أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 46 - صـ 568

جلسة 29 من مارس سنة 1995

برئاسة السيد المستشار/ يحيى إبراهيم عارف - نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ السيد خلف محمد، محمد يسري زهران - نائبي رئيس المحكمة، حسن يحيى فرغلي وأحمد هاشم.

(113)
الطعن رقم 2198 لسنة 64 القضائية

(1 - 3) إيجار "إيجار الأماكن" "تحديد الأجرة: التأجير من الباطن: تأجير جزء من المنشأة الطبية: الزيادة المستحقة في الأجرة للمالك".
(1) الأجرة المقدرة وفق أحكام التشريع الاستثنائي. مواجهتها حالة الانتفاع الأصلي المصرح به للمستأجر في العقد. تخويل المستأجر ميزة إضافية في العقد أو في اتفاق لاحق. جواز إضافة مقابلاً لها في حدود الالتزامات القانونية.
(2) الترخيص للمستأجر بالتأجير من الباطن. ميزة جديدة جواز تقويمها وإضافتها إلى الأجرة القانونية. ق 49 لسنة 1977 وق 136 لسنة 1981.
(3) مستأجر العيادة الخاصة. له حق التأجير من الباطن لطبيب مرخص له بمزاولة المهنة دون موافقة المؤجر. مقتضاه. زوال القيد الوارد بقانون إيجار الأماكن. حق المؤجر في اقتضاء الزيادة المقررة بالمادة 6 ق 51 لسنة 1981. شرطه. تقاضيه الزيادة المذكورة رغم عدم قيام حالة التأجير من الباطن أو انتهائها. تحايل على أحكام الأجرة. جواز تنازل المؤجر عن نسبة الزيادة المذكورة باتفاق آخر.
1 - تحديد أجرة الأماكن الخاضعة لأحكام تشريعات الإيجار بنسبة معينة من قيمة الأرض والمباني استهدف - وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض - تحديد أجرة عادلة في حالة الانتفاع العادي بحيث إذا ما خول المؤجر للمستأجر علاوة على هذا الانتفاع ميزة إضافية كان محروماً منها تعتبر محل عطاء من هذا المؤجر وبإجراء إيجابي منه يوليه المستأجر خارج نطاق القيود القانونية المتبادلة التي تحكم الانتفاع العادي بحيث يحل المؤجر المستأجر من أحد هذه القيود المفروضة بمقتضى قانون إيجار الأماكن كيما يسوغ القول باستحقاقه في مقابل إضافة إلى الأجرة المحددة بمقتضى قرار لجنة تقدير القيمة الإيجارية سواء تراضيا على ذلك في عقد الإيجار ذاته أو في اتفاق لاحق فإن ذلك يُعد بمثابة إضافة تحسينات أو خدمات ينتفع بها المستأجر فوق الانتفاع الأصلي العادي الذي تقابله الأجرة المحددة قانوناً ويصح أن يبرر إضافة إلى الأجرة في حدود الزيادات المقررة بالنسبة للأماكن الخاضعة لقوانين إيجار الأماكن.
2 - الأصل وفق أحكام قانون إيجار الأماكن رقم 49 لسنة 1977 ومن بعده القانون رقم 136 لسنة 1981 أنه لا يجوز للمستأجر أن يؤجر المكان المؤجر له من الباطن إلا بإذن كتابي صريح من المالك ودون إخلال بالحالات التي يجيز فيها القانون ذلك فإن تنازل المؤجر عن هذا القيد في عقد الإيجار يُعد ميزة للمستأجر يستحق عنها المؤجر مقابلاً يتفق عليه بين الطرفين يضاف للأجرة القانونية.
