أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الأول - السنة 43 - صـ 802

جلسة 7 من يونيه سنة 1992

برئاسة السيد المستشار/ جرجس اسحق نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ عبد الحميد الشافعي، إبراهيم الطويلة نائبي رئيس المحكمة محمد عبد المنعم إبراهيم وخيري فخري.

(166)
الطعن رقم 4746 لسنة 61 القضائية

(1) أمر أداء. دعوى "رفع الدعوى".
سلوك طريق أوامر الأداء. شرطه. المقصود بتعيين مقدار الدين ألا يكون قابلاً للمنازعة فيه. تخلف أحد شروط الأمر. أثره. للدائن إتباع الطريق العادي في رفع الدعوى.
(2) دعوى "وقف الدعوى". حكم "حجية الحكم الجنائي". نظام عام. نقض.
الدعوى المدنية. وقف السير فيها لحين صدور حكم نهائي في الدعوى الجنائية المقامة قبل أو أثناء السير في الدعوى المدنية متى كانت الدعويان ناشئتين عن فعل واحد. تعلق هذه القاعدة بالنظام العام.
(3) كفالة. تضامن. التزام "تعدد طرفي الالتزام".
التزام الكفيل متضامناً أو غير متضامن. ماهيته. التزام تابع لالتزام المدين الأصلي. مؤدى ذلك.
1- مفاد نص المادة 201 من قانون المرافعات أن طريق أوامر الأداء هو استثناء من القواعد العامة في رفع الدعاوي ابتداءً فلا يجوز التوسع فيه ولا يجوز سلوكه إلا إذا كان حق الدائن ثابتاً بالكتابة وحال الأداء وكان كل ما يطالب به ديناً من النقود معين المقدار أو منقولاً معيناً بنوعه ومقداره، وأن قصد المشرع من تعيين مقدار الدين بالسند ألا يكون بحسب الظاهر من عباراته قابلاً للمنازعة فيه، فإذا تخلف شرط من هذه الشروط وجب على الدائن إتباع الطريق العادي في رفع الدعوى.
(2) النص في المادة 256 من قانون الإجراءات الجنائية على أنه "إذا رفعت الدعوى المدنية أمام المحاكم المدنية يجب وقف الفصل فيها حتى يحكم نهائياً في الدعوى الجنائية المقامة قبل رفعها أو في أثناء السير فيها....." يدل على أن المشرع ارتأى كنتيجة لازمة لمبدأ تقيد القاضي المدني بالحكم الجنائي في الموضوع المشترك بين الدعويين وهو وقوع الجريمة ونسبتها إلى فاعلها وفق المادة 456 من قانون الإجراءات الجنائية والمادة 102 من قانون الإثبات أنه يتعين على المحكمة المدنية وقف الدعوى أمامها، انتظاراً للحكم النهائي الصادر في الدعوى الجنائية، طالما أقيمت الدعوى الجنائية قبل أو أثناء سير الدعوى المدنية، وطالما توافرت وحدة السبب بأن تكون الدعويان ناشئتين عن فعل واحد، وأن يتحقق ارتباط بينهما، يقتضي أن يترقب القاضي المدني صدور حكم نهائي في الدعوى الجنائية لتفادي صدور حكمين مختلفين عن ذات الواقعة من محكمة جنائية وأخرى مدنية، وهذه القاعدة متعلقة بالنظام العام ويجوز التمسك بها في أية حالة تكون عليها الدعوى ولو لأول مرة أمام محكمة النقض.
(3) التزام الكفيل متضامناً أو غير متضامناً - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة هو التزام تابع لالتزام المدين الأصلي فلا يقوم إلا بقيامه إذ لا يسوغ النظر في إعمال أحكام الكفالة على التزام الكفيل قبل البت في التزام المدين الأصلي، وللكفيل أن يتمسك في مواجهة الدائن بما يستطيع المدين أن يتمسك به إعمالاً لنص المادتين 782/ 1، 794 من القانون المدني، فكل ما يؤثر في الالتزام الأصلي يؤثر في التزام الكفيل.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون عليها أقامت الدعوى رقم 806 سنة 1990 مدني الفيوم الابتدائية ضد الطاعن بطلب الحكم بإلزامه بأن يؤدي لها مبلغ 3600 جنيه، وقالت بياناً لذلك إن الطاعن وقع على قائمة منقولات جهازها المؤرخة 14/ 7/ 1987 ضماناً لابنه الذي بددها وتحرر ضده من أجل ذلك قضية الجنحة رقم 3830 سنة 1987 قسم الفيوم قضى فيها بمعاقبته جنائياً، وإذ رفض سداد قيمة المنقولات أقامت الدعوى. بتاريخ 17/ 12/ 1990 حكمت المحكمة بإلزام الطاعن بأن يؤدي للمطعون عليها مبلغ 3600 جنيه. استأنف الطاعن هذا الحكم لدى محكمة استئناف بني سويف - مأمورية الفيوم - بالاستئناف رقم 71 سنة 27 ق، وبتاريخ 18/ 7/ 1991 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم وعرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب، ينعي الطاعن بأولها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون، وفي بيان ذلك يقول إنه دفع بعدم قبول الدعوى لرفعها بالطريق المعتاد في رفع الدعاوي في حين أن الدين المطالب به قد توافرت لاقتضائه شروط إصدار أمر الأداء وفقاً للمادة 201 من قانون المرافعات وإذ قضى الحكم المطعون فيه برفض الدفع يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في غير محله ذلك أن مفاد نص المادة 201 من قانون المرافعات أن طريق أوامر الأداء هو استثناء من القواعد العامة في رفع الدعاوي ابتداءً فلا يجوز التوسع فيه ولا يجوز سلوكه إلا إذا كان حق الدائن ثابتاً بالكتابة وحال الأداء وكان كل ما يطالب به ديناً من النقود معين المقدار أو منقولاً معيناً بنوعه ومقداره، وأن قصد المشرع من تعيين مقدار الدين بالسند ألا يكون بحسب الظاهر من عباراته قابلاً للمنازعة فيه، فإذا تخلف شرط من هذه الشروط وجب على الدائن إتباع الطريق العادي في رفع الدعوى. لما كان ذلك وكان البين من قائمة الجهاز المؤرخة 14/ 7/ 1987 أنها تضمنت التزام الزوج بالمحافظة على المنقولات المبينة بها وبتسليمها أو استحضار بدلها إذا فقد شيء منها أو دفع قيمتها حسبما هو مبين بالقائمة، وكان مؤدى النص في المادتين 203 / 1، 215 من القانون المدني أن الأصل هو تنفيذ الالتزام عيناً ولا يصار إلى عوضه - أي التنفيذ بطريق التعويض - إلا إذا استحال التنفيذ العيني، وكانت المطعون عليها قد قصرت دعواها على طلب التعويض دون أن يتضمن سند الدين أو الأوراق ما يفيد ضياع المنقولات أثر فقدها أو تلفها كلها أو بعضها أو ما يفيد استحالة التنفيذ العيني على أي وجه وما يستتبعه ذلك في تحديد مقدار التعويض المستحق على ما استحال تنفيذه عيناً وهو ما من شأنه أن يجعل الدين المطالب به غير معين المقدار قابلاً للمنازعة فيه بين الخصوم - لما كان ذلك فإن الحكم المطعون فيه يكون قد أصاب صحيح القانون إذ لم يتطلب إصدار أمر الأداء بالنسبة للمبلغ المطالب به وقضى برفض الدعوى في هذا الخصوص ويكون النعي بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن بباقي أسباب الطعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون، وفي بيان ذلك يقول إنه تمسك أمام محكمة الموضوع بوجوب وقف السير في الدعوى المدنية حتى يفصل بحكم بات في جنحة التبديد المتهم فيها المدين إلا أن الحكم المطعون فيه أطرح هذا الطلب وقضى بإلزامه بقيمة المنقولات رغم وحدة الأساس المشترك في الدعويين بما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك أن النص في المادة 256 من قانون الإجراءات الجنائية على أنه "إذا رفعت الدعوى المدنية أمام المحاكم المدنية يجب وقف الفصل فيها حتى يحكم نهائياً في الدعوى الجنائية المقامة قبل رفعها أو في أثناء السير فيها....." يدل على أن المشرع ارتأى كنتيجة لازمة لمبدأ تقيد القاضي المدني بالحكم الجنائي في الموضوع المشترك بين الدعويين وهو وقوع الجريمة ونسبتها إلى فاعلها وفق المادة 456 من قانون الإجراءات الجنائية والمادة 102 من قانون الإثبات، أنه يتعين على المحكمة المدنية وقف الدعوى أمامها، انتظاراً للحكم النهائي الصادر في الدعوى الجنائية، طالما أقيمت الدعوى الجنائية قبل أو أثناء سير الدعوى المدنية، وطالما توافرت وحدة السبب بأن تكون الدعويان ناشئتين عن فعل واحد، وأن يتحقق ارتباط بينهما، يقتضي أن يترقب القاضي المدني صدور حكم نهائي في الدعوى الجنائية لتفادي صدور حكمين مختلفين عن ذات الواقعة من محكمة جنائية وأخرى مدنية، وهذه القاعدة متعلقة بالنظام العام ويجوز التمسك بها في أية حالة تكون عليها الدعوى ولو لأول مرة أمام محكمة النقض. لما كان ذلك وكان التزام الكفيل متضامناً أو غير متضامناً - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة هو التزام تابع الالتزام المدين الأصلي فلا يقوم إلا بقيامه إذ لا يسوغ النظر في إعمال أحكام الكفالة على التزام الكفيل قبل البت في التزام المدين الأصلي، وللكفيل أن يتمسك في مواجهة الدائن بما يستطيع المدين أن يتمسك به إعمالاً لنص المادتين 782/ 1، 794 من القانون المدني، فكل ما يؤثر في الالتزام الأصلي يؤثر في التزام الكفيل لما كان ذلك وكان الثابت بالأوراق أن النيابة العامة استندت إلى زوج المطعون عليها - المكفول من الطاعن - أنه بدد المنقولات موضوع القائمة وقدمته إلى المحاكمة الجنائية، وكان الفصل في هذه الواقعة بحكم بات قبل المدين الأصلي للمطعون عليها أمراً لازماً حتى تقوم مسئولية الطاعن باعتباره كفيلاً متضامناً إذ أن واقعة التبديد هي الأساس المشترك في الدعويين الجنائية والمدنية، مما كان يتعين على محكمة الاستئناف أن توقف السير في الدعوى المدنية المطروحة حتى يفصل في الدعوى الجنائية بحكم بات، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وفصل في موضوع الدعوى فإنه يكون قد خالف القانون بما يوجب نقضه دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.