مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة أحكام المحكمة الإدارية العليا
السنة الرابعة والثلاثون - الجزء الثاني (من أول مارس سنة 1989 إلى آخر سبتمبر سنة 1989) - صـ 1072

(155)
جلسة 30 من مايو سنة 1989

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ عبد الفتاح محمد إبراهيم صقر - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة/ حنا ناشد مينا حنا وفاروق علي عبد القادر والدكتور محمد عبد السلام مخلص وكمال زكي عبد الرحمن اللمعي - المستشارين.

الطعن رقم 2551 لسنة 31 القضائية

عقد إداري - تنفيذه - غرامة التأخير.
لائحة المناقصات والمزايدات.
غرامات التأخير التي ينص عليها في العقود الإدارية هي جزاء قصد به ضمان وفاء المتعاقد مع الإدارة بالتزامه في المواعيد المتفق عليها حرصاً على سير المرفق العام بانتظام - للإدارة أن توقع الغرامة المنصوص عليها في العقد من تلقاء ذاتها وبمجرد وقوع المخالفة التي تقررت الغرامة جزاء لها - لا يتوقف استحقاق الغرامة على ثبوت وقوع ضرر للإدارة من جراء إخلال هذا المتعاقد بالتزامه - لا يعفى المتعاقد من الغرامة إلا إذا أثبت أن إخلاله بالتزامه يرجع إلى قوة قاهرة أو إلى خلل جهة الإدارة المتعاقد معها - تطبيق [(1)].


