أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الأول - السنة 43 - صـ 898

جلسة 25 من يونيه سنة 1992

برئاسة السيد المستشار/ محمد رأفت خفاجي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد محمد طيطه نائب رئيس المحكمة، محمد بدر الدين توفيق، فتيحه قرة ومحمد الجابري.

(186)
الطعن رقم 5599 لسنة 61 القضائية

(1) إيجار "إيجار الأماكن" "حظر احتجاز أكثر من مسكن" "التأجير المفروش".
حظر احتجاز الشخص مالكاً أو مستأجراً أكثر من مسكن في البلد الواحد دون مقتضى. م 8 ق 49 لسنة 1977. الغاية منه. سريان الحظر على المسكن المؤجر مفروشاً مدة خمس سنوات متصلة سابقة على تاريخ العمل بهذا القانون والمقضي بأحقية المستأجر في البقاء به بعد انتهاء مدة الإجارة الاتفاقية وفقاً لحكم المادة 46 من القانون المذكور. علة ذلك.
(2، 4) إثبات "طرق الإثبات" "الكتابة" "حجية الأوراق الرسمية". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الأدلة". استئناف.
(2) حجية الورقة الرسمية. نطاقها. م 11 إثبات. ثبوت أن البيانات الواردة بالورقة قد دونت بها بناء على ما أدلى به مقدمها وتحت مسئوليته وليس نتيجة قيام محرر الورقة بتحري صحة تلك البيانات. أثره. انحسار هذه الحجية عنها وخضوعها لسلطة قاضي الموضوع في تقدير الدليل. مثال في إيجار بشأن ما أثبته المستأجر في البطاقة الضريبية عن النشاط المهني للعين المؤجرة.
(3) إحالة الحكم الاستئنافي في تحصيله لأحد أقوال الشهود إلى مضمون ما شهد به شاهد آخر. لا عيب. متى أحال إلى أسباب الحكم الابتدائي الذي حصل أقوال كل منهما.
(4) لمحكمة الموضوع. السلطة التامة في فهم الواقع في الدعوى وتقدير ما يقدم إليها من الأدلة والموازنة بينها وترجيح ما تطمئن إليه واستخلاص الحقيقة منها متى كان استخلاصها سائغاً وله أصله الثابت بالأوراق.
1- مفاد النص في المادة الثامنة من القانون رقم 49 لسنة 1977 - بشأن إيجار الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجرين والمستأجرين - يدل - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - على أن المشرع قد حظر على كل من المالك والمستأجر أن يحتفظ بأكثر من مسكن في البلد الواحد دون مبرر يقتضيه إعمال هذا النص بما يتفق والحكمة التي تغياها المشرع منه وهي - وعلى ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية - الحرص على توفير المساكن وتهيئة السبيل أمام طلاب السكن ليصلوا إلى بغيتهم ومن ثم فإن هذا الحظر يشمل المسكن الذي تم استئجاره من مالكه مفروشاً مدة خمس سنوات متصلة سابقة على تاريخ العمل بالقانون رقم 49 لسنة 1977 وقضى للمستأجر بأحقيته في البقاء به بعد انتهاء مدة الإجارة المتفق عليها إعمالاً لنص المادة 46 من القانون المشار إليه باعتبار أن هذا المسكن قد أصبح خاضعاً لقوانين الإيجارات الاستثنائية.
2- المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن حجية الورقة الرسمية وفقاً لصريح المادة 11 من قانون الإثبات تقتصر على ما ورد بها من بيانات قام بها محررها في حدود مهمته أو وقعت من ذوي الشأن في حضوره. وإذ كان ما دون بالبطاقة الضريبية الخاصة بالطاعن من بيان باتخاذه الشقة محل النزاع فرعاً لنشاطه المهني في المحاسبة إنما قد تم بناء على ما أدلى به تحت مسئوليته وليس نتيجة قيام محرر هذه البطاقة بتحري صحة هذا البيان فإنه ما ورد بها في هذا الشأن لا يلحقه الحجية وتخضع لما لقاضي الموضوع من سلطة في تقدير الدليل ولا على الحكم المطعون فيه إن لم يعتد بالقرينة المستفادة من هذا المستند وأقام قضاءه على أدلة مناهضة استقاها من أقوال شهود المطعون ضدها ومن ثم فإن النعي بهذا الشق لا يعدو أن يكون جدلاً فيما لمحكمة الموضوع من سلطة تقدير الأدلة المطروحة في الدعوى والموازنة بينها وهو غير جائز إثارته أمام محكمة النقض.
