أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 45 - صـ 278

جلسة 27 من يناير سنة 1994

برئاسة السيد المستشار/ محمود نبيل البناوي - نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ عبد الحميد الشافعي، محمد محمد محمود - نائبي رئيس المحكمة، علي شلتوت وأحمد عبد الرازق.

(58)
الطعن رقم 4497 لسنة 62 القضائية

(1) استئناف "نطاق الاستئناف". دعوى "الطلبات في الدعوى". بيع.
الاستئناف ينقل الدعوى إلى محكمة ثاني درجة في حدود طلبات المستأنف. العبرة في بيان هذه الطلبات بحقيقة المقصود منها دون اعتداد بالعبارات التي صيغت بها. طلب المستأنف الحكم بإلغاء الحكم المستأنف برفض دعواه بطلب فسخ عقد البيع وإلزام المستأنف ضدهما بالثمن المدفوع منه لهما. حقيقة المقصود به. طلب بفسخ عقد البيع ورد الثمن.
(2) محكمة الموضوع. عقد "انحلال العقد" "التقايل". حكم "تسبيبه: الرد الضمني".
التقايل عن العقد صراحة أو ضمناً. من مسائل الواقع التي يستقل بتقديرها قاضي الموضوع. حسبه أن يبين الحقيقة التي اقتنع بها وأن يقيم قضاءه على أسباب سائغة. عدم التزامه بالرد استقلالاً على أوجه دفاع الخصوم ما دامت الحقيقة التي اقتنع بها وأورد دليلها فيها الرد الضمني على هذا الدفاع.
(3) حكم "الفساد في الاستدلال". بطلان "بطلان الأحكام". حكم "بطلانه".
استخلاص القاضي واقعة من مصدر لا وجود له أو موجود ولكنه مناقض لما استخلصه أو غير مناقض ولكن يستحيل عقلاً استخلاص تلك الواقعة منه. أثره. بطلان الحكم.
(4) بيع. تسجيل. ملكية. شهر عقاري. دعوى "دعوى صحة التعاقد".
مجرد تسجيل صحيفة دعوى صحة التعاقد ليس من شأنه نقل الملكية العقارية من البائع إلى المشتري. عدم انتقالها إلا بشهر الحكم النهائي الصادر بصحة البيع إما بتسجيل هذا الحكم أو التأشير بمنطوقة في هامش تسجيل الصحيفة.
1- المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الاستئناف بنقل الدعوى إلى محكمة ثاني درجة في حدود طلبات المستأنف والعبرة في بيان هذه الطلبات بحقيقة المقصود منها دون اعتداد بالعبارات التي صيغت بها وإذ كان البين من صحيفة الاستئناف إن المطعون ضده الأول (المستأنف) قد طلب في ختامها الحكم بإلغاء الحكم المستأنف وبإلزام الطاعنين بأن يدفعا له مبلغ 19125 جنيه مقدار الثمن المدفوع منه بموجب عقد البيع فإن حقيقة المقصود بهذا الطلب هو طلب بفسخ عقد البيع ورد الثمن.
2- التقايل عن العقد صراحة أو ضمناً هو من مسائل الواقع التي يستقل بتقديرها قاضي الموضوع وحسبه أن يبين الحقيقة التي اقتنع بها وأن يقيم قضاءه على أسباب سائغة دون أن يكون ملزماً بالرد استقلالاً على أوجه دفاع الخصوم ما دامت الحقيقة التي اقتنع بها وأورد دليلها فيها الرد الضمني على هذا الدفاع.
3- المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه إذا بنى القاضي حكمه على واقعه استخلصها من مصدر لا وجود له أو موجود ولكنه مناقض لما أثبته أو غير مناقض ولكن من المستحيل عقلاً استخلاص تلك الواقعة منه كان هذا الحكم باطلاً.
4- مجرد تسجيل دعوى صحة التعاقد لا شأن له بنقل الملكية العقارية من البائع إلى المشتري إذ لا تنتقل هذه الملكية إلا بإشهار الحكم النهائي الصادر بصحة البيع وذلك إما بتسجيل هذا الحكم أو بالتأشير بمنطوقة في هامش تسجيل الصحيفة.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضده الأول أقام الدعوى رقم 9725 لسنة 1985 جنوب القاهرة الابتدائية ضده الطاعنين بطلب الحكم بفسخ عقد البيع المؤرخ 19/ 8/ 1983 وإلزام الطاعنين بأن يؤديا له 19125 جنيه مقدار الثمن المدفوع منه لهما، 20000 جنيه تعويضاً عن الأضرار التي أصابته، 10000 جنيه تنفيذاً للشرط الجزائي المنصوص عليه في العقد، وقال بياناً لها إنه بموجب ذلك العقد باع له الطاعنان قطعة الأرض المبينة بالصحيفة والسابق تخصيصها لهما من الجمعية المطعون ضدها الأخيرة وذلك مقابل ثمن مقداره 19125 جنيه دفعه لهما بالكامل بعد أن تعهدا بتسليمها له وإذ لم ينفذا ما تعهدا به بسبب سبق بيعها لآخر وانتقال ملكيتها إلها بموجب عقد بيع مسجل فقد أقام دعواه، أدخل الطاعنان الجمعية المطعون ضدها الأخيرة في الدعوى، ندبت المحكمة خبيراً وبعد أن قدم تقريره قضت بتاريخ 27/ 12/ 1990 برفضها، استأنف المطعون ضده الأول هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 2070 لسنة 108 ق. بتاريخ 14/ 5/ 1992 حكمت بإلغاء الحكم المستأنف وبإلزام الطاعنين بأن يدفعاً للمطعون ضده الأول 29125 جنيه. طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه، وإذ عرض الطعن على هذا المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطاعنين ينعيان بالسبب الأول من أسباب الطعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون وفي بيانه يقولان إن المطعون ضده الأول وإن كان قد طلب في صحيفة دعواه فسخ عقد البيع إلا أن صحيفة استئنافه قد خلت من هذا الطلب فلا يكون مطروحاً على المحكمة الاستئنافية، وإذ قضى الحكم المطعون فيه بفسخ العقد يكون قضى بما لم يطلبه الخصوم وهو ما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الاستئناف ينقل الدعوى إلى محكمة ثاني درجة في حدود طلبات المستأنف والعبرة في بيان هذه الطلبات بحقيقة المقصور منها دون اعتداد بالعبارات التي صيغت بها. لما كان ذلك وكان البين من صحيفة الاستئناف أن المطعون ضده الأول (المستأنف) قد طلب في ختامها الحكم بإلغاء الحكم المستأنف وبإلزام الطاعنين بأن يدفعا له مبلغ 19125 جنيه مقدار الثمن المدفوع منه لهما بموجب عقد البيع فإن حقيقة المقصود بهذا الطلب هو طلب بفسخ عقد البيع ورد الثمن. وإذ عرض الحكم المطعون فيه إلى طلب الفسخ وفصل فيه يكون قد التزم نطاق الاستئناف ويضحى النعي بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعيان بالسببين الرابع والخامس على الحكم المطعون فيه القصور وفي بيان ذلك يقولان إنهما تمسكا أمام محكمة الموضوع بدفاع جوهري حاصله أن عقد البيع المؤرخ 19/ 8/ 1983 تم التقايل عنه وأصبح كأن لم يكن وحل محله عقد البيع المؤرخ 22/ 8/ 1983 المحرر مباشرة بين المطعون ضده الأول والجمعية المطعون ضدها الأخيرة وانتفت بذلك علاقتهما بالمطعون ضده الأول بما لا يحق له الرجوع عليهما بموجب ذلك العقد وساقا قرائن عديدة مؤيدة لهذا الدفاع وإذ التفت الحكم المطعون فيه عنه لمجرد القول بأنهما لم يوقعا على عقد البيع المبرم بين المطعون ضده الأول وبين الجمعية المطعون ضدها الأخيرة بتاريخ 22/ 8/ 1983 وأن هذا العقد قد خلا من اتفاق صريح أو ضمني بينهما والمطعون ضده الأول على التقايل دون أن يعرض إلى القرائن التي تمسكا بها يكون معيباً بالقصور بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن التقايل عن العقد صراحة أو ضمناً هو من مسائل الواقع التي يستقل بتقديرها قاضي الموضوع وحسبه أن يبين الحقيقة التي اقتنع بها وأن يقيم قضاءه على أسباب سائغة دون أن يكون ملزماً بالرد استقلالاً على أوجه دفاع الخصوم ما دامت الحقيقة التي اقتنع بها وأورد دليلها فيها الرد الضمني على هذا الدفاع وكان الحكم المطعون فيه قد أورد في مدوناته أن "إبرام العقد المؤرخ 22/ 8/ 1983 مع الجمعية" المطعون ضدها الأخيرة الذي لم يوقع عليه المستأنف عليهما - الطاعنان - لا يتضمن اتفاقاً بين طرفي العقد المؤرخ 19/ 8/ 1983 صريحاً أو ضمنياً على التقايل منه، ومن ثم فإن طلب المستأنف (المطعون ضده الأول) فسخ العقد المؤرخ 9/ 8/ 1983 فسخاً قضائياً بطلب رد ما عجله من ثمن يخضع لحكم المادة 157/ 1 من القانون المدني، وكان هذا الذي أورده الحكم سائغاً ويكفي لحمل قضائه بانتفاء التقايل وفيه الرد الضمني على ما تمسك به الطاعنان من قرائن، فإن النعي بهذا السبب لا يعدو أن يكون جدلاً في سلطة محكمة الموضوع في فهم الواقع في الدعوى لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض.
وحيث إن مما ينعاه الطاعنان في الوجه الأول من السبب الثاني على الحكم المطعون فيه الفساد في الاستدلال والخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك يقولان إن الثابت من المستندات المقدمة في الدعوى أن ملكية الأرض محل النزاع قد انتقلت إلى الجمعية المطعون ضدها الأخيرة بشرائها لها من مالكها الأصلي....... وتسجيلها لصحيفة دعواها بصحة ونفاذ هذا العقد برقم 4375 بتاريخ 1/ 5/ 1979 ثم تسجيلها الحكم الصادر فيها، فى حين أن المشتري الآخر ".........." من هذا المالك لم يسجل سوى صحيفة دعواه برقم 724 في 23/ 2/ 1980 فلم تنتقل له الملكية، وبالتالي فإن نقل الملكية من الجمعية المطعون ضدها الأخيرة إلى المطعون ضده الأول يكون ممكناً، وإذ خلص الحكم بالرغم من ذلك إلى ملكية المشتري الآخر "........." للأرض محل النزاع بعقد بيع مسجل رغم خلو الأوراق منه - ورتب على ذلك عدم إمكان الطاعنين الوفاء بالتزاماتهما بنقل الملكية إلى المطعون ضده الأول وقضاءه بفسخ العقد يكون معيباً بالفساد في الاستدلال والخطأ في تطبيق القانون بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك أن المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه إذا بنى القاضي حكمه على واقعة استخلصها من مصدر لا وجود له أو موجود ولكنه مناقض لما أثبته أو غير مناقض ولكن من المستحيل عقلاً استخلاص تلك الواقعة منه كان هذا الحكم باطلاً، وأن مجرد تسجيل دعوى صحة التعاقد لا شأن له بنقل الملكية العقارية من البائع إلى المشتري إذ لا تنتقل هذه الملكية إلا بإشهار الحكم النهائي الصادر بصحة البيع وذلك إما بتسجيل هذا الحكم أو بالتأشير بمنطوقه في هامش تسجيل الصحيفة، وكان الحكم المطعون فيه قد أسس قضاءه بفسخ عقد البيع محل النزاع المؤرخ 19/ 8/ 1983 على ما قرره من أنه "لما كان يبين من عقد البيع المؤرخ 19/ 8/ 1983 سند الدعوى أن المستأنف عليهما الأول والثانية - الطاعنان - قد باعا للمستأنف - المطعون ضده الأول - قطعة الأرض محل التداعي وقبضا كامل الثمن وقدره 19125 جنيه وكان البين من الأوراق وخاصة تقارير الخبراء والمحضر رقم 667 لسنة 1983 إداري السلام والمقيد برقم 1295 لسنة 1984 جنح السلام ما مفاده أن العين محل التداعي مملوكه "........" بعقد بيع مسجل بما يتعذر معه على المستأنف عليهما الأول والثانية الوفاء بالتزاماتهما طبقاً لعقد البيع محل التداعي المؤرخ 19/ 8/ 1983 لما كان ذلك وكان الواقع في الدعوى الثابت من تقارير الخبراء ومن المحضر رقم 667/ 1983 إداري السلام المقيد رقم 1295 لسنة 1984 جنح السلام أن المدعو/ ....... وإن كان قد اشترى من المالك الأصلي لأرض التداعي المدعو........ مساحة منها قدرها 272 م2 بموجب عقد البيع العرفي المؤرخ 4/ 7/ 1972 الذي حكم بصحته ونفاذه في الدعوى رقم 4873 سنة 1978 شمال القاهرة الابتدائية إلا أنه لم يسجل سوى صحيفة هذه الدعوى فإن ملكية الأرض موضوع النزاع لا تكون قد انتقلت إليه، وإذ استخلص الحكم المطعون فيه من هذه الأوراق - وعلى خلاف مدلولها - أن الملكية قد انتقلت إلى المشتري الآخر....... بعقد بيع مسجل بما يتعذر معه على الطاعنين الوفاء بالتزامهما بنقل الملكية إلى المطعون ضده الأول ورتب على ذلك وحدة قضاء بفسخ العقد يكون فضلاً عن فساد استدلاله قد أخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه دون حاجة إلى بحث باقي أسباب الطعن.