مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة أحكام المحكمة الإدارية العليا
السنة الرابعة والثلاثون - الجزء الثاني (من أول مارس سنة 1989 إلى آخر سبتمبر سنة 1989) - صـ 913

(130)
جلسة 29 من إبريل سنة 1989

برئاسة السيد الأستاذ المستشار محمد أنور محفوظ - رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة عبد الفتاح السيد بسيوني ومحمد المهدي مليحي وصلاح عبد الفتاح سلامة وسعد الله محمد حنتيره - المستشارين.

الطعن رقم 1911 لسنة 33 القضائية

( أ ) اختصاص - ما يدخل في اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري - طعون انتخابية (أحزاب سياسية) (حقوق سياسية) (دستور) (قرار إداري).
دستور جمهورية مصر العربية الصادر سنة 1971 - القانون رقم 38 لسنة 1972 في شأن مجلس الشعب - القانون رقم 73 لسنة 1956 بتنظيم مباشرة الحقوق السياسية.
كان دستور 1971 عند إقرار الشعب له ابتداء يأخذ بمبدأ التنظيم السياسي الواحد وهو الاتحاد الاشتراكي العربي - تطلب ذلك الأخذ بنظام الانتخاب الفردي الذي لا يتطلب تصرفاً إرادياً من جانب جهة إدارية تكون واسطة العقد بين تعبير الناخبين عن إرادتهم وبين نيابة من أسفر هذا التعبير عن عضويته بمجلس الشعب - بعد تعديل الدستور في 22/ 5/ 1980 أصبح التنظيم السياسي يقوم على أساس تعدد الأحزاب - استحدث المشرع اللجنة الثلاثية المختصة بإعداد نتيجة الانتخاب بما يتناسب ونظام الانتخاب بالقوائم الحزبية - تختص هذه اللجنة بحصر الأصوات التي حصل عليها كل حزب على مستوى الجمهورية وتحديد الأحزاب التي تمثل بمجلس الشعب وبيان المرشح الفائز بالمقعد الفردي في كل دائرة وتوزيع المقاعد الخاصة بالقوائم الحزبية وفقاً للقواعد والضوابط المرسومة قانوناً وإعداد مشروع النتيجة النهائية للانتخاب وعرض هذه النتيجة على وزير الداخلية لاعتمادها وإصدار قرار بها وعلى ذلك فإن عملها لا يتصل بصميم العملية الانتخابية ذاتها من تصويت وفرز للأصوات وإنما يبدأ عملها بعد انتهاء هذه العملية التي تباشرها اللجان الفرعية تحت إشراف اللجان العامة والرئيسية - مؤدى ذلك: أن ما تقوم به اللجنة الثلاثية هو تصرف إداري محض وما تصدره من قرارات في هذا الشأن هو قرارات صادرة من سلطة إدارية في أمور تتعلق بتطبيق أحكام القانون وتتوج أعمال تلك اللجنة باعتماد وزير الداخلية لها حيث يصدر قراراً بإعلان النتيجة.
(ب) مجلس الشعب - تعدد مصادر الأحكام المنظمة له - أثر ذلك.
القانون رقم 38 لسنة 1972 في شأن مجلس الشعب - القانون رقم 73 لسنة 1956 بتنظيم مباشرة الحقوق السياسية وتعديلاتها.
وردت الأحكام المتعلقة بمجلس الشعب في القانونين رقمي 38 لسنة 1972 و73 لسنة 1956. هذان القانونان وإن تباينا في مكان ورودهما فقد اتحدا في موضوعهما على نحو ينتظمهما معاً عقد واحد - يتسايران إن ائتلفا ويتناسخان إن اختلفا يلغي اللاحق فيهما السابق تبعاً لوحدة الموضوع - لا وجه للقول بإعمال قاعدة الحكم العام والحكم الخاص فهذا القول لا يستقيم في معرض أحكام ذات موضوع واحد هو مجلس الشعب حتى تتسق جميعها تحت مظلة موضوعها فلا تتنافر فيما بينها ولا تتبعض في وحدتها بصرف النظر عن مكان ورودها فالعبرة في هذا الصدد بوحدة الموضوع وليس بصعيد الورود - تطبيق.
(جـ) أحزاب سياسية - الفقرة الرابعة من المادة 17 من القانون رقم 38 لسنة 1972 في شأن مجلس الشعب ما زال حكمها قائماً بعد العمل بالقانون رقم 2 لسنة 1987 المعدل للفقرة الثانية من المادة 36 من القانون رقم 73 لسنة 1956 - مؤدى هذا الحكم استبعاد كل حزب لا تحصل قوائمه على ثمانية في المائة على الأقل من مجموع الأصوات الصحيحة على مستوى الجمهورية - يقتضي ذلك دخول الأحزاب التي حصلت على هذه النسبة على الأقل في عملية توزيع المقاعد المقررة للقوائم الحزبية في كل دائرة - المقاعد المخصصة للقوائم في كل دائرة توزع بينها بنسبة عدد الأصوات الصحيحة التي حصلت عليها كل منها إلى مجموع عدد الأصوات الصحيحة التي حصلت عليها جميعها في الدائرة - المقاعد المتبقية توزع على القوائم الحاصلة على أصوات زائدة لا تقل عن نصف المتوسط الانتخابي للدائرة - تعطى كل قائمة مقعداً تبعاً لتوالي الأصوات الزائدة - تطبيق.
(د) انتخابات - مراحل توزيع المقاعد.
تمر عملية توزيع المقاعد المقررة للقوائم الحزبية في كل دائرة بعدة مراحل هي:
المرحلة الأولى: تشمل حصر عدد الأصوات التي حصلت عليها في الدائرة قائمة كل حزب من الأحزاب التي يجوز تمثيلها في مجلس الشعب.
المرحلة الثانية: حساب مجموع عدد الأصوات الصحيحة التي حصلت عليها هذه القوائم في الدائرة.
المرحلة الثالثة: استخراج المتوسط الانتخابي للدائرة بقسمة هذا المجموع على عدد المقاعد المقررة للقوائم الحزبية.
المرحلة الرابعة: قسمة عدد الأصوات الصحيحة لكل قائمة على المتوسط الانتخابي ومنح كل قائمة مقاعد بعدد الناتج الصحيح.
المرحلة الخامسة: استخلاص ما قد يتخلف من مقاعد وما قد يفيض من أصوات كل قائمة.
المرحلة السادسة: حساب نصف المتوسط الانتخابي في الدائرة واستبعاد القوائم التي تقل أصواتها الزائدة عن هذا النصف وتوزيع المقاعد المتبقية على القوائم التي تبلغ أصواتها الزائدة ذلك القدر على الأقل بأن تعطى كل قائمة مقعداً حسب توالي هذه الأصوات وإلا أعطيت هذه المقاعد لقائمة الحزب الحاصل على أكبر الأصوات على مستوى الجمهورية.
العملية الخامسة في حصرها المقاعد والأصوات الزائدة تنصرف إلى كل مقعد يتخلف عن العملية الرابعة وتشمل أيضاً كل صوت يفيض من هذه العملية بذاتها - أساس ذلك: أن النص جاء عاماً مطلقاً في إشارته إلى المقاعد المتبقية وإلى الأصوات الزائدة على نحو يستغرق كل مقعد متخلف ويستوعب كل صوت زائد من المرحلة السابقة سواء خص هذا الصوت الزائد قائمة ظفرت بمقعد أو أكثر في المرحلة السابقة تبعاً لتجاوزها المتوسط الانتخابي أو مضاعفاته حسب هذا المتوسط الانتخابي - القول بغير هذا يؤدي إلى إقصاء الحزب من التمثيل في مجلس الشعب على مستوى الجمهورية في المرحلة الخامسة لمجرد عدم حصول قوائمه المتوسط الانتخابي في أية دائرة خلال المرحلة الرابعة رغم سبق تجاوزه قيد الحصول على نسبة ثمانية في المائة على الأقل من مجموع الأصوات الصحيحة التي أعطيت على مستوى الجمهورية وهو أمر لو قصد إليه المشرع لنص عليه في جلاء دون بلوغه في خفاء - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الخميس الموافق 23 من إبريل سنة 1987، أودعت هيئة قضايا الدولة، نيابة عن السيد وزير الداخلية بصفته، قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا، تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 1911 لسنة 33 القضائية، ضد السادة 1 -...... 2 -....... 3 -...... في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (دائرة منازعات الأفراد والهيئات) بجلسة 21 من إبريل سنة 1987 في الدعوى رقم 3425 لسنة 41 القضائية، المقامة من المطعون ضدهم على الطاعنة بصفته والقاضي بقبول الدعوى شكلاً وفي الطلب المستعجل بوقف تنفيذ القرارين الصادرين من لجنة إعداد نتيجة الانتخاب لمجلس الشعب وقرار وزير الداخلية فيما تضمناه من عدم فوز حزب الوفد الجديد بمقعد في الدائرة الأولى بمحافظة المنيا وبإلزام الجهة الإدارية بمصروفات هذا الطلب وبتنفيذ الحكم بموجب مسودته وبغير إعلان. وطلب الطاعن للأسباب المبينة في تقرير الطعن الحكم أولاً بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وثانياً بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء هذا الحكم وبرفض طلب وقف تنفيذ القرارين المطعون فيهما وبإلزام المطعون ضدهم بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن درجتي التقاضي.
وأعلن تقرير الطعن على النحو المبين بالأوراق. وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً مسبباً بالرأي القانوني في الطعن ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً.
وعينت جلسة 21 من إبريل سنة 1987 لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة، وجرى تداوله بالجلسات على النحو الوارد في المحاضر حتى قررت الدائرة بجلسة 23 من نوفمبر سنة 1987 إحالته إلى المحكمة الإدارية العليا (دائرة منازعات الأفراد والهيئات والتعويضات) وحددت لنظره جلسة 5 من ديسمبر سنة 1987، وتم تداوله بالجلسات على الوجه الثابت في المحاضر حتى قررت المحكمة في جلسة 11 من فبراير سنة 1989 إصدار الحكم بجلسة 8 من إبريل سنة 1989 حيث قررت المحكمة مد أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم، وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تتحصل حسبما يبين من الأوراق في أنه بتاريخ 13 من إبريل سنة 1987 رفع المطعون ضدهم الدعوى رقم 3425 لسنة 41 القضائية ضد الطاعن بصفته أمام محكمة القضاء الإداري. وطلبوا الحكم أولاً: بصفة مستعجلة بإيقاف قرار لجنة إعداد نتيجة الانتخاب لمجلس الشعب وقرار وزير الداخلية الصادر في 11 من إبريل سنة 1987 فيما تضمنه من عدم إعلان فوز حزب الوفد الجديد بمقعد في الدائرة الأولى بمحافظة المنيا وإعلان نجاح الحزب - بهذا المقعد ويمثله فيه أي من المطعون ضدهم الثاني أو الثالث، وثانياً: في الموضوع بإلغاء قرار اللجنة وقرار وزير الداخلية على هذا النحو، وثالثاً: بإلزام الطاعن بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وذكروا أن الدائرة الثالثة بمحافظة البحيرة خصص لها 7 مقاعد في انتخابات مجلس الشعب التي تمت يوم 6 من إبريل سنة 1987 وحصل فيها الحزب الوطني على 111851 صوتاً وحزب الوفد الجديد على 11439 صوتاً وبلغ المتوسط الانتخابي بها 21780 صوتاً، وبذا يخص الحزب الوطني 5 مقاعد ويبقى زائداً له 2951 صوتاً وحزب العمل مقعد ويبقى زائداً 4693 صوتاً وتبقى لحزب الوفد الجديد 14139 صوتاً، إلا أن النتيجة أغفلت إعلان فوز حزب الوفد الجديد بأي مقعد وهو ما ينطوي على نتائج يتعذر تداركها مستقبلاً إذا انعقد مجلس الشعب يوم 22 من إبريل سنة 1987 وحلفت أعضاؤه اليمين، مما يحق معه للمطعون ضده الأول بصفته رئيساً للحزب وكذا المطعون ضدهما الثاني والثالث باعتبارهما المرشحين رقم 1 ورقم 2 في قائمة الحزب أن يرفعوا هذه الدعوى طالبين التنفيذ بالمسودة الأصلية للحكم وبدون إعلان. وبتاريخ 21 من إبريل سنة 1987 قضت محكمة القضاء الإداري (دائرة منازعات الأفراد والهيئات) بقبول الدعوى شكلاً وفي الطلب المستعجل بوقف تنفيذ القرارين المطعون فيهما فيما تضمناه من عدم فوز حزب الوفد الجديد بمقعد في الدائرة الثالثة بمحافظة البحيرة وألزمت الجهة الإدارية بمصروفات هذا الطلب وأمرت بتنفيذ الحكم بموجب مسودته وبغير إعلان. وبنت قضاءها بوقف تنفيذ القرارين المطعون فيهما على أن القانون رقم 1988 لسنة 1986 قضى في المادة الأولى منه بتعديل المادة 17 من القانون رقم 38 لسنة 1972 في شأن مجلس الشعب، وجاء ترديداً لها نص