مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة أحكام المحكمة الإدارية العليا
السنة الرابعة والثلاثون - الجزء الثاني (من أول مارس سنة 1989 إلى آخر سبتمبر سنة 1989) - صـ 1245

(182)
جلسة 1 من يوليه سنة 1989

برئاسة السيد الأستاذ المستشار محمد أنور محفوظ - رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة: عبد الفتاح السيد بسيوني وصلاح عبد الفتاح سلامة وفاروق عبد الرحيم غنيم وعبد الوهاب السيد أحمد - المستشارين.

الطعن رقم 1277 لسنة 33 القضائية

دعوى - الحكم في الدعوى - الإشكال في تنفيذه - ما يخرج عن وصف الإشكال.
إن امتناع جهة الإدارة عن تنفيذ حكم صادر من المحكمة الإدارية العليا بعد إنذارها، واستمرار هذا الامتناع يعد قراراً إدارياً سلبياً بالامتناع عن تنفيذ حكم قضائي نهائي واجب التنفيذ - تختص محكمة القضاء الإداري بالطعن في مثل هذه القرارات طبقاً لصريح نص الفقرة الأخيرة من المادة (10) من قانون مجلس الدولة - لا يجوز الخروج بالدعوى عن هذا التكييف واعتبارها إشكالاً في تنفيذ حكم - أساس ذلك:
أن مثل هذه الطلبات لا صلة لها بعقبات التنفيذ التي يقوم عليها الإشكال في التنفيذ - فالتنفيذ والاستمرار فيه ثابتان وجوباً بحكم القانون طالما لم تأمر جهة مختصة طبقاً للقانون بوقف تنفيذ الحكم. تطبيق [(1)].


