مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة أحكام المحكمة الإدارية العليا
السنة الرابعة والثلاثون - الجزء الثاني (من أول مارس سنة 1989 إلى آخر سبتمبر سنة 1989) - صـ 637

(94)
جلسة 4 من مارس سنة 1989

برئاسة السيد الأستاذ المستشار محمد حامد الجمل - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة: عبد اللطيف أبو الخير ويحيى السيد الغطريفي ود. إبراهيم علي حسن وإسماعيل صديق راشد - المستشارين.

الطعن رقم 29 لسنة 34 القضائية

أ - ضرائب - مصلحة الضرائب - حدود سلطة رئيس المأمورية.
قرار وزير المالية رقم 402 لسنة 1978 بشأن الهيكل التنظيمي لمصلحة الضرائب.
يختص رئيس المأمورية بالإشراف على أعمال لجان المراجعة الداخلية واعتماد قراراتها في الاعتراضات المتعلقة برسم الدمغة في الأحوال التي تزيد عن ألفي جنيه - مقتضى ذلك: أنه إذا رأى غموضاً في تطبيق نص قانوني وجب عليه أن يطلب الرأي في شأنه من جهات الاختصاص حسماً للخلاف في تطبيقه - تطبيق.
ب - دعوى - الحكم في الدعوى - القصور الشديد في التسبيب - بطلان الحكم - يجب أن تكون أسباب الحكم مكتوبة على نحو يوضح وضوحاً كافياً ونافياً للجهالة متضمناً الأسانيد الواقعية والقانونية التي بنت عليها المحكمة عقيدتها بالإدانة أو البراءة وتحقيقها لأوجه الدفاع الجوهرية وما انتهت إليه بشأن كل وجه منها سواء بالرفض أو القبول - أساس ذلك: حتى يتسنى للمحكمة الإدارية العليا إعمال رقابتها بما يكفل تحقيق سلامة النظام العام القضائي - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الأربعاء الموافق 14 من أكتوبر سنة 1987 أودع الأستاذ/...... المحامي - بصفته وكيلاً عن الطاعنين - قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 29 لسنة 34 القضائية في الحكم الصادر من المحكمة التأديبية لوزارة المالية بجلسة 27 من يناير 1986 في الدعوي التأديبية رقم 280 لسنة 27 القضائية المقامة من النيابة الإدارية ضد الطاعنين، والقضائي بمجازاة كل منهما بتأجيل ترقيته عند استحقاقها لمدة سنة.
وقد طلب الطاعنين - للأسباب الواردة في تقرير الطعن - الحكم بقبول الطعن شكلاً وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه، وإلغاء الحكم المطعون فيه والحكم ببراءتهما مما هو منسوب إليهما ومع ما يترتب على ذلك من آثار، ومع إلزام الجهة الإدارية بالمصاريف وأتعاب المحاماة.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً برأيها القانوني ارتأت فيه - للأسباب المبينة به - الحكم بقبول الطعن شكلاً، ورفضه موضوعاً.
وقد حدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 10/ 2/ 1988 وتداول نظره وفقاً للثابت بمحاضر الجلسات، وبجلسة 14/ 12/ 1988 قررت تلك الدائرة إحالة الطعن إلى هذه المحكمة الإدارية العليا - حيث نظرته بجلسة 31/ 12/ 1988 وتأجل نظره لجلسة 4/ 2/ 1989 بناء على طلب الحاضر عن الطاعنين لتقديم مذكرة ومستندات، وبهذه الجلسة تقرر إصدار الحكم بجلسة 4/ 3/ 1989 مع التصريح بمذكرات ومستندات لمن يشأ خلال أسبوعين حيث قدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة بدفاعها، وبجلسة اليوم 4/ 3/ 1989 صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع المرافعة والمداولة.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه صدر في 27 يناير 1986، وقدم الطاعنون طلب المساعدة القضائية يوم 27/ 3/ 1986 وتم رفضه بجلسة 3/ 9/ 1987، فأقام الطاعنون الطعن الماثل خلال الستين يوماً التالية بإيداع تقرير الطعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا في 14/ 10/ 87 وقد استوفي الطعن سائر إجراءاته الشكلية الأخرى. فمن ثم يكون مقبولاً شكلاً.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص - حسبما يبين من الأوراق في أنه بتاريخ 30/ 5/ 1985 أقامت النيابة الإدارية الدعوى التأديبية رقم 480 لسنة 27 ق ضد الطاعنين بإيداع أوراقهما قلم كتاب المحكمة التأديبية لوزارة المالية منطوية على تقرير اتهام للطاعنين لأنهما خلال شهر مايو 1983 بدائرة مصلحة الضرائب وبوصف الأول...... موظف بالإدارة العامة للتحصيل بمصلحة الضرائب (درجة أولى) والطاعن الثاني/...... بوصفه مأمور ضرائب بمأمورية ضرائب الاستثمار (درجة ثانية): خرجا على مقتضى الواجب الوظيفي ولم يؤديا عملهما بدقة وخالفا القواعد والتعليمات المالية وأتيا ما من شأنه المساس بمصلحة مالية للدولة وذلك بأن.
