مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الخامسة - العدد الأول (من أول أكتوبر سنة 1959 إلى آخر يناير سنة 1960) - صـ 228

(28)
جلسة 23 من يناير سنة 1960

برياسة السيد/ سيد علي الدمراوي - نائب رئيس المجلس، وعضوية السادة: علي إبراهيم بغدادي ونبيه الغزي والدكتور محمود سعد الدين الشريف ومصطفى كامل إسماعيل - المستشارين.

القضية رقم 717 لسنة 4 القضائية

عامل القناة - تعيينه في ظل قانون موظفي الدولة بوظيفة من الدرجة الثانية خارج الهيئة - منحه الأجر المقرر لهذه الوظيفة بالكادر - لا محل بعد ذلك لإعمال القاعدة الواردة في كتاب لجنة إعادة توزيع عمال الجيش البريطاني المؤرخ 19 من مارس سنة 1952 والتي حاصلها تحديد مرتب عامل القناة بالأجرة اليومية مضروبة في 25 يوماً - أساس ذلك.
إذا لم يكن ثمة شبهة في أن المدعي وقد عين في الدرجة الثانية بسلك المستخدمين الخارجين عن الهيئة (غير الصناع) بتاريخ أول أغسطس سنة 1953 يكون خاضعاً لأحكام قانون نظام موظفي الدولة رقم 210 لسنة 1951 المعمول به منذ أول يوليه سنة 1952، ومن بينها حكم مادته الحادية والعشرين التي صرحت في فقرتها الأولى بأن "يمنح الموظف عند التعيين أول مربوط الدرجة المقررة للوظيفة أو المربوط الثابت على الوجه الوارد بجدول الدرجات والمرتبات الملحق بهذا القانون، ولو كان المؤهل العلمي الذي يحمله الموظف يجيز التعيين على درجة أعلى". وصرحت في فقرتها الثالثة "وعلى ذلك فلمجلس الوزراء بناء على اقتراح وزير المالية والاقتصاد بعد أخذ رأي ديوان الموظفين أن يقرر منح مرتبات تزيد على بداية الدرجة للمعينين في الوظائف الفنية إذا كانوا حاصلين على مؤهلات فنية إضافية تتفق وأعمال الوظيفة". ثم حكم المادة 117 الوارد في الباب الثاني من قانون موظفي الدولة الخاص بالمستخدمين الخارجين عن الهيئة التي نصت على أن "تسري على المستخدمين الخارجين عن الهيئة فضلاً عن الأحكام الواردة في هذا الباب نصوص المواد....... والفقرتين الأولى والثالثة من المادة 21......". وقد دلت هذه النصوص على أن قانون موظفي الدولة لا يتسامح في زيادة مرتب المستخدم الخارج عن الهيئة عن أول مربوط الدرجة التي يعين فيها، فإذا عين في الدرجة الثانية المعين لها في جدول الدرجات والمرتبات الملحق بالقانون المذكور الفئة (36/ 72 جنيه) لم يجز أن يجاوز أول مربوطها وهو ثلاث جنيهات شهرياً. وهذا الأصل المطرد لا يقبل قيداً أو استثناء اللهم إلا إذا استعمل مجلس الوزراء الرخصة التي خولته إياها الفقرة الثالثة من المادة 21 آنفة الذكر، فاصدر قراراً بزيادة المرتب على بداية الدرجة بالنسبة إلى المعينين في الوظائف الفنية إذا كانوا حاصلين على مؤهلات فنية إضافية. وهذه الحالة مع كونها منبتة الصلة بموضوع المنازعة الحاضرة غير حاصلة.
ولا غناء في التمسك بقاعدة عدم جواز المساس بالمراكز القانونية الذاتية لأن تعيين المطعون لصالحه في ظل قانون موظفي الدولة وخضوعه من ثم لأحكامه لا شأن له بفكرة المساس بالحق المكتسب ما دام الأمر متصلاً بتعيين مبتدأ افتتحت به علاقة وظيفية جديدة لها طابع مستقل وليست استمراراً لوضع طويت صفحته بهذا التعيين ولأن القاعدة التنظيمية السابقة على قانون موظفي الدولة والتي تضمنتها مقترحات لجنة إعادة توزيع عمال الجيش البريطاني بناء على تفويض من مجلس الوزراء الواردة بكتابها المؤرخ 19 من مارس سنة 1952 بالنسبة إلى تعيين عمال القناة في الدرجات الخالية بالميزانية والتي حاصلها تحديد مرتباتهم في هذه الدرجات بالأجرة اليومية مضروبة في 25 يوماً ولو تجاوزت نهاية مربوط الدرجات التي يعينون فيها، هذه القاعدة قد نسخت نسخاً ضمنياً بالعمل بأحكام قانون الموظفين باعتبار أن أحكامه في هذه النصوص متعارضة كل التعارض مع القاعدة التنظيمية آنفة الذكر من ناحية أوضاع التعيين وضوابطه.
وليس أدل على سداد هذا الفهم من أن الشارع لما أراد الخروج على أحكام قانون موظفي الدولة في هذا الخصوص بالنسبة إلى تعيين المؤهلين من عمال القناة على درجات بالميزانية أصدر القانون رقم 569 لسنة 1955 ونص صراحة في الفقرة الأولى من مادته الثالثة على أنه "استثناء من أحكام القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة، يعين من تثبت لياقته الطبية من العمال المؤهلين ممن ذكروا في المادة السابقة كل منهم بالدرجة التي يجيز مؤهله ترشيحه لها وفقاً لأحكام المرسوم الصادر في 6 من أغسطس سنة 1953 ويمنح كل منهم مرتباً يوازي الأجر الشهري الذي يصرف له بالتطبيق لأحكام كادر عمال القناة ولو جاوز بداية الدرجة" ولو كانت نظرية الحق المكتسب تنهض في ذاتها مبرراً لإرساء هذا الحكم بالنسبة إلى المؤهلين من عمال القناة، لما كان المشرع في حاجة إلى إيراده مورد الاستثناء من أحكام القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة ويصدق هذا أيضاً على قرار مجلس الوزراء التفويضي الصادر تنفيذاً لحكم المادة 9 من القانون رقم 569 لسنة 1955 في 23 من نوفمبر سنة 1955، فإنه حين عالج أوضاع عمال القناة غير المؤهلين عند تعيينهم على درجات كادر العمال بالميزانية، سلك في بعض جوانب هذا التنظيم مسلكاً مخالفاً لأحكام كادر العمال طبقاً لصريح نص المادة الأولى من قرار مجلس الوزراء آنف الذكر، وإذن فالنص على احتفاظ العامل المعين على إحدى درجات كادر العمال بأجره السابق الذي كان يتقاضاه قبل التعيين في ظل أحكام كادر عمال القناة وذلك طبقاً للفقرة (جـ) من البند 1 التي تمسكت بها هيئة المفوضين، هذا النص ورد استثناء من أحكام كادر العمال وليس له أدنى صلة بمثار المنازعة الحالية حيث وقع التعيين على إحدى الدرجات الخارجة عن هيئة العمال وهي الدرجات التي ينظم التعيين فيها قانون موظفي الدولة لأحكام كادر العمال. وتأسيساً على ذلك يكون المطعون لصالحه وقد عين على درجة من درجات المستخدمين الخارجين عن الهيئة (غير الصناع) في أول أغسطس سنة 1952 في ظل قانون موظفي الدولة وقبل العمل بالقانون رقم 569 لسنة 1955 خاضعاً لحكم المادتين 21 و117 من قانون نظام موظفي الدولة بحيث لا يستحق إلا بداية مربوط الدرجة الثانية للمستخدمين الخارجين عن الهيئة (غير الصناع) وهي 36 جنيهاً في السنة طبقاً لجدول الدرجات والمرتبات الملحق بالقانون رقم 210 لسنة 1951 وتكون الجهة الإدارية على حق إذا التزمت بداية مربوط تلك الدرجة عند تحديد مرتبه وبخاصة وأن مركز المدعي وأمثاله وما ربط لهم من مرتبات وأجور إنما كان بصفة وقتية صرفه مما يجعل تحديد مركزهم عند التعيين الجديد في سلك المستخدمين الخارجين عن الهيئة (غير الصناع) غير مقيد بالأجور السابقة بل هو خاضع لأحكام القوانين واللوائح على الوجه السالف إيراده.


إجراءات الطعن

في 8 من يوليه سنة 1958 أودع السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة سكرتارية المحكمة عريضة طعن أمام هذه المحكمة قيد بجدولها تحت رقم 717 لسنة 4 القضائية في الحكم الصادر من المحكمة الإدارية لوزارة الصحة بجلسة 10 من مايو سنة 1958 في الدعوى رقم 472 لسنة 4 القضائية المقامة من السيد/ المرسي أحمد المرسي ضد وزارة الشئون البلدية والقروية والقاضي (برفض الدعوى وألزمت المدعي المصروفات). وطلب السيد رئيس هيئة المفوضين للأسباب التي استند إليها في صحيفة طعنه (الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء بأحقية المدعي في حساب ماهيته على أساس أجره اليومي 140 مليماً مكرراً خمساً وعشرين مرة مع إلزام الحكومة بالمصروفات). وقد أعلن هذا الطعن إلى وزارة الشئون البلدية والقروية في 25 من أغسطس سنة 1958 وإلى المطعون عليه في 15 من ديسمبر سنة 1958 وقد أبلغ الخصوم في 30 من يوليه سنة 1959 بجلسة 21 من نوفمبر سنة 1959 المحددة لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون التي أحالت هذا الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا وحددت له جلسه 9 من يناير سنة 1960 للمرافعة، وفي هذه الجلسة سمعت هذه المحكمة ما رأت سماعه من إيضاحات ذوي الشأن على الوجه المبين بمحضر الجلسة ثم قررت إرجاء النطق بالحكم في الطعن إلى جلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة - حسبما يبين من الأوراق - تتحصل في أن المطعون لصالحه أقام الدعوى رقم 472 لسنة 4 القضائية ضد وزارة الصحة العمومية أمام المحكمة الإدارية لوزارة الصحة بعريضة أودعها سكرتارية المحكمة في 14 من سبتمبر سنة 1957 بناء على قرار لجنة المساعدة القضائية الصادر في 22 من يوليه سنة 1957 بقبول طلب الإعفاء رقم 600 لسنة 4 القضائية المقدم منه في 23 من مايو سنة 1957 وقال شرحاً لدعواه أنه كان من عمال القناة ومهنته الأصلية "طباخ" وقد التحق بخدمة وزارة الصحة في وظيفة "ساع" بأجر يومي مقداره 140 مليماً، ثم عين خفير مياه بماهية شهرية قدرها 3 ج اعتباراً من شهر أغسطس سنة 1953، وقال أنه يحق له أن يحدد راتبه على أساس الأجر الذي كان يحصل عليه مضروباً في 25 يوماً أي أن أجره الشهري يتعين أن يكون 500 م 3 ج ولهذا فإنه يطلب الحكم له باستحقاقه لمرتب شهري مقداره 500 م 3 ج من بدء تعيينه في وظيفة خفير عملية المياه وما يترتب على ذلك من آثار وفروق مالية مع إلزام الوزارة بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وردت الوزارة بأن المدعي كان في ضمن عمال القناة الذين تركوا خدمة الجيش البريطاني ثم التحق في 26 من نوفمبر سنة 1951 بالإدارة الهندسية القروية بمديرية الغربية التابعة وقتذاك لمصلحة الشئون القروية الملغاة وأنه تقرر بعد ذلك إلحاقه بمهنة (ساع) بأجر يومي قدره 140 مليماً وظل يتقاضى هذا الأجر حتى 31 من يوليو سنة 1953 وفي أول أغسطس سنة 1953 عين في وظيفة خفير عملية مياه من الدرجة الثانية خدم "غير الصناع". بديوان عام مصلحة الشئون القروية ومربوطها (3 - 6 جنيه) بماهية قدرها ثلاث جنيهات شهرياً طبقاً لأحكام القانون رقم 210 لسنة 1951 وأن هذا المرتب بعد أن زيد بالعلاوات بلغ 250 م 3 ج اعتباراً من أول مايو سنة 1956 بجلسة 10 من مايو سنة 1958 حكمت المحكمة الإدارية برفض الدعوى وألزمت المدعي بالمصروفات. وأسست قضاءها على أنه "وإن كانت قواعد إعادة توزيع عمال الجيش البريطاني وتجديد أجورهم التي بدأ تنفيذها من أول إبريل سنة 1952 تتضمن حكماً يقضي بأن العمال الذين ينقلون إلى سلك الدرجات تحدد مرتباتهم على أساس ما يتقاضون من أجر يومي مكرراً خمساً وعشرين مرة، إلا أن صدور القانون رقم 210 لسنة 1951 الخاص بنظام موظفي الدولة قد ألغى هذه القاعدة فيما ألغاه من قواعد تغاير أحكامه طبقاً لنص المادة الأولى منه، ذلك لأن الفقرة الأولى من المادة 21 من هذا القانون والتي يسري حكمها على المستخدمين الخارجين عن الهيئة بموجب المادة 117 تنص على أن يمنح الموظف عند التعيين أول مربوط الدرجة المقررة لوظيفته على الوجه الوارد بجدول الدرجات والمرتبات الملحقة به، وعلى أنه (القرار الصادر بتعيين المدعي في الدرجة الثانية خارج الهيئة في 16 من أغسطس سنة 1953 قد صدر في ظل أحكام هذا القانون) وكان مربوط هذه الدرجة في الجدول الملحق به يبدأ بثلاثة جنيهات وهو نفس المرتب الذي قرر للمدعي في قرار تعيينه فيها... وعلى أنه (لا يسوغ القول بأن العامل الذي حدد أجره طبقاً لكادر عمال القناة هذه قد اكتسب مركزاً ذاتياً يخوله حق التمسك بهذا الأجر عند تعيينه بصفة نهائية في إحدى الوظائف الحكومية تصفية لمركزه المؤقت لأن هذا التعيين يعتبر في الواقع من الأمر افتتاحاً لعلاقة وظيفية جديدة لها طابع الاستقرار وليس استمرار لذلك الوضع الانتقالي المؤقت الذي انقضى في ظل قواعد كادر عمال القناة التي تعتبر على ما سلف قواعد موقوتة الأثر.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن المدعي وقد عين طبقاً لأحكام كادر عمال القناة حصل على أجر قدره 140 مليماً ثم رؤى نقله إلى سلك الدرجات وقد نظمت أحكام هذا النقل القواعد التي جرى بها كادر عمال القناة والقرار الصادر في نوفمبر سنة 1955 بشأن نقل عمال القناة على درجات بالميزانية فنصت الفقرة الخامسة من كتاب رقم 234 - 3 - 77 الصادر من رئيس لجنة إعادة توزيع عمال الجيش البريطاني المؤرخ 19 من مارس سنة 1952 على أنه في حالة تعيين أحد العمال في الدرجات خارج الهيئة الخالية بالميزانية فتكون القاعدة العامة لتحديد مرتباتهم هي يومية العامل مضروبة في 25 يوماً ولو تجاوز هذا الأجر نهاية مربوط الدرجة التي سيعين فيها، وذلك بعد استيفاء كافة مسوغات التعيين كالمرشح الجديد كما يقوم على ما نصت عليه المادة الثانية من قرار مجلس الوزراء الصادر في 23 من نوفمبر سنة 1955 من تعيين عمال القناة الذين تزيد أجورهم المحددة لمهنتهم الآن عن الأجور المحددة لمهنتهم بمقتضى أحكام كادر العمال في الدرجة 120/ 300 مليماً بأول مربوطها وتحتفظ لهم بأجورهم الحالية بصفة شخصية على أن تخصم الزيادة مما قد يحصلون عليه من زيادة في مجموع أجرهم الجديد من إعانة الغلاء عما يتقاضونه قبل تعيينهم في درجات الميزانية مما قد يحصلون عليه من علاوات مستقبله، وعلى أنه يتضح من هذه القواعد أن حق العامل في أجره لا يمكن المساس به عند نقله إلى كادر العمال أول إلى إحدى الدرجات، ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه قد خالف القانون.
