أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الأول - السنة 43 - صـ 1017

جلسة 30 من يوليه سنة 1992

برئاسة السيد المستشار/ محمد خيري الجندي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ عبد العال السمان، محمد محمد محمود نائبى رئيس المحكمة، ومصطفى نور الدين فريد وعلي شلتوت.

(211)
الطعون أرقام 315، 632، 702 لسنة 59 القضائية

(1) وكالة. محكمة الموضوع "مسائل الواقع".
محكمة الموضوع. سلطتها في تفسير عبارات الوكالة وتحديد سعتها ما دام هذا التفسير يقع على توكيل لم يتم إلغاؤه وتحتمله عباراته بغير مسخ.
(2) نقض "أسباب الطعن: بيان الأسباب".
سبب الطعن بالنقض. وجوب أن يكون مبيناً بصحيفة الطعن بياناً دقيقاً واضحاً ينفي عنه الغموض والجهالة.
(3) محكمة الموضوع. عقد "تفسير العقد".
محكمة الموضوع. سلطتها في فهم الواقع في الدعوى وفي تفسير العقود والإقرارات وسائر المحررات متى كان تفسيرها لم يخرج عما تحتمله عبارات المحرر وكان استخلاصها سائغاً.
(4) حكم "حجية الحكم". قوة الأمر المقضي.
الفصل نهائياً في مسألة أساسية في دعوى سابقة بين نفس الخصوم. مانع من التنازع في هذه المسألة في دعوى تالية. لا يغير من ذلك أن يكون الفصل في تلك المسألة وارداً في أسباب الحكم السابق ما دامت هذه الأسباب مرتبطة بمنطوقة.
(5) نقض "أسباب الطعن: السبب الجديد". تقسيم. بطلان. بيع.
النعي ببطلان عقد البيع لمخالفته القانون 52 لسنة 1940 قبل إلغائه بالقانون 3 لسنة 1982. دفاع يخالطه واقع لم يسبق طرحه على محكمة الموضوع هو التحقق من أن أرض النزاع تم تقسيمها لعدة قطع بقصد البيع لا تقع كلها على طريق قائم. عدم جواز التمسك به لأول مرة أمام محكمة النقض. لا يغير من ذلك أن المستندات المشار إليها بسبب النعي كانت مقدمة لمحكمة الموضوع طالما لم يتم التمسك بدلالتها.
(6) قانون "سريان القانون من حيث الزمان".
صدور قرار وزير السياحة رقم 43 لسنة 1975 بتحديد المناطق السياحية بناء على التفويض التشريعي المقرر بالقانون 2 لسنة 1973. خلوه من النص على تطبيقه بأثر رجعي. أثره. عدم سريان الحظر الوارد بالمادة الثانية من القانون المذكور إلا من تاريخ العمل بهذا القرار.
(7) حكم "عيوب التدليل: ما يعد قصوراً". دعوى "الدفاع في الدعوى". بيع.
إغفال الحكم دفاعاً جوهرياً تمسكت به الطاعنة أمام محكمة الاستئناف بدلالة مستندات قدمتها. قصور. (مثال في بيع).
(8) دعوى "التدخل في الدعوى".
التدخل في الدعوى. أثره. صيرورة المتدخل سواء كان للاختصام أو الانضمام طرفاً في الدعوى. الحكم الصادر فيها حجة له أو عليه.
(9) نقض "الخصوم في الطعن" "بطلان الطعن". تجزئة. بطلان. حكم "الطعن في الحكم".
اشتمال صحيفة الطعن بالنقض على أسماء جميع الخصوم الواجب اختصامهم فيه. إغفال الطاعنة اختصام بعض المحكوم لهم في الحكم المطعون فيه الصادر في موضوع غير قابل للتجزئة. أثره. بطلان الطعن. م 253 مرافعات.
1- تفسير عبارات الوكالة وتحديد سعتها هو مما يختص به قاضي الموضوع بغير معقب عليه من محكمة النقض ما دام هذا التفسير يقع على توكيل لم يتم إلغاءه ومما تحتمله عباراته بغير مسخ.
2- يتعين لقبول سبب الطعن أن يكون مبيناً بياناً دقيقاً واضحاً ينفي عنه الغموض والجهالة.
3- من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن لمحكمة الموضوع السلطة المطلقة في فهم الواقع في الدعوى، وفي تفسير العقود والإقرارات والمستندات وسائر المحررات واستخلاص ما ترى أنه الواقع الصحيح في الدعوى، ولا رقابة لمحكمة النقض عليها في ذلك ما دامت لم تخرج في تفسيرها عن المعنى الذي تحتمله عبارات المحرر أو تجاوز المعنى الواضح لها، وما دام ما انتهت إليه سائغاً مقبولاً بمقتضى الأسباب التي بنته عليها.