1 - أصدرا قرارات في الاعتراضات المقدمة بشأن مطالبات ضريبة الدمغة بالملفات محل التحقيق بالمخالفة لتعليمات المصلحة على النحو الموضح بالأوراق.
2 - أصدرا قراراً بإعفاء زيادة رأس المال في الاعتراض رقم 733 (ملف 199/ 17/ 7) رغم عدم توافر شرط الإعفاء.
وارتأت النيابة الإدارية أن المخالفين قد ارتكبا المخالفات المالية المنصوص عليها في المواد 76/ 1، 77/ 3، 4، 78/ 1 من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 والمعدل بالقانون رقم 115 لسنة 1983.
وطلبت النيابة الإدارية محاكمة المتهمين طبقاً لنصوص المواد المشار إليها وبالمادتين 80، 82/ 4 من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 والمعدل بالقانون رقم 115 لسنة 1983 والتعليمات رقم 1 لسنة 1982 الصادرة من مصلحة الضرائب بتاريخ 17/ 3/ 1982 وبالمادة 14 من القانون 117 لسنة 1958 بشأن إعادة تنظيم النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية والمعدل بالقرار بقانون 171 لسنة 1981 وبالمادتين 15 أولاً، 19/ 1 من القانون 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة.
وبجلسة 27/ 1/ 1986 حكمت المحكمة التأديبية المذكورة بمجازاة المتهم/...... بتأجيل ترقيته عند استحقاقها لمدة سنة، ومجازاة المتهم/.... بتأجيل ترقيته عند استحقاقها لمدة سنة.
وأقامت المحكمة قضاءها على أن الثابت من الأوراق أن الجهة الإدارية أجرت التحقيق رقم 68 لسنة 1984 بشأن المخالفات الخاصة بالملفات رقم (254/ 18/ 7 دمغة) ( 243/ 75/ 7 دمغة) ( 196/ 17/ 7دمغة) (195/ 4/ 7 دمغة) والاعتراضات أرقام 561، 130، 732، 127 الخاصة بهذه الملفات على التوالي وذهبت المحكمة إلى أن الثابت من التحقيق الإداري وتحقيق النيابة الإدارية في القضية رقم 304 لسنة 1984 (شئون مالية واقتصادية) أن كل من...... المراجع بمأمورية ضرائب الاستثمار سابقاً (وحالياً بمأمورية ضرائب الدمغة) ومقدم الشكوى التي تم التحقيق بشأن ما ورد بها، و........ مدير عام مأمورية ضرائب الاستثمار، و...... المفتش العام بالإدارة العامة للتوجيه الفني قد شهدوا جميعاً بأن ما قامت به اللجنة الداخلية المشكلة من المتهمين من بت في الاعتراضات المشار إليها يعد مخالفة مالية وإدارية، لأن الخلاف كان خلافاً قانونياً بين المأمورية ومقدمي الاعتراضات، وأنه طبقاً لتعليمات مصلحة الضرائب كان يتعين على اللجنة الداخلية الرجوع في شأنه إلى لجنة الطعن أو الرجوع إلى إدارة بحوث الدمغة بالمصلحة طبقاً للتعليمات رقم (1) لسنة 1982 الصادرة من المصلحة في 17/ 3/ 1982. كما ذهبت المحكمة إلى أن الشهود السابق ذكرهم قرروا بأن قرار الإعفاء الصادر من اللجنة الداخلية المشكلة من المتهمين قد خالفت القواعد والتعليمات المالية وأصدرت قراراً بالإعفاء من الدمغة النسبية على زيادة رأس المال في الاعتراض رقم 733 الخاص بالملف رقم (199/ 17/ 7 دمغة ) رغم عدم توافر كافة شروط الإعفاء المقررة طبقاً للقانون والقواعد المعمول بها.
وانتهت المحكمة إلى أن ما ثبت في حق المتهمين على نحو ما تقدم يعتبر مخالفة مالية وإدارية طبقاً لنصوص مواد الإحالة مما قضت معه بمجازاة كل منهما بتأجيل ترقيته عند استحقاقها لمدة سنة.
ومن حيث إن مبنى الطعن بطلان الحكم المطعون فيه للخطأ في تطبيق القانون ومخالفته، والإخلال بحق الدفاع والقصور في التسبيب وفساد الاستدلال والقصور في تحقيقات النيابة الإدارية والقصور في تسبيب الحكم والخطأ في حصر وتقدير المبلغ الذي أعفيت منه الشركة بدون وجه حق بما قيمته 164500 جنيه.
وفي بيان أسباب الطعن ذهب الطاعنان إلى أنهما طلبا ضم بعض الملفات أثناء المحاكمة التأديبية ولم يتم ذلك - وهو الأمر الذي كان سيتغير به وجه الرأي في حالة ضم الملفات المطلوبة، ومن ذلك وعلى وجه الخصوص الملف رقم (199/ 17/ 7) الخاص بشركة مصر إيران فرنسا للفنادق، وأن الاختصاص بالرجوع للجهات المختصة للسؤال عن الأمور القانونية يختص به رئيس المأمورية وحده، وأن القانون رقم 111 لسنة1980 بشأن ضريبة الدمغة ليس له أثر رجعي، وأن اختصاص رئيس المأمورية محدد بالقرار الوزاري رقم 402 لسنة 1978 وملحق التعليمات التنفيذية رقم 1 لسنة 1982، وأنه لم تصدر من مصلحة الضرائب أية تعليمات بخصوص شروط إعفاء أسهم زيادة رأس المال من رسم الدمغة النسبي لمدة خمس سنوات من تاريخ استحقاق الرسم عليها أول مرة، وفي شأن الخطأ في حصر وتقدير المبلغ الذي أعفيت منه الشركة المذكورة وقدرة 164500 جنيه يقول الطاعنان: أن مدة المحاسبة من 1/ 2/ 1980 إلى 28/ 2/ 1983 تقع في حدود الإعفاء الخمسي وهو ما يعتبر معه إعفاء الشركة - وأياً كان وجه النظر في الاختلاف في تاريخ بدء الإعفاء قد تم طبقاً للقانون وبموجبه، وأن حقيقة الاتهام الموجه لهما قد تم بسوء نية وبهدف تصوير أن المبلغ المشار إليه قد سقط دون وجه حق، وفي الحقيقة فإن هذا المبلغ لا حق لمصلحة الضرائب فيه لدخول مدة المحاسبة ضمن مدة الإعفاء طبقاً لنص المادة 16 من القانون رقم 43 لسنة 1974 بشأن استثمار رأس المال العربي والأجنبي.
وقدم الطاعنان أمام دائرة فحص الطعون مذكرة أثناء حجز الطعن للحكم فيه ذهبا فيها إلى أن ما وصلت إليه اللجنة المشكلة من الطاعنين من تقرير إعفاء أسهم رأس المال هو اجتهاد تشكر عليه اللجنة وأيدته الإدارة العامة لبحوث الدمغة ويناقض تماماً رأي الشهود وخاصة الشاهد الأول السيد/...... والشاهد الثاني السيد/...... رئيس المأمورية، وأن ما عرض على اللجنة المشكلة من الطاعنين هو الإعفاء أو عدم الإعفاء فقط أما تاريخ الإعفاء أو تاريخ الاستحقاق فإنه يدخل في صلاحيات السيد رئيس المأمورية، وأن الثابت من مستندات الدعوى أن رئيس المأمورية وافق على طلبات الشركة الطاعنة ولا يسأل الطاعنان عن عمل لم يقوما به، وأنه لم تحدث أية أضرار للخزانة العامة لأن الشركة تتمتع بالإعفاء وفقاً لقانون الاستثمار ولا توجد تعليمات إدارية خالفها الطاعنان.
