مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة أحكام المحكمة الإدارية العليا
السنة الرابعة والثلاثون - الجزء الثاني (من أول مارس سنة 1989 إلى آخر سبتمبر سنة 1989) - صـ 1134

(165)
جلسة 17 من يونيه سنة 1989

برئاسة السيد الأستاذ المستشار محمد حامد الجمل - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة: يحيى السيد الغطريفي ود. إبراهيم علي حسن وإسماعيل صديق راشد وأحمد شمس الدين خفاجي - المستشارين.

الطعن رقم 1379 لسنة 31 القضائية

تكليف - انقطاع - تأديب المكلف. (عاملون مدنيون بالدولة).
القانون رقم 29 لسنة 1974 بشأن تكليف الأطباء والصيادلة وأطباء الأسنان وهيئات التمريض والفنيين الصحيين.
إذا انقطع المكلف عن عمله قبل اكتمال مدة التكليف بدون مبرر أو مقتضى قانوني لا يكون قد أدى الالتزام القانوني المقرر ويكون بذلك قد خالف أحكام القانون وتخلى عن أداء واجب التكليف وعن مساهمته في خدمة الوطن خلال الفترة التي كلف بالخدمة فيها - لا تنتهي خدمة المكلف لمجرد مضي مدة التكليف سواء كان ذلك عند تقديمه للمحاكمة التأديبية أو عند صدور الحكم ضده ويعامل تأديبياً باعتباره مكلفاً بالخدمة منقطعاً عن أداء واجبات وظيفته ويتعين مجازاته بالعقوبات المقررة قانوناً باعتباره ما زال بالخدمة - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم السبت الموافق 16/ 3/ 1985 أودعت هيئة مفوضي الدولة قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريراً بالطعن قيد بجدولها تحت رقم 1379 لسنة 31 القضائية في الحكم الصادر من المحكمة التأديبية بالمنصورة بجلسة 20/ 1/ 1985 في الدعوى رقم 395 لسنة 12 ق والقاضي بمجازاة المطعون ضده بغرامة خمسة وعشرين جنيهاً. وطلب الطاعن للأسباب الواردة بتقرير الطعن قبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وإعادة الدعوى إلى المحكمة التأديبية بالمنصورة للفصل فيها مجدداً من هيئة أخرى.
وتم إعلان الطعن على النحو المبين بالأوراق وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً مسبباً بالرأي القانوني ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وإعادة الدعوى التأديبية للمحكمة التأديبية بالمنصورة للفصل في موضوعها مجدداً بهيئة أخرى.
وحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 25/ 8/ 1988 وتداول بجلساتها على النحو المبين بمحاضرها حتى قررت بجلسة 26/ 10/ 1988 إحالة الطعن إلى هذه المحكمة فنظرته بجلسة 12/ 11/ 1988 وتداول بالجلسات على النحو الثابت بمحاضرها حتى قررت بجلسة 25/ 3/ 1989 إصدار الحكم بجلسة 13/ 5/ 1989 وفيها قررت مد أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم 17/ 6/ 1989.... وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع المرافعة والمداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن وقائع النزاع تتحصل - حسبما يبين من الأوراق - في أنه بتاريخ 12/ 1/ 1984 أودعت النيابة الإدارية قلم كتاب المحكمة التأديبية بالمنصورة أوراق الدعوى رقم 395 لسنة 12 ق متضمنة تقريراً باتهام........ الطبيب المكلف بمديرية الشئون الصحية بالشرقية، لأنه خلال المدة من 18/ 1/ 1982 حتى 31/ 1/ 1983 بدائرة محافظة الشرقية خالف القانون بأن انقطع عن عمله في غير حدود الإجازات المقرر قانوناً رغم كونه مكلفاً لم تنته مدة تكليفه وأنه بذلك قد ارتكب المخالفة الإدارية المنصوص عليها في المادة 62 من نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 والقانون رقم 29 لسنة 1974 بشأن الأطباء المكلفين.
وطلبت النيابة الإدارية محاكمته تأديبياً طبقاً للمادة المشار إليها والمادتين 80، 82 من القانون المذكور والمادة 14 من القانون رقم 117 لسنة 1985 بشأن إعادة تنظيم النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية والمادتين 15/ 1، 19/ 1 من القانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة.
