مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة أحكام المحكمة الإدارية العليا
السنة الرابعة والثلاثون - الجزء الثاني (من أول مارس سنة 1989 إلى آخر سبتمبر سنة 1989) - صـ 892

(128)
جلسة 29 من إبريل سنة 1989

برئاسة السيد الأستاذ المستشار محمد حامد الجمل - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة عبد اللطيف أحمد أبو الخير ويحيى السيد الغطريفي وإسماعيل صديق راشد وأحمد شمس الدين خفاجي - المستشارين.

الطعن رقم 3419 لسنة 32 القضائية

عاملون مدنيون بالدولة - تأديب - المخالفات التأديبية (عقد إداري) (مناقصات ومزايدات) - حدود مسئولية الموظف المنتدب لتلقي العطاءات. القانون رقم 9 لسنة 1983 بتنظيم المناقصات والمزايدات ولائحته التنفيذية.
لا يجوز حجب أي عطاء يقدم في المناقصة عن لجنة فض المظاريف لأي سبب حتى لو ورد بعد الميعاد - أساس ذلك: أن المشرع ألزم عرض مثل هذه العطاءات فور وصولها على رئيس لجنة فتح المظاريف والتأشير عليه بساعة وتاريخ وروده - مخالفة ذلك يرتب المسئولية التأديبية - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم السبت الموافق 23 من أغسطس سنة 1986 أودع الأستاذ....... المحامي بصفته وكيلاً عن السيد/ ...... قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها برقم 3419 لسنة 32 القضائية في الحكم الصادر من المحكمة التأديبية لمستوى الإدارة العليا بجلسة 25 من يونيو سنة 1986 في الدعوى رقم 174 لسنة 27 القضائية المقامة من النيابة الإدارية ضد الطاعن وآخرين، والقاضي بمجازاة الطاعن بخصم أجر شهر ونصف من مرتبه.
وطلب الطاعن - للأسباب الموضحة بتقرير الطعن - الحكم بقبول الطعن شكلاً، وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه، وفي الموضوع بإلغائه وما يترتب على ذلك من آثار.
وأعلن تقرير الطعن إلى المطعون ضده على الوجه المبين بالأوراق.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً مسبباً بالرأي القانوني ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً، ورفض طلب وقف التنفيذ ورفض الطعن موضوعاً.
وعين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون لهذه المحكمة جلسة 12 من أكتوبر سنة 1988 وبجلسة 28 من ديسمبر سنة 1988 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى هذه المحكمة، فنظرته بجلسة 21 من يناير سنة 1989 حيث قررت إصدار الحكم بجلسة اليوم السبت الموافق 29/ 4/ 1989، وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع المرافعة والمداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى سائر أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يبين من الأوراق - في أنه بتاريخ 15 من أغسطس سنة 1985 أقامت النيابة الإدارية الدعوى التأديبية رقم 174 لسنة 27 القضائية بإيداع أوراقها قلم كتاب المحكمة التأديبية لمستوى الإدارة العليا منطوية على تقرير باتهام كل من:
1 - ...... مدير عام الشئون المالية بوزارة الأوقاف (درجة مدير عام).
2 - ...... مدير إدارة المخازن والمشتريات بوزارة الأوقاف سابقاً، وبمنطقة أوقاف الجيزة حالياً. (درجة أولى).
3 - ...... القائم بإدارة المخازن والمشتريات بوزارة الأوقاف (درجة ثانية).
4 - ..... موظف بسكرتارية إدارة المخازن والمشتريات بوزارة الأوقاف (درجة رابعة).
5 - ...... المشرف على قسم المشتريات بديوان عام وزارة الأوقاف. (درجة ثانية).
6 - ..... وكيل الوزارة للشئون المالية والإدارية بوزارة الأوقاف (درجة وكيل وزارة).
وقد نسبت النيابة الإدارية في تقرير الاتهام إلى المتهم الثاني (الطاعن) أنه في المدة من شهر يونيو سنة 1984 حتى 12/ 2/ 1985 بوزارة الأوقاف، خرج على مقتضى الواجب الوظيفي ولم يؤد العمل المنوط به بدقة وأمانة، وخالف اللوائح المالية وقانون المناقصات والمزايدات ولائحته التنفيذية بأن:
1 - سلم ملف المناقصة موضوع التحقيق للأول بدون أية ضمانات مما ساهم في إخفاء ملف المناقصة.
2 - لم يتخذ الإجراءات الواجبة بشأن العطاءين المقدمين من الشركة المصرية لوسائل النقل الخفيف ومركز التدريب المهني لشرطة أمن القاهرة نحو وضعها بصندوق العطاءات مما فوت على الوزارة فرصة إمكانية شراء السيارات من الإنتاج المحلي وبسعر أقل من سعر السيارات الموردة من مركز التنمية والتجارة (وجيه أباظة).
3 - اشترك مع الثالث والرابع في اصطناع النموذج المؤرخ 16/ 7/ 1984 وقدمه للنيابة الإدارية والمتضمن بيانات مخالفة للحقيقة تفيد إخطار مصلحة الضرائب بالمبالغ التي صرحت لمركز التنمية والتجارة (وجيه أباظة) في حين أن إخطار هذه المصلحة لم يتم فعلاً إلا بتاريخ 12/ 2/ 1985.
4 - تراخى في إخطار مصلحة الضرائب بالقاهرة الفترة من 29/ 9/ 1984 تاريخ تحرير الاستمارة 50 ع. ح وحتى 12/ 2/ 1985 بمستحقات مركز التنمية والتجارة (وجيه أباظة).
ورأت النيابة الإدارية أن هذا المتهم قد ارتكب المخالفات المالية المنصوص عليها بالمواد 76، 77، 78 من القانون رقم 47 لسنة 1978 والمواد 3، 19، 21، 92، 119 من القانون رقم 9 لسنة 1983 ولائحته التنفيذية. وطلبت النيابة الإدارية محاكمته بالمواد المشار إليها وبالمادتين 80، 82 من القانون رقم 47 لسنة 1978 والمادة 14 من القانون رقم 117 لسنة 1958.
وبجلسة 25 من يونيو سنة 1986 أصدرت المحكمة التأديبية لمستوى الإدارة العليا حكمها بمجازاة..... بخصم أجر شهر ونصف من مرتبه.
وأقامت المحكمة قضاءها على عدم ثبوت الاتهام الرابع المنسوب إلى الطاعن في حقه، وثبوت الاتهامات الثلاثة الأولى في حقه وذلك - لأن الاتهام الأول الخاص بأنه سلم ملف المناقصة موضوع التحقيق لمدير عام الشئون المالية بدون أية ضمانات، قد ثبت من أقوال المحال الأول وشهادة السيدة/ ....... المسئولة عن حفظ الملف والاتهام الثاني الخاص بأن الطاعن لم يتخذ الإجراءات الواجبة بشأن العطاءين المشار إليها في تقرير الاتهام، فقد ثبت بإقراره دون أن يجديه تعلله بأن أحد العطاءين حدد دون استيفاء بشرط التأمين وأن الثاني ورد بعد الميعاد إذ كان واجبه أن يعرض العطاءين على لجنة فض المظاريف للتصرف دون أن يحجبها عنها بناء على رأيه الخاص.
وأما الاتهام الثالث الخاص بأنه اشترك مع آخرين في اصطناع النموذج المؤرخ 16/ 7/ 1984 - وقدمته للنيابة الإدارية - والمتضمن بيانات مخالفة للحقيقة، فقد ثبت ذلك بعد أن تأكد لدى العثور على ملف المناقصة عدم إخطار مصلحة الضرائب بالعقد في هذ1 التاريخ وإنما تم إخطارها به في 12/ 2/ 1985.
ومن حيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه قد صدر معيباً للأسباب الآتية:
أولاً: أخطأ الحكم إذ نسب إلى الطاعن أنه سلم ملف المناقصة محل التحقيق إلى السيد/ ......، إذ لا دليل على ذلك سوى ادعاء...... المؤيد بشهادة متناقضة من السيدة...... المسئولة عن حفظ الملف، في حين يناقض ذلك أن واقعة الإبلاغ عن فقد ملف المناقصة كانت في 11/ 9/ 1984 في حين كان الطاعن قد أخلى طرفه كتابة في 20/ 8/ 1984 بمناسبة سفره لأداء فريضة الحج.
ثانياً: أخطأ الحكم إذ أدان الطاعن عن اتهامه بعدم اتخاذ الإجراءات الواجبة بشأن العرضين المشار إليهما بتقرير الاتهام مما فوت على الوزارة فرصة إمكانية شراء السيارات من الإنتاج المحلي بسعر أقل من السعر المتقدم من الراسي عليه المناقصة. وهذا معيب من عدة نواح:
أولهما: أن الطاعن لم يكن مختصاً بتقديم العطاءات إلى لجنة فض المظاريف.
وثانيهما: أن العطاءين المشار إليهما بتقرير الاتهام كان من الواجب استبعادهما... وذلك لأن العطاء الأول الوارد من الشركة المصرية لوسائل النقل الخفيف ورد بكتاب مفتوح إلى وكيل وزارة غير مختص حيث أحيل إلى إدارة المشتريات والمخازن ولم يره الطاعن ولم يكن مختصاً بتسليمه لأنه لا اختصاص لمدير إدارة المشتريات والمخازن بتسليم العطاءات إلى لجنة فتح المظاريف ولأن العطاء الثاني الوارد من مركز التدريب المهني لشركة القاهرة ورد باليد بعد انخفاض لجنة فض المظاريف فضلاً عن أنه ورد بدون تأمين.
وثالثهما: أن السيارات محل العطاءين المستبعدين قد ثبت عدم صلاحيتها فنياً للاستخدام في الغرض المطلوبة من أجله ولذلك فقد استبعدتهما لجنة البت.
ثالثاً: أخطأ الحكم إذ أدان الطاعن عن الاتهام الخاص باشتراكه مع آخرين في اصطناع النموذج المؤرخ 16/ 7/ 1984 وتقديمه إلى النيابة الإدارية متضمناً بيانات غير دقيقة تفيد إخطار مصلحة الضرائب بالمبالغ التي صرفت لمركز التنمية والتجارة في حين أن إخطار هذه المصلحة لم يتم إلا في 12/ 2/ 1985 ذلك أن الذي اصطنع هذا النموذج هو....... المحال الخامس - الذي أقر بذلك في التحقيقات - كبدل فاقد، وقد قدمه الطاعن إلى النيابة الإدارية باعتباره يطابق الأصل دون أن يعلم بأنه مصطنع.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد أدان الطاعن عن الاتهامات الثلاثة الأولى المنسوبة إليه في تقرير الاتهام.
ومن حيث إن الاتهام الأول المنسوب إلى الطاعن في تقرير الاتهام فإن الحكم المطعون فيه قد بنى إدانة الطاعن في شأن هذا الاتهام على ما أبداه السيد...... في هذا الشأن وشهادة السيدة..... المسئولة عن حفظ الملف.
ومن حيث إن الأول قد ادعى في أقواله بالتحقيقات أنه كان قد تسلم ملف المناقصة من الطاعن وأنه أعاده إليه بعد الاطلاع عليه.
من حيث إن هذا القول في جملته قد ثبت خطؤه من خلال ما تكشف للجنة البحث. عن الملف من أنه قد وجد بمكتب المتهم الأول..... بما يفيد أنه بعد أن حصل على هذا الملف لم يقم بإعادته إلى من تسلمه منه. وعلى ذلك فإذا كان قد ثبت كذب المحل الأول المشار إليه في الادعاء بأنه أعاد الملف بعد الاطلاع عليه، فإنه لا يمكن الثقة فيما ادعاه بأنه قد سبق أن تسلمه من الطاعن لأن من يثبت كذبه في جانب من ادعائه لا يوثق بصدقه في جانب آخر منه ما دام متعلقاً بذات الموضوع، وما دان أنه لا دليل على ما ادعاه سوى قوله الذي ثبت كذب جانب رئيس وأساسي منه.
ومن حيث إن السيدة/ ...... المسئولة عن حفظ ملف المناقصة قد شهدت التحقيق بأنها سلمت الملف مباشرة إلى المتهم الأول..... ثم عادت وعدلت شهادتها إلى القول بأنها سلمته إلى الطاعن معللة شهادتها الأولى بأنها كانت نابعة عن حرج من الشهادة ضد رئيسها المباشر وحيث إن الثابت أن هذه العاملة قد غيرت شهادتها من النقيض إلى النقيض حيث ادعت أنها سلمت الملف للطاعن بعد أن أقرت بأنها سلمته لرئيسها المباشر وذلك التغيير عللته بالخجل من هذا الرئيس المباشر ومن حيث إن الشاهد الذي تذبذبت شهادته خشية الحرج لا يكون أهلاً لأن يوثق في قوله في جملته ما لم يوجد دليل آخر يؤيد شهادته ومن ثم يلزم أن تهدر شهادته ما دام لا يوجد أي دليل جدي آخر يؤيد قوله ومن ثم يتعين الالتفات عن شهادة العاملة...... سالفة الذكر.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن الطاعن كان قد حصل على إخلاء طرف كتابي بتاريخ 20/ 8/ 1984 بمناسبة سفره لأداء فريضة الحج في حين أن واقعة الإبلاغ عن فقد ملف المناقصة كان في تاريخ لاحق، ومن ثم فإنه ليس هناك ثمة دليل قاطع تطمئن إليه المحكمة على نسبة هذا الاتهام الأول يقيناً إلى الطاعن ومن ثم وبناء على الشكوك التي تحيط بأدلة الاتهام في هذه التهمة مع ضعف هذه الأدلة عن أن تسند على نحو قاطع الدلالة هذه التهمة إلى الطاعن فإنه كان يتعين القضاء ببراءته منها.
ومن حيث إن الاتهام الثاني المنسوب إلى الطاعن في تقرير الاتهام هو أنه لم يتخذ الإجراءات الواجبة بشأن العطاءين المقدمين من الشركة المصرية لوسائل النقل الخفيف ومركز التأهيل المهني لشرطة أمن القاهرة فإن ما نسب إلى الطاعن هو ارتكاب مخالفة تأديبية مصحوبة بوصف يحمل مؤدى قيام ظرف مشدد يزيد من جسامة المخالفة، وذلك يتعين بثبوت المخالفة وقيام الوصف المشدد بالنسبة للطاعن.
ومن حيث إنه قد أبدى الطاعن في التحقيقات بالنسبة للعطاء الأول المقدم من الشركة المصرية لوسائل النقل الخفيف أن هذا العطاء ورد عن (26) سيارة عن عشر سيارات كما ورد بإعلان المناقصة كما اشترط الدفع مقدماً بواقع 50% من قيمة العملية، ولم يرفق بالطلب أية تأمينات (صفحة 20 من التحقيق) كما أبدى بالنسبة للعطاء الثاني المقدم من مركز التأهيل المهني لشركة أمن القاهرة أنه ورد في الساعة الواحدة والنصف من بعد ظهر يوم 1/ 4/ 1984 في حين أن فض المظاريف قد بدأت عملها في الساعة الثانية عشر من ظهر ذلك اليوم، وقد أنهت اللجنة عملها في الواحدة أي قبل ورود العطاء (صفحة 24 من التحقيق).
ومن حيث إن اللائحة التنفيذية للقانون رقم 9 لسنة 1983 بتنظيم المناقصات والمزايدات الصادرة بقرار وزير المالية رقم 157 لسنة 1983 تنص في المادة (19) منها على أنه "يتعين قبل موعد اجتماع لجنة فتح المظاريف ندب موظف ليتسلم العطاءات التي وردت إلى قسم الوارد وإلى القسم المخصص ووضعها بداخل صندوق العطاءات... كما يجب على قسم الوارد القيام بالتسليم الفوري لما يرد إليه من عطاءات إلى لجنة فتح المظاريف صباح اليوم المحدد لفتح المظاريف وحتى الساعة الثانية عشرة ظهراً موعد فتح المظاريف في جميع الجهات الإدارية" وتنص ذات اللائحة في المادة (21) منها على أن "لا يلتفت إلى أي عطاء أو تعديل فيه يرد بعد الموعد المعين لفتح المظاريف ولو كان مرسلاً من مقدم العطاء في تاريخ سابق لفتح المظاريف على أن يراعى تقديمه فور وصوله إلى رئيس اللجنة لفتحه والتأشير عليه بساعة وتاريخ وروده ثم يدرج في كشف العطاءات المتأخرة".
ومن حيث إن مؤدى هذين النصين عدم جواز حجب أي عطاء يقدم في المناقصة عن لجنة فض المظاريف لأي سبب وتحت أي ادعاء ولو كان العطاء قد ورد بعد الميعاد المعين لفتح المظاريف حيث يجب بالنص الصريح أن يعرض فور وصوله على رئيس لجنة فتح المظاريف لفتحه والتأشير عليه بساعة وتاريخ وروده على النحو الموضح بالنص.
ومن حيث إن مؤدى ذلك أنه لم يكن للطاعن أن يمتنع أو يتقاعس عن عرض العطاء الأول سالف الذكر على لجنة فض المظاريف بحجة أنه ورد عن عدد سيارات يزيد على العدد المطلوب في المناقصة، أو بحجة أنه جاء مصحوباً بشرط أداء دفعة مقدمة على خلاف شروط المناقصة لأن البحث في مدى مطابقة العطاءات لشروط المناقصة هو من اختصاص لجنة البت، بعد أن ترد إليها العطاءات من لجنة فض المظاريف التي يجب أن تعرض عليها جميع العطاءات لتتولى مهمتها بشأنها.
وكذلك فإنه لم يكن للطاعن أن يمتنع عن عرض العطاء الثاني سالف البيان على رئيس لجنة فض المظاريف فور وروده - بافتراض أنه ورد بعد الموعد المحدد لفض المظاريف - التزاماً بحكم نص المادة (21) من اللائحة التنفيذية لقانون المناقصات والمزايدات سالفة الذكر. وهذا مع مراعاة أن الثابت من دفتر وارد وزارة الأوقاف - المرفق بالأوراق - أن أخر عطاء ورد عن مناقصة سيارات دفن الموتى قد ورد في 31/ 3/ 1984 وليس بعد ظهر يوم 1/ 4/ 1984 كما زعم الطاعن.
وإذا كان الطاعن يدعي أنه لم يكن مختصاً بتقديم العطاءات إلى لجنة فض المظاريف فإنه لم ينكر أنه بوصفه مدير إدارة المخازن والمشتريات كان هو المسئول عن هذه المهمة باعتباره المشرف على أعمال المشتريات، ومن بينها أعمال الشراء بالمناقصة التي نسب إليه بشأنها الاتهام الماثل وآية ذلك ما أبداه من دفاع غير سديد في تبرير عدم عرضه العطاءين المشار إليهما على لجنة فض المظاريف.
ومن حيث وقد ثبت في حق الطاعن المخالفة المتمثلة في عدم اتخاذه الإجراءات الواجبة بشأن العطاءين المشار إليهما متعيناً عقابه تأديبياً عنه ومن حيث إنه فيما يختص بمدى قيام الوصف المشدد لهذه الجريمة التأديبية وهو ما ترتب على عدم وضع العطاءين بصندوق العطاءات من فوات فرصة إمكانية شراء السيارات من الإنتاج المحلي وبسعر أقل من سعر السيارات الموردة من مركز التنمية والتجارة (وجيه أباظة) على الوزارة.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن لجنة البت في المناقصة قد اعتمدت تقريراً فنياً موقعاً من مدير عام الأقسام الهندسية بالوزارة يفيد أن السيارة طراز (زدك) المقدمة من الشركة المصرية لصناعة وسائل النقل الخفيف، لا تتناسب كفاءتها الفنية مع طبيعة استخدامها في الانتقال بين المحافظات وأن السيارة طراز (فولكس واجن البرازيلي) المقدمة من مركز التدريب المهني لشرطة القاهرة غير مطابقة للمواصفات المعلن عنها.
ومن حيث إن مؤدى ذلك أنه لم يترتب بالفعل والأسباب خارجة عن إرادة الطاعن على عدم عرض العطاءين المشار إليهما على لجنة فض المظاريف حجب هذين العطاءين على لجنة البت في العطاءات حيث استبعدتها تلك اللجنة لسبب موضوعي فني اقتنعت به ومن ثم فلم يترتب على المخالفة التي يثبت في حق الطاعن فوات فرصة الوزارة في الشراء من سيارات الإنتاج المحلي وبسعر أقل.
ومن حيث إن الاتهام الثالث المنسوب إلى الطاعن في تقرير الاتهام أنه يبين من أوراق التحقيق أن السيد/ ....... المشرف على قسم المشتريات بديوان عام وزارة الأوقاف قد أبدى أن الطاعن قد طلب إليه إعداد بيان الأخطاء المشار إليه من أصل وصورة فقام بتحريره إلا أنه لم يوقع عليه فاستدعى...... وكيل الإدارة و..... بالمخازن فوقعا عليه (صفحة 51 من التحقيق) وقد أيد السيد/ .... في التحقيق هذه الأقوال (صفحة 53 من التحقيق)، كما أيدها السيد....... (صفحة 55 من التحقيق).
ومن حيث إن مفاد ما تقدم أن الطاعن قد اشترك مع كل من...... و..... و..... في اصطناع النموذج المشار إليه، حيث قام...... بتحريره وقام الآخران بتوقيعه، وذلك بناء على طلب الطاعن وحيث إن يعتبر هذا الطلب غير المشروع والمخالف للحقيقة والنظام العام الإداري الذي يحتم صحة المكاتبات وسلامتها وتحريرها بمناسبة الأعمال التي يقوم بها العاملون وبالمطابقة لحقيقة الحال ويصحح الإجراءات الإدارية مخالفة تأديبية حيث شارك الطاعن بالتزييف والمساعدة لمن حرر النموذج ومن وقعاه في عملية الاصطناع لهذا المحرر الرسمي المختلف ومن ثم تكون هذه المخالفة ثابتة في حقه وواجباً عقابه عليها.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد بنى الجزاء الذي وقعه بخصم أجر شهر ونصف من أجر الطاعن على ثبوت الاتهامات الثلاثة الأولى الواردة في تقرير الاتهام في حق الطاعن.
ومن حيث إن هذه المحكمة قد استبانت على ما تقدم عدم ثبوت الاتهام الأول في حق الطاعن وثبوت الاتهام الثاني في صحته ولم يتحقق لأسباب خارجة عن إرادته فوات حق الوزارة في التعاقد على سيارات محلية وهو الظرف المشدد المصاحب للفعل المؤثم في قرار الاتهام مع ثبوت الاتهام الثالث في حق الطاعن ومن ثم فإنه يتعين أن يتم تقدير الجزاء المناسب للطاعن مع ما ثبت في حقه صدقاً وعدلاً من مخالفات في ضوء ما تقدم وهو ما تقدره المحكمة بخصم (أجر شهر فقط) من الطاعن.
ومن حيث إن هذا الطعن معفى من الرسوم إعمالاً لنص المادة (90) من نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادرة بالقانون رقم 47 لسنة 1978.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبمجازاة الطاعن بخصم شهر واحد من أجره.