مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة أحكام المحكمة الإدارية العليا
السنة الرابعة والثلاثون - الجزء الثاني (من أول مارس سنة 1989 إلى آخر سبتمبر سنة 1989) - صـ 1257

(184)
جلسة 1 من يوليه سنة 1989

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ عبد الفتاح السيد بسيوني - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة: محمد أمين المهدي وفاروق عبد الرحيم غنيم وسعد الله محمد حنتيرة والسيد عبد الوهاب أحمد - المستشارين.

الطعن رقم 2129 لسنة 34 القضائية

أراضي زراعية - حظر تجريفها.
القانون رقم 116 لسنة 1983 بتعديل بعض أحكام قانون الزراعة (ترخيص) الصادر بالقانون رقم 53 لسنة 1966.
حظر المشرع تجريف الأرض الزراعية أو نقل الأتربة لاستعمالها في غير أغراض الزراعة وحظر الاستمرار في تشغيل المصانع وقمائن الطوب وألزم أصحابها بتوفيق أوضاعهم باستخدام بدائل أخرى للطوب المصنع من أتربة التجريف خلال مدة لا تجاوز سنتين من تاريخ العمل بالقانون والحصول على الترخيص اللازم في هذا الشأن - مخالفة هذا الالتزام يترتب عليها إزالة تلك المصانع أو القمائن بالطريق الإداري - المقصود بتوفيق الأوضاع خلال المدة المحددة بالقانون هو تمكين أصحاب ومستغلي مصانع وقمائن الطوب من تصريف ما قاموا بتصنيعه من الطوب الناتج عن التجريف واستعمال الأتربة التي سبق الحصول عليها قبل العمل بالقانون رقم 116 لسنة 1983 - مقتضى ذلك: قيام أصحاب ومستغلي مصانع وقمائن الطوب بتجهيز تلك المصانع والقمائن وتطويرها بالمعدات اللازمة مما يجعلها صالحة لاستخدام بدائل أخرى للطوب تحل محل الأتربة الناتجة عن التجريف مع اختيار الطريقة المناسبة - يدوية - أو نصف آلية أو آلية وذلك على النحو الذي يجعل تلك المصانع جديرة بالحصول على الترخيص اللازم من الهيئة المختصة - توفيق الأوضاع لا يعني بالضرورة تحول كافة مصانع وقمائن الطوب إلى التشغيل الآلي بصفة مطلقة إذ لا يوجد في عبارات القانون ما يسند هذا القول - الحصول على الترخيص اللازم من وزارة الزراعة معناه أن تلك المصانع قامت فعلاً بتوفيق أوضاعها - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم السبت الموافق 28/ 5/ 1988 أودعت هيئة قضايا الدولة بصفتها نائبة عن وزير الزراعة بصفته قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد برقم 2129 لسنة 34 ق في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (دائرة منازعات الأفراد والهيئات) بجلسة 24/ 5/ 1988 في الدعوى رقم 2601 لسنة 42 ق المقامة من المطعون ضدهم ضد الطاعن والقاضي برفض الدفع بعدم قبول الدعوى وبقبولها شكلاً وفي الطلب المستعجل بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وإلزام الجهة الإدارية بالمصروفات. وطلب الطاعن للأسباب الواردة بتقرير الطعن - الأمر بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه، وإحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا لتقضي بقبوله شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار محل الطعن مع إلزام المطعون ضدهم بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن درجتي التقاضي.
وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع برفضه بشقيه العاجل والموضوعي مع إلزام الطاعن بالمصروفات.