المادة 36 من القانون رقم 73 لسنة 1956 بتنظيم مباشرة الحقوق السياسية معدلاً بالقانون رقم 2 لسنة 1987، وواضح من نص المادتين أنه حسب صريح عباراته في عموم مبناه ومعناه تضمن حكمين مستقلين لكل منهما أوضاعه وشروطه الخاصة به، الحكم الأول هو أن يعطي كل قائمة حزبية عدداً من مقاعد الدائرة بنسبة عدد الأصوات الصحيحة التي حصلت عليها إلى مجموع عدد الأصوات الصحيحة للناخبين في الدائرة بشرط أن يكون للحزب صاحب القائمة الحق في أن يمثل بمجلس الشعب بأن يكون قد حصل على نسبة 8% على الأقل من مجموع الأصوات الصحيحة التي أعطيت على مستوى الجمهورية، والحكم الثاني هو أن توزع المقاعد المتبقية بالدائرة على القوائم الحاصلة على أصوات زائدة لا تقل عن نصف المتوسط الانتخابي للدائرة فتعطى كل قائمة مقعداً تبعاً لتوالي الأصوات الزائدة بمراعاة ألا تقل تلك الأصوات عن نصف المتوسط الانتخابي، ولم يقيد المشرع الحكم الأخير بأي قيد آخر يحد من إطلاقه فلم يتطلب أن يكون الحزب قد حصل على مقعد من مقاعد الدائرة في عملية التوزيع الأولى للمقاعد، والقاعدة أن المطلق يؤخذ على إطلاقه طالما لم يرد عليه ما يقيده، والقول بغير هذا ينطوي على إضافة لذلك الحكم دون نص، وعلى هذا فإن عبارة القوائم الحاصلة على أصوات زائدة لا تعني في المفهوم الصحيح سوى الأصوات المتبقية لكل قائمة بعد توزيع مجموع الأصوات الصحيحة للناخبين في الدائرة على عدد مقاعدها وتحديد ما يخص كل مقعد منها وهو ما يعبر عنه بالمتوسط الانتخابي وبالتالي تحديد ما يخص القوائم من تلك المقاعد وما يتبقى بعد ذلك من أصوات لا تقل عن المتوسط الانتخابي حيث يمثل الباقي بالنسبة لكل قائمة أصواتاً زائدة تخولها مقعداً من المقاعد المتبقية في الدائرة شريطة ألا تقل عن نصف المتوسط الانتخابي للدائرة، وهذا التفسير يتفق والحكمة التي استهدفها المشرع بعدم إهدار إرادة الناخبين في التعبير عن اختيارهم من يمثلهم في عضوية مجلس الشعب متى بلغت في نصابها حداً معيناً هو نصف المتوسط الانتخابي للدائرة، كما يؤكده أن المشرع عول على هذه الإرادة عند حساب المتوسط الانتخابي للدائرة وتحديد ما يخص كل مقعد في عملية التوزيع الأولى وبالتالي لا يجوز إهدارها عند توزيع المقاعد المتبقية، وربما يرسخه كذلك ما ورد في الأعمال التحضيرية للاقتراح الخاص بتعديل المادة 17 من القانون رقم 38 لسنة 1972 في شأن مجلس الشعب حسب الثابت في مضبطة هذا المجلس بجلسة 29 من ديسمبر سنة 1986 من توزيع المقاعد المتبقية على القوائم الحاصلة على نصف المتوسط الانتخابي في الدائرة، ولما كان الثابت من ظاهر الأوراق أن المتوسط الانتخابي في الدائرة الثالثة بمحافظة البحيرة هو 21780 صوتاً وحصل حزب الوفد فيها على 14139 صوتاً بما يزيد على نصف المتوسط الانتخابي وعلى الأصوات الباقية للأحزاب الأخرى، فإنه يستحق مقعداً مما بقى في الدائرة ويكون القرارين المطعون فيهما مخالفين للقانون فيما تضمناه من عدم حصوله على هذا المقعد الأمر الذي يرجح إلغاءهما ويوفر ركن الجدية في طلب وقف تنفيذهما فضلاً عن تحقق ركن الاستعجال بالحرمان من تمثيل الدائرة في مجلس الشعب المحدد لانعقاده يوم 22 من إبريل سنة 1987 مما يسوغ الأمر بتنفيذ الحكم بمسودته وبدون إعلان عملاً بالمادة 286 من قانون المرافعات.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله لما يأتي: أولاً: المحكمة غير مختصة ولائياً بنظر الدعوى، لأنه بتمام العملية الانتخابية وإعلان نتيجتها تنفصم علاقة الجهة الإدارية بها ويكتسب من أعلن فوزه حقاً باعتباره عضواً في مجلس الشعب، فيختص هذا المجلس وحده بالفصل في صحة عضويته بعد تحقيق تجريه محكمة النقض طبقاً للمادة 93 من الدستور والمادة 20 من القانون رقم 38 لسنة 1972 في شأن مجلس الشعب، وهو ما يضمن استقلال السلطة التشريعية ويحقق مبدأ الفصل بين السلطات، وإن كان هذا على خلاف رأي سابق للمحكمة الإدارية العليا في حكمها الصادر بجلسة 15 من مايو سنة 1985 في الطعن رقم 2977 لسنة 30 القضائية فإنه يجوز لها أن تعدل عن رأيها إذا تبينت وجهاً لذلك وهو ما يطلبه الطاعن. ثانياً: توزيع المقاعد على قوائم الأحزاب التي يحق لها التمثيل في مجلس الشعب يتم على مرحلتين، المرحلة الأولى إعداد المتوسط الانتخابي للدائرة وقسمة عدد الأصوات الصحيحة لكل حزب على هذا المتوسط فإذا قلت عنه فإن الحزب لا يستحق أي مقعد لأنه لم ينل ثقة الناخبين، والمرحلة الثانية توزيع المقاعد المتبقية على الأحزاب التي حصلت على أصوات زائدة على المتوسط الانتخابي أو متكرراته فيشترط أن يكون الحزب قد حصل على مقعد واحد على الأقل في المرحلة الأولى، ولا يمكن أن تنصرف عبارة القوائم الحاصلة على أصوات زائدة، ولا يفيد بغير هذا ما ورد في الأعمال التحضيرية بل يؤيده لأن العبرة بذات النص. كما قدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة في الطعن جاء بها أولاً: عدم اختصاص محاكم مجلس الدولة بنظر الدعوى لأن قانون مجلس الدولة. نص في المادة العاشرة أولاً على اختصاصها بنظر الطعون الخاصة بانتخابات الهيئات المحلية، وعلى هذا فإن اختصاصها لا يمتد إلى الطعون المتعقلة بانتخابات مجلس الشعب، وهو ما يتفق والدستور الذي وضع في المادة 93 نظاماً للفصل في صحة العضوية بمجلس الشعب وفي الطعون المتعلقة بانتخابهم بصفة عامة مطلقة مثل كثير من دساتير الدول التي حرصت على كفالة استقلال المجالس النيابية الأمر الذي يجعل لمجلس الشعب وحده الاختصاص المطلق الجامع المانع دون مشاركة أية