مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة أحكام المحكمة الإدارية العليا
السنة الرابعة والثلاثون - الجزء الثاني (من أول مارس سنة 1989 إلى آخر سبتمبر سنة 1989) - صـ 720

(103)
جلسة 18 من مارس سنة 1989

برئاسة السيد المستشار محمد حامد الجمل - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة: عبد اللطيف أحمد أبو الخير ويحيى السيد الغطريفي ود. إبراهيم علي حسن وأحمد شمس الدين خفاجي - المستشارين.

الطعنان رقما 2815/ 2872 لسنة 31 القضائية

أ - عاملون مدنيون بالدولة - حرية التعبير عن الرأي.
القانون رقم 47 لسنة 1978 بإصدار قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة.
قرار الدستور كفالة حماية الموظفين العموميين في أداء واجباتهم وكفل حرية الرأي والنقد رغبة في الإصلاح وتحقيقاً للصالح العام - للموظف أن يتظلم الى السلطات الرئاسية وله أن يعبر من خلال الصحافة عن تظلمه مما يعانيه أو يتصوره ظلماً لحق به - يشترط أن يحدد الوقائع وأن ينتقد بصفة موضوعية مقترحاً بحسب وجهة نظره وخبرته ما يراه من أساليب للإصلاح ورفع مستوى الخدمات والإنتاج شريطة ألا يلجأ إلى أسلوب ينطوي على امتهان أو تجريح للرؤساء - تطبيق [(1)].
ب - عاملون مدنيون بالدولة - تأديب - الجزاءات التأديبية.
المسلم به في الفقه والقضاء الإداريين أن الجزاء التأديبي المقنع غير مشروع - إذا ثبت أن قرار نقل العامل كان مقصوداً به مجازاته تأديبياً عن خطأ تأديبي يكون قرار واجب الإلغاء - أساس ذلك: نقل العاملين لم يشرع من أجل اتخاذه وسيلة لمجازاة العامل المخطئ وإنما هو وسيلة لتحقيق أفضل ليسر المرفق - تطبيق.
ج - عاملون مدنيون بالدولة - تأديب - الجزاءات التأديبية.
لا يجوز للمحكمة التأديبية أن تقضي بالبراءة تأسيساً على حداثة عهد الموظف بالوظيفة وأن الذنب المسند إليه لا يرقى إلى مستوى الذنوب الموجبة للتأديب والتي تقوم على أساس الانحراف أو سوء القصد أو الخطأ أو الإهمال الجسيم - أساس ذلك: حداثة العهد بالوظيفة وإن بررت التخفيف من العقوبة إلا أنها لا تصلح لأن تكون مانعاً من المسئولية أو العقاب التأديبي - كل مخالفة للواجب الوظيفي ايجاباً أو سلباً تشكل بالضرورة جريمة تأديبية تستوجب الجزاء المناسب - راعى المشرع تدرج الجزاءات على نحو يتيسر معه اختيار الجزاء المناسب - يتعين على المحكمة التأديبية كسلطة عقاب قضائي في جميع الأحوال التي تدين فيها المتهم عن مخالفة توقيع العقوبة التأديبية المناسبة - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الخميس الموافق الرابع من يوليو سنة 1985 أودع الأستاذ (......) المحامى نائباً عن الأستاذ(.......) المحامى والوكيل عن السيد(.......) قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها برقم 2815 لسنة 31 القضائية في الحكم الصادر من المحكمة التأديبية لمستوى الإدارة العليا بجلسة الثامن من مايو سنة 1985 في الدعوى التأديبية رقم 168 لسنة 26 القضائية المقامة من النيابة الإدارية ضد الطاعن وآخرين فيما قضى به من مجازاته بخصم يومين من راتبه. وطلب الطاعن - للأسباب الموضحة بتقرير الطعن - الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من مجازاته بخصم يومين من راتبه والحكم ببراءته مع إلزام المطعون ضده بصفته المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وأعلن تقرير الطعن إلى المطعون ضده على الوجه المبين بالأوراق. وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني مسبباً ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً.
وفي يوم الأحد الموافق السابع من يوليو سنة 1985 أودعت إدارة قضايا الحكومة نائبة عن مدير النيابة الإدارية، قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها برقم 2872 لسنة 31 القضائية في ذات الحكم المشار إليه، والقاضي بمجازاة المحال الأول(.......) بخصم يومين من راتبه وببراءة باقي المحالين مما أسند إليهم.
وطلب الطاعن للأسباب الموضحة بتقرير الطعن - الحكم بقبول الطعن شكلاً، في الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والحكم بتوقيع الجزاء المناسب إعمالاً لأحكام النصوص الواردة بتقرير الاتهام، مع إلزام المطعون ضده بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وأعلن تقرير الطعن إلى المطعون ضدهم على الوجه المبين بالأوراق. وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً.
وعين لنظر كل من الطعنين أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 23 من نوفمبر سنة 1988، وبجلسة 14 من ديسمبر سنة 1988 قررت الدائرة ضم الطعن رقم 2872 لسنة 31 القضائية إلى الطعن رقم 2815 لسنة 31 القضائية ليصدر فيهما حكم واحد، وبجلسة 11 من يناير سنة 1989 قررت تلك الدائرة إحالة الطعنين إلى هذه المحكمة فنظرته بجلسة الرابع من فبراير سنة 1989 حيث قررت إصدار الحكم في الطعنين بجلسة اليوم 18 من مارس سنة 1989، وفيما صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه فور النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع المرافعة، والمداولة.
من حيث إن الطعنين قد استوفيا أوضاعهما الشكلية ومن ثم فهما مقبولان شكلاً.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعات، تتحصل - حسبما يبين من الأوراق في أنه بتاريخ التاسع من فبراير سنة 1984 أقامت النيابة الإدارية الدعوى التأديبية رقم 168 لسنة 26 القضائية، بإيداع أوراقها قلم كتاب المحكمة التأديبية لمستوى الإدارة العليا منطوية على تقرير باتهام كل من:
1 -....... قائد اوركسترا سيمفوني بالبيت الفني للموسيقى (درجة أولى)
2 -....... رئيس البيت الفني الموسيقي (وكيل وزارة).
3 -......... مدير عام الشئون المالية والإدارية بالبيت.. (درجة أولى).
4 -.......... مدير مكتب رئيس البيت الفني ومديرة المشتريات(درجة ثانية ).
5 -........... المراقب المالي للبيت سابقاً، وحالياً مدير عام المراقبة المالية بوزارة النقل..(مدير عام).
6 -.......... المراقب المالي للبيت سابقاً، وحالياً مدير عام المراقبة المالية بوزارة النقل..... (مدير عام).
7 -............ المشرف العام على حسابات البيت الفني للمسرح سابقاً ومراقب عام مجلس مدينة الجيزة حالياً.(درجة أولى ).
8 -........... مدير مكتب المراقبة المالية بالمجلس الأعلى للثقافة (درجة ثانية).
9 -............ وكيل حسابات البيت الفني.(درجة ثالثة).
10 -.......... مراقب مالي بوزارة المالية بالبيت. (درجة ثانية).
11 -........... مراجعة حسابات بالبيت. (درجة رابعة).