وحددت لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 20/ 6/ 1988 وتداول نظره على النحو المبين بمحاضر الجلسات حتى قررت بجلسة 20/ 3/ 1989 إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (دائرة منازعات الأفراد والهيئات والتعويضات) وحددت لنظره جلسة 22/ 4/ 1989 وفيها نظرته المحكمة على النحو الثابت بمحضر الجلسة وقررت إصدار الحكم بجلسة اليوم مع التصريح بتقديم مذكرات خلال ثلاثة أسابيع، وانقضى الأجل، ولم يقدم أي من الخصوم مذكرة بدفاعه. وفي الجلسة المذكورة قررت المحكمة إعادة الطعن إلى المرافعة لجلسة 24/ 6/ 1989 لتغير تشكيل الهيئة وفي هذه الجلسة قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم. وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن أقيم في الميعاد القانوني مستوفياً سائر أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تتحصل - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - في أن المطعون ضدهم أقاموا ضد الطاعن ورئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للجهاز التنفيذي لمشروعات تحسين الأراضي الدعوى رقم 2601 لسنة 42 ق بتاريخ 18/ 2/ 1988 طالبين الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ قرار وزير الزراعة رقم 1370 لسنة 1987 فيما تضمنه من فرض طريقة التشغيل الآلي على مصانع الطوب، وفي الموضوع بإلغاء القرار المذكور وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام المدعى عليهما بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة وقالوا شرحاً لدعواهم أن القانون رقم 116 لسنة 1983 بتعديل بعض أحكام قانون الزراعة الصادر بالقانون رقم 53 لسنة 1966 استهدف حماية التربة الزراعية وذلك بمنع التجريف أو نقل الأتربة لاستعمالها في غير أغراض الزراعة فضلاً عن الضبط الإداري لجميع وسائل النقل والآلات والمعدات المستعملة والحكم بحبس المخالفين وتغريمهم كما قضت بذلك المادة 157. وحتى يحقق القانون الحماية الضرورية للتربة الزراعية فقد حوى فترة انتقالية مدتها سنتان في 19/ 8/ 1985 يقوم خلالها أصحاب ومستغلي مصانع وقمائن الطوب القائمة بتوفيق أوضاعهم باستخدام بدائل أخرى للطوب المصنع من أتربة التجريف وإلا تمت إزالة المصنع أو القمينة إدارياً. وقد امتثل المدعون بصفتهم من أصحاب المصانع والقمائن لحكم القانون ولما أصدره وزير الزراعة من قرارات تتعلق بالحصول على التراخيص اللازمة بتوفيق الأوضاع وحصلوا فعلاً على التراخيص اللازمة التي تضمنت الموافقة على تعديل نشاط إنتاج الطوب الأحمر إلى الطوب الطفلي إلا أنه بتاريخ 7/ 12/ 1987 أصدر وزير الزراعة القرار المطعون فيه رقم 1370 لسنة 1987 بإلزام المصانع والقمائن بتوفير مقومات تشغيلها آلياً خلال مدة لا تجاوز ستة أشهر من تاريخ العمل بهذا القرار وإلا اعتبرت التراخيص الصادرة لهم ملغاة، واتخذت إجراءات إزالتها بالطريق الإداري على نفقة المخالف وهذا القرار يمثل اعتداء صارماً على الدستور والقانون لعدم اختصاص وزير الزراعة بإصدار التراخيص المتعلقة بالمصانع وفقاً لأحكام القانون رقم 453 لسنة 1954 والذي يشرف على تنفيذه وزير الصناعة والمحافظون في محافظاتهم. كما أنه بفرض اختصاص وزير الزراعة بإصدار ذلك القرار فقد حصل المدعون على تراخيص من وزارة الزراعة بعد أن قاموا بتوفيق أوضاعهم طبقاً لحكم المادة الثانية من القانون رقم 116 لسنة 1983 والتي لم تلزم أصحاب المصانع والقمائن بالتشغيل الآلي لمصانعهم. وإذ يترتب على تنفيذ القرار المطعون فيه المخالف للقانون نتائج يتعذر تداركها من تشريد العاملين بهذه المصانع والقمائن فإنه بذلك ركناً طلب وقف تنفيذ القرار المذكور. وردت هيئة قضايا الدولة على الدعوى باختصاص وزير الزراعة بإصدار القرار المطعون فيه بحكم ولايته على الرقعة الزراعية في البلاد ودفعت بعدم قبول الدعوى لانتفاء القرار الإداري إذ لا يعدو القرار المذكور أن يكون مجرد توجيهات وتعليمات من وزير الزراعة لمديريات الزراعة لإلزامها باتخاذ الإجراءات المنصوص عليها فيه، كما