4- إن مناط حجية الحكم المانعة من إعادة طرح النزاع في ذات المسألة المقضي فيها أن يكون الحكم قد قطع في مسألة أساسية بعد أن تناقش فيها الطرفان واستقرت حقيقتها بينهما استقراراً يمنع من إعادة طرحها ومناقشتها، وإذ كان البين من مطالعة مدونات الحكم الصادر في الدعوى رقم 239 لسنة 1975 مدني مستأنف جنوب القاهرة أنه قطع في أسبابه بأن عين النزاع ليست أرضاً زراعية وهي مسألة أساسية في الدعوى تجادل فيها الخصوم وكان فصله فيها لازماً لبناء قضائه، ومن ثم فإنه يحوز في هذه المسألة حجية تحول دون إعادة طرحها أو المجادلة فيها من جديد بين الخصوم في أية دعوى تالية، ولا يمنع من حجية الحكم في تلك المسألة أن يكون فصله فيها وارداً بأسباب الحكم ذلك أنه متى كانت هذه الأسباب مرتبطة بالمنطوق ارتباطاً وثيقاً لا تقوم له قائمة إلا بها فإنها تكون معه وحدة لا تتجرأ وبذلك يرد عليها ما يرد عليه من قوة الأمر المقضي.
5- إذ كان الثابت بالأوراق أن دفاع الطاعنين اقتصر على بطلان عقدي المطعون ضدهما الأولى والثانية لمخالفتهما لأحكام قانون التقسيم رقم 52 لسنة 1940 والقانون رقم 3 لسنة 1982 لعدم صدور قرار بالتقسيم دون أن يبينوا في دفاعهم أمام محكمة الموضوع وجه خضوع أرض النزاع التي ورد عليها هذين العقدين لأحكام القانون رقم 52 لسنة 1940 قبل إلغائه بالقانون رقم 3 لسنة 1982 على نحو ما أثاروه بوجه النعي به يكون غير مقبول لما يخالطه من واقع لم يسبق طرحه على محكمة الموضوع هو التحقق من أرض النزاع تم تقسيمها لقطع بقصد البيع لا تقع كلها على طريق قائم مما يخضعها لأحكام ذلك القانون، ولا يغير من هذا النظر أن تكون المستندات التي أشير إليها بوجه النعي تدليلاً على هذا الدفاع كانت مقدمة لمحكمة الموضوع أو حتى حصلها الحكم ذلك أن الأوراق خلت مما يفيد تمسك الطاعنين أمام محكمة الاستئناف بدلالة هذه المستندات.
6- إذ كان عقدا البيع محل الطعن قد انعقد أولهما بتاريخ 30/ 9/ 1968 والآخر في 18/ 3/ 1974 أي قبل سريان قرار وزير السياحة رقم 43 لسنة 1975 باعتبار نهر النيل والمناطق المطلة عليه بالقاهرة الكبرى من المناطق السياحية والذي عمل به من تاريخ نشره في 18/ 5/ 1975 ولم يرد به نص على تطبيقه بأثر رجعي، فإن الحظر المقرر بنص المادة الثانية من القانون رقم 2 لسنة 1973 - الذي صدر القرار بناء على التفويض التشريعي المقرر به - لا يشمل هذين العقدين.
7- إذ كان الثابت أن الجمعية الطاعنة قد تمسكت بدلالة مستندات قدمتها أمام محكمة الموضوع - والمشار إليها بسبب النعي - تفيد أنها سددت كامل ثمن المبيع وكان البين من الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه برفض طلب التسليم على ما أورده في أسبابه من أن المحاسبة في شأن باقي الثمن لم يتم تسويتها بعد على مقتضى شروط عقد البيع في حين أن الثابت من حافظة مستندات الجمعية المقدمة لمحكمة الاستئناف بجلسة 7/ 12/ 1980 والتي ظلت مرفقة بالملف حتى صدور الحكم المطعون فيه أنها حوت محضري عرض وإيداع المتبقي من ثمن المبيع وقدره 25000 جنيه بخزانة المحكمة بتاريخ 4/ 12/ 1980 والتي أشارت إليها الجمعية في مذكرة دفاعها المعلنة في فترة حجز الاستئناف للحكم - قبل النقض - في معرض طلبها تأييد الحكم المستأنف وهو دفاع كان مطروحاً على محكمة الاستئناف عند إصدارها الحكم المطعون فيه لعدم تنازلها عنه، فإن الحكم إذ لم يناقش دلالة هذا المستند الذي لم يفطن إليه ولم يرد عليه بما يقتضيه مع ما قد يكون له من أثر في مساندة دفاع الطاعنة وهو دفاع جوهري يتأثر به لو صح وجه الرأي في الدعوى فإنه يكون معيباً بالقصور.
8- يترتب على التدخل سواء كان للاختصام أو الانضمام أن يصبح المتدخل طرفاً في الدعوى ويكون الحكم الصادر فيها حجة له أو عليه.