إجراءات الطعن

بتاريخ 10/ 6/ 1985 أودعت هيئة قضايا الدولة نيابة عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير بالطعن في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (دائرة العقود والتعويضات) في الدعوى رقم 5451 لسنة 37 ق بجلسة 14/ 4/ 1985. والقاضي بإلزام محافظ سوهاج بصفته أن يدفع للمدعي مبلغ 10687.876 جنيه والمصروفات.
وطلب الطاعن للأسباب الواردة بتقرير الطعن - الحكم بقبول الطعن شكلاً وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه ورفض دعوى المطعون ضده مع إلزامه بالمصروفات. وأعلن تقرير الطعن إلى المطعون ضده.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني ارتأت فيه قبول الطعن شكلاً ورفضه بشقيه العاجل والموضوعي وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وعين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة.
وبجلسة 15/ 3/ 1989 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا الدائرة الثالثة وحددت لنظره أمامها جلسة 11/ 4/ 1989. بعد أن استمعت المحكمة لما رأت لزو سماعه من إيضاحات على الوجه المبين بمحضر الجلسة قررت إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تتحصل كما يبين من الأوراق في أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم 5423 سنة 1982 مدني كلي سوهاج وطلب في ختامها الحكم بإلزام المدعى عليهما بصفتهما (وزير الإسكان) و(محافظ سوهاج) بأن يدفعا مبلغ 10687 جنيه و876 مليم والمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وقال شرحاً لدعواه أنه قد رست عليه عملية إنشاء مجمع صحي بمحافظة سوهاج وقام بتنفيذها على الوجه الأكمل إلا أنه عند تصفية الحساب خصمت منه الجهة الإدارية مبلغ 10687 جنيه 876 مليم من مستحقاته كغرامة تأخير بينما كان التأخير في تنفيذ العملية المسندة إليه يرجع لأسباب خارجة عن إرادته وتتمثل في وجود كابلات تليفونية وأعمدة كهربائية فضلاً عن انفجار ماسورة مياه الشارع المجاور للموقع ترتب عليه إغراقه وتعطل العمل به مع عدم قيام الجهة الإدارية بصرف مواد البناء من حديد وأسمنت في المواعيد المقررة وتكليفه بعمل سور لهذا المبنى لم يكن وارداً بالمقايسة الأصلية.
وبجلسة 30/ 4/ 1983 حكمت المحكمة بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الدعوى وإحالتها لمحكمة القضاء الإداري بالقاهرة وأبقت الفصل في المصروفات.
وبجلسة 14/ 4/ 1985 حكمت محكمة القضاء الإداري بعدم قبول الدعوى بالنسبة إلى وزير الإسكان بصفته وبإلزام محافظ سوهاج بصفته بأن يدفع للمدعي مبلغ 10687 جنيه و876 مليم والمصروفات وشيدت المحكمة قضاءها على أن الثابت بالأوراق أن المدعي قد صادفه عدة عقبات مما حدا به إلى التماس مد العملية لمدة ستة شهور ورغم هذه العوائق لم يتوقف المدعي عن العمل بل نشط في إنجاز أساسات الفاصل القلبي من المبنى وأتمها لحين إزالة معوقات الفاصل البحري وأن مسلك المدعي ومبادرته إلى الانجاز رغم ما صادفه من معوقات لا يسوغ عدالة أن يكون وبالاً عليه مفضياً إلى وضعه في مركز أسوا مما لو كان قد امتنع عن البدء في التنفيذ كلية حتى تتعهد جهة الإدارة بمسئولياتها وإذ ثبت أنه حتى أكتوبر سنة 1980 لم تكن ماسورة المياه المعترضة للموقع قد أزيلت بمعرفة مجلس مدينة سوهاج وأن كابلات التليفون كانت مثاراً للشكوى حتى هذا التاريخ ومع كل ذلك أنجر العملية التي تسلم موقعها في 2/ 4/ 1980 وسلمها كاملة في 20/ 5/ 1981 والتي كان محدداً لها سبعة شهور ومن ثم فإن مدة التأخير في إنجاز العمل تعتبر معادلة للمدة التي استغرقتها إزالة المعوقات ومن ثم تغدو جهة الإدارة غير محقة في خصم غرامات التأخير من مستحقات المدعي مما يتعين معه الحكم بإلزامها بأن تدفع له ما قامت بخصمه.
ومن حيث إن مبنى الطعن يقوم على أسباب حاصلها أن الحكم قد جاء على غير أساس من الواقع والقانون وأنه يتعذر على جهة الإدارة في حالة تنفيذ الحكم استرداد المبلغ وذلك أن المطعون ضده قام بتسليم المبنى في 20/ 5/ 1981 متأخراً عن موعد تسليمه الأصلي في 1/ 11/ 1985 لمدة ستة أشهر وتسعة عشر يوماً وأنه تم رفع عوائق الكهرباء في 3/ 7/ 1980. وأن مدة التأخير عن هذا العائق قدرها شهر و24 يوم من 5/ 6/ 1980 إلى 29/ 7/ 1980 وأن مدة تأخير عائق ماسورة المياه بلغ شهراً واحداً وبالتالي تكون جملة الأعطال 2 شهر و24 يوم تضاف إلى موعد نهو الأعمال المقررة في 1/ 11/ 1980 ليصبح الموعد هو 25/ 1/ 1981 ولأن العملية سلمت في 20/ 5/ 1981 وتكون مدة التأخير 3 شهور 25 يوم وهي ليست معادلة لرفع العوائق كما ورد بالحكم المطعون فيه هذا بالإضافة إلى أن هذه العوائق لم تمنع المطعون ضده من البدء