مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة أحكام المحكمة الإدارية العليا
السنة الرابعة والثلاثون - الجزء الثاني (من أول مارس سنة 1989 إلى آخر سبتمبر سنة 1989) - صـ 1089

(158)
جلسة 6 من يونيه سنة 1989

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ عبد الفتاح محمد إبراهيم صقر - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة/ حنا ناشد مينا حنا وفاروق علي عبد القادر والدكتور محمد عبد السلام مخلص وعطية الله رسلان فرج - المستشارين.

الطعن رقم 2548 لسنة 32 القضائية

( أ ) دعوى - الحكم في الدعوى - الطعن في الأحكام - المصلحة في الطعن - قانون المرافعات المدنية والتجارية.
لا يجوز الطعن إلا ممن أضر به الحكم وهو الخصم الذي قضى ضده - مؤدى ذلك: عدم جواز الطعن ممن قضى له بطلباته - أساس ذلك: المادة 211 مرافعات - تطبيق.
(ب) عاملون مدنيون بالدولة - انقطاع - استقالة ضمنية - ما ينفي هذه القرينة - مادة (98) من القانون رقم 47 لسنة 1978.
تقوم قرينة الاستقالة الضمنية على أساس الانقطاع بدون إذن المدد التي حددها المشرع - إذا كان الانقطاع قد اقترن بتقديم طلب في اليوم التالي للإحالة إلى القومسيون الطبي فهذا يكفي للإفصاح عن سبب الانقطاع وهو المرض وتنتفي بذلك قرينة الاستقالة الضمنية - تطبيق [(1)].


إجراءات الطعن

بتاريخ 15/ 5/ 1986 أودعت هيئة قضايا الدولة نيابة عن وزير القوى العاملة والتدريب قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها رقم 2548 لسنة 32 ق ضد الدكتور/....... في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (دائرة الجزاءات) بجلسة 17/ 4/ 1986 في الدعويين رقمي 7168 لسنة 38 ق، 1857 لسنة 39 ق والقاضي: (أولاً) بقبول طلب إلغاء القرار رقم 622/ 1983 بإنهاء خدمة المدعي شكلاً وفي الموضوع بإلغاء هذا القرار وما يترتب على ذلك من آثار وألزمت جهة الإدارة مصروفات هذا الطلب بشقيه العاجل والموضوعي. (ثانياً) بعدم قبول طلب إلغاء القرار رقم 832 لسنة 1983 بندب المدعي شكلاً. لرفعه بعد الميعاد وألزمت المدعي مصروفات هذا الطلب.
وطلب الطاعن وللأسباب الواردة بتقرير الحكم: (أولاً) بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه مع تحميل المطعون ضده مصروفات هذا الطلب. (ثالثاً) قبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء برفض الدعوى مع إلزامه المصروفات والأتعاب عن الدرجتين.
وبتاريخ 28/ 6/ 1986 أعلن تقرير الطعن إلى المطعون ضده في محل إقامته وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني انتهت فيه إلى: (أولاً) بعدم قبول الطعن بالنسبة للشق الثاني من الحكم المطعون فيه والذي قضى بعدم قبول طلب إلغاء القرار رقم 832 لسنة 1983 لانتفاء مصلحة الطاعن. (ثانياً) قبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الشق القاضي بإلغاء القرار رقم 622 لسنة 1984 بإنهاء خدمة المطعون ضده والحكم برفض الدعوى مع إلزام المطعون ضده المصروفات.
وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون فقررت إحالة الطعن إلى الدائرة الثالثة بالمحكمة الإدارية العليا وهذه المحكمة نظرت الطعن على الوجه المبين بمحاضر جلساتها حيث سمعت ما رأت لزوماً لسماعه من إيضاحات ذوي الشأن. وطلبت الهيئة الطاعنة تأييد طعنها وطلب المطعون ضده رفضه وقررت المحكمة إرجاء إصدار الحكم إلى جلسة اليوم حيث صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تخلص حسبما يبين من الأوراق في أنه بتاريخ 26/ 8/ 1984 أقام المطعون ضده الدعوى رقم 7168 لسنة 38 ق أمام محكمة القضاء الإداري ضد وزير القوى العاملة والتدريب بصفته طلب في ختامها الحكم بقبول الدعوى شكلاً والأمر بصرف مرتبه فوراً من شهر ديسمبر 1983 إلى تاريخ الحكم في الدعوى والتصريح له بعودته إلى عمله فوراً بالإدارة العامة للأمن الصناعي والتي كان يعمل بها مع إلزام الجهة الإدارية المصروفات والأتعاب. وقال شرحاً لدعواه أنه كان قد تقدم في 3/ 6/ 1984 بمذكرة إلى وزير القوى العاملة والتدريب أوضح بها أنه كان قد تقدم بمستندات تقطع بوجود مخالفات بالإدارة العامة للأمن الصناعي تم التحقيق فيها بمعرفة النيابة الإدارية التي أحالته بدورها إلى النيابة العامة لوجود شبهة جنائية وكان المحقق الإداري قد تعنت ضده ووجه إليها تهماً انتهت النيابة الإدارية إلى بطلانها ثم تقرر ندبه إلى المركز القومي لدراسات الأمن الصناعي تمهيداً لنقله إلى المركز القومي لدراسات الأمن الصناعي وإزاء ذلك تقدم باستقالته في 19/ 10/ 1983 ولكنها رفضت وكان المدعي المطعون ضده قد حصل على موافقة وزارة الصحة على نقله للعمل بها ولكن المسئولين بوزارة القوى العاملة تدخلوا لعرقلة هذا القرار وكان نتيجة ذلك إصابة المدعي بحالة اكتئاب نفسي حاد كما جاء بتقرير القومسيون الطبي، وبعد انتهاء إجازته المرضية طلب توقيع الكشف الطبي عليه وأرسلت الوزارة خطاباً للقومسيون لإجراء هذا الكشف كما أرسلت له في نفس الوقت إنذار بالفصل ثم أوقفت صرف مرتبه أثناء إحالته للقومسيون الطبي رغم مخالفة ذلك للقانون.
وأضاف المدعي (المطعون ضده) أنه أبلغ بمرضه عقب يوم 12/ 4/ 1984 بإرسال خطابين مسجلين بعلم الوصول ورفضت الإدارة استلامهما تعنتاً منها وبذلك يكون تصرف الجهة الإدارية مشوباً بالتعسف وسوء استعمال السلطة وقد تقدم بتاريخ 18/ 7/ 1984 بطلب لصرف مرتبه وعودته إلى عمله ولكن الإدارة نكلت عن الرد عليه والتزمت الصمت مما يعد رفضاً له ويجيز له (للمطعون ضده) رفع الدعوى بالطلبات المشار إليها سلفاً.
وبصحيفة مودعة في 18/ 2/ 1985 أضاف المدعي (المطعون ضده) إلى طلباته طلباً جديد بإلغاء القرار رقم 622 لسنة 1984 الذي صدر بعد رفع الدعوى وتضمنه إنهاء خدمته اعتباراً من 13/ 4/ 1984 وهو ما تظلم منه في 25/ 9/ 1984 وأخطر بالكتاب المؤرخ في 20/ 11/ 1984 برفض تظلمه وهذا الطلب هو ما أقام به الدعوى رقم 1857 لسنة 39 ق أمام محكمة القضاء الإداري أيضاً في 13/ 1/ 1985 بطلب الحكم بوقف تنفيذه القرار رقم 622 الصادر في 1/ 9/ 1984 المشار إليه والقاضي بفصله من العمل وصرف مرتبه الموقوف منذ ديسمبر 1983 حتى تاريخ الفصل في الدعوى وما يستجد لمخالفة هذا القرار للقانون واتسامه بسوء استعمال السلطة.