9- إن المادة 253 من قانون المرافعات توجب اشتمال صحيفة الطعن على أسماء جميع الخصوم الواجب اختصامهم فيه، مما مفاده - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أنه إذا أغفل الطاعن أن يختصم في الميعاد بعض المحكوم لهم في الحكم المطعون فيه الصادر في موضوع غير قابل للتجزئة كان طعنه باطلاً غير مقبول.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعنات من الثانية حتى الأخيرة في الطعن رقم 315 لسنة 59 ق أقمن الدعوى رقم 1525 لسنة 1976 مدني جنوب القاهرة الابتدائية على المطعون ضدهم من الثالث إلى الخامسة والمرحوم....... مورث المطعون ضدهم من السادسة حتى العاشرة وشقيقهن الطاعن الأول....... والشركة المطعون ضدها الثانية طلبن فيها الحكم بصحة ونفاذ الوصية المؤرخة 21/ 5/ 1964، وقلن بياناً لها إن عمهن المرحوم....... كان قد أوصى لهن ولوالدتهن التي توفيت فيما بعد ولشقيقهن الطاعن الأول بقطعة أرض مساحتها 3 ط 21 ف مبينة بصحيفة الدعوى لا تزيد في قيمتها على ثلث قيمة التركة إلا أن الشركة المطعون ضدها الثانية نازعتهن في ذلك فأقمن الدعوى ليحكم لهن بطلبهن. وكانت الشركة المطعون ضدها الثانية قد أقامت الدعوى رقم 4557 لسنة 1975 مدني جنوب القاهرة الابتدائية على الطاعنين وباقي المطعون ضدهم طالبة الحكم أولاً:- بصحة ونفاذ تلك الوصية في حدود ثلث التركة. ثانياً:- بصحة ونفاذ عقد البيع المؤرخ 18/ 3/ 1974 المعدل بالملحق المؤرخ 2/ 8/ 1974 الصادر من الموصي لهم ببيعهم لها مساحة 7 ف مبينة بالعقد والصحيفة. تدخلت....... المطعون ضدها الحادية عشرة في هذه الدعوى طالبة رفضها على سند من أنها اشترت من........ - زوجة الموصي - قطعة تدخل ضمن الأرض محل النزاع وبعد ضم الدعوى الأخير إلى الأولى قضت المحكمة بتاريخ 11 من مايو سنة 1978 برفض طلبات المتدخلة وبصحة ونفاذ الوصية في حدود الثلث فقط، وبصحة ونفاذ عقد البيع المؤرخ 18/ 3/ 1974 المتضمن بيع الطاعنين للشركة المطعون ضدها الثانية مساحة 7 فدان نظير ثمن قدره 425000 جنيه، استأنفت الطاعنات هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 4228 لسنة 95 ق للحكم لهن بكل طلباتهن ورفض دعوى الشركة المطعون ضدها الثانية، كما استأنفه الطاعن الأول بالاستئناف رقم 4229 لسنة 95 ق طالباً إلغاءه ورفض دعوى الشركة المطعون ضدها الثانية. وبعد أن ضمت المحكمة الاستئناف الأخير إلى الأول قضت بتاريخ 21 من أبريل سنة 1980 بالتأييد. طعنت الطاعنات في هذا الحكم بطريق النقض بالطعنين رقمي 1478، 1483 لسنة 50 ق واشترك معهن في الطعن الأخير شقيقهن الطاعن الأول الذي طعن أيضاً في هذا الحكم بطريق النقض بالطعن رقم 1484 لسنة 50 ق وبتاريخ 15 من ديسمبر 1984 نقضت المحكمة الحكم المطعون فيه في الطعون الثلاثة وأحالت القضية إلى محكمة استئناف القاهرة. وكانت الجمعية التعاونية لبناء المساكن لموظفي مصلحة الضرائب - المطعون ضدها الأولى - قد أقامت الدعوى رقم 1112 لسنة 1976 مدني جنوب القاهرة الابتدائية طالبة الحكم بصحة ونفاذ عقد البيع الابتدائي المؤرخ 30/ 9/ 1968 الصادر لها من الطاعنين و........ عن مساحة خمسة أفدنة لقاء ثمن قدره 55000 جنيه والتسليم على سند من أن الطاعن الأول وبصفته وكيلاً عن باقي الطاعنات باعها هذه المساحة التي آلت إليهم بموجب الوصية السالفة. تدخلت الشركة المطعون ضدها الثانية في الدعوى طالبة رفضها تأسيساً على شرائها ذات المساحة التي لم تقع بعد إجراء القسمة في نصيب البائعين للجمعية ودخولها ضمن نصيب ورثة الموصي الذين باعوها لها ضمن مساحة أكبر بالعقد المؤرخ 4/ 2/ 1974. وبتاريخ 11 من مايو 1978 حكمت المحكمة بقبول التدخل شكلاً ورفضه موضوعاً وللجمعية بطلباتها. استأنفت المتدخلة هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 4212 لسنة 95 ق طالبة إلغاءه ورفض الدعوى كما استأنفه البائعون بالاستئناف رقم 4227 لسنة 95 ق. وبعد أن ضمت المحكمة الاستئناف الأخير للأول حكمت بتاريخ 20 من مايو 1980 برفض الاستئناف الأول وتأييد الحكم المستأنف ثم عادت وحكمت في 17 من يناير سنة 1981 برفض الاستئناف الثاني وتأييد الحكم المستأنف. طعن البائعون في هذا الحكم الأخير بطريق النقض بالطعنين رقمي 676، 473 لسنة 51 ق، كما طعنت فيه الشركة وفي الحكم الصادر بتاريخ 20 من مايو 1980 بالطعن رقم 725 لسنة 51 ق. وبتاريخ 19 من ديسمبر سنة 1985 نقضت المحكمة الحكم المطعون فيه وأحالت القضية إلى محكمة استئناف القاهرة. وعند نظر القضية أمام محكمة الاستئناف ضمت الاستئنافات أرقام 4229، 4212، 4227 لسنة 95 ق للاستئناف رقم 4228 لسنة 95 ق ليصدر فيها حكم واحد. وطلب....... المطعون ضده الأخير في الطعن رقم 315 لسنة 59 ق. قبول تدخله خصماً منضماً للجمعية التعاونية لبناء المساكن لموظفي الضرائب بوصفه عضواًً بها وحاجزاً لنصيب في الأرض موضوع تعاقدها. وبتاريخ 22 من ديسمبر 1988 قضت المحكمة أولاً: - بقبول طالب التدخل خصماً منضماً للمستأنف عليها الأولى في الاستئنافين 4212، 4227 لسنة 95 ق ثانياً:- في موضوع الاستئناف الأول برفضه وتأييد الحكم المستأنف، وفي موضوع الاستئناف الثاني إلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به بالنسبة لطلب التسليم وبرفض هذا الطلب وبتأييد الحكم فيما جاوز ذلك، ثالثاً - في موضوع الاستئناف رقم 4228 لسنة 95 ق بتعديل الحكم المستأنف فيما قضى به الدعوى رقم 1525 لسنة 1976 مدني كلي جنوب القاهرة وبصحة ونفاذ الوصية موضوع الدعوى بالنسبة لمساحة 17 و1/ 8 س، 22 ط، 12 ف وتأييده فيما عدا ذلك. رابعاً:- في موضوع الاستئناف رقم 4229 لسنة 95 ق برفضه وتأييد الحكم المستأنف، طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض بالطعن رقم 315 لسنة 59 ق، كما طعنت فيه الجمعية التعاونية لبناء المساكن لموظفي الضرائب بالطعن رقم 632 لسنة 59 ق بالنسبة لما قضى به في الاستئناف رقم 4227 لسنة 95 ق، كما طعنت فيه شركة....... بالطعن رقم 702 لسنة 59 ق بالنسبة لما قضى به في الاستئنافات أرقام 4212، 4227، 4228 لسنة 95 ق. قدم محامي..... الذي قبل تدخله في الاستئنافين رقمي 4212، 4227 لسنة 95 ق مذكرة طلب فيها قبول تدخله في الطعن والحكم أصلياً ببطلان الطعن واحتياطياً برفضه وأودعت النيابة مذكرة في الطعن الأول دفعت فيها بعدم قبول الطعن بالنسبة للمطعون ضدها الحادية عشرة وأبدت الرأي في الموضوع برفضه ومذكرة في الطعن الثاني أبدت الرأي فيها بنقض الحكم، ومذكرة في الطعن الثالث أبدت فيها الرأي أصلياً بقبول تدخل الخصم طالب التدخل وبطلان الطعن واحتياطياً برفضه. عرضت الطعون الثلاثة على المحكمة في غرفة مشورة حددت لنظرها جلسة وفيها التزمت النيابة رأيها وقررت المحكمة ضم الطعنين الأخيرين إلى الطعن الأول - ليصدر فيها جميعاً حكم واحد.
أولاً - عن الطعن رقم 315 لسنة 59 ق:
وحيث إن المطعون ضدها الحادية عشر المقضي برفض طلباتها في التدخل لم يحكم لصالحها بشيء ضد الطاعنين فمن ثم لا يقبل منهم اختصامها في هذا الطعن ويكون الدفع المبدي من النيابة بعدم قبول الطعن بالنسبة لها في محله.
