مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة أحكام المحكمة الإدارية العليا
السنة الرابعة والثلاثون - الجزء الثاني (من أول مارس سنة 1989 إلى آخر سبتمبر سنة 1989) - صـ 847

(121)
جلسة 9 من إبريل سنة 1989

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ نبيل أحمد سعيد - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة/ محمد محمود الدكروري ومحمد يسري زين العابدين وعادل لطفي عثمان والسيد محمد السيد الطحان - المستشارين.

الطعن رقم 560 لسنة 31 القضائية

تعويض - دعوى التعويض - (دعوى الإلغاء).
من حق  المدعي الذي فوت على نفسه ميعاد الطعن أن يطالب بالتعويض عما لحق به من ضرر بسبب القرار الخاطئ الذي صدر مخالفاً للقانون - تطبيق.


إجراءات الطعن

بتاريخ 13/ 1/ 1985 أودع الأستاذ........ المحامي بصفته وكيلاً عن السيد/....... قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها برقم 560 لسنة 31 القضائية في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بتاريخ 22/ 11/ 1984 في الدعوى رقم 3398 لسنة 36 القضائية المقامة من الطاعن ضد وزير الثقافة بصفته الرئيس الأعلى للبيوت الفنية، والذي قضى بإثبات ترك الخصومة في الدعوى بالنسبة للقرار رقم 536 لسنة 1978 وبعدم قبول الدعوى شكلاً بالنسبة إلى القرار رقم 4 لسنة 1981 ورفض طلب التعويض وإلزام المدعي المصروفات. وطلب الطاعن للأسباب الواردة بتقرير الطعن قبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري، مع إلغاء القرار رقم 4 لسنة 1981 فيما تضمنه من تخطي المدعي للدرجة الأولى والتعويض مع إلزام الجهة الإدارية المصروفات عن درجتي التقاضي.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً مسبباً ارتأت فيه قبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء بقبول الدعوى شكلاً وبأحقية المدعي في إرجاع أقدميته في الدرجة الأولى إلى 29/ 6/ 1981 تاريخ صدور القرار المطعون فيه رقم 4 لسنة 1981 مع ما يترتب على ذلك من آثار، ورفض ما عدا ذلك من طلبات وإلزام المدعي والجهة الإدارية المصروفات مناصفة.
ونظر الطعن بدائرة فحص الطعون بهذه المحكمة، فقررت إحالته إلى المحكمة الإدارية العليا "الدائرة الثانية" حيث حددت لنظره جلسة 24/ 1/ 1988 وبعد تداول الطعن على النحو الموضح بمحاضر الجلسات قررت بجلسة 22/ 1/ 1989 إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص في أنه بتاريخ 26/ 5/ 1982 أقام السيد/........ الدعوى رقم 3398 لسنة 36 القضائية أمام محكمة القضاء الإداري ضد وزير الثقافة بصفته الرئيس الأعلى للبيوت الفنية، وطلب فيها:
أولاً: إلغاء القرارين رقمي 536 لسنة 1978 و4 لسنة 1981 فيما تضمناه من تخطيه في الترقية إلى الدرجة الأولى وما يترتب على ذلك من آثار.
ثانياً: بإلزام المدعى عليه بصفته بدفع تعويض له عن الأضرار الأدبية والمادية التي لحقت به، مع إلزامه المصروفات. وقال شرحاً لدعواه أنه بتاريخ 30/ 7/ 1978 صدر القرار رقم 536 لسنة 1978 بترقية بعض العاملين بهيئة المسرح للفئة الثانية (الأولى حالياً)، وتضمن القرار ترقية من هو أحدث منه في الدرجة السابقة وهو السيد/.....، الذي ترجع أقدميته فيها إلى 31/ 12/ 1974 بينما ترجع أقدمية المدعي فيها إلى 12/ 11/ 1972 كما صدر القرار رقم 4 لسنة 1981 بتاريخ 29/ 6/ 1981 بترقية بعض العاملين أيضاً للفئة الأولى ولم يشمله هذا القرار رغم أنه شمل من هم أحدث منه في الدرجة السابقة ومن بينهم السيدة/........ التي ترجع أقدميتها في الدرجة المرقى منها إلى 8/ 3/ 1974، ونعى على القرارين أنهما صدرا مجحفين بحقوقه حيث إن تقاريره السنوية لمدة تزيد على عشر سنوات متصلة بدرجة ممتاز، وذكر المدعي أنه تظلم من القرار الأول بتاريخ 9/ 8/ 1978، كما تظلم من القرار الثاني في الميعاد القانوني، وإذ لم يتلق رداً أقام دعواه بإلغاء القرار، وبطلب التعويض عن الأضرار المادية والأدبية التي لحقت به.
ورداً على الدعوى طلبت الجهة الإدارية أصلياً بعدم قبول الدعوى شكلاً بالنسبة للقرار رقم 536 لسنة 1978 لرفعها بعد الميعاد واحتياطياً برفضها نظراً لأن المدعي ينتمي إلى مجموعة "الفنون" والمطعون على ترقيته ينتمي إلى مجموعة "القانون" فلا محل لمزاحمته نظراً لاختلاف المجموعة النوعية لكل منهما، وبالنسبة للقرار رقم 4 لسنة 1981 طلب الحكم أصلياً بعدم قبول الدعوى شكلاً لعدم سابقة التظلم من هذا القرار، واحتياطياً برفض الدعوى نظراً لأن المطعون عليها في الترقية تنتمي إلى مجموعة "التنمية الإدارية" وهي تختلف عن المجموعة النوعية التي ينتمي إليها المدعي وهي "الفنون" وأما عن طلب التعويض فقد طلبت الجهة المدعى عليها رفض الدعوى لعدم توافر الخطأ في جانب جهة الإدارة، وفي جميع الحالات بإلزام المدعي المصروفات.
وبمذكرة قدمها المدعي إلى محكمة القضاء الإداري، قرر ترك الخصومة في الدعوى بالنسبة إلى طلب إلغاء القرار رقم 536 لسنة 1978 ولم تعترض الجهة الإدارية من جانبها على هذا الترك.
وبجلسة 22/ 11/ 1984 حكمت المحكمة بإثبات ترك الخصومة في الدعوى بالنسبة للقرار رقم 536 لسنة 1978 وبعدم قبول الدعوى شكلاً بالنسبة إلى القرار رقم 4 لسنة 1981 ورفض طلب التعويض وإلزام المدعي المصروفات، وأسست المحكمة قضاءها على أنه بالنسبة إلى القرار رقم 4 لسنة 1981 فقد صدر بتاريخ 29/ 6/ 1981 وأودع المدعي صورة غير مؤرخة من التظلم منه لا يبين منها تاريخ تقديمه في حين نفت جهة الإدارة تظلمه من هذا القرار الذي لا يوجد بالأوراق ما يشير إلى تاريخ تقديمه، ومن ثم تغدو دعواه بالنسبة لهذا القرار وقد أقيمت في 26/ 5/ 1982 مقامة دون مراعاة المواعيد المقررة لرفع دعوى الإلغاء والمنصوص عليها في المادة 24 من القانون رقم 47 لسنة 1972 وبالتالي فهي غير مقبولة شكلاً أما عن طلب التعويض عن الأضرار الأدبية والمادية التي لحقت بالمدعي من جراء تخطيه في الترقية للدرجة الأولى بالقرار رقم 4 لسنة 1981، فإنها لا تتقيد بمواعيد دعوى الإلغاء ومن ثم تقبل شكلاً في حين ترفض موضوعاً لعدم ثبوت الخطأ في جانب الإدارة عند إصدارها القرار رقم 4 لسنة 1981، إذ أن المدعي لا يزاحم المطعون على ترقيتها.
ومن حيث إن الطعن قوامه أن الحكم المطعون خالف القانون وأخطأ في تطبيقه، حيث إن الطاعن يسبق السيدة/...... في الأقدمية وجميع تقاريره السنوية ممتازة ولا محل لتخطيه سواء في نسبة الاختيار أو الأقدمية، كما أغفل الحكم الرد على دفاعه الخاص بعلمه بالقرار المطعون عليه في 24/ 2/ 1982، وتظلمه منه في 25/ 2/ 1982 ورفع دعواه في 26/ 5/ 1982 على وجه تغدو معه بقبوله شكلاً كما وأن المحكمة ناقضت نفسها إذ أصدرت حكمها بإلغاء القرار رقم 4 لسنة 1981 فيما تضمنه من تخطي السيد/.........، ضد نفس المدعى عليها.
ومن حيث إن الطاعن قدم صورة من تظلم ادعى فيها أنها قدمت بتاريخ 25/ 2/ 1982 ولم تكن صورة التظلم - على نحو ما استظهرت محكمة القضاء الإداري وأبانت بجلاء في حكمها بل وعلى نحو ما ثبت بتقرير المفوض أمام محكمة القضاء الإداري ومن واقع ما انطوت عليه حافظة المستندات المقدمة من المدعي أمام تلك المحكمة والشاملة بستة مستندات من بينها صورة التظلم - لم تكن تحمل أي تأشير غير رسمي، تنأى عن اطمئنان المحكمة إلى سلامة هذا التاريخ أو صدوره من مختص أو أنه كان قائماً وقت البت في موضوع الدعوى أمام محكمة القضاء الإداري، يؤيد ذلك ويسانده أن جهة الإدارة نفت من جانبها في حينه تقديم مثل هذا التظلم وهو نفي لم يدحضه المدعي في أوانه بدليل مقنع، الأمر الذي لا مندوحة معه من اعتبار الدعوى قد أقيمت دون مراعاة المواعيد المقررة لرفع دعوى الإلغاء.
ومن حيث إنه عن طلب التعويض عن الأضرار الأدبية والمادية التي لحقت بالطاعن من جراء تخطيه في الترقية للدرجة الأولى بالقرار رقم 4 لسنة 1981، فإن الثابت من دفاع جهة الإدارة أن سبب تخطي المدعي مرجعه ومبناه عدم انتمائه إلى مجموعة التنمية الإدارية التي تنتمي إليها المطعون على ترقيتها، في حين أن الثابت من الاطلاع على القرار المطعون عليه أنه صدر بتاريخ 29/ 6/ 1981، بينما لم يصدر قرار رئيس الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة رقم 280 لسنة 1981 باعتماد جدول وظائف المجلس الأعلى للثقافة إلا بتاريخ 4/ 8/ 1981، كما لم يصدر قرر وزير الدولة للثقافة ورئيس المجلس الأعلى للثقافة رقم 224 لسنة 1981 بالهيكل التنظيمي للمجلس الأعلى للثقافة إلا بتاريخ 31/ 10/ 1981، وكل من التاريخين لاحق على تاريخ القرار المطعون فيه، ومن ثم لا يعد التخطي بسبب الانتماء إلى مجموعة مخالفة مستنداً على سند صحيح من القانون حيث إنه قبل صدور قرار بالهيكل التنظيمي، واعتماد جدول الوظائف، تنفيذ الترقية بالأقدمية فيما دون درجات مستوى الإدارة العليا، ما لم يوجد سبب قانوني يسوغ له التخطي.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة جرى على أن من حق المدعي الذي فوت على نفسه ميعاد الطعن، أن يطالب بالتعويض عما لحق به من ضرر بسبب تخطيه في الترقية بمقتضى قرار خاطئ مخالفاً للقانون.
ومن حيث إنه متى ثبت مخالفة القرار رقم 4 لسنة 1981 المطعون فيه للقانون، فتكون قد توافرت - لدى ثبوت الضرر أركان مسئولية الإدارة عن هذا القرار الخاطئ مما يرتب أحقية المدعي في المطالبة بالتعويض عن الأضرار التي حاقت به جراء هذا التخطي مما تقدره المحكمة بتعويض شامل قدره خمسمائة جنيه جبراً عما أصابه من أضرار مادية وأدبية على السواء بسبب تخطيه في الترقية، وبمراعاة أنه رقي إلى الدرجة المتخطى فيها بالقرار رقم 196 لسنة 1984 اعتباراً من 24/ 3/ 1984.
ومن حيث إنه تأسيساً على ما تقدم يكون الحكم المطعون فيه قد أصاب الحق في قضائه بعدم قبول الدعوى شكلاً بالنسبة إلى القرار رقم 4 لسنة 1981، إلا أنه جانبه الصواب في قضائه برفض طلب التعويض، مما يتعين معه قبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بتأييد الحكم المطعون فيه فيما قضى به من عدم قبول الدعوى شكلاً بالنسبة للقرار رقم 4 لسنة 1981، وإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من رفض طلب التعويض، والحكم بتعويض شامل قدره خمسمائة جنيه بجبر ما أصاب المدعي من أضرار مادية وأدبية نتيجة تخطيه في الترقية، وإلزام المدعي والجهة الإدارية المصروفات مناصفة بينهما بحسبان أن كلاً من طرفي النزاع قد خسر شقاً من الدعوى.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بتعديل الحكم المطعون فيه وإلزام الجهة الإدارية بأداء مبلغ خمسمائة جنيه للمدعي على سبيل التعويض الشامل من تخطيه في الترقية بالقرار رقم 4 لسنة 1981 وألزمت الطرفين المصروفات مناصفة بينهما.