12 -............ مراجعة حسابات بالبيت. (درجة رابعة).
13 -........... مراجعة حسابات بقطاع المسرح (درجة ثالثة).
لأنهم في البيت الفني من فبراير سنة 1982 حتى 13 من ديسمبر سنة 1983 بالمجلس الأعلى للثقافة خرجوا على مقتضى الواجب الوظيفي، ولم يؤدوا العمل المنوط بهم بدقة وأمانة، وسلكوا مسلكاً لا يتفق والاحترام الواجب، وخالفوا القواعد والأحكام المالية المقررة) مما ترتب عليه الإضرار بمصلحة مالية للدولة، بأن ارتكب كل منهم ما يلي:
الأول: 1 - صرح لمجلة أكتوبر بحديث صحفي ينطوي على المساس برئيسه في العمل. 2 - قام بالعمل لدى الفرق الليلية( فرقة.......) دون الحصول على ترخيص من السلطة المختصة.
الثاني: 1 - صرف لنفسه مبلغ (590) جنيهاً دون وجه حق، وصرف لآخرين المبالغ الموضحة بصلب المذكرة دون وجه حق عن لجان وهمية دون أن يكون مختصاً.2 - أصدر قراراً بإلغاء ندب السيد/.....، معتدياً على اختصاصات وكيلا أول الوزارة الذي أصدر قراراً بندبه وآخرين للعمل بالأكاديمية.
الثالث: اشترك مع الثاني في صرف مبالغ بلغت (10400) جنيه له ولآخرين دون وجه حق عن لجان وهمية على الوجه المبين بالأوراق.
من الرابع حتى العاشر: خرجوا المبالغ الموضحة بالأوراق دون وجه حق عن اشتراكهم في لجان وهمية.
الحادي عشر والثاني عشر: أهملا القيد في دفاتر (129 ع. ح) الخاصة بالبنوك وبعض العاملون بالبيت الفني للموسيقى.
الثالث عشر: أهملت المحافظة على عهدتها مما ترتب عليه عدم الاستدلال على الدفتر (129ع. ح) الخاص بمكافآت العاملين بوزارة المالية.
وبذلك يكون المذكورون قد ارتكبوا المخالفات المالية والإدارية المنصوص عليها في المواد 76/ 1، 3 و77/ 1، 3، 4، 7، 12 و78/ 1 من القانون رقم 47 لسنة 1978 وطلبت النيابة الإدارية محاكمتهم تأديبياً بالمواد المذكورة، وبالمواد 80، 82 من القانون رقم 47 لسنة 1978، والمادة1/ 1 من القانون رقم 19 لسنة 1959 والمادة 13 من القانون رقم 61 لسنة 1963 بشأن الهيئات العامة، والمادة 14من القانون رقم 117 لسنة 1958 والمادتين 15 و19 من القانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة.
وبجلسة الثامن من مايو سنة 1985 أصدرت المحكمة التأديبية لمستوى الإدارة العليا حكمها بمجازاة المحال الأول...... بخصم يومين من راتبه، وببراءة باقي المحالين مما أسند إليهم.
وقد أقامت المحكمة قضاءها في شأن المحال الأول (......) على ثبوت المخالفة الأولى المنسوبة إليه في تقرير الاتهام في حقه، وانتقاء ثبوت المخالفة الثانية قبله.
ذلك أن المخالفة الأولى المنسوبة إلى السيد المذكور هي أنه صرح لمجلة أكتوبر بحديث صحفي ينطوي على المساس برئيسه في العمل، وقد ذهبت المحكمة في شأن هذا الاتهام إلى أنه لئن كان من حق المحال الأول أن يشكو من أي ظلم يعتقد أنه وقع عليه، إلا أنه ليس له أن يتجاوز في إبدائه لشكواه إلى أسلوب الطعن في رؤسائه والمساس بهم على نحو لا يليق وإلا فإنه يستحق الجزاء المناسب إذا هو وجه إلى رئيسه عبارات تحمل هذا المعنى، خصوصاً وأن لجوءه إلى الصحف يكشف لا عن الرغبة في رفع ما يتصوره ظلماً، بل تم عن الكيد لرئيسه لما وقر في ذهنه من أنه يتعمد عدم إسناد أعمال إليه بالقدر الكافي.
أما المخالفة الثانية المنسوبة إلى (.......) وهى أنه قام بالعمل لدى الفرق الليلية (فرقة......) دون الحصول على ترخيص من السلطة المختصة.. فقد ذهب الحكم المطعون عليه في شأن هذا الاتهام إلى أنه منتفي حسبما هو ثابت من الأوراق إذ أن الثابت أن وكيل وزارة الثقافة ورئيس مجلس إدارة هيئة فنون المسرح والموسيقى وافق بتاريخ 22/ 10/ 1989 على الترخيص للمحال في مزاولة نشاطه الفني في غير أوقات العمل الرسمية في القطاع الخاص، وهى موافقة غير مقيدة بمدة مما يتعين معه الحكم ببراءته من هذه المخالفة.
وأقامت المحكمة التأديبية لمستوى الإدارة العليا قضاءها ببراءة المحال (......) على عدم ثبوت المخالفتين المنسوبتين إليه في حقه.
ذلك أن المخالفة الأولى المنسوبة إليه هي أنه صرف لنفسه مبلغ (590) جنيهاً دون وجه حق، وصرف لآخرين مبالغ أخرى دون وجه حق عن لجان وهمية. وقد ذهبت المحكمة في شأن هذا الاتهام إلى أن هذه المخالفة منتفية لأن الثابت أنه وإن كان هذا المحال قد أقر بأنه اعتمد صرف المكافآت التي اقترحها المحال الثالث، إلا أنه دفع مسئوليته عن المخالفة بأنه كفنان تنحصر مسئوليته الأساسية في قيادة الاوركسترا وليس مراقبة سلامة الصرف المالي وهذا الدفاع تطمئن إليه المحكمة وتجد فيه مبرراً سائغاً للالتفات عن مسئوليته عن الصرف المالي.
أما المخالفة الثانية المنسوبة إلى (..........) وهي أنه أصدر قراراً بإلغاء ندب السيد/....... معتدياً على اختصاصات وكيل أول الوزارة الذي أصدر قراراً بندبه وآخرين للعمل بالأكاديمية. وقد ذهبت المحكمة في شأن هذا الاتهام إلى هذا المحال هو الذي أصدر قرار الندب ومن ثم يكون صاحب الحق في إصدار قرار إلغائه الأمر الذي انتهت معه المحكمة إلى براءة (.......) عن هذا الشق من الاتهام.
وأقامت المحكمة قضاءها ببراءة المحال الثالث (........) والمنسوب إليه في تقرير الاتهام أنه اشترك مع المحال الثاني في صرف مبالغ بلغت (10400) جنيهاً له ولآخرين دون وجه حق عن لجان وهمية، على أنه لا تثريب على المحال إذ قام بإعداد مذكرات الصرف لما يقابل الجهود التي اعتبرت غير عادية من مكافآت مالية حتى ولو كان الأمر متعلقاً بمندوبي وزارة المالية إذ أن المنشورات المالية الصادرة بحظر صرف مكافآت لممثلي وزارة المالية بغير موافقتها تخاطب رجال المالية. وليست موجهة إلى الجهات الإدارية الآخرى.
وأقامت المحكمة قضاءها ببراءة المحالتين الرابعة والخامسة (......) و(......) والمنسوب إليها أنهما قاما بصرف مبالغ نقدية دون حق عن اشتراكهما في لجان وهمية على ذات الأساس الذي بنت عليه براءة المحال الثالث وهو أن المنشورات المالية الصادرة بحظر صرف مكافآت لممثل وزارة المالية بغير موافقتها تخاطب رجال المالية وليست موجهة إلى الجهات الإدارية الآخرى.
وأقامت المحكمة قضاءها ببراءة المحالين من السادس حتى العاشر (......) و(........) و(.......) و(.......) و(........) والمنسوب إليهم أنهم صرفوا مبالغ نقدية دون حق عن اشتراكهم في لجان وهمية - على أن المحكمة ترى أن في صدور قرار بنقلهم من مقار أعمالهم إلى أعمال أخرى في أعقاب الصرف ما ينطوي على جزاء مقنع وهو ما تكتفي به المحكمة بالنسبة إليهم.
وأقامت المحكمة قضاءها ببراءة المحالتين الحادية عشر والثانية عشر (.......) و(.......) والمنسوب إليهما أنهما أهملتا القيد في دفاتر (129 ع. ح) الخاصة بالبنوك وبعض العاملين بالبيت الفني للموسيقى - على حداثة عهدها بالعمل مع أن الذنب المسند إليهما لا يرقى إلى مستوى الذنوب الموجبة للتأديب والتي تقوم أساساً على الانحراف أو سوء القصد أو الخطأ أو الإهمال الجسيم.
وأقامت المحكمة قضائها ببراءة المحالة الثالثة عشر (.......) والمنسوب إليها أنها أهملت في المحافظة على عهدتها مما ترتب عليه عدم الاستدلال على الدفتر (129 ع. ح) الخاص بمكافآت العاملين بوزارة المالية، على أن الدفتر عهدتها كان محل تداول أكثر من يد بمناسبة التفتيش على أعمال البيت الفني التي فقد فيها ولم يكن باستطاعة من يشغل وظيفتها أن يتحكم في تداول الدفتر ويراقب انتقاله من يد إلى يد بين المفتشين الذين تناولوه.
وبناء على ما تقدم انتهت المحكمة التأديبية لمستوى الإدارة العليا إلى القضاء بمجازاة المحال الأول (........) بخصم يومين من راتبه وببراءة باقي المحالين مما أسند إليهم.
ومن حيث إن مبنى الطعن رقم 2815 لسنة 31 القضائية المقام من (.......) أن الحكم المطعون فيه والقاضي بمجازاته بخصم يومين من راتبه قد صدر معيباً (أولاً) لأنه عدل وصف المخالفة الأولى المنسوبة إليه من كونها (صرح لمجلة أكتوبر بحديث صحفي ينطوي على المساس برئيسه في العمل) إلى كونها الإفضاء بتصريح أو بيان عن أعمال وظيفته عن طريق الصحف، دون مواجهته بهذا الوصف للاتهام مما يهدر ضمانة من ضمانات الدفاع. (ثانياً) أن ما نشر بمجلة أكتوبر لم يكن حديثاً صحفياً وإنما استقاه الصحفي من مجالس الفنانين حيث كان الطاعن يشكو لزملائه من متاعب العمل. (ثالثاً) أن الحكم قد انطوى على غلو في الجزاء حيث لا تتلاءم المخالفة المنسوبة إلى الطاعن على فرض حدوثها مع الجزاء الموقع عليه مما يصم الحكم بعدم المشروعية.
ومن حيث إن مبنى الطعن رقم 2872 لسنة 31 القضائية والمقام من مدير النيابة الإدارية ضد (.......) وسائر المحالين الذين قضت المحكمة التأديبية لمستوى الإدارة العليا ببراءتهم أن الحكم المطعون فيه قد شابه الخطأ في تطبيق القانون وتأويله، وذلك على الوجه الآتى:
في شأن المطعون ضده الثاني (.......) فقد استندت المحكمة في براءته مما نسب إليه من أنه صرف لنفسه مبالغ دون وجه حق على أنه كفنان لا يسأل عن مراقبة مدى سلامة الصرف وهذا الاستناد غير صحيح لأن المادة (46) من القانون رقم 47 لسنة 1978 بنظام العاملين المدنيين بالدولة وضع نظام صرف مقابل الجهود غير العادية والأعمال الإضافية واعتماد الصرف ومتى كان المطعون ضده قد اعتمد صرف مبالغ لنفسه دون العرض على السلطة المختصة إنما يكون قد خالف القانون على نحو يستوجب مساءلته.
وفي شأن المطعون ضدهم الثالث والرابع والخامس (........) و(......) و(......) فقد استندت المحكمة في براءتهم مما نسب إليهم على أنه لا تثريب على المحالين إذ قاموا بإعداد مذكرات الصرف لما يقابل الجهود التي اعتبرت غير عادية من مكافآت مالية حتى ولو كان متعلقاً بمندوبي وزارة المالية، لأن المنشورات المالية الصادرة بحظر صرف مكافآت لممثلي وزارة المالية بغير موافقتها تخاطب رجال المالية وليست موجهة إلى الجهات الإدارية الآخرى. وهذا الاستناد غير صحيح وفقاً لما شهد به (......) المفتش بالبيت الفني للموسيقى، ووفقاً لنص منشوري وزارة المالية اللذين يخاطبان كل الجهات الإدارية المتعاملة مع مندوبي وزارة المالية.
وفي شأن المطعون ضدهم - السادس والسابع والثامن والتاسع والعاشر (........) و(........) و(.........) و(........) و(.........) قد استندت المحكمة في براءتهم مما نسب إليهم على أن المحكمة ترى أن في صدور قرار بنقلهم من مقار أعمالهم إلى أعمال أخرى في أعقاب الصرف ما ينطوي على جزاء مقنع وهو ما تكتفي به المحكمة بالنسبة لهم.... وهذا الإسناد غير صحيح، لأن المحكمة التأديبية لا شأن لها بالجزاء المقنع الذي تختص بنظر الطعن فيه محكمة القضاء الإداري، وعلى المحكمة التأديبية توقيع الجزاء الذي تراه مناسباً للمخالفة الثابتة في حق المتهمين.
وفي شأن المطعون ضدهما الحادية عشر والثانية عشر (......) و(.....) فقد استندت المحكمة في براءتهما مما نسب إليهما على حادثة عهدهما بالعمل وأن الذنب المستند إليهما لا يرقى إلى مستوى الذنوب الموجبة للتأديب والتي تقوم أساساً على الانحراف أو سوء القصد أو الخطأ أو الإهمال الجسيم... وهذا الاستناد غير صحيح لأن المحكمة لم تنف الاتهام بل أكدته ورغم ذلك لم توقع عليهم أي جزاء وهو خطأ شاب الحكم المطعون عليه.
وفي شأن المطعون ضدهما الثالثة عشر (.......) فقد استندت المحكمة في براءتها على أن الدفتر عهدتها الذي فقد كان محل تداول أكثر من يد بمناسبة التفتيش على أعمال البيت الفني التي فقد فيها.. وهذا الاستناد غير صحيح لأن المطعون ضدها كان عليها مراقبة تداول هذا الدفتر عهدتها، ومن ثم فإن إهمالها في ذلك يرتب مسئوليتها ويستوجب مجازاتها.
وختم تقرير الطعن المقام من النيابة الإدارية آخذه على الحكم المطعون فيه بأن مجازاة المطعون ضده الأول (.......) بخصم يومين من راتبه لا يتناسب مع جسامة المخالفات المنسوبة إليه بتقرير الاتهام مما يعيب الحكم المطعون فيه.
ومن حيث إنه في شأن السيد (......) الطاعن في الطعن رقم 2815 لسنة 31 القضائية والمطعون ضده الأول في الطعن رقم 2872 لسنة 31 القضائية، فالثابت من الأوراق، أنه يعمل قائد اوركسترا سيمفوني بالبيت الفني للموسيقى، من الدرجة الأولى، وقد نسب إليه تقرير الاتهام اتهامين أولهما: أنه صرح لمجلة أكتوبر بحديث صحفي ينطوي على المساس برئيسة في العمل. وثانيهما: أنه قام بالعمل لدى الفرق الليلية (فرقة.......) دون الحصول على ترخيص من السلطة المختصة. وقد صدر الحكم المطعون فيه منطوياً على براءته من الاتهام الثاني وإدانته عن الاتهام الأول، ومجازاته عنه بالخصم يومين من راتبه.
وحيث إنه عن الاتهام الأول المنسوب للسيد/........ والمتمثل في أنه صرح لمجلة أكتوبر بحديث صحفي ينطوي على المساس برئيسه في العمل، فإن القاعدة التي تحكم مدى اعتبار النشر بالصحف مرتباً لمسئولية تأديبية للموظف العام من عدمه هي أن المقرر وفقاً لصريح نصوص الدستور أن الوظائف العامة كما هي حق للمواطنين تكليف للقائمين بها لخدمة الشعب وتكفل الدولة حمايتهم وفي قيامهم بأداء واجباتهم في رعاية مصالح الشعب (م 14) وحرية الرأي مكفولة ولكل إنسان التعبير عن رأيه ونشره بالقول أو الكتابة أو التصوير أو غير ذلك من وسائل التعبير في حدود القانون، والنقد الذاتي والنقد البناء الوطني (م 47) وكما أن الالتزام بصيانة أسرار الدولة واجب وطني (م 60) - وفي ذات الوقت فإن لكل مواطن حق مخاطبة السلطات العامة كتابة (م 63).
وحيث إنه يبين مما سبق أن الأصل العام المقرر دستورياً والمتطلب ديمقراطياً هو وجوب كفالة حماية الموظفين العموميين في أداء واجباتهم من كفالة حرية الرأي سواء لذات العاملين في مباشرتهم للنقد رغبة في الإصلاح وتحقيق الصالح العام أو من غيرهم من المواطنين مع رعاية حرية وتوفير حق الشكوى لكل منهم للصحافة وغير ذلك من طرق النشر والإعلان دون مساس بأسرار الدولة وصيانتها، وأن اجتماع حق الشكوى مع حرية الرأي والتعبير عنه يباح كأصل عام لكل مواطن أن يعرض شكاواه ومظالمه على الرأي العام، شريطة ألا يتضمن النشر ما ينطوي على مخالفة الدستور أو القانون أو إساءة استعمال الحق، لأن عدم إساءة استعمال الحقوق هو القيد العام المشروع الذي يسري على جميع الحقوق والحريات... ولقد حظر المشرع على العامل في صلب قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 صراحة في المادة (77) منه: ...(7) أن يقضي بأي تصريح أو بيان عن أعمال وظيفته عن طريق الصحف وغير ذلك من طرق النشر إلا إذا كان مصرحاً له بذلك كتابة من الرئيس المختص.
(8) أن يفشي الأمور التي يطلع عليها بحكم وظيفته إذا كانت سرية بطبيعتها أو بموجب تعليمات تقضي بذلك. ويظل هذا الالتزام بالكتمان قائماً ولو بعد ترك العامل الخدمة.
ومؤدى هذه النصوص في إطار حرية الرأي والنقد وحق الشكوى أو حق الموظف العام في الحماية في أداء واجبات وظيفته التي قررها الدستور والقانون أنه لا حظر على الموظف في أن ينشر عن طريق الصحافة كل ما لا يعد تصريحاً أو بياناً عن أعمال الوظيفة أو إفشاء لما هو سري منها بطبيعته أو بموجب تعليمات تقضي بذلك.
ومقتضى ما تقدم أن للموظف أن يتظلم إلى السلطات الرئاسية وله أن يعبر من خلال الصحافة عن تظلمه مما يعانيه أو مما يتصوره ظلماً لحق به وأن يحدد وقائع ما لاقاه من عنت أو اضطهاد وكذلك أن ينتقد بصيغة موضوعية مبيناً في إجراءات ونظام العمل ووسائله مقترحاً ما يراه بحسب وجهة نظره وخبرته من إصلاح في أساليب ووسائل تنظيم وأداء العمل بما يرتفع بمستوى الخدمات والإنتاج للصالح العام وحماية الأموال والأملاك العامة ورعاية حقوق وكرامة المواطنين شريطة ألا يلجأ إلى أسلوب ينطوي على امتهان أو تجريح الرؤساء بما لا يستوجبه عرض وقائع الشكوى، وادعائهم التظلم أو الأسس الموضوعية النقد للنظم الإدارية السيئة أو العتيقة والبالية وبيان صور ما يعانيه من ظلم أو افتآت أو ما يراه من تخلف في الأنظمة والوسائل التي تتبعها الجهات الإدارية بما يعوق حسن سير وانتظام أداء المرافق والمصالح العامة للخدمات للشعب واستناداً لما تقدم من مبادئ وأسس دستورية وقانونية فإن الثابت أن الطاعن قد تظلم للسلطات الرئاسية والنيابة الإدارية وغيرها على النحو الذي نشرته مجلة أكتوبر منسوباً إلى (الطاعن) وهو مؤلف وفنان موسيقي مشهور وينطوي على إشارة لأسباب عدم مباشرته فنه الموسيقي واقتياده الاوركسترا لفترات طويلة ولما يعانيه من اضطهاد من جانب رئيس وهو ايضاً شخصية عامة وفنان ومؤلف موسيقي مشهور مع بيان دوافع هذا الاضطهاد في موضوعية دون استعمال عبارات التجريح الشخصي أو غير الموضوعي أو الإساءة المتجردة عن وقائع الحال، وعلى ذلك فإنه يكون قد استعمل بصفته موظفاً عاماً وفناناً موسيقياً وشخصية عامة في المجتمع الثقافي والفني، حقه الطبيعي في الشكوى في مواجهة الرأي العام من رئيسه الموظف العام والفنان والشخصية العامة الموسيقية مثله ومن عدم تمكينه من مباشرة فنه الموسيقي بصورة عادية وطبيعية حسب وضعه الوظيفي وكفاءاته وقدراته الفنية ومن خلال ما هو متاح دستورياً وديمقراطياً من حرية الصحافة والنشر ودون أن يخرج عن الإطار المشروع دستورياً وقانوناً إلى حيز إساءة استعمال الحق حيث لا يعد ما نشر عنه على النحو سالف البيان المقصود بالإفضاء بتصريح أو بيان عن أعمال وظيفته لأن ذلك التصريح أو البيان لا يكون إلا حيث يتعلق بمسائل تتصل بإدارة العمل في الجهة الإدارية وسيره بصفة عامة مما يعني سائر العاملين أو المواطنين بأن يكون متعلقاً بوظيفة وأهداف وأغراض المصلحة العامة أو المرافق العامة وليس بياناً أو تصريحاً إبداء الشكوى عما يتصل بأمر يتعلق شخصياً بالموظف العام في علاقته بالجهة الإدارية وحقوقه الخاصة به والمتعلقة بوظيفته ذاتها كما أن ما نشر في المجلة للطاعن لا يعد بداهة مما حظر الدستور والقانون إذاعته أو نشره من أسرار الدولة أو الجهات العامة فليس ذكر ما يعانيه العامل في أمر نفسه بجهة عمله من أحد رؤسائه في الإعلام مستهدفاً الحصول على الإنصاف ممن يملك ذلك أو توضيح موفقه كشخص عام وفنان كما هو الشأن في الطاعن مما لا يعد إفشاء لأحد أسرار وظيفته، خاصة وأنها وظيفة فنية لا تمس سراً عسكرياً أو اقتصادياً بمعني أنها لا تمس سراً بطبيعته أو بموجب تعليمات تقضي بذلك خاصة وأن الطاعن فنان موسيقى من حقه ومن واجبه بيان حقيقة موفقه بالنسبة لأدائه لفنه في خدمة الشعب وأسباب عدم بذل جهده وطاقته في هذا الخصوص والمعوقات التي يشكو منها وتمنعه من الأداء الكامل لكل طاقته لفنه لثقافة ومتعة مواطنيه الأمر الذي يرتب أن الطاعن السيد/....... بريء قانوناً من هذا الاتهام وحيث إنه عن الاتهام الثاني المنسوب إلى السيد المذكور والمتمثل في أنه قام بالعمل في الفرق الليلية (فرقة......) دون الحصول على ترخيص من السلطة المختصة، فإن القاعدة التي قررها المشرع في قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 هي أنه وفقاً لنص المادة (77/ 12) يحظر على العامل "أن يؤدي أعمالاً للغير بأجر أو مكافأة ولو في غير أوقات العمل الرسمية إلا بإذن من السلطة المختصة".
ومن حيث إن الثابت من أوراق التحقيق الذي أجرته النيابة الإدارية مع السيد/....... أن رئيس النيابة المحقق قد اطلع على الطلب المقدم من السيد المذكور إلى السيد مدير عام ورئيس إدارة الفنون للمسرح والموسيقى، المؤرخ 22/ 10/ 1979 متضمناً طلب الموافقة على مزاولة النشاط الفني في غير أوقات العمل الرسمية وعلى الطلب تأشيرة المقدم إليه بالموافقة. (صفحة 21 من التحقيقات).
ومن حيث إنه ليس في القانون أو غيره من القواعد التنظيمية ما يقضي بأن يكون تصريح جهة الإدارة للموظف بالعمل للغير في غير أوقات العمل الرسمية إذا صدر من السلطة المختصة غير محدد المدة موقوتاً بمدة سنة أو ما يقضي بسقوط ذلك التصريح بمجرد انقضاء مدة السنة على صدوره ومن ثم فإن الإذن الممنوح يكون إذناً مستمراً طالما لم يصدر قرار جديد من السلطة المختصة قانوناً بما يفيد إلغاء الترخيص السابق منحه إليه، ومن حيث إنه بالإضافة إلى ذلك فإن الثابت من الأوراق أن ذلك الترخيص لم يقيد الطاعن الأوراق أن ذلك بنوعية معينة من الأعمال الفنية يجوز له القيام بها في غير أوقات العمل الرسمية دون سواها كما لم يصدر مقيداً بعمل معين ومحدد لا يجوز له القيام بغيره بمقتضى هذا الإذن ومن ثم فإن معنى ذلك ومؤداه أن يكون للمرخص له أن يزاول كل ما لا يتعارض مع كرامة الوظيفة من الأعمال الفنية التي تتاح له مباشرتها وفقاً لظروف العمل الفنية والاقتصادية وذلك في غير أوقات العمل الرسمية ومن بينها العزف في الفرق الموسيقية والغنائية، طالما أنه لم يثبت في حقه إتيان ما يمس بكرامة الوظيفة التي يشغلها على نحو ما.
ومن حيث إن هذا ذاته هو ما انتهى إليه قضاء الحكم المطعون فيه ومن ثم فإنه في هذا الشق وافق صحيح حكم القانون مما يتعين معه رفض الطعن بالنسبة إليه وتأييده.
ومن حيث إنه فيما يختص بالمطعون ضده الثاني (.......) فالثابت من الأوراق أنه يعمل رئيساً للبيت الفني للموسيقى - وكيل وزارة - وقد نسب إليه تقرير الاتهام اتهامين.أولهما أنه صرف لنفسه مبلغ (590) جنيهاً دون وجه حق، وصرف لآخرين مبالغ أخرى دون وجه حق عن لجان وهمية دون أن يكون مختصاً. وثانيهما أنه أصدر قراراً بإلغاء ندب السيد/....... معتدياً على اختصاصات وكيل أول الوزارة الذي كان قد أصدر قرار ندبه. وقد صدر الحكم المطعون فيه ببراءة المطعون ضده الثاني من هذين الاتهامين.
ومن حيث إنه عن الاتهام الأول، المتمثل في أنه صرف لنفسه ولغيره مبالغ دون وجه حق، فقد ورد ذلك بتقرير هيئة الرقابة الإدارية المؤرخ في 18/ 7/ 1982 وأسفرت نتيجة فحص هذا التقرير عن صحة ما جاء به، وأكد ذلك ما شهد به السيد/....... المفتش بالبيت الفني للموسيقى.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه نص صراحة على إقرار المطعون ضده الثاني بأنه اعتمد المكافآت التي اقترحها المطعون ضده الثالث، إلا أن المحكمة التأديبية التي أصدرته قد أوردت أنها تطمئن إلى صحة دفاع المطعون ضده بأنه كفنان تنحصر مسئوليته الأساسية في قيادة الأوركسترا وليس مراقبة سلامة الصرف المالي.
ومن حيث إن هذا الذي ذهب إليه الحكم المطعون فيه غير سديد لأن القانون يستوجب فيمن يتولى المسئوليات الإشرافية والرئاسية في العمل الإداري أن يكون على دراية معقولة بالقواعد التشريعية والتنظيمية التي تحكم مساره بغض النظر عن التخصص الفني والعلمي لمن يتولى ابتداء إعداد هذا العمل من مرؤوسيه، ذلك أن الأغلب أن يكون مدير المستشفى من الأطباء، ومدير المصنع من المهندسين، ومدير المدرسة من المعلمين، وبرغم ذلك فكلهم مطالبون بمعرفة القواعد التنظيمية التي يتطلبها سير العمل حيث قد نص قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة في المادة (77) منه على أن "يحظر على العامل:
(1) مخالفة القواعد والأحكام المنصوص عليها في القوانين واللوائح المعمول بها.
