مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة أحكام المحكمة الإدارية العليا
السنة الرابعة والثلاثون - الجزء الأول (من أول أكتوبر سنة 1988 إلى آخر فبراير سنة 1989) - صـ 601

(91)
جلسة 25 من فبراير سنة 1989

برئاسة السيد الأستاذ المستشار محمد أنور محفوظ رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة: عبد الفتاح السيد بسيوني وصلاح عبد الفتاح سلامة وسعد الله محمد حنتيره  والسيد عبد الوهاب أحمد المستشارين.

الطعن رقم 838 لسنة 34 القضائية

جامعات - كلية الهندسة - نظام التيسير (أثر فوري)، المادة (80) من اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم الجامعات الصادرة بقرار رئيس الجمهورية رقم 809 لسنة 1975 معدلة بالقرار رقم 278 لسنة 1981.
التعديل الذي أدخله المشرع على نص المادة (80) من اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم الجامعات والذي بموجبه يمنح الطالب فرصتان متتاليتان للامتحان فيما رسب فيه في السنة النهائية فيما لا يزيد على نصف مقررات هذه السنة أو في المقرر الواحد في الكليات التي يدرس بها مقرر واحد في السنة النهائية وذلك بصرف النظر عن المقررات المتخلفة من سنوات سابقة - هذه القاعدة تنطبق بأثر فوري - أساس ذلك أن المشرع لم يعاود النظر فيما تم من تكوين أو انقضاء لوضع قانوني قبل التعديل - يقصد بالوضع القانوني الرسوب فيما لا يزيد على نصف مقررات السنة النهائية والذي كان يخول صاحبه الحق في الامتحان حتى يتم نجاحه - ثم قيد  ذلك بالترخيص له في الامتحان فيما رسب فيه فرصتين متتاليتين - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم السبت الموافق 20/ 2/ 1988 أودع الأستاذ الدكتور..... المحامي بالنقض والمحكمة الإدارية العليا ووكيل الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا صحيفة الطعن في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري في الدعوى رقم 5420 لسنة 38 ق بجلسة 22/ 2/ 1987 وقيد الطعن برقم 838 لسنة 34 ق. وطلب الطاعن للأسباب التي أوردها بتقرير الطعن - الحكم بقبول الطعن شكلاً، وبصفة أصلية بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضي به من رفض الدعوى موضوعاً وتحميل الطاعن بالمصروفات وبإلغاء قرار جامعة القاهرة القاضي باعتبار الطاعن راسباً ومفصولاً وبعدم اعتباره ناجحاً في جميع المواد الفرقة الرابعة تطبيقاً لقواعد التيسير المقررة ومتخلفاً في مادة الفرقة السابقة وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وبإلزام جهة الإدارة بالمصروفات والأتعاب.
وقد أعلن الطعن قانوناً بتاريخ 1/ 3/ 1988 وأودع السيد مفوض الدولة تقريراً ارتأى فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء بإلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من اعتبار الطاعن راسباً ومفصولاً لاستنفاد مرات الرسوب إلى "متخلف وله دور ثان في مادة التخلف" وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجامعة المطعون ضدها المصروفات.
وحددت لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 8/ 4/ 1988 وتدوول نظره على النحو المبين بمحاضر الجلسات حتى قررت بجلسة 21/ 11/ 1988 إحالته إلى المحكمة الإدارية العليا (دائرة منازعات الأفراد والهيئات والتعويضات) لنظره بجلسة 26/ 11/ 1988 وتدوول نظره على النحو الثابت بمحاضر الجلسات حتى قررت بجلسة 21/ 1/ 1989 إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن أقيم في الميعاد القانوني مستوفياً أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - في أن الطاعن أقام ضد المطعون ضده عميد كلية الهندسة بجامعة القاهرة بتاريخ 12/ 6/ 1984 الدعوى رقم 5420 لسنة 38 ق طالبا الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ وإلغاء قرار جامعة القاهرة الصادر بفصله لاستنفاد مرات الرسوب وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام المدعي عليهما بالمصروفات وشرح دعواه بأنه كان طالباً بالفرقة الرابعة بكلية الهندسة جامعة القاهرة في العام الدراسي 78/ 1979 وقد رسب في ثلاثة مواد على مادة تخلف، وأنه استنفد عدد مرات الرسوب. وفي أبريل سنة 1984 صدر قرار من كلية الهندسة ومجلس الجامعة بعدم السماح للطلبة الذين استنفذوا مرات الرسوب بدخول الامتحان وقد علم بهذا القرار بطريقة غير رسمية من بعض الأساتذة في سبتمبر سنة 1983 فتقدم بالتماس لعميد الكلية يناشده فيه السماح له بدخول الامتحان مثل زملائه الذين أعطتهم الكلية فرصاً مفتوحة حتى يتخرجوا فلم يسمح له عميد الكلية بذلك فتظلم رئيس الجامعة دون جدوى وأضاف المدعي شأنه كان من نتيجة عدم وضوح حقه منذ عام 1980 أن كانت الكلية لا تسمح له بدخول الامتحان وتبلغه به في مارس وقد حدث ذلك أعوام 80، 81، 82، 83 كما أضاعت الكلية عليه عام 83/ 1984 بعدم الرد على التماساته وشكاواه. واستطرد المدعي قائلاً أن القرار الذي تم بناء عليه فصله من الكلية طبق عليه نصفه فقط ولم يطبق عليه نصفه الأخر الذي يعطي لمن هم في مثل ظروفه في عدد المواد الراسب فيها نسبة 30% رأفة، كما أن هناك زملاء له من نفس دفعنه أعطت لهم الكلية فرصاً مفتوحة حتى حصولهم على الليسانس وكانوا راسبين في أقل من نصف المواد مثل حالته، وأنه على فرض صحة ما تدعيه الجامعة من استنفاذ عدد مرات الرسوب فإن العقوبة الموقعة عليه قد شابها الغلو الظاهر ولا تتفق مع ما جرت عليه الجامعة من فصل الطلبة الذين يمرون بنفس حالته بل أعطتهم فرصاً كثيرة. وردت جامعة القاهرة على الدعوى فدفعت بعدم قبولها لرفها بغير الطريق القانوني بعدم التظلم من القرار المطعون فيه الذي علم به - وفق إقراره بصحيفة الدعوى في سبتمبر سنة 1983، وفي الموضوع قالت أن المدعي استمر وجوده بالفرقة الرابعة مدني كلية الهندسة مدة ست سنوات من العام الدراسي 77/ 1987 حتى 82/ 1983 وأتيحت له جميع الفرص التي نص عليها قانون الجامعات ولائحته التنفيذية، كما طبقت جميع قواعد الرأفة في حالة المدعي طبقا لنظام التيسير المقترح خلال العام الجامعي 82/ 1983 بنسبة 8% موزعة على مواد التخلف والأوراق الخاصة والانتقالية. أما نسبة 30% التي يدعيها الطالب فهي تعبر عن شيء أخر التبس عليه وانتهت الجامعة إلى طلب الحكم بعدم قبول الدعوى لرفعها بغير الطريق القانوني وبرفضها موضوعاً.
وبجلسة 4/ 3/ 1986 حكمت المحكمة بقبول الدعوى شكلاً وبرفض الطلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه وألزمت المدعي بمصروفاته، وبجلسة 22/ 12/ 1978 أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه برفض الدعوى وألزمت المدعي بالمصروفات, وأسست المحكمة قضائها بقبول الدعوى شكلاً على أن أخر عام جامعي قضاه المدعي بكلية الهندسة هو عام 82/ 1983 وثابت من كتاب مدير عام الإدارة العامة لشئون التعليم بجامعة القاهرة المؤرخ 2/ 4/ 1984 المرفق بحافظة مستندات الجامعة أن المستشار القانوني الجامعة أفتى بعدم جواز منح الطالب المدعي فرصة استثنائية للتقدم للامتحان في العام الجامعي 83/ 1984 وأشر رئيس الجامعة بتاريخ 5/ 3/ 1984 بالموافقة على فتوى المستشار وقد تظلم المدعي إلى مدير الجامعة بتاريخ 8/ 5/ 1984 وهذا التظلم من شأنه أن يقطع ميعاد رفع الدعوى - رغم أن القرار المطعون فيه لا يدخل في عداد القرارات التي تتطلب التظلم الوجوبي - ويجعل للمدعي الحق في إقامة دعواه خلال الستين يوماً التالية لانقضاء ستين يوماً على تقديمه تظلمه وإذ أقام دعواه في 12/ 6/ 1984 فإنها تكون مقامة في الميعاد القانوني ويكون الدفع بعدم قبولها شكلاً على غير سند من القانون وفي الموضوع قالت المحكمة أن المدعي استمر بالفرقة الرابعة مدني بكلية الهندسة جامعة القاهرة مدة ست سنوات خلال الفترة من العام الجامعي 77/ 1978 حتى العام الجامعي 82/ 1983 فيكون قد استنفد جميع الفرص التي أتاحها له المادة 80 من اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم الجامعات رقم 49 لسنة 1972 الصادرة بالقرار الجمهوري رقم 809 لسنة 1975 معدلة بالقرار الجمهوري رقم 278 لسنة 1981، كما قامت الكلية بتطبيق قواعد التيسير على الطالب المدعي مثله في ذلك مثل زملائه المماثلين لحالته حيث قررت الجامعة ذلك بكتابها المؤرخ 1/ 10/ 1985 أما ما أثاره المدعي من أن هناك زملاء منحتهم الجامعة فرصاً مفتوحة فقد ردت عليه الجامعة بأنه قول مرسل وغير مطابق للحقيقة بالإضافة إلى أن المدعي لم يقدم أية حالة لأحد الزملاء ليدلل بها على هذه التفرقة في المعاملة بينه وبين هذا الزميل.
ومن حيث إن مبنى الطعن مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون إذ أن القرار المطعون فيه مخالفاً للقانون ومشوب بعيب إساءة استعمال السلطة والانحراف بها إذ أنه خالف قواعد سريان القانون من حيث الزمان فطبقت الجامعة على الطاعن نص المادة 80 من اللائحة التنفيذية لقانون الجامعات بعد تعديله بالقرار الجمهوري رقم 278 لسنة 1981 الصادر في 28/ 5/ 1981 الذي يسمح لمثل من هم في حالة الطاعن بست سنوات فقط، وكان الطاعن في التاريخ المذكور في مركز قانوني مرخصاً له بدخول الامتحان إلى أن يتم نجاحه ومن ثم فإن تعديل وهو لا يسري بأثر رجعي لا يطبق على حالته، وإذا قيل بأن التعديل يسري بأثر فوري فإن معنى هذا سريان الحكم الجديد بكل أبعاده بأن يعطي له ست سنوات كاملة لا أن يفصل بعد التعديل الجديد بعامين فقط. ومن ناحية أخرى فقد نجح الطاعن في ست مواد من مواد الفرقة الرابعة ولم يرسب إلا في ثلاث مواد من مواد هذه الفرقة بالإضافة إلى مادة من الفرقة السابقة. وكان ينقصه ثلاث درجات في مادة السكك الحديدية حيث حصل على 47 درجة من 100 درجة وينقصه 11 درجة في مادة الطرق والمطارات حيث حصل على 39 درجة من 100 درجة ولو طبق نظام التيسير المقترح للعام الجامعي 82/ 1983 الذي تم اعتماده وعمل به والذي ييسر على الطلبة المتخلفين في حدود 8% موزعه على