مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة أحكام المحكمة الإدارية العليا
السنة الرابعة والثلاثون - الجزء الثاني (من أول مارس سنة 1989 إلى آخر سبتمبر سنة 1989) - صـ 800

(113)
جلسة 28 من مارس سنة 1989

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ عبد الفتاح محمد إبراهيم صقر - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة/ حنا ناشد مينا حنا ورأفت محمد السيد يوسف والدكتور محمد عبد السلام مخلص وكمال زكي عبد الرحمن اللمعي - المستشارين.

الطعن رقم 2580 لسنة 33 القضائية

عقد إداري - تنفيذه - جزاء إخلال المتعاقد بالتزامه بالضمان - مصادرة خطاب الضمان - يتحدد التزام المتعاقد بالضمان تبعاً لمدة الضمان المحددة بالعقد - تدور مدة الضمان وجوداً وعدماً مع مدة سريان العقد فلا تنتهي إلا بانتهاء المدة المحددة لتمام تنفيذه بما فيها الامتداد الذي اتفق عليها الطرفان عند تعديل العقد - إخلال المتعاقد بهذا الالتزام يستوجب مصادرة خطاب الضمان - تطبيق.


إجراءات الطعن

بتاريخ 21/ 6/ 1987 أودع الأستاذ......... المحامي بصفته وكيلاً عن رئيس جامعة أسيوط بصفته. قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريراً بالطعن قيد برقم 2580 لسنة 33 ق. عليا في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري دائرة العقود الإدارية والتعويضات بجلسة 12/ 4/ 1987 في الدعوى رقم 1603 لسنة 40 ق المقامة من المطعون ضده ضد الطاعن والقاضي بإلزام المدعى عليه بصفته بأن يدفع للشركة المدعية مبلغ 46085 مارك ألماني وفوائده القانونية بواقع 4% سنوياً من تاريخ المطالبة القضائية الحاصلة في 13/ 1/ 1986. حتى تمام السداد والمصروفات.
وطلب الطاعن للأسباب المبينة بتقرير الطعن الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه، وفي الموضوع بإلغائه وبعدم أحقية الشركة المطعون ضدها في استرداد خطاب الضمان الذي صادرته جامعة أسيوط لإخلال الشركة بالتزاماتها ورفض الطلبات المقامة بها الدعوى 1603 لسنة 40 ق وما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام الشركة المطعون ضدها بالمصروفات. ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين.
وأعلن الطعن إلى المطعون ضده.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً مسبباً بالرأي القانون ارتأت فيه قبول الطعن شكلاً، ورفض طلب وقف التنفيذ وإلزام جامعة أسيوط مصروفات هذا الطلب، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، ورفض الدعوى وإلزام الشركة المطعون ضدها المصروفات.
وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون فقررت إحالته إلى المحكمة الإدارية العليا - الدائرة الثالثة والتي نظرته على النحو المبين بمحاضر الجلسات، وبجلسة 28/ 3/ 1989 وبعد سماع إيضاحات ذوي الشأن قررت إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذا النزاع تتحصل حسبما يبين من الأوراق في أن الشركة المدعية (المطعون ضده) أقامت الدعوى رقم 1603 سنة 40 ق بعريضة مودعة قلم كتاب محكمة القضاء الإداري في 13/ 1/ 1989. وطلبت في ختامها الحكم بإلزام المدعى عليه الطاعن بأن يدفع لها مبلغ 48500 مارك ألماني وفوائد التأخير بواقع 5% سنوياً من تاريخ الاستحقاق الحاصل في 17/ 12/ 1983 حتى تمام السداد والمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة. وقالت شرحاً لذلك أنه بموجب عقد توريد وتركيب وتشغيل صيانة أجهزة الاتفاق بينها وبين جامعة أسيوط على بيع أجهزة أشعة للتحاليل الدقيقة من الشركة المدعية للجامعة بعد قبول العطاء المقدم منها في المناقصة العامة المعلن عنها في هذا الشأن. ونص البند الأول من العقد على أن تقوم الشركة باستيراد وتوريد وتركيب وتشغيل وصيانة وضمان الجهاز المتفق عليه والموضحة أوصافه بالفوائد مقابل قيمة إجمالية 48500 مارك ألماني على أن يتم السداد بنظام التوريد الذي تقضي بسداد 20% من الثمن وقدره (97 ألف مارك ألماني) نقداً مقابل سندات الشحن والباقي وقدره (288ألف مارك ألماني) يسدد على أربعة أقساط نصف سنوية بفائدة 7% سنوياً بكمبيالات تستحق الدفع في 5/ 11/ 1983، 5/ 6/ 1984، 5/ 6/ 1985 مقبولة الدفع على البنك الأهلي المصري واتفق في البند الثالث من العقد على أن تقوم الشركة خلال عشرة أيام من إخطارها بقبول العطاء بإيداع تأمين نهائي قدره 1.5% (48500 مارك ألماني) خزينة الجامعة ضماناً لتنفيذ شروط العقد وتحتفظ به الجامعة لحين تنفيذ العقد بصفة نهائية طبقاً للشروط، وتعهدت الشركة بتوريد الجهاز وتركيبه وتشغيله وصيانته وضمانه وتدريب أحد العاملين بالجامعة على تشغيله بالخارج في خلال ستة أشهر من تاريخ فتح الاعتماد المستندي واتفق على أن مدة العقد سنة وثمانية شهور وثمانية عشر يوماً تبدأ من 12/ 10/ 1982 وتنتهي في 30/ 6/ 1983، وبتاريخ 14/ 10/ 1982 تسلمت الشركة أمر التوريد وقدمت في 6/ 10/ 1982 خطاب الضمان النهائي رقم أ / 55671/ 600/ 5858055/ 5 بمبلغ 48500 مارك ألماني يسري مفعوله حتى 30/ 6/ 1983 وأضافت الشركة قائلة أنه بمجرد توقيع العقد بادرت في 5/ 11/ 1982 بمطالبة الجامعة بترشيح من يتولى تشغيل الجهاز وتحديد الموعد الذي تراه لسفره إلى ألمانيا، كما قامت في 5/ 6/ 1983 بشحن الجهاز وملحقاته وأرسلت صورة مستندات الشحن في 14/ 6/ 1983 إلى الجامعة لتقوم بالتخليص عليه من جمرك المطار ثم طلبت في 6/ 9/ 1983 من الجامعة ضرورة سحب الجهاز من المطار حتى لا يتعرض للتلف نتيجة التخزين مدة طويلة في ظروف غير ملائمة. وبتاريخ 7/ 12/ 1983 قام مهندس الشركة يرافقه مهندس مصري بتركيب الجهاز وتشغيله وتدرب على التشغيل أربعة من أعضاء هيئة التدريس بكلية العلوم واستطردت الشركة قائلة أنها طلبت بتاريخ 21/ 5/ 1984 رد خطاب الضمان النهائي بعد أن تم التوريد والتركيب والتشغيل إلا أن الجامعة أرسلت إليها في 28/ 2/ 1985 تطلب إبقاء مندوب حتى تشغيل الجهاز حيث لم يتم تشغيله لأسباب فنية وإلا قامت بمصادرة قيمة خطاب الضمان فأوفدت الشركة في 20/ 3/ 1985 مندوبها الذي التقى برئيس الجامعة ونائبه ورئيس قسم الطبيعة بكلية العلوم وأسفر اللقاء على موافقة الشركة على سفر مندوبين فنيين إلى هولندا وألمانيا بدلاً من مندوب واحد وذلك لمدة 15 يوماً وأن تتحمل الشركة مصاريف السفر والإقامة، كما وافقت على زيادة مدة الضمان للجهاز سنة جديدة تبدأ من 21/ 3/ 1985 بدون مقابل، إلا أن الشركة فوجئت في 28/ 3/ 1985 بأن البنك الأهلي المصري، يطالب بنك دوييش الألماني بمصادرة خطاب الضمان دون تبرير منطقي لهذا الطلب، وبالرغم من قيامها بتنفيذ كافة التزاماتها العقدية، وخلصت الشركة إلى طلب الحكم بطلباتها سالفة البيان.
وبجلسة 12/ 4/ 1987. حكمت المحكمة بإلزام جامعة أسيوط بأن تدفع للشركة ما يعادل مبلغ 46085 مارك ألماني وفوائده القانونية بواقع 4% سنوياً من تاريخ المطالبة القضائية الحاصلة في 13/ 1/ 1983 حتى تمام السداد والمصروفات.
وشيدت المحكمة قضاءها على أن الشركة أوفت بالتزاماتها في خصوص توريد وتركيب وتشغيل الجهاز حيث لا نزاع بين الطرفين على أن التشغيل تم بتاريخ 7/ 12/ 1983 ومع ذلك قامت الجامعة بمصادرة خطاب الضمان الذي كانت الشركة قد قدمته تأميناً نهائياً عن العملية بقيمة 48500 مارك ألماني بمقولة أن قسم الطبيعة بكلية العلوم أفاد بأن الجهاز لم يتم تشغيله لأسباب فنية. وأنه في تاريخ مصادرة خطاب الضمان كانت قد انتهت مدة الصيانة المتفق عليها وهي سنة كاملة من ابتداء التشغيل ولم يثبت من الأوراق أن طرفي الخصومة قد أبرما عقداً جديداً في هذا الخصوص يستتبع إلزام الشركة بالصيانة بمقابل يتفق عليه بينهما. وكذلك كانت مدة العقد قد انتهت وفقاً للتحديد الوارد بالعقد الخامس. ومن ثم فليس ثمة تقصير يسوغ نسبته إلى الشركة على نحو يستوجب مصادرة خطاب الضمان، وأنه فيما استندت إليه الجامعة في مذكرة دفاعها من أن الشركة طولبت في 20/ 2/ 1986 وما بعده بإجراء بعض الإصلاحات فلم تمتثل لذلك وأن العبرة في وزن مدى مشروعية مصادرة خطاب الضمان كجزاء تملك جهة الإدارة توقعيه على المتعاقد معها إذا ما أخل بأي من التزاماته الجوهرية بقيام السبب المبرر لهذا الإجراء قبل توقيع الجزاء وليس بعد توقيعه، فضلاً عن أن الثابت من نصوص العقد أن الالتزام بالضمان لم تحدد له مدة ومن ثم يدور وجوداً وعدماً مع سريان العقد فينقضي الالتزام بانتهاء المدة المتفق عليها لسريانه.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أسباب حاصلها بأن (1) مخالفة الحكم للواقع والقانون ذلك أن تشغيل الجهاز وإن كان قد تم في 17/ 12/ 1983 وأن الصيانة وفقاً لنصوص العقد تكون لمدة سنة واحدة، إلا أن الانتهاء من التشغيل لم ينته في ذلك التاريخ، كما أن بداية التشغيل قد كشفت عن أن الجهاز به بعض الأعطال الفنية في قطع التيار واللتابوم الخاص بالجهاز، وقد تعهد مندوب الشركة بعد حضوره إلى جامعة أسيوط في 20/ 3/ 1985 وبعد اطلاعه على تقرير لجنة الفحص بالتدريب والضمان لمدة سنة تنتهي في 20/ 3/ 1985 ومن ثم فإنه في تاريخ مصادرة خطاب الضمان لم تكن مدة الصيانة قد انقضت. (2) أن الشركة قد تعهدت بالتدريب والضمان لمدة سنة تنتهي في 20/ 3/ 1986. وقد أفاد تقرير قسم الطبيعة بكلية العلوم جامعة أسيوط أن الشركة المطعون ضدها لم تستكمل تركيب الجهاز كما أنها لم تدرب الفنيين على التشغيل كما أفاد في 20/ 2/ 1986 وقبل انتهاء فترة الضمان الذي قامت الشركة بمده لوجود الأعطال بدائرة التبريد بالجهاز المذكور وأن الشركة المطعون ضدها لم تعارض أي من ذلك ولم تنكر تعهدها أو تناقضه. (3) أن الهدف من تقديم خطاب الضمان هو ضمان تنفيذ العملية محل العقد ولما كان الثابت أن القيمة لم تنفذ خلال المدة المحددة ومن ثم فإن مصادرة خطاب الضمان تكون استعمالاً للجامعة في حقها.
وبالنسبة لطلب وقف التنفيذ فإن الاستمرار في تنفيذ الحكم نتائج يتعذر تداركها فيما لو قضى بإلغائه باعتبار أن الشركة المطعون ضدها أجنبية ويتعذر رد أي مبلغ يصرف لها.
ومن حيث إنه يبين من الاطلاع على ملف العملية أن الجهاز محل التعاقد وجدت به الأعطال في دائرة التبريد. وقد قامت الجامعة بإخطار الشركة برقياً لسرعة إيفاد مندوب لإنهاء أعمال الإصلاح حسب الثابت من صور البرقيات المرفقة بحافظة مستندات الجامعة والمرسلة بتاريخ 10/ 2/ 1986، 21/ 2/ 1986، 4/ 3/ 1986.
ومن حيث إن الجامعة كانت قد أعدت تقريراً اشتمل على العيوب الموجودة بالجهاز، وقد أطلع عليه مندوب الشركة الفني الذي حضر إلى الجامعة في 20/ 3/ 1985، وتعهد بمد فترة الضمان لمدة سنة أخرى، وقد حررت صيغة هذا التعهد على النحو التالي.
أتعهد أنا..... وكيل شركة أدولف ايريك الألمانية بقيمة تشغيل الجهاز والمورد بمعرفتنا لجامعة أسيوط لمعمل المركز لمدة سنة من تاريخ هذا الخطاب (20/ 3/ 1985) وفي حالة حدوث عطل خلال هذه الفترة نتعهد بإرسال مندوبين عنا لإصلاحه خلال أسبوع من إخطارنا.
ومن حيث إنه ولئن كانت مدة الضمان محددة نصاً في العقد على النحو المقيد آنفاً في نصوصه إلا أنها تدور وجوداً وعدماً مع مدة سريانه فلا تنتهي إلا بانتهاء المدة المحددة لتمام تنفيذه ومن الواضح أن الضمان قد أمتد بموجب هذا التعهد في لمدة سنة من تاريخه الذي يعد تعديلاً للعقد قدمته الشركة المطعون ضدها بعد اطلاع مندوبها أو وكيلها على تقرير لجنة الفحص والتدريب وبطبيعة الحال بعد اقتناعه لما ورد به من عيوب موجودة بالجهاز وبذلك فإن مدة التأمين تمتد باتفاق طرفي العقد، إلى سنة تالية لتاريخ قيد التعهد من جانب الشركة بامتداد مدته.
ومن حيث إن الجامعة قد أرسلت عدة برقيات على النحو السالف ذكره تطلب فيها تطبيق التعهد بالضمان وتنبه إلى العيوب الموجودة بالجهاز ولكن الشركة المطعون ضدها لم تستجيب لها ولم تنفذ ما تعهد به وكيلها، فمن ثم يكون ركن التقصير ثابتاً في حقها بما يتيح للجامعة أن تقوم بمصادرة خطاب الضمان والذي تم قبل انتهاء فترة الضمان في 19/ 3/ 1986 وباعتبار أن خطاب الضمان هو ضمان لحسن تنفيذ العقد خاصة وإذا وضع في الاعتبار إخلال المتعاقد بالتزاماته في الدعوى الماثلة، ومن ثم تكون جهة الإدارة قد استعملت سلطتها التقديرية دون تعسف في استعمال ذلك الحق.
ومن حيث إنه متى كان ما تقدم، فإن مصادرة خطاب الضمان وهو الإجراء الذي قامت به الجامعة يعد استعمالاً لحقها المنصوص عليه في العقد ولقيام موجبة ويكون بهذه المثابة صحيحاً وقائماً على سببه الذي يسوغه في الواقع وفي القانون وخلال الأجل المحدد له، فهو على هذا الأساس في محله ولا أساس تبعاً لذلك للدعوى بطلب إلغائه واسترداد قيمته.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد ذهب إلى غير هذا المذهب فإنه يكون باطلاً جديراً بالإلغاء مع تحميل الشركة المطعون ضدها المصروفات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه ورفض الدعوى وألزمت المطعون ضده المصروفات.