مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة أحكام المحكمة الإدارية العليا
السنة الرابعة والثلاثون - الجزء الثاني (من أول مارس سنة 1989 إلى آخر سبتمبر سنة 1989) - صـ 990

(142)
جلسة 20 من مايو سنة 1989

برئاسة السيد الأستاذ المستشار محمد حامد الجمل - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة عبد اللطيف أحمد أبو الخير ويحيى السيد الغطريفي ود. إبراهيم علي حسن وأحمد شمس الدين خفاجي - المستشارين.

الطعن رقم 3 لسنة 32 القضائية

( أ ) المحكمة الإدارية العليا - اختصاصها - دعوى البطلان الأصلية.
المادة (147) من قانون المرافعات المدنية والتجارية.
تختص المحكمة الإدارية العليا بدعوى البطلان الأصلية المرفوعة ضد حكم صادر منها باعتبارها قمة محاكم مجلس الدولة - لا وجه للقول بصدور حكم من هذه المحكمة في غير خصومة للادعاء ببطلانه متى ثبت أن الحاضر عن الخصم طلب الاستمرار في نظر الطعن ونظرته المحكمة في حدود ولايتها - تطبيق.
(ب) قرار إداري - انعدام القرار - غصب السلطة. (دعوى) (المحكمة الإدارية) القرار الصادر من جهة الإدارة بوقف تنفيذ حكم صادر من محكمة القضاء الإداري لحين الفصل في الطعن المقام ضده أمام المحكمة الإدارية العليا هو قرار منعدم - أساس ذلك: أنه قد انطوى على غصب اختصاص مقصور على دائرة فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا - لا تملك جهة الإدارة أية سلطة تقديرية في هذا الشأن لتعلق الموضوع بالنظام العام القضائي - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الثلاثاء الموافق أول أكتوبر 1985 أودع الأستاذ الدكتور/....... المحامي بصفته وكيلاً عن السيدة/....... بموجب التوكيل الخاص رقم 1335/ د لسنة 1985 مكتب توثيق المنيا قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريراً بدعوى البطلان الأصلية قيد بجدولها برقم 3 لسنة 32 القضائية في الحكم الصادر في الطعن رقم 2612 لسنة 2 القضائية من المحكمة الإدارية العليا بجلسة 4/ 5/ 1985 والمقام من السيدة/........ والقاضي بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً وإلزام الطاعنة المصروفات.
وقد طلبت المدعية - للأسباب الواردة في تقرير دعوى البطلان الأصلية - إلغاء الحكم الصادر من الدائرة الرابعة بالمحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 2612 لسنة 29 القضائية والحكم بانتهاء الخصومة وإلزام المطعون ضدهم المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن كافة درجات التقاضي.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً برأيها القانوني ارتأت فيه - للأسباب المبينة به - الحكم برفض دعوى البطلان الأصلية.
وقد حدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 11/ 5/ 1988 وتداول نظره وفقاً للثابت بمحاضر جلسات تلك الدائرة إلى أن قررت بجلسة 25/ 1/ 1989 إحالة دعوى البطلان الأصلية إلى هذه المحكمة والتي نظرتها بجلسة 4/ 3/ 1989 وتأجل نظرها لجلسة 1/ 4/ 1989، وبها تقرر حجز الدعوى للحكم فيها بجلسة اليوم 20/ 5/ 1989 حيث صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع المرافعة، والمداولة.
من حيث إن مقطع النزاع في الطعن الماثل بوصفه دعوى بطلان أصلية من الناحية الشكلية هو تحقيق هذا التكييف القانوني فيه، وعدم كونه في حقيقة الأمر طعناً في حكم صادر من المحكمة الإدارية العليا ولا يتسنى بالتالي تحديد التكييف السليم لهذا الطعن إلا بتحقيق وتحديد عناصر النزاع الصادر عنه الحكم المطعون ببطلانه وأسانيد أركان النعي عليه بالبطلان الماثل فإذا لم تتوفر في هذا الطعن الأركان والشروط اللازمة لاعتباره دعوى بطلان أصلية كان في حقيقة الأمر طعناً في حكم صادر من المحكمة الإدارية العليا التي لا تقبل الطعن في أحكامها قانوناً كمبدأ عام إلا في أحوال خاصة من بينها الطعن بالبطلان.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تتحصل حسبما يبين من الأوراق - في أنه بتاريخ 10/ 8/ 1981 أقامت الطاعنة الدعوى رقم 133 لسنة 28 القضائية بإيداع صحيفتها سكرتارية المحكمة الإدارية بالتربية والتعليم وطلبت في ختامها الحكم بصفة مستعجلة بصرف مرتبها من تاريخ إيقافه من 5/ 6/ 1981 إلى أن يفصل في موضوع الدعوى، وثانياً بإلغاء القرار الصادر بإحالتها إلى المعاش وما يترتب على ذلك من آثار مع إلزام المدعى عليهما السيد/ وزير التربية والتعليم والسيد/ محافظ المنيا بالمصاريف.
