أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثالث - السنة 44 - صـ 130

جلسة الأول من نوفمبر سنة 1993

برئاسة السيد المستشار/ منصور حسين نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: عبد المنعم وفا، أحمد الحديدي، علي محمد علي نواب رئيس المحكمة ومصطفي عزب.

(313)
الطعن رقم 1507 لسنة 55 القضائية

(1، 2) حجز. أمر أداء. دعوى.
(1) توقيع الحجز في مواجهة الطاعن شخصياً وتضمن المحضر توقيعه عليه. أثره. ثبوت علمه به.
(2) صحيفة استصدار أمر الأداء. ماهيتها. بديلة ورقة التكليف بالحضور. مؤدى ذلك. قيام صحيفة طلب الأداء وتثبيت الحجز مقام دعوى تثبيت الحجز وبها تتصل الدعوى بالقضاء في الميعاد المنصوص عليه بالمادة320/ 2 مرافعات.
(3، 4) أوراق تجارية "السند الإذني" "تحرير البروتستو" "رجوع الحامل على المظهر".
(3) تحرير البروتستو. شرط لرجوع الحامل على المظهرين وضمانهم الاحتياطي وليس شرطاً لمطالبة المدين الأصلي الملتزم بالأداء في ميعاد الاستحقاق. علة ذلك. أن المشرع جعل السقوط جزاء الإهمال في اتخاذ إجراءات تحرير البروتستو والإخلال بمواعيده لا يفيد منه إلا المظهرون وحدهم دون المدين الأصلي. المواد 162، 164، 165، 169، 189 من قانون التجارة.
(4) مطالبة الحامل بالدين موضوع السند الإذني عند حلول أجل استحقاقه لا يشترط فيه تحرير بروتستو عدم الدفع أو إعلان المدين الأصلي به. عدم جواز تحدي المدين بجزاء السقوط.
(5، 6) أوراق تجارية "التظهير التام والتظهير التأميني". إثبات "عبء الإثبات" "قرائن".
(5) التظهير التام والتظهير التأميني الذي يعد في حكم التظهير الناقل للملكية. أثره. نقل ملكية الحق الثابت في الورقة إلى المظهر إليه وتطهيرها من الدفوع. للمظهر إليه مطالبة المدين بقيمة الورقة التجارية متى كان هذا التظهير صحيحاً.
(6) حسن النية مفترض في الحامل الذي يتلقي الورقة بمقتضى تظهير ناقل للملكية أو تظهير تأميني. نقض هذه القرينة. وقوعه على عاتق المدين بإثبات علم الحامل وقت التظهير بوجود دفع يستطيع المدين توجيهه للمظهر.
1- لما كان الثابت من الأوراق ومحضر الحجز التحفظي المؤرخ 2/ 10/ 1983 موضوع النزاع أن المحضر القائم بالإجراءات قد أثبت أن الحجز تم في مواجهة الطاعن شخصياً وتضمن المحضر توقيع الطاعن عليه فيكون قد علم به.
2- المقرر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن الصحيفة التي تقدم لاستصدار أمر الأداء هي بديلة ورقة التكليف بالحضور. وبها تتصل الدعوى بالقضاء، لما كان ذلك، وكان الحجز التحفظي الموقع على الطاعن بتاريخ 2/ 10/ 1983، أتبعه المطعون ضده بطلب الأداء وتثبيت الحجز بتاريخ 9/ 10/ 1983 ومن ثم فإن صحيفة طلب الأداء التي تقدم بها المطعون ضده تقوم مقام دعوى تثبيت الحجز وبها تتصل الدعوى بالقضاء في الميعاد المنصوص عليه بالفقرة الثانية من المادة 320 من قانون المرافعات.
3- النص في المادة 162 من قانون التجارة على أن "الامتناع عن الدفع يلزم إثباته بعمل بروتستو عدم الدفع في اليوم التالي لحلول ميعاد الاستحقاق.........". وتنص المادة 164 منه على أنه "يجوز لحامل الكمبيالة المعمول عنها بروتستو عدم الدفع أن يطالب الساحب وكل واحد من المحيلين بالانفراد أو جميعهم معاً........."، وتنص المادة 165 من ذلك القانون على أنه "إذا طالب حامل الكمبيالة من حولها إليه وكانت مطالبته له بالانفراد وجب عليه أن يعلن إليه البروتستو المعمول وإن لم يوفه بقيمة الكمبيالة يكلفه في ظرف الخمسة عشر يوماً التالية لتاريخ البروتستو المذكور بالحضور أمام المحكمة......."، ونصت المادة 169 على أن "يسقط ما لحامل الكمبيالة من الحقوق على المحيلين بمضي المواعيد السالف ذكرها لتقديم الكمبيالات المستحقة الدفع بمجرد الاطلاع عليه أو بعده بيوم أو أكثر، أو شهر أو أكثر، ولعمل بروتستو عدم الدفع وللمطالبة بالضمان على وجه الرجوع". كما نصت المادة 189 من ذات القانون على أن "كافة القواعد المتعلقة بالكمبيالات..... تتبع السندات التي تحت الإذن". ومفاد هذه النصوص مجتمعة أن تحرير البروتستو شرط لرجوع الحامل على المظهرين وضمانهم الاحتياطي - أي الموقعين الضامنين لهم، لكنه ليس شرطاً لمطالبة المدين الأصلي بالأداء في ميعاد الاستحقاق بوصفه الأصيل في الورقة التي حررها بنفسه، أو ضامنه الاحتياطي سيما وأن المشرع جعل السقوط جزاء الإهمال في اتخاذ إجراءات تحرير البروتستو أو الإخلال بمواعيده ولا يفيد منه إلا المظهرون وحدهم دون المدين الأصلي.
4- لما كان الطاعن هو المدين الأصلي في السند الإذني موضوع النزاع ومن ثم فلا يشترط عند مطالبة الحامل لها بالدين موضوع السند عند حلول أجل استحقاقه تحرير بروتستو عدم الدفع أو إعلان المدين الطاعن به ولا يجوز له التحدي بجزاء السقوط.
5- التظهير التام والتظهير التأميني - الذي يعد في حكم التظهير الناقل لملكية الحق الثابت في الورقة إلى المظهر إليه، ويطهرها من الدفوع بحيث لا يجوز للمدين الأصلي فيها التمسك في مواجهة المظهر إليه حسن النية بالدفوع التي كان يستطيع التمسك بها قبل المظهر، ويكون للمظهر إليه مطالبة المدين بقيمة الورقة التجارية رضاء أو قضاء متى كان هذا التظهير صحيحاً مستوفياً للشرائط المقررة قانوناً للتظهير الناقل للملكية.
6- حسن النية مفترضاً في الحامل الذي يتلقى الورقة بمقتضى تظهير ناقل للملكية أو تظهير تأميني ويقع على المدين - إذا ادعى سوء نية الحامل - عبء نقض هذه القرينة بالدليل العكسي بإثبات علم الأخير وقت التظهير بوجود دفع يستطيع المدين توجيهه للمظهر لما كان ذلك وكان الطاعن قد اقتصر في تدليله على سؤ نية المطعون ضده بأنه لم يعلنه ببروتستو عدم الدفع في الميعاد المقرر. وكان الحامل - المطعون ضده - غير ملزم باتخاذ هذا الإجراء كما سلف بيانه ومن ثم فإن اعتصام الطاعن به لا يصلح دليلاً على سؤ نية المطعون ضده، وإن كان لا يجدي الطاعن الاحتجاج بانقضاء الالتزام بالوفاء بالمدين للدائن الأصلي - المظهر.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضده استصدر بتاريخ 2/ 10/ 1983 أمراً من السيد الرئيس بمحكمة الجيزة الابتدائية، بتوقيع الحجز التحفظي برقم 356/ 9 لسنة 1983 على الطاعن وفاء لمبلغ مقداره 7500 جنيه موضوع سند إذني مؤرخ 23/ 2/ 1982، مستحق الأداء في 15/ 8/ 1982، وإذ امتنع عن السداد تقدم بالطلب السالف، تم توقيع الحجز التحفظي في مواجهة الطاعن شخصياً، وبتاريخ 9/ 10/ 1983 تقدم المطعون ضده إلى السيد القاضي بمحكمة الجيزة الابتدائية بطلب الأمر بإلزام الطاعن بأداء المبلغ متقدم البيان، مع تثبيت الحجز التحفظي السابق توقيعه وجعله نافذاً، امتنع السيد القاضي عن إصدار الأمر، وأمر بتحديد جلسة لنظر الموضوع، فأقام المطعون ضده الدعوى رقم 40 لسنة 1984 تجاري أما محكمة الجيزة الابتدائية على الطاعن بطلب الحكم بالطلبات سالفة البيان وبتاريخ 31/ 3/ 1984 حكمت المحكمة بإلزام الطاعن بأن يؤدي للمطعون ضده مبلغاً مقداره 7500 قيمة السند الإذني موضوع النزاع، وتثبيت الحجز التحفظي الموقع في 2/ 10/ 1983 وجعله حجزاً نافذاً، استأنف الطاعن هذه الحكم بالاستئناف رقم 843 لسنة 101 ق القاهرة، وبتاريخ 20/ 3/ 1985 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وعرض الطعن على المحكمة فحددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعى الطاعن بالوجه الأول من السبب الأول منها على الحكم المطعون فيه، الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك يقول إن الحكم أخطأ إذ اعتبر أن توقيع الحجز التحفظي في 2/ 10/ 1983 بمثابة إعلان للأمر والحجز وأن المطعون ضده قد تقدم بطلب استصدار أمر أداء وتثبيت الحجز خلال ميعاد الأيام الثمانية، في حين أن الحجز لم يوقع في حضوره ولم يعلن له، وأن المطعون ضده أقام دعوى تثبيت الحجز بتاريخ 12/ 11/ 1983 فإنه يكون قد أخطأ مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في شقه الأول في غير محله، ذلك أن الثابت من الأوراق ومحضر الحجز التحفظي المؤرخ 2/ 10/ 1983 موضوع النزاع، أن المحضر القائم بالإجراءات قد أثبت أن الحجز تم في مواجهة الطاعن شخصياً وتضمن المحضر توقيع الطاعن عليه، فيكون قد علم به، ويكون النعي بهذا الشق من ثم غير مقبول، والنعي مردود في شقة الآخر ذلك أن المقرر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن الصحيفة التي تقدم لاستصدار أمر الأداء هي بديلة ورقة التكليف بالحضور، وبها تتصل الدعوى بالقضاء، لما كان ذلك، وكان الحجز التحفظي الموقع على الطاعن بتاريخ 2/ 10/ 1983، أتبعه المطعون ضده بطلب الأداء، وتثبيت الحجز بتاريخ 9/ 10/ 1983، ومن ثم فإن صحيفة طلب الأداء التي تقدم بها المطعون ضده تقوم مقام دعوى تثبيت الحجز وبها تتصل الدعوى بالقضاء في الميعاد المنصوص عليه بالفقرة الثانية من المادة 320 من قانون المرافعات، ويكون النعي على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعي بالوجه الثاني من السبب الأول، وبالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب، ذلك أن المطعون ضده لم يعلنه ببروتستو عدم الدفع في اليوم التالي الاستحقاق مخالفاً بذلك المادة 162 من قانون التجارة مما يرتب البطلان، وقد تمسك بذلك الدفاع إلا أن الحكم لم يرد عليه رغم تعلقه بالنظام العام.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أن المادة 162 من قانون التجارة تنص على أن " الامتناع عن الدفع يلزم إثباته بعمل بروتستو عدم الدفع في اليوم التالي لحلول ميعاد الاستحقاق........."، وتنص المادة 164 منه على أنه "يجوز لحامل الكمبيالة المعمول عنها بروتستو عدم الدفع أن يطالب الساحب وكل واحد من المحيلين بالانفراد أو جميعهم معاً.........". وتنص المادة 165 من ذلك القانون على أنه "إذا طالب حامل الكمبيالة من حولها إليه، وكانت مطالبته له بالانفراد وجب عليه أن يعلن إليه البروتستو المعمول - وإن لم يوفه بقيمة الكمبيالة - يكلفه في ظرف الخمسة عشر يوماً التالية لتاريخ البروتستو المذكور بالحضور أمام المحكمة......."، ونصت المادة 169 على أن "يسقط ما لحامل الكمبيالة من الحقوق على المحيلين بمضي المواعيد السالف ذكرها لتقديم الكمبيالات المستحقة الدفع بمجرد الاطلاع عليها أو بعده بيوم أو أكثر، أو شهر أو أكثر، ولعمل بروتستو عدم الدفع وللمطالبة بالضمان على وجه الرجوع". كما نصت المادة 189 من ذات القانون على أن "كافة القواعد المتعلقة بالكمبيالات... تتبع السندات التي تحت الإذن". ومفاد هذه النصوص مجتمعة أن تحرير البروتستو شرط لرجوع الحامل على المظهرين وضمانهم الاحتياطي - أي الموقعين الضامنين لهم، لكنه ليس شرطاً لمطالبة المدين الأصلي بالأداء في ميعاد الاستحقاق بوصفه الأصيل في الورقة التي حررها بنفسه، أو ضامنة الاحتياطي، سيما وأن المشرع جعل السقوط جزاء الإهمال في اتخاذ إجراءات تحرير البروتستو أو الإخلال بمواعيده ولا يفيد منه إلا المظهرون وحدهم دون المدين الأصلي. لما كان ذلك وكان الطاعن هو المدين الأصلي في السند الإذني موضوع النزاع ومن ثم فلا يشترط عند مطالبة الحامل لها بالدين موضوع السند عند حلول أجل استحقاقه تحرير بروتستو عدم الدفع أو إعلان المدين الطاعن به ولا يجوز له التحدي بجزاء السقوط وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإن النعي يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعي على الحكم المطعون فيه بالوجه الثالث من السبب الأول وبالسبب الثالث، الخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال، ذلك أن الحكم لم يطبق أحكام حوالة الحق، والرجوع على المحيل استناداً إلى أن تظهير السند يطهره من الدفوع، رغم أنه تمسك بتخالصه من الدائن الأصلي، وأن المطعون ضده سيئ النية ودليل ذلك عدم إعلانه ببروتستو عدم الدفع في الميعاد، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك أن التظهير التام والتظهير التأميني - الذي يعد في حكم التظهير الناقل لملكية الحق الثابت في الورقة إلى المظهر إليه، ويطهرها من الدفوع بحيث لا يجوز للمدين الأصلي فيها التمسك في مواجهة المظهر إليه حسن النية بالدفوع التي كان يستطيع التمسك بها قبل المظهر، ويكون للمظهر إليه مطالبة المدين بقيمة الورقة التجارية رضاء أو قضاء - متى كان هذا التظهير صحيحاً مستوفياً للشرائط المقررة قانوناً للتظهير الناقل للملكية، لما كان ذلك وكان حسن النية مفترضاً في الحامل الذي يتلقى الورقة بمقتضى تظهير ناقل للملكية أو تظهير تأميني بالدليل العكس، بإثبات علم الأخير وقت التظهير بوجود دفع يستطيع المدين توجيهه للمظهر، لما كان ذلك وكان الطاعن قد اقتصر في تدليله على سؤ نية المطعون ضده بأنه لم يعلنه ببروتستو عدم الدفع في الميعاد المقرر، وكان الحامل - المطعون ضده - غير ملزم باتخاذ هذا الإجراء كما سلف بيانه ومن ثم فإن اعتصام الطاعن به لا يصلح دليلاً على سوء نية المطعون ضده، وإن كان لا يجدي الطاعن الاحتجاج بانقضاء الالتزام بالوفاء بالدين للدائن الأصلي - المظهر - وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر، ومن ثم يكون النعي على أساس.
وحيث أنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.