ونظرا أمام المحكمة القضاء الإداري الدعويين على النحو الموضح بمحاضر جلساتها وقررت ضم الدعوى رقم 1857 لسنة 39 ق إلى الدعوى رقم 7168 لسنة 38 ليصدر فيهما حكم واحد وبجلسة 17/ 4/ 1989 أصدرت المحكمة حكمها فيهما ويقضي (أولاً) بقبول طلب إلغاء القرار رقم 622 لسنة 1983 بإنهاء خدمة المدعي شكلاً وفي الموضوع بإلغاء هذا القرار وما يترتب على ذلك من آثار وألزمت الجهة الإدارية مصروفات هذا الطلب بشقيه العاجل والموضوعي (ثانياً) بعدم قبول طلب إلغاء القرار رقم 832 لسنة 1983 بندب المدعي شكلاً لرفعه بعد الميعاد وألزمت المدعي المصروفات وأقامت المحكمة قضاءها بالنسبة لطلب إلغاء القرار رقم 622 لسنة 1983 بإنهاء خدمة المطعون ضده على أن الثابت من الأوراق أن المدعي أرسل إلى السيد/ حامد الشريف مدير عام الإدارة العامة للأمن الصناعي بوزارة القوى العاملة خطاباً مؤرخاً 15/ 4/ 1984 يخبره فيه بأن القومسيون الطبي بالمنوفية قد نبه عليه في 12/ 4/ 1984 بالعودة للعمل ولكنه مازال مريضاً كما أرسل خطاباً إلى وزير القوى العاملة والتدريب أشار فيه إلى ذلك أيضاً وبتاريخ 4/ 6/ 1984 تقدم المدعي بصورة شهادة رسمية صادرة من وزارة الداخلية مؤرخة 28/ 3/ 1985 أن السيد حامد عبد العزيز الشريف المرسل له الخطابان لم يغادر البلاد في الفترة من 23/ 10/ 1983 حتى تاريخ تحريرها بما تكشف عن نية الإدارة في عدم استلام الخطابين المشار إليهما بعد إنذار المدعي بإنهاء خدمته وذلك إصراراً من جهة الإدارة على إنهاء خدمته بما يكشف عن انحراف بالسلطة في إصدار قرار إنهاء الخدمة المطعون فيه ويؤكد ذلك أن الجهة الإدارية لم تستجب لطلبات المدعي بإعادة تحويله للكشف الطبي بناء الخطاب المرسل إلى إدارة شئون العاملين والخطاب المرسل إلى مكتب وزير القوى العاملة وبذلك يكون مسلك المدعي بعد إنذاره بإنهاء خدمته قد دل بوضوح على انتفاء نية الاستقالة الضمنية لديه حيث أكد في أكثر من خطاب وفي بعض المكالمات التليفونية المشار إليها بهذه الخطابات إلى أنه ما زال مريضاً ويطلب تحويله للكشف الطبي وإذ صدر القرار المطعون فيه تأسيساً على قرينة الاستقالة الضمنية يكون قد صدر مخالفاً القانون متعين الإلغاء.
أما بالنسبة لطلب إلغاء القرار رقم 832 لسنة 1983 الصادر بندب المطعون ضده تمهيداً لنقله إلى المركز القومي لدراسات الأمن الصناعي فقد أشارت محكمة القضاء الإداري في حكمها المطعون فيه إلى أن هذا القرار صدر في 11/ 9/ 1983 وإذ تراخى المدعي في رفع الدعوى حتى 26/ 8/ 1984 فمن ثم تكون الدعوى رفعت بعد الميعاد وتبعاً لذلك يتعين الحكم بعدم قبول هذا الطلب.