مواد التخلف لاستحق ثمانين درجة إذ أن المجموع الكلي لدرجات الفرقة الرابعة وحدها ألف درجة وكان يكفيه أن يمنح أربعين درجة للنجاح في جميع مواد الفرقة الرابعة ويكون متخلفاً في مادة الفرقة الثالثة فيمتحنها في الدور الثاني (دور نوفمبر) ولا يفصل. وعلى أسوأ الفروض كان يمكن منحه أربع عشرة درجة في المادتين اللتين حصل فيهما على تقدير ضعيف، وهنا أيضاً كان سيتغير موقفه من "راسب ومفصول إلى متخلف وله دور ثان" وإذ أغفلت كلية الهندسة هذا الأمر الواضح، فإن القرار القائم على هذا الإغفال يعد مخالفاً للقانون، وأخيراً فإنه يتضح من فتوى المستشار القانوني للجامعة المصدق عليها من رئيس الجامعة في 5/ 3/ 1984 أن أمر الطاعن كان معروضاً مع طالب أخر يدعى "......." وأنه قد دخل نفس الامتحان عشر مرات، وهذا يعني أن الإدارة سمحت لهذا الطالب بدخول امتحان الفرقة الرابعة عشر مرات في الوقت الذي رفضت فيه السماح للطاعن بدخول الامتحان للمرة السابعة. ويكفي تعليقاً على ذلك بأن المغايرة في المعادلة بين المواطنين المتساويين هو دليل يصعب بل يستحيل إثبات عكسه على وجود عيب الانحراف في استعمال السلطة في أعمال الإدارة.
وبجلسة 7/ 1/ 1989 قدمت جامعة القاهرة مستندات تحوي صورة ضوئية من قواعد التيسير لامتحانات كلية الهندسة جامعة القاهرة لعام 87/ 1988 الصادرة بقرار مجلس الكلية بتاريخ 2/ 4/ 1988، وأوضحت الجامعة أنها لم تطبق على الطاعن هذه القواعد لأنها لم تغير مركزه القانوني من راسب إلى ناجح، إذ أنه لن يستفيد إلا في مادة واحدة وهي مادة السكة الحديد التي حصل فيها على 47 درجة من 100 درجة فيحتاج إلى 3% وليس 8% أما باقي المواد فإن لا يحتاج لأكثر من 8% وبالتالي لم تطبق عليه هذه القواعد لرسوبه في ثلاث مواد. وتعقيباً على ما تقدم قدم الطاعن مذكرة أوضح فيها أن قواعد التيسير المطبقة في العام الدراسي السابق 87/ 1988 المودعة أمر غير منتج وهذا يدل على عدم المعرفة الكاملة بالقواعد القانونية أو بكيفية تطبيقها. ورداً على ما جاء برد الجامعة من أن تطبيق قاعدة الـ 8% على حالة الطالب لا يستفيد منها إلا في مادة هي الني حصل فيها على 47 درجة ويحتاج فيها إلى ثلاث درجات من مائة الأمر الذي يوحي بأن هذه القاعدة تسري على كل مادة على حدة وهذا يخالف الحقيقة إذ أن الفقرة (1) من البند (ثانياً) تقول "ييسر على الطالب في حدود 8% موزعة على مواد التخلف والأوراق". فهي مجموعة وموزعة ولو كانت تعطي لكل مادة على حدة لما وردت كلمة موزعة إطلاقاً, فالتوزيع لا يتأتى مع اقتصار النظر إلى كل مادة منفصلة. وأيضاً ما ورد في الفقرة (1) من البند (أولاً) "يقتصر التيسير في حدود نسبة مئوية لا يزيد مجموعها على 6% موزعة على مواد الرسوب ولا تضاف للمجموع" فالنسبة المئوية إذن مجموعة وهذا لا يتسنى إلا إذا كانت درجات التيسير مستحقة على مجموع المواد ولا يتصور أن تحسب درجات التيسير مجموعة ثم يقال أن النسبة تحسب على كل مادة على حدة. وأضاف الطاعن أن هذه السنة الدراسية الحادية عشرة له في السنة النهائية بكلية الهندسة بخلاف السنوات التي قضاها في الكلية قبل ذلك، وهذا لم يحدث له بإرادته واختياره ولكنها ظروف الحياة ومآسيها التي لا تحدث بإرادة الإنسان ولا يستطيع توقعها ولا يملك لها دفعاً وسيترتب على حكم المحكمة أثار خطيرة في حياته الدراسية فهو إما أن يجني ثمار جهد وعرق في مجال التعليم تزيد على ثلاثين سنة منذ بدأ حياته الدراسية مجدداً وإما أن يظل على قارعة الطريق كما هو شأنه الآن. وهذا جانب إنساني في الطعن الماثل.