وقالت المدعية شرحاً لدعواها أنها كانت تعمل مدرسة لغة إنجليزية بمدرسة التجارة الثانوية للبنات بالمنيا ثم فوجئت في 19/ 5/ 1981 بصدور قرار بإنهاء خدمتها وإيقاف صرف مرتبها اعتبار من 5/ 5/ 1981 لبلوغها سن الإحالة إلى المعاش، فتظلمت من هذا القرار على أساس أن تاريخ ميلادها هو 29/ 3/ 1929 ومن ثم يكون القرار بإحالتها إلى المعاش قبل بلوغها السن القانوني بعدة سنوات، ونظراً لأنها لم تتلق رداً على تظلماتها فقد بادرت برفع الدعوى محددة طلباتها وفقاً لما سلف. وبجلسة 10/ 11/ 1981 أصدرت المحكمة الإدارية للتربية والتعليم حكمها في الدعوى بعدم اختصاصها بنظرها وأمرت بإحالتها إلى محكمة القضاء الإداري - دائرة الجزاءات - حيث قيدت برقم 839 لسنة 36 القضائية. وبجلسة 9/ 6/ 1982 حكمت المحكمة بقبول الدعوى شكلاً وبرفض الطلب المستعجل فيها وإلزام المدعية المصروفات وأمرت بإحالة الدعوى إلى هيئة مفوضي الدولة لإعداد تقرير بالرأي القانوني في الشق الموضوعي.
وجلسة 25/ 5/ 1983 حكمت المحكمة في الشق الموضوعي للدعوى - برفضها وبإلزام المدعية بالمصروفات.
وفي يوم الخميس الموافق 30/ 6/ 1983 أقامت المدعية طعناً على حكم محكمة القضاء الإداري سالف الذكر بإيداع تقرير طعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا قيد بجدولها برقم 2612 لسنة 29 القضائية، وطلبت الطاعنة - للأسباب الواردة بتقرير الطعن - الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه بشقيه والحكم مجدداً وبصفة عاجلة بصرف مرتبها من تاريخ وقفه في 5/ 5/ 1981 وبإلغاء القرار السابق بإنهاء خدمتها واعتباره كأن لم يكن مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام المطعون ضدهما بالمصاريف عن الدرجتين.
وقد عين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 12/ 12/ 1984 وبجلسة 27/ 3/ 85 قررت تلك الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الرابعة) لنظره بجلسة 13/ 4/ 1985 وفيها استمعت المحكمة لما رأت لزوماً لسماعه من إيضاحات ذوي الشأن وأصدرت حكمها في 4/ 5/ 1985 بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وألزمت الطاعنة المصروفات.
