أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الأول - السنة 43 - صـ 872

جلسة 23 من يونيه سنة 1992

برئاسة السيد المستشار/ محمود شوقي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ أحمد مكي، أحمد الزواوي نائبي رئيس المحكمة، محمد جمال وسعيد شعله.

(181)
الطعن رقم 991 لسنة 61 القضائية

(1) حكم "حجية الحكم". قوة الأمر المقضي. تسجيل. ملكية.
المنع من إعادة نظر النزاع في المسألة المقضي فيها. شرطه. وحدة المسألة في الدعويين. المقصود به. إقامة الحكم السابق قضاءه على عدم المفاضلة بين التصرفات الصادرة للمطعون ضدهم والتصرفات الصادرة للطاعن وتركه في ذلك للأسبقية في التسجيل. أثره. عدم حوزته قوة الأمر المقضي في هذه المسألة. مؤداه. غير مانع من نظرها في الدعوى اللاحقة.
(2) نقض "السبب الجديد". صورية.
النعي بصورية عقدي البيع. عدم التمسك به أمام محكمة الموضوع. غير مقبول.
(3) بيع "البيع بالمزاد". تسجيل. حكم.
إيقاع البيع للراسي عليه المزاد. ماهيته. بيع ينعقد في مجلس القضاء وتحت إشرافه. وجوب تسجيل الحكم الصادر بإيقاع البيع لانتقال الملكية إلى الراسي عليه المزاد. مؤدى ذلك. تسجيل حكم مرسى المزاد تترتب عليه الآثار المترتبة على عقد البيع الاختياري وتسجيله.
(4، 5) تسجيل. شهر عقاري. ملكية "انتقال الملكية". بيع. إرث.
4- منع شهر تصرفات الوارث قبل شهر حقه في الإرث. علة ذلك. المتعامل مع المورث له الأفضلية على المتعامل مع الوارث الذي أشهر حقه في الإرث عند تزاحمهما متى أشر بحقه في هامش شهر حق الإرث خلال سنة من حصوله. أثر ذلك. الاحتجاج بالتصرف الصادر من المورث في مواجهة من تلقى حقاً عينياً من الوارث. م 13، 14 ق 114 لسنة 1946 بتنظيم الشهر العقاري.
(5) تسجيل المشتري من المورث الحكم الصادر له بصحة عقده. أثره. انتقال الملكية إليه. تمامه قبل إشهار حق الإرث. مؤداه. عدم لزوم معاودة التأشير بذات الحق في هامش حق الإرث الذي يتم شهره فيما بعد. علة ذلك.
1- إن المنع من إعادة نظر النزاع في المسألة المقضي فيها يشترط فيه - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن تكون المسألة واحدة في الدعويين، ويشترط لتوافر هذه الوحدة أن تكون المسألة المقضي فيها نهائياً مسألة أساسية لا تتغير وبشرط أن يكون الطرفان قد تناقشا فيها في الدعوى الأولى واستقرت حقيقتها بينهما بالحكم الأول استقراراً مانعاً جامعاً، وتكون هي ذاتها الأساس فيما يدعيه بعد في الدعوى الثانية أي من الطرفين قبل الآخر من حقوق متفرعة عنها. وكان الثابت من مدونات الحكم الصادر في الاستئناف...... أنه أقام قضاءه برفض اعتراض المطعون ضدهم الثلاثة الأول على قائمة شروط البيع على أنهم لم يسجلوا عقدي البيع فلم تنتقل الملكية إليهم، وأن المفاضلة بين التصرف الصادر لهم والتصرف الصادر للطاعن لا تكون إلا بعد التسجيل، فإن الحكم السابق لم يفاضل بين التصرفات وترك ذلك للأسبقية في التسجيل، ومن ثم فلا تكون له قوة الأمر المقضي بالنسبة لهذه المسألة ولا يكون مانعاً من نظرها في الدعوى الراهنة خاصة بعد أن تغيرت بتسجيل كل من الطرفين التصرف الصادر له، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون.
