مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة أحكام المحكمة الإدارية العليا
السنة الرابعة والثلاثون - الجزء الثاني (من أول مارس سنة 1989 إلى آخر سبتمبر سنة 1989) - صـ 985

(141)
جلسة 20 من مايو سنة 1989

برئاسة السيد الأستاذ المستشار محمد أنور محفوظ - رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة: محمد المهدي مليحي ومحمد أمين المهدي وفاروق عبد الرحيم غنيم والسيد عبد الوهاب أحمد - المستشارين.

الطعن رقم 2276 لسنة 31 القضائية

نزع ملكية - حدود سلطة المحافظين في الاستيلاء على العقارات اللازمة للمنفعة العامة - المادة (17) من القانون رقم 577 لسنة 1954 بشأن نزع ملكية العقارات للمنفعة العامة - قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 252 لسنة 1960.
الأصل أن يكون تقرير صفة المنفعة العامة والاستيلاء المؤقت على العقارات التي تقرر لزومها للمنفعة العامة بقرار من رئيس الجمهورية والعقارات اللازمة لوزارة التربية والتعليم ومعاهدها على وجه الخصوص - ليس للمحافظ أن يأمر بالاستيلاء مؤقتاً على العقارات اللازمة لخدمة مشروع ذي نفع عام إلا في الأحوال الطارئة والمستعجلة أو حصول غرق أو قطع جسر أو تفشي وباء مؤدى ذلك: أنه إذا أمر المحافظ بالاستيلاء المؤقت على عقار في غير هذه الأحوال فإن هذا الاستيلاء يكون مخالفاً لصدوره من غير مختص بإصداره - صدور قرار من رئيس الجمهورية بعد رفع الدعوى باعتبار العقار المتنازع عليه من أعمال المنفعة العامة يؤدي إلى زوال الخصومة - لا يخل ذلك بما يكون للمطعون ضده من حق في التعويض عن الاستيلاء على عقاره وحرمانه من الانتفاع به من تاريخ الاستيلاء عليه فعلاً إلى تاريخ صدور قرار رئيس الجمهورية باعتباره من أعمال المنفعة العامة - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الاثنين الموافق 20/ 5/ 1985 أودعت هيئة قضايا الدولة نيابة عن الطاعنين بصفتيهما قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد برقم 2276 لسنة 31 ق في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (دائرة منازعات الأفراد والهيئات) في الدعوى رقم 1048 لسنة 34 ق بجلسة 21/ 3/ 1985 فيما قضى به من إلغاء القرار المطعون فيه وإلزام الجهة الإدارية بالمصروفات. وطلب الطاعنان - للأسباب الواردة بتقرير الطعن - الأمر بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه حتى يفصل في الطعن ثم إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا لتقضي بقبوله شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض إلغاء القرار المذكور وإلزام المطعون ضده بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن درجتي التقاضي.
وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً ارتأت فيه - لما ورد به من أسباب - الحكم بقبول الطعن شكلاً وبرفضه بشقيه العاجل والموضوعي وإلزام الجهة الإدارية بالمصروفات.
وحددت لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 7/ 12/ 1987 وتداول نظر الطعن على النحو المبين بمحاضر الجلسات حتى قررت بجلسة 6/ 3/ 1989 إحالته إلى المحكمة الإدارية العليا (دائرة منازعات الأفراد والهيئات والتعويضات) وحددت لنظره جلسة 11/ 3/ 1989 وفيها نظرته المحكمة على النحو الثابت بمحضر الجلسة وقررت إصدار الحكم بجلسة 22/ 4/ 1989 مع التصريح بتقديم مذكرات خلال أسبوعين، وانقضى الأجل ولم يقدم أي من الخصوم مذكرة بدفاعه وفي هذه الجلسة تقرر مد أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم لإتمام المداولة وفي هذه الجلسة صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن أقيم في الميعاد القانوني مستوفياً سائر أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق في أن المطعون ضده أقام ضد الطاعنين الدعوى رقم 1048 لسنة 34 ق بتاريخ 9/ 3/ 1980 طالباً الحكم (أولاً) بوقف تنفيذ قرار محافظ بني سويف رقم 1 لسنة 1980 بالاستيلاء المؤقت على مبنى مدرسة أحمد ماهر الابتدائية بشارع حافظ بمدينة بني سويف (ثانياً) بإلغاء القرار المذكور وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الإدارية بالمصروفات، ناعياً على هذا القرار مخالفته للقانون لصدوره في غير الحالات التي خول فيها القانون للمحافظ سلطة الاستيلاء على العقار وهي الحالات الطارئة والمستعجلة، ولفقدانه لركن السبب لأن العقار آيل للسقوط ولا جدوى من إصلاحه، ولما شابه من عيب الانحراف بالسلطة إذ لا مصلحة لجهة الإدارة في الاستيلاء على عقار غير صالح للترميم الأمر الذي يدل على أن الاستيلاء تقرر بقصد النكاية والإضرار به وأخيراً فإن الحد الأقصى للاستيلاء طبقاً للماد 18 من القانون رقم 577 لسنة 1954 بشأن نزع الملكية للمنفعة العامة ثلاث سنوات وقد سبق لجهة الإدارة أن استولت على العقار مدة مساوية لذلك بقرارها رقم 50 لسنة 1977 فلا يجوز لها الاستيلاء عليه مدة أخرى ولا يغير ذلك الاتفاق الذي تم بين المدعي وبينها والذي قبله لتلافي المزيد من ضياع الوقت في المنازعات والإجراءات القضائية. وردت الجهة الإدارية على الدعوى بأنه ولئن كانت العلاقة الإيجارية بين المدعي والمدعى عليه الأول لا تزال قائمة فقد أصدر المدعى عليه الأول القرار المطعون فيه رقم 1 لسنة 1980 بالاستيلاء المؤقت على عقار النزاع (مبنى مدرسة أحمد ماهر النموذجية) قطعاً لكل خلاف في هذا الصدد وقد صدر من سلطة مختصة طبقاً لأحكام القانون رقم 252 لسنة 1960 والمادة 17 من القانون رقم 577 لسنة 1954 ابتغاء مواجهة ضرورة ملحة وهي عدم تعطيل الدراسة بالمدرسة وأنه لا حجة فيما يزعمه المدعي من صدور قرار سابق بالاستيلاء يحول دون صدور القرار الجديد بالاستيلاء إذ أن القرار السابق قد ألغي وأن عقد الإيجار الأول لا زال قائماً وقد صدر القرار المطعون فيه حسماً لأي خلاف حول قيام العلاقة الإيجارية أو انقضائها. وبجلسة 8/ 7/ 1980 حكمت المحكمة بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه. وبجلسة 21/ 3/ 1985 أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه بقبول الدعوى شكلاً وبإلغاء القرار المطعون فيه وإلزام الجهة الإدارية بالمصروفات وأسست قبول الدعوى على ما قرره المدعي من إخطاره بالقرار في 9/ 1/ 1980 وعدم جدية الإدارة في ذلك وخلو الأوراق مما يفيد علمه بالقرار في تاريخ أسبق وإذ أقام دعواه مستوفاة سائر أوضاعها في 9/ 3/ 1980 فإنها تكون مقبولة شكلاً. وعن الموضوع قالت المحكمة أنه صدر لصالح المدعي حكم من محكمة بني سويف الابتدائية في الدعوى رقم 49 لسنة 1975 بإخلاء الجهة الإدارية المدعى عليها من مبنى المدرسة وتعديل القرار الصادر بترميم المبنى ليكون بهدمه وقام الحكم المذكور على تسليم جهة الإدارة بطلبات المدعي. ولما كان ذلك الحكم قد بات نهائياً واجب النفاذ وأن ثمة اتفاقاً أبرم بين جهة الإدارة والمدعي بوقف تنفيذ الحكم لمدة ثلاث سنوات وانقضت تلك المدة. وقد استندت جهة الإدارة في إصدار قرارها المطعون فيه إلى نص المادة 17 من القانون رقم 577 لسنة 1954 بشأن نزع الملكية للمنفعة العامة التي بينت الأحوال التي يختص فيها المحافظ أو المدير بالاستيلاء المؤقت على العقارات ولا تندرج بينها حالة عقار النزاع فمن ثم لا وجه للمحاجة بأن الاستيلاء تم إعمالاً له ويضاف إلى ذلك أنه لا يجوز تعطيل تنفيذ الحكم المشار إليه بموجب قرار الاستيلاء المطعون فيه خاصة وأن تنفيذ هذا الحكم قام على أساس تسليم الجهة الإدارية بطلبات المدعي في الدعوى وهي الحكم بهدم العقار لأيلولته للسقوط فضلاً عن أن المادة الثانية من القانون رقم 252 لسنة 1960 قضت بأن يكون الاستيلاء على العقارات اللازمة لوزارة التربية والتعليم ومعاهدها بقرار من رئيس الجمهورية وهو أمر مؤداه أنه لو صح في الجدل أن هذا الحكم لا يغل يد الجهة الإدارية عن الاستيلاء على العقارات لضرورات مرفق التعليم فإن الاختصاص بإصدار القرار يكون لرئيس الجمهورية دون غيره.
ويقوم الطعن على مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون والخطأ في تطبيقه وتأويله إذ أن السيد رئيس الجمهورية أصدر القرار رقم 485 لسنة 1981 بالاستيلاء على الأرض والموقع باعتبارهما من أعمال النفع العام فيكون القرار صدر من صاحب اختصاص وفقاً للمادة 17 من القانون رقم 577 لسنة 1954 معدلاً بالقانون رقم 252 لسنة 1960 وتكون الجهة الإدارية قد صححت مسلكها كما أن قرار الاستيلاء كانت غايته تحقيق المصلحة العامة وتوفير سبل التعليم لمنطقة مكتظة بالسكان فضلاً عما تكبدته الإدارة من مصاريف ونفقات لإصلاح وترميم المدرسة مما يتعين معه القول بأحقيتها في الإفادة بقدر ما تكبدته من النفقات وعلى ذلك يكون الباعث على صدور قرار الاستيلاء هو تحقيق نفع عام وترجيح المصلحة العامة على المصلحة الخاصة التي يهدف إليها المطعون ضده وهي الحصول على العقار واستغلاله في تحقيق ربح خاص له مستغلاً أزمة الإسكان فيكون القرار المطعون فيه قد أصاب صحيح حكم القانون ولا مطعن عليه وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى عكس ذلك بإلغاء القرار المذكور فإنه يكون قد خالف حكم القانون وجانب الصواب ويتعين إلغاؤه.
ومن حيث إن المادة 17 من القانون رقم 577 لسنة 1954 بشأن نزع ملكية العقارات للمنفعة العامة تنص على أنه يجوز للمحافظ بناء على طلب المصلحة المختصة في حالة حصول غرق أو قطع جسر أو تفش وباء وفي سائر الأحوال الطارئة أو المستعجلة أن يأمر بالاستيلاء مؤقتاً على العقارات اللازمة لإجراء أعمال الترميم أو الوقاية أو غيرها، كما يجوز في غير الأحوال المتقدمة الاستيلاء مؤقتاً على العقارات اللازمة لخدمة مشروع ذي منفعة عامة.... وتنص المادة الأولى من قرار رئيس الجمهورية بقانون رقم 252 لسنة 1960 في شأن تعديل بعض الأحكام الخاصة بنزع الملكية للمنفعة العامة والاستيلاء على العقارات على أن يكون تقرير صفة المنفعة العامة أو التصريح للجهة المستملكة عن وجود نفع عام بالنسبة للعقارات المراد نزع ملكيتها للمنفعة العامة بقرار من رئيس الجمهورية". وتنص المادة الثانية من هذا القانون على أنه "فيما عدا الأحوال الطارئة والمستعجلة التي تقتضي الاستيلاء المؤقت على العقارات اللازمة لإجراء أعمال الترميم والوقاية وغيرها يكون الاستيلاء المؤقت على العقارات التي تقرر لزومها للمنفعة العامة بقرار من رئيس الجمهورية، وتنص المادة الثالثة من القانون المذكور على أن "يكون الاستيلاء المؤقت على العقارات اللازمة لوزارة التربية والتعليم ومعاهدها بقرار من رئيس الجمهورية". ونصت المادة الرابعة من القانون على إلغاء كل نص مخالف لأحكام هذا القانون. ومفاد هذه النصوص أن الأصل أن يكون تقرير صفة المنفعة العامة والاستيلاء المؤقت على العقارات التي تقرر لزومها للمنفعة العامة بصفة عامة بقرار من رئيس الجمهورية. والعقارات اللازمة لوزارة التربية والتعليم ومعاهدها على وجه الخصوص. وليس للمحافظ أن يأمر بالاستيلاء مؤقتاً على العقارات اللازمة لخدمة مشروع ذي منفعة عامة إلا في الأحوال الطارئة والمستعجلة أو حصول غرق أو قطع جسر أو تفش وباء. فإذا أمر المحافظ بالاستيلاء المؤقت على عقار في غير هذه الأحوال فإن هذا الاستيلاء يكون مخالفاً للقانون لصدوره من غير مختص بإصداره. وإذ كان الثابت من الأوراق أن محافظ بني سويف أصدر القرار المطعون فيه رقم 1 لسنة 1980 بالاستيلاء المؤقت على مبنى مدرسة أحمد ماهر الابتدائية بمدينة بني سويف والمملوك للسيد/........ (المطعون ضده) وآخرين لصالح مديرية التربية والتعليم وذلك لمدة ثلاث سنوات فيكون هذا القرار مخالفاً للقانون لصدوره من غير مختص بإصداره مما كان يترتب عليه بطلانه والحكم بإلغائه كما انتهى إلى ذلك الحكم المطعون فيه - بحق - إلا أنه وقد صدر قرار رئيس الجمهورية رقم 485 لسنة 1981 في أول سبتمبر سنة 1981 - بعد أن رفع المطعون ضده دعواه أمام محكمة القضاء الإداري بتاريخ 9/ 3/ 1980 ونصت المادة الأولى من هذا القرار على أن يعتبر من أعمال المنفعة العامة مشروع بناء مدرسة على أرض الموقع الذي تشغله مدرسة أحمد ماهر الابتدائية بمدينة بني سويف محافظة بني سويف والبالغ مساحتها 476.65 متراً مربعاً" ونصت المادة الثانية على أن "يستولى بطريق التنفيذ المباشر على العقار اللازم لتنفيذ المشروع والموضح بيانه حدوده وأسماء ملاكه بالكشف والمذكرة والرسم الهندسي المرفقة" فإن القرار المطعون فيه يكون قد زال فعلاً وانقضت آثاره بصدور القرار الجمهوري المشار إليه. وبذلك يكون طلب الإلغاء في الدعوى قد زال مما يترتب عليه زوال الخصومة في شأنه مع إلزام محافظ بني سويف ورئيس مجلس مدينة بني سويف بصفتيهما بمصروفاتها وإن كان ذلك لا يخل بما قد يكون للمطعون ضده من حق في التعويض عن الاستيلاء على عقاره وحرمانه من الانتفاع به من تاريخ الاستيلاء عليه فعلاً إلى تاريخ صدور قرار رئيس الجمهورية المشار إليه. ومن ثم يتعين الحكم بإلغاء الحكم المطعون فيه وباعتبار الخصومة في الدعوى منتهية مع إلزام الطاعنين بصفتيهما بالمصروفات عن درجتي التقاضي.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وباعتبار الخصومة في الدعوى منتهية، وألزمت الطاعنين بالمصروفات عن درجتي التقاضي.