في تنفيذ أجزاء من المبنى لا تعترضها العوائق هذا بالإضافة إلى أن ما ادعاه المطعون ضده من التأخير بسبب تأخير الجهة الإدارية في صرف مواد البناء من الحديد والأسمنت، فإنه ولئن كان قد اشترط في قرار لجنة البت رقم (2) بتاريخ 22/ 1/ 1980 صرف تصاريح مواد البناء في المواعيد التي يحددها البرنامج المقدم منه للجهة الإدارية وأن أي تأخير في الاستلام بعد قيامه بدفع الثمن تضاف مدته إلى مدة العملية إلا أن المطعون ضدهم لم يثبت قيامه بتقديم برامج عمل حتى يمكن التثبت من وجود تأخير في استلام مواد البناء، كما أن ما يدعيه من تأخير بسبب تكليفه بعمل سور إضافي للمبنى فإن هذا السور عبارة عن سلك شائك وزوايا حديدية لا يدخل فيها مبان أو أعمال خرسانية ولم يحدد المطعون ضده مدة التأخير وأنه متى كانت الجهة الإدارية قد قامت باستنزال مدة إزالة العوائق التي تسببت في تأخير التنفيذ وأن مدة التأخير عن موعد التسليم المحدد هي ثلاثة أشهر فإنه يستحق عنها غرامة تأخير لم ينازع المطعون ضده في قيمتها.
ومن حيث إنه من المقرر أن غرامات التأخير التي ينص عليها في العقود الإدارية هي جزاء قصد به ضمان وفاء المتعاقد مع الإدارة بالتزامه في المواعيد المتفق عليها حرصاً على سير المرفق العام بانتظام وأنه يحق للإدارة أن توقع الغرامة المنصوص عليها في العقد من تلقاء ذاتها وبمجرد وقوع المخالفة التي تقررت الغرامة جزاء لها ولا يتوقف استحقاق الغرامة على ثبوت وقوع ضرر للإدارة من جراء إخلال هذا المتعاقد بالتزامه وأنه لا يعفى منها إلا إذا أثبت أن إخلاله بالتزامه يرجع إلى قوة قاهرة أو إلى خلل جهة الإدارة المتعاقد معها.
ومن حيث إنه يبين من الأوراق أن المطعون ضده قد رست عليه عملية إنشاء المجمع الصحي بمحافظة سوهاج وذلك بموجب قرار لجنة البت بجلستها المنعقدة في 22/ 1/ 1980 نظير مبلغ 99779.420 جنيه وأن مدة تنفيذ العملية سبعة أشهر وقد أخطر بذلك بكتاب مديرية الإسكان بمحافظة سوهاج رقم 3079 بتاريخ 1/ 4/ 1980 وقد تحدد يوم 2/ 4/ 1980 موعداً لاستلام الموقع وبذلك يكون موعد انتهاء العملية هو 1/ 11/ 1980 غير أن المطعون ضده قام بتسليم المبنى في 20/ 5/ 1981 متأخراً عن موعد تسليمه مدة 19 يوم 6 شهور برغم أن التأخير كان لأسباب خارجة عن إرادته تتمثل في وجود عوائق بالموقع هي كابلات وأعمدة كهربائية وانفجار ماسورة مياه أدت إلى غرق الموقع بالإضافة إلى تأخير جهة الإدارة في صرف مواد البناء اللازمة للعملية.
ومن حيث إن ما ادعاه المطعون ضده من وجود العوائق سالفة الذكر مردود عليه بأنه يبين من الأوراق أنه تم رفع عوائق الكهرباء في 3/ 7/ 1980 وأن مدة التأخير عن هذا العائق قدرها 24 يوم 1 شهر عن المدة من 5/ 6/ 1980 حتى 29/ 7/ 1980، كذلك فإن مدة تأخير عائق انفجار ماسورة المياه شهر واحد ومن ثم تكون مدة تعطيل المطعون ضده 24 يوم 2 شهر بإضافتها إلى الموعد المقرر لإنهاء العملية في 1/ 11/ 1980 يصير موعد التسليم هو 25/ 1/ 1981 وإذ كانت العملية سلمت في 20/ 5/ 1981 فتكون مدة التأخير 25 يوم 3 شهور.
ومن حيث إن الثابت أن جهة الإدارة قامت بحساب المدة التي استغرقتها إزالة تلك العوائق ومدة غرق الموقع بالمياه وخصمتها في مدة التأخير ولم يدع المطعون ضده أن إزالة تلك العوائق استلزمتها مدة أطول، كما أنه من جهة أخرى فإنه لم يثبت أن المطعون ضده تقدم ببرنامج عملي حتى يمكن التأكد من وجود تأخير في استلام مواد البناء عن المدد المحددة في برنامج العمل كذلك فإن الثابت من الأوراق أن السور الذي تم عمله من قبل المطعون ضده كان من السلك الشائك بالإضافة إلى الزوايا الحديدية ولم يدخل فيه مبان أو أعمال خرسانية، فإنه بناء على ما تقدم يكون ما قامت به جهة الإدارة من استقطاع مبلغ 10687.876 جنيه كغرامة تأخير من مستحقات المطعون ضده لتسليمه المبنى متأخراً عن موعد تسليمه مدة 25 يوم 3 شهور صحيحاً إذ أن هذا التأخير لا يعود كما سلف بيانه إلى قوة قاهرة أو إلى فعل الإدارة إذ أن ما كان راجعاً إلى شيء من ذلك قد أضيفت مدته إلى المدة المحددة لتنفيذ العملية ومن ثم فإن تصرف الإدارة في هذا الخصوص يكون متفقاً مع صحيح القانون وإذ ذهب الحكم المطعون فيه إلى غير ذلك فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون متعيناً إلغاؤه والقضاء برفض دعوى المطعون ضده.
ومن حيث إن من خسر الدعوى يتحمل بالمصروفات لذلك يتعين إلزام المطعون ضده بها وبمصروفات الطعن.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض دعوى المطعون ضده وألزمته المصروفات.


[(1)] هذا المبدأ استقرار لما سبق أن قضت به هذه المحكمة في الطعن رقم 866 لسنة 11 ق جلسة 8/ 11/ 1969 و260 و267 لسنة 12 ق جلسة 21/ 3/ 1970.