مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة أحكام المحكمة الإدارية العليا
السنة الرابعة والثلاثون - الجزء الثاني (من أول مارس سنة 1989 إلى آخر سبتمبر سنة 1989) - صـ 887

(127)
جلسة 23 من إبريل سنة 1989

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ نبيل أحمد سعيد - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة/ محمد محمود الدكروري ومحمد يسري زين العابدين وعادل لطفي عثمان ومحمد السيد الطحان - المستشارين.

الطعن رقم 2245 لسنة 31 القضائية

دعوى - دفوع في الدعوى - الدفع بعدم الدستورية - تقدير جدية الدفع. (قوات مسلحة). القانون رقم 96 لسنة 1971 في شأن الطعن في قرارات لجان الضباط بالقوات المسلحة.
تختص لجنة ضباط القوات المسلحة ولجان أفرع القوات المسلحة بكافة المنازعات الإدارية الخاصة بضباط القوات المسلحة - تقدير الدفع بعدم الدستورية الذي يثيره المتقاضون منوط بالمحكمة التي تنظر النزاع فإذا ما قدرت جدية الدفع فإنها توقف الفصل في الدعوى وتحدد ميعاداً للخصوم لرفع دعواهم بعدم الدستورية أمام المحكمة الدستورية العليا - جدية الدفع بعدم الدستورية إنما تستظهرها المحكمة مما ينعاه الخصوم على النصوص المدفوع بعدم دستوريتها - تطبيق [(1)].