وأقامت المحكمة الإدارية العليا قضاءها في الطعن سالف الذكر على أن الثابت من الأوراق أن الطاعنة قد تقدمت بشكوى إلى السيد محافظ المنيا من القرار الصادر بإنهاء خدمتها فأحيل الأمر إلى السيد مفوض الدولة بالمحافظة الذي انتهى في 17/ 5/ 1984 إلى أنه يرى "أحقية السيدة المذكورة - في الاستمرار في العمل إلى تاريخ إحالتها إلى المعاش الذي يتم تحديده بتاريخ ميلادها في 29/ 3/ 1929، وذلك إلى أن يتم الفصل في الطعن المقدم أمام المحكمة الإدارية العليا تحت رقم 2612 لسنة 29 ق عليا" وأنه قد تأشر على ذلك من المحافظ في 18/ 5/ 1984 بأن تخطر مديرية التعليم بذلك لاتخاذ اللازم مع متابعة الموضوع وما يستجد وبجلسة 12/ 12/ 1984 أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا قرر الحاضر عن الطاعنة أنها أعيدت للعمل واستلمت العمل إلا أنها لم تتسلم أجرها عن مدة الإيقاف، وبجلسة 13/ 4/ 1985 أمام المحكمة الإدارية العليا قرر الحاضر عن الطاعنة أنه يطلب إلغاء الحكم المطعون فيه وإلغاء القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار، وأن قيام الجهة الإدارية بإعادة الطاعنة إلى العمل لا يعني إجابة لطلباتها لأن ذلك لم يتضمن إلغاء القرار المطعون فيه والآثار المترتبة عليه.
ورأت المحكمة الإدارية العليا أن الثابت من الأوراق أنه لم يثبت بالفعل صدور قرار بسحب القرار الصادر بإنهاء خدمة الطاعنة، بل إن عودتها إلى العمل في ضوء تأشيرة المحافظ المشار إليها يتضح منها أنها عودة مؤقتة انتظاراً لما يسفر عنه الحكم في الطعن الماثل، وهو ما عرضت معه المحكمة بالبحث عن حقيقة تاريخ ميلاد الطاعنة، ورأت أن الحكم الطعين قد استخلص ما انتهى إليه في شأن تاريخ ميلاد الطاعنة من واقع الأوراق والمستندات الموجودة بملف الخدمة والتي تقطع بأنها من مواليد 5/ 3/ 1916، وأن استخلاص الحكم لذلك جاء سليماً ومستمداً من أصول ثابتة في الأوراق - مما لا وجه معه لما تنعاه الطاعنة على الحكم من مخالفة للقانون أو القصور في التسبيب وهو ما انتهت منه المحكمة الإدارية العليا إلى أن القرار المطعون فيه بإنهاء خدمة الطاعنة لبلوغها سن الإحالة إلى المعاش تأسيساً على أنها من مواليد 5/ 3/ 1916 يكون قد صدر سليماً ولا مطعن عليه ويكون الحكم المطعون فيه إذ قضى برفض الدعوى بطلب إلغائه قد صدر سليماً ومتفقاً وأحكام القانون - ولذلك فقد قضت المحكمة الإدارية العليا بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وألزمت الطاعنة المصروفات.
ومن حيث إن مبنى الطعن على حكم المحكمة الإدارية العليا المذكور بدعوى البطلان الأصلية - الماثلة - أن الثابت بمحضر الجلسة يوم الأربعاء الموافق 13/ 2/ 1985 أن الأستاذ...... حضر عن الجهة الإدارية وأقر بأن هذه الجهة قد قامت بسحب القرار المطعون فيه واعتباره كأن لم يكن وطلب اعتبار الخصومة منتهية في الطعن - مما يكون معه حكم المحكمة الإدارية العليا قد صدر في غير خصومة ومن ثم يكون معدوماً.
ومن حيث إنه طبقاً لأحكام القرار بقانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن تنظيم مجلس الدولة فإنه يطعن في أحكام المحاكم التأديبية أو محكمة القضاء الإداري أمام المحكمة الإدارية العليا إذا وقع بطلان في الحكم أو بطلان في الإجراءات أثر في هذا الحكم ولم يتضمن القرار بقانون المذكور تنظيماً لرفع دعوى البطلان الأصلية في أحكام المحكمة الإدارية العليا ذاتها إذا ما صدرت هذه الأحكام فاقدة لأركانها الجوهرية بحيث يعتورها البطلان - كما أنه في الوقت الذي عنى فيه المشرع بالنص في المادة (51) على جواز الطعن في الأحكام الصادرة من محكمة القضاء الإداري والمحاكم الإدارية والمحاكم التأديبية بالتماس إعادة النظر في المواعيد والأحوال المنصوص عليها في قانون المرافعات المدنية والتجارية أو قانون الإجراءات الجنائية بحسب الأحوال وذلك بما لا يتعارض مع طبيعة المنازعة المنظورة أمام هذه المحاكم وذلك في المادة (51) منه ثم عالج بنص المادة (54) مكرراً المضافة بالقانون رقم 136 لسنة 1984 بواسطة الدائرة المختارة من الجمعية العمومية للمحكمة الإدارية العليا حسم أمر تعارض في الأحكام الصادرة من دوائر المحكمة الإدارية العليا وكذلك تعارض المبادئ الصادرة من دائرة واحدة منها فإن لم ينص المشرع على الطعن بالبطلان في أحكام تلك المحكمة لو توفر العيب الجسيم المؤدي لذلك البطلان وقد عنى المشرع في ذات الوقت بالنص على أن حكم دائرة فحص الطعون الذي يصدر بإجماع الآراء برفض الطعن في الأحوال التي حددها نص المادة (46) لا يجوز الطعن فيه بأي طريق من طرق الطعن كما عنى بالنص على الأحكام والقواعد التي تسري في شأن رد مستشاري المحكمة الإدارية العليا في المادة (53).
ومن حيث إنه إذ نص هذا القرار بقانون في المادة (3) منه على أن تطبق أحكام قانون المرافعات فيما لم يرد بشأنه نص وذلك إلى أن يصدر قانون بالإجراءات الخاصة بالحكم القضائي.
ومن حيث إنه رغم نهائية أحكام المحكمة الإدارية العليا وعدم جواز الطعن عليها أمام أية محكمة أخرى فإن تلك الأحكام يتعين أن تتوافر لها وصف الأحكام القضائية وأن لا ينزل وينحدر الأمر بها إلى فقدانها الأركان الأساسية لصحة وعدم بطلان الأحكام ومنها على سبيل المثال الحالات التي نص المشرع في قانون تنظيم مجلس الدولة أو في قانون المرافعات النص الصريح على بطلان الحكم في حالة توفرها وفي هذه الأحوال فإنه لا سبيل لإقرار العدالة وإزالة الحكم الباطل من الوجود القضائي والقانوني إلا باللجوء إلى القضاء إعمالاً لسيادة القانون وتحقيقاً للعدالة يؤكد حقيقة ذلك أن المشرع قد نص في الفقرة الثانية من المادة 147 من قانون المرافعات على أنه إذا وقع البطلان المنصوص عليه في المادة 146 من ذلك القانون والذي قضى المشرع ببطلان عمل القاضي أو إلغاءه صراحة وفي كل الأحوال ولو باتفاق الخصوم في الفقرة الأولى من المادة (147) وكان الحكم الباطل صادراً من محكمة النقض جاز للخصم أن يطلب منها إلغاء الحكم الباطل وإعادة نظر الطعن أمام محكمة أخرى ومن ثم فإنه في حالة وقوع بطلان في الإجراءات أو الأحكام يؤدي إلى بطلان أحكام المحكمة الإدارية العليا فإنها باعتبارها قمة محاكم مجلس الدولة ومحكمة الطعن والرقابة العليا لتلك المحاكم بأنواعها المختلفة ويتعين إقامة الطعن بالبطلان أمام ذات المحكمة وطلب إلغاء الحكم الباطل على ذلك وتفصل فيه هيئة أخرى غير من صدر عنها الحكم الباطل.
ومن حيث إنه بناء على ذلك فإن هذه المحكمة تختص بالفصل في دعاوى البطلان الأصلية لأي حكم صادر منها إذا ما شابه عيب جسيم في الإجراءات أو في ذات الحكم يوجب بطلانه ويبرر إقامة دعوى بطلان أصلية، وذلك إذا شاب الحكم عيب منصوص عليه في قانون مجلس الدولة أو قانون المرافعات المدنية يرتب المشرع على توافره بطلان الحكم بالنص الصريح كما في المواد (167، 168، 174، 175، 176، 177/ 2) من قانون المرافعات المدنية والتجارية إلا إذا انتفت عنها صفة الأحكام القضائية، وهو ما ينزل بالحكم إلى مرتبة العدم والذي يتحقق بتخلف أحد الأركان الأساسية لوجود المحكمة ولولايتها أو أحد الأركان الجوهرية للحكم القضائي ومن ذلك أن يصدر حكم من أفراد ليس لهم ولاية القضاء أو غير صالحين لنظر الدعوى أو من تشكيل غير مكتمل أو إذا صدر الحكم دون انعقاد الخصومة وقيام منازعة ولو اتخذ شكل لأحكام المواد (146، 147 مرافعات).