3- لا يعيب الحكم المطعون فيه وبعد أن حصل أقوال شاهدي المطعون ضدها - على ما أورده بمدوناته - قوله "وشهد الثاني بمضمون......." متى كان قد أحال إلى أسباب الحكم الابتدائي الذي حصل أقوال كل من شاهدي المطعون ضدها.
4- المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن لمحكمة الموضوع السلطة التامة في فهم الواقع في الدعوى وفي تقدير ما يقدم لها من أدلة والموازنة بينها وترجيح ما تطمئن إليه واستخلاص الحقيقة منها متى كان استخلاصها سائغاً وله أصله الثابت بالأوراق.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع تتحصل - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضدها أقامت على الطاعن الدعوى رقم 3559 سنة 1988 مدني الإسكندرية الابتدائية بطلب الحكم بإخلاء الشقة المبينة بالصحيفة والتسليم وقالت بياناً لذلك إن الطاعن يحتجز شقة أخرى لسكنه بخلاف الشقة التي يستأجرها منها لسكنه أيضاً في ذات مدينة الإسكندرية على خلاف الحظر الوارد بنص المادة الثامنة من القانون رقم 49 سنة 1977 ومن ثم أقامت الدعوى. أحالت المحكمة الدعوى إلى التحقيق وبعد سماع الشهود حكمت برفضها. استأنفت المطعون ضدها هذا الحكم بالاستئناف رقم 164 سنة 47 ق إسكندرية وبتاريخ 6/ 11/ 1991 قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وإخلاء الشقة محل النزاع والتسليم. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض. أمرت المحكمة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وحددت جلسة لنظر الطعن وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم وبجلسة المرافعة التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين ينعي الطاعن بأولهما على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك يقول إن الحكم المطعون فيه لم يفطن إلى أن الشقة محل النزاع كان قد قضى لصالحه بالحكم رقم 5556 سنة 1979 مدني إسكندرية الابتدائية بأحقيته في البقاء بها باعتباره مستأجراً لها مفروشة مدة خمس سنوات سابقة على تاريخ العمل بالقانون رقم 49 سنة 1977 عملاً بنص المادة 46 من هذا القانون ومن ثم لا تخضع لحظر احتجاز أكثر من مسكن المنصوص عليه في المادة الثامنة من ذات القانون هذا إلى أن الحكم قد أهدر الثابت ببطاقته الضريبية وهي مستند رسمي - من أنه اعتباراً من 15/ 3/ 1988 قد غير استعماله للشقة محل النزاع بأن جعلها فرعاً لنشاطه المهني في المحاسبة فتوافر له بذلك مبرر الاحتجاز ومن ثم فإن قضاءه بالإخلاء يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في شقيه غير سديد ذلك أن النص في المادة الثامنة من القانون رقم 49 لسنة 1977 بشأن إيجار الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجرين والمستأجرين على أنه "لا يجوز للشخص أن يحتجز في البلد الواحد أكثر من مسكن دون مقتض" يدل - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - على أن المشرع قد حظر على كل من المالك والمستأجر أن يحتفظ بأكثر من مسكن في البلد الواحد دون مبرر يقتضيه إعمال هذا النص بما يتفق والحكمة التي تغياها المشرع منه وهي - وعلى ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية - الحرص على توفير المساكن وتهيئة السبيل أمام طلاب السكن ليصلوا إلى بغيتهم ومن ثم فإن هذا الحظر يشمل المسكن الذي تم استئجاره من مالكه مفروشاً مدة خمس سنوات متصلة سابقة على تاريخ العمل بالقانون رقم 49 لسنة 1977 وقضى المستأجر بأحقيته في البقاء به بعد انتهاء مدة الإجارة المتفق عليها إعمالاً لنص المادة 46 من القانون المشار إليه باعتبار أن هذا المسكن قد أصبح خاضعاً لقوانين الإيجارات الاستثنائية وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإن النعي في هذا الشق يكون على غير أساس. أما عن الشق الثاني من النعي فالمقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن حجية الورقة الرسمية وفقاً لصريح المادة 11 من قانون الإثبات تقتصر على ما ورد بها من بيانات قام بها محررها في حدود مهمته أو وقعت من ذوي الشأن في حضوره. وإذ كان ما دون بالبطاقة الضريبية الخاصة بالطاعن من بيان باتخاذه الشقة محل النزاع فرعاً لنشاطه المهني في المحاسبة إنما قد تم بناء على ما أدلى به تحت مسئوليته وليس نتيجة قيام محرر هذه البطاقة بتحري صحة هذا البيان فإن ما ورد بها في هذا الشأن لا يلحقه الحجية وتخضع لما لقاضي الموضوع من سلطة في تقدير الدليل ولا على الحكم المطعون فيه إن لم يعتد بالقرينة المستفادة من هذا المستند وأقام قضاءه على أدلة مناهضة استقاها من أقوال شهود المطعون ضدها ومن ثم فإن النعي بهذا الشق لا يعدو أن يكون جدلاً فيما لمحكمة الموضوع من سلطة تقدير الأدلة المطروحة في الدعوى والموازنة بينها وهو غير جائز إثارته أمام هذه المحكمة ويضحى النعي برمته على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعي بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت في الأوراق وفي بيان ذلك يقول إن الحكم المطعون فيه لم يحصل أقوال الشاهد الثاني من شهود المطعون ضدها مكتفياً بقوله أنه شهد بمضمون ما شهد به الأول كما أن ما استخلصه من أقوال الشاهد الأول من شهودها من أنه شاهد الشقة محل النزاع تؤجر مفروشة من سنة 1986 حتى سنة 1989 يخالف الثابت بأقوال هذا الشاهد هذا إلى أن إطراح الحكم لأقوال شاهديه والمستند الرسمي الذي قدمه قد شابه التناقض لأن أقوال شاهديه مؤيدة بهذا المستند تؤكد استعماله للعين محل النزاع في نشاطه المهني في المحاسبة منذ سنة 1984 مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أنه لا يعيب الحكم المطعون فيه وبعد أن حصل أقوال شاهدي المطعون ضدها - على ما أورده بمدوناته - قوله "وشهد الثاني بمضمون ما شهد به الأول وأضاف أنه يعلم بأن المستأنف ضده (الطاعن) له شقة أخرى ولا يعرف الشاهد أين تكون" متى كان قد أحال إلى أسباب الحكم الابتدائي الذي حصل أقوال كل من شاهدي المطعون ضدها - وإذ كان المقرر - في قضاء هذه المحكمة أن لمحكمة الموضوع السلطة التامة في فهم الواقع في الدعوى وفي تقدير ما يقدم لها من أدلة والموازنة بينها وترجيح ما تطمئن إليه واستخلاص الحقيقة منها متى كان استخلاصها سائغاً وله أصله الثابت بالأوراق وكان الحكم المطعون فيه وفي مجال الموازنة بين الأدلة قد أطرح أقوال شاهدي الطاعن والمستند الذي قدمه (البطاقة الضريبية) وأخذ بأقوال شاهد المطعون ضدها بما أورده بمدوناته من أن "وفي مجال إثبات المقتضي استشهد بالشاهدين سالفي الذكر فقال أولهما إن الشقة أعدت لاستعمالها كمكتب للمحاسبة من ست أو سبع سنوات سابقة على سؤاله الحاصل في عام 1990 وقال الثاني إنه عمل سكرتيراً للمكتب وأن المكتب أعد للمحاسبة منذ عام 1985 كما قدم المستأنف ضده (الطاعن) البطاقة الضريبية أضيف إليها شقة النزاع كملحق لمكتب المحاسبة عام 1988 الأمر الذي تستخلص منه المحكمة أن المستأنف ضده قد استأجر هذه العين خلال مدة سابقة على هذه التواريخ الثلاث وقد تناقضت كل شهادة مع الأخرى في شأن بدء نشأة المقتضى الذي استند إليه مبرراً في الاحتجاز بما تطرح معه المحكمة تلك الشهادة وهذه المستندات" وكان ما أورده الحكم لإطراح أدلة الطاعن في شأن توافر مقتضى الاحتجاز له أصله الثابت بالأوراق وكاف لحمل قضائه فإنه لا يعيبه ما أخطأ فيه فيما أورده من اطمئنانه لأقوال الشاهد الأول من شهود المطعون ضدها من أنه "شاهد عين النزاع تؤجر مفروشة خلال استئجاره لعين مقابلة لها في الفترة من عام 1986 حتى عام 1989" حالة أن هذا القول ورد بشهادة الشاهد الثاني من شهودها إذ لا يعدو ذلك أن يكون خطأ مادياً في ذكر ترتيب الشاهد ومن ثم فإن النعي برمته يكون على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن