أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 46 - صـ 408

جلسة 13 من فبراير سنة 1995

برئاسة السيد المستشار/ أحمد محمود مكي - نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ إلهام نجيب نوار، سيد محمود يوسف - نائبي رئيس المحكمة، يوسف عبد الحليم الهتة ويحيى جلال.

(79)
الطعن رقم 2237 لسنة 62 القضائية

إيجار "إيجار الأماكن" "التأجير المفروش".
العين المؤجرة. قيام المؤجر بإعدادها بتجهيزات وعناصر لازمة لتشغيلها. صيرورتها منشأة مركبة من عدة عناصر. عدم اعتبار المكان وحده الغرض الأساسي من الإجارة. مؤداه. خضوعها للقواعد العامة للقانون المدني. لا يغير من هذا الوصف قيام المستأجر بتزويدها بأدوات ومنقولات أخرى.
لما كانت العين المؤجرة قد جهزها مؤجرها بتجهيزات ذات مواصفات خاصة لازمة لتشغيلها في الغرض الذي أعدها له فصارت منشأة مركبة من عدة عناصر مرتبطة ارتباطاً وثيقاً يتعذر معه الفصل بينها، وكانت هذه العناصر مجتمعه موضع اعتبار في التعاقد، وكان المكان يقتصر على كونه أحد هذه العناصر، لم يكن الغرض الأساسي من الإجارة، فإن عقد الإيجار يكون بمنأى عن الخضوع لأحكام امتداد العقد التي تفرضها قوانين إيجار الأماكن ويخضع للقواعد العامة في القانون المدني حتى لو اقتضى حسن الانتفاع بالعين المؤجرة أن يزودها مستأجرها بأدوات ومنقولات لتسهيل استغلاله لها.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن مورث المطعون ضدهم أقام على الطاعنين الدعوى رقم 8510 لسنة 1982 إيجارات طنطا الابتدائية بطلب الحكم باعتبار العلاقة الإيجارية عن المخبز محل العقد المؤرخ 18/ 5/ 1970 والقائمة الملحقة به واردة على مخبز خالِ بأجرة شهرية مقدارها 18 جنيه........ ذلك أنه استأجره خالياً وادعى الطاعنان أنه استأجره بالجدك وبمنقولات سلمت إليه. كما أقام الطاعنان الدعوى 8890 لسنة 1982 إيجارات طنطا الابتدائية بطلب إخلاء مورث المطعون ضدهم من ذات العين التسليم بمنقولاتها لانتهاء العقد. ضمنت المحكمة الدعويين ثم رفضت الدعوى الأولى وحكمت بالإخلاء في الثانية. استأنف مورث المطعون ضدهم هذا الحكم بالاستئناف 456 لسنة 33 ق. طنطا، ومحكمة الاستئناف أحالت الدعوى للتحقيق وبعد سماع الشهود قضت بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض دعوى الإخلاء واعتبار الإيجار وارداً على مخبز خالِ. طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض بالطعن 749 لسنة 55 وبتاريخ 28/ 3/ 1990 نقضت المحكمة الحكم وأحالت القضية إلى محكمة الاستئناف التي قضت بتاريخ 16/ 2/ 1992 بإلغاء الحكم للمستأنف ورفض دعوى الإخلاء واعتبار الإيجار وارداً على مخبز خالِ. طعن الطاعنان في هذا الحكم وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وعرض الطعن على هذه المحكمة - في غرفة مشورة - فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعنان على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقيه والفساد في الاستدلال....... ذلك أنه أقام قضاءه على أن مورث المطعون ضدهم استأجر عين النزاع باعتبارها مكاناً خالياً. في حين أن الثابت بالأوراق أن الإجارة انصبت على مخبز أفرنكي مزود بمعدات وآلات منها الفرن ولوازق مما كان سنداً للترخيص الصادر له منذ سنة 1954 بتشغيله كمخبز وليس المكان إلا عنصراً ثانوياً بالنسبة له ويخضع - بهذا الوصف - للقواعد العامة في القانون المدني مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك أنه متى كانت العين المؤجرة قد جهزها مؤجرها بتجهيزات ذات مواصفات خاصة لازمة لتشغيلها في الغرض الذي أعدها له فصارت منشأة مركبة من عدة عناصر مرتبطة ارتباطاً وثيقاً يتعذر معه الفصل بينها. وكانت هذه العناصر مجتمعة موضع اعتبار في التعاقد، وكان المكان يقتصر على كونه أحد هذه العناصر ولم يكن وحده الغرض الأساسي من الإجارة فإن عقد الإيجار يكون بمنأى عن الخضوع لأحكام امتداد العقد التي تفرضها قوانين إيجار الأماكن ويخضع للقواعد العامة في القانون المدني، حتى لو اقتضى حسن الانتفاع بالعين المؤجرة أن يزودها مستأجرها بأدوات ومنقولات لتسهيل استغلاله لها، لما كان ذلك وكان الثابت من الأوراق أن العين موضوع النزاع عبارة عن مخبز أفرنكي أنشأه الطاعنان بما يقتضيه ذلك من تركيبات ومعدات على سبيل القرار وأهمها الفرن ولوازمه واستصدار الترخيص اللازم لتشغيله منذ عام 1954 ثم قاما بتأجيره للغير حتى آل إلى مورث المطعون ضدهم كمنشأة مستكملة لهذه المقومات وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بخضوع العين محل النزاع لقانون إيجار الأماكن على سند من الاطمئنان لشهادة شاهدي مورث المطعون ضدهم فيما قرراه من خلو المخبز من الطاولات الصاجات وما شابه ذلك من الأدوات التي لا يؤثر وجودها أو انتفاؤها في خضوع العقد الوارد على العين محل النزاع للقواعد العامة في القانون المدني، فإن الحكم يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وشابه الفساد في الاستدلال بما يوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.