مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الخامسة - العدد الأول (من أول أكتوبر سنة 1959 إلى آخر يناير سنة 1960) - صـ 20

(4)
جلسة 7 من نوفمبر سنة 1959

برياسة السيد/ سيد علي الدمراوي - نائب رئيس المجلس، وعضوية السادة: السيد إبراهيم الديواني ومحيي الدين حسن والدكتور محمود سعد الدين الشريف ومصطفى كامل إسماعيل - المستشارين.

القضية رقم 48 لسنة 5 القضائية

كادر العمال - الصناع الذين دخلوا الخدمة بدون امتحان الغير حاصلين على الشهادة الابتدائية - قرارات وزارة المالية بتسوية حالتهم في وزارتي الصحة والحربية ومصلحة السكك الحديدية أسوة بمساعدي الصناع - ليست تفسيراً مما تملكه وزارة المالية بل هي استثناء من القاعدة الواردة بالكادر في شأنهم - مثال.
أن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن ما جاء بكتاب وزارة المالية رقم م 42 - 31/ 54 م 3 المؤرخ 26 من أغسطس سنة 1946 بالنسبة إلى عمال وزارة الصحة، وبكتابها رقم م 20 - 31/ 53 المؤرخ 29 من أكتوبر سنة 1946 فيما يتعلق بعمال وزارة الحربية, وبكتابها رقم م 88 - 31/ 17 مؤقت المؤرخ 12 من يناير سنة 1947 في شأن عمال مصلحة السكك الحديدية لا يتضمن تقرير قاعدة عامة تطبق بالنسبة إلى سائر العمال بالوزارات والمصالح, بل هو استثناء يقدر بقدره ولا يتوسع في تفسيره أو يقاس عليه, وآية ذلك أن وزارة المالية لم تصدر به كتاباً دورياً يذاع على الوزارات والمصالح, بل أنها ذكرت في كتابها الدوري رقم ف 234 - 9/ 53 م 11 الصادر في 10 من فبراير سنة 1953 أنها وافقت على تسوية حالة صناع وزارتي الصحة والحربية والبحرية الذين دخلوا الخدمة بدون امتحان وغير الحاصلين على الشهادة الابتدائية أسوة بمساعدي الصناع, أي يمنح الواحد منهم 300 مليم يومياً في درجة صانع دقيق (240/ 300 مليم) من التاريخ التالي لانقضاء خمس سنوات من بدء الخدمة تزاد بطريق العلاوات الدورية. وطلبت لإمكان النظر في تعميم هذا النظام على سائر وزارات الحكومة ومصالحها التي لم يسبق تسوية حالة عمالهم الصناع على هذا الأساس - موافاتها ببيان عدد عمال المصلحة ممن تنطبق عليهم هذه الحالة والتكاليف اللازمة لتطبيق هذا النظام عليهم والمستفاد من هذا القضاء أن القاعدة التي أوردتها كتب وزارة المالية لم تكن تفسيراً مما تملكه, وإنما جاءت على سبيل الاستثناء من القاعدة العامة بما لا يسمح بالتوسيع فيه أو القياس عليه. وعلى هذا المقتضى فإن المدعي وقد التحق بالخدمة بوظيفة بدون امتحان أو الشهادة الابتدائية اعتباراً من 29 من يونيه, سنة 1930, وليس من بين من تسرى في شأنهم كتب وزارة المالية سالفة الذكر - فإنه لا يستحق إلا أن يوضع في درجة صانع غير دقيق في الفئة (200/ 360 مليم) بعد مضى ثماني سنوات عليه في الخدمة طبقاً لما جاء بالبند الرابع من كادر العمال.