وبجلسة 20/ 1/ 1985 حكمت المحكمة التأديبية بمجازاته بغرامة خمسة وعشرين جنيهاً. وأقامت قضاءها على أن الثابت من الأوراق أن المتهم كلف بالعمل بمديرية الشئون الصحية بالشرقية اعتباراً من 1/ 3/ 1980 وذلك لمدة أربع سنوات إلا أنه انقطع عن العمل اعتباراً من 18/ 1/ 1982 قبل انتهاء مدة التكليف. وأضافت بأنه بانتهاء مدة التكليف تكون مدة خدمته قد انتهت بقوة القانون ويتعين مساءلته عن المخالفة المنسوبة إليه باعتباره تاركاً للخدمة وتوقيع إحدى العقوبات المقررة لذلك.
ومن حيث إن الطعن الماثل يقوم على أن الحكم الطعين قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وذلك أن المستفاد من القانون رقم 29 لسنة 1974 في شأن تكليف الأطباء والصيادلة وأطباء الأسنان وهيئات التمريض والفنيين الصحيين، أنه يحظر على المكلفين الامتناع عن تأدية وظائفهم ما بقى التكليف قائماً ما لم تنته خدمتهم لأحد الأسباب التي حددها القانون ومن ثم فإن انقطاع الطبيب المكلف عن عمله قبل استكمال مدة التكليف فإنه يكون قد خالف صريح نص المادة (6) من القانون رقم 29 لسنة 1974 سالف الذكر وعلى ذلك يتعين مجازاته بإحدى العقوبات المقررة قانوناً باعتباره ما زال بالخدمة.
ومن حيث إن المادة الأولى من القانون رقم 29 لسنة 1974 تنص على أنه "لوزير الصحة تكليف خريجي كليات الطب..... وذلك لمدة سنتين ويجوز تجديد التكليف لمدة أخرى مماثلة، ويتم التكليف أو تجديده بناء على طلب الجهة الإدارية صاحبة الشأن ووفقاً للإجراءات المنصوص عليها في هذا القانون" ونصت المادة الرابعة على أنه "يصدر وزير الصحة قرارات تكليف الخاضعين لأحكام هذا القانون ويعتبر المكلف معيناً في الوظيفة التي كلف للعمل فيها من تاريخ صدور القرار، وعليه أن يتسلم العمل خلال خمسة عشر يوماً على الأكثر من تاريخ إخطاره بكتاب موصى عليه بعلم الوصول.
ونصت المادة السادسة على أنه "على المكلف أن يقوم بأعمال وظيفته ما بقى التكليف، وفي جميع الأحوال يصدر قرار إلغاء التكليف وإنهاء الخدمة أثناءه من وزير الصحة".
ومن حيث إن مفاد ما تقدم أنه لا يجوز للمطعون ضده باعتباره طبيباً مكلفاً الانقطاع عن عمله قبل انتهاء مدة التكليف فذلك لا يعفيه من الالتزام المفروض عليه قانوناً وإلا كان امتناعه عن أداء أعمال التكليف تحريراً له بإرادته وحده عن أداء واجب التكليف على عكس ما يقضي به نص القانون الصادر بناء عليه قرار التكليف وبالتناقض مع الطبيعة القانونية للتكليف بالوظائف العامة والمدلول اللفظي واللغوي للتكليف وعلى خلال غايات المشرع من تقرير التكليف لبعض الطوائف من خريجي الكليات والمعاهد والمدارس والمراكز الفنية والتي من بينها إسهام هؤلاء الخريجين خلال فترة محددة بأداء الأعمال الوظائف التي يكلفون بها مشاركة منهم في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية للوطن.
ومن حيث إنه بناء على ذلك فإن المكلف إذا انقطع عن عمله قبل اكتمال مدة التكليف بدون مبرر أو مقتضى قانوني لا يكون قد أدى الالتزام القانوني المقرر ويكون بذلك قد خالف أحكام القانون وتخلى عن أداء واجب التكليف وعن مساهمته في خدمة الوطن خلال الفترة التي كلف بالخدمة فيها ومن ثم فإنه لا يعتبر قد انتهت خدمته لمجرد مضي مدة التكليف سواء كان ذلك عند تقديمه للمحاكم التأديبية أو عند صدور الحكم ضده وبناء على ذلك فإنه يعامل تأديبياً باعتباره عاملاً مكلفاً بالخدمة ومنقطعاً عن أداء واجبات وظيفته المكلف بالخدمة فيها ويتعين لذلك مجازاته بإحدى العقوبات المقررة قانوناً باعتباره ما زال بالخدمة، وإذ ذهب الحكم المطعون فيه إلى غير ذلك فإنه يكون قد جانب صحيح حكم القانون مما يتعين معه القضاء بإلغائه ومجازاة المطعون ضده بالجزاء المناسب لما وقع منه وتقدره المحكمة بخصم شهرين من مرتبه.
ومن حيث إن الطعن الماثل معفى من الرسوم القضائية طبقاً للمادة 4 من القانون رقم 47 لسنة 72 بشأن مجلس الدولة وطبقاً للمادة (90) من نظام العاملين المدنيين بالدولة. الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبمجازاة المطعون ضده بخصم شهرين من مرتبه.