مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة أحكام المحكمة الإدارية العليا
السنة الرابعة والثلاثون - الجزء الثاني (من أول مارس سنة 1989 إلى آخر سبتمبر سنة 1989) - صـ 1103

(160)
جلسة 10 يونيه من سنة 1989

برئاسة السيد الأستاذ المستشار محمد حامد الجمل - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة: يحيى السيد الغطريفي ود. إبراهيم علي حسن وإسماعيل صديق راشد وأحمد شمس الدين خفاجي - المستشارين.

الطعن رقم 1115 لسنة 32 القضائية

عاملون مدنيون بالدولة - تأديب - أدلة الإثبات - شهادة الشهود.
مناط نفي الاتهام هو إثبات عدم صحة الوقائع المنسوبة إلى العامل والتي تشكل خروجاً على مقتضى الواجب الوظيفي - لا يؤثر في ذلك أن أحد شهود إثبات الواقعة كانت بينه وبين ما نسبت إليه الواقعة ضغينة سابقة ما لم تكن هذه الشهادة هي الدليل الوحيد على نسبة الجريمة التأديبية إلى العامل - في الحالة الأخيرة يتعين إهدار هذه الشهادة لما يشوبها من شك - لا يؤثر في ثبوت مسئولية العامل عن المخالفات إلا بإثبات عدم صحتها أو عدم وقوعها أصلاً بالأدلة الكافية أو بإثبات تفاهتها وتهاترها جميعاً بما يرتب إهدار دلالتها قانوناً - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم السبت الموافق 1 من مارس 1986 أودع الأستاذ/ صادق حسن المحامي بصفته وكيلاً عن السيدة/....... بموجب توكيل خاص رقم 519/ ب لسنة 1986 مكتب توثيق سوهاج - قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 1115 لسنة 32 القضائية في الحكم الصادر من المحكمة التأديبية بمدينة أسيوط في الطعن رقم 144 لسنة 11 ق بجلسة 29/ 12/ 1985 والمقام من الطاعنة ضد السيد/ وزير التموين والتجارة الداخلية بصفته والقاضي بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً. وقد طلب الطاعنة - للأسباب الواردة في تقرير الطعن - الحكم بإلغاء الحكم المطعون فيه وبوقف تنفيذ القرار الطعين، وفي الموضوع بإلغائه وببراءتها مما نسب إليها. وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً برأيها القانوني ارتأت فيه - للأسباب المبينة به - الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً. وقد حدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 27/ 3/ 1988 وتداول نظره وفقاً للثابت بمحاضر جلسات تلك الدائرة، وبجلسة 25/ 1/ 1989 قررت دائرة فحص الطعون إحالة الطعن إلى هذه المحكمة، فنظرته بجلسة 18/ 2/ 1989 والجلسات التالية وفقاً للثابت بمحاضر الجلسات إلى أن تقرر حجز الطعن للحكم فيه بجلسة 13/ 5/ 1989، وبهذه الجلسة قررت المحكمة مد أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم (10/ 6/ 1989) لإتمام المداولة، حيث صدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع المرافعة، والمداولة.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد صدر بجلسة 29/ 12/ 1985 وأودعت عريضة الطعن في 1/ 3/ 1986 وقد تأشر عليها من وكيل الطاعنة بأن آخر ميعاد هو الخميس 27/ 2/ 1986 وامتد إلى السبت 1/ 3/ 1986 بسبب منع التجول لمشاغبات قوات الأمن المركزي بخلاف ميعاد المسافة، ولما كانت الطاعنة تقيم بمدينة سوهاج، وكان يلزمها الانتقال إلى القاهرة حيث مقر المحكمة الإدارية العليا لإيداع تقرير الطعن في الحكم المطعون فيه والصادر من المحكمة التأديبية بمدينة أسيوط، ومن ثم فإنه وفقاً لحكم