إجراءات الطعن

في 30 من أكتوبر سنة 1958 أودع السيد رئيس هيئة المفوضين سكرتارية هذه المحكمة طعناً قيد بجداولها تحت رقم 48 لسنة 5 القضائية في الحكم الصادر من المحكمة الإدارية لوزارة التربية والتعليم في الدعوى رقم 661 لسنة 4 القضائية المرفوعة من السيد/ عبد الحميد علي الشيشينى ضد وزارة التربية والتعليم والقاضي بأحقية المدعي في إعادة تسوية حالته بالتطبيق لأحكام كادر العمال بمنحه أجراً يومياً قدره 200 مليم في درجة صانع دقيق في اليوم التالي لانقضاء خمس سنوات عليه من بدء التعيين وما يترتب على ذلك من آثار مع صرف فروق مالية من 19 من مارس سنة 1952 مع إلزام الوزارة المصروفات, ورفض ما عدا ذلك من الطلبات, وطلب السيد رئيس هيئة لأسباب التي استند إليها في صحيفة طعنه - الحكم بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء برفض الدعوى وإلزام المدعي بالمصروفات, وقد أعلن الطعن للحكومة في 11 من نوفمبر سنة 1958 والى الخصم المطعون ضده في 22 من نوفمبر سنة 1958, وعينت لنظره أمام دائرة فحص الطعون جلسة 6 من يونيه سنة 1959, وفيها قررت إحالته إلى المحكمة الإدارية العليا لنظرة بجلسة 17 من أكتوبر سنة 1959 وفيها سمعت إيضاحات ذوى الشأن على الوجه المبين بمحضر الجلسة وأرجأت النطق بالحكم إلى جلسة اليوم.


