أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الأول - السنة 43 - صـ 887

جلسة 25 من يونيه سنة 1992

برئاسة السيد المستشار/ محمد خيري الجندي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد بكر غالي، عبد العال السمان، محمد محمد محمود نواب رئيس المحكمة ومصطفى نور الدين فريد.

(184)
الطعن رقم 1490 لسنة 61 القضائية

(1) وكالة "نطاق الوكالة".
التعرف على مدى سعة الوكالة. وجوب الرجوع فيه إلى عبارة التوكيل وما جرت به نصوصه وملابسات صدوره وظروف الدعوى. إفراغ الوكالة في نموذج مطبوع وإضافة المتعاقدين شروطاً أو عبارات به تتعارض مع الشروط المطبوعة. وجوب تغليب الشروط المضافة. علة ذلك.
من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن المناط في التعرف على مدى سعة الوكالة من حيث ما تشتمل عليه من تصرفات قانونية خول الموكل للوكيل إجراءها أو من أموال تقع عليها هذه التصرفات يتحدد بالرجوع إلى عبارة التوكيل ذاته وما جرت به نصوصه وإلى الملابسات التي صدر فيها وظروف الدعوى، فإذا استعمل المتعاقدان نموذجاً مطبوعاً للعقد أو المحرر وأضافا إليه بخط اليد أو بأية وسيلة أخرى شروطاً أو عبارات تتعارض مع الشروط والعبارات المطبوعة وجوب تغليب الشروط والعبارات المضافة باعتبارها تعبيراً واضحاً عن إرادة المتعاقدين.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضده الثاني أقام الدعوى رقم 15240 لسنة 1984 مدني محكمة شمال القاهرة الابتدائية بطلب الحكم بتمكينه من الوحدة السكنية المبينة بالصحيفة، وقال بياناً لها إنه بموجب عقد الإيجار المؤرخ 9/ 10/ 1982 استأجر الشقة رقم 1 بالعقار المبين بالصحيفة من المطعون ضده الأول بصفته وكيلاً عن الطاعنة، غير أن الوكيل أصطنع خلافاً بينه وبين موكلته لعرقلة تسليمه تلك الشقة فأقام دعواه، كما أقام المطعون ضده الثالث الدعوى رقم 11675 لسنة 1985 مدني محكمة شمال القاهرة الابتدائية بطلب الحكم بتمكينه من الشقة رقم 3 بالعقار ذاته، وقال بياناً لها إنه بمقتضى عقد الإيجار المؤرخ 22/ 4/ 1983 استأجر الشقة سالفة البيان من المطعون ضده الأول بصفته وكيلاً عن الطاعنة على أن يسلمها بتاريخ 22/ 4/ 1984 غير أن الطاعنة لم تنفذ التزامها بتسليمه الشقة فأقام الدعوى، وقد أقامت الطاعنة الدعوى 4295 لسنة 1985 أمام ذات المحكمة بطلب الحكم بعدم نفاذ عقدي الإيجار الصادرين من المطعون ضده الأول إلى المطعون ضدهما الثاني والثالث، وقالت شرحاً لدعواها إنها عن نفسها وبصفتها وصية على أولادها القصر تملك نصف قطعة الأرض رقم 2 بلوك 6 بالحي السابع بمدينة نصر، ويمتلك النصف الآخر المطعون ضده الأول وآخرين بموجب عقد بيع مسجل بتاريخ 4/ 7/ 1977 برقم 6751 توثيق الوايلي، وقد اتفقت مع باقي الملاك على إقامة مبنى على هذه الأرض يتكون من جراج وطابقين يحتوي كل طابق على شقتين، وأنه أصدرت توكيلاً للمطعون ضده الأول بوصفه شقيق زوجها ليقوم بتصفية نصيبها ونصيب أولادها القصر في عقارين مملوكين لزوجها وآخرين على الشيوع وقد تبين لها عند عودتها من العمل بالخارج أن المطعون ضده الأول لم ينفذ ما نص عليه العقد الوكالة وأن ما كانت ترسله إليه من مبالغ لم تكن تسلم إلى المقاول باسمها فأنذرته بتاريخ 25/ 6/ 1983 بإلغاء التوكيل ثم أنذرته