ومن حيث إنه لا نزاع بين المطعون لصالحه والحكومة حول صحة الوقائع التي أوردها في صحيفة دعواه والتي حاصلها أنه عين في أول أغسطس سنة 1953 في وظيفة خارج الهيئة من الدرجة الثانية بمرتب شهري قدره ثلاثة جنيهات، مع أن أجره كان من قبل 140 مليماً يومياً في مهنة ساع بالإدارة الهندسية القروية بمديرية الغربية التابعة لمصلحة الشئون القروية الملغاة.
ومن حيث إنه لا شبهة في أن المدعي وقد عين في الدرجة الثانية بسلك المستخدمين الخارجين عن الهيئة (غير الصناع) بتاريخ أول أغسطس سنة 1953 يكون خاضعاً لأحكام قانون نظام موظفي الدولة رقم 210 لسنة 1951 المعمول به منذ أول يوليه سنة 1952، ومن بينها حكم مادته الحادية والعشرين التي صرحت في فقرتها الأولى بأن (يمنح الموظف عند التعيين أول مربوط الدرجة المقررة للوظيفة أو المربوط الثابت على الوجه الوارد بجدول الدرجات والمرتبات الملحق بهذا القانون، ولو كان المؤهل العلمي الذي يحمله الموظف يجيز التعيين على درجة أعلى". وصرحت في فقرتها الثالثة "وعلى ذلك فلمجلس الوزراء بناء على اقتراح وزير المالية والاقتصاد بعد أخذ رأي ديوان الموظفين أن يقرر منح مرتبات تزيد على بداية الدرجة للمعينين في الوظائف الفنية إذا كانوا حاصلين على مؤهلات فنية إضافية تتفق وأعمال الوظيفة"، ثم حكم المادة 117 الوارد في الباب الثاني من قانون موظفي الدولة الخاص بالمستخدمين الخارجين عن الهيئة التي نصت على أن "تسري على المستخدمين الخارجين عن الهيئة فضلاً عن الأحكام الواردة في هذا الباب نصوص المواد....... والفقرتين الأولى والثالثة من المادة 21......". وقد دلت هذه النصوص بيقين على أن قانون موظفي الدولة لا يتسامح في زيادة مرتب المستخدم الخارج عن الهيئة - كالمطعون لصالحه - عن أول مربوط الدرجة التي يعين فيها فإذا عين في الدرجة الثانية المعين لها في جدول الدرجات والمرتبات الملحق بالقانون المذكور الفئة (36/ 72 جنيه) لم يجز أن يجاوز أول مربوطها وهو ثلاث جنيهات شهرياً. وهذا الأصل المطرد لا يقبل قيداً أو استثناء اللهم إلا إذا استعمل مجلس الوزراء الرخصة التي خولته إياها الفقرة الثالثة من المادة 21 آنفة الذكر فاصدر قراراً بزيادة المرتب على بداية الدرجة بالنسبة إلى المعيين في الوظائف الفنية إذا كانوا حاصلين على مؤهلات فنية إضافية. وهذه الحالة مع كونها منبتة الصلة بموضوع المنازعة الحاضرة غير حاصلة.
ومن حيث إنه لا غناء في التمسك بقاعدة عدم جواز المساس بالمراكز القانونية الذاتية لأن تعيين المطعون لصالحه في ظل قانون موظفي الدولة وخضوعه من ثم لأحكامه لا شأن له بفكرة المساس بالحق المكتسب ما دام الأمر متصلاً بتعيين مبتدأ افتتحت به علاقة وظيفية جديدة لها طابع مستقل وليست استمراراً لوضع طويت صفحته بهذا التعيين. ولأن القاعدة التنظيمية السابقة على قانون موظفي الدولة والتي تضمنتها مقترحات لجنة إعادة توزيع عمال الجيش البريطاني بناء على تفويض من مجلس الوزراء الواردة بكتابها المؤرخ 19 من مارس سنة 1952 بالنسبة إلى تعيين عمال القناة في الدرجات الخالية بالميزانية والتي حاصلها تحديد مرتباتهم في هذه الدرجات بالأجرة اليومية مضروبة في 25 يوماً ولو تجاوزت نهاية مربوط الدرجات التي يعينون فيها، هذه القاعدة قد نسخت نسخاً ضمنياً بالعمل بأحكام قانون الموظفين باعتبار أن أحكامه في هذه النصوص متعارضة كل التعارض مع القاعدة التنظيمية آنفة الذكر من ناحية أوضاع التعيين وضوابطه.
ومن حيث إنه ليس أدل على سداد هذا الفهم من أن الشارع لما أراد الخروج على أحكام قانون موظفي الدولة في هذا الخصوص بالنسبة إلى تعيين المؤهلين من عمال القناة على درجات بالميزانية أصدر القانون رقم 569 لسنة 1955 ونص صراحة في الفقرة الأولى من مادته الثالثة على أنه "استثناء من أحكام القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة، يعين من تثبت لياقته الطبية من العمال المؤهلين ممن ذكروا في المادة السابقة كل منهم بالدرجة التي يجيز مؤهله ترشيحه لها وفقاً لأحكام المرسوم الصادر في 6 من أغسطس سنة 1953 ويمنح كل منهم مرتباً يوازي الأجر الشهري الذي يصرف له بالتطبيق لأحكام كادر عمال القناة ولو جاوز بداية الدرجة ولو كانت نظرية الحق المكتسب تنهض في ذاتها مبرراً لإرساء هذا الحكم بالنسبة إلى المؤهلين من عمال القناة لما كان المشرع في حاجة إلى إيراده مورد الاستثناء من أحكام القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة ويصدق هذا أيضاً على قرار مجلس الوزراء التفويضي الصادر تنفيذاً لحكم المادة 9 من القانون رقم 569 لسنة 1955 في 23 من نوفمبر سنة 1955 فإنه حين عالج أوضاع عمال القناة غير المؤهلين عند تعيينهم على درجات كادر العمال بالميزانية، سلك في بعض جوانب هذا التنظيم مسلكاً مخالفاً لأحكام كادر العمال طبقاً لصريح نص المادة الأولى من قرار مجلس الوزراء آنف الذكر، وإذن فالنص على احتفاظ العامل المعين على إحدى درجات كادر العمال بأجره السابق الذي كان يتقاضاه قبل التعيين في ظل أحكام كادر عمال القناة وذلك طبقاً للفقرة (جـ) من البند 1 التي تمسكت بها هيئة المفوضين، هذا النص ورد استثناء من أحكام كادر العمال وليس له أدنى صلة بمثار المنازعة الحالية حيث وقع التعيين على إحدى الدرجات الخارجة عن هيئة العمال وهي الدرجات التي ينظم التعيين فيها قانون موظفي الدولة لا أحكام كادر العمال. وتأسيساً على ذلك يكون المطعون لصالحه وقد عين على درجة من درجات المستخدمين الخارجين عن الهيئة (غير الصناع) في أول أغسطس سنة 1952 في ظل قانون موظفي الدولة وقبل العمل بالقانون رقم 569 لسنة 1955 خاضعاً لحكم المادتين 21 و117 من قانون نظام موظفي الدولة بحيث لا يستحق إلا بداية مربوط الدرجة الثانية للمستخدمين الخارجين عن الهيئة (غير الصناع) وهي 36 جنيهاً في السنة طبقاً لجدول الدرجات والمرتبات الملحق بالقانون رقم 210 لسنة 1951 وتكون الجهة الإدارية على حق إذا التزمت بداية مربوط تلك الدرجة عند تحديد مرتبه وبخاصة وأن مركز المدعي وأمثاله وما ربط لهم من مرتبات وأجور إنما كان بصفة وقتية صرفه مما يجعل تحديد مركزهم عند التعيين الجديد في سلك المستخدمين الخارجين عن الهيئة (غير الصناع) غير مقيد بالأجور السابقة بل هو خاضع لأحكام القوانين واللوائح على الوجه السالف إيراده.
ومن حيث إنه لما تقدم من أسباب يكون الحكم المطعون فيه قد أصاب الحق في قضائه برفض دعوى المدعي ويكون الطعن قد قام على غير أساس سليم من القانون حقيقاً بالرفض.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً.