أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 46 - صـ 388

جلسة 12 من فبراير سنة 1995

برئاسة السيد المستشار/ محمد عبد المنعم حافظ - نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ فاروق يوسف سليمان، خلف فتح الباب، حسام الدين الحناوي ومحمد شهاوي عبد ربه - نواب رئيس المحكمة.

(76)
الطعن رقم 1345 لسنة 61 القضائية

(1) حكم "حجية الحكم". قوة الأمر المقضي.
حجية الحكم. اقتصارها على ما فصل فيه بصفة صريحة أو ضمنية سواء في المنطوق أو في الأسباب المرتبطة به. ما لم تفصل فيه المحكمة بالفعل أو ما يرد في أسباب الحكم زائداً عن حاجة الدعوى. لا يكون موضوعاً لحكم يحوز قوة الأمر المنقضي.
(2) اختصاص. حكم "حجية الحكم".
الحكم النهائي بالاختصاص. التزام المحكمة المحال إليها الدعوى به في نطاق الأساس الذي قام عليه طالما أن أسبابه جاءت واضحة في هذا الأساس.
(3) إيجار "إيجار الأماكن" "الأماكن المؤجرة للمصالح الحكومية في القرى".
عقود إيجار الأماكن الكائنة خارج النطاق المكاني لقوانين إيجار الأماكن المؤجرة لمصالح الحكومة وفروعها أو للمجالس المحلية أو الهيئات العامة. خضوعها للامتداد القانوني إعمالاً للقانونين 121 لسنة 1947, 52 لسنة 1969. خضوعها للقواعد العامة في القانون المدني منذ العمل بالقانون رقم 49 لسنة 1977. علة ذلك.
1 - المقرر - وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض - أن حجية الحكم تقتصر على ما قد يكون قد فصل فيه بصفة صريحة أو ضمنية, سواء في المنطوق أو في الأسباب المرتبطة به والتي لا يقوم بدونها وأن ما لم تنظره المحكمة بالفعل لا يمكن أن يكون موضوعاً لحكم يحوز قوة الأمر المقضي كما أن الأسباب الذائدة التي لا حاجة للدعوى بها ويستقيم الحكم بدونها لا حجية لها.
2 - المقرر أن التزام المحكمة المحال إليها الدعوى بالحكم النهائي الذي فصل في الاختصاص يكون في نطاق الأساس الذي قام عليه هذا الحكم والذي أورده في أسبابه المرتبطة بمنطوقه دون خروج عليه تحت دواعي التفسير أو التأويل ما دامت أسبابه جاءت واضحة في بيان هذا الأساس.
3 - لئن كان القانون 121 لسنة 1947 قد نص في الفقرة الأولى من المادة الرابعة عشر منه على أنه "تسرى أحكام هذا القانون على الأماكن وأجزاء الأماكن غير الواقعة في المناطق المبينة بالجدول المشار إليها في المادة الأولى إذا كانت مؤجرة لمصالح الحكومة وفروعها أو لمجلس المديريات أو للمجالس البلدية والقروية" أنه وإن كان القانون 52 لسنة 1969 قد سار على ذات المنهج فنص في الفقرة الأخيرة من المادة الأولى على أنه "وتسري أحكام الفصل الثالث من هذا الباب على الأماكن المؤجرة لمصالح الحكومة وفروعها والمجالس المحلية والهيئات والمؤسسات العامة...... في القرى التي لم يصدر بشأنها قرار من وزير الإسكان والمرافق" إلا أن القانون رقم 49 لسنة 1977 قد جاء خلواً من نص مماثل - إذ كان ما جاء بالقانونيين رقمي 121 لسنة 1947, 52 لسنة 1969 بهذا الشأن أن هو إلا استثناءاً من الأصل المقرر في قوانين إيجار الأماكن عامة من عدم تطبيق أحكامها إلا في النطاق المكاني الذي تحدده وكانت المادة 47 من القانون رقم 52 لسنة 1969 قد ألغت القانون 121 لسنة 1947 عدا أحكامه المتعلقة بتحديد الأجرة والأحكام المفرزة على مخالفتها