أنه يعتبر قراراً تنفيذياً لحكم المادة الثانية من القانون رقم 116 لسنة 1953 إذ أن المقصود بتوفيق الأوضاع وفقاً لحكم المادة المشار إليه هو إنتاج الطوب باستخدام الطرق الآلية في الإنتاج لأنواع بديلة من الطوب الطفلي والأسمنتي. وعن مشروعية القرار المطعون فيه قالت الهيئة أن المشرع قصد بالقانون رقم 116 لسنة 1983 عدم المساس بالرقعة الزراعية ووضع تنظيم شامل سواء فيما يختص بالتجريف أو التبوير أو إقامة المباني والمنشآت على الأراضي الزراعية، وتحقيقاً لذلك نص في المادة الثانية من القانون المذكور على التزام أصحاب ومستغلي مصانع وقمائن الطوب القائمة بتوفيق أوضاعهم باستخدام بدائل للطوب المصنع من أتربة التجريف خلال مدة لا تتجاوز سنتين من تاريخ العمل بالقانون وإلا تمت إزالتها بالطريق الإداري الأمر الذي يبين منه ضرورة تطوير إنتاج الطوب باستخدام الطرق الآلية في الإنتاج لأنواع بديلة من الطوب مثل الطوب الطفلي والأسمنتي من ثم لا محل لما يثيره المدعون من أن وزير الزراعة لا يملك إلزامهم باستخدام طرق آلية إذ أن المشرع منح المهلة المذكورة للوصول إلى هذا التطوير، ولكن نصوص القانون المذكور تعطي لوزير الزراعة كافة الصلاحيات في تنظيم وإصدار القرارات اللازمة لتنفيذ أحكامه بحسبانه السلطة القائمة على شئون الزراعة وحماية التربة الزراعية وخلصت هيئة قضايا الدولة إلى طلب الحكم برفض الدعوى بشقيها وإلزام المدعين بالمصروفات وبجلسة 24/ 5/ 1988 أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه برفض الدفع بعدم قبول الدعوى وبقبولها شكلاً، وفي الطلب المستعجل بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وألزمت الجهة الإدارية بالمصروفات. وأسست حكمها برفض الدفع بعدم قبول الدعوى على أن القرار المطعون فيه من شأنه أن يمس مراكز قانونية ذاتية للمدعين، إذ قصد به مصدره تحقيق آثار قانونية، وهو على هذا النحو يعتبر من قبيل القرارات الإدارية التي يجوز لكل ذي شأن أن يطعن فيه بالإلغاء وبالنسبة لركن الجدية الواجب توافره في طلب وقف التنفيذ استعرضت المحكمة بعض نصوص القانون رقم 116 لسنة 1983 بتعديل بعض أحكام قانون الزراعة الصادر بالقانون رقم 53 لسنة 1966. وقرار وزير الزراعة رقم 195 لسنة 1985 الصادرة تنفيذاً لأحكام القانون المذكور، وأوضحت أن عبارة المادة الثانية من القانون المشار إليه لا تعني بالضرورة تحول كافة مصانع الطوب إلى التشغيل الآلي، وأنه لو كان منع استعمال أتربة التجريف في صناعة الطوب لا يتحقق إلا باستخدام الطرق الآلية لكان من المتعين على الجهة المختصة بوزارة الزراعة أن تمتنع عن منح المصانع اليدوية ونصف الآلية تراخيص توفيق الأوضاع وأن تقوم بإزالتها إدارياً بمجرد انتهاء المهلة المحددة بالقانون والذي لم يترك لها أدنى خيار في هذا المجال، وبالتالي فإن صدور القرار المطعون فيه بعد مضي أكثر من أربع سنوات على تاريخ العمل بالقانون متضمناً منح تلك المصانع مهلة أخرى لما أسماه بعملية التطوير والتشغيل الآلي يعتبر مخالفاً لأحكام القانون لإضافته معنى آخر لتوفيق الأوضاع ولمدة المهلة المحددة بالقانون. وإذ كان الهدف من إصدار القرار المطعون فيه هو ضمان عدم قيام المصانع اليدوية أو النصف آلية باستخدام الأتربة الناتجة من تجريف الأرض الزراعية في صناعة الطوب، وإلزام تلك المصانع باستخدام الطرق الآلية فقد كان من الممكن الوصول إلى هذا الهدف باستعمال سلطة الإدارة المقررة في القانون رقم 116 لسنة 1983 وذلك بضبط المخالفين وتقديمهم للمحاكمة ووقف الأعمال المخالفة وإعادة الحال إلى ما كانت عليه بل أنه كان في مكنتها بعد ما تكشف لها من نتائج تطبيق القانون رقم 116 لسنة 1983 ووفقاً للقواعد التي تضمنها القرار الوزاري رقم 195 لسنة 1985 أن تنهض إلى استصدار تشريع يحقق الغاية التي تهدف إليها. وإذ يتوافر ركن الجدية في طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه فضلاً عن توافر ركن الاستعجال لما يترتب على تنفيذه من نتائج يتعذر تداركها فقد خلصت المحكمة إلى حكمها المطعون فيه.