2- لما كان البين من الأوراق أن الطاعن لم يتمسك أمام محكمة الموضوع بما جاء بوجه النعي - صورية عقدي البيع محل التداعي - ولم يقدم الدليل على سبق تمسكه به فإن النعي يكون غير مقبول.
3- إن المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن إيقاع البيع للراسي عليه المزاد ما هو إلا بيع ينعقد في مجلس القضاء وتحت إشرافه، ينطق به القاضي بإيقاعه جبراً عن المدين، ويوجب القانون تسجيل الحكم الصادر بإيقاع البيع لكي تنتقل الملكية إلى الراسي عليه المزاد ويترتب على الحكم مرسى المزاد وتسجيله الآثار التي تترتب على عقد البيع الاختياري وتسجيله فيكون الحكم المسجل سنداً بملكية من أوقع البيع عليه على أن هذا الحكم لا ينقل سوى ما كان للمدين من حقوق في العقار المبيع إعمالاً للمادة 447 من قانون المرافعات.
4- لئن كان المقرر أن الحقوق العينية العقارية تنتقل إلى الوارث من وقت وفاة المورث إلا أن المشرع في سبيل الحد من التزاحم بين المتعاملين مع المورث والمتعاملين مع الوارث أورد المادتين 13، 14 من القانون 114 لسنة 1946 بتنظيم الشهر العقاري فيمنع شهر تصرفات الوارث قبل شهر حقه في الإرث، ومنح المتعامل مع المورث وسيلة يتقدم بها على المتعامل مع الوارث فأعطى للأول فرصة التأشير بحقه في هامش شهر حق الإرث خلال سنة من حصوله فتكون له الأفضلية ويحتج بحقه هذا على من سبقه بإشهار حق عيني تلقاه من الوارث.
5- لما كانت الغاية من قيام المتعامل مع المورث بالتأشير بحقه في هامش حق الإرث هي إعلان تمسكه هذا وإعلام المتعاملين مع الوارث به خلال المدة التي حددها المشرع، وكان للمشتري من المورث الحق في أن يرفع دعوى صحة عقده وأن يسجل الحكم الصادر فيها فتنتقل إلية الملكية، فإنه متى تم له هذا التسجيل قبل إشهار حق الإرث أصبح في غنى عن معاودة التأشير مرة أخرى بذات حقه في هامش حق الإرث الذي يتم شهره فيما بعد لأن التسجيل إجراء شهر يحاج به الكافة وتتحقق به الغاية التي تغياها المشرع من التأشير الهامشي المشار إليه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضدهم الثلاثة الأول أقاموا على الطاعن وباقي المطعون ضدهم الدعوى 2211 لسنة 1975 مدني طنطا الابتدائية بطلب الحكم بتثبيت ملكيتهم للأطيان المبينة بالصحيفة وشطب تسجيل حكم مرسى المزاد المسجل رقم 934 في 4/ 3/ 1975"، وقالوا بياناً لذلك إنه بموجب عقد مؤرخ 1/ 1/ 1966 اشترى......... بصفته ولياً طبيعياً على أولاده المطعون ضدهما الثاني والثالث ومورثهما....... - القصر في ذلك الوقت - من المرحوم........ 7 فدان و12 قيراط مبينة بالصحيفة وقد قضى بصحة العقد في الدعوى 1823 لسنة 1970 مدني طنطا الابتدائية وسجل الحكم برقم 1974 في 5/ 6/ 1973، وفي ذات تاريخ العقد الأول اشترت المطعون ضدها الأولى من البائع نفسه مساحة 4 فدان و8 قيراط مبينة بالصحيفة وقضى بصحة العقد في الدعوى 2185 لسنة 1970 مدني طنطا الابتدائية وسجل الحكم برقم 2005 في 29/ 5/ 1974، وأنه لدين للطاعن على المرحوم....... - مورث المطعون ضدهم من الرابعة للسادسة وهو وارث البائع لهما - فقد اتخذ إجراءات نزع ملكية 6 فدان و23 سهم على أساس أنها مملوكة لمدينه بالميراث عن والده، وسجل تنبيه نزع الملكية برقم 8451 بتاريخ 22/ 11/ 1969 طنطا. فاعترضوا على قائمة شروط البيع في الدعوى 1457 لسنة 1969 بيوع مركز طنطا وقضى برفض اعتراضهم لعدم تسجيل عقديهم وتأييد الحكم في الاستئناف 235 لسنة 20 ق طنطا، وإذ قاموا بتسجيل الحكمين الصادرين بصحة عقدي البيع قبل أن يسجل الطاعن حكم مرسى المزاد فقد أقاموا الدعوى بالطلبات السالفة، ومحكمة أول درجة حكمت بتاريخ 18/ 2/ 1981 برفض الدعوى، استأنف المطعون ضدهم المذكورين هذا الحكم بالاستئناف 251 لسنة 31 ق طنطا وبتاريخ 10/ 5/ 1982 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف، طعن المطعون ضدهم الثلاثة الأول في هذا الحكم، وبتاريخ 21/ 3/ 1989 نقضت المحكمة الحكم المطعون فيه، وبعد أن عجل المطعون ضدهم الثلاثة الأول نظر الاستئناف، قضت المحكمة بتاريخ 19/ 12/ 1990 بإلغاء الحكم المستأنف وبالطلبات، طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض بالطعن الماثل، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وعرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعي الطاعن بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه أنه تمسك أمام محكمة الموضوع بأن الحكم في الاستئناف 235 لسنة 20 ق طنطا قد فصل في الأساس المشترك بين الدعويين إذ رفض اعتراض المطعون ضدهم الثلاثة الأول على قائمة شروط البيع غير معتد بعقديهم ومن ثم تكون الدعوى الحالية عائدة النظر، فأقام الحكم المطعون فيه قضاءه برفض هذا الدفع على اختلاف موضوع الدعويين مما يعيبه بالخطأ في تطبيق القانون ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في غير محله ذلك أن المنع من إعادة نظر النزاع في المسألة المقضي فيها يشترط فيه - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن تكون المسألة واحدة في الدعويين، ويشترط لتوافر هذه الوحدة أن تكون المسألة المقضي فيها نهائياً مسألة أساسية لا تتغير وبشرط أن يكون الطرفان قد تناقشا فيها في الدعوى الأولى واستقرت حقيقتها بينهما بالحكم الأول استقراراً مانعاً جامعاً، وتكون هي ذاتها الأساس فيما يدعيه بعد في الدعوى الثانية أي من الطرفين قبل الآخر من حقوق متفرعة عنها. ولما كان الثابت من مدونات الحكم الصادر في الاستئناف 235 لسنة 20 ق طنطا أنه أقام قضاءه برفض اعتراض المطعون ضدهم الثلاثة الأول على قائمة شروط البيع على أنهم لم يسجلوا عقدي البيع فلم تنتقل الملكية إليهم، وأن المفاضلة بين التصرف الصادر لهم والتصرف الصادرة للطاعن لا تكون إلا بعد التسجيل، فإن الحكم السابق لم يفاضل بين التصرفات وترك ذلك للأسبقية في التسجيل، ومن ثم فلا تكون له قوة الأمر المقضي بالنسبة لهذه المسألة ولا يكون مانعاً من نظرها في الدعوى الراهنة خاصة بعد أن تغيرت بتسجيل كل من الطرفين التصرف الصادر له، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون ويكون النعي على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعي بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب ذلك أنه تمسك أمام محكمة الموضوع بصورية عقدي البيع المؤرخين 1/ 6/ 1966 سند المطعون ضدهم الثلاثة الأول إلا أن الحكم المطعون فيه أغفل هذا الدفاع الجوهري إيراداً ورداً بما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير صحيح ذلك أن البين من الأوراق أن الطاعن لم يتمسك أمام محكمة الموضوع بما جاء بوجه النعي ولم يقدم الدليل على سبق تمسكه به فإن النعي يكون غير مقبول.
وحيث إن الطاعن ينعي بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه على حكم مرسى المزاد ما هو إلا عقد بيع ينعقد في مجلس القضاء يفضله عقدي البيع الصادرين للمطعون ضدهم الثلاثة الأول الأسبق في التسجيل، في حين أن المنازعة تدور حول المفاضلة بين أحكام قضائية وليست بين عقود، كما أسقط الحكم المطعون فيه أثر سبق الطاعن إلى تسجيل تنبيه نزع الملكية مما يعطيه أفضلية على دائني التركة بما فيهم المطعون ضدهم المشترون بعقود عرفية من مورثهن، ولم يلتفت إلى أنه يستحيل عليه شهر حق الإرث لأنه غير وارث، ولم يستظهر ما إذا كان المطعون ضدهم المشترون قد شهروا حق الإرث وأشروا عليه بعقديهم خلال سنة مما يعيبه بالخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في غير محله ذلك أن المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن إيقاع البيع للراسي عليه المزاد ما هو إلا بيع ينعقد في مجلس القضاء وتحت إشرافه، ينطق به القاضي بإيقاعه جبراً عن المدين، ويوجب القانون تسجيل الحكم الصادر بإيقاع البيع لكي تنتقل الملكية إلى الراسي عليه المزاد ويترتب على الحكم مرسى المزاد وتسجيله الآثار التي تترتب على عقد البيع الاختياري وتسجيله فيكون الحكم المسجل سنداً بملكية من أوقع البيع عليه على أن هذا الحكم لا ينقل سوى ما كان للمدين من حقوق في العقار المبيع إعمالاً للمادة 447 من قانون المرافعات، وإنه وإن كان المقرر أن الحقوق العينية العقارية تنتقل إلى الوارث من وقت وفاة المورث إلا أن المشرع في سبيل الحد من التزاحم بين المتعاملين مع المورث والمتعاملين مع الوارث أورد المادتين 13، 14 من القانون 114 لسنة 1946 بتنظيم الشهر العقاري فيمنع شهر تصرفات الوارث قبل شهر حقه في الإرث، ومنح المتعامل مع المورث وسيلة يتقدم بها على المتعامل مع الوارث فأعطى للأول فرصة التأشير بحقه في هامش شهر حق الإرث خلال سنة من حصوله فتكون له الأفضلية ويحتج بحقه هذا على من سبقه بإشهار حق عيني تلقاه من الوارث، ولما كانت الغاية من قيام المتعامل مع المورث بالتأشير بحقه في هامش حق الإرث هي إعلان تمسكه هذا وإعلام المتعاملين مع الوارث به خلال المدة التي حددها المشرع، وكان للمشتري من المورث الحق في أن يرفع دعوى صحة عقده وأن يسجل الحكم الصادر فيها فتنتقل إلى الملكية، فإنه متى تم له هذا التسجيل قبل إشهار حق الإرث أصبح في غنى عن معاودة التأشير مرة أخرى بذات حقه في هامش حق الإرث الذي يتم شهره فيما بعد لأن التسجيل إجراء شهر يحاج به الكافة وتتحقق به الغاية التي تغياها المشرع من التأشير الهامشي المشار إليه، لما كان ذلك وكانت الأوراق قد خلت من دليل على شهر حق إرث المدين.......، وكان المطعون ضدهم الثلاثة الأول قد سجلوا الحكمين بصحة عقدي البيع المؤرخين 1/ 6/ 1966 الصادرين لهم من المورث قبل إشهار حق الإرث فإنهم يتقدمون على الطاعن وتنقل إليهم ملكية أطيان النزاع، وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى ذات النتيجة فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون ويكون النعي على غير أساس.