(2) مخالفة الأحكام الخاصة بضبط الرقابة على تنفيذ الموازنة العامة. (3) مخالفة اللوائح والقوانين الخاصة بالمناقصات والمزايدات والمخازن والمشتريات وكافة القواعد المالية...".
ومقتضى حظر مخالفة القواعد والأحكام القانونية واللائحية المشار إليها التزام من يتولون تطبيق هذه القواعد والأحكام وبصفة خاصة الذين بحكم وظائفهم التي يقومون من خلالها بالإشراف والتوجيه لمرؤوسيهم يتعين عليهم مراجعة واعتماد ما يعرض عليهم بحكم اختصاصات وظائفهم الرئاسية أن يعملوا على الإحاطة بها أو الاستفسار عنها ومدى سلامة تطبيقها سواء من المتخصصين بالجهات التابعين لها أو من الإدارات القانونية والمالية المتخصصة فيها أو من جهات الرقابة المالية الخاصة أو من إدارات الفتوى بمجلس الدولة وذلك قبل التوقيع أو قبل الاعتماد للأوراق والمستندات ذات الطبيعة المالية وإلا كانوا مسئولين عما تنطوي عليه هذه الأوراق والمستندات من مخالفات ولا شك أن أي رئيس إداري يوقع أو يعتمد تلك الأوراق لا يمكن أن يتنصل من هذه المسئولية بنوعية التأهيل الفني أو العمل الفني الذي يؤديه وبصفة خاصة لو كان ما يعتمده أو يوقعه من أوراق يتعلق بصرف مبالغ من الخزانة العامة لنفسه فضلاً عن مرؤوسيه.
ومن حيث إن المطعون ضده الثاني لم ينف عن نفسه أنه قد قام بإقرار وصرف مكافآت غير مستحقة لنفسه ولغيره من العاملين تحت رئاسته رغم مخالفة ذلك القانون ونفى فقط مسئوليته عن الإحاطة بالقواعد المالية الواجبة التطبيق، وهو ادعاء ودفاع غير مقبول من المطعون ضده المذكور لأنه قد استخدم سلطته لصرف مبالغ لنفسه ولغيره من مرؤوسيه مدعياً أنه لا يعرف القواعد المنظمة للصرف بينما هو يشغل منصب وكيل للوزارة ويتولى بمقتضى ذلك مسئوليات إدارية ورئاسية وإشرافية واسعة لابد أن يكون مؤهلاً لأداء واجباته في هذه الوظيفة أياً كانت ثقافته العلمية أو الفنية وإلا وجب عليه أن يتنحى عن هذا الموقع لمن يكن أقدر منه على الإلمام بما يستوجب القانون والتنظيم الإداري ومقتضيات حسن الإدارة الإلمام به من قواعد قانونية ولائحية وتنظيمية وبصفة خاصة تلك التي لها طبيعة مالية والالتزام بما تتضمنه من أحكام عكسية من أداء واجبات الإشراف والرقابة والمتابعة على نحو سليم يحقق الصالح العام والحفاظ على الأموال العامة.
ومن حيث إن مؤدى ما تقدم وجب به إلغاء الحكم الطعنين فيما ذهب إليه بالمخالفة لصحيح حكم القانون في هذا الشأن بالنسبة للمطعون ضده الثاني (.........) مع القضاء بمجازاة المطعون ضده المذكور عن الاتهام الأول المنسوب إليه لمسئوليته التأديبية عما يثبت قبله من أفعال مكونة لهذا الاتهام وذلك بعقوبة (التنبيه).
ومن حيث إنه عن الاتهام الثاني، المنسوب إلى (.........) المطعون ضده الثاني، والمتمثل في أنه قد أصدر قراراً بإلغاء ندب السيد/........ معتدياً على اختصاصات وكيل أول الوزارة الذي كان قد أصدر قرار ندبه، فقد صدر الحكم المطعون فيه ببراءة المطعون ضده المذكور من هذا الاتهام مستنداً إلى أن الثابت من الأوراق أن المذكور هو ذاته الذي أصدر قرار الندب لدخول إصداره في اختصاصات وظيفته ومن ثم يكون المطعون ضده المذكور صاحب الحق قانوناً في إصدار قرار إلغائه، ومن ثم يتعين رفض الطعن في الحكم المذكور في هذا الشق منه وتأييده فيما قضى به في هذا الشق منه.
ومن حيث إنه في شأن المطعون ضدهم الثالث والرابعة والخامسة (......) و(......) و(.......) على التوالي فقد كان أولهم مدير عام الشئون المالية والإدارية بالبيت الفني للموسيقى، وثانيتهم مديرة مكتب رئيس البيت ومديرة المشتريات. درجة ثانية، وثالثتهم رئيسه رابعة بالبيت الفني. وقد أقام الحكم المطعون فيه قضاءه ببراءتهم على أنه لا تثريب عليهم إذ قاموا بإعداد مذكرات الصرف لما يقابل الجهود التي اعتبرت غير عادية من مكافآت مالية حتى ولو كان متعلقاً بمندوبي وزارة المالية ولأن المنشورات المالية الصادرة بحظر صرف مكافآت لممثلي وزارة المالية بغير موافقتها تخاطب رجال المالية وليست موجهة إلى الجهات الإدارية الأخرى.
ومن حيث إن منشوري وزارة المالية رقمي 1، 10 لسنة 1980 قد تم إبلاغهما لجميع الجهات الإدارية المتعاملة مع مندوبي وزارة المالية. وقد نص المنشور رقم (1) على أنه (تقرر أن يكون إثابة العاملين بقطاع الحسابات والمديريات المالية الذين يعملون بالمديريات المالية والوحدات الحسابية التابعة لها وكذلك الوحدات الحسابية بالهيئات العامة والأجهزة المستقلة عن طريق وزارة المالية التي أدرجت المبالغ اللازمة، لهذه الإثابة في مشروع موازنة العام التالي 1980. لذلك فقد تقرر حظر صرف أية مكافآت تشجيعية لهم من الجهات التي يعملون بها، أما فيما يتعلق بالجهود غير العادية، فإذا كان العمل بالجهات المذكورة يقتضي استمرار مندوبي القطاع في العمل بعد ساعات العمل الرسمية فلا مانع لدى هذه الوزارة من صرف التعويض عن تلك الجهود بشرط الحصول على الترخيص اللازم مسبقاً من السيد وكيل الوزارة لشئون حسابات الحكومة أو السيد وكيل الوزارة لشئون المديريات المالية كل في اختصاصاته).
كما نص المنشور رقم (10) لسنة 1980 على استثناء بعض أنواع المكافآت من الحظر المنصوص عليه في المنشور رقم (1) سالف الذكر، على ألا يتم صرف هذه المكافآت إلا بعد الحصول على الترخيص اللازم مسبقاً من السيد وكيل الوزارة لشئون حسابات الحكومة أو السيد وكيل الوزارة لشئون المديريات المالية كل في اختصاصه مع عدم الإخلال بما جاء بالمنشور رقم (1) لسنة 1980 فيما يتعلق بالجهود غير العادية. ومن حيث إن المنشورين المشار إليهما واجبا الإعمال في شأن مندوبي المالية من جانب سائر الجهات الإدارية المتعاملة مع هؤلاء المندوبين، فقد كان واجب المطعون ضدهم المشار إليهم تضمين مذكراتهم طلب صرف مكافآت لهؤلاء المندوبين لما في هذا الصرف من مخالفة للمنشورين المشار إليهما من ناحية، ولما ترتب على هذا الصرف من خلل إداري من ناحية أخرى ذلك الخلل الذي اتضح بجلاء من كتاب وكيل الوزارة لشئون الأمن بالمجلس الأعلى للثقافة الموجه إلى وزارة المالية والذي تضمن وجود تجاوزات في صرف المكافآت للسادة مندوبي وزارة المالية للبيوت الفنية وكان لذلك أثر في السماح بمخالفات مالية لهذه البيوت في الصرف. أي أن المطعون ضدهم المشار إليهم قد مكنوا صرف المكافآت دون وجه حق لأنفسهم من خلال ما اقترفوه من صرف مكافآت دون وجه حق لمندوبي المالية المتعاملين معهم.
ومن حيث إن هذا الذي ثبت في حق المطعون ضدهم الثالث والرابعة والخامسة يشكل في حقهم جريمة تأديبية فإنه يكون بناء على ذلك من الواجب معاقبتهم تأديبياً عما اقترفوه من أفعال مؤثمة على النحو السالف الذكر وبناء على ذلك يتعين إلغاء الحكم المطعون فيه في هذا الشق منه ومجازاة المطعون ضدهم المذكورين بالجزاء المناسب وهو ما تقدره المحكمة بالتنبيه بالنسبة للمطعون ضده الثالث بصفته من شاغلي الوظائف العليا وبعقوبة الخصم خمسة أيام من الأجر بالنسبة للمطعون ضدهما الرابعة والخامسة.
ومن حيث إنه فيما يختص بالمطعون ضدهم من السادس حتى العاشر وهم (.......) و(........) و(........) و(........) و(........) فإن الحكم المطعون فيه قد قضى ببراءتهم بعد أن أثبت وقوع الاتهام المنسوب إلى كل منهم وهو أنهم صرفوا مبالغ دون وجه حق، رغم أنهم من مندوبي وزارة المالية المحظور عليهم تقاضي مكافآت من الجهات الإدارية التي يعملون بها إلا بإذن مسبق من وزارة المالية ولم يثبت أنهم سبق حصولهم عليه قبل صرف تلك المبالغ.
ومن حيث إن تحريات الرقابة الإدارية كانت قد انتهت إلى أن صرف هذه المبالغ كان بدون وجه حق وقد تأيد هذا بما ورد بالمذكرات المرفوعة من السيد المشرف على قطاعي الحسابات والمديريات المالية بالجهة الإدارية التي يعملون بها والتي تضمنت أن اللجان التي صرفوا عنها المكافآت شكلت بطريقة وهمية عن أعمال هي من صميم عمل الوحدة الحسابية الأساسي ولا محل بالتالي لصرف مكافآت عن هذه الأعمال.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد ذهب إلى أنه بناء على أنه قد صدر قرار بنقل المطعون ضدهم سالفي الذكر من مقار أعمالهم إلى أعمال أخرى في أعقاب الصرف المخالف للقانون وهو ما ينطوي على جزاء مقنع وأنه تكتفي به المحكمة التأديبية بالنسبة إليهم جزاء عما تضمن الحكم صحة نسبه إليهم من اتهامات.
ومن حيث إن ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه على هذا النحو لا أساس له من القانون أو المبادئ العامة للنظام التأديبي لأن المسلم به في الفقه والقضاء الإداريين أن الجزاء التأديبي المقنع جزاء غير مشروع وأنه إذا ثبت أن قرار نقل العامل كان مقصوداً به مجازاته تأديبياً عن خطأ تأديبي وقع منه فإن هذا القرار يكون واجب الإلغاء، وذلك لأن نقل العاملين لم يشرع من أجل اتخاذه وسيلة لمجازات العامل المخطئ وإنما لاتخاذه وسيلة لتحقيق أفضل إدارة للمرافق العامة على أحسن وجه، وعلى هذا الأساس فإنه لا يجوز القول بصحة ما ذهب إليه الحكم الطعين من أن النقل كجزاء مقنع يغني عن مجازاة المطعون ضدهم عما هو ثابت قبلهم بدلاً من العقوبات التأديبية التي قررها المشرع على سبيل الحصر في المادة (80) من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة سالف الذكر - والتي تبدأ بالإنذار وتنتهي بالفصل من الخدمة والتي قدم الطاعنون من قبل بمعرفة النيابة الإدارية إلى المحكمة التأديبية لتمارس ولايتها كسلطة قضائية عقابية تأديبية في اختيار ما تراه من هذه الجزاءات لتوقيعه على من تدينه من الطاعنين فيما هو منسوب إليه على نحو يتناسب مع ما هو مدان فيه ولا شأن لما يكون قد عانى منه الطاعنون من إجراءات باشرتها السلطة الإدارية بالمخالفة للقانون أو بالمطابقة لأحكامه سواء تعتبر جزاء مقنع أو بمناسبة ما نسب إلى المطعون ضدهم من اتهامات في رفع المسئولية التأديبية عنهم أو تحصينهم في العقوبة التأديبية الشرعية المناسبة برغم أن تلك الجزاءات تشكل مانعاً قانونياً من معاقبتهم تأديبياً رغم إدانتهم إذ أن للمطعون ضدهم اللجوء إلى أساليب التظلم والرقابة القضائية لما يكون قد تم كجزاء مقنع أو غير ذلك بينما يتعين أن تباشر المحكمة التأديبية ولايتها وسلطتها في توقيع الجزاء المناسب عما يثبت قبل من يقدم للمحاكمة التأديبية أمامها وبناء على ذلك فإنه طالما ثبت في حق المطعون ضدهم المشار إليهم المخالفة التأديبية الموجبة للجزاء التأديبي فإنه كان يتعين الحكم بمجازاتهم تأديبياً بإحدى العقوبات التأديبية القانونية الواردة في المادة (80) سالفة الذكر حيث لا تملك المحكمة التأديبية قانوناً الامتناع عن توقيع العقاب التأديبي المناسب بعد أن أقرت بحكمها بمسئوليتهم تأديبياً عن الأفعال المنسوبة إليهم برغم سبق معاناتهم من إجراءات تكيفها كعقاب تأديبي مقنع باشرته جهة الإدارة على غير سند من القانون - وإن كانت تملك إدخال ما عاناه المتهمون من إجراءات إدارية غير شرعية أو غيرها فيما تقدره المحكمة التأديبية من جزاء مناسب لما اقترفوه من جرائم تأديبية على نحو لا يتحقق معه الغلو في العقاب وفي ذات الوقت فإنه لا يجوز قانوناً للمحكمة التأديبية الغلو في التحقيق الذي لا يتناسب على الإطلاق مع خطورة الجريمة التأديبية أو الامتناع عن توقيع أية عقوبة عمن تدينه بذات الحكم التأديبي عن الأفعال المخالفة المنسوبة إليه ومن ثم فإنه يتعين إلغاء الحكم المطعون فيه فيما ورد به في الشق الخاص بالمطعون ضدهم المذكورين آنفاً (.......، .........، .......، .........، ........، ........) ومجازاة كل منهم بخصم خمسة أيام من أجره.
ومن حيث إنه في خصوص المطعون ضدهما الحادية عشر والثانية عشر (..........، ........) فإن المنسوب إليهما أنهما أهملتا القيد في دفاتر (129 ع. ح) الخاصة بالبنوك وبعض العاملين بالبيت الفني للموسيقى فإنه حيث أنه لم يرد بالتحقيقات إنكار المطعون ضدهما لهذا الاتهام، وإنما ورد ما يفيد الإقرار بحدوث وقائعه مع الاعتذار بحداثة العهد بالخدمة وقد انتهى الحكم المطعون فيه إلى براءتهما تأسيساً على حداثة عهدهما بالعمل وعلى أساس أن الذنب المسند إليهما لا يرقى إلى مستوى الذنوب الموجبة للتأديب والتي تقوم أساساً على الانحراف أو سوء القصد أو الخطأ أو الإهمال الجسيم.
ومن حيث إن هذا الذي ذهب إليه الحكم المطعون فيه لا سند له من القانون لأن حداثة العهد بالخدمة وأن بررت التخفيف عند العقوبة التأديبية إذا كان ما نسب للمتهم قد وقع بغير قصد وبحسن نية إلا أنها لا تصلح لأن تكون مانعاً من موانع المسئولية التأديبية أو العقاب التأديبي، خاصة وأن حداثة العهد بالخدمة تستتبع بساطة نوعية الواجبات الوظيفية بما يتناسب وقدرة العامل حديث العهد بالخدمة، وإمكانياته وحدود خبرته ومعلوماته ويفترض طبقاً لمقتضيات التنظيم الإداري للعمل بالجهة الإدارية الملحق العامل بها وجود زملاء أقدم ورؤساء يمكنهم إذا لجأ إليهم توجيهه إلى الأداء السليم لواجباته دون خطأ أو مخالفة تتحرك بمقتضاها مسئوليته التأديبية كذلك فإنه لا يصح ما ذهب إليه الحكم الطعين من أن الذنب المسند إلى المطعون ضدهما لا يرقى إلى مستوى الذنوب الموجبة للتأديب، ذلك أن كل خروج على واجب وظيفي إيجاباً أو سلباً يشكل بالضرورة قانوناً جريمة أو مخالفة تأديبية تستوجب الجزاء والعقاب التأديبي الذي يتناسب وجسامتها وأهميتها وذلك بمراعاة الظروف والملابسات الموضوعية الثابتة عند وقوعها، وقد راعى الشارع في تدرج الجزاءات التأديبية أن يتدرج في تحديدها على نحو يتيسر معه للسلطة التأديبية اختيار الجزاء المناسب للفعل التأديبي بحسب جسامته فجعل في مقدمتها عقوبة الإنذار وهى عقوبة يمكن للمحكمة التأديبية توقيعها إذا ما قدرت أن المخالفة التأديبية من البساطة بحيث لا تستوجب ما يزيد عليها. فالمحكمة التأديبية كسلطة عقاب تأديبي قضائي يتعين عليها قانوناً في جميع الأحوال التي تدين فيها المتهم عن مخالفة تأديبية توقيع العقوبة التأديبية المناسبة على المحاكمة التأديبية أمامها.
ومن حيث إنه لما سلف جميعه فإن المحكمة تفضل معاقبة كل من المطعون ضدهم......... و........ بخصم خمسة أيام من أجر كل منهم.
ومن حيث إنه فيما يتعلق بالمطعون ضدها الثالثة عشر (.......) مراقبة الحسابات بقطاع المسرح. فإن المنسوب إليها أنها أهملت في المحافظة على عهدتها مما ترتب عليه الاستدلال على الدفتر (129 ع. ح) الخاص بمكافآت العاملين بوزارة المالية فقد استند الحكم المطعون فيه للقول ببراءتها إلى أن هذا الدفتر كان محل تداول أكثر من يد بمناسبة التفتيش على أعمال البيت الفني التي فقد فيها.
ومن حيث إن هذا الاستناد غير صحيح فالدفتر المذكور عهدتها الشخصية بحكم وظيفتها وهو دفتر من الدفاتر ذات الأهمية الخاصة باعتباره من الدفاتر الخاص بالشئون المالية ومن ثم فقد كان يتعين عليها المحافظة عليه باعتباره عهدتها الشخصية وعدم تركه خارج حيازتها وسيطرتها القانونية والفعلية إلا بنقل المسئولية عنه بدليل كتابي حسب مقتضيات نظام العمل ووفقاً للتعليمات والأنظمة المقررة لنقل العهدة بالنسبة للدفاتر والمستندات بين العاملين ومن أظهر وأبسط واجبات العامل في هذا الخصوص ألا تنتقل عهدته في الدفاتر والمستندات إلى غيره إلا بناء على إشراف السلطة الرئاسية أو بناء على أوامرها العقابية وأن يتم التسليم بإيصال كتابي ومن ثم فقد كان يتعين على المطعون ضدها تسليم هذا الدفتر لمن يتسلمه منها مقابل إيصال، أو أن تتابع الدفتر تحت سيطرتها وبصرها ومراقبتها عند الاطلاع بحسب مقتضيات العمل على محتوياته من غيرها لأن هذا الدفتر كان عهدتها الشخصية التي تليها واجب المحافظة عليها، ومن ثم فلا يقبل قانوناً لإخلاء مسئوليتها القول بأن تنقل الدفتر من يد إلى يد قد أدى لفقدانه لأن هذا الادعاء يعني أنها قد غفلت عن عهدتها الشخصية ولم تنقلها إلى غيرها بناء على نظام العمل ومقتضياته بدليل تسليم كتابي صادر ممن يتسلم منها تحت إشراف رئاستها الأمر الذي يعد تقصيراً وجريمة تأديبية فيما يرتب مسئوليتها التأديبية ويوجب مجازاتها بالجزاء المناسب لما وقع منها.
ومن حيث إن الحكم قد ذهب إلى خلاف هذا النظر فإنه يكون واجب الإلغاء ويتعين مجازاة المطعون ضدها المذكورة بالجزاء المناسب الذي تقدره المحكمة بخصم عشرة أيام من أجرها ومن حيث إن الطعن في أحكام المحاكم التأديبية معفي من الرسوم بصريح نص المادة (90) من نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعنين شكلاً، وفي الموضوع (أولاً) بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به بالنسبة (1) السيد/....... وبراءته مما نسب إليه، (2) كل من السيدين/........ و....... ومجازاة كل منهما بعقوبة التنبيه، (3) كل من السيدات والسادة/....... و....... و....... و...... و...... و...... و...... ومجازاتهم بخصم أجر خمسة أيام من كل منهم. (4)........ ومجازاتها بخصم أجر عشرة أيام. (ثانياً) وبرفض الطعن وتأييد الحكم المطعن فيه فيما عدا ما ورد في (أولاً).


[(1)] يراجع الحكم الصادر في الطعن رقم 2000 لسنة 30 بجلسة 13/ 5/ 1989.