أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 45 - صـ 139

جلسة 12 من يناير سنة 1994

برئاسة السيد المستشار/ مصطفى حسيب - نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ شكري العميري، عبد الصمد عبد العزيز، عبد الرحمن فكري - نواب رئيس المحكمة، وسعيد فهيم.

(29)
الطعن رقم 984 لسنة 59 القضائية

(1) شفعة "الخصوم فيها". صورية.
بيع مشتري العقار المشفوع فيه إلى مشترِ ثان قبل إعلان الرغبة في الأخذ بالشفعة وقبل تسجيلها م 938 مدني أثره. عدم جواز الأخذ بالشفعة إلا من المشتري الثاني. إثبات الشفيع صورية البيع الثاني. مؤداه. إعفاؤه من توجيه طلب الشفعة إلى المشتري الثاني. شرطه. إثبات الصورية في مواجهة المشتري الثاني. مآل دعوى الشفعة. تعلقه على ثبوت الصورية أو نفيها.
(2) صورية. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير أدلة الصورية". نقض "السبب الموضوعي".
استقلال محكمة الموضوع باستخلاص الصورية من أدلتها ما دام الاستخلاص سائغاً. المنازعة في ذلك جدل موضوعي.
1 - لئن كان مفاد نص المادة 938 من القانون المدني - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أنه إذا صدر من مشتري العقار المشفوع فيه بيع ثان قبل أن تعلن أية رغبة في الأخذ بالشفعة أو قبل أن يتم تسجيل هذه الرغبة فإنه يسري في حق الشفيع ولا يجوز الأخذ بالشفعة إلا من المشتري الثاني وبالشروط التي اشترى بها إلا أن ذلك مشروط بألا يكون البيع الثاني صورياً، فإذا أدعى الشفيع صوريته وأفلح في إثبات ذلك اعتبر البيع الصادر من المالك للمشتري الأول قائماً وهو الذي يعتد به في طلب الشفعة دون البيع الثاني الذي لا وجود له بما يغني الشفيع عن توجيه طلب الشفعة للمشتري الثاني على أنه يجب أن يتم إثبات الصورية في مواجهة المشتري الثاني، ويتعين على المحكمة أن تفصل في الإدعاء بالصورة إذ يتوقف مصير دعوى الشفعة على ثبوت الصورية من عدمه وبصدور حكم لصالح الشفيع بصورية عقد المشتري الثاني تصح إجراءات طلب الشفعة في البيع الأول.
2 - من المقرر في قضاء هذه المحكمة - أن تقدير أقوال الشهود واستخلاص الصورية من أدلتها من سلطة محكمة الموضوع متى كان استخلاصها سائغاً، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد خلص إلى صورية البيع الثاني من القرائن السائغة التي ساقها بمدوناته فإن تعييبه في هذا الاستخلاص يكون جدلاً فيما تستقل محكمة الموضوع بتقديره ويبقى البيع الأول قائماً وهو الذي يعتد به في الشفعة.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضده الأول عن نفسه وبصفته أقام الدعوى رقم 4361 سنة 82 مدني كلى شمال القاهرة على الطاعن الأول - والمطعون ضده الثاني بطلب الحكم بأحقيته في أخذ الحصة المبيعة في العقار المبين بصحيفة الدعوى بالشفعة مقابل الثمن المودع خزينة المحكمة والتسليم، وقال شرحاً لدعواه إن المطعون ضده الثاني باع للطاعن الأول حصة سائغة قدرها 12 س، 7 ط شيوعاً في كامل أرض وبناء العقار الموضح بالصحيفة مقابل ثمن قدره 3493 جنيه وإذ كان هو شريكاً على الشيوع في ملكيته فقد أعلنهما بإنذار رسمي برغبته في أخذ الحصة المبيعة بالشفعة مقابل الثمن وجميع الملحقات، وأودع الثمن خزينة المحكمة، وأقام الدعوى وتمسك الطاعن الأول بأنه باع الحصة موضوع النزاع إلى زوجته الطاعنة الثانية، أدخلها المطعون ضده الأول في الدعوى وطعن بصورية البيع الأخير، أحالت المحكمة الدعوى إلى التحقيق وبعد سماعها شهود الطرفين، قضت بالطلبات. استأنف الطاعنان هذا الحكم بالاستئناف رقم 6357 سنة 105 ق القاهرة وبتاريخ 8/ 2/ 1989 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة، حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعي الطاعنان بها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال وفي بيان ذلك يقولان بأن الحكم المطعون فيه استخلص صورية البيع الثاني من أقوال شاهدي الطاعن من أنهما لم يحضرا واقعة سداد الثمن رغم أنهما قررا بحضورهما واقعة تحرير عقد البيع وهو ما يؤكد جديته، كما اعتبر أن البيع الثاني غير نافذ في حق الشفيع رغم أنه صادر قبل إعلان الرغبة في الأخذ بالشفعة وهو ما كان يتعين معه أن توجه إجراءات الشفعة إلى البيع الثاني في مواعيده وبشروطه دون البيع الأول وأنه سواء كان البيع الثاني قد انعقد بين الزوجين أو كان هبة مستترة فإنه يمتنع الأخذ فيه بالشفعة وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بأحقية المطعون ضده الأول في الأخذ بالشفعة في البيع الأول فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أنه ولئن كان مفاد نص المادة 938 من القانون المدني وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة أنه إذا صدر من مشتري العقار المشفوع فيه بيع ثان قبل أن تعلن أية رغبة في الأخذ بالشفعة أو قبل أن يتم تسجيل هذه الرغبة فإنه يسري في حق الشفيع ولا يجوز الأخذ بالشفعة إلا من المشتري الثاني وبالشروط التي اشترى بها إلا أن ذلك مشروط بألا يكون البيع الثاني صورياً، فإذا ادعى الشفيع صوريته وأفلح في إثبات ذلك اعتبر البيع الصادر من المالك للمشتري الأول قائماً وهو الذي يعتد به في طلب الشفعة دون البيع الثاني الذي لا وجود له بما يغني الشفيع عن توجيه طلب الشفعة للمشتري الثاني على أنه يجب أن يتم إثبات الصورية في مواجهة المشتري الثاني، ويتعين على المحكمة أن تفصل في الادعاء بالصورة إذ يتوقف مصير دعوى الشفعة على ثبوت الصورية من عدمه وبصدور حكم لصالح الشفيع بصورية عقد المشتري الثاني تصح إجراءات طلب الشفعة في البيع الأول. كما أن المقرر في قضائها أن تقدير أقوال الشهود واستخلاص الصورية من أدلتها من سلطة محكمة الموضوع متى كان استخلاصها سائغاً، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد خلص إلى صورية البيع الثاني من القرائن السائغة التي ساقها بمدوناته فإن تعيييه من هذا الاستخلاص يكون جدلاً فيما تستقل محكمة الموضوع بتقديره ويبقى البيع الأول قائماً وهو الذي يعتد به في الشفعة وإن التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد التزم صحيح القانون ويضحى النعي برمته على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.