إجراءات الطعن

بتاريخ 19 من مايو سنة 1985 أودع الدكتور....... المحامي بصفته وكيلاً عن الملازم أول طيار متقاعد......، قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها برقم 2245 لسنة 31 القضائية عليا في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بجلسة 21/ 3/ 1985 في الدعوى رقم 3258 لسنة 37 القضائية المقامة من الطاعن ضد رئيس الجمهورية بصفته القائد الأعلى للقوات المسلحة ونائب رئيس الوزراء ووزير الدفاع ورئيس اللجنة العليا لضباط القوات المسلحة، وقائد القوات الجوية، والذي قضى برفض الدفع بعدم دستورية المادة العاشرة من القانون رقم 96 لسنة 1971، وبعدم اختصاص محاكم مجلس الدولة بنظر الدعوى وبإحالتها بحالتها إلى لجنة ضباط القوات المسلحة المنعقدة بصفة هيئة قضائية للاختصاص، وإبقاء الفصل في المصروفات، وطلب الطاعن للأسباب الواردة بتقرير الطعن، قبول الطعن شكلاً، وقبل الفصل في الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، فيما قضى به من رفض الدفع بعدم دستورية المادة العاشرة من القانون رقم 96 لسنة 1971، وتأجيل نظر الطعن مع تحديد ميعاد لرفع الدعوى بعدم دستورية تلك المادة أمام المحكمة الدستورية العليا، وفي حالة صدور الحكم لصالح الطاعن من المحكمة الدستورية العليا، فيحكم بإلغاء الحكم بعدم اختصاص محاكم مجلس الدولة بنظر الدعوى، وإعادتها إلى محكمة القضاء الإداري للفصل مجدداً بمعرفة هيئة أخرى في طلبات الطاعن بإلغاء القرار الصادر من اللجنة العليا لضباط القوات المسلحة المنعقدة بصفة هيئة قضائية بتاريخ 29/ 1/ 1983 وقرار لجنة ضباط القوات الجوية المنعقدة بتاريخ 22/ 5/ 1981 بعدم التصديق على عودة الطاعن لكادر الضباط الطيارين بالقوات الجوية، وإلزام المطعون ضدهم بأن يدفعوا للطاعن مبلغ قرش واحد على سبيل التعويض المؤقت، مع إلزامها المصروفات، واحتياطياً، بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من عدم اختصاص محكمة مجلس الدولة بنظر الدعوى وبإعادتها إلى محكمة القضاء الإداري بالقاهرة للفصل مجدداً بمعرفة هيئة أخرى في خصوص طلب الطاعن إلزام المطعون ضدهم بأن يدفعوا للطاعن مبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت، مع إلزامهم المصروفات.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً مسبباً ارتأت فيه قبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً، وإلزام الطاعن المصروفات.
ونظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة، فقررت بجلسة 27/ 6/ 1988 إحالته إلى المحكمة الإدارية العليا "الدائرة الثانية" حيث تحدد لنظره أمامها جلسة 20/ 11/ 1988 وتداول الطعن بالجلسات على النحو المبين بمحاضرها، وتحدد لصدور الحكم جلسة اليوم وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص في أنه بتاريخ 13/ 4/ 1983 قام السيد/....... الدعوى رقم 3258 لسنة 37 القضائية أمام محكمة القضاء الإداري ضد رئيس الجمهورية بصفته القائد الأعلى للقوات المسلحة، ونائب رئيس الوزراء ووزير الدفاع بصفته وزير الدفاع ورئيس اللجنة العليا لضباط القوات المسلحة، وقائد القوات الجوية، طالباً الحكم بقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع أولاً: بإلغاء القرار الصادر من اللجنة العليا لضباط القوات المسلحة المنعقدة بصفة هيئة قضائية بتاريخ 29/ 1/ 1983 وقرار لجنة ضباط القوات الجوية المنعقدة بتاريخ 22/ 5/ 1981 والذي تضمن عدم التصديق له بالعودة لكادر الضباط الطيارين بالقوات الجوية. ثانياً: بإلزام المدعى عليهم بأن يدفعوا له مبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت مع إلزامهم المصروفات، وقال شرحاً لدعواه أنه كان يعمل ضابطاً بالقوات الجوية برتبة ملازم أول وأنه أصيب بإعياء مفاجئ أثناء الطيران في 24/ 11/ 1979، حول بسببه إلى المجلس الطبي المختص الذي أوصى في 29/ 11/ 1979 بإعفائه من الطيران لمدة شهر ويعرض. وعند عودته قرر المجلس أنه لائق للطيران المزدوج لمدة شهر ويعرض إلا أن هذه التوصية لم تنفذ، ثم عرض عدة مرات على المجلس الطبي كانت أخرها في 16/ 3/ 1981، التي أوصى له فيها بخمس طلعات مزدوجة ثم يعرض بعدها، إلا أن رئيس شعبة التدريب الجوي لم يصدق على التصريح له بالطلعات المقررة، وصدر قرار لجنة ضباط القوات الجوية في 22/ 5/ 1981 متضمناً عدم التصديق على عودته إلى كادر الضباط الطيارين بالقوات الجوية، وترتب على ذلك أن قدم استقالته في 16/ 4/ 1982، وأضاف المدعي أنه طعن بتاريخ 15/ 7/ 1981 في قرار لجنة ضباط القوات الجوية أمام لجنة ضباط القوات المسلحة المعقودة بصفة هيئة قضائية حيث قررت اللجنة بتاريخ 29/ 1/ 1983 قبول طعنه شكلاً ورفضه موضوعاً، وأخطر بهذا القرار بتاريخ 12/ 3/ 1983 ورداً على الدعوى دفع الحاضر عن الجهة الإدارية بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى واحتياطياً بعدم اختصاصها نوعياً بنظرها، ومن باب الاحتياط الكلي بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها. وقد دفع المدعي أثناء نظر الدعوى أمام محكمة القضاء الإداري بعدم دستورية المادة العاشرة من القانون رقم 96 لسنة 1971، وطلب تأجيل نظر الدعوى ليتسنى له رفع الدعوى بذلك أمام المحكمة الدستورية العليا، تأسيساً على أن تلك المادة نصت على اعتبار قرارات لجنة ضباط القوات المسلحة المصدق عليها نهائية ولا يجوز الطعن فيها أو المطالبة بإلغائها بأي وجه من الوجوه أمام أية هيئة كانت وبهذه المثابة يغدو النص مخالفاً للمادة 68 من الدستور وأن قضاء المحكمة العليا في الدعوى رقم 4 لسنة 4 ق عليا بتاريخ 7/ 2/ 1976 برفض الدعوى عندما أقيمت أمامها لا يمنع المحكمة الدستورية العليا من العدول عن هذا القضاء.
وبجلسة 21/ 3/ 1985 حكمت محكمة القضاء الإداري أولاً: برفض الدفع بعدم دستورية المادة العاشرة من القانون رقم 96 لسنة 1971 وثانياً: بعدم اختصاص محاكم مجلس الدولة بنظر الدعوى، وبإحالتها إلى لجنة ضباط القوات المسلحة المعقودة بصفة هيئة قضائية للاختصاص وأبقت الفصل في المصروفات، وتأسس الحكم على أن الدفع بعدم دستورية المادة العاشرة قد طرح على المحكمة العليا، فقضت برفضه، ولم يأت المدعي بأسباب جديدة لإعادة طرح الدفع على المحكمة الدستورية العليا، أما عن اختصاص قضاء مجلس الدولة بنظر الدعوى، فالثابت من القانون رقم 96 لسنة 1971 أن المشرع استهدف إبعاد القضاء الإداري عن نظر المنازعات الإدارية الخاصة بضباط القوات المسلحة وجعلها من اختصاص لجان الضباط بالقوات المسلحة منعقدة بهيئة قضائية، وهو الأمر الذي قرره أيضاً القانون رقم 232 لسنة 1959 في شأن شروط الخدمة والترقية لضباط القوات المسلحة.
ومن حيث إن الطعن الماثل قوامه على أن الحكم الطعين صدر معيباً بعيب الخطأ في تطبيق القانون وتأويله والبطلان المترتب على القصور في التسبيب، وذلك لأنه ما كان للمحكمة أن تتصدى للدفع بعدم الدستورية وتقرر جديته من عدمه، حتى لو كان هذا الدفع قد فصل فيه مسبقاً بحكم من المحكمة العليا، كما وأن المشرع عندما أراد استبعاد اختصاص مجلس الدولة بنظر المنازعات الإدارية الخاصة بضباط القوات المسلحة نص على ذلك صراحة، وهو ما خلا منه القانون رقم 96 لسنة 1971، وعن القصور في التسبيب نعى تقرير الطعن على الحكم الطعين أنه استند على ذات أسباب حكم المحكمة العليا، في رفض الدفع بعدم الدستورية، كما أغفل التصدي لطلب التعويض وهو مما يعيب الحكم ويبطله، وطلب الطاعن في نهاية طعنه، بأن تلغي المحكمة الحكم الطعين ولا تفصل في طلب التعويض وتعيده إلى محكمة القضاء الإداري للفصل فيه.
ومن حيث إن المحكمة العليا سبق وأن قضت في الدعوى رقم 4 لسنة 4 قضائية (دستورية) بتاريخ 7/ 2/ 1976 بأن النعي على المادة العاشرة من القرار بقانون رقم 96 لسنة 1971 فيما نصت عليه من عدم جواز الطعن في القرارات الصادرة من لجنة ضباط القوات المسلحة المنعقدة بصفة هيئة قضائية غير قائم على أساس سليم متعين الرفض، وقد اطرد قضاء المحكمة الدستورية العليا في هذا الخصوص على أن الأحكام الصادرة في الدعاوى الدستورية، وهي بطبيعتها دعاوى عينية توجه الخصومة فيها إلى النصوص التشريعية المطعون عليها بعيب دستوري تكون لها حجية مطلقة، بحيث لا يقتصر أثرها على الخصوم في الدعاوى التي صدرت فيها وإنما ينصرف هذا الأثر إلى الكافة وتلتزم بها جميع سلطات الدولة سواء أكانت هذه الأحكام قد انتهت إلى عدم دستورية النص التشريعي المطعون فيه أم إلى دستوريته ورفض الدعوى على هذا الأساس.
ومن حيث إن المحكمة الإدارية العليا عرضت إلى أحكام القانونين رقمي 96 لسنة 1971 في شأن الطعن في قرارات لجان الضباط بالقوات المسلحة والقانون رقم 71 لسنة 1975 بتنظيم وتحديد اختصاصات اللجان القضائية للقوات المسلحة وجرى قضاؤها في ذلك على عدم اختصاص محاكم مجلس الدولة بجميع المنازعات الإدارية الخاصة بضباط القوات المسلحة وخضوعها لاختصاص لجنة ضباط القوات المسلحة ولجان أفرع القوات المسلحة بهذه المنازعات.
ومن حيث إنه ولئن كان المشرع قد ناط بالمحكمة العليا وفقاً للقانون رقم 81 لسنة 1969 ثم بالمحكمة الدستورية بالقانون رقم 48 لسنة 1979 الفصل في دستورية القوانين، إلا أن تقدير جدية الدفع بعدم الدستورية الذي يثيره المتقاضون، منوط بالمحكمة التي تنظر النزاع، فإذا ما قدرت جدية الدفع فإنها توقف الفصل في الدعوى، وتحدد ميعاد للخصوم لرفع دعواهم بعدم الدستورية أمام المحكمة الدستورية العليا وجدية الدفع بعدم الدستورية إنما تستظهرها المحكمة مما ينعاه الخصوم على النصوص المدفوع بعدم دستوريتها. وأنه في ضوء مما سبق وما ذهب إليه قضاء المحكمة العليا ومن بعدها المحكمة الدستورية العليا وما جرى عليه قضاء هذه المحكمة فإن الدفع الماثل بعدم الدستورية لا تستقيم له مبررات جادة تعين على استنهاض ولاية المحكمة الإدارية العليا للفصل فيه ومن ثم فإن الحكم الطعين قد أصاب الحق في قضائه إذ انتهى إلى رفض الطعن.
ومن حيث إن القانون رقم 96 لسنة 1971 المشار إليه نص في المادة الأولى منه على أن لجنة ضباط القوات المسلحة المنعقدة بصفة هيئة قضائية دون غيرها بالنظر في المنازعات الإدارية الخاصة بالقرارات النهائية التي تصدرها لجان الضباط بالقوات المسلحة، وتنشأ بكل فرع من أفرع القوات المسلحة لجنة قضائية تختص دون غيرها بالنظر في باقي المنازعات الإدارية الخاصة بضباط القوات المسلحة، ونصت المادة 12 من القانون المشار إليه على تعديل الفقرة أ من المادة التاسعة من القانون رقم 232 لسنة 1959 في شأن شروط الخدمة والترقية لضباط القوات المسلحة وباختصاص لجنة ضباط القوات المسلحة عند انعقادها بصفة هيئة قضائية بالنظر في كافة المنازعات الإدارية المترتبة على هذه القرارات.
ومن حيث إن نصوص القانون رقم 96 لسنة 1971 المشار إليه قد جاءت من الشمول والعموم بما يشمل جميع المنازعات الإدارية الخاصة بضباط القوات المسلحة، وتنأى معه بالتالي هذه المنازعات عن اختصاص القضاء الإداري (محكمة إدارية عليا طعن 552 لسنة 17 بتاريخ 20/ 6/ 1976.
ومن حيث إنه تأسيساً على ما تقدم فإن القرار الصادر من اللجنة العليا لضباط القوات المسلحة المنعقدة بصفة هيئة قضائية بتاريخ 29/ 1/ 1983 وقرار لجنة ضباط القوات الجوية المنعقدة بتاريخ 22/ 5/ 1986 والذي تضمن عدم التصديق للمدعي بالعودة لكادر الضباط الطيارين بالقوات الجوية، يكون قد صدر كلاهما من جهة مختصة، ولا رقابة عليه إلغاءً وتعويضاً من قضاء مجلس الدولة.
ومن حيث إن الحكم الطعين إذ أخذ بهذا النظر فقضى برفض الدفع بعدم دستورية المادة العاشرة من القانون رقم 96 لسنة 1971 وبعدم اختصاص محاكم مجلس الدولة بنظر المنازعة وبإحالتها إلى لجنة ضباط القوات المسلحة المنعقدة بصفة هيئة قضائية للاختصاص يكون قد صادف صحيح حكم القانون، مما يتعين معه الحكم بقبول الطعن شكلاً، ورفضه موضوعاً وإلزام المدعي المصروفات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وألزمت الطاعن المصروفات.


[(1)] راجع الحكم الصادر من المحكمة العليا في الدعوى رقم 4 لسنة 4 ق دستورية بجلسة 7/ 2/ 1976 برفض الطعن بعدم دستورية المادة العاشرة من القرار بقانون رقم 96 لسنة 1971 المشار إليه.