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أنه أثناء نظر الطعن رقم 2612 لسنة 29 القضائية وبجلسة 12/ 12/ 1984 وأمام دائرة فحص الطعون قرر وكيل الطاعنة أنها أعيدت إلى العمل واستلمت العمل إلا أنها لم تتسلم أجرها عن مدة الإيقاف وتأجل نظر الطعن بجلسة 13/ 2/ 1985 لترد الجهة الإدارية المطعون ضدها، وبتلك الجلسة حضر الأستاذ/...... عن الجهة الإدارية وأقر بأن الجهة الإدارية قامت بسحب القرار المطعون فيه وتطلب اعتبار الخصومة منتهية في الطعن وقدم حافظة مستندات بذات التاريخ تضمنت صورة لمستند وحيد صادر عن مديرية التربية والتعليم في 21/ 10/ 1984 ومذيل بتبليغ لناظر مدرسة التجارة الثانوية بنات في 21/ 10/ 1984.
ومن حيث إنه بجلسة 13/ 4/ 1985 أمام المحكمة الإدارية العليا قرر الحاضر مع الطاعنة أنه يطلب إلغاء الحكم المطعون فيه وإلغاء القرار المطعون فيه ومع ما يترتب على ذلك من آثار وأن قيام الجهة الإدارية بإعادة الطاعنة إلى العمل لا يعني إجابة طلباتها لأن ذلك لم يتضمن إلغاء القرار المطعون فيه والآثار المترتبة عليه، وهو ما قررت معه المحكمة إصدار الحكم في الطعن بجلسة 4/ 5/ 1985 والذي صدر برفض الطعن موضوعاً وفقاً لما سلف من بيان.
ومن حيث إن مبنى دعوى البطلان الأصلية صدور حكم المحكمة الإدارية العليا في غير خصومة لا يسانده أساس من الواقع والقانون، ذلك أن المحكمة ملتزمة في قضائها بتصفية كل نزاع يقوم على أي عنصر من عناصر الدعوى أو الطعن، وأنه وإن كانت الجهة الإدارية قد قررت إعادة الطاعنة إلى العمل، فإن الحاضر مع الطاعنة طلب الاستمرار في نظر الطعن ابتغاء إلغاء الحكم المطعون فيه وإلغاء القرار المطعون فيه، ولما كانت المحكمة ملتزمة في قضائها ببحث ما يطلبه الخصوم طالما كان داخلاً في إطار ولايتها، فإن القول بانتهاء الخصومة بناء على ما قررته الجهة الإدارية المطعون ضدها لا يكون له سند، ويدحضه طلب الطاعنة بالاستمرار في نظر الطعن بغية إلغاء الحكم المطعون فيه - وإلغاء كل آثار القرار الصادر بانتهاء خدمتها مما تكون معه الخصومة قائمة ومستمرة أمام المحكمة الإدارية العليا التي تلتزم بتحقيق الطلبات في الطعن وإصدار حكمها بحسم النزاع بما يتفق مع صحيح الواقع والقانون.
ومن حيث إنه من جانب آخر فقد تبين من المستند الذي قدمته الجهة الإدارية بجلسة 13/ 12/ 1985 أن إعادة الطاعنة إلى العمل بسحب مديرية التربية والتعليم بالمنيا لقرارها الصادر في 29/ 4/ 1981 بإحالة الطاعنة إلى المعاش بناء على موافقة السيد المحافظ في 28/ 9/ 1984 - أن هذا القرار قد استند - كما جاء بكتاب المديرية المؤرخ 21/ 10/ 1984 إلى فتوى السيد مفوض الدولة بمحافظة المنيا في ذلك الوقت بأحقيتها في الاستمرار في العمل حتى تاريخ إحالتها إلى المعاش الذي يتم تحديده بتاريخ ميلادها في 29/ 3/ 1929 وذلك إلى أن يتم الفصل في الطعن المقدم أمام المحكمة الإدارية العليا تحت رقم 1612 لسنة 29 ق عليا.