إجراءات الطعن

في يوم الاثنين الموافق 9 من مارس سنة 1987 أودع الأستاذ...... المحامي بصفته وكيلاً عن السيد/........ وأولاده:..... و........ و.......، قلم كتاب هذه المحكمة تقريراً بالطعن قيد بجدولها برقم 1277 لسنة 33 القضائية ضد السيدين/ محافظ القاهرة ورئيس حي مصر الجديدة، عن الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (دائرة منازعات الأفراد والهيئات) بجلسة 12 من فبراير 1987 في الدعوى رقم 3291 لسنة 40 القضائية القاضي بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى وإلزام المدعي بالمصروفات.
وطلب الطاعنون للأسباب المبينة في تقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وباختصاص محكمة القضاء الإداري بنظر الدعوى وإعادتها إلى المحكمة المختصة لتفصل فيها مجدداً بوقف تنفيذ القرار السلبي المطعون فيه. وفي الموضوع بإلغائه مع ما يترتب على ذلك من آثار.
أعلن الطعن قانوناً وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني مسبباً ارتأت فيه الحكم بعدم قبول الطعن بالنسبة للخارجين عن الخصومة وهم...... و...... و...... أولاد.....، وبقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبإعادة الدعوى إلى محكمة القضاء الإداري لتفصل في موضوع الدعوى مع إلزام الجهة الإدارية المطعون ضدها بمصروفات الطعن.
وتحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 21/ 11/ 1986 وجرى تداوله بالجلسات طبقاً لما هو ثابت بالمحاضر حتى قررت بجلسة 17/ 4/ 1989 إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (دائرة منازعات الأفراد والهيئات والتعويضات) لنظره بجلسة 27/ 5/ 1989، فعرض الطعن على المحكمة في هذه الجلسة على الوجه المبين بمحضرها وفيها قررت إصدار الحكم بجلسة اليوم حيث صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
ومن حيث إنه عن شكل الطعن، فإن الثابت من عريضة الدعوى الصادر فيها الحكم المطعون فيه أن رافع الدعوى مثال الطعن هو السيد/....... ولم يمثل فيها أولاده...... و...... و..... ولما كان قضاء هذه المحكمة قد جرى على عدم جواز طعن الخارج عن الخصومة فإن مؤدى ذلك عدم جواز الطعن من هؤلاء الأولاد وجوازه من والدهم باعتباره الخصم الذي يعد طرفاً في الحكم المطعون فيه وإذ استوفى الطعن المقام منه أوضاعه الشكلية فيكون مقبولاً شكلاً.
ومن حيث إن وقائع المنازعة تتحصل - حسبما يبين من الأوراق - في أنه بعريضة مودعة قلم كتاب محكمة القضاء الإداري بتاريخ 20/ 4/ 1986 أقام السيد/........ الدعوى رقم 3291 لسنة 40 القضائية ضد السيدين/ محافظ القاهرة ورئيس حي مصر الجديدة طالباً الحكم: أولاً - بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار بالامتناع عن تنفيذ الحكم الصادر في الطعن رقم 1811 لسنة 30 ق بجلسة 11/ 1/ 1986 وتنفيذ مقتضى الحكم بما لا يتطلب معه التقدم بطلب جديد للحصول على ترخيص آخر غير ما قضى له بحقه فيه مع إلزام المدعى عليهما بالمصرفات ومقابل أتعاب المحاماة. وإلزام الجهة الإدارية بأن تدفع للمدعي غرامة تهديدية قدرها ألف جنيه مصري عن كل يوم تأخير في تنفيذ الحكم. ثانياً: وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه. وجاء في بيان الدعوى أن المدعي يمتلك العقار رقم 30 شارع فريد بمصر الجديدة الذي يوجد بطابقه الأرضي جراج لإيواء أكثر من عشر سيارات، وقد تقدم إلى حي مصر الجديدة بطلب الترخيص له بهذا الجراج كمأوى عام للسيارات وسدد رسم المعاينة وأخطرته الجهة المختصة بالاشتراطات الواجب إتمامها لاستكمال إجراءات الترخيص وبعد أن استوفى هذه الاشتراطات رفض حي مصر الجديدة إصدار الترخيص، فطعن في هذا القرار أمام محكمة القضاء الإداري بالدعوى رقم 4861 لسنة 37 ق وقضت المحكمة برفض طلب وقف تنفيذ القرار السلبي بالامتناع عن إصدار الترخيص، فطعن في هذا الحكم أمام