جهة قضائية في كل ما يتعلق بصحة العضوية والطعون الانتخابية لأعضائه على نحو يشمل العملية الانتخابية برمتها من بدايتها إلى نهايتها بمراحلها المختلفة سواء كان مرجع الطعن الانتخابي أموراً شابت الإرادة الشعبية أو مخالفات قانونية أو أخطاء مادية باعتباره المهيمن وحده على جميع شئون أعضائه، وإذا صح جدلاً اختصاصها بما قد يصدر عن الجهات القائمة على الانتخابات ويكون له مقومات القرار الإداري أثناء سير العملية الانتخابية فإنه اختصاص يزول تماماً بمجرد إعلان نتيجة الانتخابات إذ رتبت المادتان 19 و20 من القانون رقم 38 لسنة 1972 في شأن مجلس الشعب على إعلان النتيجة إنهاء العملية الانتخابية وسريان مواعيد الطعن في صحة العضوية أمام مجلس الشعب بما ينفي وجود أي اختصاص لمحاكم مجلس الدولة بعد إعلان نتيجة الانتخاب، كما أن إدخال أعضاء جدد بموجب أحكامها محل أعضاء موجودين بمجلس الشعب يقتضي إعلان إبطال عضوية هؤلاء الأعضاء الموجودين بالمجلس مما يختص به مجلس الشعب وحده، الأمر الذي يؤمل معه أن تعيد المحكمة النظر فيما قام عليه قضاء سابق للمحكمة الإدارية العليا من وجهة نظر مخالفة. وثانياً الواضح من المادة 17 من القانون رقم 38 لسنة 1972 معدلة بالقانون رقم 114 لسنة 1983 والمادة 36 من القانون رقم 73 لسنة 1956 معدلة بالقانون رقم 46 لسنة 1984 وبالقانون رقم 2 لسنة 1987 أن المقاعد المتبقية من المرحلة الأولى يقتصر توزيعها على القوائم الحزبية التي حصلت على المتوسط الانتخابي وبالتالي لم تفز بأي مقعد في المرحلة الأولى، لأن كلمة زائد تقتضي لغة وجود ما تزيد عليه وليس هناك ما تزيد عليه الأصوات التي لم تبلغ المتوسط الانتخابي في المرحلة الأولى، ولا محل للجوء إلى حكمة التشريع أو إلى ما قيل في وسائل الإعلام أو نشر في الصحف ما دام النص واضحاً في القضاء بغير هذا، ولا يعني حصول الحزب على نسبة ثمانية في المائة من مجموع الأصوات الصحيحة على مستوى الجمهورية ضرورة تمثيله في مجلس الشعب ما دام لم يحصل على المتوسط الانتخابي في أي دائرة. ثالثاً: أوجب الدستور في المادة 87 توافر النسبة المقررة للعمال والفلاحين وهي 50% على الأقل بمجلس الشعب، وتطبيقاً لهذا كفل القانون رقم 38 لسنة 1972 في شأن مجلس الشعب هذه النسبة بالنص في المادة 17 منه على استكمالها من قائمة الحزب الحاصل على أقل عدد من الأصوات بكل دائرة، ولم ينسخ هذا النص بالتعديل الذي يطرأ على المادة 36 من القانون رقم 73 لسنة 1956 بتنظيم مباشرة الحقوق السياسية بمقتضى القانون رقم 2 لسنة 1987 الذي واجه نظام الانتخاب الفردي بالإضافة إلى نظام الانتخاب بالقائمة النسبية الحزبية في وقت لم يكن مثاراً فيه أي شيء بخصوص النسبة المقررة للعمال والفلاحين من حذف الفقرة المتعلقة بها اكتفاء لورودها في قانون مجلس الشعب وهو المكان الطبيعي لها كقانون خاص إلى جوار قانون تنظيم مباشرة الحقوق السياسية كقانون عام والقاعدة أن العام لا يقيد الخاص، فلا يوجد نسخ صريح أو ضمني للفقرة التي وردت في المادة 17 من القانون رقم 38 لسنة 1972 وقضت باستكمال نسبة العمال والفلاحين من قائمة الحزب الحاصل على أقل عدد من الأصوات بكل دائرة. إذ لا يوجد نص صريح بإلغائها ولا يوجد تناقض أو تنافر يحول دون تطبيقها.
ومن حيث إنه عن اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بنظر المنازعة الماثلة، فإنه بمراجعة التشريعات المنظمة للاختصاص بالفصل في صحة نيابة أو عضوية أعضاء المجالس النيابية بدءاً بالمادة 95 من دستور سنة 1923 والقانون رقم 141 لسنة 1951 الصادر طبقاً لها، فالمادة 90 من دستور سنة 1930، ثم المادة 89 من دستور سنة 1956 والمادة 17 من القانون رقم 246 لسنة 1956 الصادرة تطبيقاً لها، وكذا المادة 62 من دستور سنة 1964 وأخيراً المادة 93 من دستور سنة 1971 التي نصت على أنه (يختص المجلس بالفصل في صحة عضوية أعضائه وتختص محكمة النقض بالتحقيق في صحة الطعون المقدمة إلى المجلس..... وتعرض نتيجة التحقيق والرأي الذي انتهت إليه المحكمة على المجلس للفصل في صحة الطعن ولا تعتبر العضوية باطلة إلا بقرار يصدر بأغلبية ثلثي أعضاء المجلس) فإنه يتبين أن الاختصاص بنظر الطعون في صحة نيابة العضو أو صحة عضويته لا يتأبى بذاته على الرقابة القضائية بل هو في وظيفة القضاء أدخل منه في غيرها أياً كانت الجهة التي يحددها الدستور أو القانون للفصل فيها. وباستعراض المواد 63 و64 و68 و87 من دستور سنة 1971، يتضح أن العضوية في مجلس الشعب مرجعها عملية الانتخاب المباشر السري العام باعتبارها الوسيلة التي يتم من خلالها التعبير عن إرادة الناخبين، فهذه الإدارة هي أساس صحة العضوية في مجلس الشعب، فإن لحقت شائبة بعملية الانتخاب انعكس ذلك بحكم التداعي على صحة العضوية، ولذا نصت المادة 88 من هذا الدستور على أن يتم الاقتراع تحت إشراف أعضاء من هيئة قضائية ضماناً لصحة العملية الانتخابية وتجسيداً لما قضت به المادة 3 في ذات الدستور من أن السيادة للشعب وحده. وكان دستور سنة 1971 حسب نص المادة 5 منه عند إقرار الشعب له ابتداء يأخذ بمبدأ التنظيم السياسي الواحد وهو الاتحاد الاشتراكي العربي، مما استتبع أن أحكامه الخاصة بالعملية الانتخابية ما كانت لتعالج غير نظام الانتخاب الفردي الذي لا يتطلب تصرفاً إرادياً من جانب جهة إدارية تكون واسطة العقد بين تعبير الناخبين عن إرادتهم وبين نيابة من أسفر هذا التعبير عن عضويته بمجلس الشعب، وقد عدل هذا النص باستفتاء شعبي في 22 من مايو سنة 1980 على نحو