مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة أحكام المحكمة الإدارية العليا
السنة الرابعة والثلاثون - الجزء الأول (من أول أكتوبر سنة 1988 إلى آخر فبراير سنة 1989) - صـ 563

(86)
جلسة 18 من فبراير سنة 1989

برئاسة السيد الأستاذ المستشار محمد حامد الجمل نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة: يحيى السيد الغطريفي ود. إبراهيم علي حسن وإسماعيل صديق راشد وأحمد شمس الدين خفاجى المستشارين.

الطعن رقم 1545 لسنة 30 القضائية

المحكمة الإدارية العليا - دائرة فحص الطعون - طبيعة ما يصدر منها من قرارات أو أحكام (دعوى بطلان أصلية).
مادة (46) من القانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة.
يتضح من تشكيل دائرة فحص الطعون واختصاصها أنها محكمة ذات تشكيل خاص وولاية قضائية متميزة تختلف عن تشكيل وولاية المحكمة الإدارية العليا بدوائرها الموضوعية - وصف المشرع ما يصدر عن دائرة فحص الطعون بأنه قرار (وذلك فيما يتعلق بقرارات الإحالة إلى المحكمة الإدارية العليا) - يعتبر هذا القرار قرار قضائي ولائي - وصف المشرع ما تقضي به المحكمة من رفض الطعن بإجماع آراء أعضاء الدائرة بأنه حكم - يعتبر هذا الرفض حكماً قضائياً صادراً من دائرة فحص الطعون ويخضع بالتالي لكل ما تخضع له أحكام مجلس الدولة من قواعد وإجراءات - أثر ذلك: اختصاص دائرة فحص الطعون بنظر دعوى البطلان الأصلية الخاصة بما يصدر عنها من أحكام مثلها في ذلك مثل أي محكمة قضائية أخرى - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم 15 من أبريل 1984 أودع الأستاذ/ ....... المحامي بصفته وكيلاً عن الطاعنين بموجب التوكيل الرسمي العام رقم 754 لسنة 1984 توثيق القناطر الخيرية والتوكيل الرسمي العام رقم 764 لسنة 1984 توثيق القناطر الخيرية وبموجب توكيل خاص عن الطاعنين على التوالي - قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 1545 لسنة 30 القضائية في الحكم الصادر من دائرة فحص الطعون بالمحكمة الإداري العليا (الدائرة الرابعة) بجلسة 28 من مارس 1984 في الطعون الأربعة سالفة الذكر، والذي قضى برفض الطعون المشار إليها.
وقد طلب الطاعنون - للأسباب الواردة في تقرير الطعن - إلغاء الحكم المطعون فيه لبطلانه بطلاناً أصليا متعلقاً بالنظام العام، وفي الموضوع بإعادة الطعون المقامة من الطاعنين إلى دائرة أخري بالمحكمة الإدارية العليا للنظر فيها مجدداً، مع إبقاء الفصل في المصروفات.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً برأيها القانوني ارتأت فيه - للأسباب المبينة به - الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وإعادة الفصل في الطعون موضوع ذلك الحكم مجدداً من دائرة أخرى.
وقد حدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 23/ 3/ 1988 وتداول نظره وفقاً للثابت بمحاضر الجلسات، وبجلسة 25/ 5/ 1988 حيث قررت الدائرة إحالة الطعن إلى هذه المحكمة وحددت لنظره جلسة 25/ 8/ 1988 حيث نظرته هذه المحكمة بالجلسة المذكورة وتداول نظره وفقاً للثابت بمحاضر الجلسات إلى أن قررت المحكمة بجلسة 14/ 1/ 1988 إصدار الحكم بجلسة اليوم 18/ 2/ 1989 وقد صدر هذا الحكم بالجلسة المحددة لذلك وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع المرافعة والمداولة.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد صدر بجلسة 28 من مارس 1984 وقد أودع تقرير الطعن بدعوى بطلان أصلية - في 15/ 4/ 1984.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص في أنه بتاريخ 9/ 2/ 1981 أقامت النيابة الإدارية ضد الطاعنين وآخرين الدعوى رقم 342 لسنة 9 ق أمام المحكمة التأديبية بطنطا موجهة إليهم الاتهام بأنه - بالهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية بمكتب القناطر الخيرية بدائرة محافظة القليوبية - خرجوا على مقتضي الواجب الوظيفي وسلكوا مسلكاً معيباً لا يتفق والاحترام الواجب وخالفوا القواعد واللوائح المالية بأن عدلوا تاريخ ميلاد ومهنة المواطنين الموضحة أسماؤهم بالأوراق ببطاقتهم الشخصية والعائلية، كما ضمنوا مستندات صرف المعاشات لهم بيانات تخالف الحقيقة مما سهل لبعض المواطنين الحصول على معاشات وفقا لأحكام القانون رقم 112 لسنة 1975 دون وجه حق مقابل تقاضيهم مبالغ نقدية على النحو الموضح تفصيلاً بالأوراق، كما تضمن الاتهام للطاعن الأول أيضاً تمزيق محضر الاستدلال المؤرخ 3/ 6/ 1973 المتضمن اعتراف المؤمن عليه/ ....... بوقائع تدين الطاعن الثالث على النحو الموضح بالأوراق.