المحكمة الإدارية العليا بالطعن رقم 1811 لسنة 30 ق وبجلسة 11/ 1/ 1986 قضت المحكمة بعدم قبول التدخل المبدى من السيد/...... وألزمته بالمصروفات وبقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبوقف تنفيذ قرار الجهة الإدارية برفض الترخيص. ولما كان الحكم الأخير أزال بقضائه كافة العقبات المادية والقانونية التي وضعتها الجهة الإدارية في سبيل إصدار الترخيص للمدعي فقد قام بإنذار المدعى عليهما على يد محضر في 28 و29 يناير 1986 لتنفيذ حكم المحكمة الإدارية العليا، غير أن المحافظة تحايلاً على تنفيذ الحكم طلبت تقديم طلب جديد لتمارس من جديد سلطتها التقديرية في الترخيص أو عدم الترخيص وتشترط الشروط التي تضعها في هذا الشأن صحابة للمصالح الشخصية للسيد/........ وإذ كان من حق المدعي أن ينفذ الحكم الصادر لصالحه دون أن يفرض عليه التقدم بطلب جديد للحصول على الترخيص، فإن موقف محافظة القاهرة يعتبر قراراً سلبياً بالامتناع عن تنفيذ هذا الحكم يحق له طلب وقف تنفيذه وإلغائه بموجب هذه الدعوى. وبجلسة 2/ 10/ 1986 طلب التدخل في الدعوى انضماماً للحكومة في طلب رفض الدعوى بشقيها كل من:...... و....... و...... و...... وأبدت الجهة الإدارية دفاعها في الدعوى وبجلسة 12 من فبراير 1987 أصدرت المحكمة حكمها موضوع الطعن الماثل القاضي بعدم اختصاصها بنظر الدعوى وأقامت قضاءها على أن حقيقة طلبات المدعي هي طلب تنفيذ الحكم الصادر لصالحه في الطعن رقم 1811 لسنة 30 عليا وبالتالي فإنه يستشكل في تنفيذ حكم المحكمة الإدارية العليا، وأنه من المستقر في قضاء هذه المحكمة أن الإشكال في تنفيذ الحكم يلزم لقبوله أن تستجد بعد صدور الحكم وقائع تحول دون تنفيذه لم تكن تحت نظر المحكمة خلال نظر الدعوى، وتقرير ما إذا كانت الأسباب التي يستند إليها المستشكل في تنفيذ الحكم قد استجدت بعد صدور الحكم وما إذا كانت تحول أو لا تحول دون تنفيذه إنما يدخل في اختصاص المحكمة التي أصدرت الحكم، ونظراً إلى أن الحكم المستشكل في تنفيذه صادر من المحكمة الإدارية العليا فتكون هي المحكمة المختصة بنظر هذا الإشكال.
ومن حيث إن الطعن ينعى على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله وذلك على سند من أن الأصل المسلم به أن المدعي هو الذي حدد طلباته في الدعوى وأن سلطة المحكمة في التكييف القانوني للدعوى لا تتعدى نطاقها وتتقيد بالطلبات المبداة فيها وإلا خالفت القانون والثابت على سبيل القطع أن المدعي حدد طلباته في الدعوى بوقف تنفيذ القرار السلبي الصادر من الجهة الإدارية بالامتناع عن تنفيذ الحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 1811 لسنة 30 ق بجلسة 11/ 1/ 1986 مع إلزام الجهة الإدارية بأن تدفع له غرامة تهديدية قدرها ألف جنيه عن كل يوم تأخير في تنفيذ الحكم وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه، ومن ثم فلا مجال لتكييف هذه الطلبات الموضحة بأنها مجرد إشكال في تنفيذ حكم المحكمة الإدارية العليا، ذلك أن المسلم به أنه يجب على الجهات الإدارية المبادرة إلى تنفيذ ما يصدر ضدها من أحكام حائزة لقوة الشيء المقضى به فإن هي امتنعت دون حق عن تنفيذها في وقت مناسب أو تعمدت تعطيل هذا التنفيذ اعتبر ذلك بمثابة قرار إداري سلبي مخالفاً للقانون يحق لذوي الشأن الالتجاء إلى القضاء لوقف تنفيذه وإلغائه، ولا جدال في أن امتناع المحافظة عن تنفيذ الحكم الصادر في الطعن رقم 1811 لسنة 30 ق في وقت مناسب بعد إعلانها به واستمرار امتناعها عن التنفيذ ينطوي على قرار إداري سلبي بالامتناع عن تنفيذ أمر يوجبه عليها القانون وبذلك يحق للمدعي اللجوء إلى طريق دعوى الإلغاء بشأن هذا القرار ولو كان من حقه إقامة إشكال عكسي بطلب الاستمرار في تنفيذ الحكم المشار إليه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه إذ أقام قضاءه على أن الدعوى طبقاً