ومن حيث إن صحيح حكم القانون أن الأحكام الصادرة من محكمة القضاء الإداري نافذة بمجرد صدورها، ولا يترتب على الطعن عليها أمام المحكمة الإدارية العليا وقف تنفيذ الحكم المطعون فيه إلا إذا أمرت دائرة فحص الطعون بغير ذلك وذلك تقرر بالنص الصريح في المادة (50) من القرار بقانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن تنظيم مجلس الدولة ومن ثم فإنه ما كان للجهة الإدارية وفقاً لصحيح أحكام القانون أن تقوم باغتصاب اختصاص مقصور على دائرة فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا على غير أساس أو سند له أية صلة بالمشروعية أو للقانون فتوقف تنفيذ الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري لحين الفصل في الطعن المقام ضده أمام المحكمة الإدارية العليا - سيما وأن جهة الإدارة لم ترتض أصلاً إنهاء هذا النزاع - وخاصة في موضوع يحسمه مباشرة المشرع ويحدد مركز العاجل بشأنه بالنص الصريح الحاكم في القانون على نحو لا محل فيه لأي تقدير للسلطة الرئاسية لأنه يتعلق بالنظام العام الإداري وهو انتهاء خدمة العامل لبلوغه سن الإحالة إلى المعاش - ويكون قرار الإدارة في هذا الشأن مشوباً بالغصب ومعدوم لا يعتد به عديم الأثر قانوناً - ذلك لأن القرار الإداري لا يستطيع أن ينشئ حقاً أو يهدره بالمخالفة لصريح الأحكام الآمرة للقانون والمتعلقة بالنظام العام القضائي والنظام العام الإداري والمساس بحجية حكم صادر من محكمة القضاء الإداري لم يلحقه إلغاء أو تعديل من المحكمة الإدارية العليا.
ومن حيث إنه فضلاً عما تقدم فإن ما تضمنه كتاب الإدارة من إعادة الطاعنة إلى عملها وحتى يصدر الحكم في الطعن المعروض أمام المحكمة الإدارية العليا - ذلك الكتاب لم تكن تقصد به الإدارة إجابة الطاعنة لطلباتها - بل إن ما صدر من الإدارة هو في حقيقته محض إجراء مؤقت بإعادة الطاعنة إلى العمل لحين الفصل في الطعن المقام أمام المحكمة الإدارية العليا وهو ما رفضته - فضلاً عن ذلك، الطاعنة وطلبت الاستمرار في نظر الطعن وهو كما سلف البيان جزاء مشوب بغصب السلطة والمخالفة الجسيمة للقانون ويتعارض مع الشرعية وسيادة القانون الاعتداد بأي أثر له ما دام لا يتحقق إلا بالتسليم بهذا الغصب أو المخالفة الجسيمة بالقانون.
ومن حيث إنه لا يسوغ قانوناً تكييف الدعوى الماثلة بأنها التماس إعادة النظر في الحكم المطعون فيه استناداً لأحكام المادة (241) من قانون المرافعات لأن يغدو معنى الدعوى النص على الحكم بأنه قضى في غير خصومة أو بأكثر مما يطلبه هؤلاء الخصوم وهي الحالة الواردة بالبنود (6)، (7)، (8) من المادة (241) ما آنفة الذكر كما أن هذه الدعوى لا تعد ضمن الحالات الأخرى الواردة بهذه المادة.
ومن حيث إنه بناء على ما تقدم تكون الخصومة قائمة ومستمرة أمام المحكمة الإدارية العليا، ويكون النص على حكم المحكمة الإدارية العليا بدعوى البطلان الأصلية الماثلة بصدور الحكم في الطعن في غير الخصومة - هذا النعي لا يستند إلى أساس سليم من الواقع أو القانون ويكون التكييف السليم لهذه الدعوى بالبطلان أنها طعن في حكم صادر من المحكمة الإدارية العليا لا يجوز قبوله شكلاً لعدم جواز الطعن على أحكام تلك المحكمة قانوناً مما يتعين الحكم بعدم قبول هذا الطعن شكلاً.
ومن حيث إن من يخسر الدعوى يلزم بمصروفاتها تطبيقاً لأحكام المادة 184 مرافعات وقد خسرت الطاعنة الدعوى ومن ثم يتعين إلزامها بالمصروفات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بعدم قبول الطعن شكلاً وألزمت الطاعنة المصروفات.