المحكمة

وبعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - كما يبين من الاطلاع على أوراق الطعن - من أن المدعي أقام الدعوى رقم 661 لسنة 4 القضائية أمام المحكمة الإدارية لوزارة التربية والتعليم بعريضة أودعها سكرتيريتها في 29 من سبتمبر سنة 1957 طالباً الحكم بتسوية حالته بوضعه في درجة صانع دقيق بعد خمس سنوات من تاريخ دخوله الخدمة بأجر 300 مليم يومياً في الدرجة 300/ 500 مليم مع منحه العلاوات الدورية وما يترتب على ذلك من آثار من تاريخ دخوله الخدمة, وقال شرحاً لدعواه أنه كان قد عين بوظيفة عامل تصدير بإدارة التوريدات في 29 من يونيه سنة 1930 واستمر يقوم بعمله هذا حتى بلغ سن التقاعد في 4 من مايو سنة 1952, ولما صد ر كادر العمال لم تطبقه الوزارة المدعى عليها تطبيقاً سليماً فوضعته في درجة غير دقيق مع أن الكتب الدورية لوزارة المالية تقضى بمساواة حالة الصانع الذي دخل الخدمة بدون امتحان وليس لديه مؤهلات دراسية بمساعدة الصانع الذي يفترض منحه 300 مليماً أجراً يومياً في درجة صانع دقيق اعتباراً من التاريخ التالي لانقضاء خمس سنوات في الخدمة.
ومن حيث إن الوزارة المدعى عليها ردت على تلك الدعوى بأن المدعي الحق بالخدمة في 29 من يونيه سنة 1930 في وظيفة عامل تصدير بالأجر اليومي ولم تسند إليه هذه الوظيفة بامتحان وهو غير حاصل على شهادة إتمام الدراسة الابتدائية أو ما يعادلها, وعملاً بحكم الفقرة 4 من المادة الأولى من كتاب المالية الدوري رقم ف 234 - 9/ 53 المؤرخ في 16 من أكتوبر سنة 1945 الخاص بكادر عمال اليومية والتي تقضى بتسوية حالة الصانع غير الحاصل على شهادة إتمام الدراسة الابتدائية أو ما يعادلها الذي دخل الخدمة بدون امتحان قبل أول مايو سنة 1945 ومضى عليه في الخدمة 8 سنوات أو أكثر قبل هذا التاريخ بافتراض أن له مدة خدمة كصبي ثماني سنوات, ويوضع في التاريخ التالي لانقضاء هذه الثماني سنوات في درجة صانع غير دقيق 200/ 360 بأجرة يومية مقدارها 200 مليم ثم تدرج أجرته بالعلاوات في هذه الدرجة, وعملاً بما تقدم سويت حالة المدى بوضعه في الدرجة 200/ 360 اعتباراً من 29 من يونيه سنة 1938 التاريخ التالي لانقضاء ثماني سنوات من بدء الخدمة وتدرجت أجرته بالعلاوات حتى بلغت 320 مليماً يومياً ثم فصل من الخدمة لبلوغه السن القانونية في 14 من مايو سنة 1952, وقالت الوزارة رداً على دفاع المدعي بطلب إعادة تسوية حالته باعتباره صانعاً دقيقاً بعد مضى خمس سنوات من تاريخ دخوله الخدمة بأجر 300 مليم يومياً في الدرجة 300/ 500 مليم مع منحه العلاوات الدورية وما يترتب على ذلك من آثار من تاريخ دخوله الخدمة استناداً إلى كتاب وزارة المالية الموجه إلى وزارة الحربية في 29 أكتوبر سنة 1946, إن هذه القاعدة التي نص عليها تسرى فقط على الصناع الواردة حرفهم في كشوف رقم 6 الملحقة بكادر العمال كفتوى ديوان الموظفين بالكتاب رقم 40 - 5/ 19 المؤرخ في 5 من أكتوبر سنة 1954 ولم ترد حرفة المدعي بالكشوف رقم 6 بل وردت بالكشوف رقم 4 الملحقة بكادر العمال.
ومن حيث إن المحكمة الإدارية لوزارة التربية بجلستها المنعقدة بتاريخ 4 من سبتمبر سنة 1958 حكمت بأحقية المدعي في إعادة تسوية حالته بالتطبيق لأحكام كادر العمال بمنحه أجراً يومياً قدره 300 مليم في درجة صانع دقيق في اليوم التالي لانقضاء خمس سنوات عليه من بدء التعيين وما يترتب على ذلك من آثار مع صرف فروق مالية من 11 من مارس سنة 1952 مع إلزام الوزارة بالمصروفات وفض ما عدا ذلك من الطلبات.
واستندت المحكمة في قضائها إلى أن وزارة المالية بكتابيها إلى وزارتي الصحة والحربية المؤرخين 26 من فبراير سنة 1946 و29 من أكتوبر سنة 1946 بشأن تسوية حالة الصانع الذي دخل الهجمة بدون امتحان ولم يكن حاصلاً على الشهادة الابتدائية أسوة بمساعدة الصانع - لم تضع قاعدة جديدة ولم تستحدث حكماً لم يكن موجوداً من قبل, وإنما فسرت قاعدة قائمة بما لها من سلطة تفسير أحكام كادر العمال فأبعدت التنافر وعدم الانسجام بين الصانع ومساعد الصانع, ولو أخذ بالقاعدة المقررة أصلاً على حرفيتها, لكان الأخير في وضع أفضل من الأول فساوت الصانع الذي دخل الخدمة بدون امتحان ولم يكن حاصلاً على الشهادة الابتدائية بمساعد الصانع الذي تسوى حالته على أساس استحقاقه 300 مليم من اليوم التالي لانقضاء خمس سنوات من دخوله الخدمة, والمدعي يستمد حقه من أحكام كادر العمال مباشرة بطريقة حتمية تلقائية لا ترخيص فيها لأحد للمساس بحقه المكتسب, وطالما أنه عين على وظيفة عامل تصدير بغير امتحان أو شهادة ابتدائية, وقد وردت مهنته بالكشف رقم 4 فإنه يستحق تسوية حالته وفقاً لكادر العمال بأجر يومي 300 م في درجة صانع دقيق من اليوم التالي لانقضاء خمس سنوات عليه من بدء التعيين تزاد بالعلاوات مع ما يترتب على ذلك من آثار.