وحيث إن الطعن بالنسبة لباقي المطعون ضدهم استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين ينعي الطاعنون بالأول منهما على الحكم المطعون فيه القصور والفساد في الاستدلال من ستة أوجه. وفي بيان الأوجه الأربعة الأولى منها يقول الطاعنون إنهم تمسكوا أمام محكمة الموضوع بدفاع حاصله أن عقد الوكالة رقم 1233 لسنة 1961 الصادر من الطاعنات لأخيهن الطاعن الأول لا يتسع إلا لأعمال الإدارة والتصرف فيما آل إليهن من أموال بطريق الميراث دون تلك التي آلت إليهن بالوصية من عمهن المرحوم........ وأنهم دللوا على ذلك بما ورد بعقد البيع المؤرخ 30/ 9/ 1968 الصادر منه إلى الجمعية المطعون ضدها الأولى من التزام الوكيل بالحصول على توكيل جديد منهن يبيح له هذا التصرف، كما تمسكوا بأن التوكيلات الأخرى الصادرة له في سنتي 71، 1972 لا تبيح له هذا التصرف ولا قسمة المال الشائع إلا بالنسبة للطاعنة الخامسة وهو ما يرتب بطلان البيع لوروده على حصة شائعة مع مصريين عملاً بالقانون 81 لسنة 1976، وإذ انتهى الحكم المطعون فيه على الرغم من ذلك لصحة التصرفات التي أبرمها الطاعن الأول بمقولة أن وكالته عن باقي الطاعنات تتسع لها وإن إصدارهن له توكيلات لاحقة لسنتي 71، 1972 تعد إجازة لما سبقها من تصرفات تمت بالتوكيل رقم 1233 لسنة 1961 الذي اتخذ منه الحكم سند لقضائه بصحة التصرف الصادر من شركة........ (المطعون ضدها الثانية) سنة 1974 فإنه يكون فضلاً عن قصوره مشوباً بالفساد في الاستدلال بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي بهذه الأوجه مردود، ذلك أنه لما كان تفسير عبارات الوكالة وتحديد سعتها هو مما يختص به قاضي الموضوع بغير معقب عليه من محكمة النقض ما دام هذا التفسير يقع على توكيل لم يتم إلغاءه ومما تحتمله عباراته بغير مسخ. وإذ كان البين من مطالعة التوكيل رقم 1233 لسنة 1961 الصادر من الطاعنات لشقيقهن الطاعن الأول أنه تضمن الوكالة في "جميع التصرفات العقارية من بيع وشراء ورهن والتوقيع على العقود الناقلة للملكية" وهي عبارة تخول الوكيل بيع أي من العقارات المملوكة للموكلات طالما بقى التوكيل قائماً، وكان الحكم المطعون فيه قد واجه دفاع الطاعنات في هذا الخصوص ورد عليه بقوله "وكان الثابت من التوكيل رقم 1233/ 1961 رسمي عام الجيزة أنه يتضمن فضلاً عن الوكالة الخاصة في الخصومة والوكالة في أعمال الإدارة الواردة به وكالة خاصة من الموكلات للوكيل في أعمال التصرف المنصوص عليها بعقد الوكالة وهي البيع والشراء والرهن وما يتبع ذلك من التوقيع على العقود الناقلة للملكية، ومن ثم فإن الوكيل يكون موكلاً في هذه الأعمال بوجه عام فتكون له صفة في بيع أي مال لموكليه بل يكون له بيع جميع أموالهن وتكون تصرفاته صادرة في حدود وكالته ويكون النعي بتجاوزه حدود وكالته على غير أساس، وفضلاً عن ذلك فإن الثابت من التوكيلات والمستندات المقدمة بحوافظ شركة....... (المطعون ضدها الثانية) والسالف بيانها أن الموكلات في التوكيل رقم 1233 لسنة 1961 أصدرن للوكيل وكالات لاحقة خاصة بالتصرف بالبيع في الأطيان والعقارات ما آل لهن ميراثاً وما آل لهن وصية من المرحوم...... بالوصية المودعة برقم 1114 لسنة 1964 توثيق الجيزة وهو ما تستخلص منه المحكمة تأكيد الموكلات للوكالة الخاصة في أعمال التصرف بالبيع الصادرة منهن لشقيقهن الوكيل.......... وإجازة ما سبقها من تصرفات وردت على أموال الموكلين وترتيباً على ذلك فإن عقود البيع الصادرة من هذا الأخير استوفت شرائطها القانونية وتتسع لها وكالته فتنصرف آثار ما أبرمه من تصرفات بالبيع إلى موكليه مباشرة إعمالاً لنص المادة 105 من القانون المدني" وهذا الذي انتهى إليه الحكم من اتساع وكالة الطاعن الأول بالتوكيل رقم 1233 لسنة 1961 للتصرف الذي أبرمه مع الجمعية المطعون ضدها الأولى بتاريخ 30/ 9/ 1968 أو الشركة المطعون ضدها الثانية بتاريخ 18/ 3/ 1974 يكون صحيحاً وكافياً لحمل قضاءه في هذا الخصوص ولا يعيبه ما استطرد إليه تأييداً لوجهة نظره من إجازة الطاعنات التصرف الذي أبرمه الطاعن الأول مع الجمعية المطعون ضدها الأولى سنة 1968 بإصدارهن له توكيلات لاحقة سنتي 71، 1972 تجيز له التصرف فيما آل إليهن بالميراث والإيصاء، إذ أن النعي عليه في ذلك - وأياً كان وجه الرأي فيه - يكون غير منتج لوروده على أسباب زائدة يصح الحكم بدونها.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالوجه الخامس على الحكم المطعون فيه الفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع من شقين، وفي بيان الأول منها يقولون إن الطاعنات طلبن أمام محكمة الاستئناف عدم نفاذ العقد الذي أبرمه الطاعن الأول بتاريخ 17/ 3/ 1974 وقصر فيه نصيبهن في الوصية على الثلث في حقهن لأن التوكيل لم يكن يبيح له التوقيع عليه إلا أن الحكم المطعون فيه إذ رفض هذا الدفاع على سند من أن وكالته عنهن تتسع لهذا التصرف يكون معيباً بالفساد في الاستدلال، وفي بيان الشق الآخر يقول الطاعنون إن الحكم المطعون فيه إذ قضى برفض طلب إحالة الدعوى إلى التحقيق أو ندب خبير فيها لإثبات أن الموصى ترك أموالاً سائلة تزيد على ضعف ثمن الأرض الموصى بها بمقولة خلو الأوراق مما يساند ادعاء الطاعنات من الثانية حتى الأخيرة، وأن الموصى أقر في الوصية بأن القدر الموصى به هو كل ما يملك في حين أنه لم يرد بالوصية أن الموصى لا يمتلك شيئاً غير الأرض الموصى بها وبدليل إيصاءه لهن بثلث المحل التجاري الذي يملكه بسوق روض الفرج فإنه يكون معيباً بالفساد لمسخه عبارات الوصية فضلاً عن إخلاله بحق الدفاع.