ومن حيث إن مبنى الطعن مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون والخطأ في تطبيقه وتأويله إذ أن الأوامر والتعليمات التي تضمنها القرار المطعون فيه لا تعدو أن تكون من رئيس إلى مرؤوسيه وتفسيراً للمادة الثانية من القانون رقم 116 لسنة 1983، وليس من شأنها التأثير في المراكز القانونية للمطعون ضدهم، ولا يرقى إلى مرتبة القرار الإداري الجائز الطعن عليه بدعوى الإلغاء. كما أن المقصود بتوفيق الأوضاع خلال المدة المحددة بالمادة الثانية من القانون المذكور هو تحويل المصانع اليدوية التي تستخدم في صناعتها أتربة التجريف إلى مصانع آلية تستخدم الطفلات الصحراوية إذ لا يسمح نظام تشغيلها باستخدام أتربة التجريف ولأن المشرع عندما يضع قاعدة معينة فإنه لا يمكن أن يحيط بجميع التفصيلات، ومن ثم فإنه يترك للسلطة التنفيذية وضع الضوابط والشروط التفصيلية اللازمة لتنفيذ تلك القاعدة والمقومات والشروط التفصيلية لتنفيذ أحكام القانون بحكم اتصالها المستمر بالجمهور، وهو ما قصده القرار المطعون فيه، ومن ثم يكون التفسير الذي أطلقه الحكم المطعون فيه على المادة الثانية من القانون رقم 116 لسنة 1983 قد خالف القانون نصاً وروحاً. وأخيراً فقد ورد بالحكم المطعون فيه أن المدعين قد حصلوا على تراخيص وفقاً لحكم المادة الثانية من القانون رقم 116 لسنة 1983 وعملاً بالقواعد والإجراءات الواردة بالقرار الوزاري رقم 195 لسنة 1985 بالرغم أنه لم يثبت من الأوراق أن أياً منهم قدم للمحكمة الترخيص المقول به، ومن المسلمات أن الأحكام لا تبنى على الظن والافتراض، وإنما تبنى على القطع واليقين. وإذ يترتب على تنفيذ الحكم المطعون فيه نتائج يتعذر تداركها تتمثل في استمرار أصحاب قمائن ومصانع الطوب في استخدام الأتربة الناتجة عن تجريف الأرض الزراعية وإهدار الحكمة من التشريع بالحفاظ على التربة الزراعية بهذا التطوير الواجب والذي يؤدي في النهاية إلى عموم الذريعة عليهم في ذلك وخلص الطعن إلى الطلبات المبينة فيما سبق.