وارتأت النيابة الإدارية أن المتهمين قد ارتكبوا المخالفة الإدارية المنصوص عليها في المواد 52/ 1، 53/ 1، 3، 55/ 1 من القانون رقم 58 لسنة 1971 والمواد 76/ 3، 77/ 1/ 3، 78 من القانون رقم 47 لسنة 1978.
وطلبت النيابة الإدارية محاكمتهم بهذه المواد والمادتين 80، 82 من القانون رقم 47 لسنة 1978 والمادة 14 من القانون رقم 117 لسنة 1958 بشأن تنظيم النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية والمادتين 15، 19 من القانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة.
وبجلسة 3 من مايو 1982 قضت المحكمة التأديبية بطنطا في الدعوى التأديبية رقم 392 لسنة 9 ق بمجازاة المتهمين/ ........ و....... و........ و........ بالفصل من الخدمة وببراءة المتهم/ ....... من المخالفة المنسوبة إليه.
وقد أقام الطاعن الأول......... الطعن رقم 1308 لسنة 28 ق عليا، وأقام الطاعن الثاني..... الطعن رقم 1327 لسنة 28 ق عليا، وأقام الطاعن الثالث......... الطعن رقم 1348 لسنة 28 ق عليا وذلك أمام المحكمة الإدارية العليا وضم للطعن الأخير الطعن الذي أقامه الطاعن الثالث والمحال من القضاء المدني والمقيد تحت رقم 69 لسنة 29 ق عليا.
وقد نظرت دائرة فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا - الدائرة الرابعة - الطعون سالفة الذكر وقررت ضمها وأصدرت فيها حكمها المطعون عليه.
وقد بني الطاعنون طعنهم الماثل على أن الثابت من مطابقة محاضر جلسات الطعون المشار إليها آنفاً المقامة من الطاعنين في الحكم رقم 342 لسنة 9 القضائية الصادر من المحكمة التأديبية بطنطا أن الطعون قد عرضت على دائرة فحص الطعون بالدائرة الرابعة بجلسة 12/ 1/ 1983 وكان تشكيلها برئاسة الأستاذ المستشار..... الشربيني نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية الأستاذين المستشارين...... فضلاً عن السيد مفوض الدولة، وبجلسة 27/ 4/ 1983 حضر الأستاذ المستشار (.......) بدلاً من السيد المستشار (.......) وبذلك أصبحت الدائرة مشكلة (برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ ........)، وعضوية الأستاذين المستشار/ ........، و........) وقد نظرت هذه الهيئة الطعن في الجلسات المتوالية على الوجه الثابت بمحضر الجلسة وقررت بجلسة 25/ 5/ 1983 ضم الطعون أرقام 1327 لسنة 28 ق 1348 لسنة 28 ق، 69 لسنة 29 ق إلى الطعن رقم 1308 لسنة 28 ق ليصدر فيهم حكم واحد.
ويقول الطاعنون أن المحكمة بالهيئة سالفة الذكر قررت بجلسة 9/ 11/ 1983 حجز الطعون المشار إليها للحكم بجلسة 28/ 12/ 1983 مع التصريح بتقديم مذكرات في الأجل الذي حددته، وبالجلسة المحددة للنطق بالحكم 28/ 12/ 1983 تضمن محضر الجلسة تعديلاً في تشكيل المحكمة إذ حل (الأستاذ المستشار/ ........ محل الأستاذ المستشار/ ......) فأصبحت الدائرة مشكلة (برئاسة المستشار/ .....) وعضوية المستشارين.....، ......) حيث قررت الهيئة الجديدة في هذه الجلسة مد أجل النطق بالحكم لجلسة 14/ 3/ 1984 لإتمام المداولة ثم لجلسة 14/ 3/ 1984 ثم لجلسة 28/ 3/ 1984 لذلك السبب، وقد صدر الحكم في الجلسة الأخيرة قاضياً بإجماع الآراء برفض الطعون المشار إليها.
ويقول الطاعنون أن الحكم المطعون فيه قد صدر من هيئة لم تسمع المرافعة بتشكيلها الكامل والنهائي، الأمر الذي من شأنه بطلان حكمها بطلاناً من النظام العام.
ومن حيث إن حقيقة التكييف القانوني السليم للطعن الماثل - في ضوء طلبات الطاعنين التي تستهدف إلغاء الحكم المطعون فيه لبطلانه بطلاناً أصلياً ملتصقاً بالنظام العام - أنه دعوى بطلان أصلية لذلك الحكم وحيث أن الفصل في الاختصاص مقدم على البت في الشكل وبداهة فإن الفصل في الاختصاص يسبق أيضاً التعرض للموضوع.
ومن حيث أنه يتعين بادئ ذي بدء تحديد ما إذا كانت دعوى البطلان الأصلية للحكم الصادر برفض طعون الطاعنين تختص به هذه المحكمة.
ومن حيث إن المشرع قد نظام تشكيل واختصاص دائرة فحص الطعون، فأورد في المادة (46) من القانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة واختصاص هذه الدائرة بنظر الطعن الذي يقدم للمحكمة الإدارية العليا بعد سماع إيضاحات مفوض الدولة وذوي الشأن، وإذا رأت دائرة فحص الطعون أن الطعن جدير بالعرض على المحكمة الإدارية العليا، إما لأن الطعن مرجح القبول أو لأن الفصل في الطعن يقتضي تقرير مبدأ قانوني لم يسبق للمحكمة تقريره أصدرت قراراً بإحالته إليها، أما إذا رأت - بإجماع الآراء - أنه غير مقبولاً شكلاً أو باطل أو غير جدير بالعرض على المحكمة حكمت برفضه.
وقد قضى المشرع بالفقرة الثانية من المادة (46) سالفة الذكر بأن يكتفي بنص منطوق القرار أو الحكم بمحضر الجلسة وتبين المحكمة في المحضر بإيجاز وجهة النظر إذا كان الحكم الصادر بالرفض ولا يجوز الطعن فيه بأي طريق من طرق الطعن.
ومن حيث إن المشرع قد نص على أن تشكل دائرة فحص الطعون من ثلاثة مستشارين (المادة الرابعة) من قانون مجلس الدولة، وهو ما يتضح معه من تشكيل هذه الدائرة واختصاصاتها أنها محكمة ذات تشكيل خاص وولاية قضائية خاصة مميزة تختلف عن تشكيل وولاية المحكمة الإدارية العليا بدوائرها الموضوعية وقد وصف المشرع صراحة ما يصدر عن دائرة فحص الطعون بأنه قرار فيما يتعلق بما تقرر إحالته إلى المحكمة الإدارية العليا ومن ثم فهو بالنص قرار قضائي ولائي من هذه الدائرة بينما وصف ما تقضي به من رفض للطعن بالإجماع لآراء أعضائها بأنه حكم ومن ثم فإن هذا الرفض يكون حكماً قضائياً صادراً من دائرة فحص الطعون بتشكيلها الخاص ويخضع هذا الحكم بالتالي لكل ما تخضع له أحكام مجلس الدولة من قواعد وإجراءات وكذلك لما ورد في قانون المرافعات بالإحالة الصريحة المنصوص عليها في المادة (3) من القرار بقانون بتنظيم مجلس الدولة وفيما لم يرد فيه نص في هذا التنظيم.
ومن حيث أنه ما دام أن دائرة فحص الطعون تعتبر محكمة ذات ولاية محددة تتعلق بالحكم برفض ما يعرض عليها من طعون فإنها من ثم وفي حدود ما تقضي فيه بحكم قضائي تختص بنظر دعوى البطلان الأصلية الخاصة بما صدر عنها من أحكام مثلها في ذلك مثل أي محكمة قضائية أخرى، يؤكد سلامة هذا التفسير أنه قد جرى قضاء هذه المحكمة على أن دائرة فحص الطعون هي المختصة بنظر التماس إعادة النظر في الحكم الصادر منها باعتبارها محكمة محددة الولاية إعمالاً لقانون مجلس الدولة وقانون المرافعات المدنية والتجارية.
ومن حيث إنه كما سبق القول فإن الطعن الماثل في حقيقته دعوى بطلان أصلية، ترتكز على بطلان الحكم الصادر من دائرة فحص الطعون على أساس تغير تشكيل هيئة الحكم بعد حجز الطعن أمام تلك الدائرة للحكم فيه.
وحيث إن المادة (67) من قانون المرافعات تنص على أنه لا يجوز أن يشترك في المداولة غير القضاة الذين سمعوا المرافعة وإلا كان الحكم باطلاً.
ومن حيث إنه بناء على ما تقدم فإن الاختصاص بنظر دعوى البطلان الأصلية الماثلة يكون للمحكمة التي أصدرته وإذ لم يصدر الحكم المطعون فيه من هذه المحكمة فإنه يتعين الحكم بعدم اختصاصها بنظر الدعوى.
ومن حيث إنه وفقاً لحكم المادة (110) من قانون المرافعات فإنه إذا قضت المحكمة بعدم اختصاصها أن تأمر بإحالة الدعوى بحالتها إلى المحكمة المختصة.
ومن حيث إن هذا الحكم غير منه للخصومة، لذلك يرجأ البت في المصروفات إعمالاً للمادة (184) من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بعدم اختصاصها بنظر الدعوى، وأمرت بإحالتها بحالتها لدائرة فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا - الدائرة الرابعة - للاختصاص وأبقت الفصل في المصروفات.