ثانية بذلك بتاريخ 18/ 7/ 1983 وتبين لها بعد ذلك أن المطعون ضده الأول ووالدته وإِخوَتِهِ قد قاموا باقتسام العقار وباعوا نصف الطابق الأرضي والشقة التي تعلوه دون موافقتها وعمد بالتواطئ مع المطعون ضدهما الثاني والثالث على تحرير عقد إيجار لكل منهما يرد على وحدة من وحدات العقار التي تخصها مستخدماً عقد الوكالة رغم إلغائه وأعطى لهذين العقدين تاريخاً عرفياً سابقاً على إلغاء عقد الوكالة الذي لا يخوله التأجير ولهذا فقد أقامت دعواها ليقضي لها بمطلبها، وأمرت المحكمة بضم الدعويين الثانية والثالثة إلى الدعوى الأولى وبتاريخ 11 من نوفمبر سنة 1987 قضت بطلبات المطعون ضدهما الثاني والثالث وبرفض دعوى الطاعنة، استأنفت الطاعنة هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 11048 سنة 104 قضائية، وبتاريخ 27 من فبراير سنة 1991 حكمت المحكمة بالتأييد طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك تقول إن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه على أن العبارات المحررة بخط يد الطاعنة بنهاية التوكيل لا يعد تخصيصاً لسلطات الوكيل بل توسعة لنطاق الوكالة في حين أن تلك العبارات تفيد صراحة تقييداً لسلطات الوكيل الواردة بالنصوص المطبوعة لعقد الوكالة وتحديداً لها في عمل معين هو تصفية نصيبها ونصيب أولادها القصر في التركة، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أن من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن المناط في التعرف على مدى سعة الوكالة من حيث ما تشتمل عليه من تصرفات قانونية خول الموكل للوكيل إجراءها أو من أموال تقع عليها هذه التصرفات يتحدد بالرجوع إلى عبارة التوكيل ذاته وما جرت به نصوصه وإلى الملابسات التي صدر فيه وظروف الدعوى، فإذا استعمل المتعاقدان نموذجاً مطبوعاً للعقد أو المحرر وأضافا إليه بخط اليد أو بأية وسيلة أخرى شروطاً أو عبارات تتعارض مع الشروط والعبارات المطبوعة وجوب تغليب الشروط والعبارات المضافة باعتبارها تعبيراً واضحاً عن إرادة المتعاقدين، لما كان ذلك وكان الثابت من مطالعة عقد الوكالة الصادر من الطاعنة إلى المطعون ضده الأول أنه عبارة عن نموذج تضمن عبارات وشروط مطبوعة وتحدد في نهاية العقد بخط الطاعنة أن هذا التوكيل خاص بتصفية نصيبها ونصيب أولادها القصر في التركة وكانت السلطات التي خولتها تلك العبارة للوكيل تدخل ضمن السلطات التي تخولها له عبارات العقد وشروطه المطبوعة فيكون النص عليها بخط الطاعنة دالاً دلالة واضحة على أن إرادة المتعاقدين انصرفت إلى تحديد اختصاصات الوكيل فيما تضمنته تلك العبارة المضافة إلى العقد وتقييداً بالتالي لسلطاته التي وردت في العبارات المطبوعة للعقد، وإذ ذهب الحكم المطعون فيه تفسيره لعقد الوكالة إلى أن إرادة المتعاقدين انصرفت إلى توسعة نطاق الوكالة لتشمل التصرفات القانونية الواردة بهذه العبارة بالإضافة إلى التصرفات القانونية الواردة بعبارات العقد المطبوعة فإنه يكون قد خرج بعبارات عقد الوكالة عن مدلوله وخالف ما انصرفت إليه إرادة المتعاقدين وإذ رتب على ذلك قضاءه بنفاذ عقدي الإيجار محل النزاع في حق الطاعنة فإنه يكون معيباً بالخطأ في تطبيق القانون بما يستوجب نقضه دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.