ومن حيث إن القانون رقم 116 لسنة 1983 بتعديل بعض أحكام قانون الزراعة الصادر بالقانون رقم 53 لسنة 1966 نص في مادته الأولى على أن يضاف إلى قانون الزراعة الصادر بالقانون رقم 53 لسنة 1966 كتاب ثالث عنوانه "عدم المساس بالرقعة الزراعية والحفاظ على خصوبتها" ومن بين المواد التي اشتمل عليها هذا الكتاب المادة 150 التي تحظر تجريف الأرض الزراعية أو نقل الأتربة لاستعمالها في غير أغراض الزراعة. والمادة 153 التي تمنع أصحاب ومستغلي مصانع أو قمائن الطوب القائمة من الاستمرار في تشغيلها بالمخالفة لحكم المادة 150 ونصت المادة 154 على العقوبات التي توقع على مخالفة حكم المادة 150، كما نصت المادة 157 على العقوبات التي توقع على مخالفة حكم المادة 153 من القانون أو الشروع في ذلك. ونصت المادة الثانية من القانون رقم 116 لسنة 1983 على أنه "على أصحاب ومستغلي مصانع وقمائن الطوب القائمة توفيق أوضاعهم باستخدام بدائل أخرى للطوب المصنع من أتربة التجريف، وذلك خلال مدة لا تجاوز سنتين من تاريخ العمل بهذا القانون، وإلا تمت إزالتها بالطريق الإداري على نفقة المخالف..... "وجاء بالمذكرة الإيضاحية للقانون المذكور أن حظر تشغيل مثل هذه المصانع إنما استهدف وضع حد لعمليات التجريف المخالفة تبعاً لمنع الأغراض التي يستخدم فيها ناتج هذا التجريف، وهو مصنع الطوب الأحمر. وتنفيذاً لأحكام القانون المشار إليه صدر قرار وزير الزراعة رقم 195 لسنة 1985 بتاريخ 10/ 3/ 1985 ونصت مادته الأولى على أنه "على أصحاب ومستغلي مصانع وقمائن الطوب القائمة قبل العمل بأحكام القانون رقم 116 لسنة 1983 المشار إليه الراغبين في توفيق أوضاعهم باستخدام بدائل أخرى للطوب المصنع من أتربة التجريف الحصول على الترخيص اللازم من وزارة الزراعة (الهيئة العامة للجهاز التنفيذي لمشروعات تحسين الأراضي) وأوضحت المواد التالية من القرار ما يجب أن يشتمل عليه طلب الترخيص والمستندات اللازم تقديمها مرفقة بالطلب، والتزام الهيئة المذكورة بفحص ما يقدم إليها من طلبات، ولها في سبيل ذلك تشكيل اللجان اللازمة للانتقال والمعاينة على الطبيعة... إلخ. وبتاريخ 3/ 12/ 1987 أعدت الإدارة العامة لحماية الأراضي بوزارة الزراعة مذكرة بأنه تم أخذ 443 عينة من بعض مصانع الطوب الطفلي من عشر محافظات مختلفة خلال هذا العام وكانت نتيجة التحاليل الآتي: 137 عينة طفلة خاصة تمثل 30% من عدد العينات و306 عينات مخلوطة بأتربة زراعية تمثل 70% من عدد العينات، وهذا يؤكد أن المصانع اليدوية ما زالت تنتج الطوب المخلوط بالأتربة الزراعية وقد ثبت أن معظم المصانع اليدوية حوالي 70% تقوم بالخلط باستعمال أتربة زراعية في صناعة الطوب بينما المصانع الآلية لا تستعمل أتربة زراعية لأن تصميم آلاتها لا يعمل إلا بالطفلة الخالصة لذلك فقد حان الوقت لإصدار قرار وزاري لتحويل وتطوير جميع المصانع من الإنتاج اليدوي إلى الإنتاج الآلي لضمان عدم قيام هذه المصانع باستعمال الأتربة الزراعية وحتى تتفرغ الإدارة لملاحقة أصحاب القمائن بجميع المحافظات والحد من عمليات التجريف.... واستناداً إلى ما جاء بهذه المذكرة أصدر وزير الزراعة القرار المطعون فيه رقم 1370 لسنة 1987 بتاريخ 7/ 12/ 1987 ونصت المادة الأولى منه على أنه "على مديريات الزراعة كل فيما يخصه إخطار أصحاب ومستغلي مصانع وقمائن الطوب الكائنة في دائرة عمل كل منها، والذين حصلوا على ترخيص لتوفيق أوضاعهم وتطوير تلك المصانع لإنتاج بدائل أخرى للطوب المصنع من أتربة ناتج تجريف الأراضي الزراعية وذلك للانتهاء من عمليات التطوير وتوفير مقومات تشغيلها آلية خلال مدة لا تجاوز ستة أشهر من تاريخ العمل بهذا القرار وإلا اعتبرت التراخيص الصادرة لهم ملغاة واتخذت إجراءات إزالتها بالطريق الإداري على نفقة المخالف طبقاً لحكم المادة الثانية من القانون رقم 116 لسنة 1983 المشار إليها.