وإذ لم يلق الحكم المشار إليه قبولاً لدى الطاعن لذا فقد أقام طعنه الماثل ناعياً على هذا الحكم الخطأ في تطبيق القانون وتأويله ذلك لأن الثابت أن القومسيون الطبي لم يحتسب مدة انقطاع المطعون ضده عن العمل خلال الفترة من 17/ 11/ 1983 حتى 12/ 4/ 1984 إجازة مرضية لكونه بحالة طبيعية وتم التنبيه عليه من القومسيون الطبي باستلام العمل في 13/ 4/ 1984 ورغم ذلك ظل المطعون ضده منقطعاً عن العمل من 13/ 4/ 1984 حتى تاريخ إنهاء خدمته كما أن الخطابين اللذين أرسلهما المطعون ضده في 15/ 4/ 1984، 29/ 4/ 1984 أرسلهما باسم الدكتور/ حامد الشريف مدير عام الإدارة العامة للأمن الصناعي رغم أن منطق الأمور كان يقتضي في مثل هذه الحالة مراسلة ممثلي الأشخاص المعنوية بصفاتهم الوظيفية ولقد ورد هذان الخطابان وكان الدكتور حامد الشريف تجرى له عملية جراحية مما دعا إلى ارتداد الخطابين وعلى هذا الأساس لم يتصل عمل الوزارة بهذين الخطابين ولا يمكن للمطعون ضده الاحتجاج بهما بأنه أخطر جهة عمله بسبب انقطاعه وطلب توقيع الكشف الطبي عليه، هذا فضلاً عن أن المطعون ضده لم يلتزم بالتعليمات الواردة بقرار وزير الصحة رقم 331 في 13/ 5/ 1981 والتي تقضي بأنه في حالة مرض العامل خارج البلد التي بها مقر عمله التقدم إلى المستشفى أو الوحدة العلاجية التابعة للهيئة العامة للتأمين الصحي أو الأطباء المتعاقد معهم بدائرة المنطقة وذلك بموجب البطاقة العلاجية الخاصة به وفي جميع هذه الحالات تلتزم الهيئة العامة للتأمين الصحي أو الجهات المتعاقد معها بمنح العامل الأجازات المرضية وبذلك ينتفي أي عذر للمطعون ضده في الانقطاع وتقوم في حقه قرينة الاستقالة الضمنية المستفادة من المادة 98 من القانون رقم 47 لسنة 1978 ومما يدل على أن انقطاع المذكور كان بغير عذر أنه مثل للتحقيق وطلب منه استلام عمله بالجهة المنتدب إليها وهي المركز القومي لدراسات الأمن الصناعي فرفض وأصر على استلام العمل بالإدارة العامة للأمن الصناعي.
وبتاريخ 14/ 10/ 1988 أودعت هيئة قضايا الدولة مذكرة بدفاعها انتهت فيها إلى طلب الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء بالطلبات الواردة بصحيفة الطعن مع إلزام المطعون ضده بالمصروفات عن الدرجتين كما أنه بجلسة 21/ 2/ 1989 أودع المطعون ضده مذكرة بدفاعه وحافظة مستندات.
ومن حيث إن الثابت أن الحكم المطعون فيه قضى (أولاً) بقبول طلب إلغاء القرار رقم 622 لسنة 1983 الصادر بإنهاء خدمة المطعون ضده شكلاً وفي الموضوع بإلغاء هذا القرار وما يترتب على ذلك من آثار. و(ثانياً) بعدم قبول طلب إلغاء القرار رقم 832 لسنة 1983 بندب المدعي (المطعون ضده) شكلاً لرفعه بعد الميعاد.
ومن حيث إن الطعن في الحكم لا يجوز إلا لمن أضر به وهو الخصم الذي قضى ضده ولما كان الحكم المطعون فيه لم يقضي بشيء ضد الجهة الإدارية الطاعنة، بل قضى بعدم قبول دعوى المطعون ضده فيما تضمنه من طلب إلغاء القرار رقم 832 لسنة 1983 وهو في ذلك قد صدر وفق طلبات الطاعنة في الدعوى، فإن طعنها في هذا الخصوص يكون غير جائز إذ القاعدة على ما قضى به في المادة 211 من قانون المرافعات أنه لا يجوز الطعن في الأحكام إلا من المحكوم عليه ولا يجوز ممن قضى له بطلباته. ولذلك يتعين الحكم بعدم جواز الطعن فيما قضى به الحكم في هذا الشق منه مع إلزام الطاعنة المصروفات. الجهة الطعن استوفى أوضاعه الشكلية فهو مقبول شكلاً وفيما يتعلق بما قضى به الحكم المطعون فيه من إلغاء القرار الصادر في 1/ 9/ 1984. برقم 12 لسنة 1984 بإنهاء خدمة المدعي (المطعون ضده).
ومن حيث إنه عن الموضوع فإن الثابت من الأوراق أنه بتاريخ 1/ 9/ 1984 صدر قرار وزير القوى العاملة والتدريب رقم 622 لسنة 1983 والذي ينص على: (أولاً) مجازاة المطعون ضده بخصم ثلاثة أيام من راتبه لانقطاعه عن العمل خلال المدة من 17/ 11/ 1983 إلى 12/ 4/ 1984 التي رفض القومسيون الطبي بالمنوفية اعتبارها إجازة مرضية. (ثانياً) إنهاء خدمة المطعون ضده اعتباراً من 13/ 4/ 1984 لانقطاعه عن العمل بدون إذن مدة تزيد على خمسة عشر يوماً متصلة رغم إنذاره.