ومن حيث إنه عن النعي على القرار المطعون فيه بأنه ينطوي على مخالفة الجامعة لقواعد سريان القانون من حيث الزمان بتطبيق نص المادة 80 من اللائحة التنفيذية لقانون الجامعات على الطاعن بعد تعديلها بالقرار الجمهوري رقم 278 لسنة 1981 الصادر في 28/ 5/ 1981 الذي يسمح لمثل من هم في حالته بست سنوات فقط، وكان الطاعن في التاريخ المذكور يمثل مركزاً قانونياً مرخصاً له بدخول الامتحان إلى أن يتم نجاحه ومن ثم فإن التعديل المشار إليه لا يسري عليه. وإذا قيل بأن التعديل يسري بأثر مباشر فإن هذا التعديل المشار إليه يجب أن يسري بكل أبعاده بأن يعطي له ست سنوات كاملة لا أن يفصل بعد التعديل بعامين فقط. فإن القاعدة القانونية - وفقاً للنظرية التقليدية - تكون رجعية إذا استتبع تطبيقها المساس بما تم اكتسابه من حقوق أو مراكز قانونية في ظل القاعدة القانونية القديمة. أما إذا لم يستتبع هذا التطبيق إلا المساس بمجرد الآمال التي لم ترتفع بعد إلى مرتبة الحقوق أو المراكز القانونية المكتسبة فلا رجعية فيه. بمعنى أن القاعدة القانونية الجديدة تسري حتى ولو خيبت آمالاً تعلق بها الرجاء في الماضي، ولكنها لا تسري إذا كان من شأن سريانها المساس بحق أو المركز تم اكتسابه من قبل. فالمساس في هذه النظرية يستوجب التفرقة بين الحق أو المركز المكتسب وبين مجرد الأمل والأول وحده دون الثاني هو الذي لا يجوز مساس القاعدة القانونية الجديدة به وإلا اعتبرت ذات أثر رجعي. والحق المكتسب عند بعض أنصار هذه النظرية هو الحق الذي دخل ذمة الشخص نهائياً بحيث لا يمكن نقضه أو نزعه منه إلا برضائه، وهو عند بعض آخر الحق الذي يقوم على سند قانوني وعند فريق ثالث هو الحق الذي يملك صاحبه المطالبة به والدفاع عنه أمام القضاء أما مجرد الأمل فهو محض ترقب ورجاء في اكتساب حق من الحقوق. وفقاً للنظرية الحديثة فإن القانون الجديد له أثر مباشر أي يسري ابتداء من تاريخ نفاذه، وليس له أثر رجعي فسريان القانون الجديد في الزمان إذن له وجهان، وجه سلبي هو انعدام أثره الرجعي ووجه إيجابي هو أثره المباشر. فالقاعدة أن القانون الجديد ليس له أثر رجعي بمعنى أنه لا يرجع فيما تم في ظل الماضي فهو لا يملك إعادة النظر فيما تم في ظل القانون القديم من تكوين أو انقضاء وضع قانوني أو من ترتيب آثار على وضع قانوني فالعبرة إذن هي بمعرفة تاريخ تكوين أو انقضاء الوضع القانوني أو تاريخ ترتب الآثار عليه فإن كان الوضع القانوني قد تكون أو انقضى في ظل القانون القديم فلا يمس القانون الجديد هذا التكوين أو ذات الانقضاء وإلا كان رجعياً. وإن كانت الآثار المتولدة من وضع قانوني قد تربت قبل نفاذه القانون الجديد فلا تأثير للقانون الجديد عيها إذ ليس له أثر رجعي. فإذا كانت المادة 80 من اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم الجامعات الصادر بقرار رئيس الجمهورية رقم 809 لسنة 1975 نصت على أنه "لا يجوز للطالب أن يبقى بالفرقة أكثر من سنتين ويجوز لمجلس الكلية، الترخيص للطلاب الذين قضوا بفرقتهم سنتين في التقدم إلى الامتحان من الخارج في السنة التالية في المقررات التي رسبوا فيها........ ويجوز لمجلس الكلية علاوة على ما تقدم الترخيص لطلاب السنة النهائية والسنة قبل النهائية بفرصة أخرى للتقدم إلى الامتحان من الخارج. وإذا رسب طالب السنة النهائية فيما لا يزيد على نصف مقررات هذه السنة أو في المقرر الواحد في الكليات التي يدرس بها مقرر واحد في السنة النهائية - وذلك بصرف النظر..." عن المقررات المتخلفة من سنوات سابقة - رخص له في الامتحان حتى يتم نجاحه....." ثم عدل الشق الأخير من الفقرة الثانية من هذه المادة بالقرار الجمهوري رقم 287 لسنة 1981 إلى أنه "إذا رسب طالب السنة النهائية فيما لا يزيد على نصف مقررات هذه السنة أو في المقرر الواحد في الكليات التي يدرس بها مقرر واحد في السنة النهائية - وذلك بصرف النظر عن المقررات المتخلفة من سنوات سابقة - رخص له في الامتحان فيما رسب فيه فرصتان متتاليتان". فهذا التعديل يسري بأثر رجعي على طلبة السنة النهائية الراسبين فيما لا يزيد على نصف مقررات هذه السنة أو في المقرر الواحد في الكليات التي يدرس بها مقرر واحد في السنة النهائية، وليس في هذا السريان أثر رجعي للائحة إذ لم يكتسب هؤلاء الطلبة حقاً أو مركزاً مسه التعديل وكل ما كان لهم مجرد أمل ورجاء في النجاح، كما أنه لم يعاود النزر فيما تم من تكون أو انقضاء وضع قانوني قبل التعديل فالوضع القانوني هو الرسوب - فيما لا يزيد على نصف مقررات السنة النهائية الذي كان يخول صاحبه الحق في الامتحان حتى يتم نجاحه ثم قيد بالترخيص له في الامتحان فيما رسب فيه فرصتين متتاليتين ومن ثم فإن هذه القاعدة تسري بأثر مباشر على الطلبة الراسبين فيما لا يزيد على نصف مقرات السنة النهائية أو في المقرر الواحد في الكليات التي يدرس بها مقرر واحد في السنة النهائية. وبالنسبة لما جاء بالطعن من سريان التعديل بكل أبعاده على الطاعن بأن يعطي ست سنوات كاملة لا أن يفصل بعد التعديل بعامين فقط، فإن التعديل المذكور لم يتناول نص المادة 80 من اللائحة المذكورة إلا في الجزئية منها الخاصة بالترخيص بدخول الامتحان للطلبة المذكورين بمنحهم فرصتين متتاليتين للامتحان فما رسبوا فيه بعد أن كانت الفرصة ممنوحة لهم بدون قيود، فهذه الجزئية وحدها التي تناولها التعديل، وهي التي تسري عليهم بأثر مباشر ولا محل لإعمال ما جاء في بقية المادة والتي طبقت عليهم بالفعل وهي امتحانهم بالفرقة سنتين ورخص لهم في التقدم إلى الامتحان من الخارج في السنة التالية في المقررات التي رسبوا فيها، كما رخص لهم بصفتهم من طلاب السنة النهائية والسنة قبل النهائية بفرصة أخرى للتقدم إلى الامتحان من الخارج.
