أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 46 - صـ 669

جلسة 20 من إبريل سنة 1995

برئاسة السيد المستشار/ محمد حسن العفيفى - نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ محمد محمد محمود، أحمد أبو الضراير، علي شلتوت - نواب رئيس المحكمة، وأحمد عبد الرازق.

(134)
الطعنان رقما 3246، 4591 لسنة 64 القضائية

(1، 2) مقاولة. مسئولية "المسئولية العقدية". تقادم. التزام. حكم "عيوب التدليل" "الفساد فى الاستدلال: ما لا يعد كذلك".
(1) ضمان المقاول لعيوب البناء. شموله التهدم الكلي أو الجزئي أو العيوب التي تهدد متانة البناء وسلامته. مدته عشرة سنوات تبدأ من وقت تسليم المبنى. م 651 مدني. سقوط الدعوى بهذا الضمان بانقضاء ثلاث سنوات من حصول التهدم أو ظهور العيب.
(2) رد الحكم اكتشاف العيب في البناء إلى تاريخ رفع رب العمل دعوى مستعجلة لإثبات حالة البناء. استخلاص سائغ طالما خلت الأوراق من دليل على انكشاف العيب له في وقت مغاير.
(3، 4) تعويض "تقدير التعويض" "عناصر الضرر". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير التعويض". نقض "سلطة محكمة النقض". حكم "عيوب التدليل: القصور: ما لا يعد كذلك".
3 - تقدير التعويض. استقلال محكمة الموضوع به متى بينت عناصر الضرر ولم يوجد في القانون نص يلزم بإتباع معايير معينة في خصوصه. قضاؤها بتعويض إجمالي عن أضرار متعددة ناقشت كل عنصر منها على حده. لا عيب.
4 - تقدير الضرر والتعويض عنه. من المسائل الواقعية التي تستقل بها محكمة الموضوع دون تعقيب عليها. عرض الحكم المطعون فيه لطلب التعويض عن الضرر الأدبي وإدخاله ضمن عناصر التعويض المقضي به. إدماجه الضررين المادي والأدبي معاً وتقديره التعويض عنهما جملة بغير تخصيص لكل. لا عيب.
(5) مقاولة. مسئولية. التزام.
تسلم رب العمل البناء نهائياً دون تحفظ. لا يسقط ضمان المقاول والمهندس عن العيوب الخفية. إسقاطه الضمان عن العيوب الظاهرة وقت التسليم أو المعروفة لرب العمل.
(6، 7) حكم "ما يعد قصوراً". بطلان "بطلان الأحكام". دعوى "الدفاع الجوهري". مقاولة. مسئولية. التزام.
6- إغفال الحكم بحث دفاع جوهري. قصور في أسباب الحكم الواقعية. مقتضاه. بطلان الحكم. م 178/ 3 مدني.
7 - تمسك المقاول بأن تسلم رب العمل المبني محل عقد المقاولة بموجب محضر تسليم دون اعتراض منه يدل على قبوله الأعمال المتعلقة بالتشطيبات الظاهرة ويعتبر نزولاً منه عن ضمانها. دفاع جوهري. التفات محكمة الموضوع عن تمحيصه والرد عليه. قصور.
1 - المقرر في قضاء هذه المحكمة أن مفاد المادتين 651، 654 من القانون المدني, أن المشرع ألزم المقاول في المادة 651 بضمان سلامة البناء من التهدم الكلي أو الجزئي أو العيوب التي يترتب عليها تهديد متانة البناء وسلامته وحدد لذلك الضمان مدة معينة هي عشر سنوات تبدأ من وقت تسليم المبنى, ويتحقق الضمان إذا حدث سببه خلال هذه المدة, على أن القانون قد حدد في المادة 654 مدة لتقادم دعوى الضمان المذكورة وهي ثلاث سنوات تبدأ من وقت حصول التهدم أو ظهور العيب وبذلك فإنه وإن كان يشترط لتحقق الضمان أن يحصل التهدم أو يظهر العيب خلال مدة عشر سنوات من تسلم رب العمل البناء إلا أنه يلزم لسماع دعوى الضمان ألا تمضي ثلاث سنوات على انكشاف العيوب أو حصول التهدم, فإذا انقضت هذه المدة سقطت دعوى الضمان بالتقادم.
2- إذ كان الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه قد رد اكتشاف العيب إلى تاريخ رفع الطاعن دعواه لإثبات الحالة وأورد في هذا الخصوص قوله "........." وقد خلت الأوراق مما يفيد أن الطاعن أثبت أن العيب انكشف في وقت مغاير لما استظهره الحكم السالف ذكره ولم يقدم دليلاً على ذلك لم يأخذ به الحكم المطعون فيه, فإن المحكمة بذلك تكون قد استخلصت في حدود سلطتها الموضوعية من أوراق الدعوى تاريخ الواقعة التي يبدأ بها التقادم استخلاصاً سائغاً رتبت عليه أن دعوى الضمان قد رفعت بعد الميعاد.
3 - إن محكمة الموضوع متى بينت في حكمها عناصر الضرر المستوجب للتعويض فإن تقدير مبلغ التعويض الجابر لهذا الضرر هو مما تستقل به ما دام لا يوجد في القانون نص يلزم بإتباع معايير معينة في خصوصه ولا تثريب عليها إذا هي قضت بتعويض إجمالي عن أضرار متعددة ما دامت قد ناقشت كل عنصر منها على حدة وبينت وجه أحقية طالب التعويض فيه أو عدم أحقيته.
4 - من المقرر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن تقدر الضرر وتقدير التعويض عنه هو من المسائل الواقعية التي تستقل بها محكمة الموضوع دون تعقيب عليها فيه, وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه - وهو بصدد تعديل مبلغ التعويض المقضي به للطاعن - على ما أورده ".........." فإن في هذا الذي أورده الحكم ما يدل على أنه عرض لطلب التعويض عن الضرر الأدبي وأدخله ضمن عناصر التعويض المقضي به دون أن يحيل على قضاء الحكم الابتدائي في رفض طلب التعويض عنه ولا يعيبه أنه أدمج الضرر المادي والأدبي معاً وقدر التعويض عنهما جملة بغير تخصيص لمقداره عن كل منهما إذ ليس هذا التخصيص بلازم قانوناً.
5 - المقرر في قضاء هذه المحكمة أن تسلم رب العمل البناء تسلماً نهائياً غير مقيد بتحفظ ما وإن كان لا يسقط ضمان المقاول والمهندس عن العيوب الخفية التي لم يستطع صاحب البناء كشفها عند تسلم البناء إلا أن من شأنه أن يغطي ما بالمبنى من عيوب كانت ظاهرة وقت حصول هذا التسليم أو معروفة لرب العمل.
6 - المقرر أن إغفال الحكم بحث دفاع أبداه الخصم يترتب عليه بطلان الحكم إذا كان هذا الدفاع جوهرياً ومؤثراً في النتيجة التي انتهت إليها المحكمة إذ يعتبر ذلك الإغفال قصوراً في أسباب الحكم الواقعية بما يقتضي بطلانه عملاً بالمادة 178/ 3 من قانون المرافعات.
7- إذ كان الثابت أن الطاعن قد تمسك أمام محكمة الموضوع بدفاع حاصله أن المطعون ضده تسلم المبنى محل عقد المقاولة المبرم بينهما بموجب محضر التسليم المؤرخ 16/ 11/ 1981 الذي تضمن تسوية الحساب بينهما بشأن الأعمال المتفق عليها فيه دون ثمة اعتراض من المطعون ضده بما يدل على قبوله للأعمال المتعلقة بالتشطيبات الظاهرة مما يعتبر نزولاً منه عن الضمان وكان من شأن هذا الدفاع - لو فطنت إليه المحكمة - تغيير وجه الرأي في الدعوى إذ أن مؤداه عدم مسئولية الطاعن عن العيوب الظاهرة, وكانت محكمة الموضوع قد التفتت عن تناول هذا الدفاع الجوهري ولم تعن بتمحيصه أو الرد عليه فإن الحكم المطعون فيه يكون معيباً بقصور مبطل.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعنين استوفيا أوضاعهما الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضده في الطعن رقم 3246/ 64 ق - رب العمل - أقام على الطاعن فيه المقاول - الدعوى رقم 1188/ 1988 مدني جنوب القاهرة الابتدائية بطلب الحكم بإلزامه بأن يؤدي إليه مبلغ 100000 جنيه تعويضاً له عما أصابه من أضرار نتيجة أخطاء الطاعن الجسيمة وعيوب التنفيذ الخطيرة المرتكبة في تشييده عقاره, الثابتة في تقرير خبير دعوى إثبات الحالة رقم 102/ 1983 مستعجل القاهرة التي أقامها, دفع الطاعن بسقوط الحق في المطالبة بالتعويض بانقضاء ثلاث سنوات من تاريخ التسليم, أحالت المحكمة الدعوى إلى ثلاثة خبراء وبعد أن قدموا تقريرهم, حكمت بتاريخ 14/ 12/ 1992 بسقوط الحق في المطالبة بالتعويض عن العيوب الإنشائية وبإلزام الطاعن بأن يؤدي إلى المطعون ضده مبلغ 70000 جنيه تعويضاً مادياً, استأنف الطاعن - المقاول - هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 851/ 110 ق طالباً إلغاء الحكم ورفض الدعوى, كما استأنفه المطعون ضده - رب العمل - لدى ذات المحكمة بالاستئناف رقم 904/ 110 ق طالباً بدوره إلغاء الحكم فيما تضمنه من رفض بعض طلباته وبعد أن ضمت المحكمة الاستئناف الثاني إلى الأول حكمت بتاريخ 16/ 3/ 1994 بتعديل مبلغ التعويض إلى 25000 جنيه, طعن المقاول في هذا الحكم بطريق النقض وقيد طعنه برقم 3246 لسنة 64 ق كما طعن فيه رب العمل وقيد طعنه برقم 4591 لسنة 64 ق وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي في الطعن الأول بنقض الحكم المطعون فيه وفي الطعن الثاني برفضه, وأمرت المحكمة بضم ثانيهما إلى الأول ليصدر فيهما حكم واحد.
أولاً: بالنسبة للطعن رقم 4591/ 64 ق:
وحيث إن هذا الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعي الطاعن بالأول منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وتأويله والفساد في الاستدلال والقصور وذلك حين اعتبر وقت رفع دعوى إثبات الحال الحاصل في 6/ 3/ 1983 موعداً يبدأ منه سريان التقادم الثلاثي لدعوى الضمان المنصوص عليه في المادة 654 من القانون المدني باعتباره الوقت الذي انكشف فيه العيب في حين أنه ينكشف إلا وقت إيداع الخبراء لتقاريرهم في تلك الدعوى التي أظهرت العيوب الظاهرة والخفية الأمر الذي أدى بالحكم إلى القضاء بسقوط دعوى الضمان عن العيوب الإنشائية وأهدر بذلك مدة العشر سنوات المنصوص عليها في المادة 651 من القانون المدني التي يقوم فيها سبب الضمان وهو ما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في غير محله ذلك أن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن المادة 651 من القانون المدني تقضي بأن يضمن المقاول والمهندس المعماري ما يحدث خلال عشر سنوات من تهدم كلي أو جزئي فيما شيداه من مبان أو أقاماه من منشآت أخرى وتبدأ مدة السنوات العشر من وقت تسلم العمل وتنص المادة 654 من ذلك القانون على أن "تسقط دعوى الضمان المتقدمة بانقضاء ثلاث سنوات من وقت حصول التهدم أو انكشاف العيب ومفاد هاتين المادتين أو المشرع ألزم المقاول في المادة 651 بضمان سلامة البناء من التهدم الكلي أو الجزئي أو العيوب التي يترتب عليها تهديد متانة البناء وسلامته وحدد لذلك الضمان مدة معينة هي عشر سنوات تبدأ من وقت تسليم المبنى ويتحقق الضمان إذا حدث سببه خلال هذه المدة على أن القانون قد حدد في المادة 654 مدة لتقادم دعوى الضمان المذكور وهي ثلاث سنوات تبدأ من وقت حصول التهدم أو ظهور العيب وبذلك فإنه وإن كان يشترط لتحقق الضمان أن يحصل التهدم أو يظهر العيب خلال مدة عشر سنوات من تسلم رب العمل البناء إلا أنه يلزم لسماع دعوى الضمان ألا تمضي ثلاث سنوات على انكشاف العيوب أو حصول التهدم فإذا انقضت هذه المدة سقطت دعوى الضمان بالتقادم, لما كان ذلك وكان الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه قد رد اكتشاف العيب إلى تاريخ رفع الطاعن دعواه لإثبات الحالة وأورد في هذا الخصوص قوله أن "الثابت من صحيفة الدعوى المستعجلة المودعة بتاريخ 6/ 1/ 1983 أن المدعي "الطاعن" أقر فيها على نحو مفصل بأن العيوب التي تهدد سلامة ومتانة العقار قد تكشفت له في آخر ديسمبر سنة 1982 ومن ثم فإن المحكمة تتخذ تاريخ إيداع صحيفة تلك الدعوى تاريخاً يبدأ منه سريان تقادم دعوى الضمان ومن ثم فإنها تكون قد سقطت في 5/ 6/ 1986 وقد خلت الأوراق مما يفيد أن الطاعن أثبت أن العيب انكشف في وقت مغاير لما استظهره الحكم السالف ذكره ولم يقدم دليلاً على ذلك لم يأخذ به الحكم المطعون فيه فإن المحكمة بذلك تكون قد استخلصت في حدود سلطتها الموضوعية من أوراق الدعوى تاريخ الواقعة التي يبدأ بها التقادم استخلاصاً سائغاً رتبت عليه أن دعوى الضمان قد رفعت بعد الميعاد ولما كان ذلك فإن النعي على الحكم المطعون فيه بهذا السبب يكون في غير محله ويتعين رفضه.
وحيث إن حاصل النعي بالسبب الثاني أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون وشابه الفساد في الاستدلال والقصور وذلك حين خفض قيمة التعويض إلى أقل مما قضى به الحكم الابتدائي مما يعد بذلك حكماً جديداً مغايراً للحكم الابتدائي كان يتعين معه على الحكم المطعون فيه ذكر العناصر التي اعتمدها في هذا التعويض المخفض إلا أنه لم يورد تبريراً وأسباباً لهذا التعديل مما يعجز محكمة النقض عن الرقابة ويعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود بأنه لما كان يبين من الحكم الابتدائي أنه أوضح في أسبابه التي أقرها الحكم المطعون فيه وأخذ بها عناصر الضرر التي لحقت بالطاعن بسبب خطأ المطعون ضده وبين وجه أحقيته في التعويض عن كل عنصر فيها فإن محكمة الاستئناف وقد رأت أن مبلغ التعويض الذي قضت به محكمة الدرجة الأولى للطاعن يزيد في نظرها عن قيمة الأضرار فخفضته إلى المبلغ المقضي به لما صرحت به في حكمها من أنها ترى أن التعويض المقضي به يزيد عن المقدار المناسب لجبر هذه الأضرار فإن في هذا الذي ذكرته ما يكفي لتعليل مخالفتها لحكم محكمة الدرجة الأولى في تقدير التعويض ذلك أن محكمة الموضوع متى بينت في حكمها عناصر الضرر المستوجب للتعويض فإن تقدير مبلغ التعويض الجابر لهذا الضرر هو مما تستقل به ما دام لا يوجد في القانون نص يلزم بإتباع معايير معينه في خصوصه ولا تثريب عليها إذا هي قضت بتعويض إجمالي عن أضرار متعددة ما دامت قد ناقشت كل عنصر منها على حدة وبينت وجه أحقية طالب التعويض فيه أو عدم أحقيته, لما كان ذلك فإن النعي بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعي بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال وذلك حين انتهى إلى تأييد الحكم الابتدائي القاضي برفض طلبه التعويض عن الضرر الأدبي على أساس عدم ثبوت حصول مثل هذا الضرر رغم أن الطاعن أوضح صور هذا الضرر والتي تتمثل فيما لحق بسمعته من إساءة بتقول المطعون ضده عليه وبما أصابه من آلام نتيجة خطأ الأخير في تشييد عقاره وهو ما غفل عنه الحكم بما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير صحيح ذلك بأنه لما كان من المقرر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن تقدير الضرر وتقدير التعويض عنه هو من المسائل الواقعية التي تستقل بها محكمة الموضوع دون تعقيب عليها فيه, وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه - وهو بصدد تعديل مبلغ التعويض المقضي به للطاعن - على ما أورده "وحيث إن أسباب الاستئنافين تدور حول مقدار التعويض إذ ينعي المحكوم له "الطاعن" أن الحكم المستأنف لم يقض له بالمصروفات القضائية والأتعاب الهندسية وأمانة الخبير فضلاً عن رفضه القضاء بتعويض أدبي بينما ينعي المحكوم ضده "المطعون ضده" على الحكم المستأنف مغالاته في تقدير التعويض لما كان ذلك وكان تقدير التعويض من إطلاقات محكمة الموضوع وتستهدي فيه من الظروف والملابسات........ ومن ثم فإن المحكمة ترى أن التعويض المقضي به يزيد عن القدر المناسب ومن ثم فهي تعدله بجعله مبلغ 25000 جنيه شاملاً لكافة الأضرار والمصاريف "فإن في هذا الذي أورده الحكم ما يدل على أنه عرض لطلب التعويض عن الضرر الأدبي وأدخله ضمن عناصر التعويض المقضي به دون أن يحيل على قضاء الحكم الابتدائي في رفض طلب التعويض عنه ولا يعيبه أنه أدمج الضرر المادي والأدبي معاً وقدر التعويض عنهما جملة بغير تخصيص لمقداره عن كل منهما إذ ليس هذا التخصيص بلازم قانوناً ومن ثم فإن النعي على الحكم المطعون فيه بهذا السبب يضحى في غير محله.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.
ثانياً: بالنسبة للطعن 3246/ 64 ق:
وحيث إن ما ينعاه الطاعن بأحد سببي الطعن على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب وذلك حين تمسك في مذكرته المقدمة إلى محكمة الاستئناف بجلسة 16/ 11/ 1993 بدفاع يتحصل في أن الحكم الابتدائي لم يعمل أثر محضر التسليم المؤرخ 11/ 6/ 1981 والموقع عليه من الطاعن والمطعون ضده والثابت به تسلم الأخير للعقار وإتمام المحاسبة النهائية بينهما عن عملية المقاولة ومع ما لهذا الدفاع من أثر مما يوجب على المحكمة النظر فيه, فقد خلا الحكم المطعون فيه من الإشارة إليه أو الرد عليه بما يعيبه بالقصور ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك بأن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن تسلم رب العمل البناء تسليماً نهائياً غير مقيد بتحفظ ما إن كان لا يسقط ضمان المقاول والمهندس عن العيوب الخفية التي لم يستطع صاحب البناء كشفها عند تسلم البناء إلا أن من شأنه أن يغطي ما بالمبني من عيوب كانت ظاهرة وقت حصول هذا التسليم أو معروفة لرب العمل، لما كان ذلك وكان من المقرر أن إغفال الحكم بحث دفاع أبداه الخصم يترتب عليه بطلان الحكم إذا كان هذا الدفاع جوهرياً ومؤثراً في النتيجة التي انتهت إليها المحكمة إذ يعتبر ذلك الإغفال قصوراً في أسباب الحكم الواقعية بما يقتضي بطلانه عملاً بالمادة 178/ 3 من قانون المرافعات ومؤدى ذلك أنه إذا طرح على المحكمة دفاع كان عليها أن تنظر في أثره الدعوى فإن كان منتجاً فعليها أن تقدر مدى جديته حتى إذا ما رأته متسماً بالجدية مضت إلى فحصه لتقف على أثره في قضائها فإن هي لم تفعل كان حكمها قاصراً لما كان ذلك وكان الثابت أن الطاعن قد تمسك أمام محكمة الموضوع بدفاع حاصله أن المطعون ضده تسلم المبنى محل عقد المقاولة المبرم بينهما بموجب محضر التسليم المؤرخ 16/ 11/ 1981 الذي تضمن تسوية الحساب بينهما بشأن الأعمال المتفق عليها فيه دون ثمة اعتراض من المطعون ضده بما يدل على قبوله للأعمال المتعلقة بالتشطيبات الظاهرة مما يعتبر نزولاً منه عن الضمان وكان من شأن هذا الدفاع - لو فطنت إليه المحكمة - تغيير وجه الرأي في الدعوى إذ أن مؤداه عدم مسئولية الطاعن عن العيوب الظاهرة, وكانت محكمة الموضوع قد التفتت عن تناول هذا الدفاع الجوهري ولم تعن بتمحيصه أو الرد عليه فإن الحكم المطعون فيه يكون معيباً بقصور مبطل وهو ما يوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث السبب الآخر من سببي الطعن.