وحيث إن النعي في شقه الأول غير مقبول، ذلك أنه لما كان يتعين لقبول سبب الطعن أن يكون مبيناً بياناً دقيقاً واضحاً ينفي عنه الغموض والجهالة وكان الطاعنون قد اقتصروا في نعيهم بالشق الأول على القول بأن الحكم شابه الفساد في الاستدلال فيما خلص إليه من أن وكالة الطاعن الأول عن باقي الطاعنات تتسع لإبرام العقد الذي قصر فيه حقهن في الوصية على ثلث الموصى به دون أن يبينوا على وجه التحديد عقد الوكالة الذي لا يتسع لهذا التصرف من عقود الوكالة الصادرة له فإن نعيهم في هذا الخصوص يكون مجهلاً غير مقبول والنعي في شقه الآخر مردود، ذلك أن من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن لمحكمة الموضوع السلطة المطلقة في فهم الواقع في الدعوى، وفي تفسير العقود والإقرارات والمستندات وسائر المحررات واستخلاص ما ترى أنه الواقع الصحيح في الدعوى، ولا رقابة لمحكمة النقض عليها في ذلك ما دامت لم تخرج في تفسيرها عن المعنى الذي تحتمله عبارات المحرر أو تجاوز المعنى الواضح لها، وما دام ما انتهت إليه سائغاً مقبولاً بمقتضى الأسباب التي بنته عليها، لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد واجه دفاع الطاعنات في هذا الشق ورد عليه بقوله "إن الأوراق خلو مما يساند إدعاء المستأنفات في الاستئناف رقم 4227/ 59 ذلك أن الثابت من الوصية المودعة برقم 1114 لسنة 1964 - سالفة البيان إقرار الموصى به البالغ 21 ط 3 ف هو كل ما يملك ولم يقدم الطاعنون ما يخالف ذلك" وكان هذا الذي أورده الحكم سائغاً ومقبولاً ولا خروج فيه على المعنى الذي تحتمله عبارات الوصية ومن شأنه أن يؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها الحكم، فلا عليه إن هو التفت عن طلب الطاعنات إثبات عكس ما خلص إليه بالإحالة إلى التحقيق أو ندب خبير ما دام قضاءه في هذا الخصوص جاء محمولاً على ما يكفي لحمله، ويكون النعي على الحكم المطعون فيه بالفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع على غير أساس.
وحيث إن حاصل النعي على الحكم المطعون فيه بالوجه الأخير من السبب الأول الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك يقول الطاعنون إن الحكم أقام قضاءه برفض الدفع المبدي منهم ببطلان عقد البيع الصادر لشركة....... ( المطعون ضدها الثانية) بتاريخ 20/ 8/ 1974 لصدوره لأجنبي عن أرض زراعية بالمخالفة لأحكام القانون رقم 15 لسنة 1963 على سند من حجية الأسباب التي بني عليها الحكم الصادر في الدعوى رقم 239 لسنة 1975 مدني مستأنف جنوب القاهرة من أن الأرض مبان، وإذ كانت هذه الأسباب زائدة فإنها لا تحوز حجية الشيء المحكوم فيه بما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كان مناط حجية الحكم المانعة من إعادة طرح النزاع في ذات المسألة المقضي فيها أن يكون الحكم قد قطع في مسألة أساسية بعد أن تناقش فيها الطرفان واستقرت حقيقتها بينهما استقراراً يمنع من إعادة طرحها ومناقشتها، وإذ كان البين من مطالعة مدونات الحكم الصادر في الدعوى رقم 239 لسنة 1975 مدني مستأنف جنوب القاهرة أنه قطع في أسبابه بأن عين النزاع ليست أرضاً زراعية وهي مسألة أساسية في الدعوى تجادل فيها الخصوم وكان فصله فيها لازماً لبناء قضائه، ومن ثم فإنه يحوز في هذه المسألة حجية تحول دون إعادة طرحها أو المجادلة فيها من جديد بين الخصوم في أية دعوى تالية، ولا يمنع من حجية الحكم في تلك المسألة أن يكون فصله فيها وارداً بأسباب الحكم ذلك أنه متى كانت هذه الأسباب مرتبطة بالمنطوق ارتباطاً وثيقاً لا تقوم له قائمة إلا بها فإنها تكوّن معه وحدة لا تتجرأ وبذلك يرد عليها ما يرد عليه من قوة الأمر المقضي. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد بنى قضاءه برفض الدفع ببطلان عقد البيع الصادر للشركة المطعون ضدها الثانية لصدوره لأجنبي عن أرض زراعية بالتطبيق لأحكام القانون رقم 15 لسنة 1963 على سند من سابقة صدور الحكم رقم 239 لسنة 1975 مدني مستأنف جنوب القاهرة بين نفس الخصوم وعن ذات أرض النزاع والذي فصل فصلاً قاطعاً في أنها ليست أرضاً زراعية فإنه يكون قد صادف صحيح القانون، ويكون النعي عليه بهذا الوجه على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقولون إن الحكم أغفل الرد على دفاعهم الجوهري بأن أرض النزاع تم تقسيمها لعدة قطع تم بيعها بقصد البناء عليها لا تقع ثلاثة منها على طريق قائم مما يترتب بطلان عقدي بيع المطعون ضدهما الأولى والثانية المؤرخين 19/ 3/ 1968 و18/ 3/ 1974 وملحقة في 10/ 8/ 1974 بطلاناً مطلقاً لمخالفتهما لأحكام القانونين رقمي 52 لسنة 1940 و3 لسنة 1982 لعدم تقديم طلب لتقسيمها أو صدور قرار بذلك، ولمخالفتهما لنص المادة الخامسة من القانون رقم 2 لسنة 1973 - والذي تتعلق أحكامه بالنظام العام - لعدم الحصول على ترخيص من وزير السياحة بالتصرف في الأرض محل النزاع لدخولها ضمن المناطق السياحية بقرار وزير السياحة رقم 43 لسنة 1975 مما يعيبه بالقصور.