3 - النص في المادة السادسة من القانون رقم 51 لسنة 1981 بشأن المنشآت الطبية على أنه "يجوز لمن يستأجر عيادة خاصة أن يؤجر جزءاً منها لطبيب أو أكثر للعمل معه في نفس المقر بترخيص مستقل لكل منهم وبموجب عقد تودع نسخة منه النقابة الفرعية المختصة وفي هذه الحالة يكون المستأجر ملزماً بدفع زيادة قدرها 70% من القيمة الإيجارية للمالك" فأصبح لمستأجر العيادة الخاصة حق التأجير من الباطن دون موافقة المؤجر ومقتضى ذلك زوال القيد الوارد في قانون إيجار الأماكن والميزة المقررة بمقتضى الاتفاق بعد أن أصبحت مفروضة بموجب القانون الذي ارتأى في مجرد فرضها لذاتها ما يحقق التوازن بين طرفي التعاقد ويكون حق المؤجر في اقتضاء العلاوة المقررة بنص قانون المنشآت الطبيبة سالف البيان بقيام التأجير من الباطن وينتهي بانتهائه إلا كان تقاضيه للمقابل الإضافي سواء تم التأجير من الباطن أم لم يتم على خلاف ما يقضي به القانون تحايلاً على أحكام الأجرة القانونية المتعلقة بالنظام العام وذلك ما لم يتنازل المؤجر عن النسبة الواردة به باتفاق آخر.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع تتحصل - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 5652 لسنة 1991 أمام محكمة دمنهور الابتدائية على المطعون ضده بطلب الحكم بتخفيض أجرة العين محل عقد الإيجار المؤرخ 1/ 6/ 1981 إلى مبلغ اثنين وعشرين جنيهاً شهرياً وإلغاء الزيادة عن الأجرة الواردة بعقد الإيجار لصوريتها ومخالفتها للقانون واسترداد ما تم سداده من زيادة عن القيمة الإيجارية منذ إبرام عقد الإيجار وحتى صدور الحكم في الدعوى وقال بياناً لذلك إنه بموجب عقد الإيجار سالف البيان استأجر من مورث المطعون ضده عين النزاع لاستعمالها عيادة خاصة لقاء أجرة شهرية مقدارها اثنان وعشرون جنيهاً وأضاف للأجرة مبلغ ثمانية جنيهات مقابل السماح له بتأجير جزء من عين النزاع من الباطن لطبيب آخر رغم أن قانون المنشآت الطيبة يقرر له هذا الحق دون اشتراط موافقة المؤجر واستمر في سداد كامل الأجرة ومقدارها ثلاثون جنيهاً ثم قام بتأجير جزء منها لطبيب من الباطن فترة من الزمن إلا أن المؤجر طالبه بزيادة مقابل التأجير من الباطن المقررة قانوناً مما دفعه إلى إيداع الأجرة وإقامة الدعوى وأقام المطعون ضده على الطاعن الدعوى رقم 5083 لسنة 1991 أمام ذات المحكمة بطلب الحكم بفسخ عقد الإيجار سالف البيان والإخلاء والتسليم تأسيساً على أن الطاعن يستأجر عين النزاع بأجرة شهرية مقدارها اثنان وعشرون جنيهاً يضاف إليها مبلغ ثمانية جنيهات مقابل التصريح له بالتأجير من الباطن لأطباء آخرين وهذه الأجرة شاملة رسم النظافة والعوائد وأية مبالغ تزاد مستقبلاً وأن هذه الزيادة بديلاً عن الطعن على تقدير الأجرة وأصبحت تلك الأجرة نهائية وقد تأخر الطاعن عن سدادها الفترة من 1/ 12/ 1987 حتى نهائية أكتوبر سنة 1991 وجملته مبلغ 1410 جنيه رغم تكليفه بالوفاء فأقام الدعوى، ضمت المحكمة الدعويين وحكمت بعدم قبول الدعوى رقم 5803 لسنة 1991 دمنهور الابتدائية وبرفض الدعوى رقم 5652 لسنة 1991 دمنهور الابتدائية. استأنف المطعون ضده هذا الحكم بالاستئناف رقم 18 لسنة 49 ق الإسكندرية "مأمورية دمنهور" كما استأنفه الطاعن أمام ذات المحكمة بالاستئناف رقم 48 لسنة 49 ق وبعد أن أمرت المحكمة بضم الاستئنافين قضت بتاريخ 5/ 2/ 1994 برفض الاستئناف رقم 48 لسنة 49 ق وتأييد الحكم المستأنف في الدعوى رقم 5652 لسنة 1991 وفي موضوع الاستئناف رقم 18 لسنة 49 ق بإلغاء الحكم المستأنف وبقبول الدعوى وفسخ عقد الإيجار والإخلاء والتسليم. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان يقول إن الحكم الابتدائي المؤيد بقضاء الحكم المطعون فيه أقام قضاءه برفض دعواه بتخفيض القيمة الإيجارية للعين محل النزاع تأسيساً على أن الزيادة التي تمت إضافتها إلي القيمة الإيجارية والمتفق عليها في عقد الإيجار إنما هي مقابل ميزة إضافية أولاها المؤجر للمستأجر بالتصريح له بالتأجير من الباطن لأطباء من مهنته مع أن هذا الحق أصبح مقرراً له بنص قانون المنشآت الطبية ولا يجوز للمؤجر حرمانه منه وتكون هذه الزيادة من قبيل التحايل على أحكام قانون إيجار الأماكن المحددة للأجرة مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد ذلك أن تحديد أجرة الأماكن الخاضعة لأحكام تشريعات الإيجار بنسبة معينة من قيمة الأرض والمباني استهدف - وعلى ما جرى به قضاء المحكمة - تحديد أجرة عادلة في حالة الانتفاع العادي بحيث إذا ما خول المؤجر للمستأجر علاوة على هذا الانتفاع ميزة إضافية كان محروماً منها تعتبر محل عطاء من هذا المؤجر وبإجراء إيجابي منه يوليه المستأجر خارج نطاق القيود القانونية المتبادلة التي تحكم الانتفاع العادي بحيث يحل المؤجر المستأجر من أحد هذه القيود المفروضة بمقتضى قانون إيجار الأماكن كيما يسوغ القول باستحقاقه في مقابل إضافة إلى الأجرة المحددة بمقتضى قرار لجنة تقدير القيمة الإيجارية سواء تراضيا على ذلك في عقد الإيجار ذاته أو في اتفاق لاحق فإن ذلك يُعد بمثابة إضافة تحسينات أو خدمات ينتفع بها المستأجر فوق الانتفاع الأصلي العادي الذي تقابله الأجرة المحددة قانوناً ويصح أن يبرر إضافة إلى الأجرة في حدود الزيادات المقررة بالنسبة للأماكن الخاضعة لقوانين إيجار الأماكن وإذ كان الأصل وفق أحكام قانون إيجار الأماكن رقم 49 لسنة 1977 ومن بعده القانون رقم 136 لسنة 1981 أنه لا يجوز للمستأجر أن يؤجر المكان المؤجر له من الباطن إلا بإذن كتابي صريح من المالك ودون إخلال بالحالات التي يجير فيها القانون ذلك فإن تنازل المؤجر عن هذا القيد في عقد الإيجار يُعد ميزة للمستأجر يستحق عنها المؤجر مقابلاً يتفق عليه بين الطرفين يضاف للأجرة القانونية إلا أنه بصدور القانون رقم 51 لسنة 1981 بشأن المنشآت الطبية والنص في المادة السادسة منه على أنه "يجوز لمن يستأجر عيادة خاصة أن يؤجر جزءاً منها لطبيب أو أكثر للعمل معه في نفس المقر بترخيص مستقل لكل منهم وبموجب عقد تودع نسخة منه النقابة الفرعية المختصة وفي هذه الحالة يكون المستأجر ملزماً بدفع زيادة قدرها 70% من القيمة الإيجارية للمالك" فأصبح لمستأجر العيادة الخاصة حق التأجير من الباطن دون موافقة المؤجر ومقتضى ذلك زوال القيد الوارد في قانون إيجار الأماكن والمميزة المقررة بمقتضى الاتفاق بعد أن أصبحت مفروضة بموجب القانون الذي ارتأى في مجرد فرضها لذاتها ما يحقق التوازن بين طرفي التعاقد ويكون حق المؤجر في اقتضاء العلاوة المقررة بنص قانون المنشآت الطبيبة سالف البيان بقيام التأجير من الباطن وينتهي بانتهائه وإلا كان تقاضيه للمقابل الإضافي سواء تم التأجير من الباطن أم لم يتم على خلاف ما يقضي به القانون تحايلاً على أحكام الأجرة القانونية المتعلقة بالنظام العام وذلك ما لم يتنازل المؤجر عن النسبة الواردة به باتفاق آخر. وإذ لم يلتزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون معيباً بما يوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.