أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 45 - صـ 257

جلسة 26 من يناير سنة 1994

برئاسة السيد المستشار/ محمد حسن العفيفي - نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ أحمد أبو الضراير - نائب رئيس المحكمة، محمد خيري أبو الليل، محمد يسري زهران وأحمد فرحات.

(54)
الطعن رقم 34 لسنة 63 القضائية

(1، 2) إيجار "إيجار الأماكن" "التأجير من الباطن" "التنازل عن إيجار المنشأة الطبية". قانون "تفسير القانون".
(1) ورود النص التشريعي مطلقاً. وجوب حمله على إطلاقه ما لم يقم الدليل على تقييده بنص آخر. توافر هذا الدليل. اعتباره مقيداً بقيد المقيد متى اتحد موضوع النصين. اختلافهما. وجوب حمل المطلق على إطلاقه في موضعه والمقيد على قيده في موضعه.
(2) حق المستأجر في التأجير من الباطن. م 40/ ب ق 49 لسنة 1977. مناطه. ورود التأجير على جزء من المكان المؤجر. عدم ورود نص مخالف بالقانون 51 لسنة 1981. مؤداه.
1- المقرر أن النص التشريعي إذا ما ورد مطلقاً فإنه يحمل على إطلاقه إلا إذا ثبت بنص آخر ما يقيده. فإن قام الدليل على تقييده كان هذا الدليل صارفاً له عن إطلاقه، ومبيناً المراد منه، فيكون المطلق مقيداً بقيد كل ذلك إذا كان موضوع النصين واحداً فإن اختلف النصان في الحكم فلا يحمل المطلق على المقيد بل يعمل بالمطلق على إطلاقه في وضعه وبالمقيد على قيده في موضعه.
2- لما كان مناط حق المستأجر في التأجير من الباطن في الحالة المنصوص عليها في الفقرة "ب" من المادة 40 من قانون تأجير وبيع الأماكن الصادر برقم 49 لسنة 1977 إذا كان مزاولاً لمهنة أو حرفة غير مقلقة للراحة أو مضرة بالمصلحة العامة وأجر جزءاً من المكان المؤجر له إلى من يمارس مهنة أو حرفة ولو كان مغايرة لمهنته أو حرفته، هو أن يرد هذا التأجير من الباطن على جزء من المكان المؤجر فقط ولا يشمله كله، وإذ كانت المادة الخامسة من قانون المنشآت الطبية الصادر برقم 51 لسنة 1981 والذي يجري نصها على أنه "لا ينتهي عقد إيجار المنشأة الطبية لوفاة المستأجر أو تركه العين ويستمر لصالح ورثته وشركائه في استعمال العين بحسب الأحوال ويجوز له ولورثته من بعده التنازل عنها لطبيب مرخص له بمزاولة المهنة وفي جميع الأحوال يلتزم المؤجر بتحرير عقد إيجار لمن لهم حق في الاستمرار في شغل العين "مفاده وعلى ما يبين من عبارات النص أن اشتراط تنازل مستأجر المنشأة الطبية لطبيب مرخص له بمزاولة المهنة ويكون إذا ما ارتأى المستأجر التنازل عن كامل المنشأة، فإنه بذلك لا يعتبر مقيد لنص المادة 40/ ب من القانون 49 لسنة 1977 المشار إليها لاختلاف حكم النصين وعدم تعارضهما بما لا يستحيل معه إعمالهما معاً لورود كل منهما على محل مغاير الآخر إذ بينما تنظم المادة 40/ ب سالفة البيان تأجير المستأجر المزاول لمهنة أو حرفة لجزء من المكان المؤجر له من الباطن يتناول حكم المادة الخامسة من قانون المنشآت الطبية سالفة الذكر تنازل مستأجر المنشأة الطبية عن كامل هذه المنشأة. لما كان ما تقدم وكان الثابت من الأوراق أن الطاعن الثاني كان قد استأجر عين النزاع ليمارس فيها مهنة الطب وكان البين من مدونات الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه أنه أجر جزءاً من العين للطاعنة الأولى والمطعون ضده الثاني لممارسة مهنة المحاماة فإن هذا التأجير لا يسوغ الإخلاء عملاً بالمادة 40/ ب من القانون رقم 49 لسنة 1977 المشار إليها باعتبار أن مهنة المحاماة ليست بطبيعتها مقلقة للراحة أو مضرة بالصحة.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضده الأول أقام الدعوى رقم 7218 لسنة 1984 مدني طنطا الابتدائية على الطاعنين والمطعون ضده الثاني بطلب الحكم بفسخ عقد الإيجار المؤرخ 1/ 12/ 1972 المتضمن استئجار الطاعن الثاني للعين الكائنة بعقار المطعون ضده الأول مع التسليم. على سند من أن الطاعن الثاني استأجر منه هذه العين بقصد استعمالها عيادة طبية إلا أنه قد أجرها من باطنه للطاعنة الأولى والمطعون ضده الثاني لاستغلالها كمكتب للمحاماة بمخالفة لأحكام القانون رقم 49 لسنة 1977 ونصوص العقد. قضت المحكمة باعتبار الدعوى كأن لم تكن بحكم استأنفه المطعون ضده الأول لدى محكمة استئناف طنطا بالاستئناف رقم 596 لسنة 36 ق التي حكمت بإلغاء الحكم المستأنف وبإعادة الدعوى إلى محكمة طنطا الابتدائية لنظرها من جديد. وبتاريخ 27/ 6/ 1991 حكمت للمطعون ضده الأول بطلباته. استأنف الطاعنان والمطعون ضده الثاني هذا الحكم بالاستئناف رقم 1319 لسنة 41 ق طنطا. وبتاريخ 24/ 12/ 1992 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم. وإذ عرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة مشورة رأت أنه جدير بالنظر فحددت جلسة لنظره التزمت فيها النيابة برأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعنان بأحد سببي الطعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وذلك حين استند في قضائه إلى حكم المادة الخامسة من قانون المنشآت الطبية الصادرة برقم 51 لسنة 1981 فيما تتضمنه من أن حق مستأجر المنشأة الطبية في التنازل عنها لا يكون إلا لطبيب مرخص له في مزاولة المهنة باعتباره مقيداً لمطلق نص المادة 40/ ب من قانون تأجير وبيع الأماكن الصادر برقم 49 لسنة 1977 ورتب على ذلك قضاءه بفسخ عقد الإيجار في حين أن النص الأول يواجه حالة التنازل عن العين المؤجرة كاملة فلا يكون إلا لطبيب مرخص له بينما يتنازل النص الثاني على ما يبين من عباراته حق مستأجر عين لمزاولة مهنة في تأجير جزء منها من الباطن إلى ما يمارس مهنة ولو كانت مغايرة لمهنته بما يكون لكل نص منهما مجاله ولا تعارض بينهما. وإذ كان الطاعن الثاني المستأجر الأصلي للعين كعيادة طبية ما زال يضع اليد على جزء منها بعد أن أجر جزءاً آخر إلى الطاعنة الأولى والمطعون ضده الثاني كمكتب للمحاماة، الأمر المسموح به وفقاً لحكم المادة 40/ ب المشار إليها فإن الحكم المطعون فيه إذ طرح هذا الحكم وأعمل نص المادة الخامسة من قانون المنشآت الطبية رغم عدم التنازل عن كامل العين فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد. ذلك أنه من المقرر أن النص التشريعي إذا ما ورد مطلقاً فإنه يحمل على إطلاقه إلا إذا ثبت بنص آخر ما يقيده، فإن قام الدليل على تقييده كان هذا الدليل صارفاً له عن إطلاقه ومبيناً المراد منه، فيكون المطلق مقيداً بقيد المقيد. كل ذلك إذا كان موضوع النصين واحداً. فإن اختلف النصان في الحكم فلا يحمل المطلق على المقيد بل يعمل بالمطلق على إطلاقه في موضعه. والمقيد على قيده في موضعه. لما كان ذلك وكان مناط حق المستأجر في التأجير من الباطن في الحالة المنصوص عليها في الفقرة "ب" من المادة 40 من قانون تأجير وبيع الأماكن الصادر برقم 49 لسنة 1977 إذا كان مزاولاً لمهنة أو حرفة غير مقلقة للراحة أو مضرة بالمصلحة العامة وأجر جزءاً من المكان المؤجر له إلى من يمارس مهنة أو حرفة ولو كان مغايرة لمهنته أو حرفته، هو أن يرد هذا التأجير من الباطن على جزء من المكان المؤجر فقط ولا يشمله كله، وإذ كانت المادة الخامسة من قانون المنشآت الطبية الصادر برقم 51 لسنة 1981 والذي يجري نصها على أنه "لا ينتهي عقد إيجار المنشأة الطبية لوفاة المستأجر أو تركه العين ويستمر لصالح ورثته وشركائه في استعمال العين بحسب الأحوال ويجوز له ولورثته من بعده التنازل عنها لطبيب مرخص له بمزاولة المهنة وفي جميع الأحوال يلتزم المؤجر بتحرير عقد إيجار لمن لهم حق في الاستمرار في شغل العين" مفاده وعلى ما يبين من عبارات النص أن اشتراط تنازل مستأجر المنشأة الطبية لطبيب مرخص له بمزاولة المهنة. يكون إذا ما ارتأى المستأجر التنازل عن كامل المنشأة، فإنه بذلك لا يعتبر مقيداً لنص المادة 40/ ب من القانون رقم 49 لسنة 1977 المشار إليها لاختلاف حكم النصين وعدم تعارضهما بما لا يستحيل معه إعمالهما معاً لورود كل منهما على محل مغاير الآخر إذ بينما تنظيم المادة 40/ ب سالفة البيان تأجير المستأجر المزاول لمهنة أو حرفة لجزء من المكان المؤجر له من الباطن يتناول حكم المادة الخامسة من قانون المنشآت الطبية سالفة الذكر تنازل مستأجر المنشأة الطبية عن كامل هذه المنشأة. لما كان ما تقدم وكان الثابت من الأوراق أن الطاعن الثاني كان قد استأجر عين النزاع ليمارس فيها مهنة الطب وكان البين من مدونات الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه أنه أجر جزءاً من العين للطاعنة الأولى والمطعون ضده الثاني لممارسة مهنة المحاماة فإن هذا التأجير لا يسوغ الإخلاء عملاً بالمادة الخامسة من قانون المنشآت الطبية آنف البيان لما سبق ذكره وإعمالاً بالمادة 40/ ب من القانون رقم 49 لسنة 1977 المشار إليها باعتبار أن مهنة المحاماة ليست بطبيعتها مقلقة للراحة أو مضرة بالصحة، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة إلى بحث السبب الآخر من سببي الطعن