ومن حيث إنه من الاطلاع على ملف خدمة المدعي أنه عين بوظيفة عامل تصدير بإدارة التوريدات لوزارة التربية والتعليم بتاريخ 29 من يونيه سنة 1930 بأجر يومي بدون امتحان ولم يكن حاصلاً على الشهادة الابتدائية أو ما يعادلها إلى أن بلغ السن القانونية بتاريخ 4 مايو سنة 1952, وقد وردت مهنته بالكشف رقم 4 من كشوف ب الملحقة بكادر العمال والخاص بالصانع أو العمال الفنيين في الوظائف التي لا تحتاج إلى دقة في الدرجة 200/ 360 مليم سويت حالته على أساس القاعدة الواردة بكتاب وزارة المالية الدوري رقم 234 - 9/ 53 الصادر في 16 من أكتوبر سنة 1945 والتي تقضى فيما يتعلق بالصناع والعمال الفنيين بأن الصانع الذي دخل الخدمة بدون امتحان ولم يكن حاصلاً على الشهادة الابتدائية أو ما يعادلها تفترض له مدة خدمة كصبي مدة ثماني سنوات ويوضع من التاريخ التالي لانقضاء هذه السنوات الثمانية في درجة صانع غير دقيق بأجر يومي 200 مليم ثم تدرج أجرته بالعلاوات في درجته أي ابتداء من 29 من يونيه سنة 1938.
ومن حيث إن مبنى الطعن أن كتاب المالية المشار إليه لم يضع قاعدة عامة لجميع العمال, بل وجه إلى وزارتي الحربية والصحة ومصلحة السكة الحديد وانتهى إلى طلب إلغاء الحكم المطعون فيه ورفض الدعوى.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن ما جاء بكتاب وزارة المالية رقم م 42 - 31/ 54 م 3 المؤرخ 26 من أغسطس سنة 1946 بالنسبة إلى عمال وزارة الصحة وبكتابها رقم م 20 - 31/ 35 المؤرخ 29 من أكتوبر سنة 1946 فيما يتعلق بعمال وزارة الحربية وبكتابها رقم م 88 - 31/ 17 مؤقت المؤرخ 12 من يناير سنة 1947 في شأن عمال مصلحة السكك الحديدية لا يتضمن تقرير قاعدة عامة تطبق بالنسبة إلى سائر العمال بالوزارات والمصالح بل هو استثناء يقدر بقدره ولا يتوسع في تفسيره أو يقاس عليه وآية ذلك أن وزارة المالية لم تصدر به كتاباً دورياً يذاع على الوزارات والمصالح بل أنها ذكرت في كتابها الدوري رقم ف 234 - 9/ 53 م 11 الصادر في 10 من فبراير سنة 1953 أنها وافقت على تسوية حالة صناع وزارتي الصحة والحربية والبحرية الذين دخلوا الخدمة دون امتحان وغير الحاصلين على الشهادة الابتدائية أسوة بمساعدي الصناع أي يمنح الواحد منهم 300 مليم يومياً في درجة صانع دقيق (240/ 300 مليم) من التاريخ التالي لانقضاء خمس سنوات من بدء الخدمة تزاد بطريق العلاوات الدورية وطلبت لإمكان النظر في تعميم هذا النظام على سائر وزارات الحكومة ومصالحها التي لم يسبق تسوية حالة عمالها الصانع على هذا الأساس موافاتها ببيان عدد عمال المصلحة ممن تنطبق عليهم هذه الحالة والتكاليف اللازمة لتطبيق هذا النظام عليهم. [(1)]
ومن حيث إن المستفاد من هذا القضاء أن القاعدة التي أوردتها كتب وزارة المالية لم تكن تفسيراً مما تملكه, وإنما جاءت على سبيل الاستثناء من القاعدة العامة بما لا يسمح بالتوسع فيه أو القياس عليه, وعلى هذا المقتضى فإن المدعي وقد التحق بالخدمة بوظيفة بدون امتحان أو شهادة ابتدائية اعتباراً من 29 يونيه سنة 1930, وليس من بين من تسرى في شأنهم كتب وزارة المالية السالفة الذكر فإنه لا يستحق إلا أن يوضع في درجة صانع غير دقيق في الفئة 200/ 300 مليم بعد مضى ثماني سنوات عليه في الخدمة طبقاً لما جاء بالبند الرابع من كادر العمال, وهو ما أجرته الجهة الإدارية في شأن المدعي ومن ثم تكون دعواه على غير أساس سليم حقيقة بالرفض وإذ جرى الحكم المطعون فيه على خلاف هذا النظر فيتعين إلغاؤه.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً, وفى موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه, وبرفض الدعوى وألزمت المدعي المصروفات.


[(1)] راجع حكم المحكمة الإدارية العليا الصادر في القضية رقم 697 لسنة 3 القضائية بجلسة أول فبراير سنة 1958 القاعدة رقم 77 ص 675 العدد الثاني من المجموعة الثالثة.