ومن حيث إن المادة 98 من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 تنص على أن "يعتبر العامل مقدماً استقالته في الحالات الآتية: 1 - إذا انقطع عن عمله بغير إذن أكثر من خمسة عشر يوماً متتالية ما لم يقدم خلال الخمسة عشر يوماً التالية ما لم يثبت أن انقطاعه كان بعذر مقبول وفي هذه الحالة يجوز للسلطة المختصة أن تقرر عدم حرمانه من أجره عن مدة الانقطاع إذا كان له رصيد من الأجازات يسمح بذلك وإلا وجب حرمانه من أجره عن هذه المدة فإذا لم يقدم العامل أسباب تبرر الانقطاع أو قدم هذه الأسباب ورفضت اعتبرت خدمته منتهية من تاريخ انقطاعه عن العمل.
2 - إذا انقطع عن عمله بغير إذن تقبله جهة الإدارة أكثر من ثلاثين يوماً غير متصلة في السنة وتعتبر خدمته منتهية في هذه الحالة من اليوم التالي لاكتمال هذه المدة.
وفي الحالتين السابقتين يتعين إنذار العامل كتابة بعد انقطاعه لمدة خمسة أيام في الحالة الأولى وعشرة أيام في الحالة الثانية.
ومن حيث إن المحكمة الإدارية العليا قد استقر قضاءها بالنسبة لتفسير نص الفقرة الأولى من المادة 98 من القانون رقم 47 لسنة 1978 السالف الإشارة إليها على أن انتهاء الخدمة في هذه الحالة يقوم على قرينة الاستقالة الضمنية أي اعتبار الانقطاع المتصل عن العمل مدة تزيد على خمسة عشر يوماً متتالية دون إذن بمثابة قرينة استقالة ضمنية للعامل فإذا ما ثبت بأي طريق - سبباً آخر للانقطاع تنتفي قرينة الاستقالة الضمنية فإذا كان انقطاع العامل قد اقترن بتقديم طلب في اليوم التالي لإحالته إلى القومسيون الطبي فإن في ذلك ما يكفي للإفصاح عن سبب انقطاعه وهو المرض وبذلك لا يكون هناك وجه للقول بأن علة انقطاعه هي الاستقالة وتنتفي القرينة التي رتبها القانون على هذا الانقطاع. (حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 10 لسنة 10 ق بجلسة 12/ 3/ 1966 مجموعة أحكام المحكمة في 15 سنة الجزء الرابع قاعدة رقم 373 صفحة 4156، 4157).
ومن حيث إنه على هدى ما تقدم وإذ كان الثابت من الأوراق ومن الحكم المطعون فيه أن المطعون ضده قد أرسل إلى السيد / حامد الشريف مدير الإدارة العامة للأمن الصناعي بوزارة القوى العاملة وهي الجهة التي يعمل بها خطاباً مؤرخاً 15/ 4/ 1984. يخبره فيه بأن القومسيون الطبي بالمنوفية قد نبه عليه بتاريخ 12/ 4/ 1984 بالعودة للعمل ولكنه ما زال مريضاً ويطلب لذلك تحويله لتوقيع الكشف الطبي عليه، ثم أرسل بتاريخ 29/ 4/ 1984 خطاباً آخر يستعجل فيه تحويله للكشف الطبي لهذا السبب والخطابان المذكوران مرسلان بعلم الوصول وقد أعيد مؤشر على كل منهما بأن السيد/ حامد الشريف بالخارج. وبناء على ذلك يكون المطعون ضده بهذا المسلك قد أتبع الوجه القانوني على مثله في حالة مرضه قد كشف بذلك سبب تغيبه عن عمله وعن تنبيهه إلى الاستمرار في العمل على نحو ينفي قرينة الاستقالة الضمنية في حالة الانقطاع عن العمل وتأكيداً لذلك أرسل المطعون ضده خطاباً ثالثاً لإدارة شئون العاملين بتاريخ 2/ 6/ 1984 تمسك فيه بحقه في إحالته إلى الكشف الطبي لأنه ما زال مريضاً كما أرسل خطاباً رابعاً إلى وزير