أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الأول - السنة 43 - صـ 958

جلسة 16 من يوليه سنة 1992

برئاسة السيد المستشار/ محمد رأفت خفاجي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد محمد طيطه نائب رئيس المحكمة، محمد بدر الدين توفيق، شكري جمعه حسين وفتيحه قرة.

(199)
الطعن رقم 2061 لسنة 57 القضائية

(1 - 6) إيجار "إيجار الأماكن" "أسباب الإخلاء" "الإضرار بسلامة المبنى". إثبات. قانون "سريان القانون" "القانون الواجب التطبيق". حكم "تسبيب الحكم". عقد "المسئولية العقدية". مسئولية. محكمة الموضوع "مسائل الواقع". نظام عام. نقض "أسباب الطعن" "السبب غير المنتج".
(1) الأحكام الخاصة بتحديد الأجرة والامتداد القانوني وتعيين أسباب الإخلاء. تعلقها بالنظام العام. سريانها. بأثر فوري على المراكز والوقائع التي لم تستقر نهائياً وقت نفاذها ولو كانت ناشئة قبل تاريخ العمل بها.
(2) صدور تشريع لاحق يستحدث حكماً جديداً يتعلق بذاتية القاعدة الموضوعية الآمرة المتعلقة بالنظام العام. سريانه بأثر فوري على المراكز التي لم تستقر نهائياً وقت نفاذه. تعلق التعديل ببعض شروط القاعدة الآمرة دون مساس بذاتيتها - كما لو استوجبت لتطبيقها شروطاً خاصة بإجراءات التقاضي أو الإثبات لم تكن مطلوبة من قبل. عدم سريانه إلا من تاريخ نفاذه على الوقائع التي نشأت في ظله.
(3) وجوب ثبوت الإضرار بسلامة المبنى - وليس بالمؤجر - كسبب لإخلاء المستأجر. م 18 ق 136 لسنة 1981. قاعدة تتعلق بالنظام العام. سريانها بأثر فوري مباشر على المراكز القانونية التي لم تستقر بحكم نهائي ولو كانت قد نشأت في ظل قانون سابق.
(4) اشتراط الحصول على حكم نهائي لإثبات الاستعمال الضار بسلامة المبنى كسبب للإخلاء. لا يمس بذاتية القاعدة الآمرة. سريانه من تاريخ نفاذ القانون 136 لسنة 1981 دون أن يكون له أثر على الوقائع السابقة عليه.
(5) طلب الطاعن الحكم بإثبات الضرر بالعقار لإساءة استعمال المطعون ضده عين النزاع. اتصاله كسبب للإخلاء بذاتية قاعدة موضوعية آمرة متعلقة بالنظام العام تسري بأثر فوري على الوقائع القائمة ولو نشأت في تاريخ سابق على نفاذها. أثره. انتهاء الحكم المطعون فيه إلى تطبيق التعديل الوارد بالمادة 18 ق 136 لسنة 1981 التي تقتصر سبب الإخلاء على الاستعمال الضار بسلامة المبنى. النعي عليه بشأن انحسار تطبيق النص المستحدث المشار إليه على واقعة النزاع ووجوب إعمال القوانين السابقة لوقوع الضرر أبانها - أياً كان وجه الرأي فيه - غير منتج.
(6) استخلاص ارتكاب الشخص للفعل الضار الموجب للمسئولية العقدية. واقع. خضوعه لتقدير محكمة الموضوع متى أقامت قضاءها على أسباب تكفي لحمله.
1- المقرر في قوانين إيجار الأماكن - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة وهيئتها العامة - أن الأحكام الخاصة بتحديد الأجرة والامتداد القانوني وتعيين أسباب الإخلاء هي قواعد آمرة ومتعلقة بالنظام العام ومن ثم فإنها تسري بأثر فوري على جميع المراكز والوقائع القائمة والتي لم تستقر نهائياً وقت نفاذها ولو كانت ناشئة قبل تاريخ العمل بها.
2- إذا صدر قانون لاحق تضمن تعديلاً في تشريعات إيجار الأماكن كان من شأنه استحداث حكم جديد يتعلق بذاتية القواعد الموضوعية الآمرة سواء بالإلغاء أو بالتغيير إضافة أو حذفاً، فإن هذا التعديل يأخذ حكم القاعدة الآمرة من حيث سريانها بأثر فوري على المراكز والوقائع القائمة وقت نفاذه أما إذا كان التعديل منصباً على بعض شروط إعمال القاعدة الآمرة - دون مساس بذاتيتها أو حكمها - كما لو استوجب لتطبيقها توافر شروط خاصة أو اتخاذ إجراءات معينة من إجراءات الإثبات أو التقاضي لم تكن مطلوبة ولا مقررة من قبل فإن التعديل لا يسري في هذه الحالة إلا من تاريخ نفاذه وعلى وقائع والمراكز التي تنشأ في ظله دون أن يكون له أثر على الوقائع التي نشأت في ظل القانون السابق، باعتبار أن القانون الذي رفعت في ظله هو الذي يحكم شروط قبولها وإجراءاتها وقواعد إثباتها.
3- إذ كانت المادة 31 من القانون 49 لسنة 1977 - المقابلة للمادة 23 من القانون 52 لسنة 1969 - مفادها أن مخالفة المستأجر لشروط الإيجار المعقولة الموجبة للإخلاء مشروطة بأن تكون ضارة بالمؤجر، وإذ صدر القانون رقم 136 لسنة 1981 والمعمول به اعتباراً من 31/ 7/ 1981 وكان مفاد نص المادة 18 منه أن المشرع قصر سبب الإخلاء الذي كان منصوصاً عليه في الفقرة (ج) من المادة 31 سالفة الذكر على الاستعمال الضار بسلامة المبنى واشترط أن يكون ذلك ثابتاً بحكم قضائي نهائي، وهو بهذا التعديل استحدث أمرين أولهما أنه عدل من سبب الإخلاء الذي كان مقرراً بنص المادة 31/ ج من القانون 49 لسنة 1977 بأن جعله قاصراً على حالة الإضرار بسلامة المبنى بعد أن كان الإضرار بالمؤجر - وهو أعم وأشمل - هو مناط الإخلاء في مجال تطبيق تلك الحالة وثانيهما أنه حدد وسيلة الإثبات القانونية لواقعة الاستعمال الضار بسلامة المبنى أمام محكمة الإخلاء بصدور حكم نهائي بذلك، فإن ما استحدثه القانون رقم 136 لسنة 1981 في الأمر الأول من تعديل في سبب الإخلاء يتصل بقاعدة موضوعية آمرة ومتعلقة بالنظام العام ومن ثم فإنها تسري بأثر فوري مباشر على المراكز القانونية القائمة والتي لم تستقر بحكم نهائي وقت العمل به ولو كانت قد نشأت في ظل القانون السابق.
4- ما استحدثه - القانون 136 لسنة 1981 - في الأمر الثاني باشتراط الحصول على حكم نهائي لإثبات واقعة الاستعمال الضار بسلامة المبنى فإنه لا يمس ذاتية القاعدة الآمرة ولا يغير من حكمها بل يضع شرطاً لإعمالها ومن ثم فإنه لا يسري إلا من تاريخ نفاذ القانون الأخير رقم 136 لسنة 1981 والعمل به دون أن يكون له أثر على الوقائع السابقة عليه.
5- إذ كان الطاعن - وفقاً لطلباته الختامية الواردة في مذكرة دفاعه المؤرخة (....) - قد انتهى إلى طلب الحكم بإثبات الضرر بالعقار وسواء استعمال المطعون ضده للعين محل النزاع، وكان هذا الطلب كسبب موجب للإخلاء في القانون 136 لسنة 1981 إنما يتصل بذاتية قاعدة موضوعية آمرة متعلقة بالنظام العام فتسري بأثر فوري مباشر على واقعة ثبوت الضرر بسلامة المبنى ولو كانت قد نشأت في تاريخ سابق على نفاذه، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر وطبق التعديل الوارد في النص المستحدث المشار إليه والذي قصر سبب الإخلاء على الاستعمال الضار بسلامة المبنى بأثر فوري مباشر - بعد أن كان ضاراً بالمؤجر إثر مخالفة المستأجر شروط الإيجار المعقولة في ظل القوانين السابقة عليه - سواء وقع هذا الضرر في تاريخ سابق أو لاحق للعمل بأحكامه - فإنه يكون قد انتهى إلى نتيجة صحيحة في القانون، ويكون ما ينعي به الطاعن بسببي النعي المطروحين - أياً ما كان وجه الرأي فيهما - غير منتج في النزاع وبالتالي غير مقبول.
6- إن استخلاص ارتكاب الشخص للفعل الضار الموجب للمسئولية العقدية طبقاً للقواعد العامة في القانون المدني هو من مسائل الواقع التي تخضع لتقدير محكمة الموضوع متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة تكفي لحمله وتؤدي إلى النتيجة التي انتهت إليها.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعن أقام على المطعون ضده بصفته الدعوى رقم 232 لسنة 1985 إسكندرية الابتدائية بطلب الحكم بثبوت وقوع ضرر بالعقار موضوع النزاع لإساءة استعمال المطعون ضده للعين المؤجرة إليه بذات العقار. وقال شرحاً لدعواه إن الأخير بصفته استأجر منه الشقة الكائنة بالدور الأرضي بعقار النزاع، وإذ أهمل في استعمالها وأدى ذلك إلى إلحاق أضرار جسيمة وتلفيات بالمبنى وأوضحها تقرير الخبير المودع في دعوى إثبات الحالة رقم 1605 لسنة 1981 مدني مستعجل إسكندرية فأقام الدعوى. ومحكمة أول درجة حكمت بثبوت الضرر بشقة النزاع ورفضت ما عدا ذلك من طلبات. استأنف المطعون ضده بصفته هذا الحكم بالاستئناف رقم 10 لسنة 43 ق إسكندرية وبتاريخ 8/ 4/ 1987 قضت المحكمة بتعديل الحكم المستأنف إلى ثبوت أن ما لحق المبنى موضوع النزاع من أضرار ليس مرده إساءة استعمال المستأجر (المطعون ضده بصفته) للعين المؤجرة. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض. وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعي الطاعن بالسببين الأول والثاني منهما على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون في فهم الواقع ومخالفة الثابت في الأوراق. وفي بيان ذلك يقول إن المحكمة المطعون في حكمها أرجعت حدوث الضرر الحاصل بعين النزاع إلى تاريخ 1/ 8/ 1981 وطبقت ما استحدثته المادة 18/ د من القانون 136 لسنة 1981 - المعمول به في 31/ 7/ 1981 - من ضرورة استعمال المستأجر للمكان المؤجر أو السماح باستعماله بطريقة تضر بسلامة المبنى، وإذ كان الثابت من مطالعة تقريري الخبرة في الدعوى المستعجلة - المنضمة - رقم 1605 لسنة 1981 أن التاريخ المشار إليه هو تاريخ اكتشاف الضرر وأن حدوثه إنما يرجع إلى عام 1975 ثم تفاقم حتى هذا التاريخ، فإن لازم ذلك ومقتضاه انحسار تطبيق النص المستحدث سالف الذكر على واقعة النزاع وإعمال ما تقضي به القوانين السابقة التي وقع الضرر أبانها. وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وطبق القانون المذكور وحجب نفسه عن بحث دفاع الطاعن أمام محكمة الموضوع من ضرورة إعمال ما تقضي به المادة 2/ جـ من القانون 121 لسنة 1947 المقابلة لنص المادتين 23 من القانون 52 لسنة 1969، 31 من القانون 49 لسنة 1977 والتي لم تشترط لثبوت الضرر بالمؤجر سوى استعمال المستأجر أو سماحة للغير باستعمال العين بطريقة تخالف شروط الإيجار المعقولة والمتعارف عليها وخاصة ما ورد بالبند العاشر من العقد بضرورة محافظة المطعون ضده بصفته على العين وصيانتها وتسليمها بحالة سليمة ومسئوليته عن كافة التلفيات التي تحدث بها ومرافقها ولو لم يتسبب في إحداثها، مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول، ذلك أن المقرر في قوانين إيجار الأماكن - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة وهيئتها العامة - أن الأحكام الخاصة بتحديد الأجرة والامتداد القانوني وتعيين أسباب الإخلاء هي قواعد آمرة ومتعلقة بالنظام العام ومن ثم فإنه تسري بأثر فوري على جميع المراكز والوقائع القائمة والتي لم تستقر نهائياً وقت نفاذها ولو كانت ناشئة قبل تاريخ العمل بها، ومؤدى ذلك أنه إذا صدر قانون لاحق تضمن تعديلاً في تشريعات إيجار الأماكن كان من شأنه استحداث حكم جديد يتعلق بذاتية تلك القواعد الموضوعية الآمرة سواء بالإلغاء أو بالتغيير إضافة أو حذفاً، فإن هذا التعديل يأخذ حكم القاعدة الآمرة من حيث سريانه بأثر فوري على المراكز والوقائع القائمة وقت نفاذه أما إذا كان التعديل منصباً على بعض شروط إعمال القاعدة الآمرة - دون مساس بذاتيتها أو حكمها - كما لو استوجب لتطبيقها توافر شروط خاصة أو اتخاذ إجراءات معينة من إجراءات الإثبات أو التقاضي لم تكن مطلوبة ولا مقررة من قبل فإن التعديل لا يسري في هذه الحالة إلا من تاريخ نفاذه وعلى وقائع والمراكز التي تنشأ في ظله دون أن يكون له أثر على الوقائع التي نشأت في ظل القانون السابق، باعتبار أن القانون الذي رفعت في ظله هو الذي يحكم شروط قبولها وإجراءاتها وقواعد إثباتها.
وحيث إنه لما كانت المادة 31 من القانون 49 لسنة 1977 - المقابلة للمادة 23 من القانون 52 لسنة 1969 - مفادها أن مخالفة المستأجر لشروط الإيجار المعقولة الموجبة للإخلاء مشروطة بأن تكون ضارة بالمؤجر، وإذ صدر القانون رقم 136 لسنة 1981 والمعمول به اعتباراً من 31/ 7/ 1981، ونص في المادة 18 منه على أنه "لا يجوز للمؤجر أن يطلب إخلاء المكان ولو انتهت المدة المتفق عليها في العقد إلا لأحد الأسباب الآتية........ (د) إذا ثبت بحكم قضاء نهائي أن المستأجر استعمل المكان المؤجر أو سمح باستعماله بطريقة....... أو ضارة بسلامة المبنى....." بما مفاده أن المشرع قصر سبب الإخلاء الذي كان منصوصاً عليه في الفقرة جـ من المادة 31 سالفة الذكر على الاستعمال الضار بسلامة المبنى واشترط أن يكون ذلك ثابتاً بحكم قضائي نهائي، وهو بهذا التعديل استحدث أمرين أولهما أنه عدل من سبب الإخلاء الذي كان مقرراً بنص المادة 31/ جـ من القانون 49 لسنة 1977 بأن جعله قاصراً على حالة الأضرار بسلامة المبنى بعد أن كان الإضرار بالمؤجر - وهو أعم وأشمل - هو مناط الإخلاء في مجال تطبيق تلك الحالة وثانيهما أنه حدد وسيلة الإثبات القانونية لواقعة الاستعمال الضار بسلامة المبنى أمام محكمة الإخلاء بصدور حكم نهائي بذلك، فإن ما استحدثه القانون رقم 136 لسنة 1981 في الأمر الأول من تعديل في سبب الإخلاء يتصل بقاعدة موضوعية آمرة ومتعلقة بالنظام العام ومن ثم فإنها تسري بأثر فوري مباشر على المراكز القانونية القائمة والتي لم تستقر بحكم نهائي وقت العمل به ولو كانت قد نشأت في ظل القانون السابق، أما ما استحدثه في الأمر الثاني باشتراط الحصول على حكم نهائي لإثبات واقعة الاستعمال الضار بسلامة المبنى فإنه لا يمس ذاتية القاعدة الآمرة ولا يغير من حكمها بل يضع شرطاً لإعمالها ومن ثم فإنه لا يسري إلا من تاريخ نفاذ القانون الأخير رقم 136 لسنة 1981 والعمل به دون أن يكون له أثر على الوقائع السابقة عليه. لما كان ما تقدم وكان الطاعن - وفقاً لطلباته الختامية الواردة في مذكرة دفاعه المؤرخة 26/ 2/ 1986 - قد انتهى إلى طلب الحكم بإثبات الضرر بالعقار وسواء استعمال المطعون ضده للعين محل النزاع، وكان هذا الطلب كسبب موجب للإخلاء في القانون 136 لسنة 1981 إنما يتصل بذاتية قاعدة موضوعية آمرة متعلقة بالنظام العام فتسري بأثر فوري مباشر على واقعة ثبوت الضرر بسلامة المبنى ولو كانت قد نشأت في تاريخ سابق على نفاذه. وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر وطبق التعديل الوارد في النص المستحدث المشار إليه والذي قصر سبب الإخلاء على الاستعمال الضار بسلامة المبنى بأثر فوري مباشر - بعد أن كان ضاراً بالمؤجر إثر مخالفة المستأجر شروط الإيجار المعقولة في ظل القوانين السابقة عليه - سواء وقع هذا الضرر في تاريخ سابق أو لاحق للعمل بأحكامه - فإنه يكون قد انتهى إلى نتيجة صحيحة في القانون، ويكون ما ينعي به الطاعن بسببي النعي المطروحين - أياً ما كان وجه الرأي فيهما - غير منتج في النزاع وبالتالي غير مقبول.
وحيث إن الطاعن ينعي بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه مخالفة الثابت في الأوراق وفساد الاستدلال، وبياناً لذلك يقول إن المحكمة المطعون في حكمها انتهت إلى أن الضرر الحاصل بعين النزاع ليس مرده سوء استعمال المطعون ضده بصفته لعين النزاع وركنت في هذا إلى أن تلك العين قد أجرت كمخزن مما لا يتصور معه وقوع ضرر من جراء عدم استعمالها، وأن طفح المجاري إنما يرجع إلى وجود منور به غرف التفتيش وقوائم الصرف الخاصة بالعقار بأكمله وتمر جميعها من داخلها، ويرجع كذلك إلى انسداد قوائم الصرف الناتج عن سوء استعمال سكان الأدوار العليا من العقار، فضلاً عن أن الطاعن قد دأب على منع لجان النظافة والإصلاح التابعة للمطعون ضده بصفته من ممارسة أعمال النظافة والإصلاح بصفة دورية. وإذ كان ما أوردته المحكمة واتخذته دعامة لها ليس له أصل ثابت في الأوراق ولا يؤدي إلى النتيجة التي انتهت إليها، لتعارضه مع بنود عقد الإيجار التي التزم بمقتضاها المطعون ضده بصفته من المحافظة على العين وصيانتها ومسئوليته عن التلفيات التي تلحقها ومرافقها ولو لم يتسبب في حدوثها، وكانت إجارة العين كمخزن وعدم استعمالها بصفة منتظمة لا تعني حتماً وبطريق اللزوم إعفاء المطعون ضده من المسئولية عما يحدث لها من أضرار بل هي موجبة لتلك المسئولية، بل أن دخول غرف التفتيش وقوائم الصرف داخل شقة النزاع مما يترتب مسئوليته كذلك لا الإعفاء منها، وكان ما قاله الحكم من أن انسداد قوائم الصرف الصحي إنما يرجع إلى سوء استخدام سكان الأدوار العليا، وأن الطاعن قد منع لجان النظافة والإصلاح من مباشرة عملها في العين لا يعدو أن يكون قولاً مرسلاً بغير دليل سوى بلاغ المطعون ضده بصفته بنيابة الرمل في 9/ 2/ 1982 مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي على غير أساس. ذلك أن استخلاص ارتكاب الشخص للفعل الضار الموجب للمسئولية العقدية طبقاً للقواعد العامة في القانون المدني هو من مسائل الواقع التي تخضع لتقدير محكمة الموضوع متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة تكفي لحمله وتؤدي إلى النتيجة التي انتهت إليها، وكانت المحكمة المطعون في حكمها - بما لها من سلطة فهم الواقع في الدعوى وفي تقدير القوة التدليلية لتقارير الخبراء المقدمة فيها، وفي استخلاص القرائن المطروحة عليها، والموازنة بين ما يقدمه الخصوم إليها من أدلة ومستندات والأخذ بما تطمئن إليه منها - قد انتهت من جماع ما قدم إليها من تقارير خبراء وأدلة ومستندات وقرائن يكمل بعضها بعضاً إلى أن الأضرار التي لحقت بعقار النزاع لم يكن مردها سوء استعمال المطعون ضده بوصفه مستأجراً بل ترجع إلى انسداد قوائم الصرف الناتج عن سوء استعمال سكان الدوار العليا من العقار وكانت أسبابها في هذا الخصوص سائغة ولها أصلها الثابت في الأوراق وتكفي لحمل قضائها وتؤدي إلى النتيجة التي انتهت إليها، وكان لا يقبل مجادلة الطاعن في كل قرينة استخلصتها المحكمة على حده لإثبات عدم كفايتها في ذاتها، ولا عليها إن هي لم تتبع الطاعن في مختلف أقواله وحججه ومستنداته وطلباته وترد عليها استقلالاً إذ في الحقيقة التي استخلصتها وأوردت دليلها الرد الضمني المسقط لكل حجة أو دليل أو مستند أو قرينة تخالفها، ويكون النعي بهذا السبب مجادلة موضوعية في تقدير محكمة الموضوع للدليل بغرض الوصول إلى نتيجة مغايرة لتلك التي انتهى إليها الحكم، ومن ثم على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.