إعمالاً لصريح نص المادة 43 منه وكان القانون رقم 49 لسنة 1977 قد نص في المادة 86 منه على إلغاء القانون رقم 52 لسنة 1969 وكل حكم يخالف أحكامه عدا تلك المتعلقة بالأجرة عملاً بنص المادة التاسعة منه, فإن مؤدى ما تقدم أن عقود إيجار الأماكن الكائنة خارج النطاق المكاني لقوانين إيجار الأماكن المؤجرة لمصالح الحكومة وفروعها أو للمجالس المحلية أو الهيئات والمؤسسات العامة وإن كانت قد أخضعت للامتداد القانوني أعمالاً للقانون 121 لسنة 1947 ومن بعده القانون 52 لسنة 1969 فقد انحسر عنها هذا الامتداد منذ العمل بالقانون 49 لسنة 1977 الذي ألغى ما كان ينص عليه القانونان السابقان في هذا الشأن واستمر الأمر على هذا الحال في ظل القانون 136 لسنة 1981.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر نائب رئيس المحكمة والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضدهم أقاموا على الطاعنين الدعوى رقم 98 لسنة 1988 أمام محكمة شبرا خيت الجزئية بطلب الحكم بإنهاء عقد الإيجار المؤرخ 1/ 3/ 1975 وإخلاء الشقة المبينة بصحيفتها وتسليمها إليهم - وقالوا بياناً لذلك - إن الأخيرين استأجروا هذه الشقة من مورثهم بالعقد المذكور لقاء أجرة شهرية مقدارها أربعة جنيهات ونصف وهي تقع في قرية لا تسري عليها أحكام قانون إيجار الأماكن وقد قاموا بإنذارهم بتاريخ 7, 13/ 1/ 1988 بعدم رغبتهم في تجديد العقد اعتباراً من آخر يناير سنة 1988 فلم يمتثلوا فأقاموا الدعوى بطلباتهم سالفة البيان. قضت المحكمة بعدم اختصاصها قيمياً بنظر الدعوى وبإحالتها إلى محكمة دمنهور الابتدائية، فقيدت بها برقم 233 لسنة 1989 ثم قضت برفضها استأنف المطعون ضدهم الحكم لدى محكمة استئناف الإسكندرية "مأمورية دمنهور" بالاستئناف رقم 437 لسنة 45 قضائية - وبتاريخ 23 من جمادى الثاني سنة 1411 هجرية الموافق 9 من يناير سنة 1991 حكمت بإلغاء الحكم المستأنف وبطلبات المطعون ضدهم طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض. أودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه لسبب أثارته من تلقاء نفسها. وإذ عرض الطعن على المحكمة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن النيابة العامة تنعي بالسبب الذي أثارته على الحكم المطعون فيه مخالفته القانون والخطأ في تطبيقه - وقالت بياناً لذلك - إن الحكم الصادر من محكمة شبرا خيت الجزئية بعدم اختصاصها قيمياً بنظر الدعوى وإحالتها إلى المحكمة الابتدائية قد أورد في أسبابه المرتبطة بمنطوقه أن عين النزاع تخضع لحكم الامتداد القانوني طبقاً للقانون رقم 121 لسنة 1947, وقد أصبح هذا الحكم نهائياً وحاز قوة الأمر المقضي بعدم الطعن عليه بالاستئناف مما كان يتعين معه على محكمة الاستئناف أن تلتزم بحجيته بشأن مسألة الامتداد القانوني لعقد إيجار العين محل النزاع التي حسمها في خصوص هذه المسألة فتتقيد بها المحكمة الابتدائية المحال إليها الدعوى وكذلك المحكمة الاستئنافية وتأخذها أساساً لقضائها ولا يجوز لها مخالفتها, أما وقد خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بإلغاء الحكم الابتدائي وبإنهاء عقد الإيجار محل النزاع وبإخلاء العين المؤجرة وتسليمها إلى المطعون ضدهم لانتهاء مدته تطبيقاً لأحكام القانون المدني فهذا مما يعيبه.