أقام النظام السياسي على أساس تعدد الأحزاب، وصدر القانون رقم 46 لسنة 1984 بتعديل بعض أحكام القانون رقم 73 لسنة 1956 بتنظيم مباشرة الحقوق السياسية، ومن بينها حكم المادة 24 التي تضمن نصها الجديد ما يأتي (.... وتشكل بقرار من وزير الداخلية لجنة من ثلاثة أعضاء برئاسة أحد مساعدي وزير الداخلية لإعداد نتيجة الانتخابات طبقاً لما تنص عليه الفقرة الثانية من المادة 36.....) ومن بينها أيضاً حكم الفقرة الثانية من المادة 36 فقد صار نصها كالآتي (..... وفي حالة الانتخابات لعضوية مجلس الشعب تتولى لجنة إعداد نتيجة الانتخابات المشكلة طبقاً للفقرة الأخيرة من المادة 24 حصر الأصوات التي حصل عليها كل حزب تقدم بقائمة على مستوى الجمهورية وتحديد الأحزاب التي يجوز لها وفقاً للقانون أن تمثل بمجلس الشعب، ثم تقوم بتوزيع المقاعد في كل دائرة على تلك الأحزاب وفقاً لنسبة عدد الأصوات التي حصلت عليها قائمة كل حزب منها في الدائرة إلى مجموع ما حصلت عليه قوائم تلك الأحزاب من أصوات صحيحة في ذات الدائرة وتعطى المقاعد المتبقية بعد ذلك للقائمة الحائزة أصلاً على أكثر الأصوات، على أن تستكمل نسبة العمال والفلاحين من قائمة الحزب الحاصل على أقل عدد من الأصوات ثم من قائمة الحزب الذي يزيد عنه مباشرة...) ثم صدر القانون رقم 2 لسنة 1987 متضمناً تعديل هذه الفقرة الثانية من المادة 36 من القانون رقم 73 لسنة 1956 فصار نصها كالآتي (.... وفي حالة الانتخاب لعضوية مجلس الشعب تتولى لجنة إعداد نتيجة الانتخابات المشكلة طبقاً للفقرة الأخيرة من المادة 24 حصر الأصوات التي حصل عليها كل حزب تقدم بقائمة على مستوى الجمهورية وكل مرشح للانتخاب الفردي وتحديد الأحزاب التي يجوز لها وفقاً للقانون أن تمثل بمجلس الشعب والمرشح للانتخاب الفردي الذي حصل على الأغلبية المطلوبة من الأصوات، ثم تقوم بتوزيع المقاعد في كل دائرة على الوجه الآتي: أ - يخصص مقعد في الدائرة للمرشح الفردي الذي حصل على أكبر عدد من الأصوات الصحيحة التي أعطيت للمرشحين للانتخاب الفردي.... ب - تعطى كل قائمة حزبية عدداً من مقاعد الدائرة بنسبة عدد الأصوات الصحيحة التي حصلت عليها إلى مجموع عدد الأصوات الصحيحة للناخبين في الدائرة التي حصليها عليها قوائم الأحزاب التي يحق لها أن تمثل طبقاً لأحكام القانون وتوزع المقاعد المتبقية بعد ذلك على القوائم الحاصلة على أصوات زائدة لا تقل عن نصف المتوسط الانتخابي للدائرة على أن تعطى كل قائمة مقعداً تبعاً لتوالي الأصوات الزائدة وإلا أعطيت المقاعد المتبقية لقائمة الحزب الحاصل على أكثر الأصوات على مستوى الجمهورية كما نصت المادة 37 من ذات القانون على أنه (تعلن النتيجة العامة للانتخابات أو الاستفتاء بقرار يصدر من وزير الداخلية) وقد أشارت إلى هذه اللجنة الثلاثية وعملها المادة 11 من قرار وزير الداخلية رقم 293 لسنة 1984 بإجراءات ترشيح وانتخاب أعضاء مجلس الشعب المعدل بالقرارين رقمي 142 و279 لسنة 1987. ومفاد هذا أن اللجنة الثلاثية المختصة بإعداد نتيجة الانتخاب وهي لجنة استحدثها القانون رقم 46 لسنة 1984 صدوراً عن نظام الانتخاب بالقوائم الحزبية، مهمتها حصر الأصوات التي حصل عليها كل حزب على مستوى الجمهورية وتحديد الأحزاب التي تمثل بمجلس الشعب وبيان المرشح الفائز بالمقعد الفردي في كل دائرة وتوزيع المقاعد الخاصة بالقوائم الحزبية وفقاً للقواعد والضوابط المرسومة قانوناً وإعداد مشروع النتيجة النهائية للانتخاب وعرض هذه النتيجة على وزير الداخلية لاعتمادها وإصدار قرار بها، وعلى ذلك فإن عملها لا يتصل بصميم العملية الانتخابية ذاتها من تصويت وفرز للأصوات وإنما يبدأ عملها بعد انتهاء هذه العملية التي تباشرها اللجان الفرعية تحت إشراف اللجان العامة والرئيسية طبقاً للمادتين 24 و34 من القانون رقم 73 لسنة 1956، ولا ريب في أن ما تقوم به هذه اللجنة الثلاثية هو تصرفات إدارية محضة وما تصدره من قرارات في هذا الشأن هي قرارات صادرة من سلطة إدارية في أمور تتعلق بتطبيق أحكام القانون في شأن تحديد الأحزاب التي تمثل في مجلس الشعب وتوزيع المقاعد عليها وتنتهي إلى ترتيب مركز قانوني لكل حزب منها بتحديد عدد المقاعد التي حصل عليها وبيان أسماء الفائزين بها، وتتوج أعمال تلك اللجنة الثلاثية باعتماد وزير الداخلية لها حيث يصدر قراراً بإعلان النتيجة العامة للانتخاب وهو قرار إداري يقبل الطعن فيه حيث يتعلق الطعن حينئذٍ بقرار صدر من الجهة الإدارية وعبر عن إرادتها كسلطة عامة بعد الانتهاء من العملية الانتخابية بالمعنى الدقيق ورتب الآثار على نحو ما كشفت عنه الإرادة الشعبية وتطبيقاً لحكم القانون تحت رقابة قاضي المشروعية فتنحسر عنه المادة 93 من الدستور التي تنصت على الطعون في عملية الانتخاب ذاتها، ويغمره الاختصاص المقرر لمجلس الدولة بهيئة قضاء إداري باعتباره القاضي الطبيعي للمنازعات الإدارية عملاً بالمادتين 68 و172 من الدستور والمادة 10 من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972، ولا يقدح في هذا الإشارة في المادة الأخيرة إلى الطعون الخاصة بانتخابات الهيئات المحلية في معرض التعداد لاختصاصات محاكم مجلس الدولة، والقول بغير ذلك قد يؤدي إلى إهدار إرادة الناخبين بقرار يصدر من جهة الإدارة إذا تنكبت فيه صحيح حكم القانون، ولذا حق صدور قرار من وزير الداخلية بتصحيح ما وقع من خطأ في قراره الصادر باعتماد نتيجة الانتخاب مما يعني أنه قرار قابل للسحب الإداري ولا يستعصى على الرقابة القضائية في هذا الصدد.
ومن حيث إن المنازعة المعروضة تمثل في حقيقتها طعناً على قرار وزير الداخلية باعتماد عمل اللجنة المختصة بإعداد نتيجة انتخابات مجلس الشعب، وتقوم على أن اللجنة خالفت صحيح أحكام القانون في شأن كيفية توزيع المقاعد على الأحزاب ومرشحيها، فإنها تدخل في اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري، مما يجعل الدفع بعدم اختصاصه بنظرها دفعاً في غير محله خليقاً بالرفض، وهو ما ذهبت إليه المحكمة من قبل ولا ترى مبرراً للعدول عنه.
ومن حيث إن القانون المدني نص في المادة 2 على أنه (لا يجوز إلغاء نص تشريعي إلا بتشريع لاحق ينص صراحة على هذا الإلغاء، أو يشمل على نص يتعارض مع التشريع القديم، أو ينظم من جديد الموضوع الذي سبق أن قرر قواعده ذلك التشريع، وقد صدر القانون رقم 73 لسنة 1956 بتنظيم مباشرة الحقوق السياسية، وتناول في أبواب متابعة الحقوق السياسية ومباشرتها وجداول الانتخاب وعمليتي الاستفتاء والانتخاب وجرائم الانتخابات وأحكاماً عامة ووقتية، وصدر القانون رقم 38 لسنة 1972 في شأن مجلس الشعب، وتعرض في أبواب متعاقبة لتكوين مجلس الشعب وللترشيح لعضويته ولأحكام العضوية ولنصوص ختامية وانتقالية. وصدر القانون رقم 114 لسنة 1983 بتعديل بعض أحكام القانون رقم 38 لسنة 1972 في شأن مجلس الشعب، ومن بينها حكم المادة 17 التي عدلت إلى النص الآتي (ينتخب أعضاء مجلس الشعب طبقاً لنظام القوائم الحزبية بحيث يعطى لكل قائمة عدد من مقاعد الدائرة بنسبة عدد الأصوات الصحيحة التي حصل عليها وتعطى المقاعد المتبقية بعد ذلك للقائمة الحائزة أصلاً على أكثر الأصوات. وعلى الجهة المختصة أن تلتزم في إعلان نتيجة الانتخاب بترتيب الأسماء طبقاً لورودها بقوائم الأحزاب مع مراعاة نسبة الخمسين في المائة المقررة للعمال والفلاحين عن كل دائرة على حدة. ويلتزم الحزب صاحب القائمة الحاصلة على أقل عدد من الأصوات والتي يحق لها أن تمثل باستكمال نسبة العمال والفلاحين طبقاً للترتيب الوارد بها وذلك عن كل دائرة. ولا يمثل بالمجلس الحزب الذي لا تحصل قوائمه على ثمانية في المائة على الأقل من مجموع الأصوات الصحيحة التي أعطيت على مستوى الجمهورية). وصدر القانون رقم 46 لسنة 1984 بتعديل بعض أحكام القانون رقم 73 لسنة 1956 بتنظيم مباشرة الحقوق السياسية، ومن بينها حكم المادة 24 التي صار نص الفقرات الثالثة والرابعة والخامسة منها كالآتي (...... وفي حالة الانتخاب لعضوية مجلس الشعب يكون لكل حزب قدم قائمة بمرشحيه أن يندب عضوين من بين الناخبين في نطاق اللجنة العامة لتمثيله في كل لجنة من اللجان العامة والفرعية في الدوائر التي قدم فيها قوائم دون غيرها...) ومن بينها أيضاً حكم المادة 36 التي صار نص الفقرة الثانية منها كالآتي: (.... وفي حالة الانتخابات لعضوية مجلس الشعب تتولى لجنة إعداد نتيجة الانتخابات المشكلة طبقاً للفقرة الأخيرة من المادة 24 حصر الأصوات التي حصل عليها كل حزب تقدم بقائمة على مستوى الجمهورية وتحديد الأحزاب التي يجوز لها وفقاً للقانون أن تمثل بمجلس الشعب ثم تقوم بتوزيع المقاعد في كل دائرة على تلك الأحزاب وفقاً لنسبة عدد الأصوات التي حصلت عليها قائمة كل حزب منها في الدائرة إلى مجموع ما حصلت عليه قوائم تلك الأحزاب من أصوات صحيحة في ذلك الدائرة وتعطى المقاعد المتبقية بعد ذلك للقائمة الحائزة أصلاً على أكثر الأصوات، على أن تستكمل نسبة العمال والفلاحين من قائمة الحزب الحاصل على أقل عدد من الأصوات ثم من قائمة الحزب الذي يزيد عنه مباشرة...) وصدر القانون رقم 188 لسنة 1986 بتعديل بعض أحكام القانون رقم 38 لسنة 1972 في شأن مجلس الشعب، ومن بينها حكم المادة 5 مكرراً التي نصها كالآتي: (يكون انتخاب أعضاء مجلس الشعب عن طريق الجمع في كل دائرة انتخابية بين نظام الانتخاب بالقوائم الحزبية ونظام الانتخاب الفردي، بحيث يكون لكل دائرة عضو واحد يتم انتخابه عن طريق الانتخاب الفردي ويكون انتخاب باقي الأعضاء الممثلين للدائرة عن طريق الانتخاب بالقوائم الحزبية. ويكون لكل حزب قائمة خاصة..... ويجب أن تتضمن كل قائمة عدداً من المرشحين مساوياً لعدد الأعضاء الممثلين للدائرة طبقاً للجدول المرافق ناقصاً واحد كما يجب أن يكون نصف المرشحين بكل قائمة حزبية على الأقل من العمال والفلاحين على أن يراعى اختلاف الصفة في تتابع أسماء المرشحين بالقوائم....) ومن بينها أيضاً حكم المادة 17 فقرة أولى التي صار نصها كالآتي (يعلن انتخاب المرشح الفرد الذي حصل على أكثر عدد من الأصوات الصحيحة في دائرته الانتخابية أياً كانت صفته التي رشح بها.... ويعلن انتخاب باقي الأعضاء الممثلين للدائرة الانتخابية طبقاً لنظام القوائم الحزبية عن طريق إعطاء كل قائمة حزبية عدداً من مقاعد الدائرة بنسبة عدد الأصوات الصحيحة التي حصلت عليها إلى مجموع عدد الأصوات الصحيحة للناخبين في الدائرة التي حصلت عليها قوائم الأحزاب التي يحق لها أن تمثل طبقاً لأحكام هذه المادة وتوزع المقاعد المتبقية بعد ذلك على القوائم الحاصلة على أصوات زائدة لا تقل عن نصف المتوسط الانتخابي للدائرة على أن تعطى كل قائمة مقعداً تبعاً لتوالى الأصوات الزائدة وإلا أعطيت المقاعد المتبقية لقائمة الحزب الحاصل على أكبر الأصوات على مستوى الجمهورية). وأخيراً صدر القانون رقم 2 لسنة 