ومن حيث إنه عن النعي على القرار المطعون فيه بأن الجامعة غايرت في المعاملة بينه وبين زميله المدعو"......" الذي سمح له بدخول الامتحان الفرقة الرابعة عشر مرات في الوقت الذي رفضت فيه السماح للطاعن بدخول الامتحان للمرة السابعة مما يصم القرار بعيب الانحراف في استعمال السلطة فإن البادي من الأوراق أن الطالب المذكور منح فرصتين متتاليتين فقط بعد تعديل المادة 80 من اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم الجامعات بالقرار الجمهوري رقم 278 لسنة 1981. أما المرات التي زاد فيها دخوله الامتحان فترجع إلى تطبيق المادة المذكورة على حالته قبل التعديل والتي كانت تمنح فرصة دخول الامتحان بدون حدود إلى أن يتم نجاحه ومن ثم ينتفي عن القرار عيب الانحراف في استعمال السلطة.
ومن حيث إنه عن مخالفة القرار المطعون فيه لنظام التيسير المقترح للعام الجامعي 82/ 1983 بكلية الهندسة - جامعة القاهرة وهي القواعد التي تحكم دون غيرها المنازعة الماثلة فقد نص هذا التظلم في البند ثانيا الخاص بالطلبة على أن "1 – ييسر الطالب في حدود 8% موزعة على مواد التخلف والأوراق الخاصة والانتقالية. 2 - يعامل الطلبة المتقدمون من الخارج أو المتخلفون أو المجندون على أساس التحريري فقط أو إضافة أعمال السنة وامتحان نصف العام أيهما أفضل للطالب" ومفاد هذا النظام التيسير على الطلبة المتخلفين وكذلك المتقدمين من الخارج في حدود 8% موزعة على مواد التخلف والأوراق الخاصة والانتقالية. ومن الطبيعي أن توزع هذه الدرجات على المواد الراسب فيها الطالب على أن يبدأ التيسير في المواد الأقرب إلى النجاح وهذا التيسير يكون بالنسبة لمجموع درجات مواد التخلف التي يمتحن فيها الطالب ولا يمكن بالنسبة للمجموع الكلي للدرجات مواد الفرقة التي يمتحن فيها الطالب أو المتقدم للامتحان من الخارج. وإذ كان الثابت أن الطاعن امتحن في العام الجامعي المذكور في المواد الثلاثة الراسب فيها من الفرقة الرابعة وفي مادة متخلف فيها من فرقة سابقة وقد حصل في المواد الراسب فيها من الفرقة الرابعة على 47 درجة من 100 درجة في مادة هندسة السكك الحديدية و39 درجة من 100 درجة في مادة هندسة الطرق والمطارات و24 درجة من 100 درجة في مادة كباري معدنية، وفي المادة المتخلف فيها من فرقة سابقة على 30 درجة من 150 درجة، وبتطبيق قواعد التيسير على حالته يستحق 8% من مجموع هذه المواد أي يستحق 36 درجة وبتوزيعها على مواد التخلف ينجح المذكور في مادتين من مواد الفرقة الرابعة هما هندسة السكك الحديدية وهندسة الطرق والكباري اللتان يكيفه للنجاح فيهما 14 درجة فقط للتيسير عليه ويكون راسباً في مادة كباري معدنية والمادة المتخلف فيها من فرقة سابقة وعندئذ تتغير النتيجة من راسب ومفصول لاستنفاذ مرات الرسوب إلى راسب وله دور ثان.
ومن حيث إن جامعة القاهرة خالفت أحكام القانون بالنسبة لقرارها المطعون فيه برسوب الطاعن وفصله لاستنفاد مرات الرسوب فمن ثم يتعين الحكم بإلغائه ، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر عندما قضى برفض الدعوى التي أقامها الطاعن بطلب إلغاء هذا القرار ومن ثم يكون الحكم المذكور مخالفاً للقانون ويتعين الحكم بإلغائه. وبإلغاء القرار المطعون فيه برسوب الطاعن وفصله لاستنفاد مرات الرسوب وإلزام جامعة القاهرة بالمصروفات عن درجتي التقاضي عملاً بحكم المادة 184 من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبإلغاء القرار المطعون فيه، وألزمت جامعة القاهرة بالمصروفات عن درجتي التقاضي.