لطلبات المدعي فيها تعد إشكالاً في تنفيذ حكم المحكمة الإدارية العليا الصادر بجلسة 11 من يناير 1986 في الطعن رقم 1811 لسنة 30 القضائية يكون قد خالف القانون، ذلك أن الثابت من وقائع الدعوى والطلبات المبداة فيها أن الأمر يتعلق بما أثاره المدعي عن امتناع الجهة الإدارية عن تنفيذ الحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا المشار إليه بعد إنذارها بتنفيذه واستمرار هذا الامتناع بما يشكل قراراً سلبياً ولذا أقام هذه الدعوى طالباً وقف تنفيذ وإلغاء القرار بالامتناع عن تنفيذ هذا الحكم مع إلزام الجهة الإدارية بأن تدفع له غرامة تهديدية قدرها ألف جنيه عن كل يوم تأخير في تنفيذ الحكم. وبذلك تكون حقيقة هذه الطلبات طبقاً للتكييف القانوني السليم طعناً في قرار إداري سلبي بالامتناع عن تنفيذ حكم قضائي نهائي واجب التنفيذ وبهذه المثابة تغدو من دعاوى الإلغاء التي تختص بالفصل فيها محكمة القضاء الإداري طبقاً لصريح نص الفقرة الأخيرة من المادة (10) من قانون مجلس الدولة ويجرى على أنه "يعتبر في حكم القرارات الإدارية رفض السلطات الإدارية أو امتناعها عن اتخاذ قرار كان من الواجب عليها اتخاذه وفقاً للقوانين واللوائح". ولا يجوز الخروج بالدعوى عن هذا التكييف واعتبارها إشكالاً في تنفيذ حكم المحكمة الإدارية العليا سالف الذكر، إذ فضلاً عن أنه ليس في وقائع الدعوى أو فيما أبدى فيها من طلبات ما يبرر اعتبار الدعوى من قبيل إشكالات التنفيذ فقضاء هذه المحكمة قد اضطرد على أن رفع المحكوم لصالحه إشكالاً مضمونه الاستمرار في التنفيذ نزولاً على حكم القانون بوجوب تنفيذ الحكم لمجابهة امتناع المحكوم ضده عن تنفيذ الحكم لا صلة له في حقيقته بعقبات التنفيذ التي تقوم عليها الإشكال وإنما هي صميم وجوهر الإجبار على التنفيذ الذي يستهدف قهر إرادة المحكوم ضده في الامتناع عن تنفيذ الحكم وإجباره على ذلك نزولاً على حكم القانون، ولن يضيف الإشكال المستهدف للاستمرار في التنفيذ قهراً للامتناع عن التنفيذ جديداً في هذا الصدد ولو صدر فيه حكم، فالتنفيذ والاستمرار فيه ثابتان وجوباً بحكم القانون طالما لم تأمر جهة مختصة وطبقاً للقانون بوقف تنفيذ الحكم (الطعون أرقام 1172 لسنة 35 القضائية جلسة 25 مارس 1989، 1273 لسنة 33 القضائية جلسة 25 يونيه 1988 و2945 لسنة 31 القضائية جلسة 26 مارس 1988).
ومن حيث إنه بناء على ذلك فإن وصف الدعوى الصادر فيها الحكم المطعون فيه بأنها إشكال في تنفيذ حكم المحكمة الإدارية العليا الصادر بجلسة 11 من يناير 1986 في الطعن رقم 1811 لسنة 30 القضائية لا أساس له من أوراق الدعوى ولا سند له من القانون ومن ثم تختص محكمة القضاء الإداري بالفصل فيها باعتبارها من دعاوى الإلغاء المنصبة على قرار إداري سلبي بالامتناع عن تنفيذ حكم قضائي صادر لصالح المدعي وتقضي فيها المحكمة على هذا الأساس وطبقاً للمبادئ والقواعد المقررة بشأن مشروعة القرارات الإدارية.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه وقد ذهب إلى غير هذا النظر وقضى بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى فإنه يكون قد جانبه الصواب مستوجباً الإلغاء والقضاء باختصاص محكمة القضاء الإداري (دائرة منازعات الأفراد والهيئات) بنظر الدعوى وإعادتها إليها للفصل فيها.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول طعن المدعي شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وباختصاص محكمة القضاء الإداري (دائرة منازعات الأفراد والهيئات) بنظر الدعوى وإعادتها إليها للفصل فيها.


[(1)] تراجع الأحكام الصادرة في الطعون الرقيمة:
1283 لسنة 25 ق بجلسة 26/ 5/ 1981.
و43 لسنة 21 ق بجلسة 27/ 6/ 1981.
و3418 لسنة 27 ق بجلسة 18/ 4/ 1987.
و2943 لسنة 31 ق بجلسة 26/ 3/ 1988.
و1172 لسنة 33 ق بجلسة 25/ 3/ 1989.
و1273 لسنة 33 ق بجلسة 25/ 6/ 1989.