أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 46 - صـ 395

جلسة 12 من فبراير سنة 1995

برئاسة السيد المستشار/ محمد عبد المنعم حافظ - نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ فاروق يوسف سليمان، خلف فتح الباب، حسام الدين الحناوي وعبد الجواد هاشم - نواب رئيس المحكمة.

(77)
الطعن رقم 3642 لسنة 64 القضائية

(1 - 4) إيجار "إيجار الأماكن" "بيع الجدك" "التنازل عن إيجار المنشآت الطبية". قانون "سريان القانون". نظام عام.
(1) حق المالك في الحالات التي يجوز فيها للمستأجر بيع المتجر أو المصنع أو التنازل عن حق الانتفاع بالعين المؤجرة في الحصول على 50% من ثمن المبيع أو مقابل التنازل وفي شراء العين متى أنذر المستأجر برغبته في الشراء وأودع نصف الثمن خزينة المحكمة. م 20 ق 136 لسنة 1981. بقاء ميعاد الشراء مفتوحاً طالما لم يخطره المستأجر بالثمن المعروض عليه قانوناً. بطلان كل شرط أو اتفاق يخالف ذلك لتعلق اعتبارات النص بالنظام العام. م 25 ق 136 لسنة 1981.
(2) صدور القانون 136 لسنة 1981 في تاريخ لاحق للقانون 51 لسنة 1981 بتنظيم المنشآت الطبية وعموم نص المادة 20 منه وإطلاقها. أثره. سريانها على حالة التنازل عن المنشآت الطبية متى استوفت الشروط المقررة قانوناً.
(3) بطلان تصرف المستأجر في العين المؤجرة بطلاناً مطلقاً متى تم التعاقد بالمخالفة لأحكام القانون. المادتان 20, 25 ق 136 لسنة 1981. لا أثر له على حق المالك في شراء العين. علة ذلك.
(4) شراء المالك للعين المؤجرة وفقاً لنص المادة 20 ق 136 لسنة 1981 لا يعد مشترياً لها بالجدك. مؤدى ذلك. عدم لزوم مباشرته لذات النشاط الذي كان قائماً بالعين.
(5) إيجار "إيجار الأماكن" "التنازل عن الإيجار".
حق المالك في الحالات التي يجوز فيها للمستأجر بيع المتجر أو المصنع أو التنازل عن حق الانتفاع بالعين المؤجرة في الحصول على 50 % من ثمن المبيع أو مقابل التنازل. م 20 ق 136 لسنة 1981. التزام المستأجر قبل الاتفاق بإعلان المؤجر بالثمن المعروض. إغفاله ذلك. أثره. بطلان البيع أو التنازل وإخلاء المشتري أو المتنازل إليه. م 25 ق 136 لسنة 1981. لا أثر لذلك على عقد الإيجار الأصلي.
1 - المقرر - وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض - أن النص في المادتين 20، 25 من القانون رقم 136 لسنة 1981 - يدل على أن المشرع استحدث حلاً عادلاً عند تنازل المستأجر عن المكان المؤجر إليه تنازلاً نافذاً في حق المؤجر وذلك بهدف تحقيق التوازن بين حق كل من المؤجر والمستأجر في الانتفاع بالعين المؤجرة وهو ما نص عليه صراحة في عنوان البند الخامس من القانون المذكور بقوله - في شأن تحقيق التوازن في العلاقات الإيجارية وهي لا ريب اعتبارات تتعلق بنظام المجتمع وسلامه الاجتماعي فأعطى للمالك الحق في أن يقتسم مع المستأجر الأصلي قيمة ما يجنيه الآخر من منفعة نتيجة تصرفه ببيع العين المؤجرة له بالجدك أو التنازل عنها في الحالات التي يجيز فيها القانون ذلك التصرف ونص على أحقية المالك بأن يتقاضى نسبة 50% من ثمن بيع أو مقابل التنازل بحسب الأحوال كما أعطى له الحق في شراء العين إذا أبدى رغبته في ذلك وأودع نصف الثمن الذي اتفق عليه المتعاقدان خزانة المحكمة مخصوماً منه قيمة ما بها من منقولات إيداعاً مشروطاً بالتنازل للمالك عن عقد الإيجار وتسليم العين إليه على أن يقوم بإبداء رغبته في ذلك خلال شهر من تاريخ إعلان المستأجر له بالثمن المعروض عليه لشراء العين ويظل الميعاد مفتوحاً للمالك ما دام لم يخطره المستأجر بالثمن المعروض عليه بالطريق الذي رسمه القانون بالإعلان على يد محضر.
2 - إذا كان القانون 136 لسنة 1981 لاحقاً في صدوره للقانون رقم 51 لسنة 1981 بتنظيم المنشآت الطبية وجاء نص المادة 20 منه عاماً مطلقاً فإنه يسري على كافة الحالات التي يجوز للمستأجر فيها قانوناً بيع المتجر أو المصنع أو التنازل عن حق الانتفاع بالوحدة السكنية أو المؤجرة لغير أغراض السكنى بما في ذلك التنازل عن المنشآت الطبية متى استوفى الشروط المنصوص عليها بالمادة الخامسة من القانون رقم 51 لسنة 1981 ولا يغير من ذلك أن يكون هذا القانون قد عمل به بعد سريان القانون رقم 136 لسنة 1981 إذ أنه لم يتضمن تنظيماً للعلاقة المالية بين المالك والمستأجر في حالة التنازل عن المنشأة الطبية مما من شأنه تطبيق نص المادة 20 من القانون الأخير.
3 - المقرر في قضاء محكمة النقض أنه لا يحول دون حق المالك في شراء العين وفقاً لنص المادة 20 من القانون رقم 136 لسنة 1981 ما وضعه المشرع من جزاء ببطلان تصرف المستأجر بطلاناً مطلقاً متى تم التعاقد بالمخالفة للقانون ذلك أن حق المالك في الشراء ينشأ قبل إتمام التعاقد على البيع بين المستأجر والغير إذ يلزم المستأجر وفقاً لصريح النص بإخطار المالك بالثمن المعروض عليه قبل إبرام البيع مما مفاده أن حقه في شراء العين منبت الصلة بعقد البيع اللاحق الذي قد يتم بين طرفيه والذي صرح المشرع ببطلانه بطلاناً مطلقاً ولا يعد شراء المالك للعين حلولاً من جانبه محل المتعاقد الآخر الذي اشتراها ويؤكد ذلك أن المالك لا يشتري العين المؤجرة التي بيعت للغير بما قد تشتمل عليه من منقولات مادية أو معنوية إذ قرر النص خصم قيمة ما بها من منقولات عند إيداع المالك نسبة الـ 50% من الثمن المعروض على المستأجر بما مؤداه أن المحل المعروض للبيع على الغير بالجدك بل أن النص على بطلان هذا البيع إذا ما تم بالمخالفة لأحكام القانون يعد تأكيداً لحق المالك في الشراء بعد أن أضحى العقد الذي أبرمه المستأجر باطلاً لا ينتج ثمة أثر قانوني.
4 - في حالة قيام المطعون ضدها - المالكة - بدفع نصف مقابل التنازل فإنها لا تعتبر مشترية للعين بالجدك و لا تحل محل المستأجر الأصلي فلا يشرط مزاولتها نفس النشاط أو توافر الشروط التي يتطلبها القانون بالنسبة لمشتري العين بالجدك من المستأجر باعتبار أن المالك لا يلزم في هذه الحالة بمزاولة ذات النشاط الذي كان قائماً بالعين المؤجرة وقت البيع وهو وشأنه في التصرف فيها واستغلالها بالأسلوب الذي يراه مناسباً.
5 - المقرر - وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض - أن مفاد نص المادة 20 من القانون رقم 136 لسنة 1981 يدل على أن المشرع قد خول المالك الحق في أن يقتسم مع المستأجر الأصلي قيمة ما يجنيه هذا الأخير من التصرف ببيع الجدك أو التنازل عن الإيجار وأن يتقاضى نسبة 50% من ثمن البيع أو مقابل التنازل بحسب الأحوال بعد خصم قيمة ما قد يوجد بالعين من منقولات شملها التصرف وأوجب على المستأجر إعلان المالك على يد محضر بالثمن المعروض ورتب على مخالفة هذا الإجراء جزاء البطلان المنصوص عليه في المادة 25 من هذا القانون فيبطل البيع أو التنازل الذي تم واعتباره كأن لم يكن بما مؤداه إعادة الحال إلى ما يتفق وأحكام القانون فيعود أطراف النزاع - المالك والمستأجر الأصلي والمشتري أو المتنازل إليه عن الإجارة - إلى المركز القانوني الذي كان عليه كل منهم قبل إبرام هذا التصرف المخالف فيبقى عقد المستأجر الأصلي قائماً منتجاً لآثاره بين عاقديه ولا يلحق البطلان سوى عقد البيع أو التنازل الذي تم بين المستأجر الأصلي والمشتري أو المتنازل إليه ويلتزم الأخير وحده بإخلاء العين كأثر لإبطال التصرف المخالف وزوال السبب القانوني لوضع يده عليها.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضدها أقامت على الطاعنين الدعوى رقم 448 لسنة 1991 مدني الإسكندرية الابتدائية بطلب الحكم - في مواجهة الطاعن الأول - بإخلاء الطاعن الثاني من الشقة المبينة بالصحيفة وتسليمها لها خالية وقالت بياناً لذلك أنه بموجب عقد مؤرخ 8/ 8/ 1976 استأجر منها الطاعن الأول تلك الشقة لاستعمالها عيادة طبية، وبتاريخ 26/ 12/ 1990 أنذرها الطاعن الثاني بتنازله له عنها بموجب عقد البيع المؤرخ 12/ 12/ 1990 إعمالاً لأحكام القانون رقم 51 لسنة 1981 طالباً منها تغيير عقد إيجارها باسمه بذات شروط العقد السابق، ولما كان هذا التنازل عن العين المؤجرة قد تم دون موافقتها وبالمخالفة لحكم المادة 20 من القانون رقم 136 لسنة 1981 فقد أقامت الدعوى حكمت المحكمة برفضها. استأنف المطعون ضدها هذا الحكم لدى محكمة استئناف الإسكندرية بالاستئناف رقم 882 لسنة 49 قضائية وبتاريخ 13 من فبراير سنة 1994 حكمت بإلغاء الحكم المستأنف وبإجابة المطعون ضدها إلى مطلبيها. طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض وأودعت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه, وإذ عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظر وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعي الطاعنان بالأول والثالث منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك يقولان أنه أقام قضاءه على انطباق نصوص المواد 20، 25, 18 جـ من القانون رقم 136 لسنة 1981 على التنازل عن المنشأة الطبية محل النزاع الذي تم وفقاً للمادة الخامسة من القانون رقم 51 لسنة 1981 في حين أن القانون الأول قد نفذ اعتباراً من 31/ 7/ 1981 قبل سريان القانون الأخير المعمول به اعتباراً من 26/ 9/ 1981 وبالتالي فإن حكم المادة 20 من ذلك القانون الذي خول مالك العين المؤجرة الحق في الحصول على 50% من مقابل تنازل المستأجر عن الحق في الإيجار لا يسري على المنشآت الطبية التي انتظمت أحكام التنازل عنها المادة الخامسة من القانون رقم 51 لسنة 1981 الذي نفذ بعده وهو يعتبر قانوناً خاصاً متعلقاً بالنظام العام ومن شأنه أن يقيد ما يتعارض معه من أحكام القانون رقم 136 لسنة 1981 خاصة وأن المادة الخامسة من القانون رقم 51 لسنة 1981 قد اشترطت أن يكون المتنازل إليه طبيباً مرخصاً له بمزاولة المهنة لعلة تغياها المشرع هي استمرار الخدمات الطبية, ولما كانت المطعون ضدها المؤجرة ليست طبيبة فإن شراءها للمنشأة الطبية محل النزاع وفق ما قررته المادة 20 سالفة البيان يكون غير جائز لما يترتب عليه من وقف نشاط هذه المنشأة خلافاً لما استهدفه المشرع, في حين أن الطاعن الثاني المتنازل إليه عنها يعمل طبيباً بما كان يستوجب تطبيق حكم المادة الخامسة ونفاذ التنازل الصادر له عنها من الطاعن الأول المستأجر الأصلي في حق المطعون ضده المؤجر دون التقيد بالإجراءات والأحكام التي نصت عليها المادة 20 من القانون رقم 136 لسنة 1981 خلافاً لما ذهب إليه الحكم المطعون فيه مما يعيبه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك بأن من المقرر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن النص في المادة 20 من القانون رقم 136 لسنة 1981 على أنه "يحق للمالك عند قيام المستأجر في الحالات التي يجوز له فيها بيع المتجر أو المصنع أو التنازل عن حق الانتفاع بالوحدة السكنية أو المؤجرة لغير أغراض السكنى الحصول على 50% من ثمن البيع أو مقابل التنازل بحسب الأحوال بعد خصم قيمة المنقولات التي بالعين. وعلى المستأجر قبل إبرام الاتفاق إعلان المالك على يد محضر بالثمن المعروض ويكون للمالك الحق في الشراء إذ أبدى رغبته في ذلك وأودع الثمن مخصوماً منه نسبة الـ 50% المشار إليها خزانة المحكمة الجزئية الواقع في دائرتها العقار إيداعاً مشروطاً بالتنازل عن عقد الإيجار وتسليم العين وذلك خلال شهر من تاريخ الإعلان، وبانقضاء ذلك الأجل يجوز للمستأجر أن يبيع لغير المالك مع التزام المشتري بأن يؤدي للمالك مباشرة نسبة الـ 50% المشار إليها والنص في المادة 25 من ذات القانون على أنه "يقع باطلاً بطلاناً مطلقاً كل شرط أو تعاقد يتم بالمخالفة لأحكام هذا القانون أو القوانين السابقة له المنظمة للعلاقة بين المالك والمستأجر...." يدل على أن المشرع استحدث حلاً عادلاً عند تنازل المستأجر عن المكان المؤجر إليه تنازلاً نافذاً في حق المؤجر وذلك بهدف تحقيق التوازن بين حق كل من المؤجر والمستأجر في الانتفاع بالعين المؤجرة وهو ما نص عليه صراحة في عنوان البند الخامس من القانون المذكور بقوله - في شأن تحقيق التوازن في العلاقات الإيجارية - وهي لا ريب اعتبارات تتعلق بنظام المجتمع وسلامه الاجتماعي فأعطى للمالك الحق في أن يقتسم مع المستأجر الأصلي قيمة ما يجنبه الأخير من منفعة نتيجة تصرفه ببيع العين المؤجرة له بالجدك أو التنازل عنها في الحالات التي يجيز فيها القانون ذلك التصرف ونص على أحقية المالك بأن يتقاضى نسبة 50% من ثمن البيع أو مقابل التنازل بحسب الأحوال كما أعطى له الحق في شراء العين إذا أبدى رغبته في ذلك وأودع نصف الثمن الذي اتفق عليه المتعاقدان خزانة المحكمة مخصوماً منه قيمة ما بها من منقولات إيداعاً مشروطاً بالتنازل للمالك عن عقد الإيجار وتسليم العين إليه على أن يقوم بإبداء رغبته في ذلك خلال شهر من تاريخ إعلان المستأجر له بالثمن المعروض عليه لشراء العين ويظل الميعاد مفتوحاً للمالك ما دام لم يخطره المستأجر بالثمن المعروض عليه بالطريق الذي رسمه القانون بالإعلان على يد محضر، ولما كان هذا القانون لاحقاً في صدوره للقانون رقم 51 سنة 1981 بتنظيم المنشآت الطبية وجاء نص المادة 20 منه سالفة الإشارة عاماً مطلقاً فإنه يسري على كافة الحالات التي يجوز للمستأجر فيها قانوناً بيع المتجر أو المصنع أو التنازل عن حق الانتفاع بالوحدة السكنية أو المؤجرة لغير أغراض السكنى بما في ذلك التنازل عن المنشآت الطبية متى استوفى الشروط المنصوص عليها بالمادة الخامسة من القانون رقم 51 لسنة 1981، ولا يغير من ذلك أن يكون هذا القانون قد عمل به بعد سريان القانون رقم 136 لسنة 1981 إذ أنه لم يتضمن تنظيماً للعلاقة المالية بين المالك والمستأجر في حالة التنازل عن المنشأة الطبية مما من شأنه تطبيق نص المادة 20 من القانون الأخير. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر حين أطرح دفاع الطاعنين الذي تمسكا فيه بأحقية الطاعن الثاني في شغل الشقة محل النزاع نفاذاً للتنازل الصادر له عنها من الطاعن الأول المستأجر الأصلي لها إعمالاً لنص المادة الخامسة من القانون رقم 51 سنة 1981 دون المادة 20 من القانون رقم 136 لسنة 1981 وطبق حكم هذه المادة على التنازل عن المنشأة الطبية محل النزاع فإنه يكون قد أصاب صحيح حكم القانون ولا يغير من ذلك قولهما بأن المطعون ضدها ليست طبيبة مما لا يجيز لها شراءها أو التنازل لها عنها وفق ما قررته المادة الخامسة آنفة الذكر التي اشترطت أن يكون المشتري المتنازل إليه طبيباً مرخصاً له بمزاولة المهنة لما هو مقرر في قضاء هذه المحكمة أنه لا يحول دون حق المالك في شراء العين وفقاً لنص المادة 20 من القانون رقم 136 لسنة 1981 ما وضعه المشرع من جزاء ببطلان تصرف المستأجر بطلاناً مطلقاً متى تم التعاقد بالمخالفة للقانون، ذلك أن حق المالك في الشراء ينشأ قبل إتمام التعاقد على البيع بين المستأجر والغير إذ يلزم المستأجر وفقاً لصريح النص بإخطار المالك بالثمن المعروض عليه قبل إبرام البيع مما مفاده أن حقه في شراء العين منبت الصلة بعقد البيع اللاحق الذي قد يتم بين طرفيه والذي صرح المشرع ببطلانه بطلاناً مطلقاً ولا يعد شراء المالك للعين حلولاً من جانبه محل المتعاقد الآخر الذي اشتراها، ويؤكد ذلك أن المالك لا يشتري العين المؤجرة التي بيعت للغير بما قد تشتمل عليه من منقولات مادية أو معنوية إذ قرر النص خصم قيمة ما بها من منقولات عند إيداع المالك نسبة الـ 50% من الثمن المعروض على المستأجر بما مؤداه أن المحل الذي ينصب عليه شراء المالك هو العين خالية وهو غير المحل المعروض للبيع على الغير بالجدك بل إن النص على بطلان هذا البيع إذ ما تم بالمخالفة لأحكام القانون يعد تأكيداً لحق المالك في الشراء بعد أن أضحى العقد الذي أبرمه المستأجر باطلاً لا ينتج ثمة أثر قانوني، ومن ثم فإنه في حالة قيام المطعون ضدها المالكة بدفع نصف مقابل التنازل فإنها لا تعتبر مشترية للعين بالجدك ولا تحل محل المستأجر الأصلي فلا يشترط مزاولتها نفس النشاط أو توافر الشروط التي يتطلبها القانون بالنسبة لمشتري العين بالجدك من المستأجر باعتبار أن المالك لا يلزم في هذه الحالة مزاولة ذات النشاط الذي كان قائماً بالعين المؤجرة وقت البيع وهو وشأنه في التصرف فيها واستغلالها بالأسلوب الذي يراه مناسباً - ومن ثم يضحى النعي على الحكم المطعون فيه بهذين السببين على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعيان بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وفي بيان ذلك يقولان إنه إذ قضي بتسليم العين محل النزاع للمطعون ضدها مما ينطوي على قضاء بفسخ عقد الإيجار المؤرخ 8/ 8/ 1976 وإخلاء الطاعن الأول من العين المؤجر جزاء على مخالفة الإجراءات المنصوص عليها في المادة 20 من القانون رقم 136 لسنة 1981 رغم أن الجزاء الوارد بالمادة 25 من ذات القانون يقتصر على بطلان التصرف المخالف دون فسخ عقد الإيجار الأصلي المبرم بين المالك والمستأجر بما لازمه دعوة هذين المتعاقدين إلى الحالة التي كانا عليها قبل هذا الإجراء الباطل خلافاً لما ذهب إليه الحكم المطعون فيه مما يعيبه.
وحيث إن هذا النعي سديد ذلك من المقرر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن مفاد نص المادة 20 من القانون رقم 136 لسنة 1981 يدل على أن المشرع قد خول المالك الحق في أن يقتسم مع المستأجر الأصلي قيمة ما يجنيه هذا الأخير من التصرف ببيع الجدك أو التنازل عن الإيجار وأن يتقاضى نسبة 50% من ثمن البيع أو مقابل التنازل بحسب الأحوال بعد خصم قيمة ما قد يوجد بالعين من مقولات شملها التصرف وأوجب على المستأجر إعلان المالك على يد محضر بالثمن المعروض ورتب على مخالفة هذا الأجراء جزاء البطلان المنصوص عليه في المادة 25 من هذا القانون فيبطل البيع أو التنازل الذي تم واعتباره كأن لم يكن بما مؤداه إعادة الحال إلى ما يتفق وأحكام القانون فيعود أطراف النزاع - المالك والمستأجر الأصلي والمشتري أو المتنازل إليه عن الإجارة - إلى المركز القانوني الذي كان عليه كل منهم قبل إبرام هذا التصرف المخالف فيبقى عقد المستأجر الأصلي قائماً منتجاً لآثاره بين عاقديه ولا يلحق البطلان سوى عقد البيع أو التنازل الذي تم بين المستأجر الأصلي المشتري أو المتنازل إليه ويلتزم الأخير وحده بإخلاء العين كأثر لإبطال التصرف المخالف وزوال السبب القانوني لوضع يده عليها. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى أن عقد البيع المؤرخ 12/ 12/ 1990 الصادر من الطاعن الأول للطاعن الثاني عن العيادة الطبية محل النزاع لم تراع فيه الإجراءات المنصوص عليها في المادة 20 من القانون رقم 136 لسنة 1981 مما يبطله، فكان يتعين عليه أن يقف عند حد القضاء بإخلاء الطاعن الثاني وحده المشتري - من العين المؤجرة محل النزاع إعمالاً للأثر المترتب على بطلان هذا العقد دون مساس بالطاعن الأول لأنه وإن زايلته صفته كبائع في هذا العقد بعد زواله إلا أنه يعود كما كان من قبل مستأجراً لتلك العين من المطعون ضدها بالعقد المؤرخ 8/ 8/ 1976 وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر بقضائه بإخلاء العين وتسليمها إلى المطعون ضدها فإنه يكون بذلك قد قضى ضمنياً بفسخ عقد إيجار الطاعن الأول وإلزامه بإخلاء العين المؤجرة وتسليمها كأثر من أثار الفسخ، وفي هذا ما يصمه بمخالفة القانون والخطأ في تطبيقه بما يوجب نقضه نقضاً جزئياً في هذا الخصوص.