وبجلسة 4/ 2/ 1989 قدم الطاعنان مذكرة بدفاعهما وأربعة حوافظ مستندات انطوت على ثمانية مستندات.
وأثناء حجز الطعن للحكم قدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة بدفاعها عن النيابة الإدارية ذهبت فيها إلى أن موضوع الاتهام هو مخالفة تعليمات ومنشورات مأمورية الضرائب، وأن المخالفة ثابتة في حقهما بشهادة رؤسائهما وهم من خبراء مصلحة الضرائب.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد أدان الطاعنين في المخالفتين المنسوبتين إليهما على النحو السالف بيانه وهو ما صدر بناء عليه حكم المحكمة بمجازاتهما بتأجيل ترقية كل منهما عند استحقاقها لمدة سنة.
ومن حيث إنه بالنسبة للاتهام الأول والذي نصه "إصدار قرارات في الاعتراضات المقدمة بشأن مطالبات ضريبة الدمغة بالملفات محل التحقيق بالمخالفة لتعليمات المصلحة على النحو الموضح بالأوراق" وقد جاء بمذكرة تحقيق النيابة الإدارية في القضية رقم 304 لسنة 1984 (الشئون المالية والاقتصادية) أن الثابت مما أجرى من تحقيق ومن أقوال مفتش عام الإدارة العامة للتوجيه أن الخلاف بين المأمورية والشركات صاحبة الملفات محل التحقيق هو خلاف قانوني وأن فصل اللجنة في هذا النزاع يعد مخالفة لتعليمات المصلحة إذ كان يتعين عليها إحالة هذا الخلاف إلى لجان الطعن للفصل فيه أو الرجوع إلى إدارة بحوث الدمغة بالمصلحة وذلك وفقاً لما تقضي به التعليمات رقم 1 لسنة 1982 الصادرة في 17/ 3/ 1982 في هذا الشأن.
ومن حيث إن الثابت من مطالعة ملحق التعليمات التنفيذية رقم 1 لسنة 1982 بشأن تنظيم العمل بلجان المراجعة الداخلية بالمأمورية والصادرة بقرار رئيس مصلحة الضرائب في 17/ 3/ 1982 أنها حددت الاختصاص للجان الطعن في أولاً بأنها تختص بالنظر في الاعتراضات على كافة أنواع الضرائب والرسوم المقدمة على النماذج المحددة في هذا البند - وفي نهائية قرار اللجنة فقد نظمت التعليمات المذكورة في شأن ضريبة الدمغة في الفقرة (ج) من البند ثانياً بأن تختص اللجنة بالبت بقرار نهائي في المطالبة التي لا تجاوز مائتي جنيه، أما ما يزيد عن ذلك ولا يجاوز ألفي جنيه فيعتمد قرار لجنة المراجعة الداخلية من مدير الفحص، وفي الحالات التي تزيد عن ذلك من واقع الفحص يتعين أن يعتمد من رئيس المأمورية.
ومن حيث إنه يتضح من ذلك أن اعتماد الحالات التي تزيد عن ألفي جنيه والتي تعرض على لجان المراجعة الداخلية وتنظرها كاعتراض من ذوي الشأن يختص بها رئيس المأمورية.
ومن حيث إن ملحق التعليمات التنفيذية المذكورة قد أورد في البند (ثالثاً) أنه (في حالة الخلاف في الرأي بين أعضاء اللجنة أو بينهما وبين مدير الفحص والرابط يحتكم إلى رئيس المأمورية وتخضع لجنة المراجعة الداخلية في كل النواحي الإدارية إلى رئيس المأمورية)، كما تضمن البند رابعاً بأنه (إذا تناول الاعتراض مسائل شكلية أو قانونية لم يسبق للمصلحة إصدار تعليمات بشأنها يرجع إلى الجهات المختصة حسب كل حالة قبل البت في الخلاف).
ومن حيث إن قرار وزير المالية رقم 402 لسنة 1978 بخصوص الهيكل التنظيمي لمصلحة الضرائب قد أوضح في المادة 48 منه اختصاص رئيس المأمورية فجاء في الفقرة الأولى - البند 6 - اختصاصه بالإشراف على أو الاشتراك في أعمال اللجان الداخلية الخاصة بالفصل في اعتراضات وطعون الممولين، كما جاء بالبند (10) اختصاصه بالبت في المسائل القانونية والفنية التي تختلف فيها وجهات النظر داخل المأمورية أو الرجوع في ذلك إلى الجهة المختصة سواء على مستوي المنطقة أو الإدارة المركزية.
ومن حيث إنه من مجمل النصوص سالفة الذكر فإن رئيس المأمورية ينعقد له الاختصاص بالإشراف على أعمال لجان المراجعة الداخلية، واعتماد قراراتها في الاعتراضات المتعلقة برسم الدمغة في الأحوال التي تزيد عن ألفي جنيه، وهو ما يقتضي منه إذا رأي أن هناك غموض في تطبيق نص قانوني أن يطلب الرأي في شأنه من جهات الاختصاص وهو المنوط به اعتماد قرارات لجان المراجعة الداخلية وحسم أي خلاف فيها والإشراف على أعمالها.
ومن حيث إن الطاعنان في ممارسة أعمال وظيفتهما كعضوي أحد لجان المراجعة الداخلية لم يثبت في حقهما إيتانهما خطأ جسمياً لمقتضيات أعمال وظيفتهما كما لم يثبت في حقهما سوء نية في ممارستهما لأعمال وظيفتهما، كما لم تكشف الأوراق عن وجود تعليمات صريحة تقضي في موضوع النزاع الذي نظرته اللجنة على خلاف ما أتاه الطاعنان، فمن ثم فإنه وقد اجتهد الطاعنان في أدائهما واجبات الوظيفة من غير خطأ جسيم أو سوء نية فإن ما قام به لا يكون ذنباً إدارياً يمكن أن يكون موضوعاً لمساءلتهما ويؤكد ذلك أن وسائل الرقابة على أعمال لجان المراجعة الداخلية قد كفلها التنظيم الإداري للعمل. حيث يختص باعتماد قرار اللجنة الداخلية التي اشترك فيها الطاعنان مأمور المأمورية وهو صاحب الاختصاص في عرض أي خلاف قانوني فيها انتهي إليه الطاعنان سواء من وجهة نظره فيما يتعلق بما ذهبا إليه أو من وجهة نظر أي شخص آخر مختص داخل المأمورية أن يلجأ إلى الجهة المختصة سواء على مستوي المنطقة أو الإدارة المركزية، كما أن مخالفة الرأي القانوني المنسوب للمتهمين بصحة أحكام القانون لم توضح الإدارة صورته وأساسه ولا يسوغ طبقاً للمبادئ العامة لحسن الإدارة والأسس العامة للمسئولية التأديبية معاقبة العامل تأديبياً لمباشرته لعمله في حدود اختصاصه وتطبيقه للقانون حسبما يتسنى له بحسب خبرته وفهمه دون إهدار لتعليمات صريحة تتبناها المصلحة في شأن المسألة التي يبت فيها وما دام لم يثبت أن ما أداه من عمل خاضع للمراجعة والمتابعة والاعتماد من رؤسائه - قد تم بسوء نية مستهدفاً غير الصالح العام - وإلا أحجم كل عامل على كل مستوى عن أداء واجبه في حسم الأمور المطروحة عليه والإسهام على نحو سليم في تبديد المصالح العامة للمواطنين خشية المحاسبة والمسئولية التأديبية فيحيل الأعلى عمله لمرؤوسيه الأدنى ويهرب هؤلاء من الحسم بإحالة الأوراق إلى الرئاسات الأعلى مما يعطل سير المرافق العامة.
ومن حيث إن الاتهام الأول الموجه للطاعنين - يكون بناء على ما سبق بلا أساس من الواقع أو القانون - ومن حيث إنه عن الاتهام الثاني الموجه للطاعنين ونصه "أصدرا قراراً بإعفاء زيادة رأس المال في الاعتراض رقم 733 ملف (199/ 17/ 7) رغم عدم توافر شروط الإعفاء".
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن ما أتاه الطاعنان في هذا الشأن هو فحص أوراق طلبات الشركة المعترضة (شركة مصر إيران فرنسا للفنادق) ثم أعقبت اللجنة ذلك بأن زيادة رأس المال مسددة بالعملة الأجنبية مما يعتبر معه مالاً مستثمراً فيسري الإعفاء لمدة خمسة سنين على الزيادة في رأس مالها من تاريخ نشر القرار في 5/ 1/ 1980 إلى لمدة 4/ 1/ 1985 من رسم الدمغة النسبي، وقد عرض محضر اللجنة على مدير عام المأمورية السيد/...... والذي أشر بالاعتماد في 3/ 10/ 1983 (حافظة مستندات الطاعنين بجلسة 4/ 2/ 1980 المستند رقم 1).
ومن حيث إنه لا يبين من فحص المراجعة الداخلية أن اللجنة التي تضم الطاعنين قد اتخذت قراراً في شأن بدء سريان الإعفاء، بل ما جاء في سردها لوقائع الطعن أن الزيادة في رأس المال يسري عليها الإعفاء اعتباراً من تاريخ نشر القرار في 5/ 1/ 1980 وهو وإن كان يخالف ما نص عليه قانون ضريبة الدمغة رقم 111 لسنة 1980 من اعتماد تاريخ الاكتتاب في زيادة رأس المال كمبدأ لاستحقاق تلك الضريبة (المادة 87) إلا أن القانون المذكور يسري اعتباراً من 1/ 6/ 1980 على الوقائع التي تنشأ في ظل نفاذ هذا القانون ومن ثم فهو لا يسرى بذاته على ضريبة الدمغة التي تستحق عن وقائع سابقة على هذا التاريخ حيث إنه لم يثبت من الأوراق أو من تعليمات مصلحة الضرائب الأخذ بتاريخ الاكتتاب في زيادة رأس المال كأساسى لبداية استحقاق ضريبة الدمغة وقت حدوث الوقائع المنسوبة للطاعنين وكان القرار في ذلك كله طبقاً للمنشورات والتعليمات المنظمة للعمل لرئيس مأمورية الضرائب الذي اعتمد هذا الرأي وقرره، وكان عليه إذا رأى أن ثمة خلاف قانوني في شأنه أن يطلب الرأي القانوني من جهة الاختصاص، ومن ثم فإنه لا يسوغ إدانة الطاعنين بأنهما قد أتيا جريمة تأديبية تستوجب عقابهما.
ومن حيث إن بحث مصلحة الضرائب (منطقة القاهرة ثالث - قسم التوجيه الفني) والذي قدم الطاعنان صورة منه لم تجحدها النيابة الإدارية (المستند رقم 8 بحافظة مستندات جلسة 4/ 2/ 1989) قد انتهى في خصوص الملف رقم 199 / 17/ 7 شركه مصر إيران فرنسا للفنادق إلى أن ما نسبه (الشاكي للجنة الداخلية باعتماد الزيادة من تاريخ نشر القرار فإن ذلك كان وجهة نظر الشركة في طلب الإعفاء والتي اعتمدها رئيس المأمورية فمن ثم فإنه ليس هناك أية مخالفة من جانب رئيس اللجنة، وإن كان هناك مخالفة في الإخضاع أو الإعفاء في تاريخ النشر فهي مخالفة وقعت أساساً من السيد الشاكي بمذكرة الفحص).