القوى العاملة أشار فيه إلى ذلك أيضاً بتاريخ 4/ 6/ 1984 وفضلاً عن ذلك فقد تقدم المطعون ضده بصورة لشهادة رسمية صادرة من وزارة الداخلية بتاريخ 28/ 3/ 1983 تفيد أن السيد/ حامد عبد العزيز الشريف مدير عام الإدارة العامة للأمن الصناعي بوزارة القوى العاملة المرسل إليها الخطابان المؤرخان 15/ 4/ 1984 و29/ 4/ 1984 والسالف الإشارة إليهما - لم يغادر البلاد في الفترة من 23/ 10/ 1983 حتى تاريخ تحرير هذه الشهادة الأمر الذي يفيد عدم صحة ما ادعته الجهة الإدارية كسبب لرد الكتابين المؤرخين 15 و29/ 4/ 1984 المشار إليهما ويكشف بكل وضوح وجلاء عن سوء نيتها وعد رغبتها في استلام الخطابين المذكورين بعد إنذار المطعون ضده بإنهاء خدمته وذلك تمهيداً وإصراراً من جانبها على إنهاء خدمته دون تحقق موجبه قانوناً مما يخالف القانون وينطوي على انحراف منها بالسلطة عند قيامها بإصدار قرار إنهاء خدمة المطعون ضده يؤكد ذلك ويعززه أنها لم تستجب فيه إلى طلبات المطعون ضده المتكررة بعد طلبه بالكتابين سالفي الذكر اللذين ردتهما إليه بغير حق بإعادة تحويله للكشف الطبي بناء على الخطاب المرسل منه إلى إدارة شئون العاملين بتاريخ 2/ 6/ 1984 وكذا الخطاب المرسل منه إلى مكتب وزير القوى العاملة بتاريخ 4/ 6/ 1984 والسالف الإشارة إليهما وهما سابقان أيضاً على تاريخ إصدارها قرارها المطعون فيه بإنهاء خدمته والذي اعتمدت فيه على إنذارها له بالعودة إلى عمله وهو مما لا محل له بعد أن بين عذره وهو المرض وهو ما ليس لها أن تستقل بتقديره بل المرجع في ذلك إلى ما تقرره اللجنة الطبية المختصة ومن ثم فإن هذا المسلك من جانب المطعون ضده قبل قيام جهة الإدارة بإنذاره بإنهاء خدمته وبعده قد دل بصورة يقينية وقاطعة على انتفاء نية الاستقالة الضمنية لديه حيث أكد في الخطابات الأربعة الموجهة إلى جهة الإدارة أنه ما زال مريضاً ويطلب تحويله للكشف الطبي ومن ثم فإن قرار إنهاء خدمة المطعون ضده بصدوره تأسيساً على قرينة الاستقالة الضمنية يكون قد صدر مخالفاً للقانون واتسم بعيب إساءة استعمال السلطة ولذلك يكون طلبه إلغاءه في محله وإذ ذهب الحكم المطعون فيه هذا المذهب وقضى بإلغاء هذا القرار كما سبق ولما أورده من أسباب صحيحة في الواقع وفي القانون وتؤدي إلى النتيجة التي رتبها عليه ومن ثم فإنه يكون قد صادف صحيح حكم القانون ويكون الطعن عليه بالتالي قائماً على غير أساس جديراً بالرفض مع إلزام الجهة الإدارية الطاعنة المصروفات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة أولاً: بعدم جواز الطعن فيما قضى به الحكم المطعون فيه من عدم قبول طلب إلغاء القرار رقم 833 لسنة 1983 بندب المدعي شكلاً لرفعه بعد الميعاد، وإلزام الجهة الإدارية مصروفاته. ثانياً: قبول الطعن فيما قضى به الحكم المطعون فيه من إلغاء القرار رقم 622 لسنة 1983 بإنهاء خدمة المدعي شكلاً ورفضه موضوعاً وألزمت الجهة الإدارية المصروفات.


[(1)] راجع الطعن رقم 10 لسنة 10 ق بجلسة 12/ 3/ 1966 المنشور بمجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا في 15 سنة الجزء الرابع صفحة 4156.