ويستفاد من نصوص القانون رقم 116 لسنة 1983 سالف الذكر أن المشرع إذ هدف إلى الحفاظ على الرقعة الزراعية وعدم المساس بها حظر من بين ما حظره لتحقيق هذا الهدف، تجريف الأرض الزراعية أو نقل الأتربة لاستعمالها في غير أغراض الزراعة، كما حظر الاستمرار في تشغيل المصانع وقمائن الطوب عن طريق تجريف الأرض الزراعية أو نقل الأتربة، وأن المشرع وضع حكماً وألزم به أصحاب ومستغلي مصانع وقمائن الطوب القائمة بتوفيق أوضاعهم باستخدام بدائل أخرى للطوب المصنع من أتربة التجريف خلال مدة لا تجاوز سنتين من تاريخ العمل بالقانون، والحصول على الترخيص اللازم في هذا الشأن، وأن عدم الالتزام بذلك يترتب عليه إزالة تلك المصانع أو القمائن بالطريق الإداري... والمقصود بتوفيق الأوضاع خلال المدة المحددة بالقانون هو تمكين أصحاب ومستغلي مصانع وقمائن الطوب من تصريف ما قاموا بتصنيعه من الطوب الناتج عن التجريف واستعمال الأتربة التي سبق الحصول عليها قبل العمل بالقانون رقم 116 لسنة 1983، ومن ناحية أخرى يعني قيام أصحاب ومستغلي مصانع وقمائن الطوب بتجهيز تلك المصانع والقمائن وتطويرها بالمعدات اللازمة مما يجعلها صالحة لاستخدام بدائل أخرى للطوب تحل محل الأتربة الناتجة عن التجريف مع اختيار الطريقة المناسبة - يدوية أو نصف آلية أو آلية - وذلك على النحو الذي يجعل تلك المصانع جديرة بالحصول على الترخيص اللازم من الهيئة المختصة وفقاً لأحكام القرار الوزاري رقم 190 لسنة 1985 والمستفاد أيضاً من ذلك أمران، أولهما/ أن توفيق الأوضاع على النحو الموضح فيما سبق، وعلى سند من عبارات المادة الثانية من القانون رقم 116 لسنة 1983 وما ورد بالقرار الوزاري المشار إليه لا يعني بالضرورة تحول كافة مصانع وقمائن الطوب إلى التشغيل الآلي بصفة مطلقة إذ لا يوجد في عبارات القانون المذكور ما يسند هذا القول وأنه لو أن منع استخدام أتربة ناتج التجريف في صناعة الطوب لا يتحقق إلا باستخدام الطرق الآلية لكان من المتعين على الجهة المختصة بوزارة الزراعة أن تمتنع عن منح المصانع التي تعمل يدوياً أو بطريقة نصف آلية الترخيص الذي يفيد أنها وفقت أوضاعها وفق أحكام القانون وأن تقوم بإزالتها إدارياً بمجرد فوات المهلة المحددة في القانون الذي لم يترك لها أدنى خيار في هذا المجال. ثانيهما: أن الحصول على الترخيص اللازم من وزارة الزراعة (الهيئة العامة للجهاز التنفيذي لمشروعات تحسين الأراضي) وفقاً للقواعد والإجراءات المنصوص عليها في القرار الوزاري رقم 195 لسنة 1985 يعني أن المصانع والقمائن التي حصلت على ذلك الترخيص قد قامت فعلاً بتوفيق أوضاعها وأن الهيئة المذكورة تأكدت قبل منح الترخيص - أن طالب الترخيص وفق أوضاعه على النحو الذي يتطلبه القانون، وأنها لذلك أصدرت الترخيص اللازم.