ومن حيث إنه في خصوص الاتهام الموجه للطاعنين بإعفاء زيادة رأس المال رغم عدم توافر شروط الإعفاء فإن هذا الاتهام بذاته لا أساس له من الأوراق حيث إنه لا خلاف على مبدأ الإعفاء من ضريبة الدمغة وأن ما أثير بالتحقيقات هو في خصوص تاريخ سريان الإعفاء، وأنه وفقاً للمادة (16) من القانون رقم 43 لسنة 1974 المعدل بالقانون رقم 32 لسنة 1977 بشأن استثمار رأس المال العربي والأجنبي فإن زيادة رأس المال يتمتع بالإعفاء من ضريبة الدمغة، وهو ما قررته بالفعل الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع بمجلس الدولة برأيها الصادر بجلسة 19 من نوفمبر 1986، ومن ثم فإن اتهام الطاعنين بتقرير إعفاء زيادة رأس المال لشركة مصر إيران فرنسا للفنادق لم يرد بالمخالفة لصحيح حكم القانون وبالتالي ينهدر أساس هذا الاتهام.
ومن حيث إنه من مقتضى ما تقدم فإن الحكم المطعون فيه يكون قد أدان الطاعنين مستنداً إلى ترديد أقوال الشهود ووصفهم لما نسبوه إلى الطاعنين بأنه يعد مخالفة مالية وإدارية مشيراً للتعليمات رقم (1) لسنة 1982 وذلك دون إيراد أية مناقشة لما أبداه الطاعنان أمام المحكمة التأديبية من دفاع جوهري ودون أن تحدد المحكمة ذاتها في حكمها الأسانيد والحجج الأساسية التي بنت وكونت الحكم بناء عليها وحددت عقوبتها من حيث الواقع والقانون في وقوع الأفعال المنسوبة للمتهمين وصحة نسبتها إلى كل منهما بحسب القواعد والنظم والتعليمات المنظمة للعمل وصحة تكييف هذه الأفعال قانوناً باعتبارها جرائم ومستنداً إلى أسباب لم تستخلص استخلاصاً سائغاً من الأوراق ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه قد صدر مشوباً بالقصور الشديد في التسبيب مهدراً الحق الطبيعي لكل منهما في أية محاكم تأديبية أو جنائية في إبداء دفاعه وتحقيق هذا الدفاع هو الحق المقدس الذي تقرره الأديان السماوية وخاتمها الإسلام وروته نصوص إعلان حقوق الإنسان والمواد ( 67، 69. من الدستور كما نصت عليه صراحة المادة (78) من نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 فضلاً عن مخالفة المواد ( 37، 43) من القرار بقانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن تنظيم مجلس الدولة والتي أوجبت أن تصدر الأحكام من المحاكم التأديبية مسببة ويتعين لتكوين كذلك أن تتضمن الأسباب مكتوبة على النحو الذي يوضح وضوحاً كافياً ونافياً لجهالة الأسانيد الواقعية والقانونية والتي بنت عليها المحكمة عقيدتها بالإدانة أو البراءة وتحقيقهاً لأوجه الدفاع الجوهرية للمتهمين وما انتهت إليه بشأن كل وجه منها سواء بالرفض أو القبول وذلك ليتسنى للمحكمة الإدارية العليا إعمال رقابتها القانونية على تلك الأحكام بما يكفل تحقيق سلامة النظام العام القضائي لمحاكم مجلس الدولة وضماناً لأداء هذه المحاكم التأديبية لرسالتها في تحقيق العدالة التأديبية ولضمان حسن سير نظام المرافق العامة والاحترام الكامل للحقوق العامة للعاملين المقدمين لتلك المحاكم وعلى رأسها حقهم في الدفاع عن براءتهم مما نسب إليهم - هذا الحكم يكون قد صدر مشوباً بالبطلان مبنياً على مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه مما يتعين معه إلغاءه والحكم ببراءة الطاعنين.
ومن حيث إن خاسر الطعن ملزماً بمصروفاته طبقاً لحكم المادة 184 من قانون المرافعات، إلا أنه لما كان الطعن الماثل في حكم محكمة تأديبية فإنه يعفى من هذه الرسوم تطبيقاً للمادة (90) من القانون 47 لسنة 1978 بشأن نظام العاملين المدنيين بالدولة.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من مجازاة الطاعنين بتأجيل ترقية كل منهما عند استحقاقها لمدة سنة، وببراءتهما مما هو منسوب إليهما.