ لا يتعارض كسبها الشخصية الاعتبارية مع التزام القوات المسلحة بتوفير مقار لها ولفروعها ومن ثم فإن وجودها بعين النزاع لا يعد تركاً من وزارة الدفاع عن عين النزاع وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن النص في المادة 52/ 5 من القانون المدني على أن "الأشخاص الاعتبارية هي: 5- الجمعيات والمؤسسات المنشأة وفقاً للأحكام التي ستأتي فيا بعد" والنص في المادة 53 على أن "(1) الشخص الاعتباري يتمتع بجميع الحقوق إلا ما كان منها ملازماً لصفة الإنسان الطبيعية، وذلك في الحدود التي قررها القانون. (2) فيكون له أ - ذمة مالية مستقلة - ب - أهلية في الحدود التي يعينها سند إنشائه أو التي يقررها القانون - جح - حق التقاضي - د - موطن مستقل.......... (3) ويكون له نائب يعبر عن إرادته" يدل - وعلى ما أوضحته مذكرة المشروع التمهيدي للقانون المدني - على أن المشرع حرص على بيان الأشخاص المعنوية التي يعترف لها القانون بهذه الصفة بوضع ضابط عام يحول دون التوسع في الاعتراف بالشخصية لجماعات لا تدخل في فريق أو آخر من الفرق التي يتناولها النص بذاتها لا بد فيه من نص خاص، كما أن الخصائص الذاتية للشخص المعنوي التي وردت في المادة 53 هي خصائص يستعان بها للتفريق بين مجموعات الأشخاص أو الأموال التي توجد في حكم الواقع ونظيرها من المجموعات التي يعترف القانون بكيانها ويثبت لها صلاحية الوجوب في الحدود اللازمة لمباشرة نشاطها، فيكون شأنها في هذه الحدود شأن الأشخاص الطبيعيين، ولما كان النص في المادة الأولى من القانون 50 لسنة 1974 بإنشاء مؤسسة صندوق الجلاء للقوات المسلحة على أن "على أن "ينشأ في وزارة الحربية مؤسسة صندوق الجلاء للقوات المسلحة تكون لها الشخصية الاعتبارية ويكون مركزها الرئيسي مدينة القاهرة" وبين في المواد الثانية والثالثة والرابعة من ذات القانون أغراض المؤسسة وعضويتها ومواردها المالية ونصت المادة الخامسة منه على أن "يدير المؤسسة مجلس إدارة يشكل بقرار من وزير الحربية......" وجاء بالمادة الأولى من اللائحة التنفيذية للقانون 50 لسنة 1974 الصادرة في 25/ 10/ 1977 على أن "مؤسسة صندوق الجلاء للقوات المسلحة تتمتع بالشخصية الاعتبارية" وفي المادة 11 منها على أن "رئيس مجلس الإدارة هو الممثل القانوني للمؤسسة في علاقتها مع الغير وأمام القضاء........" مما يدل على أن مؤسسة صندوق الجلاء للقوات المسلحة تعتبر من الأشخاص الاعتبارية ويمثلها مجلس الإدارة ولها ذمة مالية مستقلة ولا يغير من ذلك أن مجلس إدارتها يشكل بقرار من وزير الحربية أو أن الصندوق تابع للقوات المسلحة فهي قاصرة على مجرد الإشراف الذي لا يفقدها شخصيتها الاعتبارية ولا ذمتها المالية المستقلة عن وزارة الدفاع إنما هو إشراف لحسن تسييرها وضمان انتظامها وهي بهذه الصفة لها صلاحية مباشرة التصرفات القانونية ولها أن تكتسب بعض الحقوق وتتحمل الالتزامات فلها أن تبرم عقود إيجار باسمها، ولما كان الأصل في ظل التشريعات الاستثنائية المنظمة لإيجار الأماكن هو انفراد المستأجر والمقيمين معه بالانتفاع بالعين المؤجرة وعدم جواز تخليه عنها للغير كلياً كان ذلك أو جزئياً مستمراً أو مؤقتاً بمقابل أو بدونه إغلا بإذن كتابي صريح من المالك أو في الحالات التي يجيز فيها القانون ذلك ويعتبر هذا التخلي بجميع صوره خروجاً من المستأجر عن حكم القانون بما يجيز للمؤجر طلب الإخلاء المكان المؤجر، لما كان ذلك وكان البين من الأوراق أن مؤسسة صندوق الجلاء للقوات المسلحة قد حلت محل جهاز الخدمات الطبية بوزارة الدفاع في عين النزاع رغم أن المؤسسة المذكورة لا تعتبر ضمن أجهزة هذه الوزارة وإنما لها الاستقلال الذاتي عنها ومن ثم تكون قد تغيرت شخصية المستأجر بما يجيز للمؤجر إخلائها من العين المؤجرة وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإن النعي عليه يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعن بصفته ينعي بالوجه الثاني من السبب الأول وبالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه بمخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والقصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقول إنه تمسك في دفاعه بأن وزارة الدفاع لم تترك عين النزاع بقصد التخلي عنها إلا أن الحكم المطعون فيه أغفل الرد على هذا الدفاع الجوهري دون أن يثبت أن هذا الترك نهائياً بالمخالفة لنص المادة 18/ حـ من القانون رقم 136 لسنة 1981 مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن ترك العين المؤجرة المبرر للإخلاء يقوم على عنصرين أولهما عنصر مادي يتمثل في هجر الإقامة في العين المؤجرة على وجه نهائي وثانيهما عنصر معنوي وهو قصد التخلي عن العلاقة الإيجارية وأن تعبيتبر المستأجر عن إرادته في التخلي عن إجارة العين، كما يكون صريحاً يصح أن يكون ضمنياً بأن يتخذ موقفاً لا تدع ظروف الحال شكاً في دلالته على انصراف قصده إلى إحداث هذا الأثر القانوني وكان استخلاص تحقق هذا التخلي المستأجر عن العين المؤجرة أو نفيه من مسائل الواقع التي تستقل محكمة الموضوع بتقديرها متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أورى في مدوناته "......... وحيث إنه لما كان الثابت من أوراق الدعوى وما لم ينكره وزير الدفاع والإانتاج الحربي بصفته من أن مؤسسة صندوق الجلاء هي التي تشغل العقار موضوع النزاع وتستغله وكما هو ثابت إن مؤسسة صندوق الجلاء قد أنشأت وفقاً لأحكام ونصوص القانون 50 لسنة 1974 والذي نص على أن لهذا الصندوق شخصية اعتبارية مستقلة........ وكان الثابت أن وزارة الدفاع قد تخلت عن العقار موضوع الدعوى لاستغلاله دون إذن كتابي من المالك الأمر الذي يحق للمالك من أن يطلب إخلاء كل من وزارة الدفاع ومؤسسة صندوق الجلاء من العقار......." كما جاء بالحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه "......... وكانت المحكمة قد خلصت إلى أن مؤسسة صندوق الجلاء لها شخصية اعتبارية مستقلة وكان الثابت من تقرير الخبير أنها هي الشاغلة ة لعين النزاع وحدها مما يقطع في يقين المحكمة أن وزارة الدفاع - المستأجر الأصلي - قد ترك عين النزاع لها........" وهي أسباب سائغة لها أصلها الثابت في الأوراق وتدل وزارة الدفاع العين المؤجرة لمؤسسة صندوق الجلاء وتكفي لحمل الحكم المطعون فيه ومن ثم فإن النعي بهذه الأسباب يكون على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.