ومن حيث إن مقتضى إعمال حكم المادة الثانية من القانون رقم 116 لسنة 1983 هو إزالة المصانع والقمائن والتي لم يتم توفيق أوضاعها خلال مدة السنتين من تاريخ العمل به، بعدم حصولها على الترخيص اللازم وفقاً للشروط المتطلبة قانوناً وعلى النحو الذي نظمه القرار الوزاري المذكور، ومن ثم فإن إصدار القرار المطعون فيه رقم 1370 لسنة 1987 بتاريخ 7/ 12/ 1987 بعد مضي أكثر من أربع سنوات على العمل بالقانون المشار إليه متضمناً مهلة أخرى مدتها ستة أشهر لما أسماه بعملية التطوير وتوفير مقومات وتشغيل المصانع وقمائن الطوب آلياً يكون قد تضمن حكماً بمد المهلة المنصوص عليها في القانون بعد انتهائها بأكثر من سنتين، وهذا الأمر غير جائز قانوناً فضلاً عما يتضمنه من إضافة معنى آخر لتوفيق الأوضاع الذي هدف إليها القانون الذي خلت نصوصه من إلزام أصحاب مصانع وقمائن الطوب بتشغيلها آلياً، كما خلت نصوصه من إعطاء الوزير المختص سلطة الإزالة إدارياً إلا في حالة وحيدة وهي فوات مدة السنتين من تاريخ العمل بالقانون دون القيام بتوفيق الأوضاع وإذا كان القرار المطعون فيه قد صدر استناداً إلى مذكرة الإدارة العامة لحماية الأراضي بوزارة الزراعة المؤرخة 3/ 12/ 1987 التي قامت بتحليل 443 عينة من بعض مصانع الطوب الطفلي من عشر محافظات مختلفة وتبين أن 70% من العينات مخلوطة بأتربة زراعية الأمر الذي يؤكد أن المصانع اليدوية ما زالت تنتج الطوب المخلوط بالأتربة الزراعية، وأن معظم المصانع اليدوية حوالي 70% منها تقوم بالخلط باستعمال أتربة زراعية في صناعة الطوب، فإن هذه المذكرة لا تنفي أن بعض المصانع اليدوية لا تستعمل أتربة زراعية في صناعة الطوب، كما أنها لم تبين مدى استعمال المصانع النصف آلية لأتربة زراعية في صناعة الطوب، ومن ثم فإن القرار المطعون فيه وقد شمل كافة المصانع والقمائن اليدوية والنصف آلية لتشغليها آلياً دون تفرقة بين ما يستعمل الأتربة الزراعية في صناعة الطوب، وما لا يستعمل هذه الأتربة في صناعته يكون قد قام على غير سبب صحيح من القانون. ولا يكون ثمة أمام الجهة الإدارية سوى استعمال سلطتها في ضبط المخالفين للقانون باستعمال أتربة زراعية في صناعة الطوب وتقديمهم للمحاكمة وفي وقف الأعمال المخالفة وإزالتها بالطريق الإداري وعلى نفقة المخالف.
ومن حيث إنه إذا كان القرار المطعون فيه تضمن توجيهات وتعليمات من وزير الزراعة إلى مديريات الزراعة باتخاذ الإجراءات المنصوص عليها فيه إلا أنه نص على اعتبار التراخيص الصادرة لأصحاب ومستغلي مصانع وقمائن الطوب ملغاة بعد المهلة المحددة بالقرار واتخذت إجراءات إزالتها بالطريق الإداري على نفقة المخالف، وهذا الشق من القرار قصد به مصدره إلى تحقيق آثار قانونية فيكون من قبيل القرارات الإدارية التي يجوز لكل ذي مصلحة أن يطعن فيه بالإلغاء ومن ناحية أخرى، إذا كان الحكم المطعون فيه قد استند إلى أن المدعين حصلوا على تراخيص وفقاً لحكم المادة الثانية من القانون رقم 116 لسنة 1983 وعملاً بالقواعد والإجراءات الواردة بالقرار الوزاري رقم 195 لسنة 1985 دون أن يقدم أي من المدعين للمحكمة الترخيص المقول به فإن الحكم في الشق المستعجل يكون على حسب الظاهر من الأوراق ومنها عريضة الدعوى، وقد ذكر المدعون أنهم حصلوا على التراخيص المذكورة، ولم ينف الحاضر عن الحكومة ذلك، ومن ثم لا يكون هناك بأس من الاعتماد على ما جاء بالعريضة ولم تنفه الجهة الإدارية.
ومن حيث إنه لما تقدم، وقد ثبت مخالفة القرار المطعون فيه للقانون وانتهى الحكم المطعون فيه إلى وقف تنفيذه فإنه يكون قد صادف صحيح حكم القانون - ويكون الطعن فيه على غير سند من القانون ويتعين الحكم برفضه، وإلزام الجهة الإدارية بالمصروفات عملاً بحكم المادة 184 من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وبرفضه موضوعاً، وألزمت الجهة الإدارية بالمصروفات.