وحيث إن هذا النعي في شقه الأول غير مقبول، ذلك أنه لما كان الثابت بالأوراق أن دفاع الطاعنين اقتصر في هذا الخصوص على بطلان عقدي المطعون ضدهما الأولى والثانية لمخالفتهما لأحكام قانون التقسيم رقم 52 لسنة 1940 والقانون رقم 3 لسنة 1982 لعدم صدور قرار بالتقسيم دون أن يبينوا في دفاعهم أمام محكمة الموضوع وجه خضوع أرض النزاع التي ورد عليها هذين العقدين لأحكام القانون رقم 1940 قبل إلغائه بالقانون رقم 3 لسنة 1982 على نحو ما أثاروه بوجه النعي به يكون غير مقبول لما يخالطه من واقع لم يسبق طرحه على محكمة الموضوع هو التحقق من أن أرض النزاع تم تقسيمها لقطع بقصد البيع لا تقع كلها على طريق قائم مما يخضعها لأحكام ذلك القانون، ولا يغير من هذا النظر أن تكون المستندات التي أشير إليها بوجه النعي تدليلاً على هذا الدفاع كانت مقدمة لمحكمة الموضوع أو حتى حصلها الحكم ذلك أن الأوراق خلت مما يفيد تمسك الطاعنين أمام محكمة الاستئناف بدلالة هذه المستندات، والنعي في شقه الآخر غير سديد، ذلك أنه لما كان عقدا البيع محل الطعن قد انعقد أولهما بتاريخ 30/ 9/ 1968 والآخر في 18/ 3/ 1974 أي قبل سريان قرار وزير السياحة رقم 43 لسنة 1975 باعتبار نهر النيل والمناطق المطلة عليه بالقاهرة الكبرى من المناطق السياحية والذي عمل به من تاريخ نشره في 18/ 5/ 1975 ولم يرد به نص على تطبيقه بأثر رجعي، فإن الحظر المقرر بنص المادة الثانية من القانون رقم 2 لسنة 1973 - الذي صدر القرار بناء على التفويض التشريعي المقرر به - لا يشغل هذين العقدين، لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى هذه النتيجة الصحيحة فإن النعي عليه بالقصور لعدم تعرضه لدفاع الطاعنين في هذا الخصوص يكون على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.