1987 بتعديل بعض أحكام القانون رقم 73 لسنة 1956 بتنظيم مباشرة الحقوق السياسية، ومن بينها حكم المادة 24 فقرة ثالثة ورابعة اللتين صار نصهما كالآتي: (وفي حالة الانتخاب لعضوية مجلس الشعب يكون لكل حزب قدم قائمة بمرشحيه بالنسبة إلى الدوائر التي قدم فيها قوائم دون غيرها وكذلك لكل مرشح فرد أو يندب عضواً من الناخبين في نطاق اللجنة العامة لتمثيله في ذات اللجنة العامة وعضواً من الناخبين المقيدة أسماؤهم في جدول انتخاب اللجنة الفرعية لتمثيله في ذات اللجنة الفرعية..... ولكل حزب قدم قائمة بمرشحيه بالنسبة إلى الدوائر التي قدم فيها قوائم دون غيرها وكذلك لكل مرشح فرد أن يوكل عنه أحد الناخبين من المقيدين في ذات الدائرة الانتخابية لتمثيله أمام كل لجنة انتخابية رئيسية أو عامة أو فرعية...) ومن بينها أيضاً حكم المادة 36 التي صار نص الفقرة الثانية منها كالآتي: (.... وفي حالة الانتخاب لعضوية مجلس الشعب تتولى لجنة إعداد نتيجة الانتخابات المشكلة طبقاً للفقرة الأخيرة من المادة 24 حصر الأصوات التي حصل عليها كل حزب تقدم بقائمة على مستوى الجمهورية وكل مرشح للانتخاب الفردي وتحديد الأحزاب التي يجوز لها وفقاً للقانون أن تمثل بمجلس الشعب والمرشح للانتخاب الفردي الذي حصل على الأغلبية المطلوبة من الأصوات، ثم تقوم بتوزيع المقاعد في كل دائرة على الوجه الآتي: ( أ ) يخصص معقد في الدائرة للمرشح الفرد الذي حصل على أكبر عدد من الأصوات الصحيحة التي أعطيت للمرشحين للانتخاب الفردي... (ب) تعطى كل قائمة حزبية عدداً من مقاعد الدائرة بنسبة عدد الأصوات الصحيحة التي حصلت عليها إلى مجموع عدد الأصوات الصحيحة للناخبين في الدائرة التي حصلت عليها قوائم الأحزاب التي يحق لها أن تمثل طبقاً لأحكام القانون وتوزع المقاعد المتبقية بعد ذلك على القوائم الحاصلة على أصوات زائدة لا تقل عن نصف المتوسط الانتخابي للدائرة على أن تعطى كل قائمة مقعداً تبعاً لتوالى الأصوات الزائدة وإلا أعطيت المقاعد المتبقية لقائمة الحزب الحاصل على أكبر عدد الأصوات على مستوى الجمهورية).
ومن حيث إنه يؤخذ من هذه النصوص أنه ولئن كان القانون رقم 38 لسنة 1972 في شأن مجلس الشعب أورد الأحكام المتعلقة بمجلس الشعب بصفة خاصة، بينما سرد القانون رقم 73 لسنة 1956 بتنظيم مباشرة الحقوق السياسية الأحكام المتعلقة بهذه الحقوق بصفة عامة، إلا أن القانون الأخير رقم 73 لسنة 1956 في تعديله بالقانون رقم 46 لسنة 1984 وكذا في تعديله بالقانون رقم 2 لسنة 1987 تضمن صراحة أحكاماً تخص مجلس الشعب سواء في الفقرتين الثالثة والرابعة من المادة 24 اللتين تناولتا ممثلي الأحزاب ووكلائهم في اللجان الانتخابية لمجلس الشعب، وسواء في الفقرة الثانية من المادة 36 التي تناولت عملية حصر الأصوات وتحديد الأحزاب التي يحق لها التمثيل وتوزيع المقاعد في كل دائرة بمجلس الشعب وهذان الضربان من الأحكام المتعلقة بمجلس الشعب سواء الصادرة بالقانون رقم 38 لسنة 1972 أو الواردة بالقانون رقم 73 لسنة 1956، وإن تباينا في مكان ورودهما فقد اتحدا في موضوعهما على نحو ينتظمهما معاً عقد واحد، وبذا يتسايران إن ائتلفا ويتناسخان إن اختلفا حيث يلغي اللاحق فيهما السابق تبعاً لوحدة الموضوع، مما لا محل إزاءه للقول بأعمال قاعدة الحكم العام والحكم الخاص، فهذا القول لا يستقيم في معرض أحكام ذات موضوع واحد هو مجلس الشعب حتى تتسق جميعها تحت مظلة موضوعها فلا تتنافر فيما بينها ولا تتبعض في وحدتها بصرف النظر عن مكان ورودها، لأن العبرة في هذا الصدد هي بوحدة الموضوع وليس بصعيد الورود.
ومن حيث إنه يؤخذ من ذات النصوص أن الفقرة الرابعة من المادة 17 من القانون رقم 38 لسنة 1972 في شأن مجلس الشعب معدلة بالقانون رقم 114 لسنة 1983، قضت بأنه لا يمثل في مجلس الشعب الحزب الذي لا تحصل قوائمه على ثمانية في المائة على الأقل من مجموع الأصوات الصحيحة التي أعطيت على مستوى الجمهورية. وهذه الفقرة لم يمسسها القانون رقم 118 لسنة 1986 في تعديله للقانون رقم 38 لسنة 1982 في شأن مجلس الشعب كما أقرها ضمناً القانون رقم 2 لسنة 1987 في تعديله للمادة 36 من القانون رقم 73 لسنة 1956 بتنظيم مباشرة الحقوق السياسية حيث قضت الفقرة الثانية من هذه المادة المعدلة بأن تتولى لجنة إعداد نتيجة الانتخابات المشكلة طبقاً للفقرة الأخيرة من المادة 24 أموراً من بينها تحديد الأحزاب التي يجوز لها وفقاً للقانون أن تمثل بمجلس الشعب. وعلى هذا فإن الفقرة الرابعة من المادة 17 من القانون رقم 38 لسنة 1972 في شأن مجلس الشعب معدلاً بالقانون رقم 118 لسنة 1986، ما زال حكماً قائماً بعد العمل بالقانون رقم 2 لسنة 1987 المعدل بالفقرة الثانية من المادة 36 من القانون رقم 73 لسنة 1956 بتنظيم مباشرة الحقوق السياسية، ومؤدى هذا الحكم مباشرة استبعاد كل حزب لا تحصل قوائمه على ثمانية في المائة على الأقل من مجموع الأصوات الصحيحة على مستوى الجمهورية في الانتخابات التي أجريت لمجلس الشعب سنة 1987، ومقتضاه تبعاً دخول الأحزاب التي حصلت على هذه النسبة على الأقل في عملية توزيع المقاعد المقررة للقوائم الحزبية في كل دائرة. وقد نظمت هذه العملية الفقرة الأولى من المادة 17 من القانون رقم 38 لسنة 1972 في شأن مجلس الشعب معدلة بمقتضى القانون رقم 188 لسنة 1986، وهو تعديل سايره بعدئذ التعديل الذي أصاب الفقرة الثانية من المادة 36 من القانون رقم 73 لسنة 1956 بتنظيم مباشرة الحقوق السياسية بمقتضى القانون رقم 2 لسنة 1987، إذ نظمت الفقرتان عملية تحديد الفائز سواء كان مرشحاً فرداً أو كان من مرشحي قوائم الأحزاب التي يحق لها التمثيل في مجلس الشعب، ومؤدى هذا التنظيم المقاعد المخصصة لهذه القوائم في كل دائرة توزع بينها بنسبة عدد الأصوات الصحيحة التي حصلت عليها كل منها إلى مجموع عدد الأصوات الصحيحة التي حصلت عليها جميعها في الدائرة، فإن بقيت مقاعد توزع على القوائم الحاصلة على أصوات زائدة لا تقل عن نصف المتوسط الانتخابي للدائرة فتعطى كل قائمة مقعداً تبعاً لتوالي الأصوات الزائدة. ومقتضى هذا أن عملية توزيع المقاعد المقررة للقوائم الحزبية في كل دائرة عبارة عن مراحل تترى حتى تفرز نتيجتها وفقاً للقانون، وهي أولاً حصر عدد الأصوات التي حصلت عليها في الدائرة قائمة كل حزب من الأحزاب التي يجوز لها التمثيل في مجلس الشعب، وثانياً: حساب مجموع عدد الأصوات الصحيحة التي حصلت عليها هذه القوائم في الدائرة، وثالثاً استخراج المتوسط الانتخابي للدائرة بنسبة هذا المجموع على عدد المقاعد المقررة للقوائم الحزبية, ورابعاً قسمة عدد الأصوات الصحيحة لكل قائمة على المتوسط الانتخابي ومنح كل قائمة مقاعد بعد الناتج الصحيح، وخامساً استخلاص ما قد يتخلف من مقاعد وما قد يفيض من أصوات كل قائمة، وسادساً حساب نصف المتوسط الانتخابي في الدائرة واستبعاد القوائم التي تقل أصواتها الزائدة عن هذا النصف وتوزيع المقاعد المتبقية على القوائم التي تبلغ أصواتها الزائدة ذلك القدر على الأقل بأن تعطى كل قائمة مقعداً حسب توالي هذه الأصوات وإلا أعطيت هذه المقاعد لقائمة الحزب الحاصل على أكبر الأصوات على مستوى الجمهورية. وواضح أن العملية الخامسة في حصرها المقاعد والأصوات الزائدة كما تنصرف إلى كل مقعد يتخلف عن العملية الرابعة منظوراً إليها مجردة، فإنها تشمل أيضاً كل صوت يفيض من هذه العملية بذاتها، إذ جاء النص عاماً مطلقاً في إشارته إلى المقاعد المتبقية وإلى الأصوات الزائدة على نحو يستغرق كل مقعد متخلف ويستوعب كل صوت زائد من المرحلة السابقة سواء خص هذا الصوت الزائد قائمة ظفرت بمقعد أو أكثر في المرحلة السابقة تبعاً لتجاوزها المتوسط الانتخابي أو مضاعفاته حسب الأحوال، أو خص قائمة أخفقت في الحصول على أي مقعد لعدم بلوغها هذا المتوسط الانتخابي، فقد وردت عبارة (أصوات زائدة) بصور لا تقف خاصة عند حد الزائد على المتوسط الانتخابي وإنما تشمل عامة الزائد من العملية السابقة في حد ذاتها سواء تمثل في تجاوز المتوسط الانتخابي ومضاعفته كما في الصورة الأولى أو تمثل في زيادة مجردة لم تبلغ هذا المتوسط كما في الصورة الثانية ولا محل لقصر هذه العبارة على الصورة الأولى فحسب برغم انصراف الزيادة على القوائم التي ظفرت بمقاعد في المرحلة الرابعة وانحسارها عن القوائم التي لم تحظ بمقاعد فيها، لأنها تصدق أيضاً على الصورة الثانية حيث تبسط إلى كل زيادة متخلفة من عملية التوزيع السابقة ولو لم ترق الزيادة ابتداء إلى مستوى المتوسط الانتخابي. والقول بغير هذا يؤدي إلى إقصاء الحزب من التمثيل في مجلس الشعب على مستوى الجمهورية في المرحلة الخامسة هذه لمجرد عدم حصول قوائمه على المتوسط الانتخابي في أية دائرة خلال المرحلة الرابعة رغم سبق تجاوزه قيد الحصول على نسبة ثمانية في المائة على الأقل من مجموع الأصوات الصحيحة التي أعطيت على مستوى الجمهورية، وهو أمر لو قصد إليه المشرع لنص عليه في جلاء دون حاجة إلى بلوغه في خفاء، خاصة وأن ما صح من أصوات في مجال استطلاع إرادة الناخبين وفي ظل الأصل المقرر من وجوب الاعتداد بها حرى ألا يهدر بغير نص صريح على غرار ما فعله المشرع عندما نص على عدم تمثيل الأحزاب التي لم تحصل قوائمها على نسبة ثمانية في المائة على الأقل من مجموع الأصوات الصحيحة التي أعطيت على مستوى الجمهورية وعندما قضى بالالتفات عن الأصوات الزائدة التي نقل عن نصف المتوسط الانتخابي في الدائرة عند توزيع المقاعد المتبقية فيها.
ومن حيث إنه يبين من الأوراق وبالقدر اللازم للفصل في الشق المستعجل بطلب وقف التنفيذ، أن قائمة حزب الوفد الجديد بالدائرة الثالثة بمحافظة البحيرة حصلت على أصوات وإن لم تبلغ المتوسط الانتخابي إلا أنها تزيد على نصف هذا المتوسط وتزيد على الأصوات المتبقية بغيرها، وأن لجنة إعداد نتيجة الانتخابات لم تمنحها مقعداً مما تبقى بالدائرة بحجة أنها لم تظفر بمقعد في المرحلة السابقة، وصدر قرار السيد وزير الداخلية باعتماد هذه النتيجة على سند من ذات الحجة، وهي حجة داحضة على النحو المتقدم، فمن ثم يكون هذا القرار مشوباً بعيب مخالفة القانون فيما تضمنه من عدم إعلان فوز هذا الحزب بمقعد في الدائرة الثالثة بمحافظة البحيرة، الأمر الذي يجعل الحكم المطعون فيه صحيحاً قانوناً إذ قضى بوقف تنفيذه في هذا الشق صدوراً عن توافر ركن الجدية فضلاً عن ركن الاستعجال اللازمين لوقف تنفيذ القرارات الإدارية، ومن ثم يكون الطعن عليه في غير محله متعين الرفض مع إلزام الجهة الإدارية بالمصروفات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً وألزمت الجهة الإدارية بالمصروفات.