وحيث إن هذا النعي مردود - ذلك بأن المقرر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن حجية الحكم تقتصر على ما قد يكون قد فصل فيه بصفة صريحة أو ضمنية, سواء في المنطوق أو في الأسباب المرتبطة به والتي لا يقوم بدونها، وأن ما لم تنظره المحكمة بالفعل لا يمكن أن يكون موضوعاً لحكم يحوز قوة الأمر المقضي، كما أن الأسباب الزائدة التي لا حاجة للدعوى بها ويستقيم الحكم بدونها لا حجية لها. ومن المقرر أيضاً أن التزام المحكمة المحال إليها الدعوى بالحكم النهائي الذي فصل في الاختصاص يكون في نطاق الأساس الذي قام عليه هذا الحكم والذي أورده في أسبابه المرتبطة بمنطوقه دون خروج عليه تحت دواعي التفسير أو التأويل ما دامت أسبابه جاءت واضحة في بيان هذا الأساس. لما كان ذلك - وكان الثابت من الرجوع إلى الحكم الصادر في الدعوى رقم 98 لسنة 1988 مدني محكمة شبرا خيت الجزئية أنه أشار في مدوناته إلى عقد إيجار العين محل النزاع المؤرخ 1/ 3/ 1975 والذي انعقد مشاهرة لمدة غير محددة وقد أقام قضاءه بعدم اختصاص المحكمة قيمياً بنظر الدعوى وبإحالتها إلى المحكمة الابتدائية على أن عقد الإيجار محل النزاع قد امتد لمدة غير محددة بعد انتهاء مدته الأصلية فتعتبر قيمته زائدة على خمسمائة جنيه، وهو ما يكفي حمل قضائه بعدم اختصاص المحكمة الجزئية قيمياً بنظر الدعوى وإحالتها إلى المحكمة الابتدائية ومما يستوجب على المحكمة المحال إليها الدعوى أن تعتد به، أما حديثه عن القانون رقم 121 لسنة 1947 ومدى انطباقه على موضوع الدعوى فلا يعدو أن يكون استطرداً زائداً لا حاجة له به بعد قضائه بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى، وبالتالي فلا حجية له وليس من شأنه أن يمتنع على محكمة الموضوع المحال عليها الدعوى أن تقول كلمتها في القانون الواجب التطبيق وأن تنزل حكمه الصحيح على ما يثبت لديها أنه الواقع في الدعوى المطروحة. وإذ كان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر دون خروج على قضاء الحكم بعدم الاختصاص القيمي المشار إليه والأساس الذي قام عليه فإنه لا يكون بذلك قد خالف القانون ويكون النعي عليه في هذا الخصوص على غير أساس.
وحيث إن الطعن أقيم على سبب واحد ينعي الطاعنون به على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه - وفي بيان ذلك يقولون - إن نص المادة الأولى من القانون رقم 121 لسنة 1947 في شأن إيجار الأماكن وإن أخرج من نطاق تطبيق أحكامه القرى التي لم يصدر بشأنها قرار من وزير الإسكان بسريان أحكام قوانين إيجار الأماكن عليها، إلا أن المشرع في المادة 14 من هذا القانون استثنى من ذلك الأماكن المؤجرة إلى مصالح الحكومة وفروعها أو المجالس البلدية أو القروية وأخضعها لأحكامه سواء ما تعلق منها بتحديد الأجرة أو الامتداد القانوني لعقد الإيجار وقد صار على ذات النهج في القانون رقم 52 لسنة 1969، وإذ كان عقد الإيجار محل النزاع أبرم في ظل العمل بالقانونين المذكورين، وكانت العين محل النزاع كائنة بقرية أورين مركز شبرا خيت ومؤجرة كمقر لوحدة الشئون الاجتماعية التابعة للطاعنين، فإنها تخضع لحكم الامتداد القانوني الوارد بهما وبالتالي فلا ينتهي العقد بانتهاء الأجل المحدد به، وإذ ذهب الحكم المطعون فيه إلى أن تلك العين تخضع لأحكام القانون المدني. وقضى بإنهائه لانتهاء مدته فإنه يكون معيباً.
وحيث إن هذا النعي غير سديد. ذلك بأنه وإن كان القانون 121 لسنة 1947 قد نص في الفقرة الأولى من المادة الرابعة عشر منه على أنه "تسرى أحكام هذا القانون على الأماكن وأجزاء الأماكن غير الواقعة في المناطق المبينة بالجدول المشار إليها في المادة الأولى إذا كانت مؤجرة لمصالح الحكومة وفروعها أو لمجلس المديريات أو للمجالس البلدية والقروية" أنه وإن كان القانون 52 لسنة 1969 قد سار على ذات المنهج فنص في الفقرة الأخيرة من المادة الأولى على أنه "وتسري أحكام الفصل الثالث من هذا الباب على الأماكن المؤجرة لمصالح الحكومة وفروعها وللمجالس المحلية والهيئات والمؤسسات العامة...... في القرى التي لم يصدر بشأنها قرار من وزير الإسكان والمرافق" إلا أن القانون رقم 49 لسنة 1977 قد جاء خلواً من نص مماثل - وإذ كان ما جاء بالقانونيين رقمي 121 لسنة 1947, 52 لسنة 1969 بهذا الشأن إن هو إلا استثناءاً من الأصل المقرر في قوانين إيجار الأماكن عامة من عدم تطبيق أحكامها إلا في النطاق المكاني الذي تحدده، وكانت المادة 47 من القانون رقم 52 لسنة 1969 قد ألغت القانون 121 لسنة 1947 عدا أحكامه المتعلقة بتحديد الأجرة والأحكام المقررة على مخالفتها وإعمالاً لصريح نص المادة 43 منه وكان القانون رقم 49 لسنة 1977 قد نص في المادة 86 منه على إلغاء القانون رقم 52 لسنة 1969 وكل حكم يخالف أحكامه عدا تلك المتعلقة بالأجرة عملاً بنص المادة التاسعة منه, فإن مؤدّي ما تقدم أن عقود إيجار الأماكن الكائنة خارج النطاق المكاني لقوانين إيجار الأماكن المؤجرة لمصالح الحكومة وفروعها أو للمجالس المحلية أو الهيئات والمؤسسات العامة. وإن كانت قد أُخضعت للامتداد القانوني إعمالاً للقانون 121 لسنة 1947 ومن بعده القانون 52 لسنة 1969 فقد انحسر عنها هذا الامتداد منذ العمل بالقانون 49 لسنة 1977 الذي ألغى ما كان ينص عليه القانونان السابقان في هذا الشأن واستمر الأمر على هذا الحال في ظل القانون 136 لسنة 1981 - لما كان ذلك وكان الثابت أن عقد الإيجار محل النزاع المؤرخ 1/ 3/ 1975 قد ورد على مكان مؤجر لجهة حكومية يقع في قرية لم يصدر بشأنها قرار من وزير الإسكان والتعمير بمد سريان أحكام قوانين إيجار الأماكن الاستثنائية عليها، فإن حكم الامتداد القانوني وإنه سرى على العقد في ظل العمل بأحكام القانون رقم 121 لسنة 1947، إلا أن هذا الحكم قد انحسر بعد العمل بالقانون رقم 49 لسنة 1977 الذي ألغى النص الوارد في القانون المذكور ومن ثم فإن هذا الامتداد يخضع لأحكام القانون المدني التي تقصي بانتهاء العقد لانتهاء مدته مع مراعاة التنبيه - وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون ويضحى النعي عليه لهذا السبب على غير أساس