ثانياً - عن الطعن رقم 632 لسنة 59 ق:
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على سبب واحد تنعي به الجمعية الطاعنة على الحكم المطعون فيه مخالفة الثابت بالأوراق والقصور، وفي بيان ذلك تقول إنها تمسكت في دفاعها أمام محكمة الاستئناف بأنها أوفت بكامل ثمن المبيع إذ سددت مبلغ 5000 جنيه عند التوقيع على العقد الابتدائي وأودعت نصف الباقي من الثمن بخزانة المحكمة بمحضر الإيداع المؤرخ 13/ 10/ 1973 تحت سداد الالتزامات المستحقة على الأرض والنصف الآخر تم إيداعه أيضاً بخزانة المحكمة بتاريخ 17/ 2/ 1980 بعد عرضه على البائعين، وقدمت المستندات التي تمسكت بدلالتها على إثبات هذا الدفاع إلا أن الحكم قضى برفض طلب تسليم المبيع إليها تأسيساً على أن إجابته مرهونة بإتمام المحاسبة النهائية على المبلغ الأخير المحبوس تحت يدها مما يعيبه بمخالفة الثابت بالأوراق والقصور ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أنه لما كان الثابت أن الجمعية الطاعنة قد تمسكت بدلالة مستندات قدمتها أمام محكمة الموضوع - والمشار إليها بسبب النعي - تفيد أنها سددت كامل ثمن المبيع، وكان البين من الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه برفض طلب التسليم على ما أورده في أسبابه من أن المحاسبة في شأن باقي الثمن لم يتم تسويتها بعد على مقتضى شروط عقد البيع في حين أن الثابت من حافظة مستندات الجمعية المقدمة لمحكمة الاستئناف بجلسة 7/ 12/ 1980 والتي ظلت مرفقة بالملف حتى صدور الحكم المطعون فيه أنها حوت محضري عرض وإيداع المتبقي من ثمن المبيع وقدره 25000 جنيه بخزانة المحكمة بتاريخ 4/ 12/ 1980 والتي أشارت إليها الجمعية في مذكرة دفاعها المعلنة في فترة حجز الاستئناف للحكم - قبل النقض - في معرض طلبها تأييد الحكم المستأنف وهو دفاع كان مطروحاً على محكمة الاستئناف عند إصدارها الحكم المطعون فيه لعدم تنازلها عنه، فإن الحكم إذ لم يناقش دلالة هذا المستند الذي لم يفطن إليه ولم يرد عليه بما يقتضيه مع ما قد يكون له من أثر في مساندة دفاع الطاعنة وهو دفاع جوهري يتأثر به لو صح وجه الرأي في الدعوى فإنه يكون معيباً بالقصور ومخالفة الثابت بالأوراق بما يوجب نقضه.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه، وكان الثابت بالأوراق أن الجمعية الطاعنة أوفت بكامل ثمن المبيع فإنه يتعين إجابته طلب تسليم المبيع إليها باعتباره أثراً من آثار عقد البيع الصحيح، ولما تقدم يتعين تأييد الحكم المستأنف فيما قضى به في الدعوى رقم 1212 لسنة 1976 مدني جنوب القاهرة الابتدائية.
ثالثاً - عن الطعن رقم 702 لسنة 59 ق:
وحيث إن تدخل....... في الطعن - باعتباره طرفاً في الحكم المطعون فيه - مقبول إعمالاً لصريح نص المادة 260 مرافعات.
وحيث إن مبنى الدفع المبدي من الخصم المتدخل - المطعون ضده الأخير في الطعنين رقمي 315، 632 لسنة 59 ق - أن الشركة الطاعنة إذ لم تواجه طعنها إليه رغم تدخله في الاستئناف المرفوع منها منضماً للجمعية المطعون ضدها الأولى في طلباتها وصدور الحكم المطعون فيه لصالحها في موضوع غير قابل للتجزئة فإن الطعن يكون باطلاً غير مقبول.
وحيث إن هذا الدفع في محله، ذلك أنه متى كان الواقع في الدعوى أن الجمعية المطعون ضدها الأولى أقامت الدعوى التي قيدت برقم 1212 لسنة 1976 على البائعين لها للحكم بصحة ونفاذ عقد البيع الصادر لها منهم والتسليم فتدخلت فيه الشركة الطاعنة طالبة رفضها تأسيساً على شرائها ذات القدر المبيع من البائعين لها، وإذ قضى برفض تدخلها وللجمعية بطلباتها فقد استأنفت هذا الحكم كما استأنفه البائعون فلما قضى بتأييد الحكم المستأنف طعن عليه بالنقض، وعند تعجيل نظر الاستئنافين بعد نقض محكمة النقض للحكم المطعون فيه تدخل فيها الخصم المتدخل منضماً للجمعية في طلباتها تأسيساً على أنه عضو بها وحاجزاً لنصيب في الأرض موضوع تعاقدها فقضى في استئناف الشركة بقبول تدخله وتأييد الحكم المستأنف القاضي بصحة ونفاذ عقد بيع الجمعية، ومن ثم فإن موضوع النزاع على هذا النحو بحسب طبيعته غير قابل للتجزئة إذ لا يحتمل الفصل فيه غير محل واحد بعينه ويستلزم أن يكون الحكم واحداً بالنسبة لجميع الخصوم إذ لا يتأتى أن يكون الحكم بإثبات التعاقد صحيحاً ونافذاً بالنسبة للخصم المتدخل دون الجمعية المطعون ضدها الأولى لما يترتب على التدخل سواء كان للاختصام أو الانضمام أن يصبح المتدخل طرفاً في الدعوى ويكون الحكم الصادر فيها حجة له أو عليه، لما كان ذلك، وكانت المادة 253 من قانون المرافعات توجب اشتمال صحيفة الطعن على أسماء جميع الخصوم الواجب اختصامهم فيه، مما مفاده - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أنه إذا أغفل الطاعن أن يختصم في الميعاد بعض المحكوم لهم في الحكم المطعون فيه الصادر في موضوع غير قابل للتجزئة كان طعنه باطلاً غير مقبول، وكانت الشركة الطاعنة لم تختصم في طعنها بطريق النقض في الميعاد الخصم المتدخل وهو أحد الخصوم الصادر لصالحهم الحكم المطعون فيه في موضوع غير قابل للتجزئة ولا تنوب عنه الجمعية في الطعن لأنه كان ماثلاً في الاستئناف، ومن ثم فإن الطعن يكون باطلاً ولا يصححه اختصامه فيه بعد انقضاء ميعاد رفعه.