المادة (16) من قانون المرافعات المدنية والتجارية يزاد على الميعاد المقرر في القانون لإيداع تقرير الطعن ميعاد المسافة وهو يوم لكل 50 كيلو متراً بين المكان الذي يجب الانتقال منه والمكان الذي يجب الانتقال إليه وإذ أقيم الطعن بإيداع عريضته يوم السبت الموافق 1/ 3/ 1986 فإنه يكون قد أقيم في الميعاد القانوني، وإذ استوفى الطعن سائر أوضاعه الشكلية الأخرى فإنه يكون مقبولاً شكلاً. ومن حيث إن عناصر المنازعة تتحصل في أن السيدة/....... الموظفة بمكتب السجل التجاري بسوهاج والسيد/....... أمين المكتب قدم كل منهما شكوى ضد الطاعنة بشأن تعديها على الأولى بألفاظ تمس الشرف والسمعة ومحاولة ضربها بالحذاء وذلك بمكتب الشاكية في يوم 18/ 10/ 1983 - وقد تولت النيابة الإدارية بسوهاج التحقيق في هذا الموضوع في القضية رقم 374 لسنة 1983 حيث أصر كل من الشاكين على ما جاء بشكواه واستشهد بالسيد/ أمين خزينة السجل التجاري بسوهاج الذي تدخل بين الطاعنة والشاكية وأنهى المشادة بينهما، وقد أنكرت الطاعنة ما نسب إليها وأضافت بأن رئيس المكتب لا يرغب في بقائها في العمل ويريد التخلص منها وأن ما حدث بينها وبين زميلتها مجرد مشادة كلامية واستشهدت بزميلتها....... والتي شهدت بوقوع المشادة الكلامية بينهما وأنها لم تسمع بشيء مما دار في هذه المشادة التي قام بفضها رئيس المكتب ورئيس الخزينة. وانتهت النيابة الإدارية إلى أن الثابت من التحقيق ومن أقوال كل من....... رئيس مكتب السجل التجاري بسوهاج و...... أمين الخزينة بالمكتب تعدي...... بالسب والضرب على زميلتها........ بالمكتب يوم 18/ 10/ 1983 مما يشكل في حقها مخالفة إدارية لخروجها على مقتضى الواجب الوظيفي في عملها لسلوكها مسلكاً معيباً لا يتفق والاحترام الواجب لمقتضيات الوظيفة العامة.
وقد رأت النيابة الإدارية أن ما أسند للسيدة/...... (الطاعنة) يشكل في حقها جريمة عامة يؤثمها قانون العقوبات لارتكابها جريمتي الضرب والسب في حق زميلتها...... ولكن نظراً لما في الجزاء الإداري المشدد من ردع لها ولأمثالها فقد قررت النيابة الإدارية غض النظر عن إبلاغ النيابة العامة بالواقعة اكتفاء بتوقيع الجزاء الإداري المشدد على ما اقترفته من إثم.
وبناء على أوراق التحقيق ومذكرة إدارة الشئون الإدارية بمصلحة التسجيل التجاري أصدر رئيس المصلحة القرار رقم 4 لسنة 1984 في 18/ 1/ 1984 بمجازاة السيدة........ الموظفة بمكتب السجل التجاري بسوهاج بخصم عشرة أيام من راتبها لما نسب إليها من مخالفات. وقد طعنت السيدة المذكورة على هذا القرار أمام المحكمة التأديبية بمدينة أسيوط في الطعن رقم 144 لسنة 11 القضائية طالبة إلغاء قرار الجزاء رقم 4 لسنة 1984 واعتباره كأن لم يكن وبجلسة 29/ 12/ 1985 حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً. وأقامت المحكمة قضاءها على أن الثابت من الأوراق والتحقيقات قيام الطاعنة بالاعتداء على زميلتها في العمل...... بالألفاظ النابية وغير اللائقة، وشروعها في التعدي عليها بالضرب بالحذاء مما يشكل في حقها ذنباً إدارياً لما ينطوي على مسلكها من خروج على مقتضيات الوظيفة العامة وما تفرضه من احترام يجب أن يسود في علاقات العمل بين الرئيس والمرؤوس وبين الزملاء بعضهم البعض وما يجب أن تنطوي عليه هذه العلاقات من الود وحسن المعاملة والاحترام. ومن حيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه لم يراع وجود خصومة سابقة بين الطاعنة والسيد/ أمين المكتب وهو ما تناولته النيابة الإدارية بالتحقيق في شكوى الطاعنة في القضية رقم 107 لسنة 1981 نيابة إدارية سوهاج والذي انتهى إلى صدور قرار مصلحة التسجيل التجاري رقم 159 لسنة 1981 بمجازاة كل من أمين المكتب السيد/....... بخصم ثلاثة أيام، وبخصم يوم من أجر كل من السيد/..... والسيد/..... ومن حيث إن السبب للطعن غير شديد، ذلك لأن وجود خصومة وضغينة بين الطاعنة والسيد/ رئيس المكتب لا ينفي بذاته ما نسبته إحدى العاملات بالمكتب وهي السيدة/....... للطاعنة من اعتداءها عليها بمكتبها، ذلك لأن مناط نفي الاتهام هو إثبات عدم صحة الوقائع المنسوبة إليها والتي تشكل خروجاً على مقتضى الواجب الوظيفي، ولا يؤثر في ذلك أن أحد شهود إثبات الواقعة كانت بينه وبين من نسبت إليه هذه الواقعة ضغينة سابقة ما لم تكن هذه الشهادة هي الدليل الوحيد على نسبة الجريمة التأديبية إلى العامل وبالتالي يتعين إهدارها لما يشوبها ويحوطها من شك لا تقوم لسببه تلك الشهادة وحدها كأساس سليم قانوناً للإدانة ومن ثم فإنه إذا تضافرت الأدلة غير المطعون فيها بحدوث واقعة معينة ونسبتها إلى عامل تغدو كجريمة تأديبية على نحو يكفي لإثبات ذلك قبله وبصرف النظر عن شهادة مشكوك في صحتها فإنه لا يؤثر في ثبوت مسئولية المنسوب إليهم الاتهام إلا بإثبات عدم صحته أو عدم وقوعه أصلاً بالأدلة الكافية وإثبات تفاهتها وتهازها جميعاً بما يرتب إهدار دلالتها قانوناً ومن حيث إن ما نسب إلى الطاعنة من تعديها بالضرب والسب على زميلتها قد قالت به هذه السيدة وأيدها في ذلك السيد/...... أمين خزينة السجل التجاري الذي شهد بحدوث اشتباك بالأيدي بينهما بعد توجيه ألفاظ السباب ثم حاولت الطاعنة الاعتداء عليها بالحذاء وأنه منعها من ذلك، وهو ما ذهب إليه كذلك أمين المكتب السيد/..... وإذ أنكرت الطاعنة في تحقيق النيابة الإدارية ما نسب إليها إلا أنها أقرت بالاتهام الموجه إليها ضمناً بقولها أن ما حدث هو مشادة كلامية فقط وقد استشهدت بالسيدة/....... غير أن المستشهد بها المذكورة قد أقرت في التحقيق بوقوع مشادة بين الطاعنة وزميلتها وقد حاولت كل منهما الإمساك بالأخرى فتدخل رئيس المكتب ورئيس الخزينة ومنعوهما من ذلك، وأنها لم تسمع أي شيء بالنسبة للشتائم والألفاظ التي حدثت أثناء المشادة.
ومن حيث إن شاهد النفي الوحيد والذي استندت لشهادته الطاعنة أمام النيابة الإدارية وهى السيدة/.......... لم تتضمن أقوالها من ينفي الوقائع التي نسبت إلى الطاعنة بل أقرت فضلاً عن ذلك بوقوع المشادة بين الطاعنة والشاكية، ولم تؤيد أو تنفي الشتائم والألفاظ التي حدثت أثناء المشادة.
ومن حيث إنه بناء على ما تقدم فإن ما نسب إلى الطاعنة من التعدي بالضرب والسب على زميلتها...... يكون قد ثبت في حقها ثبوتاً كافياً حتى مع استبعاد شهادة أمين المكتب الذي تطعن شهادته بالخصومة السابقة بينهما ويكون القرار الصادر بمجازاتها عما نسب إليها قائماً على سبب صحيح ومتفقاً مع صحيح حكم القانون. وإذ انتهت المحكمة التأديبية بمدينة أسيوط إلى رفض الطعن على القرار التأديبي المذكور فإن حكمها يكون متفقاً مع صحيح حكم القانون، ويكون النعي عليه على غير أساس من القانون متعيناً رفضه.
ومن حيث إن هذا الطعن معفى من الرسوم باعتباره طعناً في حكم محكمة تأديبية وفقاً لنص المادة 90 من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً.